«عاشق الشمس»
خليل و هو يأكل: على فكرة النبيذ ده مغشوش
يأقوت: يعني أي
خليل: يعني مش خمرة و مش بيسكر
يأقوت امال الناس دي كلها سكرانه ازاي
خليل: اهم دول بيستهبلو على نفسهم و كلهم عارفين النبيذ مغشوش و بيشربوه و بيمثلو انهم سكرانيت يعني روحي قربي لواحد فيهم اكديه و حاولي تاخدي منه قرش زياده هتلاقيه قلب جن ازرق
يأقوت ضاحكة: يعني كلو بيضحك على بعضه
خليل: بالظبط كده
يأقوت ضاحكة: طيب كويس انك قولتلي يعني كل دول بيمثلو انهم مسطولين
خليل: فعلاً
يأقوت: و الله ما حد مسطول غيري في الليلة دي و انا فاكرة ان كل ده مش دريينين بحالهم و مغلوبين على امرهم
خليل: لا كل دول فايقين حتى جربي تتكلمي مع واحد منهم هيحكيلك قصة حياته كلها
يأقوت: نجرب بس مش انهارده علشان انا مش فايقة
لترتفع ضحكات خليل عليها و يكملو تناول طعامهم معًا حتى انتهو ثم يعرض عليها خليل مشاركته في شرب النبيذ لترفض فلم تضمن ان يكون كاذبًا و يفعل بها شئ و يطون كل هذا الكلام هراء ليزفر بها و بقضاء ليلة ممتعة معها لتبقى يأقوت مستيقظة طوال الليل فمن بعد الثانية عشر بعد منتصف الليل يهدئ الرجال و يكف عن الشرب الا قليل فقليلًا نا يطلب النبيذ قي هذا الوقت لتبقى جالسة بملل تشعر و ان النوم يراودها لتبقى مستيقظة رغم عنها
و هكذأ مرت الايام على ياقوت في هذه الحانة فقد تضاعفت اعداد الزبائن الكثير بعد تعليق صور يأقوت بالخارج و دائماً ما يغدق عليها خليل بالمكفأت غير الاموال فلا يريد ان يجعلها تمتلك الاموال ابدًا لكي لا تستطيع الاستغناء عنه و عن العمل معه
انتهى الفلاش باك
كانت يأقوت تجلس بالحانة شاردة حتى استفاقت من شرودها على صوت خليل
يأقوت: هااا بتقول حاجة يا سي خليل
خليل: بقول كتير بقالي ساعة بكلمك روحاي فين
يأقوت: مرحتش في مكان سرحت شوية بس
خليل و هو يمد يده لها: طيب خدي مب**ك يا ست يأقوت مرتبك وصل
يأقوت و هي تلتقطه: شكرًا يا خليل بيه خلاص هريحك من شيلة همي و من وكلي على حسابك
خليل الذي فرح انها لم تتدخر رأتبها اذن لم يكن ترك العمل في نيتها : ماشي يا ست يأقوت من هنا ورايح هندفع في الاكل سوى
يأقوت: ماشي لو عايز تخليهم معاك خليهم معاك منا كده كده باكل معاك كل يوم يعني
خليل: لا خليهم معاكي انتِ و ابقي حاسبي على اكلك يوم بيوم
يأقوت: ماشي انا هقوم اشوف حد هايز حاجة و لا لا
خليل: ماشي
ليتوجه هو ناحية العازف و يجلس في مقعده الثابت الذي يجلس به كل يوم
و تتوجه يأقوت الى غرفتها تخبئ راتبها و تخرج للتجول بالصالة الواسعة لترى من منهم يريد شئ لتجد رجل يجلس بمفرده في طرف الصالة بعيدًا عن الجميع و يبدو على وجهه الحزن و يتناول النبيذ بأفراط لعله يسكر لكن دون فائدة فمازال مستفيق
لتتقدم منه يأقوت مردفة: محتاج حاجة تاني
الرجل بحزن: محتاج انسى البتاع ده مبيسكرش ليه
يأقوت بتلجلج فلأول مرة يسالها احد هذا السؤال و لا تعلم بماذا تجيب: ميكنش ليه العيب منك و انت اللي مش عايز تسكر ما انت كل يوم بتسكر هنا و بنفس النبيذ
الرجل: معرفش يبقى العيب فيا بس بجد انا مخنوق و عايز انسى الق*ف اللي في دماغي ده
يأقوت و هي تشير الى التجمع الذين يتماؤلون على طرب العود: مبتسمعش معاهم كل يوم ليه
الرجل: منا بسمع كل يوم مين سمعتي
يأقوت و هي تسحب الكرسي: ينفع اقعد معاك؟
الرجل و هو يشير لها: اقعدي
ياقوت: انا هسمعك قولي مالك
الرجل و انتِ هتستفيدي اي انا هعطلك عن شغلك كده
يأقوت: الساعة واحده و الجو خلاص هدي و كلهم اتسطلو و انا لسه ساله الكل عايزين حاجة و لا لا و كلهم قالو لا
الرجل: اه يا بختهم مسطولين مذ حاسين بحاجة
ياقوت بداخلها هه يا بخت الهبل بالمجنين دول عاملين نفسهم بيبيعو خمرة و دول مسطولين ربنا يشفيكم كلكم لتردف بجديه: المهم قولي بقا مالك أي اللي مزعلك اوي انهارده كدن لدرجة انك شربت ازازتين نبيذ احمر و لسه فايق الاول قولي اسمك أي
الرجل: اسمي مدحت
يأقوت: عاشت الاسامي يا مدحت عندك كام سنه و لا عايش بالبركة
لي**ت مدحت قليلًا و كأنه يعد سنين عمره ليردف: واحد و تلاتين ثم يتراجع عن الرقم سريعًا لا لا اتنين و تلاتين
يأقوت: طيب يا مدحت زعلان ليه بقا و شايل هم الدنيا على راسك حتى شكلك مش متجوز و لا عندك عيال
مدحت بحزن على حاله: منا زعلان علشان كده يا يأقوت
يأقوت: علشان مش متجوز و مخلف
مدحت: ايوه
يأقوت: طيب ما تتجوز يا مدحت حد كان منعك و لا ظروفك صعبه
مدحت بضحكة حزينة: لا ظروفي احسن من غيري بكتير انا شغال هنا و هناك من و انا ثلاث عشر سنه و شقيان و أشتريت اوضة و قعدت أشتغل تمن سنين تانين و أشتريت البيت كله و بقي بتاعي اوضتين و صاله و حمام و مطبخ
يأقوت محاولة التخفيف عنه: طيب دا انت غني و انا احسدك على اكديع دا انا محلتيش غير تلاته جنيه و لسه هاكل بيهم الشهر كله و مش حيلتي حتى اجار اوضه مش تمنها بس سيبك انت من كل ده مش متجوز ليه لحد دلوقتي يا مدحت لما ظروفك حلوة و **يب صح بتشتغل أي
مدحت بثي يا يأقوت انا من عيلة على قدها ابوي بيخلف كتير انا و اخواتي تسع اولاد و خمس بنات العيل مننا طلامه كبر بيطلعه يصرف على نفسه و البت 12 سنه و بتتجوز لأي حد يصرف عليها علشان الحمل يخف
يأقوت: و طبعًا انت علشان كده بتشتغل من و انت صغير
مدحت: أيوه المهم اشتغلت كل الشغلانات اللي في الدنيا و أي حاجة و كل حاجة
يأقوت: أيوه
مدحت: حبيت بنت جيرانه
يأقوت: حلوة
مدحت بحزن: كانت كيف القمر يا يأقوت بدر منور الوش ابيض و مدور متشبعيش من الف*جة عليه كانت احلى واحده في الحارة كلها و شعرها كان طويل طويل قوي زي الليل اسود و طويل يتكتب فيه اشعار لي**ت بحزن
يأقوت و هي تحسه على ان يكمل: و بعدين
مدحت: فضلت اتقرب منها و الغيها سنتين بحالهم و انا اكون جار من الشغل بموت كنت 18 سنه وقتها و اول ما اشوفها اضحكلها و بعدين بقيت احاول اكلمها فضلت سنتين على الحال ده لحد ما في مرة ضحكتلي كنت هموت من الفرحة يا يأقوت القمر ضحكلي أني
يأقوت بابتسامة: كان اسمها أي
مدحت: شمس بس ظلمها اللي سماها شمس دي كانت المفروض يكون اسمها قمر
يأقوت: و بعدين يا عاشق الشمس أي حصل
مدحت و قد عاد الحزن الى ملامح وجهه: بعدين هي كمان بقيت تضحكلي و بدأت احكي معاها و الاغيها مره اقولها ازيك و مره اقولها عاملة اي و مره اقولها عايزه حاجة و مرة في مرة في مرة عدت سنة و بقينا انا و شمس اصحاب و حبايب و هي كمان كانت تحبني بس كانت تت**ف مني و بعدين لما لقيتني انا كمان بحبها سابتني اقرب منها و لما قولتلها اني بحبها و عايز اتجوزها قالتلي انها هي كمان بتحبني و نفسها اني اتجوزها
يأقوت طيب لما بتحبو بعض اي المشكلة و انت ظروفك حلوة متجوزتهاش ليه يا مدحت اي اللي منعك
مدحت: مكنش لسه معايا بيت يا ياقوت كان لسه عندي 19 سنه كان يدوب اللي بجيبهم بيعشوني يوم ما كنت اجبلها ورده و توكه شعر و لا دبدوب كنت اقعد يومين من غير وكل بس كنت بفرح لما اشوفها فرحانه
يأقوت: يا عيني و يعني
مدحت: فضلنا كده كام شهر لحد ما دخلت الجيش مشيت و وعدتها اني مش راجع غير و انا معايا فبوس علشان اخطبها و ادفع مهرها و اشتغلت و بقيت عسكري و خدت مرتب و مسكت اول قرش في يدي و رجهت الحارة جاري علشان اخطبها بس اللي لقيته ميرضيش حد
يأقوت بتحذير: اتجوزت؟
مدحت باكيًا: يا ريت يا يأقوت يا ريت شمس ماتت
يأقوت: يا ربي ماتت كيف أي حصلها
مدحت ببكاء: موتت نفسها
يأقوت: اهدى طيب و بطل بكاء الناس هتاخد بالها استنى هجبلك ميه تشرب
لتتوجه يأقوت الى البار و تاتي بكوب من الماء و تضع كأس لأحد الرجال طلبه عن مرورها و تعود له و هي تمد يدها بحزن: اشرب يا مدحت
مدحت و هو يلتقط كوب الماء و يرتشف منه: شكرًا
يأقوت و هي تجلس من جديد: العفو
لتجلس ب**ت و هي تنتظره ان يهدئ ليردف بحزن: يوم ما سافرت كلمت ابوها و قالي روج و كون نفسك و لو البت راضيه هخليها تستناك
قولتلو ماشي يا عمي هات شمس و اسألها و شوف رأيها و جاب شمس و سالها و قالت هستناه و قالتلي روح يا مدحت و انا مستنياك لاخر عمري و لو مش هكون ليك مش هكون لغيرك
قولتلها و عد يا شمس قالتلي وعد و سلمت عليهم و مشيت غبت تلات سنين خلصت الجيش و اشتغلت و قعدت اشتغل و اشتغل لحد ما مسكت اول نرتب في يدي جيت جري علشان اديه لعم خميس ابو شمس و اقولو اني لسه شاريها و كل قرش يوقع في يدي هديهولو و يخليه معاه لحد ما اكمل مهر ست البنات و ابدأ اجمع اجار الاوضه حتى شهر و لا اتنين علشان اتجوز شمس
ثم ي**ت بحزن بعد نطق اسمها
لتحسه ياقوت على ان يكمل: اه و بعدين
مدحت: رجعت و كنت جاي طاير من الفرحة اتوحشتها قوي يا يأقوت اول مرة اقعد بالسنين ما اشوفهاش كل اللي كان يصبرني شوفة وشها في الحلم كل الليلة صوتها كان بيرن في ودني و هي بتقولي روح يا مدحت و انا مستنياك لاخر عمري و لو مكنتش ليك مش هكون لغيرك
و رجعت و فرحان ان خلاص هشوفها بعد الشوق ده كله بس يا ريتني ما شوفتك يا شمس
يأقوت: كانت ازاي
مدحت: اول ما وصلت على اول الشارع لقيت لمه قدام بيتنا و الناس بتقول لا اله الا الله و لا حول و لا قوة الا بالله قلبي اتقبض و انا بخمن مين اللي مات في اهلي رجلي اتشلت مكانها مشيت و رايح ليهم و روحي بتتسحب مني و كل ما بقرب الصورة بتوضح اكتر كان الميت قدام بيتها مش بيتنا اصل احنا جيران
لي**ت مدحت قليلًا و الدموع تهبط من عينيه بغزارة مستأنفًا: قعد ماشي وسط الناس لحد ما وصلت و لقيتها هي الدم حواليها مالي المكان و في كفها ورقه مطويه و ماسكه فيها كويس و كأنها عيل صغير و اول مرة يمسك قرش و خايف ليضيع منه
بصيتلها كان وشها باين عليه البكاء الكتير جسمي كان كله بيترعش و قلبي بيتنفض من مكان و يفرفط و كانه طير مدبوح غدر بيه الزمن معارفش انا اعمل أي أبكي طيب البكاء هيعمل أي انا عايز شمس ضميتها لقبي يمكن يهدى لكن و الله ما زادت الضمه غير اللهيب قعدت اصرخ بعزم ما في عارفه احساس العاجزة المغلوب على امره اهو كان ده حالي قعدت اصرخ لحد ما صوتي اتنبح و الناس تقولي دي ميته متضمهاش دي مش حلالك متنجسهاش و خدوها مني و خدوها من حضني و حتى الميته استكتروها علي
اول ما شالوها وقعت من يدها الورقة مخلاص الجسم ساب و مبقاش فيه اعصاب بفتحها لقيت فيها المكتوب يوجع اكتر ما يداوي كتبالي فيها ان ابوها كان عايز يجوزها اللي يجبلها النفيس و الغالي و انا راجل غلبان قالها متستنيهوش دا هيعيش و يموت كحيان ده بقالو تلات سنين مجاش و لا دور شكله نسيكي و لا لقي غيرك من الاول
كتبالي فيها انا قلبي حاسس انك جاي و قريب حاسه انك قريب مني شامه ريحتك في الهواء و قلبي حاسس بيك كل دقيقة بتقرب بس انا مهستناش تيجي و تشوفني عروسة بالابيض انا هروح الجنه و استناك ابقى تعالى متنساش الوعد انا قولتلك روح و هستناك و لو مكنتش ليك مش هكون لغيرك يلا السلام و قول لأبوي شمس ما مسمحاش
يأقوت و قد سقطت دموعها رغم عنها فلم تتحمل كل هذه المشاعر و الدموع الحارة من هذا الرجل فتشعر ان قلبها انفطر عليه و كأنه تعرفه جيدًا و ليست تتحدث مع اول مرة
يأقوت و هي تجفف دموعها مش عارفه اقولك أي او اهون عليك ازاي بس كتر خيرك على اللي في قلبك ربنا يلطف بيك
مدحت بحزن: بس يا يأقوت و اهو ده حالي و ده سبب سكري و في الاخر مبسكرش
يأقوت: هتعمل أي في حياتك
مدحت و هو يخرج تلك القصاصة من الورق من محفظته و قد اهترت فقد مر على كتابته تسع سنوات تقريبًا شايفة ده
يأقوت و هي تحاول التقاط الورقة و يشير لها: لا متلمسيهاش
لتحترم رغبته و تقرأ ما به عن بعد مردفة: دي رسالتها ليك؟
مدحت: ايوة ده الوعد اللي وعدتهوني من جديد انها هتكون في الجنة لي و بتاعتي و انا مهخونش الوعد انا كل اللي عايزه اني اقدر اكمل وحدي لحد ما التقي بيها.