المقدمة والفصل الأول :

1499 Words
المقدمة : دار اوبرا بولشوي العا**ة الروسية - موسكو كان يقف فوق احدى الشرفات العالية القريبة من المسرح الواسع لدار الاوبرا .. يديه في جيبي بنطال بذلته السوداء وقد تخلى عن سترته ليظهر جسده الم**و بقميص ازرق مشابه للون عينيه اللتان تحدقان في نقطة محددة فوق خشب المسرح .. هناك .. تحرك خيال ابيض .. جسد لانثى م**و بلباس الباليه يدور لمرات يقفز ثم ينحنى بتلوي لينخفض بخفة ريشة طائر .. صوت حازم قاطع تأمله ليتحول بنظره للجهة الاخرى حيث مقاعد المشاهدين " توقفي .. أنت مشتتة الذهن سوان .. ا****ة انسي كل شيء واتركي العنان لجسدك .. للمرة الخامسة هي مغرمة بجنون .. لكن لا يمكنها أن تسامح الأمير .. فهي تظن أنه خانها .. هذا الصراع داخلها عليه أن يظهر .. الحب .. الحقد .. التردد .. الألم .. والخوف .. كلها مجتمعة في حركاتها وتعابير وجهها .. هيا اعيدي مجدداً " ابتسم لملامح الامتعاض التي ظهرت فوق صفحة وجه ذاك الملاك الرقيق .. رغم بعد المسافة الا أنه كان يحفظ كل تفصيل فيها .. شعر بني بخصل شقراء كان مرفوع بذ*ل حصان بعيداً عن وجهها ذو التقاسم المميزة وجسد نحيل بمنحنيات انثوية رقيقة .. هو يتذكر جيداً خضار عيناها العشبيتان وفمها الوردي المزموم بسخط الآن بالتأكيد .. عضها لشفتها من الداخل لجماً لل**نها السليط .. والتباعد البارد لاحاسيسها التي تصرخ اعتراضاً .. من في روسيا لا يعرف تلك البجعة المتميزة المشهورة .. نتاج شانيل وديميتري انانيف .. خليط أم فرنسية وأب روسي .. سوان اولانوفا .. نسبة لعمة جدها جالينا اولانوفا .. أشهر راقصات الباليه في روسيا .. من يعرفها حقاً بقدره ؟! .. لا أحد مؤكد .. لا أحد يمكنه أن يعرف الطفلة المدللة خلف قناع الراقصة المغرورة .. المرأة الجائعة للاهتمام والحب .. المجنونة والغيورة عندما يحاول أحد انتزاع شيء تظنه ملكها .. والانانية .. المفرطة الانانية .. لتنتزع انفاس من تحب لتحي بها جسدها وتمتص دم أي عاشق لتغذي جوعها القديم .. وحده .. وحده هو .. يعرف من هي سوان حقاً .. " جيد .. جيد .. أين ايلينا ؟! " المدرب ذو الشعر الطويل والملامح الايطالية قفز فوق المسرح بخفة واقترب من الفتاة يلامس خدها بألفة مما جعل اصابعه تقبض بحدة .. جنون من الغيرة عبر جسده .. فلطالما كان من ذوي الدم البارد السيبيري الى أن يصبح الامر خاصاً بها .. عندها يشتعل الجحيم بداخله .. لم يسمع ما كان فحوى الحديث الدائر في الاسفل .. هو فقط رأى الرجل يتجرأ بوضع كلتا يديه فوق ساعديها ويمررهما لمرات محاولاً ارضاء غرورها .. لولا معرفته بان ذاك الو*د لا يحمل أي رغبة جسدية في ما يفعله .. لكان قفز الان ليوسعه ض*باً .. تن*د يلقي بأخر نظرة على انثاه وقبض يده يبتلع المرارة المحتدمة داخل حلقه .. كيف يمكن لمطلق انسان ان يطيح به هو عن قدميه ؟! .. ليتمنى لو كان مجرد رجل عادي .. موظف يمسح أرض المسرح حيث تدوس اميرته بقدميها .. لكن حتى هذا لن يجعل سوان تنزل من عليائها لتنظر اليه .. لن يجعلها تنظر مجدداً نحوه بتلك الابتسامة التي فقدتها بسببه هو .. بسبب جبنه وانانيته .. اغمض عيناه وتنفس انفاسها .. هي هنا ولو على بعد امتار .. لقد رأها .. سمع صوتها .. تنشق عطرها .. وهذا يكفيه .. لليوم على الاقل .. هذا يكفيه .. ادار جسده وتحرك يترك المكان الى الممر الداخلي المفروش ببساط احمر فاخر واضاءة خافته .. رجل بجسد رياضي ولباس اسود لاحق خطواته .. وامتدت يده ليعطيه هاتفه الحديث .. " الزهرة والبطاقة وصلت .. لكن فلاديمير .. الا تنوي التوقف عن هذا ؟! .. " ابتسامة مرة امالت شفتيه .. والتمع حجر الياقوت داخل عيناه .. غير مصقول .. متمرد وعابث .. هذا الرجل كان وما زال لا يمكن ترويضه ابداً .. الا من مرة واحدة وبسبب انثى واحدة حولت النمر الروسي لقط اليف مقصوص المخالب .. قط متدلل يسعى لارضاء سيدته لا اكثر " لا لا انوي التوقف .. سوان كانت وستبقى .. بجعتي المتوحشة " " أنت تفقد عقلك بسبب تلك المرأة .. " ضحكة عميقة ساخرة بلا روح كانت الرد بينما عيون مرافقه ترمقه بيأس .. وتذكر صوتها الناعم ذو اللكنة الفرنسية .. عيناها الزمرديتان التي تتحدى الجميع .. غضبها المختفي خلف طبقات وطبقات من الرقي الموروث والمكتسب بسبب شهرة عائلتها وغناها .. لكن أحد لن يفهم أن تلك الفتاة .. انعكاس لروحه هو .. ظله في المرآة .. وهو ابداً لم يكن لطيفاً .. أو هادئاً يوماً .. ووحده كان يخرج من داخلها كل هدوءها لتتحول لكائن لا يمكن ترويضه ابداً .. خرج اخيراً من البناء وتحولت عيناه لمرافقه .. ساشا شمالوف .. الرجل ذو الوسامة المفرطة والعيون الزرقاء بزرقة تشبه مياه البحر .. خفيفة وليست عميقة الزرقة كعينيه هو .. " ساغادر .. الان .. اراك لاحقاً " نظراته لاحقت ساشا وهو يتوجه لسيارة رياضية مكشوفة ويحتل مقعد السائق ثم يطلق العنان لسرعة هادرة منها .. " سيدي " السائق الشاب فتح الباب الخلفي للسيارة الحديثة السوداء ليصعد ويرتاح جسده ملقياً برأسه للخلف بينما تتحرك السيارة بعيداً عن مكان تواجد انثاه .. ترى هل رأت زهرته الان ؟! .. كيف ستكون ردة فعلها ؟! .. واغمض عيناه يتخيل طيفها وزمرد عيناها يلتقط تواجد رسالته الدائمة لها .. الغرفة الخاصة بالتبديل دار اوبرا بولشوي تن*دت ترمي حذائها الابيض أرضاً داخل الغرفة الخاصة بها بجسد متعرق متعب .. زفرت بسخط .. اللعين فابيو لم يرحمها اليوم .. جسدها كله يصرخ طلباً للراحة .. بينما يدها تحرك خصل شعرها المختلط مابين بني داكن وشقرة متفاوتة المتفلتة من ذ*ل حصانها العالي .. عيناها الخضراوتان مرت بسرعة على الاريكة الخشبية الفخمة وخزانة الملابس المرافقة معها .. باب جانبي يصل لحمام وعدد من باقات الزهور موضوعة باهمال فوق كرسي بمسند عالي لفتة جميلة من معجبيها الكثر .. امتدت يدها لتخلع ثوب الباليه ذو التنورة العالية القصيرة و تجمدت يدها .. تنفست بحدة تقترب من المرآة التي تحتل نصف الجدار المقابل للاريكة لتجد كالعادة فوق طاولتها الخشبية الخاصة بالزينة الزهرة النائمة بصندوق زجاجي .. زهرة الاوركيد السوداء النادرة .. زهرتها المفضلة لكن بلون الموت .. اللعنه عليه .. هو لن يتوقف .. يدها سحبت البطاقة البيضاء الموضوعة فوقه لتقرأ ما كتبته يداه .. وكالعادة الكلمات نفسها بخطه .. خط انيق جداً لايمكن تقليده لأنه دائما ما استخدم نوع خاص من الكتابة مع الاحرف الاولى ليظهر جانب مختلف من براعته اللغوية " قاتلتي .. ضعي مئة زهرة اوركيد سوداء فوق قبري .. وارقصي هناك .. فرقص البجعات ليس للمتعة بل للرثاء " تنفست بحدة تأخذ انفاس متعددة .. فلاديمير فريدمان .. ذاك الو*د الاناني القاسي القلب .. الحبيب الغادر .. وكم ودت لو تحطم ذاك الرمز الغ*ي الذي يرسله اليها دون توقف منذ افترقا .. لكن هي كانت تنتظر لتجمع مئة زهرة .. مئة زهرة ترمز للموت .. وعندها ستحفر فعلا قبر في جبال سيبيريا وتفتح نعش خاص للروسي المتعجرف بيديها العاريتان واظافرها .. ثم تدفنه مع زهوره اللعينة .. فلينتظر .. فلينتظر فقط . رنين رسالة وصل لهاتفها الاسود الحديث المرمي بجانب الصندوق الزجاجي .. تنفست عدة مرات قبل أن تمتد يدها بحذر كما لو كانت تريد امساك عقرب لا آلة الكترونية .. اصابعها المترددة لامست الشاشة ليظهر فوقها آخر صورة جمعتهما .. امام قلعة رومانوف .. ذكرى باتت بطعم ورائحة ولون الدم .. وإن كان الكل يظن أنها تضعها ذكرى من حبها العنيف لفلاديمير .. فاحد لا يعلم انها تتركها هناك لتتذكر كل يوم ما فعله .. لتتذكر انها لن تسامح .. لن تغفر .. " كنت فاتنة كالعادة .. اردت معانقتك واخبارك كم اندرو و*د محظوظ لانه لمسك .. اردت الاعتذار ايضاً لو كان ينفع قول سامحيني .. لكن المستقبل كفيل بجعلك تدركين .. أني رجلك الوحيد مالينكايا ( صغيرتي ) .. وحتى ذاك الوقت .. سابقى حولك ولك وحدك .. يا تيبا لوبلو بلكان موي ( احبك بجعتي ) " رفعت يدها تنوي رمي الهاتف ثم تشددت اصابعها بقسوة تردد .. ليس الان .. ليس بعد سوان .. الانتقام طبق يؤكل بارد .. سانتزع قلبه .. سانتزعه وادفنه عميقاً .. عميقاً جداً .. ********* الفصل الاول : موسكو المبنى الرئيسي لتجمع شركات فريدمان الطابق ما قبل الاخير " هي ستتنازل عن الارث .. الموضوع محلول " تكلم بثقة وهو يستند لظهر الاريكة السوداء واضعاً ساق فوق اخرى " لا .. أنت تعرف بقدري أن الامر لن ينتهي إن تنازلت هي .. عمك يريد اعادتها وتعينها الوريثة .. عليك إرضاؤه" " كيف ذلك ؟! " راقب ملامح الشخص الوحيد الذي يثق به في العمل وهو ينتظر اجابته .. المحامي الخمسيني ذو بدايات الشيب في شعيرات رأسه ابتسم بهدوء واجابه : " اعرض عليه اتفاقاً .. أنت تعيد ابنته .. هو يعينك الرئيس .. تعلن كاترينا وريثة وتحصل انت على امبراطورية فريدمان كاملة " شقت ابتسامة ظافرة فمه .. هذا الرجل داهية .. وكم يناسبه هذا " اهذا ما يتطلبه الامر ؟! .. ماذا إن رفض العجوز ؟! " " هيا فلاديمير .. أنت تعلم أنه لا يثق بسوانا في العمل .. ولن يجلب أحد آخر للادارة فابنته تفضل الخربشة على الورق بدل قيادة امبرطورية مالية ضخمة ... وبما أني هنا معك .. ساساعدك باقناعه " تن*د بينما يطرق بأصابعه فوق قدمه .. عمه ليس غ*ياً ليتم التلاعب به بسهولة .. لكنه لن يترك كل هذا لتأكله الورثة بعد موت عمه .. هو احق بكل هذا .. إن كانت ابنة عمه لا تهتم لشيء سوى نفسها .. وافكارها الرجعية عن المساواة بين البشر .. " اتفقنا .. " " سيد فريدمان .. الانسة سوان انانيفا تطلب رؤيتك "
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD