أباءنا الأعزاء شكرا

جلست أمامه على فراشها تصارع الموت و قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة نظرت له بوجه مصفر و كأنها تستعطف قلبه و الحقيقة أن هو الذي يستعطف قلبها كي ترحمه من ما بداخله من ألام لا يستطيع تحملها يحمل بين طياته معاناة شديدة منذ ولد تقريبا و هو يشعر بألم لا يحتمله بشر تذكر كل ما مر به منذ طفولته و حداثة عهده بالحياة ، ناولها الماء لتشرب و ربت على كتفها يتأملها منتظرا و لو كلمة واحدة تطيب خاطره لكنها لم تفعل تتعامل أن كل ما يفعله من أجلها حق مكتسب لا يملك سوى أن يفعله سألته بصوت مبحوح - أين اخوك يا سعيد ؟ - ذهبت له و ترجيته أن يأتي فرفض - رفض أن يرى أمه قبل أن تموت و لا يراها مرة أخرى - في قلبه أثار لما فعلته به أنت و أبي رحمه الله - و ماذا فعلنا به أكل هذا من أجل هذه الفتاة الماجنة التي منعناه أن يتزوجها - حرام يا امي أن نتحدث عنها في غيابها على أية حال لقد تزوجت - لو كانت تحبه حقيقة ما تركته و تزوجت - لقد تزوجت لأن أبيها و امها مثلكم أنتي و أبي لم يتركوا لها حرية الاختيار كما فعلتم انتم - ماذا تقول أيها الولد ؟ - أسمعي يا أمي سأقول لكي كلاما أريدك أن تلقي الله بعد ما تسمعيه و تعيه جيدا - ما هذه الطريقة التي تحدثني بها يا ولد - هذه هي الطريقة التي تستحقينها منذ زمن ، اسمعيني لمرة واحدة فقط و بعدها صبي جم غضبك عليا أفعلي بي ما شئت - سأسمعك قل ما شئت - منذ ولادة أخي الذي من المفترض أنه اقرب الناس الى قلبي بعدك أنتي و أبي تحولت حياتي الى جحيم ب*ع لا يحتمله مخلوق ، هو اجمل شكلا في رأي الجميع هذا أمر لا يضايقني ما كان يذ*حني هو رأيكم انتم أيضا مقارنتكم الدائمة بيني و بينه حبكم المفرط له و تعظيمكم لشأنه و تحقيركم لشأني بسبب و بدون سبب - نحن نحبك يا ابني - أنتي بالذات لا تقولي ابني أن أبي يحبك و يرى كل شيء بعينيك أنت لا بعينه هو رأى قلبك مع سعد فاتجه قلبه أيضا إلى سعد حتى سعد ركبه الغرور و أصبح يعاملني و كأني أقل منه فالجميع يعلق على كل أفعاله تعليقات ايجابيه فهو الاجمل شكلا و الأخف روحا و الأذكى و الأجرأ هو الأهم أما أنا لا شيء لا أعني لكم شيء - لا تقل ذلك يا بني - لمجرد أن حرمتموه من فتاة احبها كرهكم و ترككم تماما و مع ذلك لم تنسوه للحظة لم أرى في عيونكم و لو نظرة حب واحدة من نظرات الحب التي رأيتها في عيونكم له لا أدري ماذا فعلت ما هي جريمتي. ؟ ! حقيقة لا اعرف عشت طوال حياتي أسأل نفسي هذا السؤال فلم أجد له أجابه كنت انتظر منكم أن تقوى نقاط ضعفي لا تبرزوها و تلقوا الضوء عليها كل أفراد عائلاتكم يرددون كلامكم سعد أوسم من سعيد سعد أخف ظلا من سعيد سعد سعد سعد حتى كره سعيد نفسه و حياته بكت بحرارة قائلة - لم أكن أعلم يا بني أن هذه الكلمات تؤثر فيك الى هذه الدرجة - لأنك تريني صنما أما سعد فهو حساس لا يحتمل كلمة بسيطة تجرحه لقد ترككم سعد لمجرد أنكم حرمتموه من فتاة أحبها ما بالك من حرمتموه من الحياة بأسرها لقد دمرتم كل صلاتي بكم دمرت علاقتي بأبي و علاقتي بأخي و تركتني وحيدا ليس لي أهل و لا حتى جرأت أن يكون لي أصحاب تذكري فقط أنك حين كنتي على فراش الموت كان سعيد هو من بجوارك و سعد لم يكلف خاطره أن يلقي عليك النظرة الأخيرة تذكري أن سعيد و أبنائه هم من خدموك أنت و أبي و لم تجدوا سعد حبيب القلب بجواركم في هذه اللحظات وجدها ملقاة على الفراش لم تنبس بحرف هز جسدها فوجدها ميته صرخ بمرارة أمي أمي سامحيني أمي أيقظت سعاد زوجها و هو يصرخ أثناء نومه ففزعها من نومها هزت جسده لتوقظه - سعيد سعيد - أه يا ساتر - ماذا أصابك يا سعيد. ؟ لقد استفقت من نومي على صراخك - كابوس فظيع - أهو نفس الكابوس الذي تحلم به كل فترة - بل أسوأ لقد حلمت أن أبي مات و تبعته أمي - هذا معناه أن عمرهم طويل - أن شاء الله أذا حدث لهم مكروه سأموت - كلنا سنموت يا سعيد لماذا تفكر بهذه الطريقة ؟ - لو قلت لك انك المخلوق الوحيد الذي أحبني بصدق لذاتي فقط ليس لأي اسباب أخرى هل تتركيني يوما ؟ - كيف أحبك بصدق و أتركك يا سعيد ؟ أتقول الكلام و ع**ه - حين نصارح انسان أنه اغلى ما في حياتنا هل هذا يجعله يتورع أن يتركنا أو يكون سبب أن يتركنا ؟ - ماذا أصابك يا سعيد ؟ يا حبيبي انا زوجتك أم أولادك ليست العلاقة بيننا كما كنا في أول عهد حبنا - سبب تمسكك بي الان هو الأولاد - ماذا تقول يا سعيد ؟ هذا السؤال تسأله منذ أن اعترفت لي بحبك و اعترفت لك بحبي لك أيضا و لم أتركك و لن أتركك - أنا أحبك أكثر من أي مخلوق حتى أبنائنا أتعرفين لماذا - لماذا ؟ - لأن أبنائي يحبوني لأني أبوهم لم يختاروني أما أنتي اخترتني بمحض أرادتك لم تفرضني عليك الظروف - أتعرف يا سعيد أنك المخلوق الوحيد الذي أحبني بصدق و اختارني بكامل أرادته - شعورك نحوي يشبه شعوري أذن - كل منا يشبه الأخر يا سعيد و هذا هو ما جمعنا - ربي يديمك في حياتي لا تبعدين عني ابدا لقد عوضني الله بك يا أحلى النساء بعيوني - و يديمك أيضا فلتنم و تهدأ الأن كي تستطيع أن تستيقظ لعملك مبكرا - أخشى الكوابيس مرة أخرى - تعالى نام بين أحضاني كي تطمئن - يا ليت لا ارتاح الا بين أحضانك يا حبيبة عمري نام سعيد هانئا بين احضان زوجته لمدة ثلاث ساعات هي الفترة المتبقية حتى طلوع الصباح أيقظته زوجته برفق فتح عينيه على قبلة طبعتها على خده ابتسم و عينيه ترنو لها بحنان قالت بصوت أنثوي ناعم - هيا استفيق لتذهب لعملك - افكر أن اتصل بالعمل للحصول على إجازة عارضة - ماذا بك يا سعيد ؟ - ماذا بي ؟ أكل هذا لأني أريد أن اقضي يومي معكم - أقضي معنا يوم الإجازة الأسبوعية هيا أنهض إلى عملك بلا **ل نهض من السرير على مضض و هو يحاول أن يستجمع قواه و يستعيد نشاطه ذهبت هي لتحضير الأفطار و أيقظت الاطفال ليذهبوا للمدرسة أيضا و أثناء ارتدائهم لملابسهم كانت هي قد انتهت من إعداد الإفطار و ال**ندويتشات و جلسوا جميعا على السفرة لتناول الطعام سريعا لضيق الوقت و حين فرغوا من تناول طعامهم خرج سعيد و هو يصطحب أولاده ليوصلهم للمدرسة قبل أن يذهب إلى عمله ، يقطن سعيد بالطابق العلوي لمنزل والديه فالمنزل مكون من ثلاث طوابق يقطن والديه في الطابق الأول أما الطابق الثاني فهو فارغ تماما في انتظار سعد ليسكنه ، هذه هي أوامر والديهم . -