مشعّة: 01

2356 Words
في الماضي ، كنت عندما أُسأل عن أحلامي و مُخططاتي المُستقبلية أجيب أنّي سأتولّى أعمال والدي ، أو ذلِك ما بُرمجت على التفكير به و قوله امتلكت عائلتي شركة للإعلانات توارثوها أبا عن جد ، من التقاليد أن الإبن البكر في كلّ جيل هو من يتولّى رئاستها و كنت أنا الأكبر بين أبناء عمّي الثلاث . عُجن هذا الهدف بعقلي على هذا الأساس منذ نعومة أظفاري و مبجرّد ما أصبحت في مُنتصف الطور الإبتدائي كان قد نضج بالفعل ، اعتقدت أنه حُلمي و عمِلت بكدّ من أجل تحقيقه ، كما يُكرّس القسّ حياته لخدمة الربّ كرست حياتي للدراسة و كنت الأول على مُستوى المؤسسة التعليمية في جميع الأطوار و مراحلها . أمّا الآن و قد حققتُه فما عُدت أشعر بالسعادة ، لا مُتعة فيما أفعله ! ، صار الضجر و الفراغ جليسا أيامي المُتشابهة ، أشعر كأنّني رجل آليّ . شتان بين الحُلم و الإلتزام ؛ لا أعلم حتّى الآن ما تعريف كلِمة حُلم ، أهو رغبة ؟ ، هدف ؟ ، إيمان ؟ لكن أتمنى لو امتلكت واحدا و سعيت خلفه لربّما تكون الأوضاع مُختلفة أذكر أن صديقا قديما لي سألني يوم التخرج من الثانوية عن ماهية أحلامي ، لماذا عملت بهذا الجد طوال الأعوام الفارطة فكانت إجابتي كالتالي " كي أحصل على علامات تُرضي والديّ و تُخولني دراسة الإختصاص الذي يُريدانه. " و رغم أننا لم نكن بذلك القُرب إلا أنه أجاب بعفوية بحتة و على وجهه بوادر الصدمة " هل كدحت في الدراسة و تحمّلت شقاء السبيل لينتهي بك المطاف تقوم بعمل لا تستلذّ إنجازه ؟ أنت تُضيّع إمكانياتِك يا صاح ! " كنا قد بدأنا نقترب من دورنا في تسلّم شهادة التخرج لذلِك تجاهلتها و مضيت ، لم أتوقّع أنها ستلحق بي و تُلقي الموعظة عليّ ؛ هذه المرّة كانت ملامح الشّفقة تمتطي وجهها. " بعد عدة سنوات من الآن قد نلتقي ؛ سأجدك شخصا ناجحا ذا وظيفة مرموقة ، جاه و مال لا أتوقّع أقلّ من ذلِك منك ، رُبّما ستكون مُتزوجا ، ستمتلك جميع سُبُل الراحة و السعادة لكنك ستعيش في تعاسة و ملل مُطلقين فقط لأنك مُبرمج على العمل و جني المال ، أما أنا فستجدني روحا حرة أطارد الحُلم تلو الآخر ، قد تغتاله الحياة في ريعان شبابه لكنني سأحاول مُجددا ، ستكون حدودك السقف و ستكون حدودي السماء السابعة " كانت ثرثارة ما إن بدأت الحديث لم ت**ت ؛ ربّما أردت أن تنتهي لأنّني شعرت لحظتها بالغيرة الشديدة منها ، يُمنكها فِعل ما تريده و ارتداء ما تريده دون أن تحسب حسابا لأيّ أحد على ع**ي ، بيون أدريان الوريث الشاب، جميع الأعين تُلاحقه و كان ينبغي أن يظهر بمظهر حسن ، قاطع صوت الأستاذ الذي نادى عليّ لأستلم شهادتي مُحاضرة الأحلام الّتي بدا و أنّها لم تكن مُشرفة على النهاية . و لقد صدقت جميع تكهّناتها ؛ أنا أعيش في ملل عارم كأنّ الأيّام مهما كانت مُحلّاة بالسعادة لا طعم لها في ص*ري رغم أنّي أمتلك كلّ شيء تقريبا ، المال، عائلة دافئة و زوجة مُحبّة .. مرّ عامان على زواجي ، زواج مصلحة خُضتُه حينما كانت الشركة تُعاني من ضائقة مالية ، مثله مثل زواج والديّ . زوجتي مثالية كحياتي ، جميلة ، مُراعية ، تهتم بي من جميع النواحي و تحبّني ، اللحظات الوحيدة التي أعتقد أنني استمتعت بها هي عندما كُنّا نخرج معا ، لا أعلم ما هي مشاعري الحقيقة تُجاهها ، هل ذلِك مهم ؟ . نحن لم نُرزق بالأطفال بعد ، أهو السبب الحقيقي لكوني تعيسا ؟ ، على من تكذب ؟ كأنّك تعشق الأطفال عِشقا ! لم تجمعنا الحياة بأيّ من فصولها البائسة حتى الآن ؛ كنت أشعر بالفضول لأعلم عن تفاصيل مسيرتها المهنية و ما إذا كانت قد حقّقت الأحلام التي كانت تتبجح بها لكن القدر لم يشأ ، أرجو أنّها أكثر سعادة منّي . كنت أجلس في مكتبي الفسيح الواقع بآخر طابق من المبنى أقوم بتوقيع بعض الأوراق ، تخطّت الساعة الخامسة مساءً و لا يزال أمامي جبل طود عليّ تسلّقه . كثيرا ما كانت الأفكار تصرفني عن العمل و هذه المرّة كان الهاتف من يفعل ، بعد أن رنّ بالقدر الكافي أجبت على الخطّ و ببرود بادرت " مرحبا جا**ون ، ماذا تريد ! " لم أتكبّد عناء انتقاء الكلمات فالمُتصل كان أحد أصدقائي المقربين و الوحيد الذي تربطني به آصرة متينة عُمرها يُناهر العشرين سنة . " واضح أنك مشغول بالعمل ، سأدخل في صلب الموضوع ، طُلاب دُفعتنا من الثانوية يُخطّطون للاحتفال بالذكرى العاشرة للتخرّج ، هل أنت مُهتم بالحضور ؟ " كان يتحدث برزانة و حين سألني انتبهت إلى أنّ صوته صار أكثر ابتهاجا ، كأنّه يقول بك أو من دونك سأذهب ، لكن لماذا فجأة ؟ " أجواء الاحتفالات لا تُناسبني ، أكره الصخب و المشروب " وضّحت عدم اهتمامي بالعرض و في مُواجهة طبيعتِه اللحوحة كان عليّ إيجاد عُذر أكثر إقناعا ، دحرجت عدستي بين كومة الأوراق و الحاسوب ثمّ تابعت " و لديّ الكثير من العمل عليّ إنجازه اليوم " " هيا يا رجل لا تكن مُملّا ، عندما يتمكّن منك الزمن ستتمنّى لو أنك استمتعت بحياتك عوض إفناءها في العمل ، مُنتهاك إليه لماذا تستبق الأحداث . " نثر ما بجُعبته خارجا دُفعة واحدة في حين كُنت أعلّق الهاتف بين أذني و كتفي مُستغلا الوقت الذي يُضيّعه في العمل " جا**ون أنا .. " كُنت بصدد إعلامه عن رفضي للمرة الثانية غير أنه قاطعني في نُصح و حِلم " جميع أعذارك واهية أدريان ، لماذا تُصرّ على أن تحصر نفسك بين براثن العزلة و قاعات الحياة الفسيحة تُرحّب بك ، صدقني أنت تُفوّت الكثير ، أنظر صحيح أنني شخص مُتهوّر لكنّي مُدير ناجح " كي لا أسمع المزيد أسمعته ما يريد " حسنا سأفكر بالموضوع ، وداعا " أقفلت الخطّ و ألقيت بما قاله في آخر زاوية من رأسي ؛ واصلت العمل بجد و تركيز ، لم أشعر بمرور الوقت إلّا و قد أظلمت السماء بالخارج . تركت الأوراق من بين يدي و وقفت أمام الحائط الزُجاجي أراقب أنوار المدينة تتلألأ كأنّها بساط من النجوم . فجأة اقتُحم مكتبي بقلة أدب فالتفتّ مصدوما ، كان جا**ون ، ظل متكأ إلى الجدار يُناظرني ب**ت ، إن أصرّيت على موقفي سيزعجني كثيرا و سيجعل من ذهابي أو عدمه سيان ، أدركت أنه لا مفرّ لي من إرادته .. " حسنا ، لقد ربحت ، سآتي ، سأحضر .. هل أنت مُرتاح ؟ " هتفت بانزعاج و هممت بتوضيب أغراضي ، جا**ون إبتسم برضى، جلس على كرسيي الجلدي المريح و أخذ يدور به يمينا و شمالا مُتهكّما . " اقناعك على الخروج أشبه باقناع راهبة على ممارسة الرذ*لة ، لماذا تُضخّم الموضوع دائما ، إنّها مُجرد ثلاث ساعات أو أكثر من وقتِك الثمين " ثلاث ساعات ؟ ، يتحدث و كأنّها ثلاث ثواني .. إنّه الإهدار عينُه ، إلــهي صبرك ! " جا**ون ، أنت شوكة في الحلق " رمقتُه بنظرات حادة و أنا أهندم سُترتي ، حين أوحى مظهري أنني صرت جاهزا قفز من الكرسي و عانقني جانبيا " الأ**ق فقط من يضيّع لقاء لمّ الشمل بزملائه في الثانوية ، ستستمتع ثق بي " تِلك الملامح على وجهه لم ترق لي البتّة ، ستكون ليلة طويلة . .... بعد عشر دقائق من القيادة وصلنا إلى المطعم الّذي سيحتضن اللقاء ، بالأصحّ الحفلة .. مِلكيتُه تعود لعائلة كيم و إن كان المُنضّم جونغ إن فقد ضاعت حياتي ؛ أذكر آخر حفلة حضرتها كانت حفلة عيد ميلاده و قد كان مهووسا بأل**ب المشروب " من سيأتي ؟ " سألت بشيء من التوتر ، ليرد على الفور بحماس " هُناك المنظّمين مسؤول الصف سوهو ، المعلمة هانا و المعلم جون وو ، جونغ إن المُستضيف " علِق رأسي عند اسم جونغ إن و خططت للفرار لكن جا**ون كان السير خلفي على بُعد خطوتين بيننا ، هو صديق جيّد و لكن طُرقه في الإحتفال هاجس بالنسبة لي " كريس قائد فريق كُرة السلة و على الأغلب فريقه سيحضر أيضا ، ميرا قائدة فريق المشجعات ، آنّا ملكة جمال الثانوية ، سامويل ، جانغ مي ، ليو .. " جا**ون واصل تعديد الأسماء بلا كلل أو ملل حتى هتفت أحثّه على التوقّف " حسنا حسنا ، يكفي " أسوء شيء في الموضوع أنّي لا أذكر أي مخلوق من الذين ذكرهم باستثناء سوهو ، و تِلك الفتاة ماذا كان اسمها ، نسيتُه كذا وجهها ، أذكر فقط أن عيناها كانتا زُمرّديّتا اللون ، هل ستحضر أيضا ؟ . أول شخص قابلنا عند المدخل كان سوهو ؛ ما يزال ذا هيئة هادئة و قد غير إطار نظّاراته من المُربّع إلى الدائري " جا**ون و أدريان " ن** رأسه و شخبط شيئا على اللائحة التي كان يحتضنها بين ذراعيه ، على الأغلب هو قام بشطب أسمائنا مُؤكّدا أننا حضرنا ، هل ستتم مُناداتُنا كأيام الثانوية مثلا ؟ ، ا****ة هذا ما كان ينقصني . " مر وقت طويل شباب ، أدريان بالكاد تعرفت عليك " ابتسم سوهو بودية و مد يده مُصافحا كلانا ، بادلته مثلها لأنني لم أعثر على الكلمات المناسبة للردّ ، جا**ون ثرثر قليلا معه و بدا الآخر متضايقا لعلّه يكره الإزعاج مثلي . كنت أسمع أصوات ضوضاء و قهقهة قادمة من مكان قريب توحي أنّه مُكتظّ . حين فرغ جا**ون من ملأ فضوله بالأجوبة عبرنا الرواق الطويل إلى عُقر المطعم ، كانت القاعة تبدو أوسع ممّا كانت عليه بآخر لقاء عمل لي هُنا ، و ربّما ذلِك يرجع لاختفاء الطاولات المُعتادة فقد استُبدلت بطاولتيّ اجتماعات فقط ، كانت تحتوي على مُختلف أنواع المشروبات و الطعام ، الأنوار كانت ساطعة و الموسيقى لم تُشغّل حتّى الآن . تلقينا ترحيبا بهيجا من قبل أشخاص لا أذكرهم لكنهم يذكرونني ، شعرت بالخجل و أنا أتظاهر بالع** ، لم أرهم منذ عقد ، لا أصدق أنني أقحمت نفسي في هذا . جا**ون كان يُقهقه باستمتاع لرؤيتي أعاني ، من حُسن حظّي أنّ ذاكرتي جيّدة إذ استطعت تلقّن بعض أسماء الموجودين . " أدريان ، لا أصدّق أنك أتيت " فتاة ظهرت من العدم و جعّدت حُروف اسمي تجعيدا ، لم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ بل قامت بمُعانقتي كأننا أصدقاء و أنا لا أعلم حتّى من تكون ؟ . بقيت جامدا أستنجد بجا**ون الذي كان يمرح مع بعض الشباب ، هو لم يكن مُنتبها عليّ " أنا ميرا ألم تذكرني ؟ " هتفت بدرامية بعد أن فصلت العناق ، لم يُنقذني سوى حديث جا**ون الذي سبق دخولنا إلى هنا " قائدة فريق المُشجّعات ! " " علِمت أنه من المستحيل لك أن تنساني " ض*بت ص*ري بخفّة في حين بقيت جاحظ العينين ؛ إلــهي ساعدني ! حالما أتى سوهو و معه اللائحة أخبرنا المُعلم جون وو أن نجلس ؛ جا**ون أخذ مكانا بجانبي و قبل أن تستولي تِلك المتصنّعة على الآخر كان سوهو قد جلس بالفعل ، شعرت بالطمأنينة تسري في شراييني ، كنت لأقع في موقف لا أحسد عليه . مرّت نصف ساعة و الأوضاع تحت السيطرة ، المعلم كان يميل كُرسيّه بإتّجاه الطاولة المُجاورة كي يرى الجميع بعد طلبه أن نُخبره عن تفاصيل حياتنا . كُنت أصغي بإمعان لقصصهم و أقارنها مع أسلوبي في الحياة ، مُعظمهم كان يعمل كموظّف حكومي _ ممل _ هدفه في هذه الحياة جني المال و الاهتمام بأسرته ، بعض الأشخاص كقائد فريق كرّة السّلة فتح صالة علاوة على ترشيحة كمدرب للفريق الوطني .. مُعظمهم يُكابدون مشاق الحياة لأنها فرضت عليهم اتباعها و البعض يوجّهون دفّتها بما يخدمهم ، كُنت من النوع الأول . قبل أن يصل دوري اقتحمت امرأة مُشعة ذات أعين زُمرّدية و شعر أ**د طويل المكان ، كان دخولها صاخبا بسبب حقيبة السفر بُرتُقالية اللون التي كانت تجرها ؛ و عندما قُلت مُشعّة عينتُها فملابِسُها فاقعة اللون ، أحمر و أصفر و أخضر عُشبي ، جريمة بحقّ الموضة .. انّها هي ! ، لقد كانت مشهورة في الماضي باثارة الشغب و بأسلوبها الغريب في ارتداء الملابس ، بالحديث عن أسلوبها أعتقد أنه ازداد سوءً و ربّما انفجرت أحلامها المُلوّنة فوق رأسها . " hi gays " صاحت باشراق و هي تجيل بصرها بين الحاضرين ، لقد ارتكبت جريمة أخرى بحق اللغة الانجليزية ، و الأسوء أنّها تفيض بالسعادة ، ما التالي ؟ . الجميع قهقه ضاحكا على خطئها في حين كنت أرمقها باستياء ، إن كُنتِ لا تُجيدين اللغة لماذا تحرجين نفسك ، ثمة العديد من الطرق للفت الإنتباه !.. و لا أظنّكِ بحاجتِها مع تِلك الملابس . " لا تخبريني أنكِ كنت تُلقين التحية هكذا في أسبوع الموضة بنيويورك ! " أحد الشباب الذي كانو يجلسون قُبالتي على بعُد بضع كراسي استقام مُرحّبا بها ؛ ماذا كان اسمه ! ، ليو ، كان معي بنفس الصفّ على حسب ما أذكر و الآن هُو يعمل كأستاذ في نفس الثانوية . " بالطبع كنت أفعل " ردت المُشعّة بثقة بعد أن تكتفت هل تمزحين معي ؟ ، كان من الممكن أن تتلقّي لكمة تجعل وجهك بلون ملابسك ، أردت المُشاركة لكن من طبعي التنصّت و التعليق على ما يحدث في سريرتي " it's guys not gays " قائدة فريق المشجعات تدخلت تريها الفرق ، حيثُ فتحت شفتيها على وسعهما في الأولة و مدتهما بطريقة مبُالغ بها في الثانية ، لا يبدو أن احداهما تُطيق الأخرى " لقد ش*هتِ سُمعة الآسيويين في بلد أجبني " نطق فتى من الطاولة المُجاورة في تهكم ، تقاذفهما بالابتسامات يوحي أنّهما مُقرّبان أيضا ، المُشِعّة هزّت كتفيها بعدم اكتراث و استفهمت " و ما الفرق بينهما ؟ " " نفس الفرق بين شواذ و شباب " ليو طرق جبينها بسبابته ثمّ قادها إلى طاولتنا ؛ أين سيضعها ! ، انتبهت أنه كان يُوفّر لها كرسيا منذ البداية ..القت التحية على الجميع بمن فيهم جا**ون ، كنت التالي في مرمى نظرها و لم نلبث كثيرا حتّى تعثّرنا ببعضنا ، كيف لا و انا لم أنقطع عن التحديق بها رغم أنها تُؤذي عينيّ . صرفت وجهي عنها بحرج و أنا أتساءل عن اسمها " أدريان ، أهذا أنت حقّا ." سألت باستغراب و هي تمدّ جسدها إلى مُنتصف الطاولة ، فورما أومأت مؤكدا صاتت بدرامية و مُحيّاها يضجّ بالمرح " واه ! المدير التنفيذ لشركة مارس للإعلانات حضر هذا اللقاء شخصيا ، كان عليكم إخباري يا رفاق حتى أتأنّق " أشكّ أن شيئا سيتغير لو علمتِ أني سآتي ، مسحت نظرات الملل عن وجهي و ابتسمت بتكلّف " مرّ وقت طويل ، ظننت أنكِ لن تحضري " عجزت عن انتخاب جُملة أقلّ ابتذالا من الّتي قُلتها ، كانت لا بأس بها " تلك الابتسامة أعرفها ، أنت لم تذكرني صحيح " أشارت إليّ مُتهكّمة و رقّصت حاجبيها ؛ أكان ذلِك واضحا حقّا ؟ ، أم أنها تُحاول اختباري؟ ، بصفتِها من ؟ ، نحن لم نكن مُقرّبين حتى و لست المُذنب لأنني نسيت فأسماؤهم جميعها صعبة الحفظ ! سُطت ذاكرتي أن تشي عن اسمها فورا ليس لشيء سوى إنتفاء الإحراج لكنها خذلتني تقريبا و اكتفت باعطائي تلميحا ، أنا واثق أنه يحتوي حرف الزاي ! ، حاولت تركيب بعض الأسماء في رأسي ب**ت بينما كان الجميع ينتظرني ، زارا ! ، زيرا ! ، رازو ! المجتمع مليء بالأسماء الغريبة و أذكر أنّ اسمها غريب ، اخترت أحد الأسماء التي كانت تجول بدماغي و سدّدتها مُزيّفا البرود " زوزا ! " انفلتت ضحكات من أفواه الجميع و بعضهم بصق المشروب معها ، يا للق*ف ! ، جا**ون وضع رأسه فوق الطاولة و جسده المهتز أوحى لي أنه يضحك أيضا ؟ . فهِمت أنني أخطأت " روزا " قهقهت المرأة بسخرية و هي تض*ب سطح الطاولة بيدها ؛ عندما ذِقت ذرعا من هيستيريا الضحك التي أصابتهم عقدت ساعدي مُتستّرا عن احراجي " و ما الفرق بينهما ! ، النُقطة لا تُحتسب ." تعلمت أن لا أسخر من أخطاء الآخرين مع نفسي بل عليّ مُشاركتهم بها مهما كان المكان مُكتظّا كي أصيبهم بالإحراج و أضحك بسخرية في المُقابل ، لن يتردّدوا في فعل ذلِك لي إن أتتهم الفرصة .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD