وحينها لم يسلم أي ثعلب من القطيع ، حتى تم قطع ذيولهم جميعا ، بل أصبحت تلك طباعهم الأبدية التي لا تتبدل ، وإن وجدوا ثعلبا بذ*ل سخروا منه ونبذوه.
فهمت ما يطلبه مني ، وقلت في نفسي حقا أنهم يستحقون الموت ، لن أموت وحدي ، سأجعلهم يندمون ، إن كانوا نبذوني بسبب علة ليس لي يد فيها ، فلن أتركهم ينعمون بأية حياة ، سيموت الجميع ، سأنشر الوباء بينهم حتى يبدلهم القدير بقوم خير منهم.
اتصلت بأخيها وأخبرته بأني لست مصابا ، وأريد زوجتي ، فأبى أن يساعدني ، أخبرته بأنني سأكتب عش الزوجية باسم أخته المصون ، فأغلق معي بحجة التفكير في الأمر ، لم يمر يومان حتى وجدتها أمام شقتي ، وما إن رأتني حتى ظلت تقبلني وكأنها تحبني ، قبلتها وزدت من قبلاتي ، فخطتي نجحت وأصبحت والوحش في قفص واحد.
(اغتصاب أم)
أشار الطبيب إلى أكبر من في الجلسة ، فابتسمت ابتسامة صفراء وبدأت بالتعريف عن نفسها ، لكن قبلها ، رددت جملة واحدة عدة مرات؛ جميعكم تستحقون الموت جميعكم ، ما أنتم سوى ح*****ت ليست لها قيمة ، جميعكم تستحقون الموت ، سأتكلم لأشبع فضولكم الأعمى ، لأروي عطش قلوبكم المظلمة ، أتعلمون؟ بداخلي نار أشد من أتون جهنم وقرص الشمس ، سأروي عليكم قصتي الآن ، ولكن سأرويها منذ زمن بعيد ، منذ وقت لم أكن فيه سوى طفلة بجدائل صغيرة.
أنا الطبيبة وداد ، ولدت يتيمة ووالدتي كانت دائما ترعاني ، أتذكر حينما كنت في السابعة من عمري ، أسير مع أمي وهي ممسكة بيدي ، فجأة أغشي عليها ، وكأن الأرض انشقت وابتلعت ما بها من بشر ، وقفت أمامها وأنا لا أعرف كيف علي أن أتصرف لأنقذها ، فأنا صغيرة أكثر مما يجب لا أعرف كيف أوقظها ، حتى ظهر من العدم رجل وزوجته وولده ، رغم أن هذا الرجل كان يحمل الكثير من الحقائب ولكنه لم يبالي ، تركها وأسرع هو وزوجته لنجدة أمي ، وبعد دقائق كان يحملها إلى المستشفى.
تركني مع زوجته وولده ، ولم يمر سوى نصف ساعة حتى عاد إلينا ، واقترب من زوجته هامسا لها بأن أمي أصيبت بغيبوبة السكري ، وأنقذوها قبل لحظات من موتها ، أسرع نحوي وأمسكني من يدي وأخبر زوجته أن تذهب إلى شقتهم ، وهو سوف يتولى مهمة توصيلي ثم يعود إليهم ، سرت معه ووجدته يشترى لي أل**ب كثيرة وظل يقبلني وكأنى ابنته وهو والدي ، رغم ألم الموقف بأكمله ولكنني كنت سعيدة للغاية كنت أستمتع بنظرات الحنان في عينيه ، وبعد مرور ثلاث ساعات ذهبنا إلى والدتي مرة أخرى في المشفى ، وكانت قد أفاقت من غيبوبتها.
قال لها الطبيب ألا تقلق هي صارت في حالة جيدة ، وقال لها أيضا أنها تقدر على الذهاب للمنزل والخروج من المشفى ، ظلت والدتي تردد عبارات الشكر لهذا الرجل ، ولم يتركنا حتى أوصلنا إلى باب البيت.
انتهت حكاية هذا الرجل ولكن بالنسبة له ، اختفى سنوات كثيرة كبرت بها ، وبإرادة الله أصبحت بكلية الطب ، وفى يوم كنت أسير أنا وصديقتي ووجدت زحاما شديدا في الشارع ، قلت لها هيا لنرى ماذا يحدث ، وبعد إلحاح مني وافقت وذهبنا.
وجدت نفس الرجل وزوجته ، ولكن هذه المرة كانت زوجته مغشيا عليها ، أسرعت إليهما واتصلت بالإسعاف ، وبعد وقت جاءت الإسعاف وحملتها حتى المستشفى التي أتدرب بها ، وهناك استفاقت وتابعت حالتها بقلب محب ، ولا زال الرجل لا يعرف من أكون.
هاتفتني والدتي وكانت قلقة علي للغاية ، فأخبرتها بأني سأبيت بالعمل لمدة يومين فلدي دين يجب علي أن أفي به ، بعدما استعادت الزوجة صحتها ، بدأت أذكرهم بنفسي كثيرا حتى تذكروا من أنا ، طلب مني هو وزوجته رقم هاتفي وبالفعل تركته لهم و رحلت.
- بعد عدة أيام ، وجدت شابا يهاتفني ، فقلت له مستفسرة: من أنت؟!
- فقال: أنا كريم ابن السيدة التي أنقذتها بالأمس القريب ، كنت أود مهاتفتك لكي أشكرك على ما فعلته مع والدتي.
- قلت بخجل: لا هذا واجبي ، أنا من علي أن أشكركم فوالدك أنقذ أمي منذ سنوات بعيدة ، وحاليا في هذا الوقت أراد الله الرحيم أن أرد هذا الدين ، خاصة أن والدك دائما يزورني في أحلامي.
- كريم: أمي تدعوكِ ووالدتك للغداء في أي وقت تحددين ، ها هو والدي يريد محادثتك.
- والد كريم: كيف حالك يا ابنتي؟ أتمنى أن تكوني بخير ، وأود شكرك على كل شيء.
- وداد: تشكرني على ماذا يا عماه؟ أنا لم أفعل شيئا حتى الآن ، ما فعلته معي منذ سنوات أكثر بكثير مما فعلته ، أتدري حتى الآن الأل**ب التي اشتريتها لي ما زلت محتفظة بها ، وأتذكر لعبك معي وأتذكر أنك كنت تجبر بخاطري ، خاصة أني يتيمة ، أوتعرف لم أشعر بحب شخص أو بعطف سوى منك! إن كان ولا بد أن يكون بيننا شكر ، فأنا يشرفني أن أقبل يد*ك امتنانا لما فعلته معنا.
- والد كريم: أتتذكرين تلك الأحداث برغم أني لم أكمل معكم النصف ساعة؟ وحتى الآن أنا لم أعرف اسمك...
- وداد: أنا أدعى وداد ، ولكن لم يكونوا نصف ساعة كانوا أكثر من ثلاث ساعات ، وبالطبع كانوا أروع ثلاث ساعات في حياتي.
- والد كريم: أنا أدعى العم محمود يا وداد ، وسأكون سعيدا للغاية إذا جئت أنت ووالدتك للغداء.
- وداد: وهو كذلك سأخبرها وأخبرك بالرد بعد ساعة من الآن.
- محمود: حفظك الله يا ابنتي ، وسأنتظر ردك.
انتهت مكالمتي مع عم محمود ، وأخبرت والدتي بكل شيء ووافقت على اقتراح الغداء.
في اليوم التالي ، في الساعة الثالثة عصرا وجدت هاتفي يصدح في غرفتي ، وكان الاتصال من كريم ابن العم محمود ، قمت بالرد عليه وطلب مني أن أعطيه عنوان منزلنا ، وبعد نصف ساعة كان ينتظرنا أسفل المنزل.
كريم كان مثالا للشاب الوسيم ، فكأنه أتى من هوليود ليقتحم خلوة قلبي ويزلزل كياني ، تلك النظرة الأولى التي تحتل قلوبنا لتجعلنا شبه مسحورين ، ظل يتحدث معنا ويحكي لنا عن والده ووالدته ، وعن نفسه بالطبع ، أخذنا أكثر من ساعة حتى وصلنا إلى منزلهم ، رغم انزعاجي من المواصلات عادة إلا أنني لم أرد انتهاء الطريق ، كنت أود وبشدة أن يطول الطريق إلى ما لا نهاية ، كنت في حلم جميل ، أو لنقل رواية وبطلها هو "كريم" رغم أنني كنت صامتة طيلة الوقت أتطلع إلى عينيه فقط.
عندما وصلنا إلى المنزل ، وجدنا العم محمود وزوجته ينتظران أمام المنزل ، وبمجرد اقترابي من زوجة عم محمود والدة كريم ضمتني إليها ، وظلت تقبلني وأنا خجلة للغاية ، صعدنا إلى شقتهم وكانت أشبه بالتحفة الفنية القيمة ، وكأنني في متحف أثري ، نظرت للشقة بانبهار وكان كريم متابعا لكل نظرة لي ، ووجدته فجأة يقول: هل أعجبتك الشقة؟
- وداد: إنها رائعة أشعر وكأنني في متحف.
- كريم: هذا ذوقي ، منذ عدة سنوات وأنا أجمع هذه التحف الفنية والأثرية.
- وداد: ذوقك رائع للغاية.
تدخل عم محمود قائلا بابتسامة: لقد تركنا لكريم اختيار كل شيء في هذه الشقة ، فهي شقة الزوجية كما يقال ، هل أعجبتك الشقة أم تريدين أي تعديل.
نظرت للأرض وأنا يكاد يغشى علي من شدة الخجل ، لأنني علمت من نظراتهم أن عم محمود يريد أن يقول لي ابني معجب بك ، لم يقل ولكن نظراته واضحة للأعمى.
جلسنا جميعا على طاولة الطعام وبدأت والدة كريم بتوزيع الطعام علينا ، كنت سعيدة إلى أقصى درجة خاصة عند النظر لكريم ورؤية ابتسامته ، بعد انتهائنا من الطعام ، نهضت والدتي لتساعد والدة كريم في تنظيف السفرة.
أما عن عم محمود فقد تركنا وذهب ليغسل يديه وتركوني أنا وكريم بمفردنا ، ليبتدرني بالحديث قائلا: هل تعرفين أني قابلتك من قبل؟
- وداد: وأنا أيضا ، ولكنني حينها كنت صغيرة بالعمر.
- ابتسم قائلا: ولكنني أقصد أني قابلتك وأنت كبيرة ، وليس وأنت طفلة ، ولكن لا أتذكر أين أو متى ، ولم أقدر على التذكر ، ولكنك كنت مثل البدر عند اكتماله.
نظرت للأرض ووجهي أصبح مثل حبة الطماطم الناضجة من الخجل.
-كريم: أنا آسف لم أقصد أن أزعجك ، ولكن بالفعل أنا حلمت بك أكثر من مرة قبل أن أراك.
في هذه الأثناء دخلت والدتي ووالدة كريم وجلسوا يتحدثون عن أيام مضت ، وعن أحوال البلاد وحديث كبار السن المعتاد.
اقترب عم محمود وجلس كريم بجانبه وهو يغمز له بأن يقول شيئا.
وإذ بعم محمود يتحدث قائلا: أنا سعيد للغاية لهذه الصدفة التي جمعتنا مرتين ، مرة منذ سنوات ومرة في هذا الوقت ، وأشعر أننا اجتمعنا بحكمة من الله عز وجل.
- والدتي: أدام الله الخير بيننا يا أستاذ محمود ، أنت السبب في وجودي بينكم ، لولاك لكنت من الأموات منذ سنوات ،
- محمود: لا تقولي هذا يا سيدتي ، أنا فقط سبب من الأسباب ، ولماذا لا نقول أنه لولا ابنتك لكنت فقدت زوجتي وهي فعلت أكثر مما فعلته بكثير ، ولهذا السبب أود أن نكون عائلة واحدة.
- والدتي: كيف؟! ماذا تقصد؟
- كريم: بعد إذنك يا أبي ، أريد أن أقول شيئا.
- محمود: حسنا أيها المتسرع ، تحدث وأبهر حبيبتك.
جميعنا ضحكنا على حديث عم محمود ، وأنا أيضا ضحكت رغم خجلي الظاهر على وجهي.
- كريم: يسعدني ويشرفني للغاية أن أطلب يد ابنتك وداد ، من الممكن أن أكون لا أعلم عنها أشياء كثيرة فقد قابلتها اليوم فقط ، ولم أتحدث معها سوى بكلمات قليلة ، ولكن أشعر كأنها حلم أود تحقيقه ، أظن لقاءي بوداد لم يكن صدفة ، سواء في الماضي أو الآن كل هذا ترتيب من القدير ، لقد كتب لي أن أراها مرتين وأقع في حبها ، لأجعلها أميرة في مملكتي.
- نظرت لي والدتي أمامهم وقالت لي: ما رأيك في هذا الحديث؟
نظرت في الأرض وأنا أبتسم ، وليس لدي القدرة على الحديث.
- وهنا تحدث عن محمود قائلا: الصمت أعلى علامات الرضا ، فلنقرأ الفاتحة.
- رفعت يدي الاثنين سريعا أمام وجهي قائلة: آمين.
ضحكوا جميعهم و فهموا أنني موافقة ، ومن هنا بدأت أجمل قصة حب مع كريم...
كريم بالنسبة إلي كان هدية من السماء ، تصميم إلهي لم يكن موجودا ، أو حتى سيتكرر ثانية إنه من إبداع القدير ، مرت أيام الخطوبة معه بسعادة ليس لدي الوصف الكافي لها وكانت أجمل سنة ، نتحدث كثيرا ولا نترك بعضنا البعض إلا عند النوم.
وفى يوم هاتفني كريم وهو سعيد للغاية ومتلهف لسماع صوتي.
- كريم: أهلا أهلا أهلا بأعز الحبايب أهلا .
- ضحكت بخفة قائلة: من يرى تفكيرك وعقليتك وذوقك الراقي ، لا يقول أنك أحيانا تشبه الأطفال في أفعالك.