المقدمة والفصل الأول

3027 Words
اهداء إلى كل قلب فقد بصيرته أو كاد ، إلى كل عقل ضل طريقه او أوشك ، إلى كل من أضاع طريقه وأهلكه ضياعه ..كان هناك خيار آخر لكن عقلكم رفضه إما خوفاً أو جهلا أو تكبرا .. لذا حكمتم على انفسكم بالظلام والضياع فلا تلومن إلا أنفسكم . __________ المقدمة حلمت أمانى ككل فتاة بالثوب الأبيض والزفاف ثم الحياة الزاخرة بالسعادة .أحلاما وردية روادت قلبها الصغير مع اقتحامه عنوة من فارس أحلامها الذى منذ حسن الحظ من نفس المدينة ويعيش بالقرب لذا يسر وصولهما.. أخبرها بحبه وقبلت به فقد كان فارس أحلام اغلب فتيات قريتها وحظت هى به. اختارها من بين الجميع لتكتب السعادة أول فصولها بحياتها. وحلمت بالمزيد من الأمانى برفقة هذا الشاب الذى تحسدها عليه كل الفتيات . لكن ليست كل الأمانى تتحقق احيانا يتحول حلم حياتك لأسوأ كوابيسك . وكان هذا مصيرها حين تعجلت وحسام السعادة ، التى لم تكن حقا كاملا بعد . وثقت به وهو أهلا للثقة ؛ لكن نسى كليهما أن الوثوق بالزمن وتقلباته حماقة قد تؤدى للهلاك . فما من شيء مؤكد حدوثه مهما أحسنا التدبير له فهناك قدريات لن تتغير ولا تتوافق مع الأحلام التى دبرنا لتحقيقها . الفصل الأول جلست أمانى مستسلمة بسعادة لخبيرة التجميل التى تعمل على زينتها منذ ساعات خلت . اليوم ليس مميزا فقط ؛ بل اليوم اسعد أيامها على الإطلاق فاليوم ستزف إلى حبيبها وشق روحها الذى تنتظر يوم اجتماعهما بصبر مهلك . نظرت تلك الفتاة لعملها بسعادة فقد أوشكت على إنهاء زينة أمانى ولإحقاق الحق عليها أن تعترف أن جمال الفتاة سهل الأمر عليها الأمر كثيراً كما أن تلك السعادة تزين محياها بالمزيد من الاشراق لذا فكل منهما راضية عن النتيجة . دقائق وطلبت منها ارتداء فستانها الأبيض ، ذلك الفستان الذى احتاجت لعدة أيام لاختياره ولم لا وهى سترتديه فى اهم أيامها على الإطلاق اليوم الذى ستشارك فيه حبيبها حياته كاملة وتكن جزءًا منها . خرجت أمانى من غرفة الملابس ترفع أطراف ثوبها لينظر لها فتيات العائلة اللائى يصحبنها وتبدأ نظرات الإعجاب والغيرة تحيطها من كل جانب . استحسنت خبيرة التجميل روعة الفستان لتتقدم أمانى وتجلس بذات المقعد مجددا لتنهى زينتها ففى خلال ساعتين سيكون حسام هنا ليصحبها إلى زفافهما الذى يحلمان به . عاد حسام للمنزل ركضا ليقابله أخيه حازم الذى يشعر بالضجر لكل هذه الحماسة التى يبديها حسام فيستوقفه بتأفف _ بالراحة يا بنى ماكانش فرح اللى هيجريك بالشكل ده، بكرة تجرى بردو وهبقى افكرك علت ابتسامته الساخرة ملامحه ليبتسم حسام بسعادة _ هو اى فرح يا حازم، ده فرحى وفرحتى، خلاص اخيرا يا حازم هاخد أمانى.احلام عمرى كلها هتتحقق. وانت تقولى ماكانش فرح ،ده فرح اخوك ما تفرح يا عم . لم تهتز سخرية حازم بل اتسعت ابتسامته الساخرة _طب بس ماتستعجلش كل حاجة بتخلص وخصوصاً الجواز ، كام يوم وكل اللهفة دى هتتبخر وترجع تقول ياريت اللى جرى ما كان . ارتقى حسام الدرج متجاوزا أخيه الأكبر فهو يعلم أنه مهما تحدث لن يغير حازم نظرته للنساء ، احيانا يلتمس له عذرا واحيانا أخرى يراه مقيدا نفسه بأغلال الماضى الذى يقبع فيه وحده بينما تجاوزه الجميع . لوح حسام لأخيه _ماشى يا اخويا هنشوف حكاية عقدك النفسية دى بعدين النهاردة القمر مستنينى ومايصحش أتأخر على القمر ولا إيه! . هز حازم رأسه متماديا فى تهكمه وهبط الدرج متجها للخارج هربا من تلك الحماسة التى ترهقه كليا سواء من والديه أو من شقيقه الذى يثق أنه سيزهد كل هذا قريباً كما حال الرجال فى كل الأحوال. اقتحم حسام شقة والديه بحماس صارخا _ أنا جعاااان يا بشر، امى فين تأكلنى لآخر مرة هبقى عملة نادرة بعد كده خرجت أمه من المطبخ تنهره _ اسكت يا اعبط خلق الله انت. انا هفضل اكلك طول عمرك يا غبى ولا فاكر مراتك هتاخد مكانى خلاص وتستغنى عنى . ضحك حسام مقبلا رأسها _ههههه يا ست الكل انت الخير والبركة.اكلينى وقت ما انت عاوزة واكلى مراتى معايا، بس الحقينى دلوقتى احسن همووووت . عادت للمطبخ تضرب كفيها ببعضهما بيأس من جنون ولدها الصغير وقلبها يدعو له بسعادة متدفقة مع الفتاة التي تعلم جيداً كم يعشقها ! دقائق وعادت لتجده يجلس للطاولة وما إن طالعه محياها حتى فرك كفيه بحماس _ اخيرا النجدة وصلت ..الحقينى يا حاجة نهرته ضاحكة لنشاطه وحماسه الشديد _يا واد اسكت شوية اللى يسمعك يقول مجوعينك ولا إيه! _ لا انا بجوع لوحدى بس أكلونى انا عريس يا جدعان عاوز اتغذا وضعت أمامه الطعام ليشرع فى تناوله بشره وشهية كبيرة ارتاحت لهما تماماً هى تشا**ه دائماً بأمر الطعام وبكل أمر يخصه. ترى التعامل مع حسام وانطلاق ضحكاته ومرحه دائما افضل كثيرا من التعامل مع حازم المتجهم دائماً والناقم على الحياة. رغم أن حسام هو الأصغر سناً لكن ها هو سيبدأ حياته بينما أخيه الأكبر يقف أمام حدث انتهى منذ سنوات رافضاً بشدة متابعة حياته مكتفياً بدعم أخيه . جلست سوسن تطالعه بحب فهذا هو صغيرها الذى يتزوج اليوم ليهنأ قلبه القلق بقرب سيصبح حقا كاملا له تعلم أن أمانى تبادله شغفه وإن لم تعلن عن ذلك. فالحياة فى القرية تضع حدودا صارمة لكل العلاقات. خاصة تلك المتعلقة بالزواج وما قبله. لا يمكن لفتاة أن تعبر عن شغفها بأحد الشباب ولذا لا يمكن لها أن تفعل لكنها ترى هذا الشغف بعينيها وهذا الشغف سيشبع شغف صغيرها حتما ويمنحه السعادة التى ترجوها له. ظلت طيلة تناوله طعامه تبتسم وعينيها معلقة بوجهه المبتسم . دقائق ونفض يديه من الطعام ليهب واقفا بنفس الحماس _ ماما معلش تممى لى على البدلة على ما اخد دش علشان اروح اجيب أمانى من الكوافير مش عاوز أتأخر عليها . اتجه نحو المرحاض مهرولا _ مفيش زغرودة ولا اى حاجة تفرح كده ده النهاردة فرح ابنك بردو. اتجه لغسل يديه بينما اتجهت أمه لغرفته تعد له ملابس عرسه وهى تطلق الزغاريد ابتهاجاً بهذا الحدث الذي لا يتكرر كثيراً فى الحياة. هى سعيدة بالفعل ويجب أن يرى العالم كله سعادتها. لحظات وكان لاحقا بها بوجه متجهم لتضرب رأسه بخفة _مفيش ضحكة ولا حاجة تفرح كده النهاردة فرحك يا ع**ط . ابتسم بضعف واضح ليتسلل القلق لقلبها وتقترب منه _مالك يا حسام ؟ حاجة تعباك يا حبيبي؟ رفع كفه يدلك جانب ص*ره ويحاول بثها طمأنينة يحتاجها _ انا كويس يا ماما ماتقلقيش. زاد تجهم وجهه وتسارع أنفاسه لتلقى حلته الأنيقة أرضا وتهرع نحوه _مالك يا حسام ؟ انحنى حسام صارخا _ ااااه قلبى ااا وسقط أرضا لتصرخ سوسن فزعا _ الحقونى يا ناس انحنت تفحصه بفزع _حسام مالك يا حبيبي ؟؟ رد عليا يا بنى فيك إيه!! طب رد بس يا حسام هزت جسده صارخة _ حسااام . أقبل أحمد زوجها من حجرته فزعا ليزداد فزعه وهو يرى ابنه المفترض زفافه خلال ساعات أرضا بهذه الهيئة الشاحبة _ حصل ايه يا سوسن؟ ماله حسام جرى ايه ؟ جثى بجوار والده يحاول إفاقته بلا جدوى فيهب فورا متجها للخارج ليقابله حازم الذى استدعته صرخات أمه بينما كان يزين السيارة التي سيقودها لزفاف أخيه الوحيد . هاله منظر أخيه الساقط أرضا لينظر لوالده بفزع _يلا نوديه المستشفى ..هنقف نتف*ج عليه ؟ اتجه نحو أخيه ليحمله فتقول أمه التى عاد إليها بعضا من المنطق _ شيله يا حازم هاته على السرير وانت يا احمد أجرى نادى الدكتور فاروق جارنا اسرع لو قال نوديه مستشفى نبقى نوديه. وضعه حازم بفراشه لتجلس سوسن بالقرب منه تدلك ص*ره ويسرع حازم يحاول إفاقته باستخدام عطره لكنه لا يستجيب وهذا ينهش ص*ريهما معا. بعد دقائق دخل للغرفة شاب بمقتبل العمر ليتجه فورا نحو فراش حسام ويبدأ فى فحصه أعاد الفحص طواعية قبل أن يرفع وجهه دون عينيه _البقاء لله . انتفضت سوسن ترفع الغطاء الذى يحاول الطبيب طمر وجه حسام به وهى تنهره _ انت بتعمل ايه؟؟ ابنى زفته بعد شوية ؟؟ شيل الغطا ده هو مغمى عليه وهيقوم دلوقتى. أشارت للطبيب الذى طلبت استدعائه بنفسها _أخرج انت مش عارف تفوقه هنوديه المستشفى . نظر لها مقدرا صدمتها _يا خالتى وحدى الله ده أمر ربنا، سيبيه يرتاح يا جماعة حد يتكلم بدأت تهز جسد حسام الذى غادرته الحياة وتحثه لينهض وكأنها لم تسمع ما قاله بينما فقد زوجها وولدها كامل ادراكهما وأعينهما معلقة بالجسد الذى يهتز بلا إرادة وقد كان منذ دقائق تثير إرادته الحياة . تمالك حازم أمره ليقترب من أخيه _انا هوديه المستشفى. النهاردة فرحه وهيبقى كويس .