الفصل (2)

1538 Words
على الطرف الآخر في احدى قرى الصعيد... جلست " ليال " بتلك الغرفة بمفردها تنظر لنفسها في المرآة.. تتحسس تلك العباءة البرتقالية المُطرزة التي بدت وكأنها صُنعت لها خصيصًا... اليوم ستُزف عروس للرجل الوحيد الذي عشقته... مقسومة هي نصفين.. نصف سعيد يرقص فرحًا بما استطاعت فعله، ونصفها الآخر تصدعت فيه تلك السعادة كلوح ثلج مزقته تصدعات قاسية وهي تتذكر ما فعلت بأنانية لتحصل على حبها....... تن*دت بعمق وهي تبتسم ساخرة، صدق حدسها.. فقد كان يونس متجاهلها تمامًا منذ ذلك اليوم المشؤم، لا يوجه لها أي كلمة إلا اذا كان احدهم متواجد، وقد أخبروا أهل البلد أن يونس كان قد خطب احداهن وجاء بلدته ليتزوجها عليها وسط أهله... أمسكت "ليال" الفرشاة بشرود متن*دة وهي تفرد خصلاتها السوداء على ظهرها، ثم بدأت تمشطها ببطء، وفجأة وجدت الباب يُفتح بعنف ويونس يدخل بهمجية وقد نسي أن يُغلق الباب خلفه فأغلقه نصف غلقة دون قصد، ثم تقدم منها لينفجر غضبه المكتوم في وجه "ليال" كالشظايا القاتلة وهو يزمجر : -عملالي فيها عروسة بجد يا بت انتي وقاعده في اوضتي اللي مكنتيش تحلمي تدخليها !! أمسك الفرشاة من بين يداها عنوة ليرميها أرضًا بعنف ثم امسك ذراعاها معًا وعيناه تُطلق وحوش ليلها الأ**د فتُصيب "ليال" بالفزع رغمًا عنها، ليهزها صارخًا بانفعال مفرط: -عملتي كده لية!!؟ مين مسلطك عليا ردي ردمت ليال خوفها وهي تجيب بصوت حاولت جعله ثابت: -محدش مسلطني! أنت اللي مش فاكر اللي حصل يا يـ...... وضع كفه على فمها يضغط عليه ليكتمه بعنف وهو يهتف من بين أسنانه محذرًا: -اياكي تنطقي أسمي اياكي، انا كنت يونس بيه او استاذ يونس وهفضل بالنسبالك كده حركت رأسها بقوة محاولة التملص من بين قبضته، حتى أنزل هو يداه فانزلقت حروفها الشرسة من بين شفتيها بتلقائية تتحداه الرفض: -مبقتش يونس بيه، بقيت يونس وبس، يونس جوزي سواء رضيت او مرضتش كلما ذكرته بعجزه وضعف موقفه.. كلما ذكرته أنها أخذت مكان لم يكن لها يومًا، شعر أن الجنون ليس ذرة مما يشعر به، وباتت تصرفاته مجرد خيط تتلاعب به شياطينه!!... دفعها بعنف للخلف وهو ممسكًا ذراعها فسقطت على الفراش شاهقة من المفاجأة، لتجده يميل هو بكليتيه عليها حتى أصبح فوقها دون أن يمسها، مقتربًا منها كثيرًا أنفاسه المشتعلة بغضب أ**د تصفع بشرتها القمحية، وعيناه السوداء التي تصرخ بالغضب كانت في مواجهة خضار عيناها الغامق... ليدب على الفراش بجنون بيداه من حولها وهو يصرخ بصوت عالي نسبيًا: -هتنطقي وتقولي حقيقة اللي حصل غصب عنك مش بمزاجك وانا وانتي والزمن طويل كان تنفسها مضطرب وعالي... قُربه بهذه الطريقة يُذيبها ويُذيب قوتها الوهمية.. يُذيب الأنثى التي تتمنى لحظة قرب واحدة... ودقات قلبها تفضحها فتدوي لتُحيي السكون باهتياجها.... -ابعد يا يونس قالتها بصوت مبحوح تقاوم تلك العاطفة المتدفقة بحرارة والتي بعثرت مكنونات ص*رها، ليدب هو على الفراش مرة اخرى مغمغمًا بغيظ: -قولت يونس بيه متنسيش نفسك يا بيئة فراحت تردد بعناد قاصدة استفزازه: -يونس يونس يونس يونس يونس وفجأة وجدته يُزيح بيداه "الطرحة" الصغيرة التي كانت ملفوفة عند عنقها، فلم تلحق الاعتراض إذ وجدته يدفن وجهه في رقبتها بغتةً وشفتاه قد أحرقتها حينما مستها للحظة... للحظة فقط، فشعرت برعشة عنيفة في تلك اللحظة حينما شعرت بملمس شفتاه الغليظة على رقبتها... تكومت حروفها في حلقها عاجزة عن النطق، وكأنها اصبحت مُلقاه بين جحيم من المشاعر التي تختض داخلها بعنف... ليبعد هو في الدقيقة التالية ينظر عند الباب ليجد أن الخادمة التي كانت تراقبهم قد رحلت، فعاد ينظر لـ ليال التي كانت مغمضة عيناها ويداها تقبض على شرشف الفراش بعنف.... فعقد ما بين حاجباه وهو يحدق بها ب**ت دون أن يشعر أنه يدقق النظر لها بدءًا من رموشها الكثيفة المشتدة حول جفناها.. هبوطًا بملامحها الصغيرة القمحية وشفتاها الصغيرة ككل شيء فيها و....... استفاق سريعًا لنفسه فنهض مبتعدًا عنها وهو يتابـع بصوت أجش: -اوعي تفكري إني عملت كده عشان جمال عيونك، أنا اصلاً بق*ف منك، ده بس عشان البنت اللي بتشتغل هنا جات وكانت واقفة قدام الباب وأحنا مش ناقصين فضايح وبلاوي تانية بسبب خدامة زيك! تبخرت سطوة العواطف وقد أصبحت كرامتها جمرة تتفاقم لتنطلق من بين حروفها وهي تنهض مقتربة منه لترد عليه بنفس الحدة ولكنها هادئة: -كداب يا يونس، ماتقدرش تنكر إني بأثر فيك كأنثى ولو بنسبة واحد في الميه! كلما حاول حجم غضبه جاءت لتبعثره بكل غباء.... أمسك ذراعها ليلويه خلف ظهرها بعنف ويصبح ظهرها ملاصقًا لص*ره وهو يلقي إهانته المتعمدة عند اذنها ببحة رجولية حادة غاضبة: -أنتي مش انثى اصلًا ثم وقعت عيناه على شعرها الذي كان تمشطه، تعيش بكل أريحية بينما هو يتلوى بمرارة الفراق اللاذعة!!!.... في اللحظة التالية ودون شعور كان يفتح الدرج بيد ويُكبلها باليد الاخرى، فأخرج "مقص" ليترك يدها ويمسك خصلاتها معًا بعنف جعلها تتأوه متألمة وهي تصيح فيه: -سيب شعري يا همجي بتوجعني ولكنه لم يتركه بل دون مقدمات قصه بغل حتى أصبح قصير نسبيًا وهو يزمجر بحقد وصلت رائحته لها بوضوح فمزق احشائها: -و آدي شعرك اللي فرحانة بيه وبطوله وعماله تسرحيه، أتمنى تكوني مبسوطة ثم ألقى المقص ارضًا وخصلات شعرها المقصوصة أيضًا، بينما هي مبهوتة مكانها تحدق بخصلاتها السوداء الطويلة التي داسها وهو يمر ليهمس لها بقسوة سقطت عليها كالسياط: -ملهوش أي قيمة رخيص واخره تحت رجلي، زيك بالظبط!! ألهذه الدرجة يكرهها ويود فعل أي شيء فقط ليؤلمها.... بل ألهذه الدرجة أوجعت قلبه هي..؟!!!!! **** في القصر الذي تقطن به أيسل.... كان "بدر" في حديقة القصر ينوي المغادرة حينما أتاه الاتصال من "مريم".... تلك الفتاة التي كان يهيم بها عشقًا فتقدم لخطبتها وبالفعل اصبحت خطيبته ولكنه إنفصل عنها بعد فترة بسبب التصادم الذي حدث في الماضي وفرق بينهما، ولكنه عاد قريبًا منها حينما شعر أنها على وشك الإنهيار وحيدة...! أجاب على الهاتف بصوت هادئ متزن: -ايوه يا مريم أجابته بصوت مبحوح تسأله: -أنت فين يا بدر؟؟ -منا قولتلك يا مريم هبقى مشغول بخلص كل مشاويري عشان الفترة اللي هقعدها في القصر معاهم، مش فهمتك كل حاجة؟! سمع صوتها الذي اختنق بشرنقة بكاء وهي تردف باستعطاف متعمد: -كده يا بدر من أولها هتسيبني قاعده لوحدي كتير عشانها !! امال لو كان جواز بجد كنت عملت إيه، انت عارف إني بكره الوحدة، بدر ماتسبنيش لوحدي عشان خاطري أغمض عيناه متن*دًا بصوت مكتوم.. تستغل مشاعره نحوها لتُلين قلبه بإنهيارها الزائف...! فقال بعدها بحنو: -حاضر يا مريم، هعرف الست فاطمة بس وهاجي ابات في المنطقة عندنا مش هبات هنا لم تخفى عنه لذة الانتصار التي صاحبت جملتها وهي تتشدق بـ: -تمام، مستنياك متتأخرش عليا -متقلقيش، سلام -سلام أغلق الهاتف ويداه تغوص بين خصلاته السوداء الطويلة ليستدير ويعود لداخل القصر..... وقف أمام "فاطمة" يعد كلماته بحذر، ليهتف بجدية: -انا متأسف يا ست فاطمة بس انا مش هقدر أبات هنا على الأقل ٣ ايام تاني سألته فاطمة بلهفة عابسة: -لية بس إيه اللي حصل يا بدر؟؟ بنفس الهدوء رد شارحًا كل شيء بصدق تغلغل حروفه: -البنت اللي كانت خطيبتي وبنت عمي في نفس الوقت واللي هي تعتبر كل عيلتي زي ما قولتلك، لسه مش متهيئة نفسيًا لفكرة إني ابعد عنها ولو مؤقتًا، فـ انا مضطر أمشي ولو حصل أي حاجة بتليفون واحد تلاقيني عندك عقدت فاطمة ما بين حاجبيها بقلق ومن ثم أستطردت مستنكرة: -تمشي ازاي بس، وافرض جم في اي وقت ومعاهم البوليس، وكمان الموضوع لازم يبان قدام الناس طبيعي عشان لو الشياطين دول فكروا يسألوا او يعملوا اي حاجة ويتنصحوا علينا، دول هيعملوا أي حاجة عشان ياخدوها مني هز بدر رأسه بأسف، وقال: -انا عارف ومقدر خوف حضرتك، بس انا كمان خايف على مريم خصوصًا إنها تعبانة نفسيًا شوية الفترة دي للحظات **تت فاطمة تفكر في حل لتلك المعضلة، هي لا تريد أي ثغرة في الموضوع ولن تترك أي شيء للحظ...! تشدقت بنبرة حازمة قطعت بها ال**ت: -خلاص يبقى تجيبها تعيش معانا التلات اسابيع دول، القصر واسع ويسع من الناس الف! لا ينكر.... تفاجئ باقتراحها الذي لم يخطر بباله اطلاقًا، ولكنه يعد حل اوسط.. فنطق بما يُقلقه من ذلك الاقتراح: -طب والناس؟؟ وبنت حضرتك تفتكري هتقبل بالوضع ده؟ لم تحتاج فاطمة وقتًا للتفكير فقالت: -الناس هنقولهم إنها اختك مش ازمة ثم تن*دت بقوة، تتخيل القهر الذي سيسقط على صغيرتها كدلو ماء بارد قاتلًا مشاعرها الحارة المتدفقة..! ثم تابعت بنبرة يائسة قليلة الحيلة: -وأيسل انا هقولها وهتكلم معاها متقلقش، ماقدمناش حل إلا ده اومأ بدر مؤكدًا برأسه، ليتنحنح بخشونة بعدها: -طب هستأذن حضرتك همشي انا بقا وبأذن الله هجيب مريم ونيجي بليل اومأت فاطمة برأسها موافقة على مضض، ليغادر بالفعل بينما هي جالسة تفكر كيف ستصدم أيسل بما سيحدث....... بعد فترة وصل بدر العمارة التي يقطن بها هو ومريم، كلاً منهما في شقة صغيرة بمفرده.. طرق الباب منتظرًا أن تفتح له، وبالفعل فتحت له ليدلف فأغلقت الباب خلفه ودون مقدمات إرتمت بين أحضانه تحاوط خصره بقوة... تصنم هو لدقيقتان يحاول إيجاد رد الفعل المناسب الذي يرضي عقله ويرضي جنونها، ولكن سطوة عواطفه في تلك اللحظات كانت أقوى من عقله لتخضعه لها فضمها هو الاخر بقوة له.... رفعت رأسها بعد دقائق تحدق به مدققة النظر لسواد عيناه العميق، لتحاوط وجهه الأسمر بكفيها البيضاوان ومن ثم تهمس بهدوء شديد: -بدر، اوعى تنسى أنت اشتغلت عندهم لية ووافقت تتجوزها لية اصلًا يا، أنت بتعمل كده عشان تنتقم ليا منها، اوعى تنسى ده اومأ بدر مؤكدًا برأسه بصوت أجش جامد يُهدئ شياطينها التي تجن بتلك الرغبة الانتقامية: -متخافيش مش ناسي، مش ناسي ومش هنسى إني بعمل كل ده عشان تنتقمي منها يا مريم!!!! ****

Great novels start here

Download by scanning the QR code to get countless free stories and daily updated books

Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD