الفصل (3)

3651 Words
الفصل (2) :- لحظـات مــرت وهو ينظـر لها ساكنًا، كانـت تتسطـح أمامـه على فراشـهم، بدءت تتململ في نومتـها، تحركـت أهدابها الكثيفـة السـوداء، لتبدء في فتح جفنيها البيضاويـين رويدًا رويدًا، لتظهـر عينيها البنيـة وتشرق معها شمسهم، بدءت الصورة تتضـح امامهـا، عمر يجلس أمامها بهدوء، عقـدت حاجبيهـا بعدم فهـم، أخـر صورة تتردد بين جنبـات عقلها هى صورة وهى تترنـج لتقع مغشيةً عليها، خرج صوتها متساءلاً بوهـن : _ عمر، أية اللي حصل ؟ تجاهـل سؤالها وكأنه لم يسمعه أو لم يرغب أن يسمعـه، ثم تنحنح وهو يسألها في هدوء : _ حاسه بأية ؟ سـارت معه في نفس السبيل، وتجاوبت معه وهى تضع يدها على رأسها متألمة : _ حاسه دماغى وجعانى اومـأ موافقًا بهمس : - هتخف إن شاء الله أبتسمـت نصـف أبتسامة، وهى تتمعن فيه متوجسـة، تعرفـه جيدًا وتحفظ تفاصيلـه، لا ترى ذاك الغموض بين حلكة عينيه، ولا يصعـب عليها قراءة سطـور عيناه إلا في حالة الطــوارئ ... !! سألتـه مرة أخـرى بقلق : _ عمر أية اللي حصل ؟؟ تنهـد وهو ينظـر للجهة المقابلة، لا يرغب في تمعـن عينـاه، ولن يعطيها الفرصة التى إن سنحت لها ستعـرف كل ما يجيش بص*ره على الفـور .. ! أجابهـا بصوته الأجـش : _ مفيش يا شهد محصلش ربـاه من كلمتـه "شهـد" التى تخـرج مضطربة في تلك الأوقـات، تستشعرها مهزوزة غير مليئة بالثقة كما كانـت، وكأن أعضاؤوه لا تسعفه في الكذب عليها .. سألته مرة اخـرى، والضيق يتسلل لنبراتها الهادئـة ليحتلها : _ لأ فى، خبى على أى حد إلا أنا يا عمر أستطـرد منفعلاً بصوت بدء يعلو : _ قولت مفيش، بطلى زن بقي إنفعـل.. نعم يحق له الإنفعال، إن ظلت تحثه على البـوح هكذا ستنهـار حصونه، ويقص عليها ما حدث، وساعتها .. لن ت**ت وسيحتلها الرعب بلا منازع !! كـادت تبكيِ وهى تلح عليه متساءلة : _ لو سمحت قولى، ماتخبيييش أرجوك هـز رأسه نافيًا وأردف بثقة زائفة : _ مش مضطـر أكذب عليكِ م****ت شفتـاها بغـلب ومن ثم قالت بثبات : _ بص في عنيا وأنت بتقول محصلش، ومين اللي ض*بنى على دماغى نظـر في عينيها البنيـة، لهم سحر وتأثير خاص يضعف قوتـه على المقاومة !! نهض فجأةً وهو يصرخ فيها بنفاذ صبر : _ عايزانى أقولك أية، أقولك إن في ناس بالفعل كانت هنا وانا جيت على اخر لحظة !؟ شهقـت بصدمـة، تخيلت للحظات أن احلامهـا بمصطفي يعود مرة أخرى ما هى إلا احلام، ولكن .. هل تتحق تلك الأحلام لتتجسـد أمامها كاملة !!! وبصوت حاولت إخراجه هادئًا سألته : _ مين هو ؟! مسـح على شعـره الأ**د بقوة، ثم زفر متابعًا بحنق : _ ملحقتش أعرف، هرب دون أن تنظـر له عادت تسأله مرة اخرى : _ مصطفى صح ؟ رمقهـا بنظرات مغتاظـة بحق، تتجاهـل حديثـه وكأنها ترى الحقيقة كاملة، وتسعى لتبعد تلك الشوائـب وتصل لها !!! أقتـرب منها يزمجـر فيها غاضبًا: _ معرفش يا شهد معرفش تنهـدت تنهيدة قوية عبرت عن محاولتها القوية للسيطرة على شهقاتها من الخـروج، ثم هتفت بصوت متهـدج : _ لأ أنت عـارف بس مش راضى تقولى يا عمر انا اصلاً حاسه انه عايش أقتـرب منها بهدوء حذر، نعم .. لقد وصل تأثيرها عليه لمبتغاها، وزاحت الجزء القاسى من امامها كما تزيح أى غطاء، ليرمقه بنظراته الحانية وهو يحتضنها بحـارف جـارف تحول في ثوانى معدودة، وأخذ يربـت على شعرها الذهبي الناعم مرددًا بهدوء حذر : _ ثقي فيا، والا من دلوقتـي نفضها سيرة يا بنت الناس اومـأت وهى تتابع بصوت مختنق : _ لو مكنتش واثقة فيك مكنتش عيشت معاك ده كله حاول أن أبتسـم نصف أبتسامة متوجسـة، وفي خواطـره يسأل نفسه سؤال واحد .. " إلى متى سأكذب عليكِ يا معشوقتي، أنا غير قادر حتى على حماية نفسي " !! أقتـرب منها أكثر .. حتى بات ملتصقًا لها فهمس بهدوء مسرعا يود الهرب : -أنا ماشي أمتعضت وقد رسم القلق أفضل لوحاته على وجهها الذي أظلمه الحزن كمراهقة في بداية حياتها !!! فقالت متسائلة : -رايح فين يا عمر ؟ .... لو سمحت آآ .. وفجأة شعـرت بشفتـاه تغزو شفتاهـا بنعومة قاتلة لأي اعتراض .. لم يستطع مقاومتها اكثر !! فما كان منها إلا أن ترفـع يدها لتحيط عنقـه وتبادله ما تعلمته على يده برقة تليق بها !! ليرفعهـا بخفة على الفـراش وهو فوقهـا .. بينما هي مغمضة العينين مستسلمة لاجتيـاح عاشق ولهان باتت تتوق شوقًا له .. إنزلقت شفتاه مبتعدة عن شفتاها لثواني يلتقط فيها انفاسه .. ثم عادت لرقبتها يلتهمها بجـوع لا يُسد وأشتيـاق لا يمـوت .. وصار يقبل كل جزء منها ظاهر ... إلى أن ابتعـد .. يعدل ثيابـه قبل أن يستسلم تمامًا .. وساعتها لن يلوم إلا نفسه !!! ثم هتف بجمود : -مش هتعملي لي تحقيق يعني يا شهد، أنتِ عارفة إن وجودك فـ حياتي مؤقت ! ثم غادر ببرود صافعًا الباب خلفه ... ******** دوامـة ... دوامـة من الضيـاع عصفـت بـ " مهـا " الشريـدة، وضيـاع هالك إستحـوذ على روحها الثائـرة دومًا ليتركها ناعمـة بهلاك مؤذي !!!! ناعمة كجـلد ثعبانًا سام، جلست تضم ركبتيهـا إلى ص*رهـا ... دموعهـا تتساقـط ب**ت قاتـل .. دموعها التي كانت دومًا محبوسة خلف نظرة القـوة، والان ... الان بعينيها نظـرة كشمسًا تُغيب ببهوتًا في كل ثانية تمر !! ذكريـات وذكريـات تتلاطـم داخل خلدهـا المزدحـم بأمر الواقع المرير .. طفلها ... طفلها الذي لن تـراه !!!؟ لا ...ستـراه لطالمـا كانت على قيـد تلك الحياة ستُعافر لتسترد منها ما سلبتـه، نعم ستعترض على قدرًا ينتشل منها السعادة بعدما وهبها إيـاها !!!!! لم تشعـر بالبـاب الذي فُتـح .. ولم تشعـر بتلك السامة التي تدلف لجحرها لأول مرة، لم تشعر بها إلا وهي تسـألهـا ببـرود لم تصطنعه قط : -إية يا مها، هتفضلي حابسـه نفسك بتعيطي بس ؟!!!! لازم تاكلي ماتنسيش إنك مافطرتيش لـم ترد .. ولكن الأجابـة الساخـرة كانت تحـوم ما بين قلبها الثائـر .. وعقلها الغاضب .. كيف تأكل وهي لا تدري طفلها جعان أم ظمـأن ام .... ام لم يعد يدري بشيئ ؟!!!! بمجـرد وصول تلك الكلمة لمركز العقل لديها صرخت بصورة هيستيرية : -لا لاااا هو هيبقى كويس وهيرجع لي، أنا متأكـدة مطـت " رودينـا " شفتيهـا بطريقة ساخـرة متلذذة بذلك القهـر الذي يتلبسها، ثم ردت : -قومي كلي طيب ده إنتِ شكلك هتتجنني والله قاطعتهـا بشراسـة : -ملكيش دعوة بيا، غوري برررة اوضتي أشـارت لها بيـدها تزمجـر فيها بغضب حقيقي لا تدعيـه هذه المرة : -يعني أنا خايفة عليكِ وجايـة أقولك تاكلي، تقومي تطرديني ياختي ودون أن تنظر لها اكـدت على أمرًا سليمًا تمامًا بصوت عالي : -أيوة بطردك، ولو عندك دم تمشي تمالك نفسهـا قليلاً .. فقط قليلاً ليكتمل ما ارداته، وبعدها هي من ستلقيها خارج هذا المنزل بنفسها !!!! و ببـرودًا أضطرت للتماسك بخيوطه الثلجية أخبرتها : -ما خلاص يختي قال يعني بتطرديني من الجنة، أنا اساسا ماكنتش هاجي بس أحمد هو اللي وصاني عليكِ قبل ما ينزل عشان يدور على المحروس ابنك إبتلعـت تلك الغصة التي عادت تحيى في حلقهـا .. شـُعلة من الأمـل أشتعلت بين عينيها البنيـة، شعلة تتخفى خلف البريـق اللامـع على وعدًا منه بلقاء أحسن في الغد ... تتـوق للقـاء طفلها الحبيب .. ترجوا أن يصـل طفلها مع زوجهـا، أن تُعيد كرة الحيـاة الغدارة مرة اخرى !!! نعم غدارة .. توهمك وتوهمك أنك في أسمى معاني السعادة ... ولكن الحقيقة أن الحياة خُدعـة.. تُفاجئـك على حيـن أن حروفها مسمومـة يذقيها كل شخص ايًا كان !!!! وفجـأة نهـضت تقتـرب من تلك التي كادت تُقسـم أن فقدان طفلها أدى لفقدان عقلها ايضًا ولكن لم تعطيها " مها " الفرصة لتنقض عليها ممسكـة بتلابيبها، فشهقت الأخرى في محاولة لأبعادها عنها : -انتِ مجنونة، أبعدي كدة ولكنهـا لم تستجـيب، لم تستجيب لأي نـداء خارجي هادر ... كان تسمـع لصوت عقلها المنفعل باهتياج يهفو " هي من فعلت بالتأكيد " كادت تخنقهـا حتى توصلها لأخر مرحلة في حياتهـا " المـوت" وهي تهتف بصلابة : -إنتِ اللي عملتِ كدة يا حيوانة.. أنتِ خ*فتي ابني يا مـجرمة شهقـت الأخـرى بفـزع حقيقي كاد يشل أطرافها صدمةً، ولكنها تمساكت وهي تزجرها بحدة : -لا طبعاً، إنتِ اللي اتجننتي، إية اللي هايخليني أخ*ف أبنك هو انا ناقصة هم !!!! لم تبـالي .. لم تبالي بأي دفاعات كاذبة تص*ر منها ... بل ظلت تخنقهـا حتى زحفت الحمرة المُميتة لوجه الاخرى وهي تحاول إلتقاط أنفاسها !! ****** كـان يُهنـدم ملابسـه أمـام المـرآة .. ذلك الجلبـاب الغامق الذي يضـم جسـده الضخـم، يضـع العمامـة البيضـاء بإتـزان على رأسـه .. متواعدًا معهـا أن تحفـظ أسرار عقله الشيطانـي ... طُـرق البـاب مرتـان قبل أن يدلـف أحدهـم، نظـر له وهو منحني بأحتـرامًا له .. ثم قـال بصوتًا أجـش : -تم يا باشا تحركـت عينـاه في بـرود تام يُنـاقض إحمرار الغضب الأهـوج الذي دائمًا ما يرتكـز داخل جزءً فيها، يرمقـه بنظـرة شبه راضيـة، قبل أن يخـرج صوتـه الخشـن متوجسًا : -نـفذت زي ما جولت لك ؟ اومـأ مؤكدًا، وبثقـة أجابـه : -طبعًا يا باشا، كل حاجة حصلت زي ما حضرتك عاوز إبتسمتـا شفاهه الغليظـة بنصـرًا بـات يحفظ مكانـه في حياتـه .. ولكن ختم سعادتـه التي لم تكتمل بعد بسؤال الاخر المتعجـب : -بس في حاجة مش فاهمها يا باشا تسـاءلت عينـاه في **ـت، فتـابـع الأخـر بنفس النبـرة والتي كانت واقعاً ملموسًا على أن طلاسـم الشيطـان .. لا يفهمها سوى شيطـان مثلـه .. بنفس درجة خبثه ومكـرة، وبنفس جزاؤوه لاحقًا !!!!! -مش عارف إزاي تخليني أروح وبعد ما تكون ادام عنيا .. اسيبها تقـوس فمه بابتسامة شيطانية خبيثة، تزداد أمـواج نشـوتـه كلمـا أستشعر ليـن النصـر ... و راح يـردد بصوتًا مبحوحًا دُست به غصة مؤلمة رغمًا غنه : -عايزة أسويها على نار هادية زي مابيجولوا **ـت برهه وعاد ينثر خيوطه الخبيثة هنا وهناك بين حروفه المتوعدة : - ماهخليهاش تتهنى بيوم واحـد في حياتهـا، حـخليها تجن وبعدين أفكر أجتلهـا !! إتسـع بؤبؤي عينـا الرجـل ... لا يتخيل كم الشـر والحقـد الذي كان ينبعـث من نظراتـه، بل لا يتخيل أنـه هكذا يومًا ما !!!!! ربمـا يختفي الحقـد بين ثنـايات روحـنـا، وعند إعلان حالـة " الثوران " يبـدأ في الظهـور دون العلن كالسراب تمامًا !!! فيمـا تسـاءل الأخـر ومازال يتمسـك بالتعجب لأظهـاره : -بس هي عملت إية للدرچة يا باشا ؟ إحتـدت عينـاه بسواد مخيف أكثر، و ذكـرى ... كلمـة داعبـت مشاعره المكبوتـة والتي حجرهـا بفعل يـَداه .. حجرها واعدًا إيـاها بتركها فوضويـة تُثير الأنتقام لاحقًا !!! زفـر بقوة يخـرج تلك الشحنـات التي أرسلت لأعماق الرجل الخوف الوحشي : -ملكيش صالح، أنت هنيه بتنفذ بس، **م بكم عمي، لا بتجول لية ولا ميتى ولا كيف حتى .. بتجول حاضر وبس !! ردد الاخر ل**نـه تلقائيًا من فـرط أزدال الهلع : -حاضر .. حاضر يا باشا ... ********* بعد فترة عودتهم من المستشفى .. جـلس " عبدالرحمن " أمام الشـرفة .. لا زال يتذكـر ذاك اللقـاء الذي خلد بعقله .. لازال يتذكـر كل حرفًا يـرن بأذنـه !! لازال يتذكـر وجههـا وهي تُبـرر بأنفعـال لم تصطنعـه ... يتذكـر قسمـات وجههـا التي لم يـغيرها الزمـن سوى أزدياد لمسـات الجمال عليهـا .. شفتـاها التي كانت تنطـق بأسمـه كل حينٍ بشغف معشوقـة لازالت ترجـو أن يكن معشوقها رهن اشارتهـا !! ولكن هل هو ذلك ؟! .. لا لا هو لم ولن يكـن خائنــًا لـ .. حبيبتـه .. زوجته .. وأم طفله القـادم، لن يجعلها تذيق مرارة نفس الكأس.. مرارة الفـراق الذي بقى يُعاني منها لحين ظهورها ! هو يحبهـا هي فقط .. قلبـه يدق بشغف لها هي فقط.. يرتجـف قلبـه بعنف من أبتعادها المأسوي هي فقط .. لن يجعل غيرهـا تتـربع على عرش قلبـه، لن يجعل سبيل العشـق مفتوحًا لغيرهـا .. لن يجعله خالي ومُسالم إلا لها ... هي فقط .. رضـوااه الحبيبة .. حبيبته الأولى والأخـيرة .. وإن لم تكـن الأولى في العد .. هي الأولى في كل شيئ .. في شعـوره المختلف نحوهـا .. في لهيب غيرته الذي يستعـر من مجرد إقتراب الجنس الأخر منها .. هي الأولى في السيطـرة على تلابيب روحه الثائـرة .. وستبقى كذلك !! ورغمًا عنه .. تُسيطـر الذكـرى لتحـوم في الملأ .. ويتذكر ........ نظـر لها مطولاً .. رآن ال**ت ينتشر بين النسمـات المُكهربة .. لا ينكر أن نظراتها التي لم تتغير أربكتـه، ولكنه أحكم السيطـره على تعابيره وهو يسألها ببـرود : -أية اللي جابك هنا يا أسيـل ؟ وبالطـبع كانت تتوقـع .. كانت تتوقـع النفور الذي يأتي في مرحلة متأخرة بعد عذاب الفـراق .. كعلاج حتمي من القدر !!! فلم تتعجب وأخبرتـه بنفس النبـرة : -جيت عشانـك .. أنت تقـوس فمه بابتسامة ساخـرة تلقائيـة .. لتوهـا أكتشفـت أن تصـل تلك العلاقة المُهدمة بينهما ؟! و رد عليها بصلابـة بدت لها صعبة بدرجة كبيرة لتتخطاها : -عشاني !! لا ماعتقدش إنك ليكِ حاجة عنـدي سارعت تردف بوقاحـة علانيـة : -لا ليا عندي حُبك .. قلبك اللي أتقفل عليا أنا وبس قهقـه بسخريـة واضحة وهازئـة منها، كيف تعتقـده .. ساذج ليبكِ على الأطلال التي كانت مُحطمة من الأسـاس ؟! بالطبـع لا .. هو ليس كذلك ولن يصبح .. رمقهـا بنظرات ذات مغزى، قبل أن يباشرهـا في الحديث الحاد : -الكلام ده كان قبل شهر .. سنة .. اتنين، إنما مش دلوقتي خالص سألتـه عن جهل مصطنـع بمهارة : -لية أية اللي اتغير ؟ أشـار لقلبـه الذي ينبـض بعشـق معشوقتـه مرددًا : -ده اللي اتغير .. شعـوره ومالكته اتغيرت لم تتأثـر وهي تخبـره بثقة أغاظتـه : -عادي، مسيره ينسـاها ويرجـع لأصلـه تعجـب .. نعم تعجـب .. بل دُهـش من وقاحتهـا التي وصلت لأقصى حد، لا يكفي أنها عادت بعد أن تركته ببـرود .. بل تطلب إسترداد حقها الذي تنازلت عنه مسبقًا !!! تحـاول غـرس سمومـها بين ثنايـات روحـه !! همـس بذهـول : -أنتِ مجنونة، أكيـد مجنونـة أقتـربت منه أكثـر تقطـع تلك المسافة القاطنة بينهم .. تلتصق به علها تؤثـر على شيطانـه إن لم تؤثر على قلبه ... وهو قلبـه يرتجف بعنف .. لم يرتجف عشقًا، بل دهشةً من تلك الغريبة !!! فيمـا أكملت هي تحاول ملئ ذاك الفـراغ بكلماتها المعسولة و الذي وهبه إياها دون قصد : -أنا مجنونة بحبـك !! أنا مُش عارفة أعيش حياتي من غيـرك، أنا بعدت عنك غصب عني صدقني سألهـا بتهكم صريح : -وأية اللي غصبك يا ترى ؟ سـارعت تهتف في شيئ من الحنـق الداخلي الذي يُزعزع روحها يومًا بعد يوم : -بابا .. بابا هددنـي إنـي لو مابعدتش عنك وأتجـوزت العريس اللي متقدملي هيأذيـك في شغلك وحياتـك لإن .. لإن العريس كان جاهز من مجاميعه وآآ .. والفلوس زغللت عينـه ولكن .. كانت تقـص عليه نصف حقيقتها هي .. هي من كانت الأمـوال تُهـز بركان العشق الثائـر بداخله فتُهدئـه كليًا !! الجشـع في الرفاهيه هو من قيـد قلبها العاشق بالموافقـة ... إختلجـت ذاك العشق من بين طيات قلبها ملقيه أياه عرض الحائـط .. لتغتنم فرصـة المعيشة العالية !! متنازلة عن باقي أساسيـات ذاك الزواج ... خنقهـا .. خنقهـا ذاك الجشـع بمرور الأيـام، الأيام التي كشفت لها شخصيتـه الشديدة .. والتي لا تناسب شخصيتها بأي شكل !!! أصبحـت زوجتـه أمام الناس والقانـون .. ولكنها لم تقـر بذاك يومًا ... كانت تعتقد كل شيئً سهل .. ولكنه كان أصعب مما تخيلت .. كلما أقتـرب تشعر بأنقباض قلبها .. واضطراب أنفاسهـا .. أختناق .. اختناق ... شعور موحش يتشبعها داخلـه !! تحاول الفرار ولكن دون جدوى .. كالوحل المُتشدد يسحبها له .. -ياااه .. حد قالك إني أهبل ولا حاجة عشان أصدق أنتشلها من تلك الأفكار والذكريات الهوجـاء التي تموج داخلهـا .. فيما تألق الأن**ـار مـُشققًا بين عينـاه وهو يستطرد بعصبية خفيفة : -أنا حاولت، حاولت أقابلك .. أتكلم معاكِ، أفهم منك الأسباب بس حتى، بس إنتِ كنتِ جبـروت .. جبروت وإنتِ بتقوليلي أسفة بس أنا اتخطبت .. عانيت وبقيت مريض نفسي .. واحد منبوذ بين الناس، لحد ما الشمس ظهرت في ضلمة حياتي أخيرًا .. تيجي أنتِ بعد ده كله بكل بساطة تقوليلي غصب عني ؟!!!! قال كلمته الأخيـرة بعصبية مفرطة .. عصبية اختزتت داخله لسنـوات .. بينما بكت هي بحرقـة .. الذكريات تحرقها كلما تذكرت .. والندم يأكلها كلما قارنت .. والنتيجة واحدة ... هي زوجة آخـر !!! رمقتـه بنظرات مترجيـة .. متمسكـة بعطفًا يحمله الحنين للماضي .. وما كان منها إلا أن تعترف بما خبئتـه عن العالم كله : -عبدالرحمن أنا مُش بحبه، مش طيقاه ومش قادرة أقبله في حياتي، كلهم شايفين أن هو المناسب بس أنا شيفاه أخر واحد ممكن اتأقلم معاه رفـع كتفيـه يرد بجمـود لا يتحلى به ألا في تلك الاوقـات : -وأنا مالي، شيئ لا يعنيني .. أنا واحد متجوز ومستني أبني الأول وبحب مراتي فوق ما تتخيلي ثم عاد خطوتـان للخلف .. يؤكد لها على تلك المسافة التي أصبحت بين حياتهم ..التي فرقت أرواحهم المتجانسة مسبقًا .. ليكمل بنفس النبرة : -ياريت تحلي مشاكلك بعيد عني .. بعيد جدًا تقطـع أخر أمـل لديهـا لأشـلاء .. فكـرت وخططت ونفذت .. وخاطرت .. ولكن النتيجة واحدة !!! سحـرًا هذا ما فعلته له تلك الفتاة ؟! فقالت متقهقـرة بحسـرة حاقدة : -ماشي يا عبدالرحمن .. هحلها.. اوعدك هحلها بس هسترد كل حاجة ...... عاد لواقعـه السليم بهـزة كتفه من رضوى التي قابلت إلتفاتته بابتسامة متسائلة : -مالك سرحان في إية ؟ بادلها أبتسامة مؤرقة وهو يخبرهـا : -لا ولا حاجة ثم سألهـا بجدية صارمة : -إنتِ إية اللي قومك من على السرير ؟ مش الدكتور قـال ماتعمليش أي مجهود إلا فـ اخر كام يوم قبل الولادة تتمشي هـزت رأسهـا نفيًا .. ثم تهكمت في غلب من تلك التحكمـات، تعلم أنه يخشى عليها من النسمات الشديدة .. ولكنها بشر .. تمل بالطبع !!!! : - حبيبي هو قالي ماتعمليش مجهود، مش أقعدي على السرير ماتتحركيش زي المشلولة رغمًا عنه ضحـك بمرح .. في ثوانٍ معدودة تستعيد روحـه المنطلقـة .. بعيدًا عن تلك التي تمـر عليها بهبـوب عاصف ..ولكن سريع ... جدًا !! فقـال مشا**ًا لها : -اممم حبيبي.. المهم أنا لحد دلوقتي مش مستوعب ازاي كنتي هتموتي وازاي الدكتور يقول دي من حركة الجنين مش اكتر ؟! تلاعبـت بحاجبيها وقد أستحسنت ذاك الحوار الخبيث : -حبيبي .. وروحي ونور عيوني، ده قضاء وقدر ياسيدي هنعترض ! نهـض فجأة .. ليحملها خلسةً .. فصرخت فيه متذمـرة : -حرام عليك أنا حاسه إني شوال بطاطا كل شوية تشيله تحطه مطرح ما أنت عاوز بس .. قهقه بمـرح يجادلها : -إيزي يا روحي، مش بسهل عليكِ بدل ما تتعبي نفسك وضعهـا على الفـراش برقـة شديدة.. وكأنها ماسة بين يديه يخشى أن تُ**ـر من خشونتـه !! ظلت نظراته ال**بثة تحوم قسمات وجههـا بحنـان، بدايـة من رأسها العنيد .. وصولاً لشفتيها التي دائمًا وابدًا تحمل دعوة صريحة له بالتقبيل ... وما هو إلا عاشق ولهان يُلبي النداء دون ذرة تردد .. إلتهم شفتـاها في قبلة عميقـة .. طويلة متطلبة بالمزيـد .. هالة من رغبة العشـاق تحيط بهم من كل جانب، لينغمسا سويًا في عالمها الخاص ... !!!! ******* كانت " أسيـل " تقف في المطبـخ في منزلهـا، الغضـب يحتل جزءًا ملحوظًا من عينيها الزيتونيـة .. مازالت تتذكـر لمعان إصراره على رفضها .. تتذكـر كلامـه الذي حُفر بذاكرتها وكأنه قاصدًا ت***بها !! قلبهـا ينتفـض تأثـرًا بتوسـع الفجوة بينهم .. الحنق يتسـرب مسيطرًا على خلايـا عقلها الأهـوج ... شعـرت بيـد زوجهـا تحيـط بخصرها من الخلف، فصـرخت مفزوعة وكأنما لمسها ثعبانًا سام : -جاسر.. خضتني أستـدارت له لتنحصـر بين حضنـه وذراعاه القويـة التي اُحكمت حولها .. كما انحصرت مسبقًا في حياتـه التي لم ترغبها يومًا ... قابلت عينـاه المزروعـة بأعجابًا خالصًا لها لطالما تغاضت عنه .. وخطـوط وجهه ترسم عشقًا بات يتخذ طريقه في قلبه !! إبتلعت ريقها وهي تلحظ تلك الرغبة التي تلتمـع بين شقي عيناه .. تعطي لبياض عينـاه بريقًا مخيف وحنون في آنٍ واحد .. تلك الرغبـة التي لطالما أحكمها داخله .. سيطر عليها وكبتها بكل عنفـوان .. يمنـع حروف التغـزل والرغبة من الزلزلة بين شفتيـه .. شهورًا وهو يمنـع نفسه عن حقـه الشرعـي .. يحاول فيها .. يلين ويتحدث ويتقرب .. ولكنه في كل مرة يلاقي الفشـل جوابًا واضحًا يُدمـر سيل مشاعره المتأملة !! عادت لواقعهـا على لمسة يداه لوجنتاهـا الناعمة .. بجوار همهمته الرقيقة : -سلامتك من الخضة إبتلعت ريقها بازدراء، وباتت وكأنها تحاول ابعاد جبلاً ثقيلاً عنها .. ولكنه ينجذب نحوها أكثـر بكل قوتـه مستجيبًا لسحر عيناهـا التي لا تشفق على جوعه لها ... شعـرت بملمس يـداه على جسدها الناعـم .. شهقت بقـوة تأثـرًا لها .. ثم همست : -جاسـر ... لا ولكنه كان م**رًا من ذلك الأقتـراب الذي لا يتحلى به سوى قليلاً على حين غرة .. ملس بأصابعه الخشنـة على شفتاها الورديـة وعيناه مثبتة عليها .. يهمس بصوت عذب : -وحشتينـي أغمضت عيناها تبادله الهمس : -شكـراً ثم حاولت زحزحتـه وهي ترجـوه بصدق : -ممكن تبعد عشان أخلص الأكـل هـز رأسـه نافيًا دون تردد .. يداه لم تبتعد عن محور شفتاها .. يشعر بكل حرف تنطقـه .. يرغب في إلتقاطـه بين شفتـاه .. ولكن .. هل تسمح له بكل هذا !!!؟ خرج صوتـه مبحوحًا بنبـرة تعرفها جيدًا : -لأ، أنا مُش عايز أكل .. أنا عايـزك إنتِ نظـرت له بجدية زائفـة مرددة : -أنت عارف إني آآ ... قاطـع إعتراضهـا الذي حفظه مسبقًا بشفتـاه .. شفتاه التي كانت تتوق لتلك اللحظـة التي يلتهمها فيها بنهم .. شهورًا وهو يُمني نفسـه بليلة تصبح له فقط .. ليلة واحدة تصبح له قلبًا وقالباً ... ولكن تقلبـاتها باتت المطرقة التي تُدمـر ذاك الجرف من رغباتـه .. أبتعـد عنها اخيرًا يلتقط انفاسـه الهادرة، لتستغل هي الفرصة وهي تدفـعه بقوة مذبذبة : -أبعد عني بقا سألهـا بقوة وهو يضغط على كتفيهـا : -لأمتى .. لأمتى هبعد عنك ولم تستطـع إخفـاء ذاك الكره بين سطـور عيناها وهي تخبره بشراسة : -لحد ما أموت مش هتقرب لي .. إلا وانا جثة بين ايد*ك ... !!! ولم يمنـع الذهول من الظهور في نبرتـه وهو يسألها بحرقه : -إنتِ بتعملي معايا كدة لية ؟! نظـرت ارضًا هروبًا من حصار عينيـه، ليعاود سؤالها بنبرة أكثر خشونة : -قوليلي لو حد أجبرك على جوازي منك ؟! مالك في إية !!! ولم تستطـع الكبح أكثر .. فلتت زمام الأمور منها، فصرخت منفعلة : -عشان أنا بكرهك .. بكرهك أكتر من أي حد في الدنيا دي يا جاسر .. كلامهـا يحرقـه حرفيًا .. حروفها الساخنة تُصيبـه في مقتل .. يشعر بروحه تختلـج من أسفل جلده فتتركه جثه هامدة .. وعقلـه يغيب بالكامـل عن عالمًا لا يديـر له جانبـه الحلو !! رأت هي إشتعال عينـاه .. رأت نتيجة السهام القاتلة التي ألقتها بين حروفهـا .. أستعـدت لصفعـه مؤكدة ستتلقاها منه .. ولكنه أستـدار وذهب !!! بكـل بساطة رحل ليترك الذهـول يتشبـع مسامهـا متبدلاً مع الكره .. إنسحب ببساطة كما لم ينسحب من حياتها .. ابداً !!!! ********** أختنـاق .. شعـور ما يقـرب للمـوت يحكم ثنايـا روح " شهد " قبل عقلهـا ... لا تستطـع الجلوس بهدوء هكذا وهي داخليًا تحترق من ذاك الأبتعاد الاضطـراري .. ماذا عساها تفعل ؟! كيف تُسكـت ضجة المشاعر تلك التي تهيـج داخلها ... تشعـر بذاك الصـراع النفسـي بين أشباحًا من المشاعـر تختلط بها !! تنهـدت أكثـر من مرة قبل أن تنهـض متجهه لدولابهـا .. لقد عزمـت أمرها .. ستذهـب له لعمله ... إن كان يفـر هاربًا من بين شباك عشقها .. ستمُدها هي حتى تتمكن منه .. تتمكن الانقضاض والسيطـرة على تمـرده الحانق !!! ستفعل وتفعل .. لتصل للأستسلام الغير معهود منه .. وإن كان بعيدًا .. جدًا من زاويتهـا ... شيئً ما من النصـر داعـب روحها المُشتاقـة، وقد بدأت بارتـداء ملابسهـا في شيئ من السرعة المتلهفة .. وبالفعل خلال دقائق كانت قد انتهـت لتتجه نحو الخارج بخطى متلهفة وسريعة ولكن ما إن فتحت الباب حتى تفاجئت بـرسـالة أسفل قدماهـا !!! اتكأت ببطئ مرتبك تمسك بتلك الرسـالة لتجد الكلام المدون .. " هجيبك لحد عندي، مذلولة وم**ورة تتمني الموت، تترجيني أسيبك بس أنا هدمرك جسديًا .. بعد ما ادمرك نفسيًا، ومفيش كلب هيقدر يمنعني " !!!! كورت تلك الورقة بين يديهـا .. نعم نجح في زرع الخوف في حياتهـا ... ولكنها لن ت**ت ! ولكن لمن تلجأ ؟! أخيهـا الذي لن يصدقها بالطبع ... ام زوجها الذي بـات يكـره رؤيتهـا امام عينيه .. وكأنها تصيبه بوعكة صحية !!!!! لم تشعـر بنفسها سوى وهي تجر اقدامها متجهة نحو الشركة التي يعمل بها عمر ........ بعد فترة وصلت بالفعل، تقدمـت ببطئ امام الحارس، لتجده يضع يده ليمنعها .. فنظرت له بطرف عينيها متسائلة : -نعم ! ممكن أفهم حضرتك بتمنعني لية بقا ؟ سألها بجدية هادئة : -حضرتك طالعة لـ أستاذ عمر صح ؟ اومأت مؤكدة : -ايوة .. ممكن تسيبني بقا زفـر بقوة .. قبل أن يفجر الخبر الذي خدر خلايـاها بل وأوقفها تماما عن العمل : -للأسف يا مدام، عمر إتخ*ف لسة من ساعة تقريبا !!!!!!!!!!! *****
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD