-أنا مش فاضي للمقابلات والمكالمات..
قطعت حبل كلماته قائلة :
-حلو أوي.. أنا عارفه إنك دوغري
ثم تناولت هاتفها وأخرجت رقم والدها بعدها أدارت الهاتف إليه متابعة :
-ده رقم بابا سجله عندك وكلمه خد منه ميعاد علشان تقا**ه
حملق بها للحظات بعدم استيعاب قائلًا بصوت منخفض :
-افندم؟!.. ميعاد لأيه مش فاهم
وضعت الهاتف جانبًا وقد شعرت بالحزن وهي تقول :
-بصراحة مش هقدر على إني ما أشوفك ولا اكلمك.. فممكن نتخطب وفي الخطوبة نعرف بعض اكتر
-آنسه غاده انا مش مستعد اني أخطب دلوقت.. أنا جيت علشان اد*كِ فرصة تتكلمي ونعوض مقابلة المكتب مش اكتر.. عن اذنك بقى علشان مش فاضي
هم أن ينهض فنهضت هي ايضًا على الفور قائلة :
-ممكن توصلني
-أه طبعًا
أشار إلى النادل ليأتي ودفع ثمن المشروب من ثم غادر المكان برفقتها.. استقلا السيارة وحاولت إقناعه أن يفكر في فكرة الخطوبة حتى وعدها بأنه سيفكر في الأمر
***
" القصر.."
خرجت إلى الحديقة ووضعت فنجان القهوة أعلى المنضدة.. ثم جلست إلى جوار زوجها الذي يحمل طفله بين يديه ويحاول أن يجعله يبتسم.. تشبثت في ذراعه وقالت بعد أن قبلته على وجنته بنعومة :
-وحشتني يا آدم.. أنت م***ع تسافر تاني غير وأنا معاك
قبلها على جبينها بحنان ونظر إلى مقلتيها الخضراء الصافية الذي يرى نفسه داخلهما وقال بنبرة اشتياق :
-وحشتي قلبي وعيوني يا روحي.. مش هسافر أبدًا واسيبك
-بحبك
قطب جبينه مبتسمًا وهمس بنبرة عاشقة :
-بموت فيكِ وبعشق عيونك
أطبق شفتيه على أنفها برقه خ*فت روحها ثم نظر إليها ثانية يتأمل ملامح وجهها الهادئة بتمعن..
بعد دقائق من تبادل نظرات وكلمات العشق بينهما استمعا إلى صوت نداء حازم.. قامت بارتداء اسدال الصلاة الموضوع إلى جوارها دائمًا وبعد أن خبأت شعرها أسفل حجابه سمح " آدم" له بالخروج.. خرج وجلس على المقعد المجاور إلى الاريكة وهو يحمل " سليم.." قائلًا :
-روح عمو وحشتني
ثم قبله برفق على جبينه فيما تناول آدم رشفه من فنجان القهوة وقال بجدية :
-مش كنت اخدت اجازة يومين يا متر
رفع عيناه إليه وقال بنبرة تمني :
-ياريت يا آدم.. لكن القضايا مش هتستنى
-ربنا يعينك
تنحنح بخفه ناظرًا إلى حياة بغيظ قائلًا :
-صحبتك غادة حطتني قدام الأمر الواقع وطلبت مني اقابل والدها
حملقت به في دهشة قائلة :
-مش معقول.. هي اللي طلبت منك
-أه طبعًا.. بنت جريئة جدا وانا مابحبش البنات اللي من النوع ده
نظر آدم إليها وهو يقول :
-مش قولتلك حازم مش بتاع الكلام ده
-مش نفهم ايه اللي حصل.. قول يا حازم
وجهت آخر كلماتها إلى حازم ف*نهد بسأم وبدأ يقص عليها ما حدث وأنهى حديثه بحنق :
-مفيش حياء خالص.. ومش خجلانة وهي بتقولي معجبة بيك
قالت محاولة إقناعه :
-يا حازم الاعتراف بالأعجاب مافيهوش خجل.. وأنا شايفه ان البنت كويسه جدًا.. أدى لنفسك فرصه تعرفها اكتر
نظر إليها في حيره بينما وضع الأخير فنجان القهوة أعلى المنضدة وربت على ركبة ش*يقه قائلًا :
-رأي من رأي حياة يا حازم.. يا حبيبي أنت مش هتفضل طول عمرك من غير جواز.. ودي الطريقة الوحيدة اللي تتجوز بيها لأنك مش بتاع بنات بقى ومكالمات الأول وخروجات
انتقل بمقلتيه بينهم في حيرة ثم تحدث لإنهاء ذلك الحوار الممل :
-تمام سبوني يومين افكر
***
" مكتب المحاماة.."
دلفت إلى غرفة المكتب الخاصة بالفتيات وجلست على المقعد الخاص بها تنظر إلى " شهد.." بحزن واضح على حالتها التي يرثى لها.. عيناها انتفخت من كثرة البكاء كما أنها لم تعد تركز في اي شيء على الإطلاق..
صدح صوت الهاتف الخاص برهف فنظرت فاطمة إليها فيما أجابت هي على المكالمة :
-مُهاب زعلانه منك بقالك كام يوم مش بتكلمني
لوت فاطمة ثغرها تحرك رأسها في كلا الاتجاهين ثم نظرت إلى الأوراق التي أمامها.. بعد دقائق قليلة من مكالمة رهف وصل إليها اتصال من شخص آخر فأنهت المكالمة مع الأول بحجة العمل وأجابت على الثاني قائلة :
-زعلانه منك يا معتز فين الخروجه اللي وعدتني بيها
جحظت عيني فاطمة تطلع إليها في ذهول لم تصدق آذنيها مما تسمعه.. وبعد لحظات أنهت معه المكالمة ونظرت إلى مرآة صغيرة تضبط شعرها وتضع القليل من أحمر الشفاه حتى أتاها اتصال جديد.. أجابت بابتسامة واسعة :
-ميدو وحشتني جدًا بجد.. هشوفك امتى
حركت فاطمة رأسها في كلا الاتجاهين في دهشة هامسة :
-ربنا يهد*كِ
وقفت ميار عند عتبة الباب قائلة :
-توتا أستاذ حازم في انتظارك
أدارت راسها إليها بلهفة ونهضت عن المقعد تسأل بابتسامة واسعة :
-وصل؟.. أمتى؟!
تعجبت من ردة فعلها ومدى سعادتها بوجوده وتحدثت بهيام مصطنع :
-لسه من شوية
تن*دت بعمق وشعرت بالسعادة كما أن قلبها يدق برهبة الاشتياق.. اتجهت إلى الخارج بخطوات واسعة ووقفت أمام المكتب تفتح أول درج تناولت منه جميع ملفات القضايا التي تمت ومعهم ملف قضية جديدة..
وقفت أمام باب الغرفة تدق عليه وهي تستمع إلى صوت أنفاسها المضطربة والمشتاقة إليه.. استمعت إلى نبرة صوته المميزة بالنسبة إلى آذنيها تأذن بالدخول.. ابتلعت ل**بها بصوت مسموع وفتحت الباب بابتسامة واسعة من ثم دخلت مغلقة إياه خلفها وتقدمت نحو المكتب قائلة بنبرة مغلفة بالسعادة :
-حمد الله على سلامتك
-الله يسلمك.. جهزتي الملفات
وضعتهم أمامه بيدين يرتعشن من كثرة التوتر قائلة :
-اه طبعا اتفضل..
انتبه إلى يديها وتعجب من أمرها فيما تناولت هي ملف القضية وضعته جانبًا قائلة بنبرة توتر :
-ده ملف قضية يعني واحده صاحبة بنت عمي
رفع عيناه عن كفيها لينظر إلى بنيتها وقال بجدية :
-تمام اديها معاد على بكرا..
أومأت بالإيجاب عدة مرات.. قطب جبينه وتساءل متعجبًا :
-أيدك بترتعش ليه كده؟!
نظرت إلى كفيها في دهشة وحاولت أن تتمالك وتسيطر على خجلها قائلة :
-مش عارفه بصراحه
وجد نفسه يبتسم ليخ*ف روحها قبل انظارها وسمح لها بالمغادرة.. التفتت متجه إلى الباب وخرجت مغلقة إياه خلفها ثم جلست على المقعد الخاص بها تطلع إلى الفراغ بابتسامة عبثت بثغرها
***
" النادي.."
وقفت كارمن أمام الشباب وبدأت تعطي لهما درسًا عن كورة القدم وعن التدريبات الأساسية.. كانت تشرح بطريقة مبسطة جعلت من الجميع ينتبهون إليها بتمعن شديد.. حتى كابتن محمد شعر للحظة بأنه يستفيد منها أكثر..
عقب انتهائها استأذنت منهم واتجهت إلى حيث حقيبة الظهر خاصتها.. وقفت تفتح السحابة لتأخذ قارورة مياه تناولت القليل من ثم بدأت تجفف حبات العرق عن جبهتها بمنشفة التدريبات..
-برافو يا دكتور أنت ممتاز
تحسست اللحية على وجه السرعة والتفتت إليه قائلة :
-من بعض ما عندكم يا كابتن
ارتدت الحقيبة على كتفها واستأذنت لتغادر.. بدأت تزفر بقوه من كثرة ما تشعر به من حرارة الجو العالية.. عند وصولها وقفت أمام المرحاض الخاص بالشباب تتن*د بعمق.. ثم دلفت إلى الداخل تطلع حولها لترى منهم يبدل ثيابه والآخر عاري الصدر.. زمت شفتيها بخجل وانسحبت بهدوء ووقفت تفكر في شيء ما..
بحثت عن العم " صلاح.." حتى وجدته واخذته جانبا وهي تطلع حولها ثم همست بهدوء :
-عمو ممكن تشغل اللي واقف عند حمام البنات
-الموضوع ده خطر وممكن اي بنت تشوفك جوه
-ماتقلقش ماتقلقش أنا قبل ما ادخل هراقب المكان
فكر للحظات بعدها وافق مضطرًا واتجه إلى حيث توجد الغرفة الخاصة بالفتيات.. وقف ينادي الذي يقف أمام باب الدخول فتقدم نحوه متسائلًا :
-خير يا عم صلاح
أخرج محفظته وأعطى له بعض المال قائلًا :
-هاتلي علبة سجاير
-اسف مش..
قطع حبل كلماته قائلًا :
-انا واقف مكانك.. يلا ماتغبش
أومأ بالإيجاب وتحرك من مكانه.. انتظرت كارمن للحظات ثم ركضت إليه تشكره بامتنان بعدها وقفت أمام الباب وفتحت ببطء لتدخل رأسها فقط تراقب المكان لترى اثنان من الفتيات منشغلون بالحديث.. دخلت ببطء وأعطت وجهها إلى الباب وبسرعة فائقة سحبت ب**كة الشعر أولا بعدها اللحية والشنب.. وضعتهما داخل الحقيبة والتفتت بثقه وهي تفك شعرها تاركه إياه ينسدل على ظهرها.. ثم دلفت إلى مرحاض فارغ لتضع بدنها المرهق أسفل الماء البارد..
بعد دقائق ليست قليلة وقفت أمام المرآة تضبط حجابها الذي يليق بثيابها المكونة من تنورة سوداء وستره بيضاء ذات اكمام طويلة.. بعد ذلك أفرغت محتويات الحقيبة الشبابية ووضعتهما داخل حقيبة أخرى ورديه كما أطبقت الحقيبة الأخرى بشكل منظم ووضعتها داخلها.. ثم ارتدتها وخرجت مغلقة الباب خلفها..
تحركت في طريقها إلى باب الخروج ومن حين لآخر تتحس وجنتيها فتشعر بالخوف من أن تكون قد تركت اللحية آثر.. أسرعت في السير والتفت برأسها لتنظر خلفها ولم تنتبه من الذي يسير أمامها واصطدمت به.. فانسكب المشروب الساخن على يديه وص*ره.. نظرت إليه وهي تشهق بلهفة وحملقت به قائلة :
-كابتن محمد أنا أسفه
نظر إليها عاقدًا حاجبيه بألم بفضل الحرق الذي يشعر به متسائلًا :
-تعرفيني؟!
فاقت على نفسها وتوترت قائلة :
-لاء اه اقصد طبعًا عارفه حضرتك
رمقها بنظره حاده واضحة وتابع السير قائلًا :
-ابقي بصي قدامك
التفتت إليه على الفور وأوقفته بحديثها :
-حضرتك لازم تروح مستشفى ودكتور حروق يشوفك
-لاء مفيش داعي
تحدثت بإصرار :
-لاء لازم يا كابتن الحرق مش شيء هين.. وأنا بنفسي هاجي معاك
التفت ينظر إليها بوجه محتقن فقالت بحزن :
-أسفه ماشوفتش حضرتك.. اتفضل معايا
سار معها مضطرًا كي يطمئن على درجة الحرق وأعطى الكوب إلى أحد العاملين بالنادي.. أوقفت سيارة أجرة وفتحت له الباب الخلفي لكنه أصر أن تجلس هي بالمقعد الخلفي وجلس على المقعد الأمامي.. نفذت رغبته وطلبت من السائق أن يذهب إلى أقرب مستشفى وبالفعل تحرك إلى وجهته
***
" مكتب المحاماة.."
ناقش معهم الكثير من الأمور المهمة في اجتماع اليوم وناقش معهما أبحاثهم.. بعد نصف ساعة من انتهاء الاجتماع سمح لهما بالمغادرة عدا " فاطمة.." نظرت إليه بلهفة كما أنها شعرت بالتوتر ودقات قلبها تدق في رهبة.. غادر الجميع بالفعل وظلت هي متشبثة بالمقعد.. حمل ورقة من ملف البحث الخاص بها ومد يده بها متسائلًا :
-انتِ اللي كاتبه الكلام ده؟!
أخدت الورقة وفحصت كلماتها ببنيتها :
-بكيت اليوم بفضل حديثك الحاد معي وهذا يعني أنك.. تهمني كثيرًا.. و يا له من شجار رائع جعلك تُصالحني بلطف
وضعت الورقة على وجهها ونظرت إليه في توتر تومئ بالإيجاب.. فابتسم ابتسامة جذابة قائلًا :
-بتكتبي شعر
-ابدًا دي مجرد جمل بسيطة
مسحت على وجهها فقد شعرت بحبات عرق التوتر انتشرت على جبهتها.. ثم بدأت تفرك في أصابع يديها حتى ابيضت أناملها.. تساءل باهتمام :
-انتِ مخطوبة؟
-لاء ولا حتى مرتبطة
أومأ بتفهم وقطب جبينه وهو يقول بتأكيد :
-يبقى بتحبي
اطرقت عينيها في خجل واضح وشعرت بتوهج وجنتيها.. طال ال**ت بينهم فاستند بظهره إلى المقعد قائلًا :
-خدي الورقة وروحي شوفي شغلك.. وبعد كده افصلي بين ورق الشغل والورق الخاص بيكِ
أومأت بالإيجاب وأخذت الورقة ونهضت مهرولة إلى الباب وخرجت مغلقة إياه خلفها.. مسح على لحيته وعيناه تطلع إلى المقعد التي كانت تحتله منذ لحظات وابتسم عندما تذكر كلماتها البسيطة..
أما هي فدلفت إلى المرحاض وضعت القليل من الماء البارد على وجهها.. ثم رفعت رأسها إلى المرآة تضبط حجابها بعد ذلك اغمضت عينيها وتذكرت كلماته بصوته المبحوح المميز " يبقى بتحبي.." لتجد نفسها تهمس :
-بحبك أنت
.... يتبع