الفصل الأول - البداية

1371 Words
" حسنا ايها الصغير سيكون هذا بيتك الجديد منذ الان فصاعدا لذا فلتتوقف عن البكاء والمقاومة ولتحاول عوضا عن ذلك التأقلم وال**ود وتذكر من يصل أولا يحصل على الغنائم أولا والان الى اللقاء. " كانت تلك الكلمات الاخيرة التي سمعها الطفل قبل أن تلقي به المرأة ذات الشعر الاسود القصير أرضا متجاهلة بكاءه وارتجافه في غرفة مليئة بأطفال لا يعلمون سبب تواجدهم أيضا إلا انه كان واضحا للغاية انهم جميعا قد اشتركوا بكونهم يشعرون بالخوف والضياع.. . . بعد عشر سنوات منذ تلك الليلة... " أين أنا ؟ ما هذا المكان الغريب؟ يجدر بي النهوض لأجد المخرج، لكن مهلا لحظة هناك شخص ما! ويبدو أنه يقترب نحوي شيئا فشيئا.. من تلك السيدة الجميلة التي تتقدم نحوي؟ ل..ليو.. انها تقول ليو!!! لكن كيف.. كيف لها ان تعرف اسمي؟ " - ليو ليو فلتستيقظ هيا الان!! - ماذا؟ من هناك؟ ما.. ماريا؟ - هيا استيقظ أرجوك - ماريا!! ماذا هناك؟ لما تبكين؟؟ ينهض الشاب ذو الوجه الجميل ويعدل جلسته وينظر مليا نحو الطفلة المقابلة له ويحاول جاهدا معرفة سبب بكائها الشديد في هذا الصباح الباكر. ماريا: لقد استولوا على مقعدي للفطور.. كانت الدموع تنهمر من عينا ماريا بغزارة مما جعل عيناها الخضراوين تبهتان قليلا. يأخذ ليو نفسا طويلا ثم يخرجه بهدوء ويقوم بإزاحة بعض خصل الشعر البنية التي استقرت على جزء من عينيه الى الخلف لتظهر تلك العينان الجميلتان واللتان امتازتا بلونهما الذهبي تضامنا مع بشرته البنية ومن ثم يقترب نحو ماريا ويبعد شعرها البني القصير من على وجهها بيده اليسرى بينما يمناه تمسح عبراتها وهو يقول بابتسامة نضرة: ماريا، كم مرة يجب ان اخبرك في هذا المكان لا يوجد مكان لك من يأتي اولا يجلس اولا... ماريا: لكنني حقا أردت الجلوس هناك سويا برفقتك أنت... ليو: هيا لا تحزني سأجد مكانا واجلسك بحضني هل انت موافقة؟ تبتسم ماريا ابتسامتها المبتهجة والتي اعتاد ليو ان يراها في كل صباح منذ ان وصلت لهذا المكان وقالت بكل حماس: أجل!! نهض ليو من فراشه وذهب لدورة المياه بينما بقيت ماريا ذو السبعة أعوام تنتظره وحين خرج قصد كل منهما حجرة الطعام حيث كان المكان مكتظا كالعادة ولم يكن هذا بالأمر الغريب، حيث ان هذا المكان يعج بالكثير من الأشخاص من مختلف الأماكن ومختلف الشخصيات لذا لم يكن ليو يملك حلا سوى التأقلم والانخراط في هذا الوفد الغفير من الأشخاص، في النهاية هذا ما اعتاد على فعله منذ عشر سنوات حتى هذه اللحظة. "في هذا المكان من يصل أولا يحصل على الغنائم أولا" تلك الجملة التي سمعها ليو من تلك المرأة والتي لا يزال صداها يتردد في ذهنه كانت الوصف الادق لهذا المكان الذي لا يزال سرا لكل من وجد فيه. يدخل كل من ليو وماريا لحجرة الطعام وقد استطاعا بصعوبة ايجاد مكان للجلوس وبعد انتهائهما يجلس الاثنان لبعض الوقت قبل يتوجه كل واحد منهما ليستلم برنامجه اليومي وهناك قد ودّع كل منهما الاخر. -حسنا ماريا , أراك لاحقا تبتسم ماريا وترد بصوتها الحيوي: أجل ليو , أراك في نهاية اليوم. تستدير بجسدها الصغير وتتجه الى صفوفها التي تم تحديدها بينما ينظر ليو لقائمة مهامه لهذا اليوم فكان اول شيء يصادفه هو درس الاحياء.. يمتعض من مجرد رؤيته في البداية ولطالما تساءل لما يدرسونهم الاحياء في هذا المكان ليس الامر وكأنه هنالك فرصة للخروج من هذا المكان على أي حال , فقد رأى الكثير والكثير من الاشخاص على مدار سنوات مكوثه منهم من بقي يعيش هنا كالرجل الالي يتبع الاوامر ومنهم من كان يختلق المشاكل فينتهي به المطاف للذهاب الى ذاك المكان الذي أطلقوا عليه فيما بعد (الهاوية) حيث كل من يدخل الى ذاك المكان ينتهي به المطاف بالخروج كجسد بلا روح حتى توافيه المنية لاحقا وقد كان واضحا لكل الأشخاص هنا ان يختاروا العيش كرجل الي افضل من أي شيء اخر... قصد ليو وجهته الاولى والتي كانت تقع في فصل كبير يحوي على العديد من الطلاب الذين لا يختلطون بأحد مهما بلغت بهم الظروف فجلس في أول مقعد وقع نظره عليه ثم تابع الدرس ب**ت وبالنهاية انتهى به الحال متابعا كل ما تبقى من جدوله على نفس الوتيرة ب**ت وهدوء شديدين، حيث لم تكن المشاغبة الخيار الأمثل في هذا المكان حيث ان الحراس كانوا منتشرين في كل ارجاء المكان للحفاظ على النظام. في نهاية اليوم واثناء خروجه من الدرس الاخير قام فتى ذو شعر ابيض بالاصطدام به دون أن ينتبه أي منهما للآخر ومن دون ان يلتفت قام بالاعتذار مسرعا فبادله ليو الاعتذار بقوله انه لم ينتبه هو كذلك وحينها توقف الفتى ثم التفت نحو ليو وكانت عيناه الحمراوان تفيضان برغبة القتل ثم قال: ولما الاعتذار؟ ينظر ليو نحوه ويقول ببرود: وما المانع؟ يُخرج ذو الشعر الأبيض ضحكة خفيفة ويقترب نحو وجه ليو الذي لم يفلح في إخفاء ارتباكه ويخرج من كُم يده سكينا صغيرا يكاد لا يتعدى حجمه حجم الكف ويمرره على وجه ليو ببطء شديد تاركا خلفه خطا من الدم ثم يقول هامسا: لا تحاول الرد في المرة القادمة وإلا سأقتلع هاتين العينين القلقتين، هل فهمت؟ يحاول ليو الرد عليه إلا ان حارسا ما يقترب منهما ويقول بلهجة غاضبة: هل هناك أمر ما يستدعي توقفكما؟ ذو الشعر الأبيض: كلا. وقبل أن يلفظ الحارس بكلماته التالية يستدير الشاب الغريب مبتعدا عن كل من ليو والحارس كأن شيئا لم يحدث ولا يزال نظر ليو معلقا نحو ظهره ويتساءل بسره عمن يكون هذا الشخص وكيف لم يلمحه سابقا... المساء وتحديدا الساعة الثامنة والنصف كان الكل جالسا مرة اخرى في قاعة الطعام يتناول طعام العشاء بعد يوم طويل من المهام والدروس واثناء جلوس ليو وماريا سويا تنظر ماريا نحو وجه ليو الذي بدا شاردا وتقول بنبرة متسائلة: ليو ما الذي حل بوجهك؟ ينتبه ليو لسؤال ماريا ويتحسس بيده الجرح الذي تركه ذاك الغريب وقبل ان يتمكن من الاجابة يص*ر بعض الضجيج من الطاولة المجاورة لهما ويتبين انه يوجد جماعة من الفتيان يقومون بالتنمر على أحد المستجدين... أحد المتنمرين: حسنا ايها المستجد ما رأيك ان تتنازل عن هذا المكان لنا؟ المستجد: لكنني.. لكنني جئت هنا اولا، هذا ليس عدلا!! متنمر اخر: فلتخرس وتنصرف من هنا ان كنت تريد ان تعيش بقية حياتك في هذا السجن بسلام... يحاول المستجد المسكين الدفاع عن مكانه إلا ان أحدا من فرقة المتنمرين يشعر بالشفقة تجاهه وما هي إلا لحظات قصير حتى قام أحد المتنمرين بدفع المستجد وبدأ البقية يركلونه بباقي انحاء جسده، لم يتمالك ليو الامر فنهض متوجها الى اولئك الفتية ليوقفهم عند حدهم، يصرخ بهم قائلا: هل تظنون ان الذي تفعلونه يبدو مضحكا؟؟ تستدير بعض الرؤوس لتنظر الى كل من ليو وهؤلاء المتنمرين إلا ان أحدا منهم لم يتحرك ساكنا بل جلسوا ساكنين يراقبون ما الذي سيحدث. - ومن انت يا هذا ؟ - اووه انه احد القدماء, فلتبقى خارج الموضوع يا ه... لم يكمل المتنمر جملته الاخيرة واذ بيد ليو توجه له لكمة طرحته ارضا.. ليو: حسنا يبدو ان هذا القديم يمكنه تلقينكم بعض الدروس هاه! فجأة من الخلف اتت ض*بة مباغتة على رأس ليو وانقض البقية عليه وهكذا حدثت معركة وسط المتف*جين حيث كان ليو يحاول جاهدا الا يخسر امام هؤلاء المتنمرين... * من خلف شاشات المراقبة * - حسنا يكفي هذا فلتأمري الحراس بالتدخل... - كما تريد سيدي بعد ثوان معدودة يتدخل الحراس فورا وقد كان ما فعلوه هو فصل الفتية عن بعضهم البعض ومن ثم تم اخذ كل منهم منفردا الى غرفة خاصة ليتم استجوابه وتم اعادتهم في منتصف الليل بعد الحرص على توجيه بعض الض*بات بهدف تأديبهم... يدخل ليو الى حجرة النوم وهو يحدث نفسه قائلا: "تبا لأولئك الحراس اسالتهم كانت كلها بلا أي معنى وفوق كل هذا لقد كانوا يض*بونني كأنني كيس ملاكمة، ا****ة عليكم جميعا..." واثناء بحثه عن مكان خال يصلح للنوم وقع نظره على ماريا التي كانت لا تزال مستيقظة بصعوبة وقد حجزت مسبقا مكانا ل ليو وحين رأته هرعت نحوه مسرعة، فرحة بعودته سالما وعدم اخذه الى الهاوية ثم عانقته بشدة... ليو: ماريا!! ماريا: لقد كانت ماريا قلقة عليك، خافت ان يتم اخذك الى الهاوية ليو: اسف لجعلك تقلقين.. هيا لنخلد الى النوم كلينا مسح ليو بعض العبرات التي خرجت من عينا ماريا لا اراديا ثم ذهبا سويا ليخلدا الى النوم والذي ربما يكون الاخير بالنسبة لهما... * في صباح اليوم التالي- الساعة الثامنة والنصف* ذهب ليو كالعادة برفقة ماريا لتناول طعام الفطور بعد تلك الليلة العصيبة وقد لاحظ فور دخوله بعضا من التوتر والخوف منتشر بين الفتية وحين هم لمعرفة ما يجري رأى مجموعة من الفتية مجتمعين في مكان معين فاقترب منهم وسأل أحد الناظرين: ما الذي يجري؟ أحد الفتية: لا.. لا اعلم انظر الى تلك الشاشة - شاشة ؟ صوب ليو نظره نحو المكان الذي اشار اليه الفتى فرأى ما لم يكن يتوقعه... شاشة كبيرة تحوي رقما وكلمة لا شيء سواهما... ليو: ثمان واربعين.. ساعة... فور انتهاء تلك الجملة القصيرة غاز ينطلق من مكان ما ليغط الجميع في نوم عميق...
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD