فنطق ادم وكان اول نطق له وقال
_الحمدلله
فرد عليه الله سبحانه وقال يرحمك ربك
وقيل أنه لما وصلت الروح في جوف واشتهي ثمار الجنه والاكل منها وثب وثبا فوقع على وجه والروح لم تصل إلى قدميه
وهكذا خلق الانسان من جعل
فلما اكتملت الروح في ادم عليه السلام وقد علموا الله عزوجل الاسماء كلها أي عملو كل شئ واسم كل شئ وعلموا المنطق والحوار
وبدا يمشي والملائكه تتراقب وابليس ينظر، فقال لأدم انظر إلى هولاء الملائكه واذهب اليهم وقل لهم السلام عليكم، فمشي ادم وذهب إلى الملائكه وقال لهم
_السلام عليكم
فردت الملائكه وقالت
_وعليك السلام ورحمه الله وبركاته
فقال الله سبحانه لادم أنه تحيتك وتحيه زريتك من بعدك، فمسح الله على ظهر ادم فنزلت زريته إلى أن تقوم الساعه فنظر اليهم ادم.
وقال الله لهم، لست بربكم، فقال كل بني ادم نشهد على هذا، فقال لهم سبحانه ولا تاتي يقوم القيامه لتقولو أن كنا عن هذا غافلين
، ولما استوي خلق ادم وقد حان الوقت لتنفيذ امر الله سبحانه فاذا نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين، فجمع الملائكه كل من في السماء وكل من في الملا الاعلي وعلي راسهم جبريل فامرهم الله بالسجود، وكلهم سجدوا لادم تكريما وتعظيما له ولاستجابه لامر ربهم الا مخلوق واحد لم يكن من الملائكه وقد كان بينهم ومعهم فسجدوا جميع الملائكه الا هو ظل واقفا بكبره وغروره وجميع الملائكه ساجدين فقال له الله سبحانه وتعالي بنص الايه
قالي تعالي (يَا إِبْلِيس مَا لَك أَلَّا تَكُون مَعَ السَّاجِدِين)
وهو أعلم به سبحانه فرد عليه ابليس بغروره وكبره وكفره وقال
( أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ )
وهي اول معصيه قد عصيا بها المولي سبحانه في الملا الاعلي لم تكن معصيه فقط بل معصيه واسرار على المعصيه بغرور و كبر وكفر والعياذ بالله
ومازال ابليس قائما بين الملائكه وهم ساجدين ومسر على موقفه فقال له الله عزوجل بنص الايه
قال تعالي (قَالَ فاخرج مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ ا****ة إلى يَوْمِ الدين)
فاخرجه من الجنه وطرد منها بعد أن كان مكرما في الملا الاعلي ويعيش بين الملائكه بل صار له الولايه في السماء وسلطان الارض وسماء الدنيا وها قد حلت عليه اللعنه واخرج من الجنه بكبره وبعد أن طرد منها لم يطلب من الله عزوجل العفوه أو التوبه بل أنه طلب شيئا غريب فقال ابليس اللعين
(قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)
ورغم ما فعلوه وعصيانه لله ورغم ذلك فلبا الله طلبه وقال له
قال تعالي(قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)
وقال ابليس بجبروته وسواد قلبه (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)
فرد عليه الله سبحانه برحمته الواسعه (لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ)
واما عن ادم كان حليما تقيا عفيفا، خلق ولقيا له عدوا يبغضه ويكره ويدبر له المكائد ويريد أن يهلكه، خلق ادم على هذا وماذنب ادم في كل ذلك الا وهي النعم التي قد خصها الله باادم جعلت ابليس يحسدوا عليها ويتمني أن يحظي بها ولكن الله كرم بني الانسان كرما لم يدركه أي مخلوق اخر واسكن الله ادم الجنه وزاده من النعم والفضل وقال له
قال تعالي ( أن لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى) (وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى)
ومع كل هذه النعم الا أن ادم قد استوحش وشعر بالوحده وجائه بعض الهم وقال كيف اعيش في هذا النعيم فنام ادم نومه فلما استيقظ رأه امراه جميله جدا بجواره فنظر إليه ادم وقال له
_من أنتِ
وكانت هي حواء عليها السلام فردت عليه حواء وقالت
_انا امراه
قال ادم
_وما الذي جاء بك
قالت
_خلقني الله
قال ادم
_ولما خلقكي
قالت له
_لتسكن إلى
(يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍۢ وَٰحِدَةٍۢ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً)
فلما رأت الملائكه حواء مع ادم عليه السلام قالت وهي تريد تختبره وتريد أن تعرف أنه يعلم الاسماء كلها ام لا وقالت له من تلك قال لهم ادم أنها حواء قالت له ولما حواء فرد عليهم لانها خلقت من شيئ حي
واصحبت الجنه مسكن لادم وحواء وقال لهم الله
قال تعالي(وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)
واصبح يتنعم ادم وحواء في الجنه بين الثمار والاشجار والانهار وله فيها ما يشاء وكل شيئ يريده يدركه الا شئ وحده قال الله لادم أنها تلك الشجره انظر اليها فلا تقترب منها، فالقرب منها عظيم ولم يقول له لا تاكل منها فالاكل منها اعظم
وقال الله لاادم وهو يحذره من ابليس اللعين وهذا الشخص توعد لكما أن يخرجكما من الجنه وسيوسوس لكما ويغركما ويدبر لكما المكائد فاياك ياادم انت وزوجك انت تسجيب لكلامه
قال تعالي (يَا آدَمُ أن هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ)
وان المعركه الاولي قد بدات واياك أن تستجيب له انت وزوجك
فبدا المعركه بين السلطان والخليفه
السلطان بكبره وغرورا وبحسده والخليفه بحلمه وطاعته لربه وعفته
وكان هو اول تحدي بين الانس والجان
وظل ادم وزوجته يسكنان الجنه ويتنعمون بنعيمها واشجارها وثمارها وانهارها إلى أن جاء اليهم ابليس المعلون يوسوس لما ولم يدخل لهما من الباب مباشره بل زين لهم الامر اولا وقال له
وقال ابليس لاادم
_الا تحب ياادم أن تصبح من الملائكه
ونظر إلى حواء وقال لها
_ياحواء الا تحبي أن تصيري من الملائكه المخلدين
فنظر اليهما وقال
_فاذا اكلته من هذه الشجره فتصبحا ملكين الذين يعبدون الله الذين يقربهم الله، الامر بسيط جدا كلو من هذه الشجره وستنتقلا مباشره إلى جنس الملائكه، أو ياادم الا تحبون أن تعيشو في هذه الجنه مخلدين لا موت ولا نهايه فقط كلو من هذه الشجره
قال تعالي (مَا نَهَاكُمَا رَبّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَة إِلَّا أن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أو تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ)
ولم يستجيبو له وابليس لم يياس أبدًا وظل ياتي لهما كل وقت وحين وفي كل مكان وادم وحواء لا يستجيبوا له ومرت الايام والسنين وهم لا يقتربان من الشجره، فستغل ابليس تعظيم ادم لربه عزوجل ودخل من هذه المدخل واخذ يقسم له بالله كذبا والعياذ بالله وقال
_اقسم لكما انني صادق بحديثي ولله الذي لا اله غيره إذا اكلتو من هذه الشجره صرتو خالدين في هذه الجنه
قال تعالي(وَقَاسَمَهُمَا أني لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ)
وفي هذه الوقت صدق ادم عليه السلام بحسن نيته ونسيا العهد الذي بينه وبين ربه، وكان ادم لم يتوقع أبدًا أن مخلوق يقسم بالله كذابا أبدًا
وبدا ادم وحواء بالتصديق ويستجيبوا لكلام ابليس وزينت لهم الشجره وزين لهم الخلود وزين لهم معشر الملائكه واحبوا أن يصيره منهم وبدا بالقرب من الشجره إلى أن وصل ادم وحواء امام الشجره وابليس يشجعهم وإذا بحواء تمد يديها وتاخذ ثمره من الشجره وتقطفها وتاكل منها وإذا باادم أيضًا ياكل منها واول ما ذاق ادم عليه السلام الشجره
قال تعالي(فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ)
اول ما اكلو من الشجره صار ادم عاريا وصارت حواء عاريا أيضًا وبدت سوائتهما لبعض بعض واذ بهم ولاول مره ادم يري سوئه حواء وحواء أيضًا اول مره تري سوئه ادم عليه السلام واذ بهم يهربان من بعضهم استحياء لان الانسان فطر على الحياء وكلا منهما يهرب ويبحثان ويجريان بين اشجار الجنه يبحثان عن ورق من الاشجار فيقطان الورق وكلا منهما يغطي سوائته
وادم عليه السلام يهرب والشجر تتعلق به ويريد الهروب والخلاص وينظر إليه الله عزوجل فينادي عليه افرارا مني ياادم افرارا مني فيرد ادم نادما ويقول لا ياربي ولكني استحييت منك
قالي تعالي(وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا أن الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ)
فبكي ادم وبكت حواء وادم يقول في نفسه سبحان الله كيف نسيت كيف وقعت في الذنب ويبكيان وهم يدعون الله عزوجل فاشتدت البكاء وطال البكاء وادم ندم ويقول كيف اغراني الشيطان وكيف لم اتذكر أنه عدو لي كيف اكلت من هذه الشجره وادم يبكي والله عزوجل يقول لادم وزوجته الم انهاكم عن هذه الشجره الم احذركما من ابليس اللعين، وظلو يبكيان وهم نادمين واذ بجبريل عليه السلام يأتي إلى ادم وهو يبكي ويرفع التاج عن راسه واذ بميكائيل عليه السلام ياتي إلى حواء وهي تبكي ويرفع عنها الاكليل وعن جبين ادم عليه السلام، فظنو أن العقوبه ستقع عليهم الآن ولكن رحمه الله قريبه
فنادي الله عزوجل ابليس وادم وحواء وقال لهما اهبطو من الجنه جميعا
انزلوا إلى دار الشقاء والبلاء ولكن من اتبع هداء فلا يضل ولا يشقي ومن اعرض عن ذكري فانه له معيشه ضنا
وبعد أن نزلو بدات اول الحكايه بين الانس والجان في الارض بدات المعركه بين ادم وزيته وابليس وزريته وظل ادم يبكي ويتدرع لله عزوجل وظل ابليس يتوعد لادم ويطغي ويحارب الله عزوجل بكبره وبعصيانه له سبحانه، واذ بابليس ينادي ربه ويقول
_ يارب اخرجتني من الجنه من اجل ادم واني لاقوي عليه الا بسلطانك
فقال له الله سبحانه فانت مصلط
وقال ابليس
_زدني
قال الله سبحانه له لا يولد له ولدا الا وولد لك مثله
فرد ابليس
_زدني
قال سبحانه وتعالي صدورهم مساكن لك وتجري منهم مجرا الدم
قال ابليس
_زدني
قال الله سبحانه اجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد وعدهم
وبعد أن علم ادم ماطلبه ابليس من الله عزوجل فزداد حزنه وهمه ونادي ربه واخذ يبكي وقال
_ ياربي قد انذرته وسلطته عليه واني لا امتنع منه الا بك
فرد الله سبحانه برحمته على ادم وقال له لا يولد لك ولدا الا وكلت به من يحفظه من قرناء السوء
فرد ادم وقال
_ياربي زدني
قال سبحانه برحمته وعفوه قال الحسنه بعشر امثالها ازيدها والسيئه بواحده وامحوها
فرد ادم وقال
_ياربي زدني
قال له المولي سبحانه التوبه لا امنعها من ولدك مادمت فيهم الروح
فرد ادم
_يارب زدني
قال له الله برحمته التي وسعت كل شيئ قال اغفر ولا ابالي
فقال ادم يارب انت حسبي
قيل أن ادم نزل في الهند وحواء في مكه والتقيا بعد اربعين سنه وادم قد تغير شكلو وكبره شعره ولحيته وحواء أيضًا قد تغير شكلها وقيل أن ملكا دل ادم على مكان حواء فالتقيا على جبل عرفات وسميه عرفات لانهم تعارفو عليه وبعد أن التقيا وعاش ادم على هذه الارض نادما وظله سنوات طويله يبكي استحياء من ربه الكريم وهو نادما ويقول كيف عصيت ربي الذي حذرني من المعصيه وكيف نسيت وكيف عزمتت على معصيه ربي من البدايه فاخذ يبكي بشده إلى أن جاء له جبريل عليه السلام ويقول له ياادم لما كل هذا البكاء فيبكي ادم ويقول له عصيت ربي ياجبريل عصيت ربي ياجبريل دعني ابكي لقد عصيت
فاخذ ياينادي ادم ربه ويقول له
_يارب الم تخلقني بيدك
فيرد الرب سبحانه ويقول له نعم ياادم
فنطق ادم ويقول
_الم تسجد لي الملائكه
فيقول الله سبحانه نعم ياادم فيرد ادم ويقول
_الم اعطس فتقول لي يرحمك ربك
فيقول الله سبحانه برحمته نعم ياادم فنطق ادم ويقول
_أن توبت اليك فهل سترجعني الله الجنه
فيقول الله الرحمن الرحيم برحمته التي وسعت كل شيئ نعم ياادم نعم
فانزل الله في كتابه العزيز (فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ أنه هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)
وهكذا تاب الله برحمته على ادم وظلت لعنه الله على ابليس اللعين الذي طغي بغروره وحسده ورفع عنه سلطانه وحطمت عبادته وولايته فبات في لعنه الله إلى يوم الدين ومع كل هذا ماازل يتوعد لادم وزريته باغرارهم بالدنيا وشهواتهم وحب المال وغير ذلك من غرائز فطر الانسان عليها فيدخل ابليس وزريته للانسان من هذا المدخل الا وهو اللعب على الغرائز واصبح لابليس زريه عظيمه وكلها متسلطه على ادم وزريته عليه الصلاه والسلام إلى يوما هذا وصوله ليوم الدنيا
وهكذا بات النزاع بين السلطان والخليفه إلى يوم الدنيا
السلطان بغروره وكبره وكفره وتحدي لله عزوجل في اضلال بني ادم
والخليفه بحلمه وعفته وتوبته لله عزوجل