مقدمة
دلف محمود لشقته و هو يبحث عنها ليجدها جالسة على أحد المقعدين الوثيرين الذي أشتراهم لراحتها بدلا من المكوث ليل نهار في غرفة نومها الصغيرة .. نظر إليها بهدوء و هى غير منتبه لوجوده في الشقة يبدوا أن من كثرة تسحبه من خلف ظهر والديه و المجيء لرؤيتها جعلته من ذوي الخبرة في التهرب كاللصوص .. تنحنح قائلاً ..” مساء الخير كيف حالك اليوم عرين “
انتفضت الفتاة خجلا و نهضت من مقعدها قائلة .. ” محمود متى أتيت أسفة لم أنتبه “
رد محمود بسخرية ..” يبدوا أنه أصبح لدي خبرة في ذلك فلا ينتبه أحد لقدومي أو رحيلي “
نظرت إليه الفتاة بعدم فهم لحديثه فقال باسما بمزاح ..” أصبحت مثل الرجل الخفي “
هزت الفتاة رأسها بتفهم فقالت تسأله بخجل .. ” هل تريد تناول الطعام أم تبدل ملابسك أولا “
نظر إليها محمود بغموض قائلاً ..” أبدلها أولا حتى لا يلاحظ أبي شيء عندما أعود للمنزل “
شعرت الفتاة بالذنب فقالت بحزن ..” كف عن المجيء لهنا إذن “
رد محمود بجمود ...” لا أستطيع عرين لا أستطيع تركك هنا وحدك “
ابتسمت الفتاة ممتنة و قالت ..” أذهب و بدل ملابسك “
تمهيد
واقفان أمام شاهين و إلهام الجالسين على المقعدين الوحيدين في الشقة .. كان محمود شاحب اللون و عرين تكاد تفقد الوعي و نظرات شاهين مسلطة عليهم كالصقر .. تنحنحت إلهام لتلطف الجو و تجعل زوجها يخرج من حالة الجمود قائلة ..” ألن تعرفنا محمود “
خرج صوته خشنا متحشرج و هو يجيب ..” هذه عرين أمي “
سألته إلهام بتروي ..” عرين من بني زوجتك “
انتفضت الفتاة جواره و لم تجب و انتظرت محمود يجيب .. و الذي قال بخجل ” لا أمي ليست زوجتي “
رعد شاهين بغضب مما جعل الفتاة تشهق فزعا و محمود ينتفض و عيناه تزوغ مبعدا نظراته عن والده المشتعل ..” و ماذا تفعل فتاة غريبة في شقتك و هى ليست زوجتك سيد محمود أجبني “
رد محمود بجمود ..” هى تقيم هنا لحين تنهي عامها هذا في الجامعة و سترحل من هنا “
نهض شاهين بغضب فتراجعت عرين خطوتين خائفة لتحتمي خلف ظهر محمود لاحظ شاهين ذلك فسألها بغضب ..” كيف لفتاة محترمة أن تظل في شقة شاب غريب و هى ليست زوجته و تدعه يأتي إليها هنا و يراها بملابس النوم “
لمعت عيني عرين بالدموع و لم تجب و هى تتطلع لثوبها البيتي البسيط بأكمامه الطويلة و فتحته المحتشمة و الذي لا يظهر سوى قدميها الصغيرة و كفيها .. كانت تعلم أن والده على حق و أنها من وجهة نظره تفتقر إلى القيم و الأخلاق و الاحترام هذا ما سيراه أي أحد يعلم بوضعها مع محمود فتاة عديمة الأخلاق و الحياء .. سمعت صوت محمود الغاضب .. ” أبي أرجوك لا داعي لهذا الحديث عرين ليست هكذا أنها فتاة محترمة و لكنها فقط تمر ب*رف سيء “
رد شاهين ساخرا ..” أليست وقار تمر ب*رف سيء أيضاً لم أرى باهر يذهب بها و يضعها في شقة بعيداً عن الأعين يخفيها ماذا يدور بينكم هنا على أيه حال لنعرف مدى احترامك “
اقتربت عرين خطوة و وضعت راحتها على ظهر محمود تلتمس منه الحماية و انفجرت باكية مما جعل إلهام تشفق عليها .. تصلب جسد محمود و هو يشعر براحتها على ظهره علم أنها خائفة و تشعر بالخجل و لكنه لم يستطع أن يخبرهم بأكثر من أنه يساعدها فقط ” أبي أنا فقط أردت المساعدة أقسم أن ما يدور في رأسك أنت و أمي ليس له أساس من الصحة و عرين فتاة على خلق مثل ضحى تماماً “
سأله شاهين و عاد للجلوس مرة أخرى .. ” و هل تقبل يا سيد محترم أن تظل شقيقتك في شقة رجل غريب دون رابط شرعي و يراها هكذا و خصلاتها مسدله أمامه بأريحية تدعوه لملامستها “
شهقت إلهام قائلة باستنكار ..” شاهين ما هذا الذي تقوله“
أشار شاهين لعرين قائلاً باستفزاز لولده الوقف بتصلب ..” أنظري إليها كيف تبدوا بريئة و جميلة أنها تدعوا الشيطان ليغويها و هذا الوقح أنظري كيف يتركها تلامسه ماذا تظنين أنه يحدث بينهما و هما وحدهما مؤكد يحدث الكثير “
تعالت شهقات عرين و تمتمت بان**ار لأول مرة منذ مجيئهم ..” و لكني لا أفعل شيء خاطئ أقسم لكم أنا و محمود ليس بيننا شيء هو فقط قام بمساعدتي و أنا ممتنة لذلك “
سألها شاهين بسخرية ..” ممتنة لأي حد “
قال محمود بغضب مكتوم.. ” أبي أرجوك ما هذا الذي تقوله “
رد شاهين ساخرا ..” أقول ما أراه أمامي سيد محترم فتاة و شاب في شقة لوحدهما و الشيطان ثالثهما ماذا تظن سوف يحدث “
قالت إلهام بقلق ..” فقط أستمع إليهم شاهين “
قال شاهين ببرود ..” أنا لن أستمع لشيء إلهام .. أنا أرى أن تستعد الفتاة لتغادر و تعود لعائلتها “
شهقت عرين و تمسكت بكتف محمود و هى تستنجد به ” محمود أرجوك أفعل شيئاً “
أستدار إليها ليطمئنها قائلاً برقة ..” لا تخافي عرين لن أفعل ذلك أنت ستظلين هنا كما أخبرتك لن يتغير شيء “
قال شاهين بقسوة ..” هل ت**ر كلمتي محمود “
ألتفت محمود لوالده قائلاً برجاء ..” لا أبي و لكن أرجوك تفهم الأمر عرين لو عادت لعائلتها سيقتلونها “
سألته إلهام بقلق ..” لماذا ماذا فعلت “
قالت عرين باكية بحرقة .. ” لقد هربت يوم زفافي و سيقتلني عمي صادق لو عدت إليهم “
قالت إلهام بدهشة ..” و إلى أين كنت ستذهبين عندما تتركين المكان هنا إن لم تعودي لعائلتك “
أجابت عرين بحزن و هى تبكي ..” كنت سأترك البلاد لقد دعتني عائلة صديقة لي أن أسافر للخارج إليها و هى ستجد لي عمل و محل إقامة كنت فقط أنتظر أن أنهى عامي هذا و سأكمل ما تبقى لي من دراسة هناك “
قال شاهين بغضب .. ” كيف تفعلين شيء مشين كهذا و تظلين مع رجل غريب وحدكما هل أنت صغيرة لتفعلي ذلك ثم من أين تعرفت على ولدي “
بكت عرين بحرقة و أجابت ..” أنا لم أفعل شيء صدقني و لكن عمي أراد اجباري على الزواج و الرجل الذي سيتزوجني كان سيجعلني أترك الدراسة كان سيضيع مستقبلي ماذا كنت تريدني أن أفعل “
رد شاهين ساخرا ..” لا شيء تضيعين مستقبل ولدي إن علمت عائلتك مكانك لديه ربما يقتلونه هو “
شهقت إلهام و عرين بخوف فأكمل شاهين ببرود ..” ماذا تظنون أنهم سيفعلون سيقبلونه مثلاً “
سألته إلهام بقلق ..” ماذا سنفعل إذن شاهين “
نظر شاهين لمحمود المتجمد و عرين الواقفة خلفه تحتمي به لا يظهر غير رأسها و دموعها تغرق وجهها قائلاً بقسوة و أمر
” يجب أن يتزوجا في أقرب وقت قبل أن نذهب لعائلتها لنطلبها منهم“
الفصل الأول
ركض الرجل لمحمود هاتفا به بقلق ..” بشمهندس محمود تعال بسرعة هناك شيء يجب أن تراه “
قال محمود بتذمر .. ” ماذا غسان ألم ننتهي و أخبرتكم بما عليكم فعله“
قال غسان برجاء .. ” نعم يا بشمهندس أخبرتنا أنا لا أريدك لذلك بل لشيء أخر أرجوك تعال لتصعد للدور الثالث رجاء و لكن أسرع “
عاد محمود أدراجه مع غسان و صعدا للدور الثالث فأشار غسان للغرفة الداخلية قائلاً ..” من هنا أنها في الداخل “
تعجب محمود و سأله بضيق ..” من هى التي في الداخل .. هل هناك عيب في البناء “
رد غسان .. ” تفضل أنظر بنفسك “
دخل محمود الغرفة ليجد فتاة فاقدة الوعي أو ميته لا يعرف بعد ترتدي ثوب زفاف أبيض و خصلاتها مشعثه و على وجهها عدة كدمات و كمي ثوبها ممزق و عليه بعض الدماء يظن أنها دمائها .. اقترب محمود بسرعة و هو يهتف بغسان .. ” أحضر سيارة في الأسفل يا غسان لنأخذها للمشفى “
تحرك غسان و أنصرف لتنفيذ أوامره فدنا محمود منها أكثر و أنحنى نحوها فسمع أنين الفتاة فزفر براحة و علم أنها مازالت على قيد الحياة مد يده ليربت على وجنتها قائلاً.. ” أنت أفيقي هل أنت بخير آنستي من أنت و ما الذي أتى بك لهنا “
لم تجب الفتاة على أي من تساؤلاته فعاد و كرر .. ” آنسة من أنت .. هل نتصل بعائلتك لتحضر “
عند سماع الفتاة لطلبه عائلتها .. انتفضت مذعورة و هتفت بألم و يأس ” لا أرجوك لا تفعل سيقتلونني إن فعلت و عدت إليهم “
سألها محمود بقلق فهذه مسؤولية ربما كانت مخطوفة و أساء أحدهم إليها و ستعاقبها عائلتها لذلك ..و ربما هربت مع أحدهم و تركها لذلك تخاف العودة .. ” لماذا آنستي أنهم عائلتك لم يؤذونك “
حاولت النهوض فمد يده يساعدها فوقفت بعدم اتزان و سارت تجاه الباب قائلة ..” أنت لا تعرف شيئاً أنا سأذهب من هنا لا تقلق على عملك أنا سأرحل على الفور كنت فقط أريد أن أستريح و لم أجد مكان غير هنا“
هتف بها محمود و هو يراها تسير بترنح ..” أنتظري هنا إلى أين أنت ذاهبة “
استدارت لتجيبه و هى ترجوه أن لا يوقفها ..” سأذهب بعيداً عن هنا لا تقلق و لكن أرجوك لا تبلغ عائلتي “
قال محمود بتعجب .. ” و هل أعرفها لأبلغها “
قالت بهدوء ..” حسنا شكراً لك سأرحل الأن “
أتى غسان قائلاً بجدية ..” السيارة في الأسفل بشمهندس محمود “
قال محمود بحزم ..” أنتظري آنستي .. شكراً لك غسان “
أتجه للفتاة و أمسك بيدها يساعدها على السير قائلاً .. ” تعالي معي سأوصلك المكان الذي تريدين “
ردت الفتاة باكية و هى تأن من الألم ..” ليس لي مكان أذهب إليه سيدي شكراً لك سأسير في الشوارع لأن يهديني الله لسبيل “
قال محمود بحزم ..” حسنا لتأتي معي بالسيارة و نسير بها معا لحين يهد*ك الله لشيء وقتها سأوقف السيارة و أنزلك “
وهكذا أخذها محمود و أصعدها السيارة .. و جلس جوارها بصمت بعد أن أخبر السائق بالدوران في الشوارع بعض الوقت ..
كانت الفتاة جالسة جوار محمود في سيارة الأجرة و السائق يسأل متململا .. ” قربنا على الوصول سيدي “
نظر محمود للفتاة الشاردة جواره و أجابه بهدوء .. ” فلتدور قليلاً بعد لا تخف سأعطيك أجرتك كاملة و لن أجادلك بها “
تمتم السائق بلامبالاة ..” حسنا كما تريد سيدي “
عاد لينظر أمامه لينتبه للطريق فقال محمود بهدوء ينتشلها من شرودها .. ” ما اسمك آنستي “
ألتفتت إليه الفتاة قائلة .. ” عرين سيدي “
رفع محمود حاجبه متعجبا .. ” ما هذا الاسم “
ردت عليه بضيق و حدة و قد ظنت أنه لم يصدقها و يظنها تكذب بالنسبة لاسمها .. ” هو اسمي سيدي أن ظننت أني أكذب “
سألها ببرود متجاهلا حدتها في الرد .. ” عرين ماذا آنستي “
أجابته بضيق .. ” لا أستطيع أن أقول لك فأنا لا أعرفك و ربما ذهبت لعائلتي لتبلغها عن مكاني “
أبتسم محمود بسخرية قائلاً .. ” و من أين أخبرهم بمكانك و هل أعرفه أنت بعد قليل ستذهبين لطريقك “
لمعت عيناها بالدموع و قالت للسائق .. ” أنزلني هنا إذا سمحت “
قال محمود مسرعا .. ” لا لا تفعل فلتذهب لشارع ( ....) إذا سمحت “
قالت عرين بحدة .. ” أرجوك أستاذ أنزلني هنا و شكراً لمساعدتك “
أجابها بلامبالاة .. ” أهدئي آنستي ستكونين بخير معي صدقيني “
سألته عرين بقلق .. ” إلى أين ستأخذني سيدي “
أبتسم محمود بهدوء .. ” لشقتي و لا تقلقي لا أحد يذهب إليها غيري “
أتسعت عيناها بدهشة ثم عقدت حاجبيها بغضب و هدرت به .. ” أنت ماذا تقول شقة من التي تريدني أن أذهب إليها من تظنني “
رد محمود ببرود .. ” فتاة في ورطة آنستي و تحتاج للمساعدة من أظنك غير ذلك “
قالت عرين شاكرة .. ” لا سيدي شكراً لك فقط أنزلني على الطريق و لا تشغل بالك بي أنا سأتصرف “
سألها محمود ببرود .. ” معك نقود “
أجابته عرين بنفي .. ” لا ليس معي و لا أريد منك شيئاً “
أجابها ساخرا .. ” لم أكن سأعطيك فمن أين أعرفك لترديهم لي “
شعرت عرين بالغضب يا له من و*د بخيل متبجح و من سيأخذ منه من الأساس .. أبتسم محمود للمشاعر المتفاوتة التي تظهر على وجهها فسألها بمكر .. ” معك هوية “
هزت رأسها بغضب و لم تجبه فقال بمرح أشعل غيظها و حنقها منه .. ” لأين تظنين برأيك ستصلين بثوبك هذا و جسدك العاري و خصلاتك المشعثة و بدون نقود أو هويه إلا ما تجدي ذئبا يفترسك على الطريق و لن تجدي من ينجيك منه أو مصير أسوء كالموت مثلاً “
انفجرت عرين باكية بحرقة و هى تقول بيأس .. ” ماذا أفعل فهذا لن يختلف كثيرا عن ما كنت سأجده في منزلي .. فلأمت إذن سأستريح عندها “
نظر إليها السائق في المرآة بشفقة فربت محمود على كتفه قائلاً .. ” أكمل الطريق كما أخبرتك “
أحنى السائق رأسه بالموافقة فعاد محمود يطمئنها ..
” لا تقلقي فلتأتي معي و تظلي بها قليلاً لحين تفكري في ما ستفعلينه “
صمتت الفتاة و ظلت على حالتها من البكاء لحين أعلن السائق عن الوصول فقال محمود و هو يشير لبناية جديدة .. ” أنزلنا أمام هذه البناية إذا سمحت حتى لا تسير في الطريق هكذا “
تقدم السائق قليلاً ليتوقف أمام البناية فترجل محمود بعد أن نقده أجرته أشار لعرين الواقفة بحيرة قائلاً بأمر
” لنصعد الطابق الثالث و لا مصعد هنا فهو لم يعمل بعد فكما تري البناية خالية لأنها جديدة “
أقشعر جسد عرين و هى تتخيل أنه يمكن أن يعتدي عليها هنا و يقتلها دون أن يشعر أحدهم بذلك ..و كأن محمود علم ما يدور في رأسها فأبتسم بغموض و قال ..
” هل ستأتي معي أم أحملك “
تراجعت عرين خطوة مبتعدة عنه و تمتمت بقلق .. ” سأتي و لكن فقط أبتعد عني أرجوك أنا لم أعد أتحمل الخوف و القلق يكفيني ما مررت به لأخرج من بيتي قبل أن يحدث شيء “
لم يشأ محمود سؤالها عن شيء الأن لتستريح فقط و تطمئن و بعدها سيعلم كل شيء منها بهدوء و روية ..صعدا الدرج بصمت إلي أن وقف محمود أمام باب الشقة ليخرج مفتاحها من جيبه فتحها و دفع الباب بهدوء و أشار إليها بالدخول .. دلفت عرين لتجد شقة خالية من الأثاث تماما و لا حتى بها مقعد صغير لتستريح عليه .. كانت قيد التشطيب فهى مازالت أرضياتها ملطخة بالدهان المتساقط و متسخة بالأتربة .. حارت عرين ماذا تفعل هنا .. قال محمود بهدوء .. ” أنا سأذهب الأن و أشتري لك فراش صغير لحين نعلم ما ستفعلين يوجد هنا ماء أن أردت غسل وجهك .. سأحضر لك بعض الطعام إن لم تمانعي “
نظرت إليه ممتنه فتركها محمود و انصرف اغلقت عرين خلفه الباب و تهالكت على الأرض بتعب و هى تتمتم .. ” يا إلهي ليس لي غيرك “
************************
عاد محمود بعد ساعتين و قد أحضر معه عاملين كان أحدهم يحمل سرير صغير و الآخر يحمل مستلزماته و محمود يحمل عدة أكياس بلاستيكية و يبدوا أن بعضها يحتوي على الطعام .. أدخل الرجل السرير و سأل محمود .. ” أين نضعه “
أشار محمود للغرفة الداخلية الصغيرة التي تعتقد أنها ستكون غرفة للأطفال فهى عندما تركها أخذت جولة سريعة تتفقد الشقة قبل عودته سمعت محمود يقول للرجل .. ” أرجوك ضعه في الداخل فهذه الغرفة نظيفة و إن لم تمانع قم بتركيبه “
دخل الرجلين للغرفة لينفذا أوامر محمود .. كانت عرين جالسة جوار الحائط في الردهة و ثوبها يفترش المكان حولها كانت تبدوا ضائعة و صغيرة مثل الطفل التائه من أمه أتجه إليها قائلاً .. ” لقد أحضرت لك الطعام أذهبي و أغسلي يد*ك و تناوليه لحين أنتبه للرجلين في الداخل “ تركها بعد أن وضع أمامها الأكياس البلاستيكية .. مدت عرين يدها تفتح أولها لتجد عدة علب طعام مغلقة و لكنها مازالت ساخنة .. نهضت و تركته مكانه و ذهبت للمرحاض غسلت يديها و وجهها و عادت للخارج كان محمود قد خرج مع الرجلين من الغرفة ينقدهم أجرتهم رحل الرجلين .. فأغلق محمود الباب و التفت إليها قائلاً .. ” تناولت طعامك عرين “
هزت رأسها نافية فقال باسما .. ” تناوليه إذن لنتحدث بعدها بهدوء “
قالت عرين برجاء .. ” ليس الأن أستاذ أرجوك أن كنت تخشي من وجودي هنا سأرحل “
أجابها محمود .. ” حسنا عرين كما تريدين و لكن ستجديني كلي أذان صاغية حين تريدين ذلك “
هزت رأسها شاكرة .. ” حسنا أستاذ شكراً لك على ما فعلته لأجلي “
أبتسم محمود قائلاً .. ” أنا لم أفعل شيء و أنا اسمي محمود إذا أحببت تناديني به بدلا من أستاذ “
أخفضت رأسها و أجابت بنفي .. ” لا شكراً لك و لكن أفضل أن لا أفعل “
هز كتفيه بلامبالاة .. ” على راحتك .. و الأن فلتتناولي طعامك قبل أن يبرد “
جلست عرين على الأرض فأعتذر محمود قائلاً .. ” أنا أسف المرة القادمة سأحضر لك مقعد و طاولة و لكني أحضرت لك منامة أتمنى أن تعجبك بدلا من هذا الثوب و أيضاً أحضرت لك هاتف صغير حتى إذا احتجت شيء هاتفتني و رقمي مدون عليه و به شحن و أيضاً شاحنه لد*ك إذا فرغت بطاريته .. لا أريدك أن تفتحي الباب لأحد تعلمين البناية فارغة أخشى أن يكون أحدا راك و نحن نصعد تعلمين هناك بعض النفوس السيئة .. إذا أتيت أنا معي مفتاحي و سأعطيك نسخة منه حتى تغلقي الشقة من الداخل عليك بعض رحيلي .. “
كانت عرين تستمع إليه و داخلها مشاعر متضاربة تجاه هذا الرجل هل تثق به أم الأفضل أن تتوخى الحذر .. أبتسم محمود قائلاً و هو ينظر لحيرتها .. ” الأفضل أن تتوخي الحذر و لا تأمني لأحد لا تعرفينه جيداً فأحيانا المظاهر خادعة “
أحتقن وجهها خجلا .. كيف يعرف فيما أفكر .. سمعت محمود يقول ..
” من ملامح وجهك و تعابيرك فهي شفافة للغاية تظهر ما يدور في خلدك لي أنا على الأقل “
تنحنحت عرين بخجل فقال محمود باسما .. ” أنا سأعود للعمل الأن و أتى إليك قبل أن أذهب إلى البيت “
قالت عرين بخجل .. ” هل أنت متزوج و تعيش في شقة أخرى “
رد بلامبالاة .. ” لا أنا أعيش مع والدي و أخوتي “
هزت رأسها متفهمة .. ” حسنا أستاذ إلى اللقاء و شكراً لك على كل ما فعلته لأجلي و أنا أعتذر أن كنت سببت لك بعض الضيق “
قال و هو يهم بالرحيل .. ” لا يهم أنت مثل شقيقتي الصغيرة “
أحتقن وجهها و تمتمت بارتباك .. ” طبعاً أستاذ بالطبع شكراً لك مرة أخرى “
رحل محمود فأغلقت عرين الباب بالمفتاح من الداخل و عقلها يعود لليلة الماضية و ما حدث فيها “
***********************
وقف شاهين أمامه متكتفا و هو ينظر في ساعته بطرف عينه مانعا إياه من الدخول لغرفته ..سأله ببرود ..” أين كنت سيد محمود لهذا الوقت و أنت تعلم أن أخيك سيخرج من المشفى اليوم .. أنت حتى لم تتصل به لتطمئن عليه “
رد محمود بضيق و قد شعر بالغضب من نفسه لنسيانه أمر باهر اليوم مع كل ما حدث معه منذ الصباح ..” كنت سأفعل الآن أبي لولا هذا التحقيق معي و منعك لي من الدخول لغرفتي لأبدل ملابسي و أذهب إليه “
رد شاهين ساخرا ..” بك الخير و الله يا سيد محمود تريد أن توقظ أخيك المتعب بعد الثانية صباحاً حتى تسأله كيف حالك الآن .. لا شكرا لك أتركه ليستريح نحن في غنى عن سؤالك “
كانت إلهام واقفة خلف شاهين تكاد تسقط من شدة ضغطها على نفسها حتى لا تنفجر ضاحكة و شاهين يحقق مع محمود و يزنقه في حارة سد حتى لا يعرف كيف ينفد بجلده من بين يدي أبيه .. سمعت محمود يجيب والده بضيق .. ” حسنا بما أنك في غنى عن سؤالي لم لا تتركني أذهب لغرفتي فأنا متعب و لم أتناول الطعام منذ الصباح “
رد شاهين بسخرية ..” يا لك من مسكين و من كنت لديها لم تطعمك كل هذا الوقت “ طقطق شاهين بلسانه و أردف ..” يا لها من قلة تقدير من ناحيتها “
أرتبك محمود و قال بتلعثم شعر و أنه سيكشف الأن و يخبره بكل شيء الغر الساذج ..” من هذه التي كنت لديها أنا كنت.. كنت في العمل أبي من أين لك هذه الأفكار الغريبة “
رفع شاهين حاجبيه بسخرية ..” هل تخبرني أنك منذ الصباح و أنت في عملك يا لضميرك الحي هل كان هناك بعض الحجارة لم تشأ تركها و تذهب دون أن تنهيهم “
رفع محمود يده يمررها في شعره المشعث قائلاً بملل فهو يشعر بالتعب بعد يوم عمل طويل و أيضاً ذهابه بعرين للشقة و عودته إليها مرتين ..” أبي أخبرني فقط ما تريد لأذهب لغرفتي رجاء “
مد شاهين يده لشعر محمود يلامسه قائلاً بمكر ساخر ..” يا ترى من أشعث لك خصلاتك الحريرية التي تتباهى دوماً بترتيبها “ ثم مر على ياقة قميصه و أردف ..” و من يا ترى فتح أزرار قميصك هل الجو حار لهذا الحد “
لهنا لم تتحمل إلهام الصمود و انفجرت ضاحكة حتى أدمعت عيناها .. زم محمود شفتيه كاتما غضبه و قال ..” أنا كنت في العمل أبي و أسف لأني تأخرت و لم أسأل عن أخي أنا أعتذر و سأرى أخي في الصباح قبل ذهابي للعمل أطمئن “
أجابه شاهين ساخرا و هو يضع يده على ص*ره و يزفر متمتما ” أوف أرحتني حقا لقد أطمئنيت الآن “
ضغط محمود على أسنانه فسمع شاهين صوت صريرها فقال ببرود ..
” لا طبيب أسنان متواجد بعد الثانية صباحاً أنا فقط أنصحك “
وقف محمود بتصلب أمام أبيه فظل شاهين ينظر إليه لثوان ببرود ثم أشار إليه ليذهب .. ” تفضل تصبح على خير “
ذهب محمود لغرفته مسرعا يخشى أن يعود أبيه و يوقفه ..
أغلق الباب خلفه و استند عليه يتنفس الصعداء براحة لقد نجا الأن جلس على فراشه و نزع حذائه و عقله يعود و يتذكر كل ما مر به خلال اليوم منذ وجد تلك الفتاة في الموقع .. عرين .. عرين ياله من اسم مميز لفتاة .. لفتاة .. ضرب رأسه موبخا بحنق .. ” أفق يا أ**ق فيما تفكر يا و*د .. هل ستعطي الفتاة سبباً لتظن بك الظنون و تثبت أنها كانت على حق في القلق منك .. “
أستلق على الفراش بملابسه و هو يقول بخفوت .. ” أنا متعب الأن سأغفو و بعدها أكل و أستحم و أبدل ملابسي “
استدار على جانبه و هو يتثاءب مكملا .. ” و لكن ليس بنفس الترتيب بالتأكيد “
بعد ذلك لم يشعر بشيء إلى أن أيقظته شقيقته .