الفصل الرابع :

2067 Words
" لقد عاد ابي .. عاد امير .. لكنه ليس اميري .. شكل مشابه فقط .. ولا اعلم .. هل اكون سعيدة لعودته بعد كل هذا الانتظار ؟! .. ام حزينة لانه يتصرف بع** كل توقعاتي السابقة ... اه ابي .. انا ضائعة .. تائهة داخل مشاعر لم اعتدها يوما " وبللت شفتيها بل**نها مجددا ثم عضت بقسوة عليها تشارك افكارها معه .. فهو الوحيد من ينصت دون ان يقيمها " جزؤ هنا داخلي .. يحبه بجنون .. انت تعلم هذا بالتاكيد .. والجزؤ الاخر يشعر بالخذلان بابا ... ان انتظر لشهور واترقب الوقت .. ان اقول سيغدو كل شيء افضل بعودته .. ان اتمنى رمي كل ما احمله من اعباء اليه .. هذا اشعرني بالحزن اكثر ... فنحن نشعر بالم اكبر كلما كان الشخص مقرب لنا ونتوقع منه المزيد ... وانا بغباء .. آمنت .. ان امير .. هو فارسي وبطلي ابي ... " احتضنت نفسها بذراعيها واعترفت بصوت هامس تعري روحها امامه " ومع هذا .. اننا تحت السماء نفسها مجددا .. وانا بمجرد ان رأيته ابي ... زاد هذا العشق داخلي لاضعاف .. فاي ضعيفة انا .. اي ضعيفة خاضعة لسلطة حبه " و**تت اخيرا تشعر بمرارة تحتل حلقها واغمضت عيناها ترى نفسها محضونة بذراعي والدها وهو يواسيها بكلماته .. فتجمعت دموع في مقلتيها لكنها لم تسمح لها بالتحرر .. لقد وعدت نفسها الا تبكي فوق قبره .. وشعرت بعذاب اكبر للكلمة .. قبره .. اغلى رجل في حياتها هنا .. تحت اكوام التراب .. وهمست بصوت مبحوح متألم " احبك ابي .. ليتك معي .. انا احبك جدا " ********** " فطائرك شمس الصباح " اخذت الفطائر من يد الرجل الخمسيني وابتسمت لما يدعوها به كعادته ثم منحته ماله .. ادارت جسدها بسرعة و ارتطمت بعنف بالجسد خلفها .. وقطبت بعدها .. انه وجه مألوف لها .. لكن كالعادة ذاكرة الوجوه والاسماء معدومة عندها " حسناء المطار .. يسرني رؤيتك مجددا " عيون خضراء .. ابتسامة مرحة .. وعاد الوجه ليحتل رأسها .. عيناها تحولت الى الجمود وهتفت بصوت منخفض بكلمات مشابهة ايضا " انظر امامك " " هذه المرة انت من فعل لا انا .. شمس الصباح " عضت شفتها ثم ابعدت جسدها لتتخطاه وتترك المكان بينما تسمع ضحكته ورائها .. اهو دائما بهذا الوجه المبتسم ؟! .. دخلت المنزل ثم توجهت للمطبخ وسمعت صوت الجرس .. انها ريم مؤكد .. اخرجت فطيرة واخذت تقضمها بتلذذ وخرجت لتفتح الباب .. يد التقطت فطيرتها من يدها واسنان غرزت بشراهة في فطيرة الجبن " انا جائعة .. اين الشاي ؟! " " مرحبا بك .. ادخلي ساعده الان .. عمرو قادم بعد لحظات " وقفتا متجاورتين وهي تصنع الشاي وبعدها اخذت ريم تدندن لمطربها المفضل فجارتها وعلى صوتهما دخل عمرو ينظر نحوهما ويهز رأسه بيأس " انا الربيع .. انا الخريف .. امشي بخيالي مع كل طيف .. " ثم ارتفع اكثر وهما تقولان معا وكل منهما تحدق بالاخرى " هذا انا .. كلي انا .. مقدر اكون .. غيري انا " " صبرني يا الله .. " عضت ل**نها وهي تكتم ضحكتها الواسعة ثم ض*بت كفها بكف صديقتها بينما يخطو هو ويسحب كرسيا ليجلس براحة فوقه ويتن*د بأرهاق فجلستا بدورهما تأكلان بشهية " انتما مدعوان لحفل زفاف جوزيف صحيح ؟! " اومأت برأسها وفعل عمرو المثل .. فاكملت ريم كلامها " لنذهب معا نحن الثلاثة .. ما رأيكم ؟! " رفض عمرو بسرعة وهو يتنفس بصعوبة ويده تدلك مؤخرة عنقه " لدي مناوبة ليلية غدا .. " زمت الفتاتان فمهما بتزمر فشتم بصوت مسموع وقال بانفعال " ماذا ؟! .. انا طبيب حبيبتا قلبي .. اتذكران ؟! .. اذهبا واقضيا وقت ممتع معا .. دون رجال افضل لكما " " انه محق " قالت تكلم ريم والتي زمت شفتيها وهزت رأسها برفض " اريد رجل ليراقصني .. ماذا عن وسام اهو مدعو ؟! " " لا اعلم .. هل اتصل به ليرافقنا ؟! " صوت عمرو قاطع استرسالهما وعيناه كانت حادة وهو ينظر اليها ويهتف " اذهبا وحدكما .. متى اصبح وسام صديقكما المقرب ؟! " ضحكت ريم لسخطه واشارت بيدها له وهي تنظر نحوها قائلة " لا تنصتي له .. انه يغار .. فبينما يقضي الوقت مع المرضى .. سنقضيه بالمرح حبي " هذه المرة سخطه طال ريم فنظر نحوها ببرود جليدي دون ان يتفوه بشيء .. قطبت حاجبيها .. ما بال عمرو ؟! .. لما هو حاد الطباع اليوم .. " كف عن رمقي هكذا .. كيف تحتملينه ؟! " زفرت ريم وتركت كرسيها لتحمل حقيبتها وتضعها فوق كتفها ثم قالت "سارحل الان .. نلتقي غدا شمس .. سأتي انا ونذهب معا " بعد رحيلها ساد ال**ت ارجاء المنزل .. فاغمضت عيناها .. ربما تفضل الصخب .. الجنون الذي تكونا عليه معا .. عن هذا الهدوء الذي يرسل الجليد الى قلبها .. " سيكون هناك " نطقت دون ادراك وزفرت بعدها .. قلبها ارتجف .. بقدر كرهها لهذا الضعف .. هي تعلم يقينا ان قلبها ملك له كما قال تماما .. " لا تذهبي اذا .. ادفني رأسك هنا كأي نعامة وتجنبيه للابد .. شمس .. حياتكما مترابطة بشكل كبير .. هل ستهربين كلما ظهر امامك ؟! " ابتلعت ل**بها وارتجفت اصابعها فأعادت فنجان الشاي لمكانه وقالت " انا اشعر به من حولي .. في كل لحظة .. في كل خطوة اخطوها .. وعند رؤيته .. تلك البرودة .. ذلك الجفاء .. يؤذيني .. انا احبه جدا عمرو " ترك كرسيه ووقف ليقترب ويضع يده على كتفها .. فابتلعت غصة بكاء احتدمت في حلقها واكملت بصوت معذب " لقد انتظرته دائما .. اشتقت اليه بجنون .. احتاج فقط ان يضمني .. ان يقول انه افتقدني .. رباه .. هل انا ضعيفة لهذه الدرجة ؟! .. لطلب حب رجل تخلى عني " " بل هو الوفاء .. انت تحتاجين للوقت شمس .. وحده الوقت قادر على اخراجك من ألمك وحيرتك " نظرت بشرود في ارجاء المطبخ .. لكم تتمنى ان يكون هنا بجانبها .. خصوصا ان ايام تفصلها عن موعد جراحة والدتها .. .. وعضت شفتها ت**ت ذلك الصوت الذي يتوسلها لتذهب اليه وتجبره على احتضانها ومواساتها .. ******* على كرسي حجري داخل الحديقة الخلفية لمنزلها .. كانت تجلس في الظلام .. الجو بارد قليلا ولكن لذة لسعة البرد على جسدها كانت محببة لها .. وتأملت زهور الجوري في العتمة .. ازراها كانت تع** ضوء القمر بلون احمر قاني .. وتنفست بألم ترفع قدميها وتحيطهما بذراعيها " هل حقا ستزرعها الان ؟! " " بالتأكيد .. هيا هاتي دلو ماء وتعالي " صورتهما معا ظهرت كما لو كان تلفاز يعرض مقابل لها .. وصوتهما الهامس كان يصل لاذنيها بوضوح .. بثوب خفيف ربيعي يحيط جسدها .. وفي عتمة الليل بادلها نظراتها بحاجبين مرتفعين ثم عاد ليأمرها " هيا قبل ان تكتشف والدتك الامر .. اذهبي " ابتسمت بمرارة .. ترى نفسها تتخصر له ثم تتذمر وهي تذهب لجلب الماء .. " ماذا ان لم تكبر ؟! " " سأعاقبك .. انت مسؤولة عنها الان ايتها الانسة " اغمضت عيناها وشعرت بيده حول كتفيها .. جسده الملاصق لها .. صوت تهديداته بنبرة عميقة تعشقها وهما ينظران لما فعلاه للتو .. وابتلعت بصعوبة " انت من عليك رعايتها .. من قال اني املك الوقت لورودك سيد امير " فتحت عيناها ورأتهما يتبادلا رشق الماء في الظلمة وصراخها يعلو .. صوت والدتها المتسائل يص*ر من غرفتها والذي جعل امير يختفي جانبا بسرعة .. وابتسمت تضحك للذكرى وعيناها دامعتان ... رباه .. كم مر من وقت وسالت دموعها اخيرا .. الوقت .. من قال ان اي وقت سيمر سينسيها هذا ؟! .. ها هي تفعل ما اعتادت فعله كلما شعرت بالضيق .. رغم وعدها لنفسها انه وبمجرد عودته .. ستفعل المثل .. تشتري زهورا .. وتزرعها معه ليلا ووالدتها تغرق بالنوم داخل المنزل .. الا ان ما كل ما نريده يتحقق .. واسندت رأسها للخلف وهمست " لو تعلم كم اشتاقك .. لما انت قاس هكذا حبيبي ؟! " ******* " مساء الخير " " اهلا حبيبتي " دخلت السيارة الفضية ورفعت طرف ثوبها الفيروزي بعيدا عن حذائها الاسود ذو الكعب العالي .. ثم اقتربت تقبل خد ريم التي مالت بدورها نحوها .. " تبدين جميلة حبي " " انت ايضا .. يعجبني اللون الاحمر عليك .. فاتنة " ابتسمت لها ثم انعشت المحرك بينما امتدت يدها لتعبث بالمسجل وتجد شيء جيد ليسمعانه " لا تفعلي .. سنصاب بالم الرأس في العرس حبيبتي صدقيني .. لذا خذي راحة الان " اطفئت المسجل واستندت للخلف ثم اخذت تنظر نحو الشارع .. بشرود .. ثوانن وظهر صوت ريم " امي تبلغك تحياتها .. تمنت الحضور لكنك تعرفين .. انها تستمر بتمثيل دور الشهيدة لاجل اعادة الابن الضال لطريقه " ابتسمت وتراءت لها صورة المرأة المميزة التي تتكلم عنها صديقتها .. رغم غرورها .. تعاليها على الاخرين .. ونظرة البرود التي اورثتها لابنها .. الا انها كانت النقيض مع شمس .. كانت ودودة جدا .. امومية جدا .. خصوصا اثناء غياب بكرها " اشتقت اليها .. ولوالدك بالطبع " " وهما ايضا " تجاوزا طريق جانبي وتوقفت ريم تزيل حزامها وتغادر السيارة " الى اين ؟! " لكنها لم تجيبها .. وبعدها سمعتها تحادث احدا ما وهي عائدة .. فتحت باب السيارة بعدها ووضعت كيس ضخم في الخلف .. ثم احتلت مكان السائق مجددا " ما هذا ؟! " " القماش الخاص بي .. علي التقدم للمسابقة قريبا " ريم كانت احدى م**مات الازياء المبتدئات ودخول مسابقة كهذه كان سينقلها درجات على سلم النجاح " موفقة حبي .. " عادت السيارة للخلف ثم اكملت طريقها الاساسي .. عشر دقائق .. ثم موقف السيارات في منزل عائلة العريس .. خرجتا وتوجهتا الى الحديقة الواسعة الممتلئة بالطاولات حيث يقام الحفل المسائي .. صوت الموسيقى العالي انعش كلاهما .. " سارقص حتى تندمل قدماي .. من الجيد ان امي لم تأتي والا كانت صدعت رأسي باوامرها وتحذيراتها " " شمس .. ريم .. لقد وصلتما " اخت العريس التي ترتدي ثوب الاشبينة الارجواني استقبلتهم بحب واخذتهما فورا لطاولة قريبة من مكان العروسين .. " ريم سأرى جو وزوجته واعود" هزت ريم رأسها بينما تكمل حديثها مع صديقتها تتبادلان اخبار العرس بسعادة .. صعدت الى المرتبة المرتفعة ثم اقتربت لتحي العروسان .. بدا جوزيف متألق جدا .. سعيدا جدا .. وعاشق جدا .. نوع من السخرية المرة عبرت حلقها .. هل اصبحت ممن يحسدون العشاق الان .. " الشمس هنا " " في الليل " نطقت عروسه من بعده واحتضنت شمس بمودة حقيقية رغم تعارفهما الحديث .. صافحت بعدها جوزيف وهنأتهما .. نكات قليلة من جوزيف ابن صديق والدها ثم عادت لمكانها وام العريس تقترب وتحتضنها سائلة عن صحة والدتها باسهاب .. " واخيرا .. اغنية جميلة .. هيا تعالي " " مستحيل انا لا احب نانسي عجرم " شدتها ريم رغم عنها ثم اخذت كل منهما تتمايل وتبتسم للاخرى .. اخذت تردد الكلمات ودارت حول نفسها .. فحسدتها لسعادتها .. كانت تتمنى ان تكون بهذا الانطلاق .. لكن لديها ما يكفي من الهموم .. " هيا انسي كل شيء شمس .. لنستمتع " وامسكت يدها تديرها حول نفسها .. انقطعت انفاسها وحرارتها ارتفعت مع اندماجهما بجو الحفل .. نصف ساعة اخرى من المرح ثم وقفتا تشربان العصير جانبا وتتبادلا الثرثرة مع بعض المعارف " سمعت ان امير عاد .. صحيح ريم ؟! " ابتلعت شرابها بصعوبة .. نعم عاد .. ليته لم .. وانبها قلبها الا تدعو عليه .. هذا القلب الخائن الذي ينبض لاجله فقط " نعم .. عاد منذ عدة ايام " " لابد انك سعيدة جدا شمس .. متى ستتزوجان ؟! " وضعت كأسها على الطاولة ثم قالت بصوت منخفض محاولة تجاهل نظرات الاستغراب التي تعلو وجوه من حولها " رأيت احد اعرفه .. ارجو المعذرة " وتركت مكانها تخطوا فوق العشب الرطب مارة بالناس من حولها دون ان تلتفت لاحد .. يتزوجان .. مزحة القرن مؤكد .. وصلت لداخل المنزل ثم انحنت ترفع قماش الثوب بيد عنيفة وتهتف بحنق " سعيدة جدا جدا .. " " هنيئا لك اذا " قومت جسدها ورأته .. كان فقط بقميصه الاسود دون سترته .. يده في بنطاله وعيناه تلمعان لرؤيتها وهو يمررهما على جسدها متأملا ثوبها " اذكر القط " " اكنت احتل حديثك صغيرتي ؟! " زفرت ثم حاولت تخطيه انها تمقت وبشدة غروره وثقته بنفسه .. و*د لا يعرف الرحمة .. ثم عادت ووقفت مقابل له وقالت بصوت مشدد " نعم .. كنا نقول كم انت شاب عابث .. وقح .. وبلا ضمير .. ايسرك هذا ؟! .. ابتعد " وحاولت المرور من جانبه مجددا فقبض على مع**ها يرفعه ويشدها للخلف .. صوت نسائي اوقف حركته ثم رأت تلك الفتاة تقترب منهما .. فتاته الجديدة .. وتنفست بحنق اكثر .. هذا ما ينقصها فعلا .. " امير .. لقد لوثت ثوبي .. اه شمس كيف حالك ؟! " حاولت حل مع**ها من يده لكنه لم يفلته .. وحدقت به بعنف ليتركها .. هل هما متلاصقان الآن لا يفترقان ؟! .. بدفعة قاسية من ذراعها الحرة الغت اتصالهما بينما نظراتهم المتحدية مازلت تشتعل .. ورغم اقتراب الفتاة اكثر ووضع يدها بتملك على ذراعه الا أنه لم يحررها من أسر عينيه....
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD