الفصل السابع

1804 Words
اعترفت أمامي بخطئها دون أن تمس أبي بسوء ، رغم أنه أخل بوعده ونشر الفيديو ، سألتني ذات يوم لو خيرت بينها وبين أبي في حال سفرها ، فهل سأختار أبي أم هي؟ فوقع الاختيار عليها. سافرنا لبلد عربي حيث ساعدها قريب لها بالعمل في شركة كبرى ، ولكن كان أبي لها بالمرصاد ، تتبع خطواتنا ، لا أعلم هل كان يفعل ذلك ليرجعني إليه ، أم أنه كان يكرر موج انتقامه؟! وصل إلى صاحب الشركة نفس الفيديو الذي هربت منه داخل بلدنا ، فقام بطردها ، بل استطاع صاحب الشركة أن يرحلها خارج البلاد ، رجعنا إلى بلدنا مصدومين ، أعلم أنها كانت خاطئة ، ولكن المخطئ إن تاب أليس له غفران؟! لقد أخطأت مرة وحاسبها المجتمع ألف مرة ، التائبة أصبحت ع***ة بعد فضحها هنا وبالخارج ، لقد صدقت أنها ع***ة ، وهنا كانت اللحظة التي قررت فيها أن تبيع جسدها بالمقابل الذي يرضيها ، فقط لكي تثبت لهم ما قالوه عنها وبأنها ع***ة ، كنت معها دائما ، كانت بالصباح نائمة أما بالليل فتقبع سكيرة في شقة أحدهم ، يتلذذ بها وتتلذذ هي بنقوده ، مرت سنة فأخرى وأصبحت فتاة إلى حد ما راشدة ، لكي أدرك أني ابنة الع***ة ، والعرق دساس ، وبالتأكيد من يحبني سيحبني لسبب واحد ، ليشبع رغبته فقط من التهام جسدي. يئست من كثرة التفكير ، حتى باعت جسدي مثلما باعت جسدها ، يوم فالتالي كنت أكره نفسي مما أفعله ، سأخبركم شيئا قد يروق لكم؛ ذات يوم كنت على كوبري قصر النيل ، في الثالثة صباحا ، أتراقص وأنا أسمع الأغنيات المنبثة من سماعة أذني ، وفي يدي زجاجة خمر ، وقفت على حافة الكوبري وألقيت بنفسي في النهر ، علني أغتسل من العار ، علني أدخل الجحيم فيطهرني من الخطايا ، ولكن وجدت أحدهم يخرجني من الماء فاستسلمت له ، غفوت على راحة يده ، لا أعرف هل نمت لدقيقة أم لسنوات ، حين فتحت عيني وجدتني في غرفة بيضاء ، ووجدت طبيبا ينظر إلي مبتسما. - سألته: أين أنا؟ - قال وهو مبتسم: بالتأكيد لم تدخلي الجنة ، بالأمس وجدتك تحاولين قتل نفسك. - حاولت التكلم ، فقاطعني قائلا: عموما لا تخافي ، لقد أنقذتك من الغرق ، ولكنك صغيرة أكثر مما ينبغي لتموتي ، أدخلتك المستشفى الخاصة بي ، وأحمد الله أنك أصبحت بخير ، ثم استطرد قائلا: أنا دكتور نادر ، طبيب نفسي ، وأود أن أساعدك لكي نمر سويا من هذه الأزمة التي كادت تودي بحياتك ، ابتسم ثانية ، ثم هم واقفا بعدما قال: كل مر سيمر.. الآن استريحي و*دا سنبدأ كلامنا. في اليوم التالي دخل بابتسامته المعهودة ، وسألني عن أحوالي ، استرحت له فقصصت عليه كل شيء ، حتى ما أخفيته يوما داخل سراديب عقلي. - سألني: هل تريدين الانتقام ممن دنس شرفك وشرف أمك؟ - قلت: لا.. فبالرغم من كرهي لأبي لم أفكر يوما بأن أنتقم منه. أخبرني أنه درس الطب النفسي بالخارج ، وكان مشروع تخرجه أن يحقق العدالة ، بأن ينتقم للمظلوم من الظالم حتى يعود كما كان. بالمساء كنت قد اتصلت بأمي فأتت ، وخرجنا سويا ، حكيت لها عما حدث ، وكان يبدو أن الفكرة قد راقتها ، اتصلت بالطبيب وشكرته مرة أخرى على إنقاذي ، ودعته لتناول العشاء في بيتنا. تكررت الدعوات ، وكان الطبيب دائما ينظر إلي بحنو لم أعهده من قبل ، أحببته رغما عني وظننت أنه يحبني ، كنا نخرج كثيرا أنا وهو ، نتجرع كأس الحب ، غفر لي خطاياي ، شعرت وكأنه أخ لم أرزق به ، أو ربما أب لم أشعر بوجوده قط. ذات يوم فاتحني في الزواج فوافقت على الفور ، طلب مني أن يتصل بأبي فترددت ، ولكنه أصر ، أعطيته التفاصيل وعنوان بيتنا القديم ، لكنه اختفى فترة ليست بالقليلة ، ظللت أبحث عنه ولم أجده ، حتى اضطررت لمقابلة أبي كي أسأله هل قابله ، هل رفضه ، ولكن أبي رفض أن يقابلني. مر شهر كامل وأنا أبحث ، حتى جاءتني رسالة على الواتساب من رقم لا أعرفه ، حين فتحتها وجدت فيديو لأبي وهو يقتله ، لم استوعب ما حدث ، لماذا قتله؟! أكان يستحق أن يقتل بعدما أنقذ حياتي؟! كنت مشتتة لا أعلم ماذا أفعل ، ظللت أشاهد الفيديو عشرات المرات ولا أعرف السبب ، حتى أمي شاهدته معي ، بقيت صامتة شاردة في غرفتي المظلمة ، حتى تذكرت مشروع تخرجه وهو رجوع الحق للمظلوم ، لا بد من قتل الظالم ، لا بد من تطهير العالم منه. أعددت العدة لدخول فيلا أبي ، وجدت أمي ملقاة على باب ڤيلته وقد تلقت طلقة في قلبها ، قالت وهي تنازع الموت: لا تفعلي شيئا ربما تندمين عليه ، سألتها أي شيء تقصدين؟ ولكنها لم تجبني فقد سلمت روحها. وجدته جالسا يحتسي القهوة وأمامه حاسوبه ، ولا كأنه قد أضاع حياتي ، تسللت من وراء ظهره وطعنته بالسكين في عنقه ، ووقفت أشاهده حتى فاضت روحه إلى قاع جهنم ، نظرت إلى حاسوبه ، فوجدت رسالة مبعوثة من حسابه إلى حسابه ، كلماته كانت كالتالي؛ صغيرتي منذ زمن بعيد ، بعدما هربت مع أمك وأنا أحاول إبعادك عني ، سأخبرك عما حدث ، لأنني أعرف أن ساعاتي قد انتهت ، لا تقتربي من الطبيب إنه سر لعنتي ، بعدما صورت أمك وهي مع عشيقها ، أصبحت غير قادرٍ على المضي قدما للغد ، تابعت مع طبيب يدعى نادر ، كان مشروع تخرجه هو الانتقام من الظالم لكي يرضي مرضاه ويشفي علتهم. حين عرف ما حدث لي طلب مني شريط الفيديو ، كنت ساذجا فأعطيته إياه ، نشره حتى تم فضح أمك ، سفرك مع أمك كان بترتيب مني ، لقد اتصلت بقريب لها بالخارج وأخبرته بكل شيء ، ولكن الطبيب كان لكم بالمرصاد ، لم أكن أريد لك الوقوع في مستنقع الرذ*لة ، مثلما وقعت أمك رغما عنها ، ولكنك وقعتِ. • منذ فترة قريبة اتصل بي الطبيب ، وأخبرني أنني سأقتل على يدك ، لذلك لم أوافق على زيارتك ، خوفا عليك من أن تقتليني فتصبحين قاتلة لأبيكِ ، وتدنس روحك إلى الأبد. عزيزتي.. إن ذلك الطبيب آلة شر متنقلة فلا تتبعيه ، واعلمي أنني لم أحب سواكِ طوال حياتي. أبيكِ المحب. لم أفكر وقتها بشيء ، فقط أمسكت ذات السكين التي قتلته بها ، ورشقتها في قلبي ، ولكن لا أعرف ماذا حدث بعدما كنت أنتظر الموت ووجدتني معكم! ( الموت الأ**د) كان الصمت مخيما على أرجاء العنبر ، رفع أحدهم يده ليبوح عن علته ، رغم البلاهة وعدم الاكتراث البادي على وجهه ، إلا أن ملامحه حادة ، بشرته حنطية وجسده رفيع ، وأعينه واسعتين ذات نظرة مشتتة ، تنحنح ثم قال: ماذا تفعلون إذا عرفتم أنه لم يتبقَ على وفاتكم سوى أيام قلائل؟ هل ستدفنون رؤوسكم في الرمل كما يفعل النعام؟ أم تلجئون للقدير كي يغفر خطاياكم؟ البعض منكم سيحاول اللجوء للقدير ، ولكنكم بداخلكم تعرفون أنكم كاذبون ، تلجؤون له فقط كي يمحي خطاياكم قبل أن تخلدوا في نار الجحيم ، كالمساجد حين تعج بالمصلين في أواخر أيام الدراسة ، هي حياتكم دراسة مطولة تستعدون فيها جيدا لحفل الشواء ، لكنني لم أفعل ذلك لقد كنت دائما صادقا مع نفسي ، أعرف أنني من الخالدين فيها ، ربما لدي قصور باسمي ، خلقت قبل آلاف السنين من ميلادي ، لا تفغروا أفواهكم هكذا فلست كما تظنون ، أنا لست شيطانا ولكنني أقوى ، أخبرنا أحدكم أن الإنسان هو تكوين من النور والطين والدم ، فلما ننتظر وسوسة أحدهم ما دمنا سندخلها أجمعين ، فلما لا نكون شياطين أنفسنا! لما لا نعبث بالحياة ، ونأخذ معنا من نحب في الجحيم كي نشتم رائحة جلودهم وهي تحترق ، وتمتزج رائحتها مع عفن جلودنا؟! دعوني لا أطيل في المقدمة فالحدث كان جللا ، وحجزت مقعدي الخالد في الدرك الأسفل منها! فأهلا بالهاوية ويا مرحبا بشجرة الزقوم. سأعرفكم بنفسي؛ أنا محب نعم هذا إسمي وربما كان طبعي يوما ما ، قبل تحولي لما أصبحت عليه ، بليت بحب من حولي ، ولكن المحب دائما ما يجد الخذلان ، كانت حياتي تسير على نحو جيد ، حتى طمع أحدهم بأكل مؤخرة خفاش على بعض من الفاصوليا الحامضة ، ليظهر وباء من نوع جديد ، طاعون العصر الحديث. تلقاه مئات الآلاف وضرب بأعناقهم ، وكأنه المسيح الدجال أتى ليحصد الأرواح على غفلة منهم ، شعرنا بأن القيامة آتية لا محالة ، أصبح الناس يهتفون ثائرين ضد المرض ، وكأنه جيش محتل علهم يقهرونه ، كانت الأيام تسير برتابة حتى حدث ما لم يكن بالحسبان. أصيب صديقي الصدوق بالفيروس ، ولأنني من أقرب المخالطين ، تلقى ص*ري الفيروس كما يتلقى الحمل الوديع سهم الصياد ، لم أجد حينها أي من مستشفيات الدولة لتنجدني مما أصبحت عليه ، فاتصلت بزوجتي وأخبرتها بأني أصبت ، وأن عليها الفرار هي وابنتينا كي لا يصيبهن ضرر ، ولكن دائما ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، رفضت زوجتي الخروج من بيتنا وأخبرتني أن علي البحث عن مكان آخر للمكوث فيه ، ولكن إلى أين؟ أومأ الطبيب رأسه ليكمل حكايته ، فأكمل قائلا: لم تكن زوجتي فقط ، بل كانت ابنتي التي تربت على يدي هي ابنة خالتي ، كنت أول ما رأت أعينها ، كنت أكبرها بعشر سنوات ولكنني أول من قالت له أبي ، أول من حملها ، ذات يوم جاءتني باكية في الثانية ظهرا بعد يومها الدراسي ، فسألتها عن سبب بكائها لتخبرني بأن مدرسا من المدرسين حاول التحرش بها ، لم أسألها عن شيء ، فأحدهم يحاول العبث مع حبيبتي ، بل ابنتي فأهلا به في الجحيم. سألت عن ذلك المدرس حتى عرفت كل شيء عنه ، تسللت إلى بيته في منتصف الليل ، ودون أن أحاول السماع له فصلت رأسه عن عنقه ، وفي ظرف يومين كان الجميع يتحدث عن المدرس الذي اكتشفوا مقتله في شقته دون معرفة القاتل. لقد عرفت تميمة أنني الفاعل ، ولكنها لم تتحدث معي عن الأمر ، ربما قد تجمد قلبها وصارت لامبالية ، ولكنها تعلقت بي أكثر مما كانت عليه ، فقد كانت تميمة الشؤم لي. مرت السنوات وتزوجنا ، أنجبنا ابنتينا آيلا وعشق ، ولكنني فوجئت بإصابتي بالفيروس لأجد خذلان لم يعهده أحد ، فبعدما رفضت ترك شقتنا ، اتصلت بشاكر أخيها ليقنعها بالخروج ، انصاعت لأمره ، نعم شعرت بالتهميش وكأنني لست المسؤول عنها المؤوي لها ، الأغرب كان اتصال اخيها يحدثني بنبرة الآمر الناهي ، أخبرني بأن علي الانفصال عنها بلا رجوع فقد أصبحت موبوءاً. واا حسرتاه في طرفة عين وانتباهتها خسرت كل ما أملكه ، زادي وعزوتي ، ابنتان وزوجة هما قرة عيني ، هما نور بصري. ركضت.. سقطت.. وقفت.. سقطت.. عافرت وزحفت ، حتى وصلت لمكان سكني ، رأيت الجميع يهرب من أمامي ، جريت معهم ظنا مني أن هناك مكروه حدث لأحدهم ، ولكنني عرفت في النهاية أنهم يهربون مني ، لقد أخبرتهم زوجتي بأنني مصاب. ظللت مرابطا في بيتي أحاول الاتصال مرارا ، فلم أكن أتخيل العيش بدونهن ، أصبحت نهايتي وشيكة ولن أراهن حتى قبل موتي ، بعد عشرة أيام أو يزيدون ، اتصل بي شخص لا أعرفه يدعى ميشيل عوني ، أخبرني بأنه يعرفني ويعرف نبذ الجميع لي ، شكوت له.. بل بكيت ، فأنّا لغريب أن يواسيني والقريب أول من يجافيني! ظل يتودد لي لثلاث ليالٍ حتى وثقت به ، فأخبرني بخطة لا تخطر على بال بشر ، إنها حكاية الثعلب الذي قطع ذ*له ، وحين لاقى السخرية من أول صديق خدعه وأوهمه أنه أصبح أخف وأسرع بلا ذ*ل ، فاقتنع وقطع ذ*له فتأوه ، وسأله لما خدعتني؟ فأجابه قائلا: حتى لا أصبح أضحوكتك والآخرين.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD