كنت واقفة قدام بيتنا بعد ما رجعت من السفر رحلة كانت مؤلمة خسرت فيها امي ، واول ماشاف*ني دادة ام حسن اخدتني في حضنها وهي بتقولي اهلا بالغاليه بنت الغالي اومال صفاء هانم فين ،هنا رجعت بذكرياتي ،
أنا لينا سعد الدين سني حاليا 19سنة أنا البنت الوحيدة لبابا وماما،
بابا سعد الدين بابا مكنش غني اوي لانه رجل خير ومعظم فلوسه بيصرفها على الغلابة والمساكين والأيتام اللي كان متكفل بيهم، كنت اوقات كتير اشوف ماما تتخانق معاه وتقوله مافيش عاقل يصرف كل فلوسه بسفه ده،
بس هو كان يبتسم ويقولها ، اللي عنده مبيروحش،
وان افضل انواع التجارة هي التجارة مع الخالق ،
تجارة لا تبور ابدا
قال جلَّ وعلا: { من ذا الذي يُقرضُ الله قرضاً حسناً فيُضاعفهُ له أضعافاً كثيرة } بس ماما كانت تقوله بس مش بشكل ده انت مضيع إيراد المزرعة كله علي شوية الناس اللي فرحان بلمتهم حواليك، اومال أنا وبنتك تسبلنا اية ،
كان يبتسم وبقولها انتي نفسك في حاجة انا مجبتهاش،
اللي انتي نفسك فيه بيكون عندك قبل ما تطلبيه، يبقي مادام فيه زيادة ليه نبخل به وغيرنا محتاجه ده رزقهم،
بابا كان أكبر من ماما بحوالي 15 سنة ، وهي كانت صغيرة وجميلة وحاسة انها تستاهل عيشة افضل من ده بكتير،
مع انها حالتها المادية كانت كويسة جدا هي بنت عم بابا في الأساس،
غير أنها عندها مشروعها المنفصل سلسلة من مناحل العسل،
وأنا في سن 13 سنة وأنا راجعة من المدرسة تفاجأت بوجود شخص معرفوش مع بابا كانوا قاعدين يضحكوا وبيهزروا قربت من باب اللي كان مفتوح وخبط ، ابتسم بابا ابتسامته الجميل وهو بياذن ليا بدخول،
وعرفني بالشخص اللي كان موجود علي أنه عمي الصغير وكان مسافر طول السنين ده برا وأخيرا رجع واستقر هنا في مصر،
قرب مني عمي زين وحضني جامد وقاله معقولة يا سعد عندك البنوته القمر ده ،
بابا ضحك وقاله طالعة لمامتها ياسيدي ماانت عارف صفاء طول عمرها جميلة،
رد عمي وقاله عارف
حتى انا استغربت لما عرفت خبر جوازك من صفاء وانا في الخارج واستغربت لانها كانت علي طول بتقولك يا انكل ، بيني وبينك ياخويا قولت سعد ده طلع خلبوص وفضل طول السنين ده من غير جواز عشان يفوز بملكة جمال العيلة اللي نص شباب العيلة كانوا بيتخانقوا عشانها والنص التاني يتمنوا منها نظرة وهي ماكنتش معبرة حد فيهم ، بصراحة استغربت وقولت هي ازاي وافقت بيك وهي طول عمرها حاطة مناخرها في السماء ومش عجبها حد،
بس قولت اكيد فيه قصة حب ومش سهلة كمان ،
واتاكدت من ده لما بعد كام شهر عرفت انك خلفت بنوتة وقتها قلت والله جدع يا سعد عملت اللي محدش قدر يعمله ،
رد بابا ولأول مره اشوفه بيتكلم بضيق حسيته في نبرة صوته،
مع اني كنت صغيرة بس حبي لبابا وتعلقي بيه كان يخليني أحس به لو فيه اي حاجة متغيرة ،
رد بابا وقاله كل شيء قسمة ونصيب يا اخويا،
وكمل كلامه وغير الموضوع وقاله انت هتتغدي معايا النهاردة،
ام حسن عاملة طاجن بامية وشوية محشي ورق عنب يستاهلوا بقك
رد عمي وقالوا يااااه هي لسه عايشة الولية ده ولسة فيها حيل تطبخ ،
انت غريب اوي يا اخويا،
بتحب ديما تحتفظ بالحاجة البايظة، اللي بيرميها غيرك،
قالوا عيب يازين ام حسن طول عمرها متربية في البيت الكبير وابوك الله يرحمه هو اللي جوزها عم حسن الغفير حتى عيالهم اتربوا في بيتنا،
عايزني بعد ده كله اسببها تبهدل بعد ما وصلت للسن ده،
قاله لا مقصدش أنا عارفك يا سعد طول عمرك طيب واصيل انت الوحيد اللي طالع لامك وواخد طيبتها واخلاقها، أما أنا طالع احب الحرية زي ابوك الله يرحمه،
رد بابا وقاله الله يرحم الجميع،
ويرزقنا حسن الخاتمة،
وفي الوقت ده دخلت ماما وهي بتنادي علي ام حسن وبتقولها انت فين يا ست انتى سايبة بابا الفيلا مفتوح كدا،
ودخلت وهي بتقول هو ربنا مش هيتوب علينا من الست ده بقي ،
لا بقت تسمع ولا قادرة علي الخدمة،
واول ما شاف*ني قاعدة مع بابا وعمي عيناها برقت وسكتت شوية، حسيتها مصدومه وقالت آسفة اني دخلت على طول معرفش ان في حد هنا،
ومدت أيدها تسلم على عمي وقالتله انت رجعت امتي من السفر يا زين،
رد بابا وقالها بقالوا شهر المجرم ولا افتكرش يجي يطمن علينا غير النهاردة،
قالتله وهي مرتبكه حمدالله على السلامه، ونازل اجازة ولا مطول،
قالها وهو بيضحك لا مطول ومش ناوي ارجع تاني،
ماهو مسير العصفور مهما طار وغاب يرجع لعشه الاصلي،
قالتله مش لما يبقي له عش يرجع له،
قالها ليا اومال انا راجع ليه،
ولو مليش اوجدلي ،
خلاص بقى كفاية شقاوة،
اخدتني من ايدي وقالتلي يلا ياحبيبتي،
اطلعي غيري عشان تتغدى وبعدها تعملي الهوم ورك،
اخدني عمي وحضني وقالها ما تسبيها قاعدة معايا شوية ده اول مرة اشوفها وبصراحة خ*فت قلبي بجمالها ورقتها،
قالتله لا معلش كفاية كدا عشان تشوف اللي وراها، وقالتلي اطلعي يا حبيبتي يلا ، على ما اقول لام حسن تحضر الغداء،
سمعت كلام ماما واستاذنت منهم بس عمي حضني جامد وقالي هشوفك تاني، ابتسمت ببراءة وقولتله أكيد يا انكل ، قالي انكل ماشي حلوة انكل ده،
ومرت الايام والشهور وعمي زين كان تقريبا شبه مقيم عندنا،
حتي لما كان ينزل شوية كان يروح مع بابا المزرعة،
لحد ما في يوم حصلت الحاجة اللي قلبت حياتي ،
كنت نايمة صحيت مفزوعة على اصوات ناس كتير وعياط ام حسن وعمي ،
قمت من سريري عشان اشوف ايه اللي بيحصل تحت ،
شوفت منظر عمري في حياتي،
ماهنساه،
كان بابا بس كان شكله غريب،
كان كان وشه كله وارم بشكل ب*ع،
جريت عليها وانا بصرخ وبقول لماما بابا ماله ايه اللي حصله ،
اخدتني ماما في حضنها وهي بتعيط،
وبتقولي ادعيله يا حبيبتي،
بابا دلوقتي محتاج دعواتك،
للاسف بابا سألنا وراح لربنا،
بابا راح منحل العسل ويظهر أنه مكنش لابس الوقاي، وهجم عليه النحل وبابا عنده حساسية مفرطة من لدغة الحشرات،
كنت لسه صغيرة و مفهمتش اوي الكلام اللي اتقال كل اللي اعرفه ان بابا مات ومش هيكون موجود في حياتي تاني،
كنت بعيط ، علي القلب اللي مفيش زيه، كنت حاسة ان الدنيا كلها، مالهاش لازمة من غير وجوده،
وفضلت كتير وانا رفضي الحياة،
بعده عني سبب لي اكتئاب،
كنت علي طول قاعدة لوحدي،
في اوضته ولما كنت انزل كنت اقعد في مكتبه، امسك السبحة وافضل أسبح وأذكر ربنا زي ما كان هو بيعمل بضبط، حتى اوقات كتير كنت بشوفه قاعد على مكتبه و ياخدني جنبه،
وهو فاتح المصحف ويقرأ فيه،
وانا اخذ المصحف الخاص بيا واقرأ وراه، كانت ماما تصحى من النوم تشوفني قاعدة وانا بقراء بحماس وراحة بس مكنتش بتصدق اني اللي بيحفظني القرآن هو بابا،
كانت تأخذني للدكتور النفسي،
ولما كان بيسالني ،
انتي بتشوفي بابا وانتي نايمة ولا وانتي صاحية،
كنت اجوبه وبكل برائة هو اصلا مش بيسبنى لا وانا صاحية ولا نايمة،
بينام جنبي وبيذاكر لي ويحفظني القرآن هو كان نفسه اني اختم حفظه،
كان بيقولي ديما من حفظ كتاب الله،
حفظه الله ورعاه،
يومها الدكتور قال لماما لازم تغير المكان ، لأن تعلقها باباها و ذكرياتها معاه ، حيدفعها أنها تصنع عالم خاص بيهم هما وبس، وده خطر في سناها الصغير ده،
ماما سمعت كلام الدكتور وسافر برا،
وسيبنا بيتنا ومزرعتنا،
وكل حاجة ، ومر سنتين على موت بابا، ومبقتش اشوف بابا كتير زي الاول يدوب لما يوحشني اوي بيجيلي في الحلم بس بيكون ساكت ومش بيتكلم خالص، والغريب اننا لما سرفنا عمي زين جه معانا،
والصراحة كان بيعملني معامله كويسة، كنت بحس بحبه ليا ،
بس عمره ما يبقي زي حب بابا سعد،
ورغم أنه طلب مني ان اقوله يابابا ،
بس برده كنت احسها غريبه،
لكن كنت مضطرة اقولها كانوع من أنواع المجاملة ،
وفي يوم عيد ميلادي 17
تفاجأت بماما بتكلمني وهي بتقولي اسمعي يالينا انتي كبرتي وتقدري تفهمي الكلام اللي هقوله كويس،
انا ست جميلة ولسه صغيرة وانا وانتي في بلد غريبة ومش هينفع نعيش لوحدنا كدا علي طول،
قولتها خلاص تعالي نرجع تاني ونعيش في بيتنا وسط الناس اللي بيحبونا، قالتلي لا أحنا خلاص حياتنا استقرت بس أنا عايزة ابلغك أن في عريس متقدملي وانا موفقة عليه،
قولتلها عريس عايزة تتجوزي واحد تاني غير بابا،
قالتلي ماهو مش غريب ماهو يبقى بابا برده،
قولتلها بابا برده ازاي مش فاهمة،
قالتلي العريس اللي متقدملي يبقى بابا عمك زين ، الخبر نزل عليا زي الصاعقة، مكنتش مستوعبة اللي بتقوله،
عمي هياخد مكان بابا،
علي قد ما الموضوع صعب لكن حسيت انها وخدة قرارها سواء أنا رفضت أو وافقت،
و فعلا اتجوز،
بس شتان الفارق ،
بين حياتها مع بابا وحياتها مع عمي،
كانت على طول خناق وزعيق،
مع عمي، واللي فهمته،
ان عمي مكنش مخلص لها زي بابا،
وفي يوم من الايام ،
حصلت المصيبة اللي مكنتش اتخيلها،
كنت في رحلة تبع الكلية،
وكان المفروض اني هقعد فيها اسبوع، بس أنا حسيت بشوية تعب ورجعت من الرحلة وكان الوقت متأخر، و البيت كان هادي، وساكت قولت اكيد نايمين، محبتش أقلق حد فيهم بوجودي ،
واخدت علاج مسكن وقلت انام،
بس صحيت علي زعيق ماما المعتاد بس المرة ده كان على غير العادة،
صرخ ماما كان مبالغ فيه،
خرجت عشان اشوفها مالها،
بس اللي وقفني وخلاني انصدمت وعنيايا وسعت من الكارثة اللي سمعتها، لاقيتها بتقوله ،
انت هتفضل قذر زي ماانت ولا عمرك هتتغير،
ض*بها وقالها اخرسي يا رخيصة،
مين يابت اللي قذر انتي نسيتي نفسك ولا اية،
ردت وقالت لا منسيتش نفسي أنا بس اللي فكرت انك اتغيرت و اتعدلت لكن نعمل ايه ديل الكلب عمره ما ينعدل،
ض*بها تاني وقالها الكلب ده ياما كنتي تتمني منه أنه يعبرك ولا نسيتي،
لما جيتي وعرضتي نفسك عليا زيك زي اي وحدة من اللي بتشوفيني معاهم كنتي فاكرة انك لما تحملي مني يبقي بتورطيني لكن انتي اللي اتورطتي و سيبتك كلبة مالهاش تمن،
لو انك عرفتي تلبيسها لسعد الغلبان،
قالتله سعد الغلبان اللي انت قتلته يامجرم ، وديني لكون مبلغة عنك، واقولهم انك انت اللي قتلته،
ضحك جامد وقالها تبقي بنت ابوكي،
أنا عايزك تبلغي،
وابقي قوليلي هكون شكلك اية قدام بنتك لما اف*جها علي الفلاشة ده واوريها مهارات امها في القذارة،
واعرفها مين اللي استدرج سعد لحد المنحل واداله منوم وفتح خلايا النحل كلها وهي عارفة أنه عنده حساسية من النحل، خطة جهنمية مش كده بذمتك،
قالتله كنت غلطانة بعت الغالي بالرخيص ، و*درت بالرجل اللي سترني وقبل انه بصلح غلطة واحد غيره ،
انت اللي غوتني يا مجرم ، وانا ضعفت عشان كنت مغفلة كنت فاكرة انك اتغيرت وراجع تصلح غلطتك،
وعايز بنتنا تتربي وسطنا،
اتاريك كنت طمعان في فلوسه،
بس أنا مش هسمحلك تدمر حياتي اكتر من كده وسمعت صوت رصاص خرجت جري لقتها قتله وانتحرت بعدها،
رجعت من ذكرياتي المؤلمة ،
وانا في حضن ام حسن وهي بتقولي كنت عارفة أن نهايتهم هتكون بنفس الشكل ،
قولتها انتي كنت عارفة،
قالتلي من زمان يابنتي ،
وسعد بيه كان عارف وستر عليها،
بس مكنش يعرف انه اللي عمل كده يبقى أخوه، لكن انا كنت عارفة،
ومقولتش عشان قولت اللي ستره ربه ميفضحوش عبده،
لكن مكنتش اتوقع ابدا انهم يكونوا ليهم يد في قتله، صحيح أنا استغربت لما مات بشكل ده، لأن سعد كان بيبعد عن منحل العسل بأي وسيلة، لانه مكنش بيتحمل أي لدغة ولو حصل بصدفه كان بيورم مكانها ويقعد يتعالج فترة بعدها ،
وده من نحلة وحده فما بالك بقي من نحل المنحل كله،
قولتلها وانا بعيط اخدوا نصيبهم،
بس مسحت دموعي وابتسمت لما شوفت بابا قاعد وماسك المصحف وهو مبتسم وبيقرا
بسم الله الرحمن الرحيم
"أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ
صدق الله العظيم
عايزة أقول لكل ظالم
إن ربك لبالمرصاد
ومن قتل يقتل ولو بعد حين