شوية هبوط وهيبقى كويس . رفع الطبيب كفيه عن أخيه وهو ينظر له بحزم _ أمر ربنا نفذ ومات خلاص المستشفى مش هيدخلوه . كان أحمد اول من تعاقل صائحا بولده _ سيب اخوك يا حازم .انتو مش فاهمين ليه ؟ اكتسحت الأحزان صوته ليتابع بإنهزام _حسام سابنا خلاص. مش راجع ولا هيفوق . ضربت سوسن فوق ص*رها والطبيب يطمر وجه صغيرها _ بدل ما نزفه لعروسته نزفه للقبر نظرت نحو زوجها وقد بدأت دموعها تعبر عن الكارثة التى حلت بهم _حسام مات يا احمد ..ابننا مات يا احمد . ....... تطلعت أمانى لهييتها الرائعة وهى تمنى نفسها بليلة زاخرة بالحب وعمر زاخر بالسعادة . ابتعدت المصففة للخلف _خلاص يا عروسة خلصنا ربنا يسعدك. اتسعت ابتسامتها وهى تتخيل رد فعل حسام حين يراها بهذه الروعة ، ستخلب لبه لا محال .لن تنتهى ليلتهما الليلة. سيتقد شغفه ولن يخبت فور تطلعه إليها بهذه الهيئة. هو شغوفا بها بكل الأحوال فما باله بهذا الكمال وهذه الفتنة!! تورد وجنتيها وهى تتخيل نظراته العاشقة وهمساته التى تذيب كامل وعيها. تن*دت براحة وهى تشعر أن تحقق الحلم بالفعل ممتع . ص*رها الأن مستكين تماما وترى حياتها القادمة أكثر روعة مما كانت تتمنى . تعلم أن حسام يعشقها . وتثق أنه سيبث لحياتها كل السعادة التى يمكنه أن يحصلها. لم تكن طيلة اليوم تهتم للفتيات أو لمحاداثتهن الهاتفية لذا لم تنتبه تلك المرة ولم تلحظ ارتباك ابنة عمها التى انهت الإتصال بكف يرتعش ليلتف الفتيات حولها يستطلعن الأمر فتهمس بفزع _محدش يقولها يا بنات. دى تروح فيها، يا حرقة قلبك يا امانى. يادى المصيبة يا رب ألطف بيها. _وازاى هنقلعها فستان الفرح ونقنعها تلبس اسود ؟؟ يا عينى عليك وعلى بختك يا امانى ساد الصمت ونظراتهن تصرخ بتساؤل فبين لحظة وأخرى سيأتى أحدهم يحمل ثوب الحداد لترتديه العروس المكلومة التى لا تعرف بعد عن المصيبة التى نزلت عليها هى تحديدا . أخذت الفتاة نفسا عميقا ولم تكن بحاجة لتصنع الحزن بل أقبلت على العروس بوجه حزين _أمانى فى حاجة وحشة حصلت . انتفضت أمانى _حصل ايه! حسام جرى له حاجة ؟؟ هزت رأسها نفيا بتلقائية وبدأت تتلعثم _واحد قريبه مش عارفة يقرب له ايه توفى . ولسه مش عارفين هو مين بس لازم تلبسى عباية سمرا وتروحى بيت جوزك تقفى جمبه . انقبض قلبها وقبضتها تحكم حول ص*ر الفستان برفض واضح _ده ايه الفال الوحش ده ؟؟ اقلع فستان فرحى والبس اسود؟؟ نظرت الفتاة للمحيطات ترجو دعما اسرعن يقدمنه بطيب خاطر ، كل منهن تعى جيدا مشاعر أمانى فى هذا الوقت وقد وقفت بعتبة سعادتها ليغلق الباب بوجهها لأجل غير مسمى. بدأن رحلة إقناعها بتبديل ثوب الزفاف الذى انتزعته بدموعها وبكاء مرير لم تكن تعلم أنه بداية البكاء فأمامها درب طويل من الأحزان غير مأمون النهاية وستتجاوزه وحيدة .فقد اختارت طريقها مسبقاً وإن لم تتخيل أنه بهذه الظلمة لكن ليس لديها بديل آخر ، لم يعد الخيار متاحا لها. لقد رأت طريقا زرعت بجانبيه ورود أحلامها ليسيرا به معا فأتت رياح الفراق لتقطف ورودها وتزرع مكانها اشواك ستعانى منها وحدها بعد أن غادر حسام دون أن يتم زواجهما . ........ اقترب أحمد من حازم الذى يجلس بباب أخيه منذ استوعب ما حدث. رفض أن يشارك أبيه فى تغير ملابسه أو حمله للقبلة . غادر أحمد الغرفة لتهرول سوسن للداخل ترفض مفارقته فهو فى خلال ساعات سيخرج من هذا المنزل بلا عودة وهذا يكفى لينشطر قلبها . اقترب أحمد من حازم _حازم انا بلغت عمك فريد وهم زمانهم بلغوا امانى . ابعت العربية تجيبها من الكوافير تودع اخوك انتفض حازم رفضا _وتدخل بيتنا ليه البومة دى!! مش كفاية قصفت عمره بدرى قاطعه أبيه _ يابنى الأعمار بيد الله واخوك عمرك انتهى هنعارض أمر ربنا ؟ تعجب حازم ثبات أبيه لكنه يرفض أيضا إحضار هذه الفتاة صاحبة الشؤم _وهى تيجى تودعه بصفة إيه !! جواز ماتمش تحل عننا بوشها الفقر تن*د احمد فهو مكتف تماماً بما يحمله ص*ره من حزن ولا قبل له بمناقشة حازم ورأسه المتحجر _ يا بنى دى مرات اخوك ولا ناسى أننا كتبنا الكتاب من أسبوع. صمت لحظة متذكرا إصرار حسام على إتمام عقد القران قبل الزفاف ع** ما اتفق عليه سابقآ وتذكر رجاءه الذى استمر أسبوعاً كاملاً ليقبل فريد إتمام العقد قبل ليلة الزفاف . هل كان قلبه يشعر بقرب النهاية واراد أن يفارق واسمها مكتوب له على الأقل . قاطع افكار احمد كلمات حازم الحادة _ ايوه كتبنا الكتاب بس مادخلش عليها يبقى لا هى مراته ولا مكتوبة على اسمه . انا مش هدخل وش البومة دى بيتنا مهما حصل . اكتفى احمد من تسلط ولده الأكبر فى مثل هذه الفاجعة التى يمرون بها . أخيه لا يزال ممددا بفراشه وهو يقف أمامه يناقشه رفضا للفتاة التي كادت أن تزف إليه. نظر نحوه أخيراً بحزم وهو يشير للغرفة _اخوك لسه على سريره ولو ماكناش كتبنا الكتاب كمان كنت هجيب امانى تودعه . كلنا عارفين كانت إيه بالنسبة ليه وهو إيه بالنسبة ليها . هتروح من غير مناهدة ولا اشوف حد ابعته ؟ اشاح حازم وجهه بعيداً ليدرك أحمد أنه لن يتنازل عن أفكاره _ماشى يا حازم مش وقت كلام لكن كلمة منك ليها أو لحد من أهلها مش هيحصل طيب .كفيانا وجع لحد كده واتجه أحمد للخارج بحثا عن أحد أفراد العائلة يرسله ليحضر العروس بثوب الحداد على زوج لم تهنأ بضمته لها ولم يهنأ بضمها إليه ولم ينل من حبيبته ما تمنى فقد كتب القدر لهما نهاية لم تكن بحساب اى شخص. بدلت ثوب الزفاف وارتدت ثوب الحداد لتزداد دموعها وقلبها يبكى معها دون أن تتأكد من شخصية المتوفى فهى حتى الآن تبكى فرحتها هى ،تبكى زفافا لن يتم وربما يتأجل لأجل غير مسمى..هى تعلم عادات القرية التى قد تؤدى لتأجيل زفافها لعام كامل حزنا على هذا الفقيد الذى أفسد موته كل شيء. اقتربت ابنة عمها ترأف لحالها ، كل هذا الإنهيار وهى لم تعلم بعد من الفقيد؟؟ ما الذى سيحدث إن علمت أن زوجها الذى لم تزف إليه هو من فارق الحياة؟؟ ربما يشعر قلبها بفداحة الفقد وربما لازالت تبكى تبديل ثوب الزفاف بثوب الحداد . ربتت فوق رأسها الذى احاطه اللون الأ**د _وحدى الله يا أمانى . ده قدر ومكتوب . هزت أمانى رأسها تؤمن على قولها _ لسه ماعرفتوش مين اللي مات؟ ارتبكت الفتاة وهزت رأسها نفيا _ لا أصل عمى فريد اللى قالى وانا من الخضة نسيت أسأل . أغمضت أمانى عينيها لتجذبها ابنة عمها نحو ص*رها بحزن اجتمعت عليه قلوب الجميع . مر الوقت بطيئا حتى وصلت السيارة .تحركت أمانى بدعم ومساعدة الفتيات اللائى اهملن حمل فستان الزفاف . وقفت امام السيارة التى توقفت أمام الباب..لما لم يأت حسان لصحبتها ؟؟ تغاضت عن ذلك لتسأل قائدها _ هو مين اللي مات؟ نظر لها بفزع نظرا لحالتها المنهارة لتهز ابنة عمها رأسها فيعلم أنهن عجزن عن اخبارها ليشير لها _ اركبى بس وفى البيت هتعرفى كل حاجة زاد فزعها لتدور عينيها بينهم لما تتهرب منها الأعين ؟؟ اين حسام ليضم مخاوفها ؟؟ اتجهت نحو السيارة مستسلمة وصحبتها ابنة عمها بينما فضل بقية الفتيات اللحاق بها بعد قليل . كانت السعادة تخيم على المنزل منذ ايام . فسوف تزف الأبنة الكبرى إلى زوجها . أقيمت الافراح فى بيت العروس منذ أسبوع خلا . فقد عقد قران أمانى ابنتهم وكان عليهم الاستعداد للعرس الوشيك . لم تدخر الام جهداً في إعداد لوازم الزفاف وما سيحمل لمنزل العروس سواء قبل الزفاف او بعده . وفي الصباح توجهت العروس لتتزين لعريسها الذى يتلهف لهذه الليلة منذ زمن . وقبل أن تنهى الأم تحضير عشاء ليلة العرس صرخ زوجها يعلن وفاة العريس . كان المنزل يصج بالنسوة من العائلة والجيران ليبدأ العويل ونعى حظ الفتاة التعس الذى حكم عليها بالترمل قبل أن تزف لزوجها . ارسلت لصغيرتها ثوب الحداد الذى لا تعلم كيف سترتديه . بدأت النسوة في المغادرة فالجميع عليه أن يبدل ملابس الفرح بملابس الحداد وتلك الزغاريد التى كانت ترفرف فوق المنزل تعلن السعادة كممت بعد صرخات الحزن التى أعلنت الحداد . اقترب فؤاد بحث زوجته التى جلست بطرف الفراش منهكة القلب _ ما تخلصى يا ولية بنتك زمانها وصلت عند الجماعة وانت قاعدة مكانك نظرت له بحزن _ارحمنى يا فؤاد ربنا يرحمك . هى دى شوية عليا . البت خرجت الصبح علشان تتزف لعريسها وترجع بالليل أرملة ماشافتش الهنا ولا الفرح . احتد فؤاد دون أن يتفهم كعادته _ هنعمل ايه يعنى ؟! أمر ربنا ونفذ وخلصنا . اهى اتكتب كتابها ومتسمية عليه حرمة ولازم نروح بيت أهله اخلصى البسى عبايتك ولا اسيبك وامشى . وفين مقاصيف الرقبة بناتك خفوا فين الساعة دى رفعت عباءتها متن*دة بحزن _جريوا على الكوافير لما سمعوا اللى حصل عاد فؤاد للصياح الذى لا يجيد غيره _جريوا على فين؟! هو خلاص شورتكم من دماغكم؟؟ عدمتم راجل البيت علشان البنات يخرجوا كده من غير شورى؟؟ وقفت تضبط العباءة وتلف الطرحة السوداء كما اتفق معها وترجوه _ إحنا فى إيه ولا فى ايه؟؟ مصيبة يا فؤاد نزلت على روسنا ومحدش فكر فى حاجة ولا كان فينا عقل من أصله. لا إله إلا الله. الواد الصبح جه وصل امانى الكوافير وكان زى الفل ومصبح عليا !! اتجهت للخارج وهى تتابع تذمرها بخفوت _وده كل همه مين استأذن ومين اتهبب دى عيشة تقرف . راجل ماعندوش ريحة الاحساس. تبعها فؤاد وقبل أن تصل للباب عاد يحتد _ والله عال انا همشى وراكى يا ست ولا إيه؟؟ توقفت وهى تكمم فمها بكفها كمدا وقهرا فمهما حاولت لن يرى زوجها إلا ما يريد رؤيته ولن يشعر بما يعتمل بص*رها أو بما تعانيه ابنته في هذه اللحظة.. هو لم ولن يرى سوى نفسه وصورته التى يجب أن يحافظ عليها إمام أهل القرية ومكانته التى لا يجب أن تمس مهما كانت النتائج. رفعت هاتفها لتجيب اتصالاً من ابنتها الوسطى التى أخبرتها أنه حال وصولهما لم يجدا أمانى وعلما بمغادرتها بصحبة أحد أقارب حسام كما أخبرتها الفتاة أن فستان الزفاف أهمل حمله لتطلب منها بقلب يتمزق أن تعيده للمنزل وتخفيه بعيدا عن حجرتهن . جلس حازم فى أحد أركان المنزل الخارجية فهو لن يستطيع مخالفة امر أبيه ولن يتحمل رؤية هذه الفتاة أيضا لذا من الأسلم ألا يقابلها حين تصل . نزع الزينة عن السيارة ليلقى بها أرضا دون أن يحاول أحد أن يعترض له فالكل يراعى حالة الحزن التى تخيم على الجميع ولا بأس من التعبير عن هذا الحزن ببعض التصرفات وإن بدت طائشة وغير مجدية فهى ستريح ص*ره المتألم ولو قليلا . حمل مقعدا ونأى بنفسه جانباً عن الجميع يراجع ذكرياته وأخيه . أخيه الذى طالما دعمه رغم أنه الأكبر ارتفعت عينيه تشاهد النسوة المتشحات بالسواد وقد بدأ توافدهن على المنزل يتدفق . يعلم أن قريباً سيغادر أخيه هذا المنزل . قبضة غاشمة اعتصرت قلبه وهو يتذكر حمله بدلة زفاف أخيه عن الأرض بعد حمل جثمانه عنها . عليه خلال دقائق التوجه لشراء الكفن الذى سيضم أخيه الليلة . تلك الليلة التى كان أخيه منذ ساعة واحدة يخبره بشوقه لنيل ما تمناه فيها . انتفض عن المقعد مغادرا بخطوات واسعة اهتزت لها الرؤس تعاطفا ليقرر حازم الفرار من رؤية هذه الأمانى وإلا فلن ينفع تحذير أبيه ولن يتمكن إلا من إلقائها بكل ما تحمله من شؤم بعيدا عن منزلهم
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD