الفصل الثالث عشر :

2045 Words
" احيانا يكون العزيز هو انفسنا .. ارواحنا .. ويكون الفقد هنا اشد وطأة صدقني " " فعلا .. انت محقة بالكامل .. انا سعيدا جدا برؤية فنك .. يسرني ان ارى اعمال اخرى لك مستقبلا .. " شكرته وامسك يدها يصافها ثم انصرف تاركا المكان .. خطوات الاثنين اقتربت منها .. وحدقت بوجه معذبها .. كم ياترى عليها ان تعيش ليتوقف قلبها عن النبض بجنون كلما رأته ؟! .. واخذت تتامل وسامته .. قميص كحلي يعلوه جاكيت رسمي اسود .. انه يكره ربطات العنق .. ومطلقا لم تراه يرتدي واحدة .. ثم استقر نظرها على يده التي امتدت نحوها وتأملت ساعة مع**ه .. هديتها له .. " مب**ك شمس " " يبدو المعرض جميلا " لم تجب كلاهما فقد نظرت ليده لا تصافحه .. خافت ان هي فعلت ان تعلق هناك فوق كفه لسنين .. وهتف قلبها الخائن .. تلك اليد لمست شعرك .. تلك اليد مسحت دموعك .. وتلك اليد اقفلت السوار حول مع**ك مجبرة اياك على محاولة نزعه دون فائدة ترجى ... " الن ترحبي بي ؟! " ابتسامته كانت مشجعة .. داعمة .. ومغرية .. لاول مرة دون استهزاء .. والتمع داخل عيناه تحد جديد لها ان ترده خائب .. مدت يدها ببطئ وتلامست اصابعهما فشدد يده حول يدها وكانه يحتضنها كلها .. لا راحة يدها " حبيبي " صوتها .. همسها الناعم .. واخترقت الاحرف جدار صلابتها فنظرت للمرأة وسحبت يدها بصعوبة .. تشعر بتراجع الاشياء لحركتها مجددا .. حبيبي .. كم تبدو الكلمة صادقة وهي تنطلق بتلك النعومة من شفتيها ... لكن اليس المفترض ان تلتمع عيناه لكلمة التحبب ؟ .. ان يتوقف عن النظر اليها هي .. ويجيب الانثى بجانبه ؟ ... " لنلقي نظرة ينتابني الفضول لرؤية ما تفعله شمس " " سالحق بك ديمة .. اريد ان اكلم شمس لدقيقة " رفت بجفونها تقطع اتصال نظراتهما ثم لفت ساعدها مجددا تلامس يدها الاخرى .. محاولة دعم نفسها بقد المستطاع ... " ولكن حبيبي " " سأوافيك ديمة " نظرت الفتاة له لاول مرة بنظرة عميقة ثم اقتربت تقبل خده بمودة وتسير مبتعدة .. اصابعها ارتجفت فشددتها فوق قماش الثوب تغرز اظافرها هناك كي لا تمد يدها وتمسح الاثر الخفيف لاحمر شفاه الفتاة عن وجهه ... والتمعت الغيرة في عمق عينيها فلم تتجرأ على النظر اليه لكي لا يدرك كم هو مؤلم رؤية انثى اخرى تتودد اليه " كيف حالك ؟! هل انت بخير ؟! " التفت لتغادر فاقترب اكثر يمنعها واحتل كفه ساعدها باعثا الاف الشرارات الكهربائية لجسدها الواهن منذ دخوله " لما لم تكرهيني ؟! .. انتظرت هذا كثيرا .. لما مازلت اراك تنظرين الي وقلبك ينبض بجنون ؟! .. اجيبي " " شمس " تنفست براحة وهو يحررها ونظرت نحو جاد الذي وقف لتوه بجانبهما وقال بثقة وعيناه تبتسمان لها " عفوا للمقاطعة .. لكن لا املك وقت اطول للاسف .. اعجبتني لمساتك .. نظرتك .. وتلك المشاعر الصارخة .. اظن اني اكتشفت الانثى التي تختبئ خلف كل هذا .. سنلتقي مؤكد .. سعيد لاني قبلت عرض وسام بالمجيء " واقترب يلامس يدها بمودة كبيرة وهو يسألها " الد*ك اي مشاريع للغد ؟! " " المعرض فقط " بالكاد همست ليكمل وهو مازل يقبض على يدها بطريقة غريبة .. " اذا اريد رؤيتك .. ساتصل بك مؤكد ونتفق .. والان .. اعذريني شمس الصباح .. وداعا " خطى يبتعد وسمعت صوت الرجل بجانبها يهتف " شمس الصباح !! .. من هذا ؟! " ادارت وجهها اليه وحدقت به تتحداه ثم قالت بصوت منخفض حاد النبرة " هذا شيء لا يعنيك .. انت هنا لاجل المعرض صحيح ؟! " " سعيد لتحد*ك لي .. انظري الي مجددا هكذا واقسم .. سأحتضنك هنا امام عيون الجميع .. شمس الصباح " وشدد على الكلمة الاخيرة بغضب .. ابتسمت وامالت رأسها تقول له بصوت جليدي بينما ترى اقتراب ديمة منهما .. وشعرت باندلاع نار داخلها لذكرى لمسها له .. وتلاشى ضعفها لتحترق بالف نار " اتحداك .. افعلها ان كنت تجرؤ " سحبها اليه ثم احتضنها بقوة ظنا انه يوقف تحديها فمررت يدها فوق خده تمسح اثر احمر الشفاه بأصابع قاسية وهمست بعنف " دعها تقبلك مجددا .. وسأقتلع قلبك امير " " دعيه يلمسك مجددا .. وسأقتله " واخذ كل منهما ينظر للاخر ويتنفس بصعوبة .. صوت انثوي وصوت رجولي وصل اليها لكنها ما كانت لتوقف الامر .. هي لن تتنازل مهما عنى هذا " امير !!! " " شمس !! " " ما الذي يجري هنا .. امير .. دعها .. الناس تنظر اليكما .. هذا كافي " وسحبها عمرو بصعوبة من ذراعي امير الذي توعدها مجددا " ساقتله .. ساقتل اي رجل يقترب منك " احتد الليل في عينيه وهي تهمس بصود لا يسمع .. اكرهك .. ثم رأت وسام وديمة يحاولان ثنيه عن الاقتراب منها بينما عمرو يهتف مجددا " هذا يكفي .. تعالي معي " بصعوبة جارت خطوات عمرو ثم دخلا لممر جانبي فتركها ونظر نحوها يسألها " ما الذي حصل لتوه ؟! " رفعت حاجبيها ولم تجيبه فكرر سؤله .. بللت شفتيها وحاولت تهدئة نفسها ثم قالت وعيناها تلتمعان بجنون لا يمكن لجمه " لقد غار من احدهم .. كعادته " وارتجف جسدها بتمرد فنظر اليها بحدة واخذ يمرر يده في شعره يبعثره .. استندت للحائط واخذت تتنفس بصعوبة محاولة تهدئة نفسها " مجنونة .. انه معرضك .. " " صحيح .. " وشردت بينما تتذكر نظرت الذعر فوق وجه وسام .. والسخط الذي كان يحتل وجه حبيبها .. واغمضت عيناها ثم عدلت وقفتها .. تنفست لمرات تاخذ انفاس عميقة وتزفرها الى ان استعادت تعقلها .. لاحقا .. لاحقا سنتواجه امير .. الفتاة الناعمة غادرت للابد .. خطت بعدها تتجاوز عمرو نحو القاعة في الخارج .. ولحسن حظها كان قد غادر امير هو ورفيقته ******* " انظري لهذا شمس " واعطتها ريم احدى المجلات التي تحملها وهما تقفان في مكتبها داخل المعرض ثم اصرت ان تقرها بصوت عالي .. كان المقال بقلم الناقض الذي تعرفت عليه .. مرت فوق الكلمات وتنفست بصعوبة .. احقا قد مدحها بهذا الشكل .. " انسلاخ الروح .. واحدة من قليل من الفن الذي اثر بي حتى العمق .. ارتجفت لقوة لمسات الفنانة فوقها .. وكانها تخرج نفسها فوق الكريستال الحاد ... ونعم .. اخيرا .. احدهم يخرج اسوء ما فينا بشكل مبدع جدا ... هذا لا ينفي وجود حس فني بكل ما صنعته الفنانة .. نتمنى لها مسيرة مليئة بالنجاح واستمرار الابداع .. شمس الصافي .. خط لا يتكرر في عالم النحت " دخل وسام الى مكتبها تتبعه سارة محاولة تهدئته باي طريقة بينما ينظر بغضب كبير لها ويرمي احدى المجلات فوق طاولتها " اسعيدة انت ؟! .. انظري " " وسام اهدأ .. ما بك ؟! " انحنت تلتقط المجلة واختفت ابتسامتها .. صرخ مجددا بصوت أعلى " اتعلمين كم عملت لاقناعهم بحضور المعرض ؟! " كانت صورتها مع امير تحتل الغلاف وبخط عريض كتب ( وراء كل امرأة مبدعة رجل عاشق ) .. هذه المرة تجمدت حواسها بينما تسمع استمرار تذمر وسام دون ان تهتم له ووجدت رأس ريم يحشر بجانبها لتنظر الى ما تنظر اليه .. تأملت الصورة تنظر لجسدهما المتلاصقان ويده تلتف حول خصرها بتملك .. كانت يدها بالمقابل تلامس خده .. بينما نصف وجهها محجوب خلف شعرها المنسدل .. وجهه كان معبرا جدا .. التملك الذكوري الشرقي يظهر في كل جزء منه لكن من ينظر للصورة يظن انهما يتغازلان لا يتحدى كل منهما الاخر .. " رباه شمس .. كان هذا لاجل معرضك .. لا لعرض عواطفكما للجميع " " انت تبالغ وسام .. انهما يبدوان رائعان " هذه المرة غضبه توجه لريم التي نطقت لتوها وهي تبتسم بمتعة لما تراه فنظر نحوها وقال بحدة " لم اسألك رأيك ؟! " رفعت كتفيها بلا مبالاة ثم سحبت المجلة تنظر نحوها باستمتاع .. بينما تجيب سارة بسرعة " وسام .. انت تبالغ .. المعرض كان ناجح بالفعل .. والامر حصل بلحظة واحدة .. انها افعال اناس تهتم فقط بالفضائح .. لذا اهدأ .. " ريم اخذت تقلب بالمجلة تبحث عن مكان المقال .. راقبها وسام ثم رأت نظرت رقيقة تعبر ملامحه وهم يسمعون ضحكتها المرحة .. تنفس بعدها لمرات ثم قال " اعتذر منكما .. ريم .. اعتذر لاني رفعت صوتي عليك " " لا عليك .. لكن لنقر جميعا .. العنوان رائع " هز رأسه بيأس ثم ترك النساء الثلاثة يضحكون من خلفه على جنون ريم .. اقتربت منها ثم اشارت لها لتقرأ المقال .. فاخذت المجلة وجلست على حافة المكتب .. " ظهر حبيب الفنانة التشكيلية شمس الصافي في اول ايام معرضها .. وقد يتسائل البعض عن سبب كل هذا الابداع الذي اخرجته ايدي النحاتة الشابة .. لكن نظرة واحدة للثنائي وستعلم عزيزي القارئ .. ان الحب هو السبب " وخفق قلبها كيف تنكر هذا ؟! .. سواء حبه .. او عذابه .. دائما هو من يدفعها لتجاوز حدود عقلها وتجسيد مشاعرها فوق اي منحوتة .. وابتلعت ل**بها تكمل " هذا لا يلغي ان رجلنا هو واحد من اهم رجال الاعمال في عالم المجوهرات امير نجار .. ولكن سؤال بسيط يفتح مجالا لعدة تسائلات .. ان كان صحيح ان مرافقته التي كانت معه داخل المعرض .. كما وصل لسمعنا هي خطيبته .. اليس المفترض ان يرتدي الرجل خاتم خطوبة .. او على الاقل ان نسمع عن الحفل الذي اعلن به عن ارتباطه رسميا ؟!.. " خفق قلبها بتوجس ورفعت نظرها نحو ريم مع انتهاء الكلمات تسأل بصوت متفاجئ " الم يعلنا خطوبتهما ؟! " " لقد حاولت اخبارك اتذكرين ؟! .. لكنك كنت ترفضين سماع ما حصل بعد مغادرتك ... امير لم يعلن عن الخطوبة .. وغادر المنزل حبيبتي .. لكن تلك العلقة مازلت تستمر بالتصرف وكأنه خطيبها فعلا " مررت يديها فوق جبينها تفركه ثم نظرت مجددا لريم .. ماذا يعني هذا ؟! .. وتحركت تترك مكانها ثم رمت المجلة وهي تغادر المكتب وصوت ريم يتبعها " شمس الى اين ؟! " اوقفت سيارتها امام مبنى الشركة بإهمال .. وخطت داخل البناء الفاخر جدا متجاوزة المتاجر في البهو الواسع .. قدماها توجهتا لداخل المصعد .. وضغطت باصابع متجمدت على زر الطابق السابع .. شعرت بحركة المصعد ثم توقف وفتح الباب .. تنفست وذاكرتها تعيد عليها المرات التي اتت بها الى المكان .. بهو واسع اخر ينتهي بممر جانبي على اليمين .. خطت نحوه وتوقفت قدماها امام مكتب السكرتيرة الذي كان فارغا .. صوت خلفها جعلها تلتفت " اهلا .. اه انسة شمس .. تسرنا رؤيتك مجددا " " هل امير هنا ؟! " صوت نسائي بنبرة حادة اجابها بينما تخطو فتاة حمراء الشعر لتخرج من المكتب المجاور وتجلس براحة فوق مكتبها " لديه اجتماع .. عودي لاحقا " نظرت بلا مبلاة لها وتجاهلتها ثم قالت لمدير مكتب امير الذي كان ينظر نحوها " هل سيتاخر ؟! " " الاجتماع بدأ منذ ساعة .. لكن اظن انه لن يتأخر .. اتفضلين انتظاره ؟! " حركت رأسها توافق ثم خطت تجلس على الاريكة البيضاء الجلدية مقابل تلك الفتاة البغيضة .. وتحرك الرجل يترك المكان مغادرا بعد ان اخذ بعض العلب من فوق مكتب الاخيرة " لن اقول اني اشتقت لك " رفعت ساقها لتضعها فوق الاخرى ولامست قماش بنطالها القماشي الضيق الاسود ثم اجابتها " الامر نفسه لي " " رؤيتك هنا تجعلني اتساءل .. ما الذي يجمع رجل مثله .. بفتاة تشبهك ؟! " اسندت ظهرها للخلف براحة اكبر ورمت هاتفها بجانبها ثم اجابت " لا تعذبي ذلك الرأس الفارغ عزيزتي .. التفكير شيء مزعج لامثالك " وابتسمت بشماتة وهي تراها تعض شفتها غيظا وتمسك الهاتف لتجيب على رنينه .. فابعدت وجهها تنظر في المكان .. طلاء ابيض .. واجهة زجاجية خلف مكتبها .. واثاث ابيض واسود يناسب المكان .. الشيء الوحيد الذي كان يغير من رسمية المكان كان شعر تلك الفتاة التي هي متأكدة انه صباغ رخيص مثلها .. " هند .. ارسلي هذا .. " توقف ونظر نحوها فتأملته قطب حاجبيه ثم قال بصوت جاد " منذ متى وانت هنا ؟! " " وصلت للتو .. هل كان علي اخذ موعد ؟! " نظر نحو سكرتيرته ثم قال بصوت بارد " لما لم تخبريني بوصول شمس " ابتسمت لملامحها المتوترة وعندما حاولت التكلم اوقفها بيده ثم عاد بعينيه ليحدق بها .. اشار بعدها بيده لها نحو باب مكتبه .. فوقفت ثم امسكت هاتفها وحقيبتها ذات الساق الطويلة ومرت تدخل مكتبه .. الالفة غمرت حواسها .. كل شيء كما هو " اجلسي .. ساعود سريعا " خرج مقفلا الباب فاخذت عيناها تسترجعان تفاصيل المكان بعيون مشتاقة .. اثاث اسود بالكامل .. مكتب زجاجي لامع فوق وحدتي ادراج بخشب اسود مماثل للاثاث .. وباب جانبي يؤدي لحمام خاص .. وضعت حقيبتها وهاتفها فوق زجاج المكتب وخطت تنظر من الواجهة الزجاجية التي تطل على العا**ة .. " اذا .. لما الشمس عندي ؟! " التفت وتأملته مجددا .. انه في مكانه .. بلباس يشابه الاثاث ايضا .. اسود بالكامل وارتجف قلبها للمسه تأكيدا فقط بانها هنا مجددا .. ونظرت نحو يده تتأكد مما قرأته .. " انت لا تضع خاتما!! "
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD