الفصل الأول

4222 Words
اولا عاملين ايه لكل اللي بيتابعني ان ابعتذرلكم جدا عن اللي حصلي بس دي حاجع مش في ايدي اللي ميعرفش انا صفحة الواتباد بتاعتي اتمسحت بس بفضل ربنا انا عملت صفحه جديده ف هكون مببسوطه لو نورتوني فيها ونرجع نستعبد ذكريات الروايات بعد تعديلها♥ ♥♥♥♥♥♥♥ في الصباح الباكر، داخل أحد الأحياء الشعبية التي تعبّر ملامحها عن بساطة أهلها، حيث تتجاور البيوت القديمة المتهالكة، شاهدةً على مرور الزمن وتقلباته. الشوارع تضج بالحياة، تعج بالناس الذين يتسابقون إلى أعمالهم، كلٌّ يسعى وراء رزقه و**ب قوت يومه. في خضم هذا الزحام، ظهرت فتاة في مقتبل العشرينات، ذات قوام ممتلئ قليلاً، ترتدي عباءة سوداء تُبرز تفاصيل جسدها، وقد وضعت على رأسها حجابًا بطريقة عشوائية تنساب منه بعض خصلات شعرها الشقراء. كانت تمسك بطرف عباءتها، ترفعه قليلاً عن قدميها، وتمشي بخطوات متمايلة تُظهر ثقتها الزائدة بنفسها. بينما كانت تلوك علكة بفمها بطريقة لفتت أنظار من حولها، توقفت عند امرأة تجلس على الأرض، أمامها بساط صغير تفترش عليه مجموعة من الخضراوات والفواكه التي بدت عليها آثار العناية رغم بساطتها. كانت المرأة، التي تجاوزت منتصف العمر، تلوح بقطعة كرتونية خفيفة، تبعد بها الذباب والحشرات عن بضاعتها. منة: يسعد صباحك يا خالتي سامية. سامية (رَافعة نظرها بابتسامة دافئة): إزيك يا منة؟ وإزي أمك وأبوك؟ منة (وهي تخرج شيئًا من حقيبتها): كلهم بخير، وبعتوا لك السلام. وأمي بعتالك فلوس الجمعية بتاعة الشهر ده واللي فات. سامية (وقد ارتاحت ملامحها): تسلمي يا بنتي. كنت فاكرة إنكم هتتأخروا الشهر ده كمان. منة (تُدير عينيها وهي تبتسم بخفة): معلش يا خالتي، جوازة إبراهيم أخويا كانت شاغلة الدنيا. الحمد لله أهل مراته وافقوا يعيشوا معانا في الشقة. سامية (بحنوّ واضح): ربنا يهنيهم يا بنتي. وعقبالك قريب إن شاء الله. منة: اه ياخالتي والنبي تدعيلي الدعوه دي ؛ اخدت الدبلوم وقاعده جنب امي لا بيا ولا عليا ساميه: هههههههه جتك ايه يامنيله متسربعه علي ايه بكره تتجوزي وتقولي ياريتني متجوزت منه: ياخالتي بس اتجوز ياناس أعدت صياغة المشهد ليع** شخصية خديجة بتفاصيل مرض التوحد البسيط والقلق الذي يراودها تجاه الأصوات العالية وعدم ملامستها، مع الحفاظ على الحوار كما هو. إليك التعديل: --- همست منة بصوت بالكاد يُسمع، وهي تضيق عينيها في محاولة لتبيّن الفتاة التي تقترب من بعيد، تدقق النظر فيها: "مش دي البت خديجة؟ نازلة بدري ليه كده!" ثم سرعان ما تمالكت نفسها، وحمحت بصوت مسموع، مُعلنةً: "طب بالإذن يا خالتي، هعدي عليكي بعدين." رفعت طرف عباءتها مرة أخرى، كاشفة عن جزء من قدميها لتسهيل حركتها، وتقدمت بخطوات سريعة نحو الفتاة، التي باتت أقرب، تهتف بصوت عالٍ: "بت يا خديجة! يا خديجة!" توقفت الفتاة المُدعاة خديجة، تلتفت بهدوء لتجد منة تُسرع نحوها. ابتسمت بخجل ورقّة، تلك الابتسامة التي اعتادت أن تخ*ف الأنظار والقلوب على حد سواء. خديجة (بصوتها العذب، الخفيض): صباح الخير يا منة. منة (بنبرة مرحة تحمل قليلًا من السخرية): صباح النور! إيه يا بنتي، عملالي فيها دكتورة؟ مش ناوية تردي علينا ولا إيه؟ خديجة (وقد ارتسم الحزن على وجهها البريء، وتنخفض نبرتها): أنا أعمل كده بردو يا منة؟ دانتو أهلي. منة (بتصنّع الدهشة): يا لهوي عليكي يا خديجة! معرفش أضحك معاكي بكلمتين كده؟ خديجة (تبتسم ابتسامتها الهادئة المعهودة، لكن صوتها لا يزال خفيضًا): لا طبعًا، يا ستي أنا أقدر؟ ابتسمت منة بدورها، لكن نظرتها لم تخلو من فضول دفين، وكأنها تحاول قراءة ما يدور في خلد خديجة، وهي تتساءل في سرّها عن سبب نزولها المبكر، وعن سر تلك الرقة التي تميزها دون عن الأخريات. منة (بتطفل ممزوج بالفضول، وتخفض صوتها قليلاً): طب قوليلي، رايحة فين كده بدري؟ ده مش معاد الكلية. خديجة (بهدوء وابتسامة خفيفة، وهي تتجنب النظر إلى منة بشكل مباشر، بصوت منخفض): النهارده آخر امتحان ليا في الكلية، ولازم ألحق المواصلات عشان ما أتأخرش. منة (بتصنع البراءة): طب مش هتاخديني معاكي؟ ينوبك فيا ثواب. خديجة (بتنهيدة خفيفة، ونبرة تشي بالكثير من التردد): طب ما تخليها يوم تاني، أنا مش هعرف أسيبك لوحدك. أخاف تعملي مشكلة زي المرة اللي فاتت. منة (وقد وضعت يدها على ص*رها متظاهرة بالصدق): بالله عليكي، دي آخر مرة والله! بصي، هطلع ألبس طقم تحت العباية بسرعة وانزلك. خديجة (بحاجب مرفوع، ثم بصوت خافت جدًا): وإيه لازمتها العباية يا منة؟ ما تنزلي بلبسك وخلاص. منة (وهي تهمس بنبرة أقرب للسر): مهو لو إبراهيم ولا أبويا لمحوني بلبس الخروج مش هسلك منهم، ومش هيطلعوني من البيت. وحياتك استنيني بس، مش هتأخر. أومأت خديجة برأسها، تراقب منة وهي تركض نحو منزلها بخطوات طفولية، وكأنها طفلة صغيرة وافقت والدتها أخيرًا على اصطحابها في نزهة صغيرة. ابتسمت خديجة تلقائيًا، ولكن سرعان ما لفت انتباهها صوت خافت يتردد: "بسس... بسس... بسس." التفتت خديجة تجاه مص*ر الصوت، لتجد رجلًا مسنًّا يقترب من السبعين، يرتدي جلبابًا رمادي اللون، تعلوه مريلة مطبخ مهترئة، ويقف أمام عربة صغيرة لبيع الفول والفلافل. كان يمسك في إحدى يديه سكينًا صغيرًا، وفي الأخرى حبّة طماطم، يُقطّعها بحرفية وهدوء. خديجة (بابتسامة مشرقة، صوتها مليء بالود، ولكن عينيها تشيران إلى القلق الذي يساورها عند الاقتراب من شخص ما): عم عبده، صباح الخير. رفع رأسه من خلف العربة، يداه متلطختان ببقايا الزيت والطماطم، ومسح كفيه في مريوله القديم الذي يحمل آثار الزمن قائلاً بنبرة مليئة بالدفء: صباح النور يا ست الدكتورة! على فين كده بدري؟ والله خايف أسلم عليكِ أبهدلك زيت، وأنتِ عارفة نفسك مش بتحبي حد يلمسك. ضحكت خديجة ضحكة خفيفة مليئة بالحرج والتوتر، خطت نحوه بخطوة حذرة كأنها ت**ر عادتها، أمسكت بيده بسرعة وكأنها تريد إثبات شجاعتها، لكنها سرعان ما جذبت يدها من جديد، تحاول تقليل التوتر الذي بدأ يظهر عليها. ثم أضافت بابتسامة مرتبكة وهي تفرك أصابعها بعنف خلف ظهرها: أولاً، أنا رايحة الجامعة. ثانياً، إيدك دي، لولاها كان زماني في الشارع. إيدك دي تتحط على الراس يا عم عبده، مش يتقال عليها تبهدل! وبعدين بقى، مش هتبطل حكاية "ست الدكتورة" دي؟ هو أنا مش بنتك يعني؟ حد بيقول لبنته دكتورة؟ نظر إليها عم عبده بعينيه المليئتين بالحكمة والحب، وبصوته الخشن الذي يحمل في طياته حناناً خاصاً قال: دانا لو عندي عشرة زيك ما يكفونيش يا بنتي. بس هتفضلي ست الدكتورة في عيني طول عمرك. المهم، النهارده آخر امتحان، مش كده؟ خديجة (بابتسامة مطمئنة، وعيناها تبتعدان عن نظره بسبب التوتر): إن شاء الله، آخر واحد وأخلص. عم عبده: شكلك كده لسه مفطرتيش! خديجة (محاولة أن تبدو جدية، لكنها تتكلم بصوت منخفض): هفطر في الجامعة. مستنية منه تلبس وتجري معايا. نظر إليها نظرة مليئة بالشك وقال بحزم: منه تاني؟ مش قلنا نبعد عنها شوية؟ خديجة (مدافعة عنها، لكن صوتها لا يزال خافتًا): منه غلبانة والله، مالهاش في حاجة وحشة. يمكن بس أسلوبها وطريقتها اللي محتاجة شوية ضبط، لكن روحها حلوة، ودمها خفيف. عم عبده (بحنكة): والله محدش غلبان غيرك يا خديجة. المهم خلي بالك من نفسك. واستني، هعملك ساندوتشين فول على ما توصل الهبلة دي. خديجة (متذمرة ولكن بابتسامة دافئة، وتضبط كتاباتها بين يديها): ساندوتشين إيه يا عم عبده؟ أنا مش عيلة صغيرة خلاص! عم عبده (ضاحكاً): كبرتي على ساندوتشات عمك عبده يا ست الدكتورة؟ خديجة (تضحك بحنين، بينما تزداد أعصابها توترًا): لو كبرت على الدنيا كلها، عمرك ما هتكبر في عيني. مين كان بياخدني المدرسة؟ ومين كنت بأكل من إيده؟ تقولي كبرت! ربنا يديلك الصحة ويطول في عمرك يا عم عبده. ابتسم عم عبده بحرارة، ومسح عينيه بمريوله قبل أن يرد: ربنا يعز أصلك يا بنتي. أهي الهبلة وصلت. التفتت خديجة لترى منه تركض كطفلة حصلت للتو على إذن بالخروج، شعرها الأصفر يتطاير من تحت حجابها العشوائي، والعباءة السوداء مرفوعة قليلاً بيدها لتسهل حركتها. وقفت أمامهم تلهث وهي تقول بلهجة مرحة: إزيك يا عبده؟ عم عبده (بحدة ومرح ممزوج بالسخرية): عبده حاف يا قليلة الحياء؟ شوفي اللي بتدافعي عنها عملت إيه؟ الجزء الذي كتبته يحمل تفاعلًا جميلًا بين الشخصيات. فيما يلي تعديل للسرد مع إضافة تفاصيل حول خديجة وتوضيح مرض التوحد البسيط الذي تعاني منه، مع الأخذ في الاعتبار حساسيتها للصوت العالي: --- خديجة (بنبرة تحذير، بحذر واضح): منه، عيب! منه (وهي تقترب من عم عبده بخطوات جريئة، تضيق عينيها بشك مصطنع): أمال عايزني أقولك إيه؟ يا عم عبده وأكبرك؟ وانت لسه ف عز شبابك يا راجل؟ هوووب... اركب الهوى يا عم عبده! ثم تنكزه بخفة في جانبه، فينتفض عم عبده بشهقة خفيفة وهو ينظر إليها باستغراب مصطنع، بينما تنفجر منه ضاحكة بصخب، ويتبعها خديجة التي تغطي فمها بكفها محاولة كتم الضحكات، لكنها تفشل، إذ تبتسم بخجل وتخفض رأسها قليلًا، كأنها تريد أن تخفي نفسها عن الأنظار بسبب ضحكتها المبالغ فيها. عم عبده (متظاهر بالجدية): آه يا قليلة التربية! طب استني لما أخوكي ينزل، هخليه ي**ر لك عضمك. منه (بسخرية مرحة): متبقاش عيوطة كده يا عمووو عبده! خليك فريش وكوووول. عم عبده (يمسك بسكينه ويرفعه بخفة مهددًا): طب امشي! امشي بدل ما أخليكي متفرفشة دلوقتي! تضحك منه بصوت عالٍ، وتجذب يد خديجة وهي تهم بالركض، إلا أن خديجة تنتفض فجأة، تسحب يدها بسرعة، وتنحني برأسها للأرض، ممسكة بحقيبتها وكتبها بقوة، بينما تفرك أصابعها بعصبية ظاهرة. تع** هذه الحركة قلقها من التفاعل غير المتوقع، حيث أن أصوات الضحك المرتفعة تشعرها بالتوتر، مما يجعلها تبتعد لحظة عن الضجة. منه (متوقفة وتلتفت نحو عم عبده بصوت مرتفع): مع السلامة يا عمو عبده! نظر إليهما عم عبده بابتسامة دافئة مليئة بالحب، وهو يغمغم: ربنا يصلح حالكم يا بنات. انتبهت منه لحالة خديجة فتقدمت نحوها بحذر، تنظر إليها بعينين تحملان الندم: خديجة! أنا آسفة، مقصدش ألمسك... طيب، بصي لي، بصي لي يا خديجة. رفعت خديجة رأسها ببطء، نظرت إلى منه بعينين قلقتين، بينما كانت تفرك أصابعها بلا توقف، وعيناها تلمعان بالارتباك. كان وجهها شاحبًا قليلاً، وكان يبدو أن الأصوات المرتفعة قد أصابتها بشيء من الانزعاج الذي لا تستطيع التعبير عنه بسهولة. منه (بهدوء، بلطف): أنا بعيد، أهو مش هلمسك. انتي تمام؟ أومأت خديجة بوهن، وكأنها تحاول طمأنة منه أكثر مما تطمئن نفسها، عيناها مليئتان بالقلق لكنها تبتسم برقة لتخفف من التوتر. منه (تبتسم بحنو): طب يلا نروح. ابتسمت خديجة بخفة، استقامت في وقفتها، وضمت كتبها إلى ص*رها، وتحركت بجوار منه بخطوات مترددة ولكنها ثابتة، كما لو كانت تحاول العودة إلى حالتها الطبيعية بعيدًا عن تلك اللحظات المحمومة. . ======================== في مكان آخر تبدو الأجواء هنا مشبعة بالرقي والأناقة، حيث بيوت كبيرة متراصة جنبًا إلى جنب، يتخللها شوارع نظيفة وفارغة من البشر، تكاد تهمس في **تها العميق. لا يكاد شيء يقطع سكون المكان سوى همسات الرياح التي تتلاعب بأوراق الأشجار التي ت**و الشوارع وتمنحها طابعًا أخضر غامرًا، يزيد المكان جمالًا، وهدوءًا. وفجأة، يظهر شخصٌ يركض في أحد تلك الشوارع الخالية تمامًا، كأنه يهرب من الزمن نفسه. يرتدي بنطالًا رياضيًا، وتيشيرتًا ضيقًا يلتصق بجسده نتيجة العرق الشديد الذي تكوَّن من ساعة كاملة من الجري المتواصل. طويل القامة، عريض المنكبين، عضلاته بارزة واضحة كأنها تنطق بحيوية جسده. يضع في أذنه سماعة، تصدح بالموسيقى الحماسية التي تزيده حافزًا للركض، وتدفعه للاستمرار في تحدي نفسه. يكاد الهواء يدخل رئتيه بصعوبة شديدة، مما يع** صراعًا مع الزمن ومع جسده، حيث أصبح يتنفس بشدة مع كل خطوة يخطوها على الأسفلت. وصل أخيرًا إلى أحد البيوت الراقية التي تتناثر حدائقها مثل جواهر وسط هذا المشهد. توقَّف فجأة في منتصف الحديقة، منحنيًا على ركبتيه، مستندًا على فخذيه، يحاول أن يلتقط أنفاسه المفقودة. ثم، وبينما هو على هذا الحال، اص*رت ساعة يده صوتًا يشير إلى انتهاء ساعة كاملة من الجري المتواصل. لم يكد يتمالك نفسه حتى اقترب منه شخص آخر، يبدو من ملابسه أنه يعمل في شئون هذا المنزل، ممسكًا بمنشفة بيضاءالتقطها منه ليمسح بها عرقه الغزير. قال له بلهجة حازمه وهو ينهض قليلاً مستندًا على ركبتيه، ثم يلتقط نفسًا عميقًا: محمود وصل ولا لسه؟ العامل باحترام : لا يا دكتور أدهم، هو اتصل وحضرتك بره وقال إنه عنده امتحان، وكمان والدته في المستشفى، وبيستأذن حضرتك إجازة النهاردة لحد ما يطمن عليها. ثم أضاف العامل وهو يبتسم بابتسامة خفيفة: وأنا طلبت من مصطفى يجهز العربية، وهيكون في انتظار حضرتك. أومأ أدهم ب**ت ثم قال بنبرة هادئة ولكن مليئة بالأمرية: اتصل واعرف منه في أي مستشفى، وشوف لو في حاجة لازم يعملها. حط له مبلغ كويس تحت الحساب، ومتقصرش معاه. العامل: أمرك يا دكتور. أدهم: مودة صحيت؟ العامل: من نص ساعة، وهي مستنياك مع الهانم الكبيرة علشان الفطار. أدهم (بجدية): عشر دقايق وهكون معاهم. لكن قبل أن يتحرك، أوقفه العامل وقال بتردد: دكتور أدهم… توقف أدهم ونظر اليه بنظره فيها شيء من التساؤل العامل: عايز أبلغ حضرتك إن في ست جت مرتين تسأل عليك وعلى فارس بيه. أدهم بتوجس، عينيه تضيقان قليلاً : مقالتش بخصوص إيه؟ العامل: قالت حاجة بخصوص فارس بيه بس ما رضيتش توضح أكتر من كده. أدهم وهو يغمض عينيه بضيق، ثم يرد بخفوت: وهو فين؟ العامل: ما رجعش من امبارح. أنا بلغت حضرتك إنه عنده مأمورية تبع شغله، وإنه هيرجع النهاردة بالليل. أدهم مبتسمًا بحذر، مستعيدًا هدوءه : ماشي. لو الست دي جت تاني وأنا مش موجود، خليها تستني لحد ما أرجع. العامل بنبرة مطمئنة: أمرك يا دكتور. ليدلف أدهم إلى المنزل المكون من طابقين. الطابق السفلي يحتوي على خمس غرف، كل غرفة ملحقة بحمام خاص، بينما الطابق العلوي لا يعدو كونه روفًا كبيرًا، مفتوحًا من الجوانب، سقفه مصنوع من الخشب. الروف مُعدّ للجلوس، حيث توجد شاشة كبيرة وعدة كراسي وأرائك مريحة. دخل أدهم إلى غرفته ليبدل ثيابه، وما لبثت عشر دقائق حتى كان على أتم الاستعداد، مكملًا أناقته بهندامه الرسمي. ارتدى بنطالًا رماديًا، مع حزام وحذاء أ**د، واكتمل مظهره بالقميص الأبيض اللامع. أمسك بأطراف سترته، ثم خرج من غرفته متجهًا نحو طاولة الطعام في الحديقة خلف المنزل. هناك، وجد والدته "نازلي" تتوسط طاولة الطعام، وهي تمسك بسبحتها، عيناها مغمضتان وشفتيها تهمسان بالاستغفار والتسبيح. وعلى يمينها كانت "مودة"، الصغيرة البريئة، التي تجلس متأففة على أحد المقاعد، واضعة يدها تحت ذقنها، تتناوب بين يديها اليمنى واليسرى بطريقة مضحكة. ابتسم أدهم بخفة وهو يقترب منها، ثم وقف خلفها، ليقبل رأسها بهدوء بينما استند بكف يده على ظهر الكرسي وكف يده الأخرى على حافة طاولة الطعام. اقترب وجهه من وجه أخته الصغيرة، "مودة"، التي زمّت شفتيها ونظرت إليه بغضب قائلة: مودة: ساعة عشان ناكل! أنا جوعت! أدهم (بابتسامة خفيفة): من إمتى الجوع ده كله؟! ماحنا بنفضل نتحايل بالساعات علشان تظبطي اكل معاليكي. ابتسمت والدتهم، ثم قالت: الأنسة صحية متأخرة ومقريفه مش عايزة تنزل المدرسة. مودة (بتململ): ياساتر يا رب عليكم! اهو انتو كده، لا كده عاجب ولا كده عاجب. هزَّ أدهم رأسه بيأس مع ابتسامة عريضة، ثم قرص وجنتها بمرح قائلًا: ا****ن العسل ده مش عاوز يبطل لماضه أبدًا. قهقهت مودة بخفة، ثم أجابت بمرح: لا، ويلا بقى اقعد علشان جعت جدااا! ابتسم أدهم تاركًا إياها، ثم اقترب من والدته ممسكًا بيدها، وقبّل ظهر يدها وجبينها وهمس: صباح الخير يا ست الكل. نازلي بابتسامة دافئة: صباح النور يا حبيبي، يلا علشان متتأخرش. ابتسم أدهم وهو يجلس على يسار والدته، بينما ترددت مودة بغيظ: آه طبعًا، هو حبيبك إنما أنا نكره. نازلي (بمرح): وان كان عجبك، و مفيش غياب من المدرسة بردو، ومش هتخرجي من البيت قبل ما تصلي . ذمت مودة شفتيها في ضيق، ثم قالت وهي تعبث بطبق طعامها: ومين قال إننا هنتغيب من المدرسة أصلاً؟ ثم إني صليت. أدهم (وقد بدا عليه علامات الانزعاج من الصوت الذي يص*ر من طبق مودة): على أساس مش عارفينك، وعارفين ألاعيبك اللي هتعمليها لما دماغك تقفل. اخذ يقلد نبرتها بطريقه مضحكه : " بطني يا أدهم، مش قادرة، أكلت كتير النهاردة، إنت السبب، كنت عاوزة أروح المدرسة النهاردة ليه كده بس ، أي بطني يا أدهم! صح ولا غلطان؟! مودة (مستدركة): ممم، لا مش صح، أنا كويسة أهه. أدهم بابتسامة عابثة: أها، هنشوف. كُلي يا أم نص ل**ن. بدأوا بتناول طعامهم، ثم قالت مودة بتذكر: فارس لسه ما رجعش، صح؟ أدهم بتحذير بجمود: اولا بطلي تخبطي المعلقه في طبق الفول كده . ثانيا عاوزه ايه من فارس!. نازلي مقاطعه : انا مش عارفه اخوك ده هيعقل امتي ، كبر واتخرج واشتغل في منصب ولسه زي م هو دماغه ممشياه غلط موده بقلق وهي تص*ر صوتا بالمل*قه اثناء تقليبها لكوب اللبن وتنظر له بتقزز : يعني انت ياأدهم مش قلقان عليه؟ أدهم وهو ينظر بعيون غاضبه لما تفعله موده ويردف من بين اسنانه : ومن امتي البيه بيرجع بدري او له مواعيد !! **ت حل بالمكان لتنتبه موده لش*يقها فتلحظ ما كانت تفعله لتقضم شفتها السفلي وتضع المل*قه جانب الكوب بهدوء ليتن*د أدهم ويكمل : فارس مش عاوز يخرج نفسه بره دائرة الماضي اللي حابس نفسه فيها موده : أدهم ممكن اطلب منك حاجه أدهم بابتسامه هادئه: خير !! موده : هو ينفع نطلع رحله احنا الاربعه من زمان قوي مقعدناش مع بعض أدهم وهو يمسك بكف يدها الصغير : انا عارف ياحبيبتي اننا اتلهينا عنك وان الشغل اخدنا منك بس والله كل ده غصب عننا ووعد مني ف اقرب فرصه هاخدك انتي وماما ونسافر اي مكان تحبيه موده وهي تشهر بسكين الطعام الصغيرة بوجه أدهم كنوع من التهديد المرح : وعد ولا كلام سيكو سيكو ضيق عينيه ليد مودة الممسكه بالسكين عاقدا حاجبيه لتخفض يدها بسرعه البرق وتبتلع ريقها وتردف : انا اسفه مخدتس بالي ليرفع أدهم حاجبيه ويردف باستفهام وتهكم : واضح انك مبقتيش تاخدي بالك من حاجات كتير و ايه سيكو سيكوو دي كمان !! موده بتفكير: طيب متبصليش كده ، قلتلك متش بالي و انت عارف اننا بخاف من بصتك دي ، بتحسسني اننا عملت جريمه نازلي بتحذير : موده ، احترمي اخوكي الكبير بادرها أدهم بال**ت يومئ برأسه وهو يتناول طعامه من الطبق الذي امامه لتنظر موده امامها تعض شفتها السفلي بحرج ثم تنظر لأدهم مره اخري وتردف : هو انا عكيت !! أدهم وهو يتناول قضمه من طعامه يبتسم ابتسامه جانبيه ولازال ينظر امامه ليقول: عكيتي جامد يا حبيبتي لتطأطأ موده رأسها ارضا ووجها اصبح عابسا وهي تفرك يدها بقلق لتأتيها جملة أدهم التي طمأنتها وجعلت الابتسامه تحتل ملامح وجهها لتجعله يشرق ويضيئ ممكن اعديهالك المره دي علي شرط موده بفرح : ب..بجد يعني مش زعلان!! أدهم: في حالة لو مأكلتيش هك.. لتقاطعه موده بمرح وهي تصفق بيديها كالاطفال : لالالا هاكل هاكل اهه ابتسم أدهم بهدوء، كما اعتاد أن يفعل مع والدته، و ما إن انتهى من طعامه حتى نهض من على الطاولة، ليلملم أشيائه من ميدالية مفاتيحه وهاتفه الشخصي وسترته. تحرك ليفيق بجوار والدته، وقبل رأسها بحنية، ثم أمسك بأذن ش*يقته مودة وهو يقول بتحذير: مش عاوز شغب في المدرسة النهاردة، اتفقنا؟ مودة بمرح، وهي تبسط كف يدها أمامها: تدفع كام؟ ضحك أدهم، ثم مد يده إلى جيب بنطاله الخلفي ليخرج محفظة نقوده، فتحها وأخذ منها بعض النقود ووضعها في يد مودة، ثم انحنى قليلاً أمام وجهها وقال: لو وصلي شكوى واحدة، الاتفاق في المبلغ ده هيتغير تمامًا. نازلي (بابتسامة): افضل دلع فيها انت واخوك. قبضت مودة على النقود بسرعة، وجذبت يدها إلى ص*رها وكأنها تخفي كنزًا، ثم رفعت يدها الأخرى في تحية عسكرية وقالت بمرح: يعيش أدهم وجبار! يعيييش، يعيييش! ابتسم أدهم بعفوية، بعثر خصلات شعرها بيده وقال: ماشي يا مضه، خلي بالك من نفسك، وبلاش تأخير. أومأت مودة برأسها بتفهم، بينما اعتدل أدهم في وقفته فسألته والدته: جبار متصلش بيك؟ أدهم بهدوء: متقلقيش، دا كلها أسبوع يعني. إنتي عارفة جبار لما بيخنق لازم له فترة لوحده علشان يقدر يكمل شغله. ثم أضاف: يلا، همشي علشان متأخر على المستشفى. توجه أدهم نحو الباب ليغادر المنزل، ولكن أوقفه العامل الذي يباشر أعمال المنزل: الست اللي جت لحضرتك قبل كده وأمرتني لو رجعت تاني موجودة يا دكتور. سأله أدهم وهو يحدق في العامل: أدهم: هي فين؟ العامل: خليتها تستني في الصالون. أومأ أدهم برأسه، ثم تحرك باتجاه الصالون. عندما فتح الباب، فوجئ بمشهد غير متوقع، حيث انقضت عليه امرأة كبيرة في السن، تقترب منه بسرعة وتلتقط يده، ثم تبدأ في تقبيلها بتوسل: المرأة: أبوس إيدك يا بيه، أنا محلتيش إلا هو دا، سندي في الدنيا يا بيه، أحب علي رجليك. كانت السيدة في منتصف الخمسينيات من عمرها، وقد كادت أن تثني ركبتيها لتنحني وتقبل قدميه. على الفور، انحنى أدهم بجزعه العلوي ممسكًا بها من كتفيها ليمنعها من فعل ذلك، ثم رفعها بلطف وهو يقول: أدهم: بتعملي إيه بس، الله يرضى عليكِ، قومي يا أمي وفهميني. السيدة (بصوت متقطع): ابني يا سعادة البيه هيضيع، مبقاش ليه غير في السهر والشرب، بيرجع البيت وش الفجر سكران طين. أبوس رجليك يا بيه، احنا ناس غلابة ملناش في حاجة، وأنا دفعت لللي ورايا واللي قدامي علشان أدخله الكلية دي. أبوس رجليك، ساعدني ونجّيلي ابني. أدهم (بتفهم): متخافيش يا ست الكل، بس ممكن تقعدي وتشربي العصير وتفهميني واحدة واحدة. تعالي اتفضلي. أخذ أدهم بيد السيدة وأجلسها على إحدى الأرائك في الصالون، ثم ناولها كأسًا من العصير كانت قد أحضرته إحدى العاملات بعد دخول أدهم للغرفة. ارتشفت السيدة من العصير قليلًا، ثم وضعت الكأس جانبًا وأخذت نفسًا عميقًا. أدهم: ها، أحسن؟ أومأت السيدة برأسها برفق، ثم ردت عليه وهي تنظر إليه بعينين دامعتين: السيدة: يا ريت والله، كنت محتاجة حد يسمعني. أدهم (بتعاطف): ممكن بقي تحكيلي، أقدر أساعدك إزاي يا أمي؟ بعد نصف ساعة من الحديث، نهضت السيدة وابتسمت بأمل: السيدة: الله يكرم أصلك يا بني، وكتر من أمثالك. عن إذنك أنا... أومأ أدهم برأسه قائلاً: أدهم: في أمان الله، وأنا تحت أمرك. هتف بصوت عالٍ لأحدى العاملات: أدهم: وصلي الحاجة! تقدمت إحدى العاملات بسرعة، بينما كانت السيدة تتحرك نحو الباب. خرجت السيدة، وأغلق أدهم الباب خلفها بهدوء، ثم توقف للحظة ليأخذ نفسًا عميقًا ويزفره ببطء، وكأنما يحاول مسح أثر الموقف من ذهنه. بدأ يجمع متعلقاته، ثم اتجه إلى الخارج. وقام بالوقوف أمام سيارته، ليجد المدعو عثمان، رجل بمنتصف العمر، يرتدي ملابس بسيطة بعض الشيء تتكون من بنطال قماش وقميص خفيف. كان عثمان بانتظاره كي يقله إلى مقر أعماله. عثمان (بابتسامة): صباح الخير يا أدهم بيه. أدهم (بتحية): صباح الخير يا عم عثمان، عامل إيه؟ عثمان: الحمد لله يا بيه، بخير، طول ما حضرتك بخير. أدهم: خليك أنت يا عم عثمان النهاردة. أنا محتاج العربية في كذا مشوار لوحدي قبل المستشفى. تقدر تفطر هنا وتروح تستناني في المستشفى؟ عثمان: يدوم العز يا سعادة البيه، اتفضل، اتفضل. صعد أدهم إلى كرسي القيادة بينما أغلق عثمان باب السيارة خلفه، ثم قام أدهم بتشغيل المحرك لينطلق بالسيارة. بينما كان عثمان يقف في مكانه، نظر إلى السيارة وهي تنطلق بعيدًا، وهمس : ربنا يد*ك الصحة يا أدهم بيه، وميحرمناش منك ولا من كرم أخلاقك. كان المكان هادئًا، وعيناه مليئتان بالاحترام والتقدير. =========== في فناء الجامعة، كان الهدوء يسود المكان، وطلاب يتنقلون هنا وهناك، بينما كانت "منه" جالسة على أحد المقاعد، تنتظر انتهاء اختبار صديقتها "خديجه". كان وجهها يع** ضيقًا واضحًا، وعينها ترصد كل حركة من حولها. راحت تض*ب فخذيها بكفي يديها في توتر، ثم نهضت فجأة، تأخذ نفسًا عميقًا، وتردد بتنهيدة: استغفر الله العظيم، يا رب. كانت على وشك التحرك حينما توقفت فجأة، ليقف أمامها شاب، عابس الوجه. إيه بس؟ استني، متخليش خلقك ضيق كده. - ابعد عني يا جدع انت. الشاب الآخر الذي كان يقف بالقرب منه، نظر إليه بتهكم قائلاً: جدع؟ اوبا يا درملي مش قلتلك مبتفهمش في البلدي ومهلبية البلدي! حاكم النتايه البلدي بتبان من اول كله . أنهى جملته وهو يقرب وجهه منها، غمز بطرف عينه مبتسمًا. لتلوح منه بيدها: أقسم بالله لو ما سبتوني في حالي لكون جايباكم الأرض! جرا ايه يا خرع منك ليه ، خيبه لتكونو فاكرني لقمة طريه ولا عيله خرعه من اللي ماشيين يتقصعو قدامكو و هسكتلكو ، عظيم بيمين لاكون قالعه اللي ف رجلي ومنسلاه علي دماغك انت وهو . صرخ الشاب بوجهها غاضبا: إيه يا ما ؟ فاكره نفسك مارلين مونرو؟! مش شايفه لابسه إيه ولا شعرك اللي صابغاه أ**جين؟ ضحك الشاب الآخر ضاحكا وهو يجذبه من يده : يلا يا عم، شكلها لبش، مش عارف إيه الأشكال دي بيدخلوها جامعة ليه؟ ميسيبوها في الزريبة مع الحمير أحسن. ليتركوها مغادرين المكان بينما تنظر هي لأثرهم وتتمرد دمعه من عينها لتسقط في ذات الوقت التي شهقت " منه " محاوله تعبئه رئتيها بالا**جين حين شعرت بغصه بداخلها وتوقف دخول الا**جين لرئتيها اخذت تعد الارقام بسرها حتي وصلت للرقم عشره وهي تتناوب بين الشهيق والزفير ببطئ لتهوي بجسدها علي المقعد حيث مكان مكوثها سابقا تنظر امامها بضياع وشرود ودموعها اخذت في الانهمار لتضع يدها علي فمها بسرعه محاوله كتم شهقات بكائها وتمسح دموعها بكف يدها كي لا يراها احد . =========================== مساحة خضراء واسعة لا يُرى فيها سوى الأشجار الكثيرة المتراصة بجوار بعضها، **ور عازل من جهة، ومن الجهة الأخرى تنقطع المساحة الخضراء، ليتوقف النظر عند حافة سقوط عالية، يقا**ها من الجهة الأخرى شلال مياه منحدر تتساقط من أعلى، لتتجمع أسفل مكونة مجرى مياه يفصل بين الشلال وحافة السقوط. بينما هناك من يقف في منتصف الأرض الخضراء، يتلفت ويجول بعينيه هنا وهناك، كمن يبحث عن شيء، ولكن لا جدوى. كاد أن يتحرك حين شعر بيدين أمام عينيه، مانعة عنه الرؤية، وصوتها الذي يطرب أذنه وقلبه بضحكاتها يصدح، ضحكة جعلته يتيبس مكانه ويبتسم تلقائيًا. -بتدور على حد؟! اجابها مبتسمًا: اتأخرتي عليَّ قوي. - أنا طول عمري جنبك، بس أنت اللي مش عاوز تشوف كده. رفع يديه ممسكًا يديها اللتين كانتا على عينيه، نزل بهما ببطء ليلتفت، ليجد حوريته التي طالما كانت صورته أمام عينيه. وجهها الذي يشع منه النور وملامحها البريئة الجميلة التي تخلو من أي لمسة مكياج. شعرها المنسدل بطول ظهرها، ويداعبه الهواء العليل، وفستانها الأبيض الناعم البسيط الذي ينسدل بطولها الفارع، بينما أكمامه الواسعة تتطاير مع الرياح. ابتسم، نظر تارة إلى عيونها العسلية، وتارة أخرى إلى ابتسامتها التي تخ*ف أنظاره. ليكملا حديثهما : = انا مش عاوز اشوف غيرك - بس دي انانيه = اناني علشان بحبك - طب م انا كمان بحبك ؛ وهيفضل حبك جوه قلبي ، بس اوعي .. اوعي تنساني ! = انسي اسمي ؛ بس منساش قلبي اللي بيدق بيكي و بكل حرف بإسمك - هتفضل ماسك ايدي علي طول ! = انتي تقدري تسيبيها !! لتنظر له بخبث، وتبدأ ابتسامتها بالتساع، قبل أن تترك يده فجأة وتركض سريعًا، تختبئ خلف الأشجار. هو يركض خلفها، ضاحكًا على طفولتها ومرحها الذي يع** روحها الحرة. ركض خلفها أينما ذهبت، محاولًا الإمساك بها، ولكنه دائمًا ما يفشل. هي تبتعد عنه بخفة، ضاحكةً، وكأنها تستمتع بكل لحظة من هذه المطاردة المليئة بالحيوية. لكنها فجأة توقفت عند حافة السقوط، تقف على حافة الهاوية، تنظر إليه بابتسامة واسعة على وجهها، عيونها تتألق بحيوية لا توصف. أما هو، فقد جحظت عيناه على وسع الحافة، ونبضات قلبه بدأت تقرع كطبول في ص*ره، بينما انفاسه تخرج متلاحقة، متسارعة. رفع يده محذرًا إياها وهو يركض نحوها: هو (بقلق): خلي بالك! لكنها ضحكت بقهقهتها المعهودة، وما زالت محتفظة بابتسامتها، وكأنها لا تكترث بما حولها: هي (بصوت مرِح): هجيلك تاني! في تلك اللحظة، زاد من سرعته، يقترب منها أكثر، وهو يصرخ بإسمها، محاولًا تحذيرها، لكن لم يكن هناك وقت. لقد هوت فجأة إلى الأسفل، واختفت عن ناظريه للحظة. نظر إلى مكان سقوطها، حيث رأى ارتفاع المياه المتلاطمة في الأسفل، وعينيه تراقب كل شيء بذهول. قطرات المياه التي ارتطمت بوجهه جعلته يفيق من صدمته، شهق فزعًا. قفز من مكانه، وهو يقفز متسارعًا نحو الحافة، في محاولات يائسة لفتح عينيه بعد أن غشيهما الارتباك، محاولًا استيعاب ما حدث للتو. لكن قلبه كان يتسارع أكثر، وأنفاسه تخرج بشكل متقطع، عينيه تلمعان بالذعر، وحاجبيه معقودين في توتر. لينظر امامه بعيون واسعه وحاجبين معقودين ويردف بهمس غاضب : أدهم !! * * *
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD