الفصل الأول

1057 Words
تبدأ روايتنا في فيلا فخمة جدا تقع في إحدى أرقى الأحياء بالعا**ة المصرية القاهرة، حيث تجلس السيدة صفية المنشاوي ذات الستون رببعا رغم تقدمها بالعمر إلا لازالت تحافط على جمالها و أناقتها و إبتسامتها الودودة التي لا تفارق محياها ترتشف قهوتها الصباحية بعد أن تناولت طعام الإفطار وحيدة لأول مرة في حياتها فهي متعودة أن تتناوله مع إبنها الوحيد زين، وريث إمبراطورية الشافعي للحديد و الصلب. فالبارحة إضطر للتأخر كثيرا في العمل ليعود إلى المنزل مع طلوع الشمس ليدلف مباشرة إلى جناحه حتى يحضى بسويعات قليلة من النوم ثم يعود مجددا إلى الشركة. دق جرس الفيلا لينتشلها من شرودها لتأمر إحدى الخادمات أن تفتح الباب تأففت في سرها و هي تضع كوب قهوتها على المنضدة الصغيرة التي كانت تتوسط صالون الفيلا الفاخر بألوانه البيضاء و الذهبية عندما سمعت صوت خطيبة إبنها ميرهان العسيلي إبنة صفوت العسيلي و هو نائب سابق في مجلس الشعب متزوج من امرأة أجنبية بعد وفاة ميرهان و سافر معها خارج مصر. دلفت ميرهان و هي تتهادى بخطواتها الأنيقة و فستانها ذو اللون الأحمر الداكن الذي كان يلتف على جسدها المنحوت مبرزا جميع منحنياتها بشكل دقيق مما جعل صفية تجعد وجهها باسمئزاز فهي لا تحبذ أبدا ملابسها العارية و الضيقة و كم تحدثت مع زين و نصحته بتركها لكنه لم يستمع لها بحجة أنه يحبها و سوف يجعلها تتغير بعد الزواج. إبتسمت ميرهان لحماتها المستقبلية بزيف فهي طبعا كانت تعلم أنها لا تحبها و رغم ذلك كانت تسعى بكل جهدها لإرضائها حتى تتمكن من الزواج من زين و بعدها لكل حادث حديث. رحبت بها صفية دون رضا: -أهلا يا ميرهان، نورتي الفيلا يا حبيبتي. كتمت ميرهان رغبتها في شتمها و بدلا من ذلك أجابتها بنفاق و هي تتوعد لها بداخلها: -ميرسي يا طنط داه نورك. ردت صفية: -إتفضلي هقول لسعاد تحضرلك قهوة. أشارت لها ميرهان بالرفض قبل أن تتحدث: -لا ملوش لزوم، أنا جيت عشان أشوف زين أصلي بكلمه من الصبح مش بيرد عليا حتى في الشركة قالولي إنه لسه مجاش، هو مسافر؟ عادت صفية لتجلس مكانها محدثة إياها بفتور دون أن تخفي ضيقها التام من حضورها : - لا هو في أوضته نايم، أصله رجع الصبح من الشركة عشان كان عنده شغل كثير. همهت ميرهان بتفهم قبل أن تهتف: -اوكي أنا طالعة أشوفه اصل في موضوع مهم عاوزة اكلمه فيه. حاولت صفية منعها مقترحة أما بداخلها كانت تود طردها : -متقدريش تأجلي الموضوع داه لبعدين سيبيه يرتاح داه رجع البيت وش الفجر، و بعدين ميصحش تطليعله أوضته و هو نايم. ضحكت ميرهان بسخرية و إعتبرت أن تفكيرها قديم لتسير نحو الدرج دون إنتظار إذن حماتها: - لا مينفعش أجله، الموضوع مهم جدا و بعدين داه خطيبي و هيبقى جوزي عادي لما أطلعله أوضته ؟ صعدت الدرج بخطوات سريعة رغم فستانها الضيق و كعبها العالي مما جعل صفية تتن*د بيأس تعلم جيدا أن هذا الموضوع الذي تتحدث عنه بلا قيمة فمالذي سيشغل فتاة تافهة كميرهان سوى شراء الفساتين و تغيير سيارتها كل سنة.. في الأعلى. فتحت ميرهان غرفة زين التي كانت مضلمة بعض الشيئ لتعترضها رائحة عطره التي كانت تملأ المكان، نفس العطر الذي إختارته له منذ خطوبتهما. سارت نحو الستائر لتزيحها حتى تسمح لنور الشمس أن يخترق زجاج الشرفة العريضة حتى ينشر ضياءه في ارجاء الغرفة، ليتململ زين بانزعاج في نومه مطقطقا عضلات ظهره العاري قبل أن يرفع بصره ليرى هوية الشخص الذي أفسد نومه، فتح عيناه بصعوبة بسبب أشعة الشمس القوية ليرى ميرهان تقف فوق رأسه بابتسامتها المعهودة و هي تقول له: -صباح الخير يا حبيبي. غمغم زين بانزعاج و هو يمسح وجهه بكفه الضخم : صباح النور، هي الساعة كام دلوقتي. مطت ميرهان شفتيها المطليتين بلون أحمر داكن شابه لون فستانها و هي تنظر لساعتها الفاخرة برهة من الزمن قبل أن تنطق: -الساعة إحداشر و نص، متهيألي كفاية يانوم يا حبيبي و يلا فوق عشان عاوزاك في موضوع مهم. إستوى ليجلس على سريره الضخم ذو اللون الأبيض الناصع لتظهر تقاسيم عضلات بطنه المنحوتة ببراعة مما جعل عينا ميرهان تتوسعان بإعجاب، إنتبهت على صوت زين الذي كان يناديها لترفع عينيها بصعوبة نحو وجهه الوسيم لتبتسم له بارتباك واضح قائلة: -ها، كنت بتقول إيه؟ ازاح عنه الغطاء ثم غادر سريره متجها نحو الحمام و هو يقول دون أن يلتفت إليها: -قلتلك إنزلي تحت هنزل عشان نفطر مع بعض. أغلق الباب وراءه دون أن ينتظر جوابها لتدير ميرهان عيناها في أرجاء الغرفة عدة ثوان قبل أن تجلس على السرير تنتظره دون حياء م**مة على إتمام المهمة التي أتت من أجلها. مرت عدة دقائق و هي تنتظره حتى شعرت بالملل لتقف من مكانها و تبدأ في تفتيش الغرفة تحت الوسائد و في ادراج الكومودينو لكنها لم تجد أي شيئ مهم، توقفت مكانها و هي تستمع إلى مقبض الباب الذي خرج من وراءه زين يلف منشفة على خصره. إبتسمت ميرهان و هي تتفرس جسده الضخم ذو العضلات المتكتلة دون خجل مما جعل زين يشعر بالضيق قليلا من تصرفاتها التي تتجاوز الحدود أحيانا ليسألها و هو يخفي ضيقه من وجودها المفاجئ: -إنت لسه هنا؟ إبتلعت ميرهان ريقها بصعوبة و هي تراقب قطرات المياه التي كانت تنساب من خصلات شعره لتصل أسفل ص*ره قبل أن تستجمع تركيزها هاتفة بتمثيل: -حبيبي مش أقدر أقعد أكثر من كده أصلي مستعجلة شوية أنا جبتلك الورق داه عشان توقعه، دا عقد بتاع عربية عجبتني جدا و كنت عاوزة أشتريها. همهم زين بعد أن فهم قصدها ليتحرك بلامبالاة باتجاه التسريحة ليبدأ في تمشيط خصلات شعره الندية: -طيب سيبيه هناك و انا هبقى أشوفه بعدين. عبست و هي تجيبه بدلال ممثلة الحزن: -حبيبي هو إنت زعلت عشان هتغيرلي العربية. رد زين عليها بنفي: - لا بس أنا إستغربت اصلك قلتيلي موضوع مهم، يعني كنتي تقدري تستنى. ميرهان بلهفة و هي تخرج الأوراق من حقيبتها : أنا مش هاخذ من وقتك كثير، و كمان مقدرش أستنى عشان نيللي صاحبتي عاوزة تشتري نفس العربية و انا عاوزة أسبقها و آخذها قبلها إنت عاوز صحابي يتريقوا عليا و يقولوا إنها مش قادرة تجيب شقفة عربية. ضحك زين بسخرية عندما تذكر كلام والدته عندما أخبرته أنها تافهة و لاتهتم سوى بالمظاهر ليرد عليها و هو ينظر لإنعكاس صورتها في المرآة أمامه: -معاكي حق شقفة عربية بمليون جنيه. شهقت و هي تعيد الأوراق داخل حقيبتها مغمغة بصوت مرتعش : كده يا زيزو مستخسر فيا عربية بمليون جنيه، انا آسفة إني ازعجتك ووعد مني مش هطلب منك حاجة ثانية. تحدث زين و هو يسير نحو غرفة الملابس ليرتدي ثيابه: -طب متزعليش انا هلبس هدومي و أحصلك على تحت. حاولت ميرهان إيقافه لكنها لم تستطع فهو كان قد أغلق الباب وراءه مفسدا بذلك خطتها التي أتت من أجلها، فهي كانت تريده أن يوقع الأوراق دون مراجعتها حتى لا يتفطن لتلك المؤامرة التي كانت تخطط لها منذ أشهر مع إبن عمه وليد.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD