الفصل الأول (1)

3092 Words
على صوت القرآن الكريم المُنبعث من الراديو وقفت زُهرة تُعد طعام الإفطار وتتحرك بخفة رغم وزنها الزائد كى تنهى إعداد الطعام سريعًا , وقفت تنظر للطعام باهتمام كى تتأكد من إكمالها لجميع الأصناف التى يُحبها الجميع , وفور انتهائها خرجت كى توقظ من بالمنزل وهى تزفر بضيق فهى تعلم أنها ستجد مشقة كبيرة فى إيقاظهم وخصوصًا معاذ .. دلفت إلى غرفة معاذ بعد أن طرقت الباب قائلة وهى تفتح الستائر - قوم يا معاذ يلا عشان الفطار رفع معاذ الغطاء فوقه ما إن دلفت أشعة الشمس بقوة فتوجهت إليه زُهرة قائلة بحنق - يلا يا معاذ متغلبنيش لم يجيبها فرفعت عنه الغطاء قائلة بجدية - قوم يلا بدل ما أنادى أبوك يتصرف معاك انتفض سريعًا من نومه قائلًا - لا بابا لا .. كدا بردو يا زوزو دنا حبيبك نظرت له زُهرة بضعة ثوانى وقد ضيقت عينيها ثم خرجت من الغرفة قائلة - يلا يا بكاش لحق بها سريعًا وحاوط كتفيها بذراعه قائلًا - أنا بكاش يا زوزو .. إخص عليكى لم تجيبه فهتف قائلًا وهو ينظر حوله - أومال فين الناس اللى فى البيت ؟ أجابته وهى تتجه لإحدى الغرف - أبوك صاحى من بدرى وبيقرأ قرءان وأخوك معرفش راح فين من الصبح دلفت إلى الغرفة وما إن همت بالتحدث حتى قطعت حديثها منتظرة إبنتها أن تُنهى صلاتها , وما إن إنتهت حتى هتفت بحنان - تقبل الله .. يلا تعالى عشان تفطرى يا بنتى استدارت الفتاة ونظرت لها بضيق قبل أن تهتف بحدة - أنا مش بنتك .. كام مرة هقولهالك ن**ت زُهرة رأسها بان**ار ثم خرجت من الغرفة لتقابل معاذ بوجهها والذى استمع لما تفوهت به ش*يقته فربت على كتفها قائلًا - حقك عليا أنا ابتسمت زُهرة بحزن قائلة وهى تتوجه إلى المطبخ - هات أختك ويلا عشان تفطروا نظر فى أثرها بحزن ثم توجه للغرفة بخطوات غاضبة قائلًا - إنتى مش هتبطلى عمايلك المق*فة دى نهضت ش*يقته من جلستها قائلة بحدة - وإنت مالك .. هى عينتك المحامى بتاعها .. وبعدين إيه اللى أنا قولته فى حق معاليها غلط .. هى كانت أمى وأنا معرفش نظر لها بغضب قائلًا - إنتى مفيش فايدة فيكى .. حرام عليكى اللى بتعمليه ده .. هى عملتلك إيه عشان كل ده أجابته بحدة - خدت بابا بعد ما قهرت أمى وموتتها .. نسيت أمك يا ....... قطعت حديثها ونظرت إلى والدها " صبرى" الذى هتف قائلًا بانفعال - شادية .. يلا على الأكل ومش عايز حرف زيادة ... بعد مرور فترة قصيرة كان صبرى يترأس الطاولة وبجانبه على جهة اليمين تجلس زوجته زُهرة وعلى جهة اليسار يجلس معاذ وبجانبه شادية يتناولون طعامهم فى **ت قطعه صبرى وهو يوجه حديثه إلى زُهرة - عايزك النهاردة تدبحى دكر بط حلو كدا وكام جوز حمام عشان عازم ناس مهمة على الغدا أومأت زُهرة برأسها إيجابا قائلة - عنيا يا حاج نظر صبرى جهة المطبخ قائلًا - كل ده بتعملى الشاى يا روفيدا ؟ خرجت حينها روفيدا سريعًا قائلة - لا لا خلصت أهو يا عمى وضعت روفيدا الصينية على الطاولة ثم جاورت زُهرة لتلتقى عينيها بعينى شادية والتى كانت تنظر لها بضيق فتجاهلت روفيدا نظراتها وبدأت فى تناول طعامها فى **ت . ظل ال**ت يطغى على المكان حتى شقه صراخ أحدهم لينتفض الجميع على صوته الذى أعقبه انغلاق الباب بقوة - إنت بتعمل كدا ليه ؟ .. قولى ليه .. فاكرنى كدا مش هعرف ألاقيها .. بتخبيها منى .. عيل صغير أنا عشان تبعدها عنى بالطريقة دى ... كدا هنساها مش كدا !! كان الجميع ينظر لأيهم الذى كان يصرخ بصدمة من تحدثه بتلك الطريقة مع والده وخصوصًا زُهرة التى وضعت يدها على ص*رها خوفًا من انفعال صبرى وهى تدعو الله أن يمر ذلك اليوم على خير .. كان أيهم ص*ره يعلو ويهبط من شدة الغضب والانفعال وهو ينظر إلى صبرى الذى نهض من جلسته ونظر له نظرات قاتلة فأكمل حديثه قائلًا بانفعال ما إن لم يجد منه رد - هدور عليها وهجيبها حتى لو من تحت الأرض .. مش هسيبها .. هجيبها وهتجوزها .. سامعنى ولا لا .. هجيبها وهتجوز........ قطع حديثه واتسعت عينيه بصدمة ما إن تلقى صفعة من صبرى , بينما شهق الجميع بصدمة وخوف .. اسودت نظرات أيهم ليخطو تجاه الباب ويخرج تاركًا الجميع فى حالة خوف - ليه كدا يا حاج ؟ استدار صبرى ونظر لزُهرة بقسوة قائلًا - اخرسى ولا كلمة ن**ت زُهرة رأسها بحزن فنظرت لها شادية بتشفى وقد ظهرت على وجهها ابتسامة شامتة ***** وقفت تضبط حجابها أمام المرآة وفور انتهائها خرجت من غرفتها فوجدت والدتها جالسة على الأريكة تبكى ب**ت , توجهت إليها قائلة بلهفة يشوبها القلق - بتعيطى ليه يا ماما ؟ جففت والدتها ( كوثر ) دموعها قائلة - ولا حاجة يا بنتى .. إنتى رايحة فين كدا ؟ جلست الفتاة بجانبها قائلة بعتاب - متغيريش الموضوع يا ماما .. قوليلى بتعيطى ليه ؟ ربتت كوثرعلى كفها بحنان قائلة - تعبانة شوية بس وص*رى كان واجعنى همت الفتاة بالرد لتقاطعها كوثر قائلة - أنا كويسة يا بنتى .. وهقوم أعمل حاجة سخنة تهدى ص*رى نظرت لها الفتاة بحزن قبل أن تهتف بتساؤل - هو الدوا اللى جبتهولك خلص ؟ ن**ت كوثر رأسها بان**ار لتدمع عينيها قائلة - مقولتليش ليه يا ماما بس ؟ ربتت كوثر على يدها قائلة - يا بنتى أنا مش عايزة أتقل عليكى .. أنا عارفة الظروف وكفاية إنك شايلة البيت كله على دماغك وخصوصًا من بعد حادثة خالك اللى قعدته فى البيت وإبنه ده منه لله علطول بياخد فلوسك .. أقوم أنا أزود عليكى حملى كمان احتضنتها قائلة بعتاب - أنا أشيلك فوق راسى يا ماما .. هانت خلاص .. أنا رايحة النهاردة أقدم على شغل جديد شوفت إعلانه على النت وسمعت إن المرتب كويس وإن شاء الله نمشى من هنا وناخد شقة صغيرة ولا حتى أوضة فوق السطوح ربتت كوثر على ظهرها بحنان قائلة - ربنا يوقفلك ولاد الحلال يارب يا بنتى قبلت يدها قائلة - مش هتأخر إن شاء الله وهبعتلك الدوا حالًا مع الولد اللى تحت فى الصيدلية ابتسمت لها كوثر بحنان وحب يشوبهم بعض الألام التى بدأت من جديد فى نغز ص*رها .. خرجت سريعًا وتوجهت إلى الصيدلية , وما إن رأها الطبيب حتى نهض مبتسمًا فتوجهت إليه قائلة بتوتر - لو سمحت ممكن تجيبلى الدوا بتاع ماما ومعلش الفلوس لو ينفع تأجلها كام يوم وأوعدك إنى هجيبهملك توجه سريعًا يحضرالدواء فنظرت فى أثره بإحراج وهى تُفكر هل سيتقبل عرضها أم لا , عاد يحمل الدواء مبتسماً فهتفت بتوتر - والله أنا ........... قاطعها قائلًا - متشغليش بالك بالفلوس .. أنا تحت أمرك أى وقت وأى حاجه تحتاجيها بس تعالى علطول ابتسمت بامتنان قائلة - متشكرة أوى أوى .. ومعلش لو ممكن تخلى الولد اللى هنا يطلعهولها ابتسم قائلًا - أنا بنفسى هطلعهولها وبالمرة أطمن عليها ابتسمت وعادت تشكره من جديد قبل أن تخرج بشبه هرولة كى لا تتأخر على موعدها , بينما كان الطبيب الشاب يتابعها بنظرات عاشقة إلى أن اختفت عن ناظريه كوثر ( سيدة فى أوائل الخمسينات من عمرها , بيضاء البشرة , قصيرة القامة , جسدها ممتلىء , ربه منزل فقد تقاعدت عن عملها منذ ما يقرب الخمس سنوات نتيجه لمرضها ) ****** وقف يتطلع إلى الشارع من نافذة مكتبه الواسعة والتى تحتل جدار بأكمله بملامح جامدة , سمع طرقات على باب مكتبه عقبها دلفت السكرتيرة الخاصة به قائلة - الناس إيتدت تيجى بره يا فندم .. حضرتك مش هتقا**هم عشان تختار منهم الأفضل ظل يوليها ظهره قائلًا بتساؤل - الإسم اللى بلغتك بيه صاحبته جت ولا لا ؟ اقتربت منه السكرتيرة قائلة - أيوة جت وملت الإستمارة .. أجيب لحضرتك الملف بتاعها ؟ استدار ونظر لها قليلاً ثم هتف بهدوء - أيوة هاتى ملفها وبلغيها بإنها اتقبلت وهتبدأ شغلها من بكرة نظرت له باستغراب وعدم فهم فهتف ببعض الضيق - هتفضلى بصالى كدا كتير ولا إيه ؟! تنحنحت قائلة - لا يا فندم تحت أمرك .. بس معلش عايزة أسأل سؤال زفر بضيق قائلًا وهو يجلس على كرسى مكتبه - خير ؟ ابتسمت قائلة بفضول - حضرتك إزاى هتشغلها كدا ؟! .. وبعدين ده حضرتك مشوفتهاش ولا عملتلها " inter view " نظر لها ولم يجيبها فعقدت حاجبيها باستغراب ليهتف بهدوء - اتفضلى بلغيها ومشى باقى الناس نظرت له ببعض الضيق ولكنه تجاهل نظراتها فهو على علم بطبيعتها ولم يعد يعبأ بحديثها الداخلى الذى تتحدث به أحيانًا بصوت مرتفع فهى تعمل معه منذ ما يقرب الأربع سنوات ومجتهدة بشدة وقد اعتاد على طبيعتها تلك بل ونظراتها أيضا .. همت بالخروج فأوقفها قائلًا - ودى لمعاذ أفضل ناس اتقدمت وهو يختار منهم تلاتة ويوزعهم على الأقسام اللى محتاجة موظفين حسب خبرتهم أومأت إيجابًا ثم خرجت من الغرفة وهى تتمتم ببعض الكلمات الغير مفهومة , وفور رؤية الفتايات لها هرولن إليها لتهتف بضيق - كلكم سيبوا ملفاتكم هنا يا جماعة وإن شاء الله هنكلمكم قريب خرجت الفتايات من الغرفة وهن يتمتمن ببعض الكلمات الغاضبة فهن يعلمن بأن لا أحد سيهاتفهم مطلقًا تابعتهم بعينيها لتهتف بلهفة وهى تشير بيدها لإحداهن - يا آنسة .. يا آنسة استدارات إحدى الفتايات قائلة - أنا أومأت إيجابًا قائلة وهى تشير لها كى تجلس - أحب أبلغك إنك إتقبلتى معانا هنا .. ألف مب**ك ليكى فغرت الفتاة فمها بدهشة فعقدت حاجبيها باستغراب قائلة - مالك ؟ رمشت الفتاة بعينيها قائلة ببعض الإحراج - الصراحة متوقعتش خالص إنكم ممكن تقبلونى وخصوصًا يعنى إنى معنديش أى خبرة خالص هتفت السكرتيرة بدون تفكير - أومال مقدمة ليه ؟! نظرت لها الفتاة بإحراج لتحك ذقنها قائلة - معلش إنتى بكرة تتعودى عليا وعلى طبيعة كلامى دى .. أنا دبش كدا ومبفكرش فى الكلام قبل ما أقوله ابتسمت الفتاة فهتفت السكرتيرة قائلة - بكرة إن شاء الله هتبدأى .. خلى بالك هنا المواعيد بحساب .. لازم تكونى موجودة هنا الساعة تمانية أومأت إيجابًا ثم نهضت قائلة - إن شاء الله مش هتأخر ... فى المساء كان جالسًا على المقعد رافع قدميه على المكتب أمامه وبيده إحدى الملفات يقرأها بهدوء حينما دلف معاذ بطريقة أجفلته فنظر له بغضب قائلًا - فى حد يدخل كدا يا بنى آدم ؟! جلس معاذ على المكتب قائلًا بغير اهتمام - يا عم بقى نظر له بغيظ يشوبه بعض الغضب من طريقته المستهترة تلك فهتف معاذ وهو يتطلع إلى الملف بيده - بردو عملت اللى إنت عايزه لم يجيبه بل أنزل قدميه ونهض متوجهاً إلى باب المكتب بعد أن أخذ هاتفه ومفاتيحه فهتف معاذ يوقفه - أيهم إنت لسه بتحبها ؟ توقف قبل أن يخرج ولكنه ظل صامتًا ليهتف معاذ بحنق - مش معقول تكون لسه بتفكر فيها بعد كل السنين دى !! تنفس أيهم بعمق قبل أن يهتف بتساؤل - أنا تعبان وعايز أنام .. هتيجى ولا أروح أنا ؟ زفر معاذ بضيق قائلًا - روح إنت .. أنا مش هروح دلوقتى .. ده الساعة لسة تسعة لم يعلق أيهم فنظر معاذ إلى الملف الذى تركه وحمله ليقرأ أول ما وقعت عليه نظراته - فتون على أبو زيد معاذ ( شاب فى السابعة والعشرين من عمره , طويل القامة , جسده رياضى , شعره أ**د كثيف , قمحى البشرة , وسيم كوالدته , يعشق المزاح) أيهم ( شاب فى الرابعة والثلاثين من عمره , طويل القامة , جسده ليس بالرياضى ع** ش*يقه معاذ ولكنه متناسق , شعره أ**د قصير , أسمر البشرة , ليس بالرجل الوسيم ولكنك تنجذب له ما إن تراه , يمتاز بالجدية ) .... فى نفس التوقيت كانت كوثر واقفة بالمطبخ تُعد الطعام حينما دلف عادل ( إبن ش*يقها ) وأخذ يتناول بعض البطاطس المقلية من الصحن فنظرت له قائلة - خد الطبق وديه معاك يا بنى عقبال ما أجيب البيض وأجى وراك أومأ برأسه إيجابًا وخرج يضعه على الطاولة ولحقت به كوثر والتى استدارت ما إن فُتح باب الغرفة الخاصة بش*يقها لتهتف بتساؤل - خالك نام يا فتون ؟ أومأت فتون برأسها إيجابًا قائلة - أخد الدوا ونام خلاص توجهت كوثر إلى المطبخ قائلة - طيب إقعدى يلا عقبال ما أسخنلكوا العيش جلست فتون على المقعد أمام الطاولة فجاورها عادل الذى ظل ينظر لها بطريقه فجة وهو يتفحص معالم جسدها بعينيه على الرغم من ملابسها الواسعة.. كانت تلاحظ نظراته الو**ة مما جعلها على وشك التقيؤ وما زاد الأمر سوءًا هو محاولته أن يمسك يدها فأبعدت يدها بسرعة قبل أن يلمسها ونظرت له باحتقار قائلة - احترم نفسك احسنلك ابتسم بخبث قائلًا - ولو محترمتش هتعملى إيه يعنى نظرت له باحتقار قائلة - هخلعلك عنيك من مكانها .. فاتقى شرى احسنلك نظر لها قليلًا ثم هتف بخبث وهو يقترب منها - أموت أنا فى الشرس نهضت حينها بغضب وتوجهت إلى المطبخ وهى تتنفس بسرعة فنظرت لها كوثر باستغراب قائلة - مالك يا بنتى ؟ .. إنتى تعبانة ؟ هزت فتون رأسها بلا قائلة - لا يا حبيبتى .. أنا بس مرهقة شوية من قلة النوم ربتت كوثر على كتفها بحب قائلة - معلش يا بنتى .. ربنا يقويكى ويسترها معاكى ابتسمت فتون بحزن فخرجت والدتها من المطبخ وهى تحثها على القدوم كى تتناول طعامها , بينما نظرت فتون فى أثرها وقد سمحت لبعض الدموع بالانهمار من عينيها بعد أن حبستهم كى لا تلاحظهم والدتها لتهتف بهمس - يارب ساعدنى وخلصنى من الق*ف اللى أنا عايشه فيه ده .. أنا تعبت وإنت وحدك العالم بحالى .. لو قولت لأمى هتعمله إيه يعنى وممكن يطردنا .. ساعدنى يارب ألاقى مكان أعيش فيه عشان أقدر أخد أمى وأمشى ... عقب تناولهم الطعام دلفت فتون إلى المطبخ كى تنهى غسل الصحون , وفور انتهائها جففت يدها وخرجت من المطبخ لتنتفض فجأة ما إن وجدت عادل يجلس أمامها على المقعد عارى الص*ر , ن**ت رأسها سريعًا وهى تسبه ببعض الألفاظ فتلك ليست المرة الأولى التى تراه فيها جالسًا هكذا وكأنه يقصد أن يُخجلها رفعت رأسها مرة أخرى فوجدته ينظر لها بنفس نظراته الو**ة وقد نهض من جلسته مقتربًا منها فتحاشت النظر إليه وهمت بالدخول إلى غرفتها هى ووالدتها ولكنه أمسك بيدها يمنعها من فتح الباب قائلًا - متيجى تقعدى معايا شوية أبعدت يدها عنه بعنف قائلة - ابعد عنى - جربى بس .. وإنتى هتجيلى من بعدها لوحدك هتف بها بوقاحة فبصقت فى وجهه بعد أن دفعته ودلفت إلى الغرفة سريعًا وأغلقت الباب خلفها وهى تعاود البكاء مجددًا وتنظر بحزن لوالدتها الغافية على الفراش بتعب . فتون ( فتاة فى الرابعة والعشرين من عمرها , طويلة القامة , بيضاء البشرة , عينيها زرقاء , جسدها متناسق , وحيدة والدتها ) عادل ( شاب فى الثلاثين من عمره , أسمر البشرة , شعر أ**د مجعد , جسده رفيع , مدمن لأنواع مختلفة من الم**رات ) ..... بعد مرور فترة قصيرة كانت جالسة فى شرفة غرفتها , مغلقة لكافه الأضواء , ترفع ساقيها وتضعهما على سور الشرفة وهى تتابع بعينيها النجوم وتتطلع لضوء القمر وعلى وجهها إبتسامة هادئة وتتساءل هل تستطيع إخبار النجوم بما يجوب بص*رها كى تخبره هى به ! أغمضت عينيها وهى تتذكر هيئته الرجولية وتتساءل من جديد هل تغير شكله , صورته محفورة بعقلها ولكن ماذا إن تغيرت هيئته وربما بعض ملامحه هل ستستطيع التعرف عليه حينها , ضحكت وهى تهز رأسها إيجابًا بجدية شديدة وكأن هناك من يسألها وينتظر جوابها ! فتحت عينيها وهى تستمع لصوت هاتفها ينبئها بوصول رسالة فأمسكت به سريعًا وفتحته ولكنها قلبت ملامحها بضيق وهى تجد الرسالة من شركة " فودافون " المعروفة فأغلقته وقذفته على الطاولة بجانبها من جديد وهى تلعن حظها فلمَ لا تأتيها مساءً سوى تلك الرسائل !! زفرت فى ضيق وهى تمسك بفنجان قهوتها وترتشف منه من جديد وهى تعاود إغلاق عينيها لتستمتع بمذاقها الرائع , لا تفضل تذوقها سوى من يدها هى , لا يتقن صنعها أحد بالمنزل سواها , تضطر أن تتناولها فقط من أيدى صفية حينما تكون متعبة وغير قادرة على النزول كى تعدها بنفسها .. ارتشفت من جديد إلى أن وصلت إلى نهايتها ففتحت عينيها وهى تضع طرف إصبعها فى الفنجان ومن ثم تل*قه وهى تبتسم بسعادة . نهضت ووضعت الفنجان على الطاولة ثم أخذت هاتفها ودلفت إلى غرفتها بعد أن أغلقت الشرفة جيداً .. وصلت إلى فراشها فأزاحت الأغطية واستلقت فوقه وتدثرت مرة أخرى جيداً ثم نظرت لشاشة هاتفها والتى تحتل صورته ومن ثم أغمضت عينيها وهى آملة أن تراه تلك الليلة بأحلامها . ... بعد مرور ساعتين كان أيهم جالسًا بغرفته شاردًا فى بعض ذكرياته الماضية حينما رن هاتفه فالتقطه وتحدث به قليلًا ثم أغلق الخط وهو يزفر فى ضيق وتوجه إلى الفراش كى يغفو ليعاود هاتفه الرنين فتوجه وفتح الخط قائلًا بغضب - فى إيه يا معاذ .. مقولتلك مش هنزل إيه الزن ده و......... قطع حديثه حينما سمع صوت زُهرة فهتف باعتذار - أنا آسف يا أمى سامحينى .. افتكرتك معاذ .. لسه سايبه من شوية فى المكتب وكان بيتصل بيا قبل ما تتصلى وق*فنى عايزنى أنزل أخرج معاه ضحكت زُهرة قائلة - طبعًا معاذ لازم يكون برا البيت .. هو بيقعد ساعة على بعضها .. المهم طمنى على صحتك عامل إيه ؟ ابتسم قائلًا - أنا الحمد لله بخير .. إنتى عاملة إيه وشادية وروفيدا و....... قطع حديثه و**ت فهتفت قائلة بعتاب - وبعدين يا بنى .. هتفضل كدا زعلان من أبوك ؟ أغمض عينيه قائلًا بحزن - لو سمحتى يا أمى قفلى على الحوار ده هتفت زُهرة بحنان - ده أبوك يا بنى وبيحبك وأكتر واحد خايف عليك وعايز مصلحتك **ت قليلًا ثم هتف وهو يعاود فتح عينيه - لو خايف عليا مكنش عمل كدا .. مكنش سابنى قدامه بتقطع ومحاولش يساعدنى .. خلاص يا أمى لو سمحتى هتفت زُهرة بعتاب - مهما عمل فهو أبوك يا أيهم .. واللى بتقوله ده مينفعش وأنا مش موفقاك فيه .. وبعدين مبتجيش ليه مع أخوك .. أبوك دايمًا بيسأل عنك .. بقيت متنزلناش غير فى المناسبات والأعياد بس هتف قائلًا وهو يحاول أن يبدو هادئًا - أمى متحسسنيش إنى مقاطعكم .. حتى أبويا أنا مش مقاطعه وعلى يدك بكلمه كل فترة .. غير كدا مش هقدر ولو على إنى أشوفكم فأنا بتحايل عليكم تيجوا هنا شوية مع معاذ وهو راجع وأهو تغيير جو .. منفسكيش تصيفى ولا إيه هتفت قائلة وقد علمت أنه يريد تغيير مجرى الحديث - يعنى هو الواحد مينفعش يغير جو غير فى إسكندرية .. الجو مبيبقاش حلو هنا وسط أهلك فى القاهرة ابتسم قائلًا بتساؤل - هو التصييف هيبقى فى القاهره إزاى يا زوزو ؟! هتفت بعتاب - إنت الواحد ميعرفش ياخد منك لا حق ولا باطل .. المهم أنا كنت مكلماك أفرحك بخبر كدا ابتسم قائلًا - إيه قررتوا تجوزوا روفيدا ومعاذ ؟! ضحكت قائلة - ياريت يا بنى .. بس أخوك معرفش ماله وهى كمان مش بنتى بس يا باى منها بتقولى هخلص الأول الماجستير يا ماما ضحك على طريقتها فى تقليد روفيدا قائلًا - خلاص يا زوزو هانت .. كلها كام شهر وتخلص الماجستير وهنجوزهم وهتفرحى بولادهم كمان إن شاء الله هتفت بشوق حقيقى - يارب يابنى عقبال ما أجوزك إنت كمان وأفرح بيك **ت ولم يعلق فهتفت - بردو خدتنى فى الكلام ومقولتلكش على اللى عايزاه .. فاكر مراد إبن عمك حسين صاحب أبوك .. أمه قالتلى إنه بيدور على شغل فكنت عايزاك تشوفله وظيفة عندك فى الشركة هتف باستغراب - وهو هيجى من القاهرة عشان يشتغل فى إسكندرية !! .. طيب مشفش شغل ليه فى القاهرة ؟ هتفت ببعض التهكم - لا مهو لسه راجع من أمريكا مبقالوش شهر وقاعد فى إسكندرية دلوقتى .. ومشحطط أمه وراه عشان تشوفه .. ده كان نفسها ينزل ويقعد معاها بس تعمل إيه بقى مهواش راضى ولما نزل قرر يعيش فى إسكندرية .. ها هتشوفله ولا إيه ؟ هتف وهو يبحث بأحد الأدراج عن ورقة - طيب قوليلى إسمه عشان أكتبه وأنا بكرة هبلغهم بإنه لما يجى يوصلوه لمكتبى وإنتى قولى لوالدته تقوله يجيلى بكرة بإذن الله ابتسمت قائلة بحب - ربنا يباركلك يا بنى ويوقفلك ولاد الحلال ابتسم قائلًا - ربنا يخليكى ليا يا أمى ومتحرمش من دعواتك دى أبدًا زُهرة ( سيدة فى أوائل الخمسينات من عمرها , قصيرة القامة , بيضاء البشرة , جسدها ممتلىء , زوجة صبرى , ش*يقة ميرفت والدة ( معاذ وشادية وأيهم ) , لم تنجب غير فتاة واحدة من زوجها السابق والذى توفى فى بداية حملها وأثناء ولادتها تعرضت لنزيف حاد أدى إلى استئصال الرحم ولكنها لم تهتم وحمدت ربها بأنه قد عوضها عن الإنجاب مرة أخرى بأطفال ش*يقتها فقامت بتربيتهم واعتبرتهم أبناءها ) صبرى ( رجل فى أوئل الستينات من عمره , يعمل بالعطارة , طويل القامة , أسمر البشرة , جسده ممتلىء قليلًا , شاب شعره بأكمله ولكنه على الرغم من ذلك لازال جسده يتمتع ببعض القوة والحيوية , والد ( أيهم , وشادية , ومعاذ ) ) أغلق أيهم هاتفه بعد أن ودع والدته ثم وضعه على الكومود وما إن إعتدل حتى وقعت عينيه على صورته المنع**ه بالمرآه فظل ينظر إلى هيئته وإلى معالم وجهه التى تغيرت قليلاً على مدار السنوات الماضيه ثم تنفس بعمق وتوجه كى يضع الورقه بجيب سترته كى يُخبر سكرتيرته غداً بأمر مراد ذاك أغلق أيهم هاتفه بعد أن ودع والدته ثم وضعه على الكومود , وما إن اعتدل حتى وقعت عينيه على صورته المنع**ة بالمرآة فظل ينظر إلى هيئته وإلى معالم وجهه التى تغيرت قليلَا على مدار السنوات الماضية .. تنفس بعمق وتوجه كى يضع الورقة بجيب سترته كى يُخبر سكرتيرته غدًا بأمر مراد ذاك . وضع الورقة بجيب سترته لتلمس يده إحدى الأوراق الموضوعة بنفس الجيب , أخرجها وتوجه إلى الفراش وجلس فوقه وفتحها وقد بدأت معالم وجهه بالإشراق حينما وقعت عينيه على الكلمات المدونة فوقها والتى يحفظها عن ظهر قلب .. فمن قال أن مرور السنوات من الممكن أن يُمحى أجمل الذكريات .. فذكرى تلك الورقة محفورة بداخل قلبه وإن مرت عليها ألف سنة ! " لا تتزوج غيرى فأنا أُحِبك "
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD