الفصل الأول الجزء الثاني

1333 Words
مع إشراقة شمس يوم جديد .. يوم سيشتمل على بدايات ونهايات ! . كان جالسًا أمام التلفاز يحتسي كأس الشاي الصباحي الخاص به بعد إن حضرته له والدته .. والتي تجلس بجواره تشاهد معه التلفاز . "هدى" التي يصفها أولادها بالمرأة صاحبة القلب الأبيض كبياض الثلج ، تنعم بمعاملة طيبة وحنونة من جميع أولادها وبالأخص من زين وكرم ، أما حسن فلا يكتفي من المعاملة الطيبة كأشقائه بل يعامل أمه كحبيبة له يغازلها ويداعبها كلما يراها وكأي أم مصرية عندما يزداد مزاحه وتغضب منه يبدأ الشيء الذي في قدمها بالعمل فيفر هو منها ضاحكًا قبل أن يلحق به سلاحها المؤلم ! . بينما الجو هادئ تمامًا تلفتت حولها حتى تتأكد من عدم وجود زين ثم اقتربت منه جدًا وهتفت في صوت منخفض : _ واد يا حسن رمقها متعجبًا وهتف باسمًا : _ إيه ياست الكل عايزة إيه ؟ ، اشجيني بطلباتك _ إنت عارف كرم فين ؟ هتف بعد أن عاد يرتشف من كأس الشاي : _ أيوة مش زين قال إنه في شقته هتفت بانفعال بسيط وخوف جلي : _ وإنت صدقت الكلام ده .. أنا خايفة ليكون لقي الواد اللي قتل مراته وبيخطط لحاجة ، خايفة ليضيع نفسه ياحسن .. مش عارفة ليه قلبي بيقولي إنه مش مخنوق ولا حاجة وراح يريح دماغه شوية زي ما قال لزين _ طيب وأنا أعمله إيه يا أمي ما إنتي عارفة ابنك ، كلنا حاولنا معاه في موضوع مراته ده ومفيش فايدة فيه وبتشوفي لما حد بيحاول يكلمه في الموضوع ده بيعمل إيه .. والصراحة هو عنده حق أنا لو مكانه مش هقتله بس لا ده أنا هقطع لحمه نساير وارميها لكلاب السكك تنهش فيها تشاير الشر والغيظ من عيناها وهي تهتف بغضب عارم : _ وأنا قولت إنه معندوش حق عنده حق طبعًا والبنت اللي يرحمها لغاية دلوقتي لما بفتكرها قلبي بيتقطع عليها ، بس أنا مش مستعدة اخسر ابني كمان ومتنساش إن سيف ظابط وأكيد هيساعده .. هتف بنفاذ صبر وخنق شديد : _ وهو المفروض بقى مياخدش حقها يعني !! تلفتت حولها مجددًا ثم عادت بنظرها من جديد له في صرامة مغمغمة بصوت خفيض : _ وأنا كمان والله عايزة حقها يرجعلها بس من غير خساير .. ابوس إيدك ياحسن أعمل حاجة أنا متكلمتش مع زين عشان هو دماغه قفل زي أخوه ومش بعيد هو كمان يعمل في الواد حاجة لو وقع تحت إيده ضحك بخفة وقال مستنكرًا : _ ده على أساس إن أنا اللي عاقل يعني ومش هعمل فيه حاجة ! قالت بثقة تامة ويقين : _ أيوة أنا عارفاك مش متهور زي أخواتك .. عشان خاطري يابني اعمل حاجة بدل ما يضيع نفسه المجنون ده **ت لبرهة من الوقت ثم تمتم باستسلام : _ طيب ياماما حاضر ، هحاول اوصله أنا قبل كرم وهسلمه للبوليس بس موعدكيش إنه يروح للبوليس سليم لأن حتى أنا مش هرحمه لو وقع تحت إيدي ال**** ده .. وربنا يستر بقى وابنك ميعرفش عشان لو عرف مش بعيد يقتلني أنا قربت رأسه من شفتيها وقبلت شعره هامسة بحنان أمومي ورضا : _ ربنا يرضى عنك ياحبيبي ، ويريح قلبك زي ما ريحتني .. أنا دايمًا بقول حسن ابني اللي مبيرفضليش طلب ! رفع حاجبه اليسار قائلًا وهو يقهقه بقوة بسخرية : _ لا والله .. ده على أساس إن في حد فينا أصلًا بيقدر يرفضلك طلب ما كلنا مبنرفضلكيش طلب .. بتثبتيني إنتي بالكلمتين دول يا لئيمة ، ماشي يا دودو هقبل الرشوة بس في رشوة أكبر عايز الكفتة اللي بحبها النهردا على الغدا _ بس كدا من عنيا ! ازداد ضحكة وهو يضع كأس الشاي الذي انتهي على سطح المنضدة الصغيرة أمامه ويستقيم ثم ينحني ويقبل جبهتها ثم كفها هامسًا بحنو : _ ربنا يخليكي لينا ياست الكل ليقود خطواته باتجاه غرفته فتتن*د هي يارتياح بعد أن شعرت بأن ثقلًا انزاح عن قلبها ، فقد كان قلقها على ابنها يأكل ص*رها آكلًا خشية من أن يقمح نفسه في نازلة لن يستطيع الخروج منها سالمًا كما كان . *** خرج من الحمام بعد أن أخذ حمامه الصباحي المعتاد ، ثم توجه لخزانته ليخرج ملابسه ويبدأ في الاستعداد للذهاب للعمل ، وأثناء مروره من أمام المرآة لفت نظره الندبة التي في يمين ظهره من الأعلى ، فتجول بذهنه ذكريات ذلك اليوم المشؤوم ، الذي نتيجة لتهوره وانعدام مسئوليته فَقَدَ والده وكان هو على حافة الموت يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة وعندما عاد للحياة كان مشلولًا ! .. ظل لسنة كاملة يتجول بكرسى متحرك ويخضع لمختلف أنواع العلاج .. وأخيرًا بعد عناء مع المرض أعاده الله لحياته الطبيعية . ولا يصف ما حدث معه في الماضي سوى عقاب من الله عن ذنوبه الذي حتى الآن يبذل كل وسعه في أن يكفر عنها بكل السبل ، صدقات وصلاة واستغفار ودعاء وزيارة بيت الله الحرام . فقد كان في غفلة وأفاقه الله من غفلته قبل فوات الآوان . استفاق على طرق الباب وهو يسمح الطارق بالدخول التي كانت شقيقته البالغة من العمر ( 20 عام ) . " رفيف " صغيرة هذا المنزل وتمتلك مكانة متميزة ومختلفة في قلب كل واحد من اشقائها .. فمثلًا كرم يصفها ( بأميرته الصغيرة ) وزين ( ابنته ) وحسن يراها صديقة له ربما لتقارب سنهم العمري . _ صباح الخير قالتها بابتسامة عذبة فيجيبها هو بنفس ابتسامتها ثم تكمل هي في نبرة عادية : _ لو خلصت تعالي يلا عشان ماما حضرت الفطار _ لا أنا مش هفطر دلوقتي لاحظت تعبيرات وجهه المتضايقة والمحتقنة فاقتربت منه وجلست بجواره مستندة بذراعها على كتفه وهامسة بمشا**ة جميلة لمعرفتها بأنها تنجح في رسم ابتسامته عندما تتحدث معه على هذا النحو : _ إيه اللي مدايقك بس ، على أنا فكرة مبحبش اشوف آبيه زعلان ! نجحت بالفعل حيث انحرفت شفتاه قليلًا لليسار وازاح يدها بنفاذ صبر محبب لقلبها ، لتكمل هي مداعبتها ضاحكة وتعيد تكرار الكلمة التي رسمت الابتسامة على وجهه بطريقة مسرحية : _ أيوة آبيه ! .. هي كلمة غريبة الصراحة فعلًا بس ده ميمنعش إنك زي بابا اللي يرحمه بنسبالي يازين وحتى لما كان بابا عايش أنا كنت بحس أني عندي أتنين مش واحد ، ويعتبر إنت اللي ربتني يعني .. ومش إنت كمان بتقولي دايمًا إني بنتك حدجها بنظرة أخوية دافئة وأبوية حانية ثم انحني وقبَّل شعرها برقة مغمغمًا بصدق : _ طبعًا بنتي .. وإنتي عارفة مكانتك عندي إزاي يارفيف سرعان ما تذكرت بعد لحظات ونكزته في كتفه بلطف هامسة بمكر : _ أيوة ياعم هتوقع واقف .. ماما لقيتلك عروسة قمر ، بس إيه عسل بجد يازين ، ومحترمة مؤدبة أنا عارفاها أكمن مامتها صاحبة ماما فشوفتها كام مرة يعني على ضمانتي ده حتى اسمها جميل تهجمت ملامحه وقال بجدية تامة وشيء من الغضب : _ عروسة إيه ! .. هي أمك عملت اللي في دماغها برضوا !!! تعجبت من انفعاله ولكنها حاولت أن تظل على طبيعتها المرح وتهدأ من حدة الجو : _ الله في إيه يازين .. عايزين نفرح ونبل الشربات ياراجل ، وإنت مش كنت بتتحجج إنك مش عايز تتجوز غير لما تلاقي وحدة كويسة وأهي ماما لقيتها ثم **تت قليلًا عندما خمنت سبب انفعاله ورفضه الزواج ، فلم تتمكن هي أيضًا من إخفاء سخطها واعتراضها على طريقة تفكيره الخاطئة حيث هبت واقفة وقالت باستياء دون أن ترفع نبرة صوتها عليه : _ ولا إنت لسا بتفكر في اللي حصل زمان وهو ده اللي مخليك ترفض الجواز .. كفاية يازين إنت الحمدلله دلوقتي زي الفل ليه لسا بتفكر في اللي حصل ، انسى وعيش حياتك إنت معملتش حاجة بإرادتك إنت كنت الضحية في كل حاجة حصلت ، بلاش تفكر بالطريقة دي ارجوك ثم لململت شتات غضبها ورحلت تاركة إياه يفكر فيما تقوله وخاصة بكلمة " ضحية " ربما كان حقًا ضحية في فيما كانت تقصد بكلامها ولكن بتأكيد لم يكن ضحية في الشيء المجهول بالنسبة للجميع والذي لا يعرفه سواه هو وأخيه . *** ترجلت يسر من سيارتها أمام مقر شركة عائلة العمايري للإستيراد والتصدير ، كانت في طريقها للباب ولكن توقفت عندما رأت حسن يخرج من الباب ويشبه شعلة النيران ويسير بهدوء مخيف نحو أحدهم وعندما نقلت نظرها لجهة توجهه فوجدتها فتاة يبدو أنها من عمرها وعندما دققت النظر بها تعرفت عليها بسهولة فهذه هي حبيبته السابقة التي تركته وتزوجت بغيره ! .. ما الذي أتى بها إلى هنا ، هل يعقل أن يكونوا عادوا لعلاقتهم من جديد بعد كل ما فعلته حتى ينفصلوا ! ، لا يمكنه العودة لها وإن حدث فستأخذ روح تلك الساقطة بيديها ! .......... ............ نهاية الفصل .......
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD