bc

أشلاء

book_age16+
16
FOLLOW
1K
READ
like
intro-logo
Blurb

((( تمهيد)))

((( لمْ أكنْ يوماً هكذا، كنت تلك الفتاة المُدللة، أوامري مُطاعة، أطلبُ فيُنفذ ولا رادّ لطلبي ، كنتُ دوماً أميرةً، أما الآن فأنا بائسةٌ يائسة، لا أرى لحياتي شكلاً ولا لوناً ولا حتى نكهة.

في يومٍ من ذات الأيام كنت أمشي و وصديقاتي في الشوارع المزدحمة، نلهو ونمرح، صادفتُ عرّافةً في إحدى الزوايا، كانت قابعةً هناك بردائها الأ**د والذي كان يغطيها من رأسها إلى أخمص قدميها، ورغم عدم إيماني بكلام العرّافات،لكن دفعني فضولي لأقترب منها ، سألتها أن تقرأ طالعي، رمقتني بنظرة غامضة أرعبتني، ثمّ أخفضت نظرها للأسفل، مدّت خرقةً سوداء منقوشة بنقوشٍ غريبة، نشرت صدفاتها غريبة الشكل فوق الخرقة، لتنطق بعد ثوان: أنتي مُحاطةٌ بالمُخادعين.

نظرت إليها باستغراب شديد، فتابعت وهي تُحدّق في عمق عيناي: والداكِ آثمان، وحياتكِ مُجردُ كِذبة.

ابتسمت لأجيبها بسخرية: لا، لاصِحة لما تقولين، فأنا يتيمة!!!؟.

ثمّ نهضت لإبتعد عنها مع صديقاتي، ولكنها صاحت خلفي بهدوء مُقلِق: ستنكشف الأقنعة يوماً، وستُدركين صحّة حديثي.

يومها لم أهتمّ بما قالت، اعتبرته دجلاً وخُرافاتٍ كاذبة، لأكتشف فيما بعد، أنه من أصدقِ ماسمعت في حياتي.)))

chap-preview
Free preview
الفصل الأول والثاني
الفصل الأول . - في أحد الأحياء السكنية في مدينة كيبيك، عا**ة ولاية كيبيك الكندية، وقفت شادية ببطنها المنتفخ، تطالع الثلج الذي بدأ يتساقط منذ وقت قصير، فلم يغطي بعد شوارع الحي الضيّقة المليئة بالحصى، كأنها إحدى شوارع المدن الأوروبية في العصور الوسطى. كان الازدحامُ قليلٌ في هذا الوقت الباكر من النهار، تطلعت إلى زوجها النائم بضيق،والذي تعالى صوت شخيره لتعلم أنه قد حان موعد استيقاظه. سارت شادية بتثاقل،تمشي فوق الأرضية الخشبية لهذا المبنى عتيقُ الطراز، حتى وصلت إلى حافة السرير لتصيح بزوجها: هاني، هيا استيقظ. همهم هاني وهو يشيح بوجهه عنها بضيق، لتصيح بملل مجددا: هاني، هيا عزيزي حان وقت العمل. وأيضا لم تجد استجابةً منه، لتنحني بجسدها قليلا ،حملت الوسادة لتهوي بها على رأس زوجها عدة مرات وهي تصيح به: هيا أيها ال**ول، يجب أن تذهب إلى عملك. حاول هاني أن يبتعد بوجهه ض*بات زوجته وهو يصيح: حسنا،حسنا،لقد استيقظت!!!! توقفت عن ض*به وهي تلهث بخفة، رفعت حاجبها كعلامة انتصار لتقول له: حسنا والآن تحرك أيها ال**ول، لتذهب إلى عملك. تحركت خطوتين للأمام ،قبل أن تستدير مجددا لتراه عاد لغطّ في النوم، فصرخت به : هاني!!! انتفض هاني مجيبا: حسنا . ضيقت عينيها بغضب،ضغطت على شفتيها وهي تضع يديها على خصرها، لتسأله بهدوء خطر: هل ستنام مجددا عزيزي؟؟؟ هو يعرف جيداً تلك النبرة التي غالباً مايتبعها إعصارٌ كاسحْ، فانتفض جالساً ليواجهها قائلا بابتسامة بلهاء: أُسعدتِ صباحا حبيبتي . ابتسمت بانتصار فأجابت: صباح الخير حبيبي، هيا تحرّك إلى الحمام. .،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، انتهى هاني من ارتداء ملابسه الرسمية، فهو يعمل كمهندس تقني في شركة مرموقة، وقفت شادية تراقب الطريق أمامها، عندما خاطبها زوجها: انا ذاهب عزيزتي، هل تريدين شيئا أجلبه معي لأجلك؟؟؟ ردّت وهي شاردة في الطريق أمامها: لا عزيزي،فقط عُدْ إليّ سالماً. اقترب منها ليزرع قبلة أعلى رأسها، مشى عدة خطوات قبل أن تهتف خلفه : لا تنسى هاتفك على الطاولة عزيزي. استدار نحوها ليجدها موليةً إياه ظهرها، التفت إلى طاولة الطعام حيث كان جالسا، ليجد هاتفه بالفعل. عاد ليأخذه ،وقبل أن يصلْ حدثته وهي ماتزال على وضعها: ولاتنسى اوراقك أيضاً،ستجدها على الأريكة الصغيرة هناك. نظر حيث أشارت ليجد أوراقه بالفعل مسنودةً على الأريكة، استدار نحوها ليسألها باستغراب: وكيف عرفتي أنني سأنسى الهاتف والأوراق؟؟ ابتسمت وهي تستدير لتقا**ه: عزيزي،نحن متزوجان منذ ثلاث سنوات، احفظك وأحفظ تفاصيلك عن ظهر قلب. ابتسم لها وهو يقترب ليحتضنها، ثم قبلها على جبينها هامساً لها: حبيبتي!! فليحفظكِ الله لي، لاتتعبي نفسك في أعمال المنزل، ستصل راشيل بعد قليل. تبعته بعينيها دون أن تخبو ابتسامتها السعيدة حتى خرج من المنزل، ثم راقبته من النافذة حتى استقلّ سيارته . تلّمستْ بطنها بحنان، هي الآن حامل في شهرها الثامن، تعرضت لبعض المشاكل الصحيّة في بداية هذا الشهر،فمنعتها طبيبتها من الحركة الزائدة أو حمل أشياء ثقيلة، فقدّمت على إجازة أمومة بعد إلحاحٍ من قبل زوجها من المستشفى الذي تعملُ به، حيث كانت طبيبة نفسية، بل ومنعها أيضاً من الأعمال المنزلية، حيث أحضر لها عاملة منزلية تأتيها يومياً لتقوم بأعمال المنزل كافةً، وترحل عند حضور هاني من عمله. ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، حضرت راشيل المرأة ذات السبع وثلاثون ربيعا ، مُدبرةُ منزلِ شادية ،فتحت الباب بمفتاحها الخاص، دلفت إلى الداخل لتجدَ سيّدتها تقف بالقرب من النافذة، حيّتها بابتسامتها العطوفة: صباح الخير سيّدتي،كيف حالك اليوم؟؟ - أجابتها شادية وهي تبتسم برقة: انا بخير راشيل، شكراً لك. ثم استدارت من جديد نحو النافذة، لتكمل : إنه يومٌ جميل، أليس كذلك؟؟ خلعت راشيل معطفها الجلدي السّميك لتسنده في الخزانة المخصصه لهذا الغرض والمتواجدة خلف الباب، لتجيب وهي تلملم شعرها لتربطه برابطة موضوعه حول يدها: إنه يومٌ رائع سيّدتي، كانت تُثلِجُ في الصباح، أما الآن فقد توقفت والسماء مُلبدة بالغيوم، يبدو أنها على وشك أن تُمطْر. هزت شادية رأسها بالإيجاب، لاحظت من خلال النافذة سيارة شحن كبيرة، مليئة بالأثاث المنزلي قد توقفت أمام المنزل المُقابل لمنزل شادية، ثم ترجّل منها ثلاث شباب أقوياء،واصطفوا حول السيارة كأنهم بانتظار شخصٍ ما. عقدت شادية حاجبيها باستغراب لتسأل راشيل التي توجهت ناحية طاولة الطعام لتحمل الصحون نحو المطبخ : هل اشترى أحدٌ ما منزل السيدة ويلسون؟؟ استدارت راشيل نحوها مجددا وهي تقول: أتقصدين السيّدة العجوز التي ماتت العام الماضي ؟؟ نعم ،لقد سمعتُ أن ابنها قد باع المنزل منذ أسبوع. هزت رأسها بتفهّم وهي ماتزال تُراقب المنزل المقصود، ثم لاحظت سيارة سوداء رباعية الدّفع قد توقفت خلف سيارة الشحن،ترجلت منها شابةٌ ما تبدو في منتصف العشرين من عمرها، تقدمت تلك الشابة لتفتح باب المنزل ، فبدأ الرجال يُفرِغون السيارة من أحمالها،ليدخولها إلى المنزل. زمّت شادية فمها بتفكير لتحسم أمرها فوراً، ستذهب لتتعرف على تلك الجارة الجديدة، لذا توجهت نحو ذات الخزانة التي تقبع خلف الباب، تناولت منها معطفاً صوفيّاً ،وبدأت بارتدائه وهي تخاطب راشيل: راشيل، انا ذاهبة لأُلقي التحية على جارتي الجديدة. استغربت راشيل ماقالت، وقبل أن تسألها عن أي جارةٍ تتحدث، كانت شادية تنزل الدرجات الخشبية للمنزل بتمهّلٍ شديد، بعد أن ارتدت وشاحاٌ ثقيلاً لفّتهُ حول عُنقها، وصندلاً خفيفاً تواجد في الرفّ السفلي من الخزانة، وأغلقت الباب خلفها. توجهت شادية لتقطّع الطريق بحذر، كانت تمشي الهوينى نظراً لكبر بطنها ، قرّبت طرفي المعطف إلى جسدها لتحصل على بعض الدفء،فقد كان نسيم الهواء في المنطقة باردٌ جداً، تقدمت بهدوء من تلك الشابة، تأملتها من الخلف قليلاً،لاتدري لمَ أنبأها حدسها بأن هذه الفتاة عربية، لذا صاحت بهدوء من خلفها باللغة العربية: مرحباً. لتنطق تلك الفتاة دون أن تنتبه لنفسها: أهلا. رفعت الفتاة رأسها فجأة، ثم استدارت نحو شادية وقد بدت عليها علامات الارتباك، كأنها نطقت باللغة العربية سهواً ، ازدردت ريقها بارتباك، لكنه زال عندما هتفت شادية بحماس وهي تُصفق بيديها كالأطفال: أخيرا!! شخصٌ يتكلم العربية في هذا الحيِّ الكئيب!!! ياألهي شكراً لك،لقد استجبت لدُعائي. ابتسمت الفتاة الأخرى باقتضاب، تأملت شادية ملامحها الجميلة، كانت ذات عيون خضراء واسعة، وشعرٍ **تنائي ناعم يصل إلى حدود كتفيها ،تخلّلته عدة خصلات بنية، وبشرةٍ قمحيّة ناعمة ،وجهه رقيق ناعم الملامح، كانت آيةً في الجمال، لكنها لمحت حزناً دفيناً في أعماق عيّنيها الخضروان وابتسامتها الرقيقة،. لكنها في الوقت ذاته شعرت أن تلك الفتاة مألوفةً بالنسبة لها، بل وتكاد تجزم أنها تعرفها،إلا أنها لم تتذكر أين رأتها؟؟؟ أجلت شادية صوتها بحرج، بعد أن انتبهت لنفسها، لتمُدّ يدها نحو جارتها الجديدة تعرّف عن نفسها بلباقة: شادية عزيز، اسكن في المنزل المقابل. نظرت الفتاة إلى يدها الممدودة،لتمدّ يدها وتهتف بابتسامة مُقتضبه: ليلى، ليلى ماهر. لمْ يُذكرها هذا الاسم بشئ، لكنها لم تستطع التغافل عن ذلك الوجه الملائكي، إنها تعرفها حتما . انتهى الرجال من نقل الأثاث إلى الداخل، ثم خرجوا جميعهم، وقف أحدهم خلف ليلى ليتكلم معها بالإنكليزية: لقد انتهينا سيدتي، هل تريدين منا أمر آخر؟؟؟ قابلته ليلى بجسدها، لتجيبه: لا أشكرك، لقد تمّ دفع أتعابكم للمكتب ، يمكنكم الانصراف. استأذن الرجل بعد أن شكرها، ليتوجه إلى بقية أصدقائه، ثم رحلوا بسيارتهم الكبيرة. استدارت ليلى من جديد ناحية جارتها،لتجدها ماتزال تقفُ مكانها، تحّرجت بداية لذا سألتها بتردد: هل، هل تودين الدخول ؟؟؟ ابتسمت شادية باتساع، أماءت برأسها موافقة فابتسمت الأخرى باقتضاب، تحركت لتدخل إلى المنزل قبلها،ثم تبعتها شادية،كان المنزل في حالة فوضى، نظراً للصناديق المتناثرة هنا وهناك، وضع الرجال الأرائك القليلة بإهمال ، مشت شادية بحذر تتلمس خطواتها، حتى جلست على أريكةٍ متطرفة ،بينما هتفت ليلى خلفها: سأحضر الشاي. أشارت لها شادية برأسها ،فاستدارت ليلى متجهةً نحو المطبخ الصغير ، تبحث بين أغراضها القليلة عن الأدوات ، فينا بقيت الأخرى مكانها تطالع المكان حولها، لفت انتباهها صندوق من الكرتون ،ملئ بالأوراق المخروزة ببعضها، قرأت من خلال الشقّ الصغير في فتحه الصندوق كلمةَ أشلاء. جذبت هذه الكلمة نظرها، مدّت يدها بحذر نحو الصندوق لتخرج الأوراق السّميكة منه، فتحت الصفحة الأولى لتقرأ فيه كلماتٍ جميلة بما يُشبه المُقدمة لروايةٍ ما. ((( لمْ أكنْ يوماً هكذا، كنت تلك الفتاة المُدللة، أوامري مُطاعة، أطلبُ فيُنفذ ولا رادّ لطلبي ، كنتُ دوماً أميرةً، أما الآن فأنا بائسةٌ يائسة، لا أرى لحياتي شكلاً ولا لوناً ولا حتى نكهة. في يومٍ من ذات الأيام كنت أمشي و وصديقاتي في الشوارع المزدحمة، نلهو ونمرح، صادفتُ عرّافةً في إحدى الزوايا، كانت قابعةً هناك بردائها الأ**د والذي كان يغطيها من رأسها إلى أخمص قدميها، ورغم عدم إيماني بكلام العرّافات،لكن دفعني فضولي لأقترب منها ، سألتها أن تقرأ طالعي، رمقتني بنظرة غامضة أرعبتني، ثمّ أخفضت نظرها للأسفل، مدّت خرقةً سوداء منقوشة بنقوشٍ غريبة، نشرت صدفاتها غريبة الشكل فوق الخرقة، لتنطق بعد ثوان: أنتي مُحاطةٌ بالمُخادعين. نظرت إليها باستغراب شديد، فتابعت وهي تُحدّق في عمق عيناي: والداكِ آثمان، وحياتكِ مُجردُ كِذبة. ابتسمت لأجيبها بسخرية: لا، لاصِحة لما تقولين، فأنا يتيمة!!!؟. ثمّ نهضت لإبتعد عنها مع صديقاتي، ولكنها صاحت خلفي بهدوء مُقلِق: ستنكشف الأقنعة يوماً، وستُدركين صحّة حديثي. يومها لم أهتمّ بما قالت، اعتبرته دجلاً وخُرافاتٍ كاذبة، لأكتشف فيما بعد، أنه من أصدقِ ماسمعت في حياتي.))) في تلك اللحظة سمعت صوت ت**ر زجاج، رفعت رأسها لترى ليلى تُطالعها بارتعابٍ بنظرات مزجت بين الخوف والقلق. ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، (( الفصل الثاني )) شاب في بداية عقده الثالث ،طويل القامة عريض المنكبين، ذو بشرة برونزية وعيون سوداء مظلمة، وشاربٌ خفيف وذقن مشذبة ،كانت ملامحه جذابة، لكنك لاتستطيع أن تغفل ذلك الامتزاج العجيب لملامحه التي جمعت مابين القسوة والحزن . وقف على شرفة منزله، المُطلّ على البحر بنظرات شاردة، سوداوتاه تتأملان أمواج البحر المتلاحقه،والتي بدت كأنها في سباق لض*ب صخور الشاطئ كأنما تنتقم منها، شاردٌ في الأفق البعيد وخصلات شعره الأ**د الحريرية تتطاير بخفة مع نسيم الهواء العليل. كانت والدته التي وصلت لتوّها تراقبه ، رغم أنها ليست والدته البيولوجية لكنها يوماً لم تشعر نحوه إلا بعاطفة الأمومة، تن*دت السيدة زينب بحزن ثم تقدمت نحوه بحذر، وضعت يدها على كتفه متحدّثةً بصوت حنون: كيف حالك عزيزي براء؟؟؟ تحدّث مجيباً إياها بصوت رجولي طاغي كأنه شعر بمراقبتها له: - أنا بخير والدتي، كيف حالك وحال أبي؟ استدار ليقا**ها ،رفع يدها عن كتفه ليزرع قبلة طاعة على ظهرها، ابتسمت له بحب ومسحت بيدها على صدغه، تمتمت بصوت خفيض: انا بخير عزيزي. ثم تابعت بنبرة تحمل اللوم: لكنّ والدك مشتاقٌ لكَ ، ألن تأتي لتراه؟ أغمض عيناه وزفر بضيق وهو يتجه نحو الطاولة الخشبية المسنودة على الشرفة، جلس على الكرسي وهو يمسح وجهه بيديه، تابعته زينب بعينيها بإشفاق، سمعته يهمس لها: هل أرسلك لتتحدثي معي في ذات الأمر مجددا؟ اتجهت لتجلس على الكرسي المقابل وهي تجيب: لا عزيزي، لم يرسلني أحد، أنا أتيت من تلقاء نفسي لأرى ولدي . لم يعلق بحرف، بل اكتفى بإسناد يديه على ركبتيه،ثم دفن وجهه في راحتيه وهو ينفخ بسأمٍ، بدت حذرةً وهي تسأله بجدية: متى ستعود براء؟؟؟ انتفض من مكانه واقفاً وهو يُدير ظهره لها، لتتابع بهدوء : هذه العصبية لن تنفعك براء، إن لم تتكلم مع أحدٍ عمّا في داخلك سوف ..... - سوف ماذا ها؟؟؟ هل سأُجنْ ؟؟ قاطعها صارخاً ليكمل: هل ترينني مريضاً أمي؟ حاولت امتصاص غضبه لتجيبه بهدوء : أنت تعرف رأيي جيدا في هذا الأمر براء. نفخ من جديد موُليّاً إياها ظهره، وملامحه ملؤها الان**ار ، تابعت حديثها بهدوء: أنت لستَ مريضاً عزيزي، أنت فقط مُتعب، تحتاج لشخص ما لتتحدث معه. هز رأسه للجانبين نافياً : لا أمي، لاتتعبي نفسك، لن أجلس أمامك **ائر مرضاكِ لأروي لكِ حكايتي التي تعرفينها أصلاً. نفخت بتعب ثم اردفت: حسناً، كما تريد . ارتخت تعابيرها وهي تضيف: لكنك يجب أن تتحدث مع احدٍ آخر. نظر إليها باستفهام، لتبتسم قائلة: لقد وصل جواد منذ يوم أمس ،ألا ترغبُ برؤيته؟؟ ابتسم بخفة وهو يمسح وجهه بيديه قائلاً: هل عاد شقيقي ؟ وهل مازال غ*يّاً؟؟ اتسعت ابتسامتها سائلةً باستنكار طفيف: أكان غ*ياً؟؟ جلس على مقعده مجيباً بلا مبالاة: حقيقةً كان أ**قاً أكثر منه غ*ياً. قهقهت بخفة وهي تجيبه: لا عزيزي،ليتك تراه الآن، لقد أصبح شاباً وسيماً، وكما يصف نفسه قاهر قلوب النساء الفرنسيّات. قهقه كلاهما على ماوصف به جواد نفسه، لتسأله مجددا : متى ستعود لتراه؟؟ شرد قليلا قبل أن يجيبها باقتضاب: قريباً،أعدك. ضغطت على شفتيها بخفه، ثم وقفت وهي تعلق حقيبتها على كتفها لتقول له: حسنا عزيزي كما تشاء. وقف مقابلاً لها يسألها باستغراب: هل ستذهبين أمي؟ اقتربت منه لتقبله من خده ،ثم قالت بنبرة هادئة: نعم عزيزي ،يجب أن أذهب لأحضر الطعام لأبيك. ثم أضافت بمرح طفيف: فأنت تعلم أنه لايستسيغ الطعام إلا من يدي. ابتسم لها ،ثم سار معها وهو يضع يده خلف ظهرها : ولكن لا يصح أمي، لم تشربي شيئاً بعدْ!! فتحت الباب الخارجي لتقا**ه قائلة،: لا عزيزي لا داعي. رفعت يدها تضعها على صدغه وهي تتمتم: أراك لاحقاً عزيزي. ابتسم لتظهر غمازتيه وهو يقبل باطن يدها ،ثم خرجت من المنزل،لتستقر في السيارة وتقودها متجهةً إلى منزلها المستقلّ،تاركةً أبن زوجها في بحر الحيرة والاشتياق تتقاذفه أمواجه يمنةً ويسرة ،ليرتطم بصخرة الواقع الحالك. ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، بلعت شادية ريقها بارتباك عندما رأت تلك النظرات الخائفة في عينيّ ليلى، حاولت أن تبرر فعلتها فتمتمت بتوتر: أنا آسفة ، لقد لمحتُ الأوراق ملقاةً هنا فدفعني فضولي لأن أقرأها. ارتجف جسد ليلى ثم وضعت الصينية ومحتوياتها على طاولة صغيرة قربها ، اقتربت باندفاع نحو شادية ثم جذبت الأوراق من يديها بخشونة، ضمت الأوراق إلى ص*رها وهي تنظر بهلع نحو شادية التي وقفت لتقا**ها باستغراب، فتمتمت بثبات وابتسامة معتذرة: اكرر آسفي مرة آخرى، لم أقصد التطفل. ازدردت ريقها وهي تشيح بوجهها عنها لتقول بصوت مرتجف: لا ،لاتعتذري،لكنها خربشات سخيفة لاتهتمي لها. طالعتها شادية باستغراب عظيم، فقالت مستنكرة:خربشات؟؟؟إنها من أفضل ما قرأت يوماً. ثم سكتت لثانية اردفت بعدها بابتسامة طفيفة: حقيقةً هذا الأسلوب في الوصف والسرد يُذكرني بكاتبتي المفضلة. سكتت فجأة واتسعت عيناها ، ظلت تطالع ظهر ليلى بصدمة، ثم التفّت حولها حتى أصبحت تقف قبالتها وتفحصت وجهها بعينيها، تحت نظرات ليلى المستغربة، فسألتها وهي عاقدةٌ جبينها: مابك ْ؟ لماذا تنظرين إليّ بهذه الطريقة؟؟؟ همست شادية : إنها أنتي، أليس كذلك؟؟؟ لم تفهم ليلى مقصدها، فتابعت شادية بشهقة خفيفة وهي تضعُ يدها على فمها: نعم إنها أنتي، ياألهي!!!!! ارتبكت ليلى لتسألها: ماذا تقصدين؟؟ رمشت شادية بعينيها عدة مرات، همست بخفوت: أنتِ بتلة الياسمين.؟؟!! ازدردت ريقها بارتباك وهي تسير مبتعدةً عنها، لكن شادية لم تسمح لها، فأمسكتها من ذراعها لتوقفها مكانها،وسألتها مجدد بإصرار عنيد : أنتي هي بتلة الياسمين ،أليس كذلك؟؟ بهتت ملامحها وهي تتن*د بحزن، سألتها بقلة حيلة: كيف عرف*ني إن لم يرني إلا القلّة القليلة جدا؟؟ ابتسمت شادية بانتصار لتقول : إحدى معجباتك كانت رسّامةً ماهرة، وقد رسمت لوحة مُقاربة لملامح وجهك بشكلٍ كبير بعدما رآتكِ مُصادفةً في دار النشر وأخبرها أحدهم عن هويتك ، وقامت بنشرها على أحد مواقع التواصل الإجتماعي. ابتسمت بحزن ،ثم جلست على الأريكة خلفها وهي تتمتم: حسناً،لم أفكر يوما باحتمالية حدوث هذا. جلست شادية بجانبها وهي تقول بحماس: ياألهي، لاتعلمين كم انا سعيدة لأنني التقيتك اخيراً. ثم عقدت حاجبيها وهي تسأل باهتمام: ولكن لمَ تخفين هويّتكِ الحقيقيّة عن معجبيكِ؟؟ أعني ما سرُّ هذا الغموض والاختفاء خلف أسماءٍ وهميّة؟؟ ابتسمت بتوتر لتجيب بتلعثم وهي ترفع كتفيها بقلّة حيلة: لا أعلم، أنا فقط لا أحبّ الأضواء والشهرة، ثمّ لاتبالغي لستُ بتلك الشهرة التي تتحدثين عنها. رفعت شادية حاجبيها باندهاش،لتردف بنبرة استنكار : لستِ بتلك الشهرة؟؟؟ عزيزتي هل تعلمين كم نسخة تمّ بيعها من روايتك الأخيرة دفءْ؟؟؟ نظرت لها ليلى بتساؤل لتجيب شادية بانفعال طفيف : مليون نسخة خلال شهرين!!! وتخبرينني أنك لستِ مشهورة!!؟ تن*دت ليلى بتعب، بينما اتّسعت ابتسامة شادية وهي تسأل: وهل هذه الرواية الجديدة؟؟؟ ارتبكت ليلى من جديد ،أحكمت قبضتها على الأوراق وهي تتمتم: لا، ليست برواية، إنها فقط كلماتٌ سخيفة اصطّفت على ورقٍ سيُرمى قريباً. ثم تطلعت إلى شادية لتقول بتردد: هل ،هل تودين قراءتها؟؟ - أجابت شادية بلهفة : هل أستطيع؟؟ رفعت ليلى كتفيها لتجيب بلا اكتراث: طبعا يمكنك، كما أخبرتك هذه ليست للنشر. تناولت شادية الأوراق منها بلهفة، لتسألها ليلى بابتسامة مقتضبة : لم تخبريني عنك ِ، من أي بلدٍ أنتِ؟؟ وكم مضى على حملكِ؟؟ ابتسمت شادية باتساع وهي تمسح على بطنها بحنان: انا من لبنان، وقد أتيت إلى هنا بعد زواجي منذ ثلاث سنوات، كنت أعمل كطبيبة نفسية في مستشفىً قريب، حتى أخذت إجازة أمومة منذ أن دخلتُ في الشهر الثامن من الحمل، أي منذ عشرين يوماً تقريباً. هزت ليلى رأسها بتفهم ولم تعقب ،ولمْ يخفى على شادية وذكائها ذلك الحزن الدفين في أعماق غاباتها الزيتونيّة، وعلمت من تعلّقها الشديد بالأوراق أن إجابتها ستجدها فيها ، لذا عمِدَت وبحنكتها المعهودة في دفع مرضاها للحديث إلى تقصّي ماضي هذه الرقيقة القابعة امامها، خطرت في ذهنها فكرة جميلة فمدّت يدها التي تحمل الأوراق نحو ليلى لتقول بها بنبرة شبه آمرة: هلّا قرأتها لي؟؟ عقدت ليلى حاجبيها بعدم فهم، لتسألها بعفوية: ألا تعرفين العربيّة؟؟ قهقهت شادية بخفة لتقول : لا عزيزتي بالطبع أُجيد القراءة باللغة العربيّة، ولكنني أُفضّل أن تقرأيها لي. ثم أضافت بحذر: إن لم يكن لد*كِ مانعٌ بالطبع. ترددت ليلى في البداية فتسائلت مجددا: إذاً لمَ تريدين مني أن أقرأها لكِ؟ ابتسمت شادية وهي تجيبها بتودد: لأني أريد لابنتي أن تسمعها معي. ابتسمت ليلى بارتباك طفيف، لتسألها: أهي فتاة؟ أشارت لها شادية بالإيجاب، فمدّت يدها لتتناول منها الأوراق بترددّ، ثمّ تنحنحت لتقول بتوتر بائن : إنها تجربة فاشلة، وقد كتبتُها على ل**نِ البطلة، أي أنها ليست حكايتي أنا. هزّت شادية رأسها بتفهم، وهي تتفرس في ملامح ليلى، إنها رقيقة جميلة، لكّنها تحمل في عينيها الكثير من الألم. وضعت ليلى الأوراق في حجرها، وضعت كلتا يديها فوق الأوراق كأنها تخشى أن تفتحهن، ازدردت ريقها بوجل، بللت شفتيها ، ثم أخذت نفسا عميقا زفرته على مهلٍ ،كانت كمن سيقرأ حكم إعدامها ، لاحظت شادية كل هذا لتقتنع داخلها أن الرواية الكامنه تحت يديها،ماهي إلا حكاية تلك الأميرة. لاحظت ليلى أنها أخذت وقتاً اكثر من اللازم،فخشيت أن تشكّ بها شادية، فابتسمت لتقول بتلعثم: حسناً سأقرأها الآن،. ثم أضافت بسرعة: ولكن كما قلت لكِ،هي ليست حكايتي. ابتسمت شادية بتشجيع، أغمضت ليلى عينيها،لتقلب الصفحة الاولى، ثمّ بدأت بقراءة أولى فصول الحكاية. ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، # أشلاء . # علي اليوسفي.

editor-pick
Dreame-Editor's pick

bc

صراع على طاولة الشيطان

read
1K
bc

الأسد ( الجزء الثاني من سلسلة سطوة الرجال )

read
1K
bc

احببتها صعيدية

read
1K
bc

حب رجل من المافيا

read
1K
bc

حرب عصابات

read
1K
bc

بريئات بين براثن الوحوش

read
1K
bc

قتل الحب

read
1K

Scan code to download app

download_iosApp Store
google icon
Google Play
Facebook