الفصل الثاني :

2106 Words
" ماذا تفعل هنا امير ؟! " " الن تقولا لي تفضل ؟! " كان وجه مبتسم بتلك الابتسامة الساخرة .. وعيناه تلمعان بينما يده داخل جيب بنطاله .. تاملته لثوان ثم تن*دت وتركت مسافة ليستطيع الدخول " حقا اخي ؟! .. رباه .. انت غير معقول " خطى بلا مبالاة ثم رأته ينحني ويرفع فردتي حذائها ويكمل طريقه ليضعه في مكانه داخل خذانة الاحذية في جانب البهو " مازلت فوضوية كعادتك .. ريم اتركينا وحدنا " نظرت نحوه يبدو الامر سهل بإلقاء اوامره كالمعتاد .. كان الان يبدو فعلا كوريث عائلته بكل سلطتها وثرائها في مجال المجوهرات والاحجار النفيسة .. فشعرت بالضعف امامه .. وكأنها مجرد شخص عادي يستظل بتلك القوة ويتحرك بآلية تحت سطوة نفوذه " اعلي الانصياع لاوامرك ؟! " تنفست تتاملهما وزفرت تتجه نحو غرفة الجلوس لتحمل حقيبتها وتخرج بعدها حذاء منخفض ابيض ترتديه وهي تقول " لنخرج .. ريم ساجلب فطائر الجبن .. ارجوك حضري الشاي حتى اعود " مع رؤية رفض ريم للفكرة الا انها عبرت المكان وخرجت تنزل السلالم بينما يتبعها امير ويده مازلت في جيبه .. دقائق ولم يتفوه اي منهما بحرف .. قلبها كان يخفق بجنون .. ويهتف .. انهما تحت سماء واحدة اخيرا .. " انا لم ارى والدتك " " ليست في المنزل " كتفت يديها امام ص*رها واخذت تعد الخطوات كعادتها .. توقفت والتفت له ثم قالت تسأله بصوت لائم " لما عدت ؟! " حدق بها ومالت شفتيه باستهزاء ثم اخرج يده من جيبه وقرص خدها فابعدت يده تصفعها بعيدا عن وجهها " اهذا ما تريدين معرفته حقا ؟! " مؤكد هناك اكثر من هذا يحتدم بصراع عنيف داخلها دون اجابة ترجى.. لكن اليست عودته السبب ؟! .. " اجبني " هز رأسه ثم قرب وجهه ليهمس قرب اذنها مما جعل جسدها يرتجف من قربهما " لانك اشتقت لي كثيرا " ابتعد بعدها وخرج صوت ساخر من فمه وهو يعاود السير .. كانت ما تزال تقف مكانها .. وقبضتها تشتد بعصبية .. " و*د " شتمت بصوت منخفض ثم سارت ورائه .. ما الذي يفعله هنا ؟! .. بوجوده الذي يسحب الهواء من رأتيها .. بغروره .. بتلك الرجولة الطاغية التي تدير رأسها بأكمله .. خرج صوتها بتساؤل منخفض " لما لست مع الحمقاء التي جلبتها معك ؟! " " انها تزور والديها .. وانا ازور ماضي " اهدئي .. اننا في الشارع .. امرت نفسها ثم اقتربت بسرعة وامسكت يده تديره نحوها .. " اعد ما قلته للتو " " لقد سمعته جيدا على ما اظن " وقاحته اخذت انفاسها فعضت شفتها وتنفست لمرات .. ثم حدقت به تجيبه متمالكة نفسها بصعوبة ... فجزؤ منها اراد ض*به .. لكن صوتها خرج ضعيفا متسائلا " اذا كان هذا ماضي .. فما تفعل هنا ؟! .. غادر امير نجار .. فهذا المكان لا يناسب سموك " زم فمه ثم هز رأسه يوافقها ويده تعود الى جيب بنطاله " انت محقة .. هذا الحي لا يناسبني .. لكن ما المانع من وداع راقي حبيبة قلبي ؟! " " صبرني يا الله .. من انت ؟! .. ها .. من انت ؟! .. من هذا اللعين المتعجرف البارد الذي اراه ؟! " يديه احتلت وجنتيها ثم قرب وجهها منه فشهقت لجرأته ثم اخذا يحدقان ببعضهما بعنف متبادل وهي تحاول التحرر من اسره " تهذبي " " وان لم افعل " ابتسامة السخرية مجددا .. ثم اسند جبينه الى جبينها وقال بصوت جليدي " لا تختبريني .. كلانا نعلم من يخسر دائما .. صغيرتي .. سعدت برؤية الشمس مجددا .. " شفتيه رسمت قبلة بطيئة فوق جبينها فتململت تض*به بيديها ثم تأوهت بألم بسبب اصابتها " اوه .. يدي .. اتركني " حررها ونظر نحو الاسفل .. ثم اخيرا لمحة من التأثر عبرت وجهه وتوترت ملامحه وهو يسألها " هل اذيتي نفسك ؟! " " ايهمك الامر ؟! .. ايهمك ؟! .. ابتعد فقط .. " وخطت تبتعد عنه وتحاول تخطيه فامسك ساعدها واوقفها ثم اعادها لامامه وهو يقول " متى حدث هذا ؟! " " البارحة .. وبسببك .. هل ارتحت ؟! .. غادر .. انا لا احتمل رؤيتك " مجددا كانت اسيرة ذراعيه وحاولت التملص منه لكنه لم يتركها .. تنفسه كان حادا وفمه زرع ثلاث قبلات فوق شعرها ثم وجدت نفسها حرة وهو يخطوا مبتعدا عنها .. عيناها رمشتا واهتز جسدها تأثرا .. ثم غلى الدم داخلها وهي تشتمه دون توقف .. " و*د .. مغرور لايطاق " ******* فتحت باب المشغل حيث تعمل .. باب خشبي كبير يفضي لدار عربية قديمة ثم غرفتان بملحق صغير .. احدى الغرف كان بواجهتان زجاجيتان لجلب اكبر كم من الضوء .. اغلقت الباب خلفها ثم توجهت لتدخل .. الغرفة الاصغر كانت للخردة بينما الكبيرة المضائة لاجل النحت .. رمت حقيبتها فوق الاريكة الجلدية وخلعت حذائها .. هي تحب العمل دون حذاء .. " اين وضعتها ياترى ؟! " وانحنت تبحث عن سلة المهملات حتى وجدتها في فوضى المكان .. رفعتها والقت محتوياتها فوق الطاولة ثم قطبت تحاول تجميع افكارها .. رنين الهاتف قاطعتها تراجعت عندها وسحبته من الحقيبة .. لتنظر له وترى صورة عمرو " اهلا عمرو " " اين انت ؟! " " لقد دخلت المشغل للتو .. لدي فكرة لاجل المعرض " عادت لتقترب وتنظر نحو الحطام المجموع .. ربما فكرة جنونية جدا .. لكن متى كانت شخص عاقل ؟! " حسنا اراك بعد ساعة .. لدي مريض اخير وساوافيك " همهمت ثم اغلقت الخط ولامست شاشته بأصبعها .. تحولت للصور حيث تخزن صور المنحوتات بملف خاص .. وظهر التمثال الاساسي .. سحبت القلم الخاص بالهاتف من اسفله ثم احاطت الصورة بخطوط ونقلتها لتعمل عليها .. " شمس .. شمس ؟! " رفعت رأسها عن قطع الكريستال ووضعت المبرد الخاص جانبا ثم خطت نحو المدخل لتفتح الباب وتنظر نحو شعره البني المبعثر وعيناه الحانيتان المماثلتان بالون وهي تنفض يديها بمأزر العمل الذي تلفه حول جسدها " تأخرت " " توقفت السيارة مجددا .. اريد غسل يدي " توجه من فوره للحمام بعد ان رمى سترته الخفيفة جانبا وعادت هي لتلتقط المبرد وتكمل ما تفعله .. " ماذا تفعلين ؟! " " هذا " وضغطت على الهاتف لتظهر صورة فوق شاشته ثم ارتفع حاجبيه وقال " هل سينجح الامر ؟! .. انه محطم بالكامل " " لا اريد ان ينجح .. ساجمعه وهو محطم " قطب حاجبيه ثم قال بصدق وهو يهز رأسه ويخلل يده في شعره البني ليبعثره اكثر " لم افهم ما تعنيه " " كالعادة .. ابقى في مجال الطب افضل .. ستراه بعد انتهائه " رفع كتفيه ثم رمى نفسه فوق الاريكة وهو يقول " انت بخير ؟! " ضحكت بمرارة ثم نظرت نحو القطعة بيدها وسخرت بقولها " لما الكل يسأل السؤال ذاته ؟! .. بخير !! .. لا لست بخير .. لكن ماذا يمكن ان افعل ؟! .. لا شيء .. لذا سأتحمل هذا مع كل ما امر به .. " يديه وضعتا فوق ساقيه ومال بجسده يستند اليها ثم نظرنحوها ظهر بعدها صوته برقة " شمس .. " قاطعته فورا .. انها لا تحتاج للمواساة او انها ستفعل ما فعلت قبلا وترمي نفسها اليه لتبكي دون توقف .. " ارجوك لا تفعل .. انا بحاجة لابقي ذهني مع والدتي .. التفكير باي شيء اخر لا جدوى منه .. " " هل ارسل عمك المال ام بعد ؟! " عضت باطن خدها ثم رمت المبرد وجلست بجانبه تنظر نحوه وترفع حاجبيها برفض " مما جبل هذا الرجل ؟! .. انها اموال ابيك " ابتسامة ساخرة رسمت شفتيها ثم ابعدت خصلة من شعرها المجموع بأهمال فوق رأسها " لقد سرق المعمل بعد موت ابي .. اتظن انه يهتم او لديه ضمير ليؤنبه ان ماتت امي ؟! .. لولاها لما خطوت ابدا لذلك المكان .. لقد عاملني كمتسولة .. " اخفضت رأسها ومررت يدها فوق جبينها ثم عضت شفتها بقسوة تحاول لجم نفسها عن شتمه لمرات " لدي نصف المبلغ في حسابي .. ولدي بعض المجوهرات .. لكن ماذا عن بعد العملية ؟! .. انت تعلم هي يجب ان تبقى تحت الاستشفاء لما يزيد عن شهرين " " دعيني انا وريم نساعدك .. كفي عن العناد " استسلمت اخيرا لليأس الذي تملكها وقالت " ان لم يرسل المال .. سأفعل .. لكن كما قلت هذه اموال ابي .. وامي احق بها من زوجته التي لا تحمل قلب " اسند رأسه لظهر الاريكة ونظر الى السقف .. ففعلت المثل انها تحتاج للهدوء فعلا .. لقد زارت والدتها البارحة بعد مغادرة ريم .. لكن الوضع نفسه .. والاطباء منعوها من تجاوز الزجاج الفاصل بين الغرفتان .. لان جسد امها بلا مناعة الان .. والسبب جرعات الدواء التي تغمر داخلها وتقتله .. تلك المرأة التي كانت تشع انوثة وصحة .. اصبحت شبح بلا ملامح .. " ستنجو .. كفي عن التفكير بالاسوء " " اصرخ داخلي دائما بهذا .. لكني خائفة جدا .. ثم استسلامها لمصيرها يجعلني اشتعل .. وكأنها لا تريد البقاء معي .. اتعلم ماذا قالت الاسبوع الماضي ؟! .. ان ابي ينتظرها " الم كبير عبر ص*رها ورزح ثقل جديد فوق قلبها .. دعت ربها ب**ت ان ينجي الانسان الوحيد المتبقي لها .. هي لن تعيش ان فارقتها والدتها .. ولاجل من ستفعل .. انها بلا اخوة .. بلا اب .. وايضا .. للسخرية بلا حبيب ... حبيب انتظرته لاشهر طويلة على امل ان يرفع ذلك الجبل عن روحها التي تترنح تحت ثقله دون هداية .. وليتها لم تفعل ****** اعطت مفاتيح السيارة للشاب امام المدخل ليركنها ثم دخلت الى المطعم الفخم واقتربت تسأل عن وسام .. اشار النادل لمكانه فخطت بسرعة نحوه ورمت حقيبتها على الكرسي المقابل له ثم سحبت الاخر وجلست براحة " مرحبا .. انا جائعة جدا " " تبدين جميلة .. نادرا ما اراك بهذا الترتيب عزيزتي " امسكت بقائمة الطلبات ومررت عيناها فوقها وهي تجيبه " لقد قلت ان المكان راقي .. واخذت تردد ارتدي شيء لائق .. ومشطي شعرك .. وها انا ذا " ورأته يمرر عينيه فوق قميصها الابيض الناعم دون اكمام .. لقد الحقته بعد عدت محاولات فاشلة بتنورتها البيضاء ذات الورود الزرقاء التي تصل الى ركبتيها .. طرقت بحذائها الازرق بملل ثم قالت " انا سأخذ شريحة اللحم المتبلة وسلطة .. ماذا عنك ؟! " اشار بيده للنادل الذي اقترب سريعا واخذى يملي طلباتهما بينما تتأمله .. وسام كان رجل وسيما .. يقدر الفن كثيرا ويهتم له .. ينحدر من اسرة راقية ذات نفوذ في مجالات الرسم والنحت .. ولذا وجودهما معا كان جيدا جدا لمسيرتها خلال اربع سنوات التي جمعتهما " سارة قالت بان صالة المرايا محجوزة .. لذا العرض سيكون في القاعة الخارجية " " لا .. انا اريد قاعة المرايا .. سبق واتفقنا على هذا وسام " تنفس بصعوبة لعنادها المعتاد ثم جلس براحة اكثر يضع يده على ظهر الكرسي بجانبه بينما عيناه الزرقاوتان تراقبانها بدقة " هذا سيؤجل المعرض لنصف شهر .. لما تنتظرين ان كان هناك بديل " " هذا افضل لي .. عملية امي قريبة .. سيكون لدي وقت لاتفرغ لاجلها " **ت وهز برأسه دون ان يقول شيء اضافي .. لدقائق اخذت تتامل المكان .. انها المرة الاولى لها هنا .. لكنه يعجبها .. وقطبت ثم ابتسمت تشير لاحد الزواية " لديهم الحنين " " ماذا ؟! " ونظر الى المكان حيث تشير ثم ابتسم بفخر لها فقد كان احد اعمالها موضوع داخل خزانة زجاجية ضخمة " جميلا اليس كذلك ؟! .. رؤية اعمالك تنتشر هنا وهناك .. خصوصا في مكان راقي كهذا " " مؤكد " وامالت جسدها تسنده لظهر الكرسي .. ثم رأته يقف ويتكلم بصوت مرتفع قليلا بينما عطر دخل ص*رها دون ان يخرج .. ليس هنا ايضا .. رباه " الامير الضال .. متى عدت من لندن ؟! " صوته وصلها بنبرة عميقة فارتجف قلبها .. امازلت تتأثر لسماعه ؟! .. وتجاهلت وجوده .. تلجم نفسها بكل تعقل يمكن ان تجده داخلها " عدة ايام .. اقدم لك .. ديمة حبيبتي .. ديمة هذا وسام صديقي " " حبيبتك ؟!!! " ابتسمت بسخرية لمظهر وسام المتجمد والذي نظر اليها بدوره وعيناه تطرحان ألاف الاسئلة .. اسئلة تمنت لو انها تملك اجابتها .. وتن*دت لا تتدخل بينما يبدو ان وسام جلب انظار الثنائي اليها بردة فعله هذه " اه .. اليست فتاة المطار ؟! .. مرحبا " فتاة المطار .. سعيدة هي بلقبها الجديد ورفعت نظرها دون ان تقف ثم قالت بنبرة لطيفة فهم في مكان عام ولن تفتعل المشاكل هنا " انها انا عزيزتي .. اهلا بك " " لم اعلم ان الشمس هنا .. يبدو اني نسيت انك تملكين شعرا بني ؟! " اهدئي .. لا تنظري نحوه .. تجاهليه هو كان ومايزال في لندن .. هذا رجل اخر .. امرت نفسها ثم كانت غلطة وسام التي لا تغتفر " تقصد شعر عسلي بلون عينيها .. اتريدان الانضمام الينا ؟! " في هذه اللحظة توحدت نظراتهما .. هي برفض قاطع وهو بتحدي مع سخرية لامعة داخل عينيه .. ثم اجاب وهو يضع يده خلف ظهر مرافقته " اتمانعين حبيبتي ؟! " " ابدا .. يسرني التعرف على اصدقائك " انظروا الى وقاحته .. انا .. اهدئي .. ورمقت وسام بحنق كبير بينما يحرك حاجبيه لها بأسف .. اي اسف يمكن ان يساعدها الان .. يال غباء الرجال .. جلست الفتاة بجانبها فأسرعت بابعاد حقيبتها ووضعتها حول ظهر الكرسي .. ظهر النادل عندها بينما تقول بصوت منخفض " ارجو المعذرة .. "
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD