الفصل الأول

4171 Words
داني اهدئ ....... اهدئ يا صديقي الكامن داخلي فلا موت بعد الموت ، اهدئ و عش للوهلة الموجود فيها فلا يهم ما كان قبلها ولا حتى ما سيأتي بعدها حياة الانسان عبارة شريط يلتقط منه ما يؤمله و يحتفظ به في شريط أقصر من السابق حتى تسير الحياة ، هذا اذا ضلت حياة من بعد الموت ، هناك بعض الأحداث التي تحفر نفسها في عقولنا و قلوبنا فلا نكاد ننساها في يقظتنا حتى تزورنا في أحلامنا ..... أقصد كوابيسنا فلا مكان للأحلام في عالم البشر أحيانا كثيرة أجلس في مكاني كما أجلس الآن في هذه الشرفة ، أغمض عينيّ و أستعيد تلك الذكريات اللعينة بينما أنفخ دخان سجارتي فتكون أنفاسي متدهورة تحتاج لمعين حتى تغادر ص*ري و أنا بعمر الثامنة فضلت البقاء في المنزل مع جدي بينما أبي أخذ أمي ، يولينا شقيقتي و جيمه إلى السوق من أجل شراء فستان ليولينا حتى تشارك في المسرحية التي أختيرت للتمثيل فيها مع بقية زملاء صفها ، كنت ذلك الرجل الصغير المفضل لجده و الذي يرى به مستقبل العائلة الكبيرة و الصغيرة ، و أنا كنت أحب ذلك الدور و كلامه الذي كان يلقنه لي .... أتذكر جيدا يومها و كأنني أعيش تلك اللحظات من الجديد ، جدي كان يحمل بيديه مقصا خاصا بالمزروعات و أنا أسير خلفه ، كان يعتني بمزروعاته بنفسه و التي يضعها في غرفة خاصة زجاجية بينما يلقي قوانين الـ " كوزا نوسترا " على مسامعي " هيا أخبرني داني ما هو أول و أهم قانون يجب أن يصبح جزء منك ؟ " قالها و قرب مقصه من أزهاره و أنا مثل أي طفل يحفظ شيء عن ظهر قلب ، تلولت عليه ما لقنني اياه من قبل " الأوميرتا يا جدي " ابتسم بدون أن يلتفت لي و أمسك بورقة الزهرة ليقرب المقص و يقصها ثم تركها تسقط و واصل " و ما الذي يعنيه يا صديقي الصغير ؟ " " التزام الصمت و من يخالف عقابه سيكون الموت " " أحسنت " و مرة أخرى قرب مقصه و هذه المرة قص الزهرة ثم التفت لي و دنى قليلا إلى مستوى طولي حتى جلس القرفصاء ، قربها مني و ابتسم " ستكون الدون في يوم ما و أنت من سيقود العائلة ..... و لكن لا تنسى أن احترام الزوجة و تقدريها أحد أهم قوانيننا " وقتها كنت صغيرا جدا و أكاد لا أفقه ما يقوله ولا حتى ما أقوله أنا فقط ليكون سعيدا و فخورا ، فأكثر ما كان يهمني هو أن يبتسم لي جدي لأنه كان رجلا قليل الابتسام كثير الصمت وضعت سجارتي من جديد بين شفتيّ و سحبت ثم نفخت بقوة و وسط ذلك الدخان عدت لنفس المكان و نفس الذكرى عندما مددت كفي حتى آخذ منه الوردة و لكن الزمن لم يسعفني لفعل ذلك و صوت طلق ناري اخترق سمعي بعد أن اخترقت تلك الرصاصة زجاج الغرفة و استقرت برقبة جدي من الخلف فوقع فوقي ، لقد ضمني و أبى أن يتحرك أو يدعني أخرج من تحته لأن من بعدها وابل من الرصاص انهال على المكان و أنا فقط أغمضت عيني و تمسكت به الوردة وقعت على الأرض و تبللت أوراقها بدماء جدي و من بعدها كل شيء تغير فيّ ، التفت للكتاب الكائن بجانبي ثم قربت كفي و أقفلت على صفحته التي تخبئ أوراق تلك الزهرة منذ ذلك اليوم فُتح باب غرفتي بصخب و كنت مضطرا للعودة من ذلك اليوم إلى يومي هذا ، التفت بجانبية فرأيت يولينا قد تجهزت و تبتسم لي بطريقة تستعطفني بها ، إنها فتاة مزعجة و لا تنفك تتركني و شأني ، حاولت تجاهلها و التفت لأعود محدقا بالأمواج الهادئة أمامي حينها تقدمت بينما تثرثر " هيا لقد أخبرني أبي أنك من سترافقنا " لم أجبها و لكنني وضعت سجارتي بين شفتي من جديد متجاهلا ما قالته لتعود و تتحدث باصرار أكبر " هل تعتقد أنني أكذب ؟ .... تدري أن أبي لا يثق بأحد غيرك و هو يخاف علينا كثيرا ولا يجب أن نصاب بمكروه و أنت أقوى رجاله و أكثرهم ثقة و ..... " ضغطت على السجارة في الطفاية التي كانت على طاولة بقربي ثم استقمت بينما أحمل كتابي و التفت لأمر من جانبها بدون أن أجيبها بعد أن أخرستها حركتي ، اقتربت من سريري لأرمي عليه كتابي و أخذت علاقة المسدس ، ارتديتها فوق قميصي الأبيض ثم أخذت المسدس الذي كان بقربها و وضعته بها و قبل أن ألتقط سترتي كانت يولينا قد حملتها و هذا ما جعلني أحدق بها فابتسمت لي و لكن أنا ما زالت ملامحي بدون أي تعابير " ستقلنا أليس كذلك ؟ " " سلميني سترتي " " لن أسلمها لك حتى تخبرني ..... ستقلنا ؟ " " يولينا .... " قالتها بنبرة جدية و سيطرة فسلمتها لي مع عبوس و لكنها مصرة على موقفها " سوف أحضر حقيبتي و أخبر جيمه ثم نأتي " بعد جملتها هذه انطلقت كالسهم نحو الباب و بسرعة اختفت عن أنظاري ، ارتديت سترتي الجلدية السوداء ثم سرت نحو الباب و قبل أن أفتحه نبست بهمس أشتمها " تبا لكِ " خرجت ثم أقفلت الباب بقوة خلفي و سرت في الممر لأنزل الدرج عندها صادفت أمي تحمل صينية عليها فنجان قهوة و بالتأكيد هي سوف تأخذه لأبي في مكتبه ، نفس المكان الذي سأقصده ، وقفت تنتظرني حتى وصلت بقربها و ابتسمت " والدك ينتظرك في مكتبه " " حسنا أمي " غادرت بدون أن أقول المزيد حتى وصلت لمكتبه و طرقت الباب لتقف هي خلفي حينها سمعت صوته يسمح لنا بالدخول و أنا فتحت الباب فابتسم لنا " تعالى ابني ... " حينها ابتعدت عن الطريق و أشرت لأمي أن تدخل أولا ثم أنا من بعدها ، أقفلت الباب ثم سرت و جلست مقابلا لأمي التي كانت تسلم فنجان القهوة لأبي و جلست ، حمل فنجانه و أنا حدقت به ثم بأمي التي زادت من اتساع ابتسامتها حينها شعرت كأن هناك شيء يحدث " لما طلبتني أبي ؟ " كان هذا ما قلته عندما التفت له و هو ابتسم ليضع فنجان القهوة أمامه ثم رفع نظراته لي و تحدث يجيبني " فقط حتى أخبرك أن تهتم بيولينا و جيمه ..... " فهمت قصده و الكلام الذي اختبأ بين حروفه القصيرة لأومئ و استقمت " حسنا ..... و الآن يجب أن أذهب " أومأ بخفة و أنا استأذنت لأغادر و لكن عندما وصلت للباب و أمسكت بالمقبض أبي نادى اسمي " داني.... " التفت له بدون أن أترك المقبض ، بنظرة و نبرة جدية للغاية تحدث " كن حذرا و أبقي عينيك مفتوحتين " " اعتمد عليّ أبي " " حاول ألا تتـأخر في العودة بهما " " حسنا " و هكذا أنا فتحت الباب و غادرت ، خرجت من المنزل و عندما أقفلت الباب نزلت بضع درجات ثم سرت نحو سيارتي رباعية الدفع السوداء المتوقفة في الموقف ، كان رجالنا في كل مكان يحملون أسلحتهم فمنزلنا هو أكثر مكان مستهدف من طرف أعدائنا ........ و أنا لن أتركهم أقسم وصلت بقرب السيارة و أخرجت مفاتيحها من جيبي حينها سمعت أحد رجالنا من خلفي " سيدي ..... " التفت له و هو اقترب أكثر ليسلمني ورقة صغيرة ، أخذتها منه ثم فتحتها و كانت رسالة من صديقي " سيلفانو لودوفيسي " لقد كلفته بمهمة و هاهو ينفذها ، ابتسمت ثم ضممت الورقة داخل كفي متمتما " ها قد بدأنا ... " وضعت الورقة بجيب بنطالي الجينز الأ**د ثم أخرجت نظاراتي السوداء و عندما وضعتها سمعت صوت باب المنزل يفتح فالتفت و كانت يولينا المزعجة و جيمة تخرجان ....... تن*دت ثم فتحت الباب و صعدت لأقفله بقوة * جيمه فتاة منبوذة تعاني حبا من طرف واحد منذ عدة سنوات ، تلك هي أنا و إلى الآن لم يلتفت لي ، قبل أيام بلغت الثانية و العشرون من عمري ، يولينا مع عمي و زوجته صنعوا لي حفلة كبيرة ، دعت يولينا بعض صديقاتها فأنا شخصية منعزلة جدا و لا أكوِّن الصدقات بسهولة الحضور لم يكن كثيرا و الكعكة كانت كبيرة جدا فلم يكن أمامنا سوى دعوة رجال عمي الذين يتجولون في المنزل ، كنت متأملة أن يحضر ابن عمي ، حتى أنني تزينت و تجهزت و سلمت أذني ليولينا و طاوعتها في ارتداء ثوب مثير قليلا و لكن لا شيء حدث ، هو ذهب في مهمة كلفه بها عمي و أنا جلست بعيدا عن كعكتي بعد ما أطفأت شموعها تن*دت و أنا أقف أمام مرآتي ، أحدق بثوبي البسيط الأبيض و أتساءل هل سيلتفت لي اليوم أو فقط سيتصرف مثلما تعود ؟ على الأرجح هو لن غير طبعه من أجلي و أنا سوف أبقى دائما أنتظر منه نظرة أو حتى ابتسامة ، حتى عندما ألقي عليه التحية سوف يحرك رأسه فقط و يمضي ، ليس تكبرا أو غطرسة و لكنه شخصية غامضة للغاية ، هادئ ولا يحبذ الكلام الكثير و اذا جلس يوما فسيرافقه كتاب أو سجارة ينفخ دخانها و يحدق به و كأنه ينظر للماضي عبره دانيبروفانزانو ، هو ابن عمي الذي وقعت منذ طفولتي بحبه ، إنه أكبر مني بأربع سنوات بينما شقيقته يولينا أكبر مني بسنتين ، كنت فردا صغيرا للغاية عندما تولى عمي و زوجته رعايتي من بعد اغتيال والديّ ، كنا نقيم مع جدي في منزل واحد و بعد اغتيال جدي أيضا و لمعانات دانيمن كوابيس كثيرة كونه كان مع جدي في ذلك اليوم عمي فضل الانتقال فاتخذ منزلا قريبا من شاطئ البحر على سواحل مدينة مسينا للأسف نحن ولدنا بعائلة ذات نفوذ كبير ، عائلة تتحكم بعصابة " كوزا نوسترا " ، أكبر عصابة في جزيرة صقلية ، بل رأس كل العصابات و هذا بحد ذاته سجن كبير فلا نكاد نتنفس بدون حراسة أو تهديد طرق باب غرفتي ثم فتح بطريقة صاخبة و واضح جدا من خلفه ، إنها يولينا ، حدقت بي و ابتسمت حتى ظهرت أسنانها لتبنس ببهجة " دانيسوف يقلنا لذا هيا جهزي نفسك " حسنا ليس و كأنه سيقلنا لأول مرة ، هو دائما يقلنا و لكنه سيكون مجرد و*د لا يتحدث لي حتى بنصف كلمة ، لم أجبها و التفت حتى آخذ حقيبتي عندها توسعت عينيها لتشير لي " لحظة هل ستذهبين هكذا ؟ " قالتها بينما تعكر حاجبيها بعدم رضى و أنا تن*دت لأومئ بينما أتمسك بحقيبتي " أجل ..... إنه مناسب و مريح يولينا " " و لكنه لا يلفت الأنظار " " مللت من لفت أنظاره ..... علي أن أستسلم فدانيليس ذلك النوع الرمنسي من الرجال " " أنا اوافقك و لكن رجل مثله لن تذيب جليد قلبه سوى حسناء مثلك جيمه " " حسناء مثلي يولينا ؟ " قلتها باستهجان ساخر فاقتربت مني بسرعة و دفعتني لأقف أمام المرآة مرة أخرى و أشارت لي " لما لا ترين جمالكِ ؟ أنت امرأة فاتنة فلا تدعي تصرفات أخي الأ**ق تأثر في ثقتك بنفسك " شعر بندقي ناعم ، بشرة بيضاء ، طول متوسط و جسد متناسق نوع ما ، صفات موجودة لدى الكثيرات و هذا لا يجعلني سوى فتاة عادية ، بل عادية جدا " يولينا دعينا نذهب قبل أن نتأخر " قلتها و التفت لها و هي باصرار أجابت " سوف تغيرين ثوبك هذا .... ارتدي بنطال ضيق و " و قبل أن تنهي حماقتها أجبتها " عمي قال أن نحافظ على ثيابنا طويلة يولينا أم نسيت آخر مرة و انزعاجه منا ؟ " عندها ترهلا كتفيها و نفت مع أنها لا تلتزم و ترتدي ثيابا ضيقة للغاية و أحيانا تظهر مفاتنها " لما أبي لا يزال يعيش في العصور الوسطى ؟ " " لأننا من آل بروفانزانو " قلتها ثم أمسكت بكفها و سحبتها لنغادر غرفتي ثم المنزل و عندما تركت كفها لتقفل هي الباب خلفنا رأيت دانييضع نظاراته السوداء و يصعد للسيارة ، أقفل الباب بقوة و أنا لا أدري لما شعرت برهبة غريبة ، هالته لوحدها تجعلني أخاف منه رغم حبي له خطوت خطوتين و من خلفي ركضت يولينا و ما كدت ألحق بها حتى فتحت الباب الخلفي للسيارة و صعدت ، وقفت مكاني و حدقت فيها بلوم و هي من خلف الزجاج أخرجت لي لسانها و لوحت بينما ترسم ابتسامة لئيمة على وجهها و بسمة خبيثة عندها ضغط دانيعلى زمور السيارة ثم لوح لي بكفه حتى أسرع تن*دت و عدت أدفع خطواتي حتى وصلت و فتحت الباب الأمامي ، صعدت لأقفله و هو مباشرة انطلق بدون أن يحدق بنا ، وضعت حزام الأمان ثم حدقت أمامي و هكذا انطلقت رحلتنا نحو وسط مدينة مسينا أين تقع الجامعة و بينما نحن ملتزمين الصمت اقتربت يولينا مني ، حدقت بي و أنا أبيت أن ألتفت لها ثم حدقت بدانيو وضعت كفها على كتفه لتنادي اسمه برنة " أخي داني ... " فنظرتُ لكفه التي على مقود السيارة ، رأيته يشد عليها و باقتضاب أجاب " أنا داني" فقلبت عينيها بملل و عادت لتتحدث " أخي داني.... " قالتها و انتظرت أن يجيبها و لكنه مستحيل أن يفعل ، هو فقط سوف ينصت لما ستقوله و إن لم يعجبه الأمر لن يرد ، و لو استمرت بالحديث لسنة كاملة بدون أن تتوقف " أنا و جيمه نحتاج الكثير من الأشياء الخاصة بالفتيات و نود الذهاب للسوق بعد الـ " و قبل أن تنتهي من كلامها قاطعها باجابة ، مقتضبة ، واضحة و صارمة " ليس اليوم " " لماذا ؟ " قالتها و بدأ تذمرها و لكنه لم يجبها ، استمر بالقيادة و كأنها غير موجودة حتى توقف أمام باب الجامعة حينها التفت لي و تحدث متجاهلا وجودها " سوف أنتظركما هنا .... أنهيا تسجيلاتكما و عودا " " حسنا " أجبته ثم فتحت حزام الأمان و يولينا صرخت في الخلف " لا يمكن نحن بحاجة ماسة لتلك الأشياء التي أخبرتك عنها أخي " " جيمه اذا تعرضتما للمضايقة اتصلي بي " مرة أخرى التفت له عندما كنت أمسك بمقبض الباب و أومأت ثم التفت لها " هيا يولينا " رمقتنا معا بنظرات حارقة ثم نزلت لتقفل الباب بقوة و أنا نفيت سخفها لأنزل و أقفل الباب ، التفت و يولينا كانت قد سبقتي ، تسير بقوة و واضح أنها غاضبة للغاية فناديت اسمها " يولينا انتظريني " " لا تحدثيني يا مطيعة " تبعتها و تمسكت بذراعها و هكذا توجهنا لمكتب شؤون الطلبة ، لقد تخصصت في دراسة الفنون و الأدب الايطالي القديم أما يولينا فقد كانت تكره الدراسة و لأنها رسبت لعامين التصقت بي منذ أصبحنا بنفس المستوى و للآن أنا أنجح عني و عنها أتممنا أمور أوراقنا و تسجيلنا مع دفع الرسوم و بعد أن انتهينا سحبتني بسرعة ثم وقفنا أمام المدخل ، حدقت بعنيّ لتبتسم بلؤم و أنا نفيت لأسحب ذراعي من بين كفيها " لا تفكري حتى في الأمر ، دانيينتظر في الخارج و اذا لم نخرج الآن سيقتلنا " " جبانة " قالتها ثم ضمت ذراعيها لص*رها بعبوس و سارت قبلي و أنا تن*دت بينما أرفع كفي و أنفي بقلة حيلة ..... لا أدري هل هي الكبيرة حقا أما أنا هممت بمد خطواتي عندها سمعت صوتا من خلفي " عفوا آنستي .... " فتوقفت لألتفت ، كان شابا طويل القامة ، أسمر البشرة و أول شيء لاحظته عليه هو وجود وشم في كفه على شكل أفعى ، رفعت نظراتي اليه فابتسم و مد كفه الي " سمعتك تذكرين اسم داني ا بد أنه دانيبروفانزانو .... هل أنت أخته ؟ " بدى غريبا للغاية و تصرفاته كانت جريئة بما أنني لا أعرفه لذا ترجعت خطوتين للخلف و جعلت كفي خلف ظهري لأجيبه " لا .... دانيليس أخي بل ابن عمي " سحب كفه التي ظلت خاوية مبتسما ليجيب " على العموم دانيقليل الكلام و أنا بالصدفة علمت أن لديه أخت و لم يتحدث عنك أبدا " لحظتها شعرت أن قلبي آلمني و لكن حاولت أن أكون على سجيتي و أجبته " هو قليل الكلام كما قلت .... و الآن أستأذن " التفت حتى أغادر إلا أنه أمسك ذراعي و جعلني ألتفت له و أنا توسعت عيني بانزعاج لجرأته عندها ترك ذراعي و تحدث " آسف .....و لكن هل يمكنك منحي رقمك لكي نتواصل ؟ أنا فاليريو سلفاتوري " و أنا مباشرة أجبت " لا .... لا يمكنني " " أنت صارمة جدا " " آسفة و لكن يجب أن أغادر " و قبل أن أتحرك هذه المرة من مكاني سمعت صوت دانيخلفي " جيمه .... " التفت له فوقف في مكانه و أبعد نظاراته بينما يحدق نحو الشاب الذي يقف أمامي بنظرات بدت منزعجة للغاية و الآخر ابتسم " دانيبروفانزانو ..... لا تقل أنك نسيتني بسرعة يا رجل " وجدت نفسي أقف بينهما و دانيتقدم ليقف بجانبي ثم أمسك بذراعي و سحبني اليه بينما يجيب الآخر " بالتأكيد لم أنساك فاليريو سلفاتوري " " يجدر بي أن أرقص فرحا " تجاهل الرد عليه ليترك ذراعي و التفت لي " عودي للسيارة و انتظري هناك مع يولينا " حدقت فيه بنظرات لا أدري لما كانت منزعجة ثم أومأت بنعم و سحبت نفسي لأغادر ، كنت أسير و أمسك حقيبتي حينها سمعت الفوضى التي صنعها من معه و عندما التفت رأيته يضمه و يضرب ظهره بقوة و الآخر كعادته لا يتحرك ولا يواتي بأي رد فعل عدت أحدق أمامي و واصلت طريقي حتى وصلت للسيارة أين كانت تتوقف و يولينا كانت تجلس هذه المرة في الأمام و تمد شفتيها بغضب ، لم آبه بها و صعدت في الخلف لأقفل الباب فتساءلت " لما تأخرت ؟ " " ليس من شأنك " فالتفتت بسرعة لتتوسع عينيها " جيمه لما أنت لئيمة معي ؟ " " لأنك تركتني و رحلتي " عبست ثم التفتت لتحدق أمامها مجيبة اياي " لو قلت أنك تحتاجين لبعض الأمور كان دانيأقلنا للسوق و لكنك لا تخالفين كلمة يقولها " " عندما قال ليس اليوم كان يعنيها و لست مستعدة لسماع كلام لا أرغب به " " أرجوك جيمه أرجوك " فجأة هي التفتت لي و ترجتني مثل طفلة صغيرة ، حتى أنها رمشت بعينيها و نبست بلطافة " مجرد محاولة صغيرة ... سوف تقولين دانياذا سمحت أحتاج بعض الأشياء التي تخص النساء و أود الذهاب للسوق " " ألا ترين أن أمور تخص النساء تصنع علامة استفهام كبيرة ؟ " " بل تعطيك فرصة للذهاب وحدك ...... هيا رجاء حتى أدعو أن يتزوجك داني" فحدقت بها محاولة تلبس الصرامة و الرفض إلا أنها ابتسمت و أنا ابتسمت لأجيبها " و أنا لن أدعو في المقابل أن يتزوجك سيلفانو " و لكن بمرح و تأكيد أجابت " أنا و سيلفانو نحب بعضنا و اتفقنا على الزواج " التفتت لتنظر أمامها و أنا في تلك اللحظة التفت لأرى دانييسير مع ذلك الشاب ثم وقفا قرب البوابة و بعدها تصافحا ليغادر الآخر و دانيوضع نظاراته و اقترب ليصعد إلى السيارة ، أقفل الباب بقوة ثم حدق بي من خلال المرآة الأمامية " لما لم تتصلي بي عندما حاول ازعاجك ؟ " " لقد وصلت حينها " " لحظة ما الذي يجري ؟ " قالتها يولينا بينما تحدق به ثم التفتت لي و أنا أشحت بنظراتي لأحدق عبر النافذة " هل تتجاهلانني معا الآن ؟ " " اخرسي يولينا " * داني فاليريو سيلفاتوري ، ابن زعيم عصابة " ندرانغيتا " و التي تسيطر على باليرمو ، كانوا يحاولون أن يكونوا أحد أكبر المنافسين لنا و لكن منذ عدة سنوات هناك هدنة و مصالح متبادلة بيننا لذا نعتبر أصدقاء الآن ...... و رغم هذا تبقى ماسينة مهمة للغاية كونها تمتلك مضيقا و طريقا ذهبية تصلنا بضفة جنوب ايطاليا و " الكوزا نوسترا " هي أصل كل العائلات ، نحن المتحكمين بنقل أي شيء و نأخذ عمولتنا أحب من أحب و كره من كره اتفقت و سيلفاتوري أن نجتمع مساء في حانة تقع وسط مسينة فقد قال أن لديه صفقة مهمة سوف يعرض علي تفاصيلها لكي تكون العائلتين شريكتين بها ، كنت أقود بعد أن انطلقت و قبل أن أتخذ طريق المنزل تحدثت جيمه من الخلف " اذا سمحت دانيأنا بحاجة لشراء بعض الاحتياجات الضرورية من السوق " رفعت نظراتي عن الطريق للحظات أحدق بها عبر المرآة ، شعرت أن هناك مآمرة محاكة بينها و بين الحمقاء يولينا و لأن جيمه قليلة الطلب و غير مزعجة عادة فقد أومأت بدون أن أقول شيء و سلكت طريق المركز التجاري عندها توسعت عيني يولينا لتهتف باعتراض ..... غ*ية " لحظة ..... هل وافقت من المرة الأولى ؟ " لم أعرها أي اهتمام و هي انطلقت ثرثرتها كالشلال حتى توقفت أمام المركز التجاري و هذه المرة أبعدت نظاراتي و تحدث أحذرهما " سوف أذهب لانجاز عمل و أنتما تتسوقان ثم تجلسان في المقهى الموجود في الدور الثاني و تتصلان بي " و الكعادة يولينا سوف تعارض " المقهى الموجود في الدور الخامس أفضل " " قلت في الدور الثاني " قلتها بصرامة و جيمه أجابت من الخلف " لقد فهمنا .... هيا يولينا " فتحت الباب لتنزل و قد لمست في نبرتها نوعا من الغضب ، نزلت يولينا لتصفع الباب بقوة ثم أخرجت لسانها لي " تبا للفتيات " قلتها ثم عدت لارتداء نظارتي و أدرت عجلة القيادة و في طريقي اتصلت بسيلفانو و هو أجاب بسرعة " مرحبا .... " " هل أنت في المكان ؟ " " أجل .... أنتظرك " " أنا قادم " أقفلت الاتصال و زدت من سرعتي .......... قد أكون غير راضي عن بعض الأعمال التي نقوم بها و لكننا فطرنا عليها و عندما فتحت عيني وجدت عائلتي تمارسها بضوابط و قوانين وضعت من طرف رجال يفون بالوعود و العهود و لكن بذات الوقت لن أكون نسخة عن رجل غيري ربما لو لم تكن بحياتي تلك النقطة السوداء لما كنت انزويت تحت راية أبي و أعمال " كوزا نوسترا " و لكن جدي و أنفاسه الأخيرة لا زالت ترن في أذني و أنا يجب أن أنتقم من الفاعل * فيريا كل شخص لديه طبع و أنا فتاة بطبع متمرد ، جالبة للمشاكل هكذا يقول عني أبي لهذا أرسلني إلى مسينة عند أمي لكي أنهي سنتي الأخيرة من المرحلة الثانوية و لاحقا قال أنه سيرسلني إلى أ**فورد ....... ياله من حالم أبي أكبر منتج لزيت الزيتون في صقلية و يعتبر أغنى رجل في مدينة تراباني و هذا يجعل له الكثير من النفوذ و أنا بصراحة أ**فورد و الاختلاط مع الانجليز هو آخر ما أريد حدوثه أبسط الأمور التي قد أقوم بها أنني الآن أحاول مغادرة منزل أمي و لكن أجد حراسه يقفون بقرب الباب و يمنعونني عن ذلك ، لا أدري لما أمي مستسلمة و تسمح لأبي أن يتحكم بحياتها رغم طلاقها منه منذ سنوات طويلة جمعت ذراعيّ لص*ري و بقلة صبر تحدثت " قلت افتح هذا الباب اللعين " " لا نستطيع آنستي ..... السيد جينوفيزي قال أنه لا يمكنك الخروج " " تبا لكم و له حسنا " قلتها بغضب ثم التفت حتى أعود للمنزل ، سرت في الحديقة الكبيرة حتى وصلت و عند المدخل وضعت حقيبة أغراضي بحضن أمي و هي تبعتني " يمكنك السباحة في مسبح المنزل فيريا " عندها توقف و رمقتها بنظرات غاضبة و مُستفَزة للغاية " و هل تعتقدين أن المسبح مثل الشاطئ ..... لقد قررت تعلم ركوب الأمواج و لكن ماذا ؟ أبي لا يسمح لي و يضع لي حراسه و كأن أحد سيسرقني " " هو يخاف عليك " " مما يخاف علي ؟ .... أنا أصبحت كبيرة و لست طفلة اذا أظهر لي أحد قطعة حلوى سوف أركض له " لم تجبني و أنا عدت و أخذت منها حقيبتي ثم صعدت بسرعة نحو غرفتي و أقفلت الباب بقوة ، أقسم أنني لن أكون هادئة ، سأجد طريقة تمكنني التسلل و العودة بدون أن يدري أي لعين و يخبر أبي * داني أوقفت سيارتي أمام مقهى قديم تابع لأملاك عائلتي ، إنه مقر لتجمع الكثير من كبار السن في المدينة و كلهم يعرفون جدي و أبي ، نزلت من السيارة و سرت حتى دخلت ، حييت بعضهم ثم اتجهت نحو الحمام ، لم أفتح باب الحمام و انما الباب الذي بقربه حينها ظهر مكان آخر وسط هذا المكان نادي للقمار كبير للغاية ، لأكون صادقا مكان كهذا أشعر أنه عار بالنسبة للقيم التي كان جدي يلقنني اياها و لكنه قال أيضا أنه أول عمل قام به و وقته كان مشروعا ..... حتى أنه ضرب لي المثل بفيغاس و بعض الكازينوهات التي لديها تصريح من السلطات لمزاولة أعمالهم جدي كان يقول أن مكان كهذا ذو دخل مرتفع للغاية و لكن عندما تدخلت الدولة و فرضت الضرائب علينا أصبح يتيعين على الجميع تسويق الممنوعات و الدعارة حتى يعوضوا ما تأخذه الحكومة لذا العمل في الظلام سيكون أفضل و أنقى بقليل ...... فكرامة المرأة مهمة جدا ولا يجب اهانتها بجعلها تقفز من حضن إلى حضن كلام جدي أحفظه عن ظهر قلب و أحاول أن أجد بعض المنطقية فيه و بذات الوقت لن أسلم له كليا ....... تقدمت أسير بين الطاولات حتى وصلت للبار لأسند ذراعي عليه و أشرت للنادل فقدم لي كأسا و أنا تساءلت بعد أن أخذته منه " أين سيلفانو ؟ " " شخص ما أثار بعض الشغب بعد خسارته و هو الآن يحاول أن يشرح له كيف حدث ذلك " عندها ابتسمت لأنفي بينما أرفع الكأس لي فسمعت صوته خلفي " و أخيرا وصل الدون " ارتشفت القليل من الشراب ثم وضعت الكأس و ضربت ص*ره بظهر كفي عندما التفت له " هيا لنغادر ..... " سرت قبله و هو تبعني لنخرج و عندما وصلنا للسيارة ابتسم لي و حدق فيّ بطريقة بدت مقيتة للغاية " أخبرني هل سنذهب لنقل يولينا من الجامعة ؟ " كنت قد فتحت الباب عندها توقفت و رفعت نظراتي له ، رفعت حاجبي و بتساءل أنا تحدثت " من أخبرك أن يولينا في الجامعة ؟ " توسعت عينيه و وضع كفه على ثغره حينها شعرت بالغضب فعلا ، أقفلت الباب بقوة و سرت حتى وقفت أمامه ثم رفعت سبابتي أمام وجهه " اسمع سيلفانو ..... كل شيء يمكنني احتماله منك إلا شيء واحد " و هو أجابني بهمس بينما يبتسم يبدون داعي " العبث بشقيقتك و لكنني أحبها أقسم " " تزوج بها اذا " " هل ستقبلون بي ؟ " " لا أدري " " أرأيت .... أنا فقير جدا " " و كأنني سوف أصدقك " فابتسم ثم عاد خطوتين للخلف " سوف أكوِّن نفسي و أتقدم لطلبها " " إلى ذلك الوقت سوف أضع عينيّ عليك " " تغاضى قليلا أيها الدون " " سوف أفرغ في رأسك مسدسا صدقني " قلتها بينما أشير لجانب رأسه باصبعي ثم تركته و عدت لمكاني ، فتحت الباب و صعدت ليصعد هو حينها تحدثت من جديد " اذا هل الحصان جاهز ؟ " " و المضمار أيضا " " إنه وقت جمع الرهانات "
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD