الحلقه (4).."هو لي2ّ" ، بين مــدّ وجزر .
--------
جأش قلبها فزعًا لحال صديقها وحبيبها قبل أن يكون أبًا لأولادها ، جلســا أرضًا تحتضنه بين ذراعيها فيما سَكن قليلًا وهدأ حنقه .. أردف بنبرة خالية من معالم الحياة وكأنه يستغيث بهـا قائلًا :
- ما تسيبينيش يا نوراي ، انا من غيرك مش هقدر أكمل ، فاض بيــا .. انا أتهديت من يوم ما وعيت علي وش الدُنيـا وانا بعــارف ، طول عُمري عايش دور المسؤل اللي عمره ما عاش طفولته ، بس علي الأقل كُنت مرتاح وانا سواق بسيط بيجري ورا رزقه علشان يحمي امه وأخته من الزمن ، مافيش قذارة تساوي قذارة الطبقة دي ، أنا ق*فان من نفسي يا نـوراي .. أول مرة أندم علي قرار أخدته .. انا موجوع يا نوراي ، أحضنيني وما تتغيريش .
إبتلعت غصة في حلقهـا ، إرتاعت خوفًا وهلعًا من سكينته هذه لا تعلم ما يُفكر به الآن ولكنه حتمًا سيُجاري أموره وقراراته بروية شديدة مهمـا نالت منه الدُنيا والظروف .
مـررت أصابعها النحيلة بين خُصلات شعره ، طالعته بنظرة حانية يجد هو فيها عالمًا من الطمأنينة يتنافي مع **ور قلبه وهنا تابعت نوراي بصدق وهي تضع وجهه بين كفيها :
- إنت أقوي من كدا ، إنهيارك دا أكبر تص**ح هيخليهم يهدوا طموحاتك ، أوعي يا سليــم تضعف حتي لو انا مش موجودة ، أوعي تضعف أبدًا .
في تلك اللحظه سمعت أصوات تأتي من خلف باب الغرفه المُغلق بإحكام لتهتف روفيدا بقلقِ جليّ :
- نوراي ، سليــم ماله ؟! ، أفتحي لو سمحتي !
نــوراي بثبات : لو سمحتي إنتِ يا روفا ، عاوزين نبقي لوحدنا شوية .
إلتفتت نــوراي مجددًا ترمقه بحُزن وكذلك تنهيدة عميقة وقبل ان يتثني لها الحديث مرة أخري وجدته يتابع وهو ينظر إليها نظرة جامدة وبصوتِ أجشٍ قال :
- انا هقدم إستقالتي .
رمقتهُ نوراي في صدمة لتردف بنبرة ذات وقع بطيء :
- تقدم إستقالتك ! ، سليــم إنت مُتأكد من اللي بتقوله دا ؟! .. إنت شايف إن راحتك في القرار دا ؟!
أومأ سليم برأسه إيجابًا لتضع رأسه علي ص*رها من جديد قائلة بنبرة ثابتة :
- لو مش هشوفك بتنهار قدام عيني تاني كدا ، يبقي خلاص ، استقيــل .
---------
- كملي أكلك يا أمي ؟! ، دا طبقك زيّ ما هــو .
أردف زياد بتلك الكلمات أثناء جلوسه أمام طاولة الطعام فيما تابعت والدته بوجهِ ي**وه الإمتعاض الواضح :
- شبعت يا ولدي .
رفعت آلاء بصرها إليها تطالعها بنظرة قلقه وبنبرة مُضطربة تابعت :
- ألف هنـا يا أمي .
أومأت السيدة سَكينه برأسه إيماءة خفيفة ، لتنهض عن طاولة الطعـام في طريقها إلي المرحاض ، وهنا تابع زياد بتساؤل :
- ورود ما جاتش أكلت معانا ليه يا آلاء ؟!
طالعته بإبتسامة خفيفة وبنبرة يخالطها التوتر قالت :
- مش عارفه ، قالت إنها هتنام .. انا هروح أجهز لـ مــاما الفوطة عقبال ما تغسل إيديها .
أومأ زياد برأسه مُتفهمًا ، ألقي بشوكته علي جانب طبقه ثم عـاد بظهرهِ للخلـــف وقد جاش الهم في ص*ره ولا يعلم السبب حتي الآن .
أمسكـــت آلاء بمنشفة بيضـاء اللون وبها نقوش مُزخرفة باللون الوردي ، وقفت أمام السيدة سَكينه تمـد يدها لها قائلة بإبتسامة صادقة :
- إتفضلي يا مــاما نشفي إيدك ، ويارب يكون الأكل عجبك ؟!
أخذت المنشفة من بين يديها بحركة قاسية ، عـَبرت قسمات وجهها عن الصرامة الشديدة حيث شزرتها بنظرة كارهةٍ لتقول :
- أكلك بطلان زيّك .
ألقت كلماتها تلك ثم ســـارت تبتعد عنها ، بينمـا حملقت آلاء في الفــراغ لتسقط عَبرة سريعة علي وجنتها وقد فهمت مغزي هذه السيدة الآن وسبب كُل هذه القساوة ناحيتها .
- واقفه كدا ليه يا قلبي !
قالها زياد وهو يضع كفه علي كتفها فيما كفكفت هي دموعها علي الفـــور لتحل الإبتسامة محلها قائلة :
- لا ولا حاجه يا حبيبي ، شكلي سرحت شوية .
---------
جلست إلي مكتبها بعد غياب أسبوع عنهُ ، جالت ببصرها في كُل زاوية به لتستقر عيناها إلي هذا البرواز الموضوع علي سطح المكتب ، صورة لهمــا معًا .. قربت ذراعها لتتحسس وجهه بأطراف أصابعها النحيلة ، شقت إبتسامة صغيرة طريقها إلي ثغرها ولكنها إبتسامة م**ورة ، تنهــدت تنهيدة عميقة لتضع البرواز في مكانه من جديد ، لتسمع طرقات خفيفة علي باب مكتبها أعقبها دلــوف فؤاد للداخل وبنبرة ترحيبية قال :
- الشركة نـورت لمّا إنتِ جيتي يا نسمه ، وحشاني يا بنتي !
نسمه وهي ترمقه بنظرة حنونه :
- وحضرتك طبعًا يا بــابا فؤاد ، أخبار الشغل أيه !
جلس فؤاد علي المقعد المقابل لهـا ... ليرمقها بإهتمام شديد وبنبرة حاسمة :
- سيبك من الشغل خالص ، إنتِ اللي أخبارك أيه ؟ ، أوعي تكوني لسـه تعبانة ، مش عاوز الغاليين يزعلوا مني .
نسمه بتساؤل : مين الغاليين !
فؤاد بضحك : اممم ، أهلك يعني ومعالي الوزير ، إلا قوليلي إلهام أخبارها أيه ؟!
تسلل الحُزن إلي جفونها في تلك اللحظه ، هزّت رأسها سلبًا ترمقه بآسف لحال هذه السيدة :
- مافيش أي تحسُن يا بابا ، والله العظيم باديها الدوا كُله في ميعاده.. بحاول أتكلم معاها ، نفسي ترد عليا أو تصرخ بس هي بعدت أوي بعقلها عننا .
فؤاد بثبـات : هي الدُنيا كدا ، اللي يزرع شوك ، ينسي إنه هيحصد ورد !
اومأت نسمه برأسها في تفهم لتضم كفيها إلي بعضهما وبنبرة هادئه قالت :
- حضرتك عندك حق ، بس هي هتحصد أيه أكتر من اللي هي فيه ، لو سمحت يا بــابا إنسي الماضي ، نفسي تيجي تشوفها مـرة صدقني هتفرح لما تشوفك وهتخفف عنها كتير .
رمقها فؤاد بحيرة ، أشاح بوجهه بعيدًا عنها ليزفر ضيقًا فيما تابع نسمه بنبرة طفولية مُترجية إياه :
- لو سمحت ، علشان خاطري ، يا بابا فؤاد دا اول طلب هطلبه منك ! ، ممكن ؟!.
فـؤاد بإبتسامة حانيه : ممكن يا نسمه ، علشانك إنتِ وعا** بس .
نسمه بإبتسامة باهته : الله يرحمـــه .
فؤاد بهدوء شديد ، رامقًا إياها بثبات :
- ويرحمنا جميعًا .
-------
- أمسكي يا أبلة نعمة ، أفتحي الشباك بقه علشـان تشوفي مين اللي جابه لك .
أردف عبد الرحمن بهذه الكلمات وهو يمـد يده لها بكتابٍ ، فيما عقدت نعمه ما بين حاجبيها بإستغراب ، تناولت منه الكتاب تقلبه بين كفهـا ليفتر ثغرها عن إبتسامة فرحه فهي تعشق هذا النوع من الروايات - الغامض - وبالأخص هذا الكاتب ، إتجهت ناحية النافذة القابعه بالدور الأرضي تفتحها ، لتجد رمضان ينظُر لها في حُب قائلًا :
- عجبك يا نعمة ؟!
أومأت نسمه عدة إيماءات سريعة تنم عن فرط سعادتها ، إنشـرح ص*ره وتهللت أسارير وجهه علي أثر ضحكتها ، ليجدها تمسك بقلمها وتخط علي ورقة مـا بعض العبارات قائلة :
- " شكرًا جدًا ، كان نفسي في الكتاب دا من زمان ".
تنـاول رمضان الورقة منها ليقرأ ما دون عليها ومازالت إبتسامته تُنير وجهه وهنـا أمسك القلم ليكتب لها هو الآخر رغم قدرتها الفائقه علي السمع ولكنه رغب في أن يُدون لها شيء كـ ذكري منه :
- " انا علامي علي قدي ، يمكن أكون خرجت من الإعدادية وإنتِ اتعلمتي في كُلية حلوة وصرفتي علي نفسك .. بس انا بعرف اقرا وأكتب بردو .. والحمدلله إن الكتاب عجبك ".
باغتته نعمة بنظرة مُمتنة ، لتحتضن الكتاب إلي ص*رها وكأنه كـ الكنز بالنسبة لهـا ، بينمـا تابع رمضان وهو يُقرب أصابعه من بعضهم ليُشكل بهم رسمـــة (القلــب) ، قائلًا بصدقِ :
- انا بحبك ، وعاوز أخطبك .. مش عاوز رد منك ديوقتي ومش هضغط عييكي ، بس هستناكي حتي لو هتفكيي بعد سنه .
تخضبت وجنتها خجلًا لتخفضها أرضًا ، إبتسم علي فعلتها تلك ليغادر إلي عملهِ وكُله أمل بموافقتها...
---------
- روحتوا فيييين ؟! ، يا ولااااد ، تعبتوني معاكم .
أردفت أنهار بتلك الكلمات وهي تتجول في حديقة الڤيلا مُغمضة العينين تبحث عن نيروز ورامـي حيث يلعبان الغميضة معها ، سمعت في تلك اللحظه صوت رامي وهو يهتف بضحكة طفولية :
- أجري بســرعة يا نيرو ، هتمسكك .
استئنفـت نيروز عدوهـا بعيدًا عن أنهـار التي ظلت تتبع الصوت الصادر من الطفلين لتُصدم فجأه بشيء كبيــر الحجم ، أخذت تتحسسـه بذراعيها حتي تأكدت من أنها أخطأت الهـدف .
أزاحت الوشاح عن عينيها لتفتح عينيها علي وسعهمـا وبنبرة مُتلعثمة قالت :
- إنت ميــن !
الطبيب رافعًا أحد حاجبيه :
- انا اوس ، طبيب جراح وعندي مُقابلة مع معالي الوزير .
أنهار وهي تلوي شفاهها يمينًا ويسارًا بإستنكار وبنبرة مُغتاظة :
- طيب مش تفتح بدل ما تخبط في الناس تجيب لهم إرتجاج في المخ ولا حالات عظـام ، صدق اللي قال أوس ، كان عندهم نظرة فيك بردو ، إنك هتكبر وتبقي شبه البلدوزر اللي معمول له صيانة .
أوس وهو يصر بأسنانه :
- طيب وسعي من وشي بقه .
استدارت أنهار لتقف أمامه وتمنعه من السير مُرددة بصراخ :
- أيه يــابا ! ، مالك واخد في وشك كدا ، مش تخلي بالك إن في بني آدمين تحت بدل ما تدوس عليهم وانت مش واخد بالك !، أيه ما عندكش عيال تخاف عليهم !
أوس كاظمًا غيظة :
- لأ وابعدي عن وشي بقه .
رفعت أنهـار كتفيها ثم أنزلتهما في عصبية خفيفة تستشيط غضبًا منهُ ، فيما وصل الأخر للداخل ليستقبله سليم بترحاب شديد حتي دلفا معًا إلي غرفة مكتبه .
أشــار له سليم بالجلوس ، إنصاع أوس علي الفـــور لحديث سليم حين أذن له بالجلوس إلي الصوفة الموجودة داخل حجرة المكتب ، إبتسم سليم بدوره ثم تابع بهـدوء :
- تحب تشرب أيه !
أوس بثبـات : قهوة سكر مظبوط .
إتجه سليــم إلي سماعة الهاتف الموصلة إلي حجرة المطبخ ليطلب منهم إحضـار القهوة ومن ثم يعود جالسًا إلي هذه الصوفه ، شبك أصابعه ببعضهم ثم تابع بإبتسامة باهتة :
- كلمني عن الموضوع دا بكُل تفصيلة فيه .
اومأ أوس برأسه في ثبات ، بدأ يسـرد أحداث يومه داخل عيادته الخاصة ، وعمليات نقل الأعضـاء التي كثرت في الفترة الأخيرة وأكثر ما أثار دهشته أن الأشخاص المتبرعين جميعهم من أطفال الـداون ، جاءوا بصحبه أبائهم او الطبيب المسؤل عنهم بالدار ، وأثنـاء سرد أوس لهذه الاحداث ، شـــرد سليــم به يري نفسه في كُل تفصيلة به ، غضبه ونفـور عضلات وجهه وهو يثور للحق ومـا أن إنتهي حتي تابع سليم بنبرة هادئه :
- انا أول مــرة أسمع الكلام دا منك ، انا أسست المكان دا علشان بنتي من الأطفال دول ، وعلشـان انا عانيت كتير وانا بعالجها وبمبالغ كبيرة جدًا ، انا ربنا ميسر الحال معايا ، بس الناس الفقيرة تعمل أيه! ، دا كان تفكيري ساعتها لمّا خليت العلاج بالمجان ، وعينت أمهر الأطباء واللي واخدين دكتوراه في دراسة المتلازمة دي ، عُمري ما كُنت أتخيل ان الخير اللي عملته هيتحول في غمضـة عين لـ شر ، فـ أنا عاوز أطلب منك طلب ، ممكن ؟!
أحس أوس بصدق كلماته ، وكذلك هو الأخر رأي نفسه في هذا الشـاب الذي آكلته الهموم رغم طبقته الإجتماعية وكونه وزيـرًا ، أومأ اوس بهدوء ليقول :
- أكيد طبعًا يا معالي الوزير .
سليــم بثبـات : انا عاوز اللي إنت قولته دا يفضل سـر بيننا ، وكمان هعينك المسؤل من بعدي جوا المؤسسـه ، وهغير طاقم الأطباء بأكمله .. خلينا نبدأ علي نضيف ونكمل الخير لأخره ، انا كُنت عاوزك تراقب المؤسسه وكُل حركة فيها ، وانا هتولي حكاية بيع الأطفال دي ... الموضوع مش هيتنسي كدا بالساهل ، معايا في الإتفاق دا ؟!!
أمــد سليم كفه أمـــام أوس ، الذي نظر إليها قليلًا يُفكر ، وسرعان ما صافحهُ هو الأخري مرددًا بإبتسامة هادئه :
- مع حضرتك ، طبعًا .
----------
أنهت صلاتها ثم جلست علي رُكبتيها ورفعت كلا كفيها للأعلي تجأر إلي الله بما يُثقل صــدرها ، سـالت قطرات الدموع علي وجنتيها أنهارًا أخذت تناجي الله بنبرة مهزوزة قائلة :
- يـــارب ، أنا موجوعة أوي إرشدني علي الصح يارب ، تقبل دعواتي يارب ، لو كُنت أذنبت ذنبًا مسك عني ذرية صالحه فـ أغفره لي واكتنفني برحمتك ، وسُــر قلبي أنا وزوجي بهذه النعمـــة .
أنهت عباراتها تلك وأخذت تبكي بحُرقة وهي تتذكر حديث هذه السيده الذي آكل روحها ، في تلك اللحظه سمعت طرقات علي باب الغرفه ، كفكفت دموعها بوشاحها ثم نهضت لتقوم بفتح الباب ، لتجده يتابع بإستغراب :
- آلاء ، كُنتِ قافله الباب ليـــه ؟!
آلاء بنبرة مبحوحة وهي تتجنب النظر إليه :
- صوت التي ڤي (T.V) عالي ، فـ قفلته .
هـزّ زياد رأسه بعدم إقتنــاع ، قام بإغلاق الباب خلفه ، ثم قبض علي ذراعيها برفق ينظُر إلي بؤبؤي عينيها مُباشرة قائلًا :
- أيه اللي حصل يا آلاء ، دموعك دي أيه سببها !
قـامت بوضع كفها علي فمها تقاوم البُكاء مقاومةً ضارية ، أخذت تبتعد عنهُ وتعود بخُطواتها للوراء لتجهش بالبُكاء قائلة بوجعِ :
- مش قادره أستحمل أكتر من كدا يا زيـاد ، مش قــ...
قاطعها كفه الذي أمتد ليُكمم فمها برفق ، يمنعها من الإفصاح بهذا الكلام الذي يحرق قلبهُ ويبث الرعُب في سائر جسده من فقدانهـا ليردف بنبرة خافته :
- ما تكمليش .. لو كُنت غالي عندك ، كفايه كلام في الموضوع دا يا آلاء ، ما كُنا نسينا ، ليه بتفتكريه تاني ! .
وضع رأسها بين كفيه ، ركز بصره داخل عينيها وأخذ يهزّها بخفة قائلًا بإصرار :
- لو اولادي مش هيكونوا منك ، مش عاوزهم .. إرتاحي بقه وريحيني ، انا كُل يوم بخـاف ، لأصحي ما الاقيكيش جنبي .. أنا خايف ، أوعديني إنك مش هاتسيبيني ؟!
آلاء وهي ترتمي بين أحضانه :
- أوعدني إنت ، إنك مش هتسمع لحد !.
زياد وهو يُقبل جبينها :
- أوعـدك ، وحياة آلاء ما هبعد لحظة عنك .
--------
" علي الجانب الاخر ،،،،
زفــر ماجد زفرة ضيق وهو يعـاود الإتصال به من جديد ولكن دون جدوي ليتابع بنبرة خافته :
- مش فاهم ، إتأخرت ليه يا زياد .. الإجتماع هيبدأ والمندوب أديله ساعة مستني ، آآه منك يا زيـــاد !!
- الكُل في إنتظارك يا ماجد بــاشا .
قالتها السكرتيرة وهي تقف أمامه تحثه علي الذهاب لبدأ الاجتماع ليوميء هو رأسه في تفهم قائلًا :
- تمام .
-------
- روح مـــامي وقلب مــامي ، هيروح مع مـاما نسمه ويسيبني !
أردفت نوراي بتلك الكلمات وهي تُقبل وجنتي عا** القابع بين ذراعيها بنهم شديد ، في حين تابعت نسمه بضحك :
- ما الولد معاكي من الصُبح ، أحلو البوس لمّا جيت أخده ؟! ، وبعدين خدود الولد خلصت من الشفط ، أرحميه .
ضيقت نــوراي عينيها ترمقها بغيظ ومن ثم تخصرت أمامهما قائلة بثقة :
- انا أمه وهو ابني ، وأشفط زيّ ما أنا عاوزه .
نسمه بعد أن أخدت الصغير من بين ذراعي والدته لتتوجه بالحديث إلي سليم الذي يجلس إلي الأريكة بحديقه الڤيلا يضع نيروز علي قدمه :
- إنت متجوز بني آدمة ولا آلة شفط !
إِفتر ثغر سليم عن إبتسامة عريضة ، فيما تابعت نسمه وهي تتجه ناحيه باب الڤيلا الداخلي :
- أما ألعب معاه شويه قبل ما أنام ، يالا بــاي .
في تلك اللحظه جلست نــوراي بجانب زوجها ليقوم بإحاطه كتفها بذراعه فيما وضعت هي رأسها علي ص*ره وبحركة تلقائية قامت نيروز بتقليد والدتها لتضع رأسها علي ص*ر والدها كذلك .
رمقهما سليم بسعادة بالغة حين طبع قُبله علي وجنة نيـروز لتهتف الأخري به قائلة بزعل طفولي :
- وانا يا سليــم ؟!
نيـروز وهي تُحرك إصبعها السبابه بإعتراض :
- لأ ، مـامي لأ .
إبتعـــدت نـــوراي عنه قليلًا ثم تابعت وهي تنظُر لصغيرتها :
- بقه كدا يا نيـرو ، طيب ما فيش شيكولاته من مامي ، تاني أبدًا .
نيروز بإبتسامة عريضة : مامي ، أه .
أطلق سليم قهقه خفيفة سعيدًا لذكاء طفلته ، ليلتفت ناحية نـوراي قائلًا :
- الملكة وافقت .
في تلك اللحظه قرب وجهه ناحيتها فظنت هي بأنه سوف يلثم جبينها ، لتتفاجأ به يميل عليها قليلًا مردفًا بنبرة خبيثة :
- أحبك وإنت مُطيع كدا .
حملقت به نـوراي في صدمة ، لتغمس وجهها في سُترته قائلة بغيظِ :
- أيه اللي إنت كُنت هتعمله دا وهي البنت موجودة .
سليم ضاحكًا : أصل الإنســان دعيييييف .
صـدح الهاتف الخاص به ليقطع مزاحهما ، ليُجيب سليم علي المتصل حيث ردد قائلًا :
- لحظة وهكون عنـدك .
أغلق الإتصال علي الفـــور ، ثم نهض عن الأريكه وسط نظرات نوراي المُستفهمة له لتقول :
- رايح فين يا سليــم ؟
سليم غامزًا لهـا : خمسة وجاي ، ما تخافيش .
أومأت نوراي برأسها في تفهم ، ليجد هو يد الصغيرة تتشبث به ليُقرر أخذها معه لمُقابلة هذا الشخص .
ســار في باحة الڤيلا الداخلية ليترجل خارج الباب الرئيسي لهـا ، سـار كذلك بمحاذاة السور ثم إنعطـف يمينًا ليجد هذا الشخص المُلثم يقف أمامه قائلًا :
- سليــم انا أخذت قراري ، انا موافق علي اللي قولته .. انت عندك حق ، ولازم أبدأ من جديد .
علت ضحكة عريضة شفتي سليم ليسارع في إحتضانه بسعادة غامــره ، فيما لاحظ هذا الشـاب الذي أزاح الوشاح عن وجهه هذه الفتـاة الشقراء الصغيرة لينزل إلي مستوي قامتها ومن ثم يقوم بإعطـائها صندوقًا متوسط الحجم يحوي مجموعة من الشيكولاته المُغلفة قائلًا وهو يُقبل وجنتها :
- حبيبة عمــو ، أزيك يا نيــروز ؟!
نيروز وهي تلتقط منه الصندوق لتميل علي وجنته ثم تطبع قُبلة رقيقة منها ، تعبيرًا عن سعادتها لجلبه هذا الصندوق لهـــا ، إنتهي اللقــاء بذهاب هذا الشـاب ، إستعدادًا لمواجهة أقسي عليه ممـا عاناهُ في الماضي ، بل أقسي لأبعد الحدود ...
عــاد سليم للداخل من جديد ، لتتجه نـوراي بخُطواتها ناحية زوجها وبنبرة مُتسائله قالت :
- هو مش كدا ؟!
سليم وهو يوميء برأسه إيجابًا : بالظبط ، تعالي خلينا نتكلم في أودتنا .
ســارا معًا للداخل لتقوم أنهار بإصطحاب الصغيرة إلي غرفتهــا ، وما أن دلفتـا حتي تابعت أنهـار بتساؤل :
- أبله نسمه ، إنتِ لسه قاعدة مع عا** ؟!
نسمه وهي تنظُر للصغير بحنو جــارف :
- كُنت مستنيه لمّا ينام .
وهنـا إنتقلت نسمه بحديثها إلي نيــروز التي ظلت تنظُر لها طويلًا لتقول بحنو وهي تقترب منها :
- نيــروز ، بتبصي ليّ كدا ليه ؟! ، إنتِ زعلانه من مـاما نسمه ! ،الله مين اللي جاب لك الحاجات الحلوة دي !
قالتها نسمه وهي تُداعب وجنتي الصغيرة فيما أمسكت نيروز بذراعها وأخذت تجرها معها ناحية باب الغرفه قائلة :
- أفتح باب !
نسمه عاقدة ما بين حاجبيها ولكنها إنصاعت لحديثها لتقوم نيروز بسحبها في الممر حتي وصلت إلي غرفة نسمه ثم هتفت من جديد :
- أفتح باب !
نسمه بضحكة خفيفة :
- يادي الباب اللي مجننـك .
قــامت نسمه بفتح باب غرفتها ، لتدلف الصغيرة أولًا للداخل وفجأه رفعت ذراعها إلي هذه الصوره المُعلقة علي الحائط لتقول بطفولة شديدة :
- دا !!!!!
يتبع
#علياء_شعبان