الحلقة -1- موسم تزواج

3000 Words
مقدمة الرواية فانتازيا تدور أحداثها في عالمين منفصلين ، العالم الأول متطور جدا ويسمى عالم جورما ، وصل فيه سكانه إلى علم غزير أسموه السحر ، كانت شمسه تتوهج بلون أزرق فاتح ، تأثرت هيئتهم بتلك الإضاءة ، الوقت يمر ببطء شديد في ذلك العالم ، فالعام فيه يعادل مائة عام بتوقيت عالم نورشا ، الذي يضىء بشمس تتوهج بضوء وردي أثر على هيئتهم الخارجية ، فمثلا إذا زار أحد سكان عالم جورما العالم الآخر وهو عالم نورشا فإنه يتخذ نفس هيئة سكان العالم الذي وجد فيه. ينقسم عالم جورما لعدة ممالك أكبرها وأكثرها تطورا مملكة ماهيرا ومملكة شايا ومملكة ماندا> أما عالم نورشا يتكون من عدة ممالك أهمها مملكة جوانا وهى مركز هذا العالم وهى المملكة التي لم ينجح أحد في غزوها، أبدا لأنها تملك أقوى درع يحميها من تكالب الأعداء عيلها ، خاصة وهى محاطة بعدة ممالك ؛ فيسهل الاحاطة بها ولكن ذلك الدرع لم يوجد مثله في أى عالم . أماكن هامة ذكرت بالرواية مملكة ماهيرا  بعالم جورما: مملكة تشتهر بمبانيها المنحوتة بالجبال الصخرية ، رجالها يتميزون بالقوة العضلية الفائقة عن باقي رجال الممالك الأخرى. مملكة شايا بعالم جورما: مملكة تشتهر بمبانيها الطافية فوق البحر فهم يعيشون بالسفن الكبيرة والمراكب الشراعية ويتميز رجالها بخفة الوزن والحركة. مملكة ماندا  بعالم جورما: مملكة يشتهر سكانها بأن لهم أجنحة شفافة يتحركون بها ، مبانيها عبارة عن بالونات ضخمة مختلفة الأشكال ، تطفو فوق مساحة واسعة من البراكين الساخنة التي تطلق غازات باستمرار ، تجعل المباني طافية في السماء. بوابة جالا : بوابة تفصل بين عالم جورما وعالم نورشا فيها يمتزج ضوء عالم جورما الأزرق الفاتح مع ضوء عالم نورشا الوردي ، تمكن علماء جومار - وهو ملك مملكة ماهيرا -  إيجاد ثغرة تمكنهم من الولوج لعالم نورشا . وادي زولا : وادي الهلاك بعالم جورما بمملكة ماهيرا ، شهد هذا الوادي الكثير من حالات وأد النساء والفتيات في عهد جومار ، الذي كان يعتقد أنه كلما زاد عدد الذكور في مملكته وقل عدد الإناث ، رفع ذلك من هيبة مملكته بين الممالك الأخرى ؛ لذا قرر التخلص من النساء اللاتي ينجبن إناث فقط ويبقي على النساء المنجبات للذكور. مملكة جوانا بعالم نورشا : تشتهر بزراعة الزهور المختلفة والعجيبة ليس لها مثيل في باقي الممالك مثل زهور مورا مورا وبابرينكا. مبانيها تتخذ أشكال الزهور والأشجار ، حيث تجد زهور وأشجار ضخمة محنطة ومجوفة تتسع لفرد واحد أو عدة أفراد. أرض أونتاريا : إحدى مقاطعات مملكة جوانا الهامة ، حيث يوجد بها معبد هارتيا المقدسة التي جاءت من عالم آخر لك ترفع لعنة الشقاق التي أطلقها أحدهم على سكان مملكة جوانا وخاصة أرض أونتاريا وهى تنقسم لعدة أحياء أهمها وأشهرها حى ناميرا وحى مورامورا. حى ناميرا : من الأحياء الكبيرة الشهيرة بصناعة العطور والمشغولات الخشبية والأقمشة وهو تابع لأرض أونتاريا إحدى مقاطعات مملكة جوانا بعالم نورشا. حى مورا مورا : يشتهر بالفنون الأدبية والغنائية ، به أكبر مسرح للترفيه في مملكة جوانا وهو تابع أيضا لأرض أونتاريا. مدينة نيجاتيفيا : هى منفى لكل من اعترض على زوجه الذي اختارته هارتيا ، وهو عبارة عن لوحة يسجن فيها وعي من يعترض على زوجه المختار. الشخصيات الرئيسية والهامة في الرواية شخصيات عالم جورما الملك جومار : هو حاكم مملكة ماهيرا سيطرت عليه فكرة الانحياز ضد الإناث في مملكته ، كان عنصريا تسبب في وأد الكثير من نساء عالمه سواء في مملكته أو غيرها ، كما غزا الممالك المجاورة وحاول إخضاعها لملكه وحكمه ما عدا مملكة ماندا المحمية بالبراكين الساخنة. الأميرة ساري : هى أميرة والوريثة الشرعية لمملكة شايا خ*فها رجال جومار ليتزوجها قسرا ، فرفضت وقاومت ولكنه حكم عليها بالموت فهل تنجو من موت محتم ؟ سنعرف لاحقا. العالِم رونان : عالم قدير نابغة في مملكة ماندا اختطفه رجال جومار من أجل العمل لصالحه ، وذلك لمساعدته في أن يكون له ذكر هجين من نسله ، ونسل إحدى نساء عالم نورشا ، هل نجح في مهمته ؟ هذا ما سنعرفه فيما بعد . الساحرة نورمي : ساحرة من مملكة شايا كان لها دور كبير في إنقاذ عالم جورما ونورشا ، ماذا فعلت ؟ ستعلم فيما بعد. هارتيا : المقدسة في مملكة جوانا إحدى ممالك عالم نورشا جاءت من عالم جورما لكى تحقق التوازن بالمجتمع في جوانا ، كان لها دور في رفع ا****ة التي أطلقها سحرة جومار على أرض أونتاريا التابعة للملكة جوانا بعالم نورشا. شخصيات عالم نورشا النجار جيرميا : شاب يعيش في مملكة جوانا ، في أرض أونتاريا ، من أشهر نجاريها ، كان ماهرا جدا في صناعة الأطر الخشبية والصناديق والأبواب ، أحب فتاة بعينها وابتسمت له الأقدار فتزوجها ، هل سيبقيان معا أم سيفترقان ؟   الجميلة أوارا : إحدى فتيات حى ناميرا التابع لأرض أونتاريا ، كانت ماهرة في صناعة الوسادات والأغطية الحريرية المطرزة ،أحبت أحدهم حبًا جمًا ، ولكنها كتمت ذلك الحب فهل ستعترف بحبها له يوما ما ؟  التاجر ماجلان : عاش في أرض أونتاريا بحى ناميرا ، شاب لا يعترف بالحب ، ولكنه في نفس الوقت مغرم بالنساء وملاحقتهن، والمحاولة المستمرة في الإيقاع بهن في براثنه ، اختار من تجارة الأقمشة عملا له ، ولكن هل سيقع في براثن الهوى يوما ما ؟ هل ستتحقق النبوءة على يديه ؟ الحسناء أوسان : من الفتيات المستقلات التي عاشت في حى ناميرا أحد أحياء أرض أونتاريا  ، يتيمة الأب والأم منذ الصغر ربتها جدتها حتى توفيت عندما بلغت السابعة عشر من عمرها ، اتخذت من صناعة العطور مهنة لها ، لا تعترف بأهمية الحب في حياتها ، ولم تهتم بالزواج يوما ، ماذا ستكون ردة فعلها إذا اختارتها هارتيا زوجة لأحدهم؟ وإذا رفضت هل ستنجو من ال*قوبة ؟ اللص ديمرا : هو شاب توفى عنه والديه منذ الصغر ، يعيش بحى مورا مورا أحد أحياء أرض أونتاريا،  يعشق المغامرة والإثارة فاتخذ من السرقة والخداع هواية له ، يشبع بها غريزة المغامرة بداخله ، هل سيستمر بالسرقة ؟ أم سيجد أمرا آخر يشبع روح المغامرة التي بداخله ؟ تمارا : فتاة لم تبلغ سن الزواج بعد ولكنها كانت مغرمة بأحدهم الذي تزوج بغيرها فثار حنقها ، هل سترضى بالأمر الواقع وتترك من تحبه وشأنه أم ستحاول الاستئثار به لنفسها وتفرق بينه وبين زوجته ؟ مايلو: من حى مورا مورا أحد أحياء أرض أونتاريا ، كان له دورا هاما في إنقاذ أوسان وماجلان من سجنهما الأبدي ؟ وهو روائي يجمع القصص والحكايات ، ليحكيها في نوادي مورا مورا الشهيرة بذلك النوع من الفنون التي تعتمد على الخيال والحواديت ، وهو راوي حكايتنا.   الفصل الأول أرض أونتاريا  أونتاريا بلد الحب ، لوحة فنية رسمتها نياط قلوب العذارى الحسناوات،الحب ليس له مثيل في تلك المدينة الساحرة،لا يهم أين توجد؟ الأهم أنها موجودة حتى ولو في خيال كل من يبحث عن الحب. تقع أونتاريا في مملكة جوانا  وهى مملكة عريقة تقع وسط هضبة  واسعة مستوية كاستواء السماء،تظللها جبال عالية متناثرة حولها ، تلك الجبال الشامخة كانت سببا في عزلة المملكة لعصور طويلة ، أحداث قصتنا نُسِجَت خيوطها بنهاية فصل الشتاء حيث ساعدت أمطاره على نمو المروج في ربوع المملكة. بدأ الربيع يفترش عباءته المطرزة بأبهى الأزهار والورود، فوق أطراف الهضبة التي تزينت حوافها بأزهار بنفسيجية اللون ، كانت رائحة الزهور تداعب أنوف سكان المملكة، الربيع يفتح أبوابه ليحتضن الجميع. فهو موسم التزاوج لكل الكائنات الحية على أرض مملكة جوانا . كانت أونتاريا المكان المقدس للمقبلين على الزواج ، هنا يحكم الجميع قانون صارم وهو أن كل زوج واجب عليه قبول زوجه بكل محبة وإخلاص وإلا...... كان مصيره السجن مدى الحياة في مدينة نيجاتيفيا ، عاش الأسلاف يصدقون تلك الأسطورة وقتا طويلا حتى ورَّثوها للأبناء والأحفاد جيلا بعد جيل. ساهمت تلك الأسطورة كثيرا في انسجام المجتمع ، وحافظت على الروابط الأسرية لاسيما الروابط الزوجية المقدسة.   داعبت أشعة الشمس الوردية خصلات شعر الفتيات البالغات والمقبلات على الزواج قريبا، كُنّ يتجهزن من أجل صلاة هارتيا وهى قلب كبير ينبض من أجل أقدار سكان مملكة جوانا. تعالت ضحكات أُوسان عندما داعبت وجهها قطرات الشلال الصغير المنحدر من سطح كهف مجوف. في حين أوارا كانت تركل بساقيها الرشيقتين مياه تلك البحيرة الزرقاء الصافية والتي تكونت تحت ذلك الشلال الصغير. نتج عن ذلك أعذب معزوفة موسيقية صنعتها تلك الركلات بموج المياه ، ليتداخل مع صوت خرير ماء الشلال المتساقط ، تلك المعزوفة ألهبت قلب جيرميا ذلك الفتى المفتون بحبها. ترنم قلبه بأعذب قصائد الحب منذ رؤيته لها العام الماضي حيث كانا في صلاة هارتيا، أطلت بابتسامة عذبة جعلتها مشرقة كشمس أونتاريا ، أشرق حب عظيم في قلبه لها منذ ذلك الحين، وعلى ع** شمس أونتاريا التي تغيب فإن شمس حبه لها في قلبه ظلت مشرقة بداخله حتى الآن وإلى الأبد. كان ماجلان صديق جيرميا منذ الطفولة وبالرغم من اختلاف طبائعهما إلا أن صداقتهما استمرت حتى الآن ، في الصباح الباكر انتبه ماجلان  لخروج صديقه من منزله على غير عادته في هذا الوقت الباكر. تتبع ماجلان صديقه في سرية حتى وصل إلى ذلك الكهف الذي تقصده فتيات أونتاريا لتستحم بمياه الشلال الصغير المقدس ليتبركن به. مكث ماجلان خلف صخرة كبيرة عدة ساعات يراقب صديقه الذي يراقب بدوره فتاته  أوارا ، عندما انتصف النهار وتوسدت الشمس كبد السماء ، لملم  جيرميا روحه التي خرجت منه ؛ لتحوم حوله حبيبته ؛ وليستنشق عطرها حتى يعود إلى منزله. بعد أن ابتعد عن الكهف المقدس عدة هوراتيا وهى وحدة قياس مملكة جوانا والتي تعادل طول قلب هارتيا ، اقترب من مخبأ ( ماجلان)  الذي ظهر فجأة ففزع  جيرميا فتراجع بضع خطوات للخلف. قال ماجلان  بلهجة ساخرة عاقدا ذراعيه أما ص*ره: ألم تغرب شمس الحب بعد في قلبك يا صديقي؟ حدجه جيرميا بنظرة نارية غاضبة ثم أجابه بتحدى واضح: لا، لم ولن تغرب،ثم دفعه وتركه ليكمل درب العشق والحب بمفرده. عندما بدأت الشمس في المغيب ، تركت الفتيات الكهف بعد أن تبركن بمياهه المقدسة طيلة اليوم ، وقد حان وقت عودتهن إلى مخادعهن. كانت أُوَارا تتأبط ذراع صديقتها أُوسان التي داعبت خصلات شعرها الحالكة السواد بأناملها الرقيقة ثم تن*دت وقالت : متى يحين الوقت الذي أتزوج فيه من أحب لأُسْدِل خصلات شعري فوق ص*ره وأُنصِتُ لدقات قلبه . ضحكت أوارا ضحكة ساخرة قصيرة وقالت بخبث : ومن تَعِسْ الحظ هذا الذي تحبينه هكذا؟ أفلتت أوسان  ذراع صديقتها بقوة وبغضب ثم قالت : تَعِس الحظ ! تَعِسْ الحظ حقا من لا يؤمن بالحب كأمثالك. جرَّت أوسان  أذيال حنقها من صديقتها التي طالما تسخر من مشاعر الحب ولا تصدق فيه وترى أن الزواج سجن لها، وليس مأوى للعواطف والمحبة ، مأوى تسكن فيه القلوب وتهدأ النفوس فيه بأحضان المحبين. تركت أوسان  صديقتها وهى تسرع الخطا إلى منزلها في ذلك الحى الهادىء والذي يدعى  ناميرا أى أرض الحب . كان هذا الحى يشتهر بين باقي أحياء المدينة بقصص الحب التي نشأت بين طيات أزقته هنا وهناك. كانت البيوت تتزين بمشاهد الحب بين المحبين الذين أنعمت عليهم هارتيا بالرباط المقدس عندما اختارت الأزواج المناسبين لبعضهما البعض. كانت هارتيا قلبا كبيرا ضخما والمتحكم في مصائر سكان مملكة جوانا الخاصة بالزواج ، وذلك عن طريق أن تلمس مستشعراتها الشباب والفتيات الذين بلغوا سن الزواج عند قلوبهم ، بعد ذلك وفي حفل مقدس مهيب، يلتقي الجميع في ذلك المعبد المخصص ل*قد مراسم الزواج، في ذلك اليوم تترقب قلوب المقبلين على الزواج نتيجة اختيار هارتيا لأزواجهم، كان اختيار الأزواج على أساس طاقة الحب التي تغذي كل قلب من قلوب هؤلاء ،وبعد أن تقيس مستشعرات هارتيا طاقة حب كل قلب يتم التوفيق بين القلوب حتى تصل طاقة الحب بين قلبي زوجين إلى مائة في المائة ، كانت تلك الطريقة التي تضمن التوازن بين قلوب الأزواج ، حيث كانت طاقة الحب هى الرصيد المخزن الذي تحيا به الأسرة. تقابل ماجلان  ذلك الشاب البالغ من العمر خمسة وعشرين عاما في طريق عودته مع الجميلة أوسان ، التي أكملت لتوه عقدها الثاني ،كانت تصغره بخمس سنوات ، ولكن كانت تكبره بعشرات السنوات بخبراتها العديدة، فهى نشأت يتيمة الأب والأم ،ربتها جدتها لأمها حتى بلغت سن الخامسة عشر، بعد ذلك اعتمدت على نفسها في تدبير أمور حياتها بمفردها ،عملت فترة من الوقت في مُنشأة للغزل والنسيج ، ولكن ثورة الشباب التي تفور بداخلها جعلتها تترك عملها المستقر والاتجاه للعمل في التجارة. بدأ الأمر منذ عامين حيث سافرت إلى مملكة مجاورة تفصلها عن مملكة جوانا مضيقا صغيرا يكفي لعبور المراكب الصغيرة ، اشترت أوسان بعضا من العطور المميزة والنادر صناعتها في مملكتها جوانا. تعلمت كيفية صناعة العطور أيضا في رحلتها الأخيرة ، حولت الطابق الأرضي  من منزلها لمنشأة لصناعة وتوزيع العطور على مملكة جوانا ، في حين اتخذت من الطابق العلوى سكنا لها. طابت لها تجارة العطور وازدهرت كثيرا في شهور قليلة ، خاصة في مواسم الربيع ،الموسم الخاص بالزواج ، فيه تتسابق الفتيات ويتبارى الفتيان في شراء العطور المميزة ليكونوا في أبهى رائحة وقت حفل الزفاف. كانت أوسان  تعتقد أنها ليست بحاجة إلى  الزواج أو التقرب بالصلاة لهارتيا بل كانت تسخر في قرارة نفسها من الحب والزواج. ولكنها رافقت صديقتها أوارا فقط لتروج لبضاعتها بينهن ، أما ماجلان فكان له شأن آخر. كان يميل للعبث واللهو والمرح مع الفتيات دون التفكير بالزواج ، فهو لا يطيق فكرة أن يعيش كل عمره يستنشق عطر فتاة واحدة حتى وفاته. ولكن تقاليد وقوانين مملكة جوانا  ومدينة أونتاريا  خاصة تمنع تلك العلاقات المحرمة بدون زواج. لذا كان يسافر كثيرا بين الممالك الأخرى التي تسمح بذلك النوع من العلاقات المؤقتة. وقد اختار له تجارة الأقمشة التي تفضلها النساء بكل أنواعها خاصة الحرير منها عملا له ، وذلك حتى تتيح له الفرصة بالتعامل مع فتيات مملكته تحت ستار التجارة ، لعله يجد فتيات متمردات على التقاليد يسمحن له بعلاقة مؤقتة في الخفاء. كانت أوارا  فتاة تتمتع بجمال خاص فخصلات شعرها الغجري المتحرر من القيود لطالما ألهب فؤاد ماجلان كان إحساسه بها كلما رآها يختلف عن إحساسه مع غيرها من الفتيات. تابعها بنظراته بعد أن قا**ها في طريق عودته ، حتى غابت بين الأعشاب الطويلة التي حجبت رؤيته لها ، لم تلحظ مروره بجوارها، فكانت لا ترى في العالم سواها لا تهتم بالشباب ولا تلحظ وجودهم، حتى لو أحاطوها من جميع الجهات.  عقد ذراعيه المفتولتين وارتسمت على شفتيه ابتسامة خبيثة ثم غمغم بتحد:قريبا سأستنشق عطرك يا مغرورة غابت شمس ذلك اليوم بسلام،بدأ الليل يخيم على مدينة أونتاريا  بردائه البنفسجي الذي يزداد قتامة بمرور ساعات الليل الأولى،تظهر النجوم اللامعة كحبات ألماس تتلألأ ،لتؤنس وحدة العذراوات اللاتي ضجرن من العذوبية، والشباب الذين تعوي قلوبهم من الوحدة بعد العودة من أعمالهم؛ فلا يجدون من يؤنسون به ،وينسون به مشاق النهار سوى التضرع لهارتيا، بأن تمنحهم الفرصة هذا العام للزواج والاستئناس بالزوجات المحبات. كان جيرميا  أحد هؤلاء الشباب والرجال الذين لا ينفك عن التضرع والصلاة  لهارتيا كل ليلة بأن تجمعه بحبيبته أوارا ،كان يعلم جيدا أن هارتيا قد تختار له زوجة أخرى غيرها،ولكنه كان يتحلى بالأمل والرجاء في قبول دعواته وابتهالاته. كانت أوارا أيضا لا تنفك عن الدعاء لهارتيا صباح ومساء، رغم علمها بأن دعواتها قد لا تصيب، وتتزوج بغير حبيبها جيرميا ،ولكن عشقها له كان أقوى من أى قانون. انتصف الليل ولجأت أوارا لفراشها الوثير المتكدس بالوسادات الناعمة والمنتفخة، تلك الوسادات التي صنعتها بنفسها كانت أوارا تحتضنها كل ليلة،فتشم فيها رائحة حبيبها جيرميا ،فكانت تضع العطر المفضل له فيها ثم تحتضنها بقوة وتخلد لنوم عميق ملىء بالأحلام الوردية مع زوجها المستقبلي الذي طالما تتمناه. اتخذت أوارا من صناعة الوسادات بكل أنواعها عملا لها،فكانت تبدع في زينتها واختيار ألوانها وكذلك في ت**يماتها الملهمة من الطبيعة الساحرة التي تزخر بها مملكة جوانا وخاصة مدينة الحب أونتاريا. انتهى جيرميا  من اللوحة التي رسمها من خياله لحبيبته،وكاد النعاس يغلبه، فغالبه حتى وضعها في إطار خشبي خاص صنعه بنفسه، وكانت صناعة الأطر الخشبية للوحات عملا له تميز به ،واشتُهر به في ربوع المملكة. أسدلت العيون جفونها،لتنعم عقول ذويها بنوم عميق هانىء لا ينغصه سوى تقلبات العذارى وتململ الشباب في الفراش، احتياجا للحب الفطري الذي لا يشبعه سوى أرض الواقع. تسابقت العصافير والبلابل بتغريداتها مع أول شعاع ذهبي ترسله شمس هذا اليوم لتعلن مولد يوم جديد مشرق ملىء بالتفاؤل والأمل و.... الحب. كان هذا اليوم مميزا جدا ففيه سيتم إعلان هارتيا الأزواج،كان الأمل والترقب سيدا المشاعر في ذلك اليوم يسيطر على الجميع. تزينت الفتيات بأبهى صورها، في حين ارتدى الشباب الأزياء التي تبرز رجولتهم وعضلاتهم المفتولة، وقوامهم الذي ينم عن صحة وقوة غير عادية، تُعجب فتيات المملكة وتستحسنها الكثيرات. حرصت كل فتاة أن يكون أول انبطاع عنها أمام زوجها الذي ستختاره هارتيا لها مميزا حتى يُعجب بها زوجها المستقبلي من أول نظرة عندما يعلن عن قدريهما معا،وكذلك حرص الشباب على أن يكون الانطباع عنهم قويا مؤثرا. أما أوارا وماجلان  كانا أكثر حرصا على الدعاء والتوسل في قرارة نفسيهما لهارتيا بأن تختارهما زوجين. رغم أن كل منهما لم يصرحا بمحبتهما لبعض أبدا، بل كان يتحاشى كل منهما لقاء الآخر ولو صدفة حتى لا يُفْضَح أمرُهما. احتشدت جموع الشباب والفتيات كان المشهد أسطوري حيث جلسوا على مدرجات على شكل قلب كبير تحيط بمعبد هارتيا،قام الكهان والكاهنات بتوزيع بطاقات مرقمة على الحضور، وعندما انتصف النهار،بدأت المراسم. تم استعداء الفتيات أولا والكشف عل قلوبهم من خلال مجسات هارتيا ،لم يكن الأمر مؤلما سوى وخزات بسيطة عندما توضع المجسات فوق القلوب. بعد ذلك يتم تسجيل مخزون الحب أمام كل رقم يشير لكل فتاة تم الكشف عليها.بعد ذلك يتم دخول الشباب وتكرار المشهد معهم. من القوانين المنظمة للمراسم أن هناك نسبة دُنيا من الحب على أساسها يتم اختيار الأزواج،ولأن جيرميا  كان يعلم ذلك جيدا، فلم يأبه للنتيجة، فهو يعتقد أنه غير مؤهل للزواج وأن نسبة الحب بقلبه لا تؤهله لأن تختاره هارتيا زوجا لإحداهن. نفس الاعتقاد كان يسري في مخيلة أوسان التي خضعت لمراسم الكشف عنها من خلال هارتيا؛ لأنها تعلم جيدا أنها ستكون غير مؤهلة، فهى لم تذق طعم الحب بعد ولا تفكر في الزواج إطلاقا. قام الكهان بتصنيف النتائج لمجموعات وتم توليفها مع نتائج الفتيات،لتصبح نسبة مشاعر الحب إذا اجتمعت للشاب والفتاة ضمنت لهما الحياة الزوجية الهانئة المفعمة بالحب السرمدي. ولكن استوقفهم نتائج شاذة لفتاتين وشابين،فلجأوا إلى الكاهنة الأكبر والأقدم بينهم ساري يأخذوا مشورتها،كانت الكاهنة تقف بتضرع تصلي لهارتيا كعادتها. كانت صومعتها عبارة عن قبة كبيرة،تزدان جدرانها بأيقونات لزيجات ناجحة عاشت على أرض أونتاريا ،كانت تلك الزيجات كالأساطير المقدسة تتوارثها الأجيال وتسعى بأن تكون مثلها. غمغمت ساري  وقالت بحبور:ألم يحن الوقت بعد بأن تتزين جدارن صومعتي بزيجة أسطورية تخلدها أيقونة جديدة؟ في تلك اللحظة سمعت طرقات خفيفة على الباب لأحدهم يطلب الإذن بالدخول فتوجهت ناحي الباب وفتحته لتعطي الإذن للطارق بالدخول. كان القلق والتوتر يرتسم على وجه كل من الكهنة والكاهنات المسئولين عن فرز النتائج. ارتسمت الجدية على وجه الكاهنة سارين وسألت باهتمام: ما الأمر؟ لِمَ كل هذا القلق المرتسم على وجوهكم؟ مسح الكاهن الأكبر سنا فيهم حبات العرق المتصببة فوق جبينه الغض وقال بصوت مبحوح:لقد وجدنا نتائج شاذة وغريبة لفتاتين وشابين لا نعلم كيف يتم التوليف بينها. رفعت حاجبيها دهشة وقالت: أرني ثم مدت يدها لتأخذ النتائج ، فحصتها جيدا يتبع... .......... 
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD