الفصل الثاني

3081 Words
مايا الفقيه إستيقظت صباحا كالمعتاد... أيامي في هذا الملجأ متشابهة ركضت نحو حمام الغرفة المشترك لأحضى بدوري قبل أن تستيقظ باقي الفتيات... غسلت يداي ووجهي بقطعة الصابون الوحيدة بعد أن نظفتها جيدا بالماء ثم جففت وجهي بكم قميصي في الحقيقة أنا لا أستطيع إستخدام المناشف المشتركة لأنني أشعر بالق*ف منها... حتى ألوانها الحقيقة تغيرت من كثرة الأوساخ التي تراكمت فوقها دون أن تكلف العاملات بالدار أنفسهن بغسلها أو تغييرها....عذرا نسيت أننا نحن الفتيات من نقوم بالعمل بأنفسنا في الميتم... ننظف الغرف و نغسل ثيابنا و نقوم بتحضير الطعام مع الطباخين...إرتديت ملابسي التي لا أمتلك غيرها بنطال جينز مهترئ و فوقه كنزة صوفية خضراء اللون بأطراف بيضاء. تناولنا الإفطار شريحة خبز صغيرة مع بعض المربى و كوب من الحليب البارد... ثم خرجنا لننظف الحديقة فنحن الان بأواخر فصل الخريف و الحديقة مليئة بالأشجار التي تساقطت أوراقها بسبب الرياح...عذرا نسيت أن أعرفكم بنفسي أنا إسمي مايا عمري ثمانية عشرة سنة إلا اسبوعين..طوال الأشهر الاخيرة و انا اشعر بالحزن الشديد لأنني سأضطر مغادرة الميتم....أعلم أن الحياة هنا سيئة جدا و صعبة لكنها على حال أفضل من الشوارع...لقد سمعت الكثير من الحكايات المخيفة عن المجرمين الذين يسكنون الشارع... الحياة في الخارج عبارة عن غابة يكون البقاء فيها الاقوى و أنا لا أقارب لي لألجأ إليهم بعد أن فقدت والدي منذ سنوات.... لا أعلم مالذي ينتظرني في الشارع...قد أموت منذ أول ليلة او قد أتعرض للإغ..... يا إلهي مجرد تخيل أن ذلك قد يحصل لي يجعلني أموت في الدقيقة آلاف المرات... إنتهيت من تنظيف الحديقة مع سمر و غادة و هما فتاتين تصغرانني بأربعة أعوام... مسحت دموعي حتى أتجنب سخرية الأطفال الآخرين ثم عندنا إلى داخل الميتم حتى نحضر درس الخياطة الاسبوعي... مرت الايام متشابهة حتى جاء اليوم الموعود... يوم خروجي من الملجأ...كم توسلت للسيدة نادية مديرة الدار أن تبقيني لكنها رفضت رفضا قاطعا بحجة القوانين... أي قوانين هذه التي ترمي فتيات في عمر الزهور إلى الشارع دون حماية.. الا يعلمون المخاطر التي تنظرهم هناك. المهم حملت كيس ملابسي ثم غادرت الملجأ. نظرت حولي لأجد عالما غريبا أمامي شوارع واسعة و سيارات و أناس كثيرون... لطالما كنت أشاهد العالم الخارجي من خلف نوافذ الميتم لكنني لم أتوقع أبدا أن تصبح في يوم من الايام بيتي الجديد....كنت سأقطع الشارع لكنني تراجعت بعد أن موت امامي سيارة... شعرت بالخوف الشديد ثم ركضت للخلف بجانب حائط الملجأ و كأنه سيحميني من هؤلاء الناس الذين كانو يرموقنني باستغراب...إلتصقت بالحائط و انا أبكي حتى ظهرت امامي سيدة عجوز غريبة المظهر... كانت ترتدي ملابس سوداء و تضع رداء على رأسها بينما ظهرت خصلات شعرها البيضاء كالثلج.... و طلبت مني إختيار كرة من بين ثلاثة كرات مختلفة ألوانها كانت تضعها في يدها... لم أكن أفهم مالذي كانت تهذي به ساحرات و مصاصي دماء و مستذئبين...عقلي يكاد يجن من صراخها و صوتها المرعب و رغم ذاك إخترت اللون الأزرق...لا أدري مالذي حصل لتختفي العجوز من أمامي و أجد نفسي في مكان آخر... لوهلة ظننت انني في الجنة كان المكان رائعا بل في غاية الجمال و السحر تمنيت أن أمضى بقية حياتي هنا. تقدمت لأغمس يدي في البحيرة الزرقاء التي كانت تلمع بسبب إنعكاس أشعة الشمس التي تسللت من بين أغصان الأشجار العملاقة المحيطة بالمكان....غسلت وجهي عدة مرات قبل أن أنهض بعد أن قررت التجول قليلا في المكان لعلي أجد تلك العجوز الغامضة فهي سبب وجودي في هذا المكان الغريب.... و قبل أن أخطو خطوة واحدة سمعت صوت رجل ما يناديني لأتجمد مكاني...قبل أن ألتفت بصعوبة نحوه...في تلك اللحظة رأيت أوسم رجل رأيته في حياتي.. حتى أنني إضطررت لأرفع رأسي للأعلى حتى أستطيع رؤيته بوضوح تفرست ملامحه الوسيمة و جسده الضخم و عضلاته الظاهرة لأنه لم يكن يرتدي ملابس علوية... أفقت من شرودي على صوته الذي جعلني أرتجف مكاني عندما قال لي إتبعيني..... إعتذرت منه لأنني أردت الرحيل... نظراته لي كانت غريبة نوعا ما و رغم ذلك لم أشعر بالنفور ناحيته لكن في النهاية أنا من تطفلت عليه و دخلت هذا المكان دون إذنه....كدت أسقط في البحيرة لكنه اسرع و أنقذني و رغم أنه جسده كان مبللا إلا أنه كان دافئا بطريقة غريبة لا أعلم لماذا جميع من قابلتهم بعد خروجي من الميتم هم غريبوا الأطوار أولا تلك العجوز و الآن هذا الرجل الذي يصر على مناداتي صغيرته... أنا لست صغيرة فقد أتممت الثامنة عشر من عمري منذ ساعات. لا أعرف لماذا لم أشعر بالخوف منه حتى بعد أن أصر على بقائي معه و اخذي إلى منزله بالمناسبة منزله كان فخما جدا لم أرى شيئا كهذا في حياتي....خاصة الملابس طوال حياتي كنت أرتدي الفساتين القديمة و لم احظ يوما ما بفستان جديد و جميل كهذه التي كانت تملأ الخزانة.... إنتهيت من حمامي و خرجت لأجده ينتظرني و معه صينية مليئة بالطعام .... اص*رت معدتي صوتا يدل على جوعي الشديد فشعرت بالحرج و إحمر وجهي و تمنيت أن تنشق الأرض و تبتلعني في تلك اللحظة خاصة بعد أن ضحك علي و جذبني نحوه ليبدأ في إطعامي بحرص شديد...كنت في غاية السعادة لوجود شخص يهتم بي رغم أنه يتوجب علي أن أخاف من هذا الغريب فمن الممكن انه قد يكون وراء مظهره الوسيم و معاملته اللطيفة لي مجرما خطيرا... لأول مرة في حياتي آكل مثل هذا الطعام اللذيذ أنواع كثيرة من الأسماك و اللحوم المشوية و السلطات.... و لم أشعر بنفسي إلا عندما بدأت معدتي تألمني و رغم ذلك أصر عليا أن آكل المزيد لكنني لم أستطع....ليترك الصينية من يده ثم يحملني إلى الفراش و يغطيني متمنيا لي نوما هنيئا...قبل أن يغادر. في تلك اللحظة إنهمرت دموعي و بكيت كثيرا فقد تذكرت حنان والدتي و ابي الذين فقدتهما منذ سنوات طويلة... بعدهما لم يهتم بي أي شخص و لم أعامل بهذه الطريقة اللطيفة ابدا. بكيت كثيرا حتى شعرت بألم في راسي بعدها نمت دون أن أشعر. أيريس إكزافير ادعي أيريس إكزافير بينما ذئبي إسمه فولكانو انا ألفا مملكة المستذئبين توليت الحكم بعد والدي عندما بلغت الثامنة عشر من عمري... اي منذ سنوات طويلة لالا.... تعتقدوا انني عجوز لكن نحن المستذئبون أعمارنا تختلف عن البشر الطبيعيين. رغم مرور سنوات طويلة على تحولي إلا انني لم أجد بعد رفيقتي...و لم أبحث عنها كثيرا لأن النبؤة تقول ان رفيقتي بشرية و هي من ستجدني. ليس أنا.....لذلك كنت امضي كامل وقتي في العمل حتى لا أجد فرصة في التفكير في رفيقتي...موضوع الرفقاء حساس جدا بالنسبة لنا نحن المستذئبون حرفيا لا يشعر أحدنا بالكمال إلا عندما يجد رفيقته. كنت في بحيرة القمر الفضي.. مكاني السري و المفضل أقضي فيه عدة ساعات كل نهاية شهر حتى أستجمع طاقتي التي إستنزفت في العمل و التفكير الشهر الماضي....إستجمعت أنفاسي ثم غصت داخل أعماق البحيرة..و بعد مرور دقيقتين كنت أواقب فيهما الأسماك الصغيرة الملونة التي كان تسبح حولي دون خوف شعرت باضطراب فولكانو الذي كان يتمتم بكلمات غير مفهومة...لأقرر الصعود للأعلى لأتفقد المكان فربما يكون هناك من تجرأ على إقتحام منطقتي الخاصة.... إقتربت من السطح لتتسلل إلى أنفي أجمل رائحة أشتمها في حياتي بعدها سمعت ذئبي ينطق بكلمات جعلتني أتجمد مكاني :رفيقتي...إنها هنا.... هنا.... رفعت رأسي لأجد فتاة بشرية... علمت ذلك من رائحتها كانت تلتفت أمامها و يبدو أنها تستعد للذهاب ناديتها لتلتف لي.... في تلك اللحظة شعرت ان الزمن قد توقف من حولي و انا أراها... رفيقتي نعم إنها هي...أكاد أجن من فرط سعادتي و كذلك فولكانو المجنون يريد اخذ السيطرة مني حتى يتحول ليكون بالقرب منها..... لكني استطعت السيطرة عليه و تهدأته حتى لا يخيف رفيقتنا الجميلة... نعم لقد كانت أجمل شيئ أراه في حياتي و هذا ما جعلني أرغب في إلتهامها الان من شدة شوقي لها.. خرجت من البحيرة لأمنعها من الذهاب لكنها كانت مصرة على الذهاب حتى أنها كادت تسقط في البحيرة....جذبتها نحوي لأشعر بجسدها الطري ضد ص*ري الصلب و هذا ما جعل جنوني يتضاعف.... تمالكت نفسي بصعوبة و حملتها بين ذراعي لأنقلها إلى منزلي...بعد أن طلبت منها إغلاق عينيها حتى لا تصاب بالأذى نظرا لسرعتي في التنقل بين الأماكن....وضعتها فوق السرير و إبتعدت عنها بصعوبة رغم رغبتي في البقاء بالقرب منها بقية حياتي.... كم كانت لطيفة و جميلة و صغيرة الحجم ملابسها البسيطة لم تنقص شيئا من جمالها الخلاب... شعرت بالغيرة في تلك اللحظة و أنا أتخيل أن ينظر أحد غيري لكتلة الجمال هذه.... يبدو أن الايام القادمة ستكون صعبة بقدر سعادتي لأنني وجدت رفيقتي.... إنتهيت من إطعامها و كم إستمتعت بفعل ذلك كانت جائعة جدا و رغم ذلك لم تأكل كثيرا بدت لي ضعيفة و هزيلة جدا سوف اسألها لاحقا عن حياتها السابقة لكن الان سوف أدعها لترتاح قليلا... إستجمعت كل طاقة الصبر لدي لأخرج من ألغرفة لأنني على يقين بأنني لو بقيت خمس دقائق إضافية لن استطيع السيطرة على نفسي و أنا لا اريد إيذائها..... ركضت نحو الشرفة لأقفز منها تاركا السيطرة لفولكانو الذي إتجه نحو الغابة بكل سرعته امضيت عدة ساعات و أنا أركض حتى شعرت بالتعب لأجلس تحت شجرة كبيرة لأنال قسطا من الراحة. صورة رفيقتي الجميلة لم تبرح خيالي لابد أنها قد إستيقظت الان من الأفضل لي أن أعود فقد تحتاج شيئا و لا تجدني هناك...وقفت من مكاني ثم بحثت عن ثياب فعادتنا نحن المستذئبين الإحتفاظ بثياب إحتياطية تحت الأشجار في حال تحول أحدنا.... وجدت بنطالا أ**د اللون على جذع شجرة لأتحول في الحال و أرتديه ثم إستخدمت قوتي لأتنقل إلى منزلي..... صعدت الدرج بخفة ثم طرقت باب غرفة رفيقتي و أنا أستنشق رائحتها التي سيطرت عليا بالكامل...كنت أغمض عيناي مستمتعا برائحة الفانيليا التي كانت تعبق في الأرجاء حتى سمعت صوت شهقتها.... نظرت أمامي لأجدها تقف أمامي وتنظر لي بعينين حائرتين.... أخفضت بصرها فورما إلتقت نظراتنا و إحمرت وجنتيها الجميلتين بخجل...أخذت نفسا طويلا حتى أهدأ نفسي قبل أن أتحدث: - أتيت لأطمئن عليكي...رفيقتي الصغيرة ". تعالت ضحكاتي عندما رأيتها تمط شفتيها بطفولية لاقت عليها كثيرا و هي تجيبني : -أنا لست صغيرة....لقد أتممت البارحة الثامنة عشرة من عمري لذلك غادرت الملجأ". تجمدت الدماء في عروقي بعد ما سمعته منها...لقد قالت أنها كانت تسكن في ملجأ... دلفت الغرفة و أنا أكاد أنفجر غضبا... أمسكت بمنشفة ووضعتها على رقبتي ثم جلست و أشرت لها بأن تجلس إلى جانبي....لكنها جلست بعيدا عني و هي تفرك يديها بحرج او بخوف لم أكن أعلم شعورها في تلك اللحظة بالضبط لأنني كنت مضطربا كثيرا. حاولت إستجماع هدوءي لأسألها بلطف حتى لا أخيفها مني : - هل يمكنك إخباري ماهو إسمك رفيقتي؟ ". لمحت إبتسامتها اللطيفة قبل أن يأتيني صوتها العذب الذي آثار جميع حواسي : -إسمي مايا الفقيه... رددت إسمها بين شفتاي بتلذذ مايا الفقيه... رغم غرابته إلا أنه كان أجمل شيئ أنطقه طوال حياتي.... أفقت من تخيلاتي لأسألها مجددا فقد أردت معرفة كل شيئ يخصها : -إسمك جميل جدا رفيقتي..من أين أتيتي و كيف وصلتي لتلك البحيرة ". زمت شفتيها من جديد مما جعلني أبتسم في داخلي : -لقد كنت أعيش في ميتم مع عدة أطفال آخرين...والداي توفيا عندما كنت صغيرة و أقاربي رفضوا إستقبالي بينهم... قبضت على يدي بعنف و أنا أتخيل كم عانت صغيرتي في حياتها... لقد حرمت من حنان عائلتها في سن صغيرة و إضطرت للعيش في ميتم مع أطفال آخرين...الان فقط فهمت لم جسدها هزيل و ملابسها قديمة يبدو أنها عاشت سنوات صعبة في ذلك المكان.... رفعت رأسي لأراها تبكي و دموعها الغالية تننمر على وجنتيها..نفخت بضيق و انا أشعر بأن قلبي يتمزق داخل ص*ري من أجلها... وقفت من مكاني بهدوء ثم جلست أمامها على ركبتاي...رفعت ذقنها للأعلى لأتمتع بجمال وجهها الفاتن و عينيها الساحرتين مسحت دموعها و أنا أحدثها كطفلة صغيرة : - تصبحين ب*عة عندما تبكين... نظرت نحوي بغرابة و كأنها لم تتوقع أن أقول لها هذا الكلام...عيناها الخضراء كانتا تلمعان كحبتي لؤلؤ تحت ضوء القمر...رفعت يديها لتمسح دموعها و هي تتمتم : -أنا آسفة لم أقصد أن اضايقك.. إبتسمت على لطفها ثم أمسكت بكتفيها لأجعلها تقف... شعرت بارتجاف جسدها لأعلم أنها خائفة مني...وضعت يدي وراء ظهرها لأقودها نحو الشرفة و أنا أقول باقتراح : -ما رأيك أن اريكي خدعة ". قطبت حاجبيها بعدم فهم و هي تردد : -حيلة؟؟ أومأت لها و أنا ألتقط كوب ماء في طريقي.... أجلستها على الأرجوحة التي كانت في الشرفة. ثم وضعت كوب المياه فوق سور الشرفة لاحظت أنها كانت تنظر لي بترقب لارفع يدي إلى الأعلى قليلا فوق الكوب و أبدأ في تحريكها حركات دائرية ثم أسحب المياه إلى الأعلى لأشكل كرة مائية.... وقفت رفيقتي من مكانهاو هي تشهق بانبهار لأضحك بداخلي عليها...المسكينة لا تعلم ماينتظرها من غرائب في هذا العالم... بدأت أرفع كرة المياه للأعلى ثم جمدتها لتصبح كتلة ثلجية... عندها فرقعت بأصابعي لتنفجر في الهواء فوقنا و تتناثر رقاقات الثلج علينا مشكلة منظرا يخ*ف الأنفاس من شدة جماله.... بسطت مايا يديها محاولة الإمساك برقاقات الثلج و هي تضحك بسعادة قبل أن تتوقف فجأة و تنظر لي بامتنان قائلة : -لم أرى شيئا كهذا في حياتي..إنت رائع جدا..... اوووه آسفة أنا لا أعرف إسمك ". أجبتها و أنا أبادلها إبتسامة حنونة : -إسمي أيريس إيكزافير و... كنت سأخبرها عن إسم ذئبي لكنني توقفت عن الحديث في اللحظة المناسبة بعد أن تذكرت أنها بشرية و من عالم آخر أي أن لا فكرة لديها عن عالم المتحولين.... أشرت لها لندخل لتوافق على مضض بينما كانت عيناها متعلقتان برقاقات الثلج التي لازالت تطير في الهواء....كان الجو باردا عليها لذلك خفت أن تمرض...فنحن المستذئبون نتمتع بأجساد دافئة ع** البشر.... إلتفتت للجهة الأخرى لأتخاطر مع إحدى الخادمات حتى تجهز لنا طعام العشاء و التي لم تتأخر حيث أتت حاملة صينية بها عدة أنواع من المأكولات... بعد أن تناولنا الطعام ظلت رفيقتي تحدثني عن حياتها البسيطة في الميتم و كنت أستمع لها بتركيز شديد و انا أتوعد داخلي أنني سوف أعوضها عن كل الآلام التي شعرت بها سابقا.... في اليوم التالي....(عودة للسرد) إستيقظ أيريس باكرا... قام بروتينيه اليومي ثم إرتدى ملابسه الرسمية و خرج بعد أن ضاعف عدد الحراس الذي كانوا يطوقون منزله لمنع أي شخص من الدخول او الخروج..... إتجه نحو مبنى القطيع الذي يتكون من عدة طوابق و يسكنه المئات من أفراد القطيع الذين لم يمتلكوا منازل بعد....تخاطر مع البيتا و الغاما و قائد الحرس الذين حضروا خلال دقائق معدودة... ترأس أيريس طاولة الاجتماعات الخاصة به قبل أن يبدأ بالحديث الذي صدم الجميع : -لقد وجدت رفيقتي ". قالها دون مقدمات و هو يحاول إخفاء سعادته التي غمرته حال نطقه كلمة الرفيق...أصيب الجميع بالدهشة ليتشجع البيتا غابريال و يسأله : -ألفا...إنه خبر رائع جدا لقد وجدت اللونا بعد كل هذه السنوات الطويلة... أومأ له أيريس بالايجاب و هو يعقد يديه معا أمامه على الطاولة ليضيف قائد الحرس ستيف : -لكن كيف وجدتها ألفا و أين هي...نحن لم نلاحظ مرور أي شخص غريب حدودنا؟؟ أيريس بهدوء : لقد وجدتها اليوم صباحا... عند بحيرة القمر الفضي و قد وضعت حاجزا لإخفاء رائحتها عن الجميع و الآن أردت إخباركم حتى تقوموا بكافة التجهيزات المناسبة لحفل تنصيب اللونا غدا مساء....أريد أن يكون إحتفالا مميزا ". هتف الجميع بيوت واحد قبل أن يغادروا لأعمالهم : -أمرك ألفا". خارج المبنى..... بدأت الاخبار تنتشر بسرعة و أصبح معظم أفراد القطيع يعلمون بأن ملكهم قد وجد رفيقته حتى القطعان البعيدة و التي كانت تحت حكم إيريس علموا بهذا الخبر الذي كانوا ينتظرونه منذ مئات السنين...ليبدأ الجميع في تجهيز أنفسهم من أجل الاحتفال... و من بينهم لورا إبنة عمة إيريس المدللة...كانت في غاية الجمال ب*عرها الأ**د الكثيف و عينيها الزرقاء التي تشبه السماء الصافية و جسدها المشوق الذي ينافس أجساد عارضات الازياء... إنتفضت لورا من مكانها و كأن عقربا لدغتها عندما سمعت بالخبر من إحدى صديقاتها أثناء حصة التدريب الليلي... -ماذا... هل وجد إيريس رفيقته..هل أنت متأكدة كلاريسا ". رمت المنشفة التي كانت تجفف بها وجهها و رقبتها بغضب على الأرض و هي تسألها لتجيبها الأخرى بتأكييد: -الجميع يعلم بهذا الخبر منذ ساعات حتى القطعان المجاورة و غدا مساء سوف يقام حفل تتويج اللونا". كانت كلاريسا تتحدث بتلقائية كعادتها و لم تنتبه لملامح لورا التي كانت تزداد شراسة مع كل مرور ثانية.... -أنا متحمسة جدا لهذا الاحتفال... سيكون هناك شبان وسيمون و قد أجد رفيقي من بينهم.... يجب أن أجهز نفسي حتى أكون جميلة و يعجب بي رفيقي... لورا... لورا مابكي". نادت على صديقتها التي كانت في عالم آخر لاترى أمامها سوى جثة تلك البشرية التي أخذت منها حبيبها مقطعة لأشلاء أمامها... نظرت نحو كلاريسا بعيون حمراء كالدم ثم صرخت في وجهها قائلة : -أ**تي كلاريسا.. أ**تي تبا لكي.... أيتها الغ*ية دائما أخبارك شؤم كوجهك إبتعدي من أمامي ". أزاحتها عن طريقها بعجرفة وثم سارت و هي تتمتم بداخلها تشتم تلك الساحرة التي إتفقت معها على منع تحقيق النبؤة.... -تلك الحقيرة لقد خدعتني...كيف تجرأت على فعل ذلك...لقد نفذت كل شروطها مقابل تأجيل تحقيق النبؤة لثلاث سنوات حتى تلغى نهائيا...و بذلك أستطيع الحصول على الألفا.... جلست في مكان منزو و هي تنظر جهة الشرق حيث تقع مملكة الساحرات البعيدة وهي تتذكر ما حصل منذ أشهر ... وصلت لورا لحدود مملكة الساحرات لتجد الملكة كاتريسيا بانتظارها...تقدمت نحوها بعد أن تأكدت من نجاحها في تجاوز حدود مملكة المستذئبين دون أن يتفطن لها الحرس... رحبت بها كاتريسيا التي كانت مصحوبة بعدة ساحرات أخريات من مستشاري المملكة قائلة : -لورا إبنة عم ملك المستذئبين لم أصدق حارسات المملكة عندما أخبرنني بوجودك هنا طلبك لمقابلتي شخصيا.... كرمشت لورا ملامحها بتقزز و هي تتفرس ملابسهم السوداء الغريبة التي كانت تغطيهن من رؤسهن حتى أخمص أقدامهم...لتجيبها: - لقد جئتك في موضوع مهم جدا...و لا أحد غيرك يستطيع مساعدتي ". هزت الملكة رأسها بغرور بعد أن إستمعت الأخرى تمدحها ثم قالت : -موضوع مهم؟ أومأت لها لورا ثم نظرت نحو الساحرات بنظرات ذات مغزى لتشير لهن كاتريسيا ليختفين فورا..ثم أستأنفت حديثها من جديد: -يبدو الموضوع في غاية الخطورة أيتها المستذئبة". تحدثت باحتقار لتضغط لورا على أسنانها و هي تتمنى بداخلها أن تنقض عليها و تقتلع ل**نها من مكانه لكنها بدلا من ذلك إبتسمت بمجاملة فما يهمها الان هو تحقيق غايتها فقط و بعدها سوف تتفرغ للانتقام منها... -من المؤكد أنك تعلمين بشأن بالنبؤة التي حددت رفيقة الألفا ايريس صحيح؟؟ تساءلت لورا -طبعا فجميع الخوارق يعلمون بأن رفيقة الألفا بشرية من عالم آخر و أن ساحرة منفية ستساعدها في القدوم إلى هنا.... أومأت لها لورا و هي تبتسم بخبث قبل أن تتحدث : -و لهذا أتيت إليك أيتها الملكة...اريدك أن تمنعي ساحراتك من إحضار تلك البشرية إلى المملكة...... توسعت عينا كاتريسيا بقلق مما تطلبه هذه المستذئبة المتهورة فلو علم الألفا بذلك فلن يتوانى عن تدمير مملكة الساحرات في دقائق معدودة و لن يستطيعوا ال**ود أمام قوته التي تفوق جميع الممالك الأخرى متحدين.... لاحظت لورا خوفها لتسارع في إيجاد الكلمات المناسبة لحثها على مساعدتها فهي سبيلها الوحيد في ذلك : -لا تقلقي...لن يعلم أحد باتفاقنا و لن يشك الألفا في تأخر رفيقته...كل ما عليكي فعله هو البحث عن جميع ساحراتك المنفيات و قتلهن حتى نضمن عدم تدخلهن في تحقيق النبؤة فقط....لكن إحرصي على التخلص منهن جميعا لا اريد أخطاء..... كاتريسيا :حسنا و ماهو المقابل.... لورا بهمس :القوة و السلطة أيتها الملكة.... أنت تعلمين أن مملكتك من أضعف الممالك الموجودة في هذا العالم و لولا معاهدة السلام الموقعة بين جميع الفصائل لانتهيتم منذ زمن على يد ملكة السايرن التي تنتظر فرصة للتخلص منكن خاصة بعد حادثة مقتل شقيقها على يد إحدى الساحرات...ثلاث سنوات أخرى و ينتهي الوقت المحدد للنبؤة عندها سوف يضطر الألفا للزواج من مستذئبة و انت تعلمين انني الأنسب لأصبح اللونا المستقبلية لمملكة المستذئبين عندها سوف أهد*كي مملكة السايرن بأكملها... ما رأيك ". إتسعت إبتسامة كاتريسيا قبل أن تستل خنجر ضوئيا من خصرها علامة على قبول هذا الإتفاق....لن يكون من الصعب التخلص من الساحرات المنفيات فعددهن قليل و هي تعلم بأماكنهن جميعا...خدمة بسيطة ستقدمها لهذا المستذئبة مقابل التخلص للأبد من عدوها اللدود ملكة السايرن.... جرحت كف يدها بالخنجر ثم أعطته للورا لتفعل المثل... أخرجت بلورة دائرية تشع باللون البنفسجي حتى تمتزج دمائهما داخلها و التي ستكون شاهدا على إتفاقهما و حتى تضمن ملكة الساحرات عدم خيانة لورا لها.... يتبع ♥️♥️♥️
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD