الحلقه (9).." هو ليّ 2" ، بين مــدّ وجزر .
---------
يُقال بأنه " ومن الحُب ما قتل " ، بل ومن الحُب من إتقدت نيران الغيرة داخلهُ ليبخهـا للخـارج فتأكل الأرض ومن عليها حتي تصير رمادًا دون أن يرف لهُ جفن ، ومن الحُب مـا أرهب صاحبه خيفة من أن تُصبح وردته في بُستـان آخر فيغمرها رعاية وبدورهـا تفوح بعطرها إليــه .. ولا ننسي أيضًا ومن الحُب ، بلي ومن الحُب الكاذب ما يجعل تلك البائسة تنظُر لهم جميعًا وكأنهم أشباه رجــال ، لم تجد أبدًا من يرحم الأُنثي داخلها ...
ـــــــــــ
نحت بصرهـا إليهمـا وقد إنكمشت خلجات وجهها في استعجاب ، أمسكت بقارورة المياه بين أصابعها تُتابع الموقف بنظرات تساؤلية وهي تجد عـــادل الذي يتصبب العرق منه وقد استحال لون وجهه للصُفرة الفاقعة حينمـا التفت إلي مصـدر الصوت قائلًا بنبرة وجلة :
- إنت ؟!
أومـأ عا** برأسة أعلي وأسفل بثبات وقد ابتسم لهُ إبتسامة ذات مغزي ومازال رافعًا ذراعه إلي كتف الآخر في حين تابع عا** بنبرة جامدة :
- اه أنا ! ، بس هو إنت تعرفني ؟!
ابتلع عادل ريقه بصعوبة وأخذ يهزّ رأسه سلبًا عدة هزات متوالية ليهتف بقلقِ جليّ :
- لااااأ .. يمكن شبهتك بحد انا أعرفه .
ربت عا** علي كتفه ببرود شديد ، ومن ثم أبعـد ذراعه عنه واتجه ببصره إليها ليجدها تردف بهدوء :
- علي فكرة دا أستاذ عادل .. صحفي معـروف ، وبيجمع بينه وبين سليم شغل ! ، ودا يبقي عا** جوزي يا أستاذ عادل !
أنهت كلامها وقد اتشحت ملامحها بهيبة مُخزنة لتنهض علي الفـــور وقد إقتربت بإتجاه عادل لتمد يدها إليه قائلة :
- نستأذنك بقي علشان عندنا شُغل .
نحا عادل ببصره إلي يدها الممدودة ناحيته ، رفع وجهه يرمق عا** بقلق ليجده ينظُر إلي كف زوجته بنظرات يتطاير منها الشرر ، وهنا تابع عادل بإضطراب دون أن يمد يده إليها :
- علي العموم ألــف مب**ك يا مدام نسمه ، بعد أذنكم .
عقدت نسمه ما بين حاجبيها في تلك اللحظه لتلتفت إليه بنظرات شك فيما ظهرت علي وجهه إبتسامة أثارت الغيظ داخلها لتقول بضجر :
_دي مش أول مُقابلة بينكم ، صح ولا أنا غلطانه؟!
إقترب عا** منها علي مهل ومن ثم الف ذراعه حول كتفيها وقد رمقها بنظرات ثاقبة ليقول بنبرة ثابتة :
- وإنتِ من أمتي بتقولي حاجه غلط ؟!
رفعت كتفيها أعلي قليلًا ثم أنزلتهما في إمتعاض من لمسته لهـا وأريحية حديثه معها ، فهي تعلم تمام العلم أن وراء توتر هذا الـ.. عادل ، تهديد بيّن أو... ، هي لا تعلم بدقة الأمر لكن أيقنت أن عا** القديم قد عـاد بأفعاله لينتقم لغيرته ومن الواضح جدًا بأنه يراقبها مُنذ أمد بعيد ...
أنـزل عا** ذراعه عن كتفيها حتي استقر علي خصرها ومن ثم ضغط عليه ليقربها منه أكثر وبنبرة باردة تابع :
- في أيه يا نوسه دا إنتِ مراتي مش واخدك تخليص حق ؟! ، أمشي كدا زيّ الشاطره وبلاش أقلب علي الوش التاني مــاذا وإلا ...
قاطعته هي عندما رمقته بجانب عينيها لتقول بنبرة باردة :
- مش باجي بالتهديد علي فكرة .. واللي مُتأكدة منه إنك هددته أو عملت له حاجه .
عا** مؤكدًا علي حديثها عندما ضغط علي ظهرها أكثر حتي إصطدمت بص*ره بفزع ، لاحظ إتساع عينيها من الدهشةِ ليقول بإبتسامة خفيفة :
- لا مؤاخذة يا أم العيال ، أصلك وحشاني ونسيت التعامل مع الج*س الناعم .
باتت بين أحضانه ، ضاغطًا هو بذراعه المفتول علي ظهرها ليخرج الكلام منها بالكاد رافعة عينيها إليه :
- بلدوزر دهس قطة ، أبعد إيدك دي .. هتخنقني يا إنت ؟!
أرخي عا** ذراعه عنها في تلك اللحظه لتبتعد عنهُ بأقصي سرعة لهـا وكذلك أردفت بنبرة لاهثة :
- دراع بني آدم دا ولا حديد يا ساتر .. لحظة كمان وكُنت هلفظ أنفاثي الأخيرة ... يالا قولي حالًا أيه علاقتك بعادل ؟!
وضع عا** ذراعيه في جيبي بنطاله ، رمقها بنظرة ثابته وقد إخشنت نبرة صوته بوضوح قائلًا :
- انا ما بهددش ، أنا بنفذ علي طول .. واحد بيتعرض لـ مراتي .. تفتكري هسمي عليه ! ، لأ دا انا هعلم عليه ، وبعدين هو اللي قلبه رهيف كدا .. انا عاوزه ينشف شوية دي كُلها كام عَلقه علي كام خُسارة .. مش حاجه تُذكر يعني يا ست الكُل ، بس إنت ما تشغلي بالك بيه ، علشـان عداد خسايره ما يزيد .. تمام ؟!
وجدت شفتيها في طريقها نحو الإبتسـام لتستوعب مـا تفعله وتبدأ في إبعاد وجهها للجهة الأُخري هروبًا من نظراته لهـا ، فيما عاد هو يضع ذراعه علي كتفها وبنبرة حانية تابع :
- يالا بينــا .
---------
أشعــل سيجارته القابعة بين أصابعه بقداحتهُ الذهبية ، ليأخذ نفسًا منها ومن ثم ينفث دخانها في الهواء ليكون غمامة بيضــاء تحول بينه وبين سليم الذي يجلس في المقعد الُقابل لهُ دون إكتراث لغضبه الجمّ ، ليتابع رائف (رئيس الوزراء ) بجمود :
_ طيب والمشاريع ؟! ، هتعمل فيها أيه !
سليــم بثبات بث الغيظ في نفس هذا المُختال الذي يعلم تمامًا بأن اعمال سليم كُلها تتسم بطابعِ الجد والمسؤولية ولا يحتاج لمَن ينبهه بذلك :
- الأجازة هتكون عبارة عن أسبوع فقط ، فأنا هختزل شغل السبع أيام في يومين علشان أقدر اتفرغ لعيلتي شوية .. وأظن معاليك عارف إني مش بحب حد يتدخل في شُغلي او يعرفني هتحرك أزاي ؟! .
أومأ رائف برأسه في خفةِ ليرمق سليم بنظرات ثاقبة وهو يقول :
- مـاشي يا سليــم اللي تشوفه .
نهض سليم من مكانهِ علي الفـــور .. إتجه صوب الباب بخُطوات واثقه ، أمد أصابعه إلي مقبض الباب ليديره ومـا أن فُتح حتي إلتفت مُجددًا إلي ذاك الرجل الذي يـَبيَض شعر رأسه من يوم لآخر ومازال رافضًا العمل لأخرته ليقول بتهكم :
- وياريت تبقي تسأل علي أمجد العزالي !
رائف بإستفهام واضح :
- ماله ؟!
سليــم بإبتسامة ساخرة : مُجهـد شوية .
قالها ثم ترجل خارج المكتب لتغيب الإبتسامة عن وجهه ويحل مكانها الجدية والصرامـة فهو مثال للإتزان والكمال حتي لو كثُرت النواقص حوله ...
-------
- إهدي علشان خاطري ، طيب إسمعني كويس يا آلاء .. إنتِ دلوقتي تروحي الڤيلا وانا ربع ساعة وهكون عندك .. كُلهم مقررين يقعدوا اسبوع في الحي القديم ، وبإذن الله هاخدك ونروح معاهم .. بس كفاية عياط حبيبتي هتتعبي أكتر ! .. في حفظ الله .. مش هتأخر عليكي ! .
رددت نسمه هذه الكلمات وهي تجمع ما يخُصها داخل حقيبه سفرهـا ثنائية العجلات ، دلف خارج المرحـاض ومن ثم وقف ينظُر لها بترقب قائلًا :
- بتعملي أيه ؟!
رمقتهُ نسمه لوهلة قبل ان تستأنف دس ما تحتاجه داخل الحقيبه فيما تابع هو بنبرة عالية إرتجف جسدها علي أثرهـا :
- خير يا نسمه ؟! ، رايحه فين كدا إن شاء الله ؟!
إبتلعت ريقها بوجوم من صوته العال ، قامت بغلق سحاب الحقيبه ومن ثم أسندتها أرضًا وهي تقول بضيقِ :
- هروح مع مـاما خديجة والباقي للحي القديم ، هنقعد مع بعض أسبوع .
إتجه بخُطواته إليها ، إرتبكت قليلًا وبدأت تضغط علي أصابعها وكأن الغرفه تضيق بهمـا لتجده يقبض علي ذراعها بصرامة :
- وما عندكيش راجل تستأذني منهُ ؟!
نسمه بتوترِ محاوله التملص من بين قبضته :
- بلاش الإسلوب دا معايا ! ، انا هنا مش علشان فرحانه بجوازي منك ، ولكن اللي حصل ما بيتصلحش.
رفع عا** أحد حاجبيه وبنبرة ذات مغزي تابع :
- بس لسه ما حصلش حاجه ! ، بس عندك حق لازم يحصل علشان ما تكونيش كدابة .
إبتعدت قليلًا للخلف وقد فتحت عينيها علي وسعهمـا بينما تبدلت ملامحه للغضب الجامح ليواليهـا ظهره وبحركة عصبية قام بإزاحة المنشفه عنه وبدأ في تمشيط شعره مُرددًا بوجوم :
- إتفضلي جهزي لبسي علشان مش هتروحي لوحدك طبعًا .
قـامت بوضع أصابعها المُرتعشة علي فمهـا ، جابت الدموع في بؤبؤي عينيها وقد ذُهلت ممـا تري وقد ابتسر لونها فزعًا لتهتف به بنبرة مهزوزة :
- أيه دا !!!
إنتبه عا** لهـا وهو ينظُر إلي صورتها المنع**ة في المرآه ليقلق بشأنها ومن ثم يلتفت إليها قائلًا بتساؤل :
- مـالك ؟!
نسمه بنبرة فزعة : أيه اللي في ضهرك دا !
لانت ملامحه في تلك اللحظه ، استدار ينظُر للمرآه من جديد فقد أدرك الآن بأنها وأخيرًا لاحظت تلك الندبـات والإصابات المُميته علي ظهره ، فـ برغم مُحاولته لتجميلها ولكنه يجد صعوبة في مداواة الألم بها فهي أكثر المناطق التي نالت منها النــار ولكنه يستمر في العناية بها بإستخدام الإبر وكذلك كريمات الحروق .. تابع بنبرة ثابتة وقد تقابلت أعينهما في المرآه :
- لا حول ولا قوة إلا بالله .. دا يا ستي يبقي جرح بسيط كدا وانا بلعب معاكي استغماية من تلات سنين ، حلو كدا ؟!
عَبرت قسمات وجهها عن الضيق من إستخفافه لما قالتهُ ولكنها أحست بغصة تسري في حلقها وجعًا عليه وكأن الوقت بينهما يعمل علي إتضاح الحقيقةِ وانجلاؤهــا للعيانِ ، فليهدأ قلبها قليلًا فما مضي لم يكُن سوى سجن له ، سجن كبريائه أمام شفقة الحُب أمـا هو فلم ينقص حبها داخله ذرة واحدة .. لتردف بهدوء وهي تراقبه بعينيها وتجدهُ يلتقط من خزانته ذاك المرهم :
- انا ممكن أساعدك !
انف*جت اساريره عن ضحكة خفيفة ، ليستلقي إلي الفراش قائلًا بـ لؤم :
- امممم موافق .
اتئدت خُطواتها إليه ، ومـا أن جلست إلي طرف الفراش حتي أمسكت بذاك المرهم وبدأت تنثره مكان الجُرح .. أخذت تدعكه بأطراف أصابعها في خوفِ من أن يتوجع ليأخذها فضولهـا إلي سؤال مـا لتقول بنبرة متوترة قليلًا :
-مين بقي إلي كان بيساعدك تحطه قبل كدا ؟!
عا** وقد إتكأ بذقنه علي الوساده أمامه :
-الممرضة الخاصة بيّا .
إمتعق وجهها غيظًا ، رغبت لوهلة في البُكاء لتتماسك قليلًا وهنـا أخذت تضغط بأصابعها علي موضع الجُرح وكأنها تنتقم لداخلها الذي يشتعل في حين تابع هو بـ ظفر :
- ما براحة يا مــدام .. دا علاج حروق مش مساچ .
نسمه بعصبية خفيفة ولم تلتفت لحديثه :
- والممرضة تعمل مسا.. ، قصدي تحط لك مرهم ليه ! ، مافيش ممرضين رجالة ؟!
عا** بتلذذ من غيرتها : لأ مـا انا بحب الأيادي الناعمة .
بَلغ غضبها آخره لتنهض عن الفراش وبنبرة جامدة تابعت :
- طيب ممكن بقي تجهز علشان نمشي ، لأني قلقانة علي آلاء جدًا .
استدار عا** إليها ومن ثم تابع بنبرة ذات مغزي :
- طيب ومش قلقانة علي جوزك !
نسمه بإمتعاض ونظرات يتطاير منها الشرر :
_ ما إنت زيّ الفل أهو وبيتعمل لك مساچ بأيادي ناعمة !
أطلق قهقه عالية أثر كلماتها ، ض*بت بقدمها الأرض في إنزعـاج لتصر بأسنانها وبحركة إندفاعية ترجلت خارج الغرفة وهي تهزي بكلمات واضحة للغاية ليقول هو بإستفزاز :
_ أحبك وإنتِ غيرانه !!
----------
- تمام كدا كُل حاجه جاهـزة .. مافيش غير إن سليم وعا** ونسمـه يشرفوا .
أردف زياد ماجد الكلمات وهو يضع الحقائب في بهو الڤيلا بحماسِ بالـــغ فقد إشتاق لمسقط رأسهُ ورائحة والدهُ التي تفوح من كُل رُكن داخل الغرفة فدعونا لا ننسي السيد ناجي بكُل ذكري لهُ حركت داخلنا مشاعر جياشة ..
تنهـــدت روفيدا بأسف لحال صديقتها القابعة بين أحضان السيدة خديجه وهي تنتحب بكُل آلامها ، أخذت خديجة تربت علي ظهرها بحنوها المُعتاد لتقول بغضب بيّن :
- أنا مش فاهمه هي الست دي عاوزه منك أيه ! ، دا ربنا نهي عن خراب البيوت ..وياريت دا أي بيت ، دا بيت ابنها ؟! ، انا مش عارفه هي جايبه قسوة القلب دي من أنهي مُصيبة ؟!
آلاء بنبرة مُتقطعة:
_ علشان خاطري يا مـاما خديجة ، خليه يطلقني انا تعبت !
خديجة بشهقة خفيفة : هششش ، تفي من بؤك يا بنتي ..ليه بتقولي كدا ! ، دا جوزك بيحبك يا آلاء ما تخليش الشيطان يُدخل بينكم .
نــوراي بحُزن واضح :
_ يا آلاء لو سمحتي إنسي كلمة طلاق دي شوية ، إحنا لو شايفين زياد مقصر معاكي في حاجه كان الوضع إتغير ، لكن هو بيحبك وإنتِ كمان .. وكُل اللي بيحصل دا ربنا له حكمة فيه .
روفيدا بإستكمال : ونعم بالله ، بإذن الله ربنا هيراضيكي حبيبتي بس الموضوع محتاج صبر .
كـانت أنهـار تُتابع حديثهن عن بُعد دون تدخل منها ، فقد إندمجت مع الأطفال في لعبهم ولكنها تابعت بنبرة هادئه :
- طيب وليه يا أبله آلاء .. ما تتجهيش للحقن المجهري !
آلاء بتركيز : أزاي ؟! .. انا عاوزة طفل طبيعي من عند ربنا .
أنهـار بتعجب قاطبه ما بين حاجبيها :
- أمال دا من عند الخلق ؟! ، ما هو من عند ربنا بردو .. بس الحقن دا بيعالج حاجات كتير مش مساعده علي الخلفه .
نــوراي مضيقة عينيها بترقب لتتابع بتساؤل :
- اشرحي أكتر يا دكتورتنا !
أنهار وهي تعض علي شفتها السُفلي :
- لا أقول أيه ! ، انا بستحي .. معانا رجاله في المكان !
روفيدا بغيظ : بتستحي ! ، إنتِ دكتورة أزاي إنتِ مش عارفه ،وبعدين ماجد بيتكلم في الفون ، إنجزي إيه معلوماتك عن الحقن المجهري دا .
في تلك اللحظه فردت أنهار ذراعيها علي وسعهمـا لتقول بنبرة خافته :
- ضموا عليّا وانا أفهمكم .
نوراي بنفاذ صبر : إنتِ هتلاعبينا فتحي يا وردة ! ، ايه التهويل دا ! .. ما تنجزي يا هبلة !
بدأت تسرد علي مسامعهن ما يتوجب علي آلاء فعله ، أنصتن إليها بإهتمام شديد وهنـا قطع حديثهن مجيء نسمه بصُحبه عا** وسليم لتهرول ناحية آلاء ومن ثم إحتضنتها بقلقِ قائلة :
- آلاء .. إنتِ كويسه حبيبتي ؟!
آلاء بهــدوء : الحمدلله .
نسمه بتفهم : انا أسفه يا جماعة علي التأخير ، خلونا نمشي .
بدأوا بالدلوف داخل سيارتهم الخاصة لتبدأ رحلتهم إلي الحي القديم والتي ستستغـرق قرابة الســاعة ... إنطلقت الثلاث سيـارات حيث جهة واحدة عازمين الأمر علي أن ينسوا همومهم جميعهـا ...
--------
_ أيه كمية الصحافة دي ؟! ، وعـاوزين أيه !
أردف أمجد العزالي بتلك الكلمات وهو ينظُر من نافذة غرفته بغضب عارم ليلتفت إلي مساعده الذي أفصح قائلًا بقلق :
- بيقولوا يا باشا إن وصلهم خبر بتعرض معاليك لحادثة ، وطبعًا ما صدقوا يتجمعوا تحت القصر علشـان يعرفوا أسبابهـا .
مشي من جديد ناحية فراشه ضاغطًا علي قدمهِ المُصابة ليهتف بنبرة غاضبة وقد ضجت صيحاته داخل القصـر :
- هو مافيش غيره .. وحياة أُمـي ما هرحمه .
(داخل سيارة سليــم ) ،،،
حملقت بعينين جاحظتين أثنـاء تصفحها لأحد مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) .. ذاك الخبر عن تعرُض أمجد العزالي لحادثة غير معلوم أسبابهـا حتي الآن ..
تحولت ببصـرها ناحية زوجها الذي إلتفت لها بإستغراب قائلًا :
- في أيه يا أوشين ؟!
رمقتهُ نــوراي بنظرات جامدة وقد ضيقت عينيها إستعدادًا لذاك الإنفجار داخلها لتقول بتساؤل مُتقد :
_ أمجد إتعرض لحادثه ؟!
تنحنح سليم قليلًا وعاد ينظُر أمامه من جديد ومن ثم تابع مُتصنعًا اللامُبالاه :
- أه سمعت قبل ما أجي إنه اتعرض لحادثة ، بس الصحافة بتهول المواضيع ، يعني هي مش حادثة ولا كلام فاضي .. دا كان تدريب كاراتيه مش أكتر .
قالهـا سليــم بأريحية شديده ليرفع كتفيه ببراءة مُطلقة ثم ينزلهمـا مُفتعلًا غفلته عن معرفة أسباب الموضوع فيما تابعت هي تهتف به :
- إنت يا سليــم اللي ض*بته صح ؟! ، انا عارفه إنك مش هتسيب حقك .. وهتضيع نفسك وتحرمني انا وولادك منك ، مش هترتاح غير لمّا يكون نهاية اللي بينّا فُراق بالغصب .
تجهمـت معالم وجهه وهو يكور قبضة يده ثم يض*ب مقود السيارة في غضب جامح ومن ثم أوقف السيارة علي فجأة ليلتفت بكامل جسده لهـا قابضًا علي ذراعها بنبرة أثارت ريبتهـا :
- من أمتي سليــم بيتغصب علي حاجه ؟! ، ومن أمتي بفرط في اللي ليّا !! ، ومن أمتي بخاف يا هـانم .. أنطقي من أمتي ؟!
أجهشت بالبُكاء في تلك اللحظه ، رمقتهُ بنظرة وجلة وقد وضعت قبضتها أمام وجهها تحتمي بها من صرخاته ونواتج عصبيته تلك :
_ بس إنت مش هتقدر تقف قدام عُصبة من الظُلم .. أنا وولادك محتاجينك ، ما تعرفش هو بيفكر في أيه دلوقتي ! .. انا خايفه أخسرك يا سليــم .. انا عاوزة أعيش معاك في راحة ، مش كُل يوم أحط إيدي علي قلبي من الفزع وما بارتحش غير لمّا أشوفك داخل من باب الڤيلا .
لانت ملامحه لها ليقول بنبرة هادئه يُخالطها الحنان :
- تعالي .
إرتمت بين ذراعيه تحتضنه بلهفة ، لتنظُر إلي طفليها القابعين بالمقعد الخلقي وغارقين في نومهمـا ، في تلك اللحظه سمعـا صوت طرقات قوية علي زجاج السيارة من كلا الجانبين ..
تنقل سليــم ببصره بين هذين الشابين في إستغراب فيما شهقت هي بفزعِ واضعة أصابعها علي فمها ، أدرك هو لتوه بأنهمـا ثُمالا ليجد أحدهما يمسك بين قبضته قارورة من ذاك الشراب المُسكر ...
_ إنزل يا عم الرومانسي !
سليم وهو ينظُر لزوجته قائلًا : إهدي وروحي اقعدي في الكنبه اللي ورا وامسكي الولاد كويس .
نـوراي بتلعثمِ : أنا خايفة ، دول سكرانين ، أوعي تفتح لهم .
ضغط سليــم علي عينيه في ثبات فقد إحترم مخاوفهـا ليقول بشبح إبتسامة لا تُغير من خوفه علي زوجته وابنائه :
- ما تخافيش وانا جنبك .. إسمعي اللي بقول لك عليه .
أومـأت نوراي برأسها إيماءة خفيفة وبدأت تعود بجسدها إلي المقعد الخلفي لتجد أحدهمـا ينتقل إلي النافذة الخلفية المُلاصقة لمقعـدها ، أسرعت بإحتضان صغيريهـا فيما وقف الآخر أمام السياره مانعًا سليــم من السير بهـا وبدأت صرخاتهم الآمره تعلو مُجددًا :
- إنزل بقولك وهـات الحلوة دي معـاك .
بدأ سليم يطرق علي مقود السيارة بأطراف أنامله ومن ثم بدأ في إشعـال أضواء السياره الأمامية مُحذرًا ذاك الذي يقف أمامهُ ولكن دون جدوي ... فيما بدأ الأخر بالض*ب المتوالي علي زجاج السيارة مُحاولًا **ره وبالفعل أحدث شروخًا به ..
نـوراي ببُكـاء وصريخ عال : هنعمل أيه يا سليــم ؟! .. هي**ر الإزاز .
إلتفت سليم إلي زوجته ليجدها احنت ظهرها تُحاول حماية طفليه من **يرات الزُجاج المُتطايرة ، إحتدمت الدماء بعروقه ليلتفت وبدون تفكير قــاد السيارة بحركة خفيفة ليصدم الرجل وقد أطاح به بعيدًا ومن ثم إنطلق بسيارته بأقصي سرعة لديه ، تنفس الصعـداء في تلك اللحظه فكاد أن يفقد صوابه خشيةً أن يمسهم سوء ولكن ذكائه هو خليله الدائم في كُل مواقفه ...
أردف أثناء قيادته لسيارته قائلًا بقلق :
- نوراي إنتِ كويسه ؟!
هـزّت نوراي برأسها بخفة دون أن تنبس ببنت شفةٍ فيما تابع هو ناظرًا لها من مرآة سيارته :
_ طيب كلميني علشان ما أقلقش !
مسح علي غُرة رأسه بهمِّ وقد أخرج زفيرًا مُشتعلًا ليعود هاتفًا من جديد :
- يا نوراي ، إهدي حبيبتي .. بعدنا وإنتهي الموضوع ! ، وبعدين انا جنبك .
نوراي بنبرة خافته :
- أنا كويسه .. كُنت خايفه علي الولاد لمّا حاول ي**ر الإزاز .
سليــم بإبتسامة هادئه : لأ .. إنتِ اللي قلبك خفيف زيادة عن اللزوم ، بتفكريني بأُمـي لمّا أبويا الله يرحمه كان يتخانق مع حد ، كُنت فاكر مرة إنها نزلت الشارع تُصرخ وراحت وقفت قصاده وعملت نفسها أُغم عليها ومـرة تاني أبويا كان واقف في محل البقالة بتاعه وكانت واحدة عاوزة تلـف عليه وتتجوزه فـ أُمي عرفت بالموضــوع ، وهوبا مسكت الست في قلب الشارع وراحت قالعه شبشبهـا ونزلت عليها ض*ب ووصل الموضوع للشعـر ، يعني من الأخر عدمتها العافية .. وأول ما أبويا سمع بالخناقة وجاي جري راحت عملت نفسها مغم عليها وإنها الضحية بقي وكدا .
إنف*جت أسارير وجهها بضحكة خفيفة ، لتمحو عَبراتها عنهــا وبنبرة هادئه قالت :
- ربنا يديم وجودها يا سليــم ، كفاية إنها إدتني أحلي هدية بتحلم بيها أي بنت في الدُنيا ( زوج راجل ) ، الحُب كتير أوي يا سليم .. بس الحُب اللي طرف منه راجل بيكون أحلي ، إنت بطلي في كُل الأوقات .. بس بصراحة حكاية الغيرة دي أمر مفروغ منهُ .
سليــم بإبتسامة عذبة :
- عندما تُصبح أوشين أحد أطراف مُعادلة الحُب ، فـ ينبغي أن يكون الطرف الأخر يتسم بالرجولة وهذا يساوي في النهاية نظـرة ثقه وضحكة صدق ولمسة أمان فـ تثبت ليّ المعادلة حينهـا بأن الناتج بطل ، ودا انا طبعًا يعني .
أطلقت نوراي قهقه عالية لتنسي علي أثرها ما تعرضت له مُنذ دقائق لينجح هو في ذلك وبجدارة وهنـا تابعت نوراي بنبرة حانية :
- ربنا يحميك ليّا .
إنقضت الساعة علي خير وبدون أي خسائر بالمـرة ، إصطف سيارته أمام هذا البناء القديم ليجدوا الشباب في إنتظارهم ،،،
ترجل هو في البداية ومن ثم أسرع في فتح الباب الخلفي لهـا .. ترجلت هي أيضًا ليقوم بحمل عا** بين ذراعيه ومن ثم هتـف بـ ماجد قائلًا :
- تعالي يا عم ماجد ، شيل نيـروز .
عا** بإنتباة لتدمير زجاج السيارة :
- أيه اللي **ـر الإزاز كدا ؟!
سليم وهو يناوله الصغير وأعقب ذلك غمزه ذات مغزي : أمسك عا** يا عم إنت ..هو إحنا مسميينه علي اسمك وكمان مش هتشيل !
عا** بتفهم ونبرة مازحة :
- يا عم سليــم دا الحاجة الحلوة اللي في عيلتكم كُلهـا .
أحاط سليــم خصر زوجته بذراعه لتستند هي عليه ، فمازالت غير قادرة علي الوقوف بإتزانِ من أثر الفزع .. إصطحبها بهدوء داخل البناية ، وضع كفه في جيب بنطاله ومن ثم أخرج ذاك المفتاج ..
ولج المُفتاح داخل الباب ليستطع بكُل هدوء فتحـه ، نظـرت نوراي إلي الشقه التي رُتبت بعناية وكأن هُنـاك من يسكُنهـا فقد أعطي سليــم ذاك المفتاح لجواد وطلب منهُ إحضار إحداهن لتنظيف المكان ، تابعت نــوراي بإستغراب وقلق شديدين :
- إيه دا ؟! ، هو في حد جه نضف المكان دا ؟!!
لـوي سليم شدقه بإستنكار ليقطب ما بين حاجبيه وكأنه لا يعلم عن هذا الأمر شيئـا ، ومن ثم نحا بصره إليها ثم تكلم سادرًا :
_ لأ .. انا ما طلبتش من حد ينضفه .
ضغطت نوراي بكفها علي ساعده أكثر لتنظُر له بخوف مقتربه منه أكثر فيما تابع هو بغمزه من عينيه :
_ شكل الموضوع فيه عفاريت .. انا بقول تعالي في حُضني علشان أحميكي .
أومأت نوراي برأسها في فـزع لتحتضنه بذراعيها فيما جلت ضحكة عريضه علي مَبسمه من ردة فعلها تلك ليطبع قُبلة حانية علي جبينها ، وفجأه ..
_ روميو وچوليت يا خواتي ! .. إنتوا هتحبوا في بعض كتير كدا وأنا والواد الغلبان دا شايلين عيالكم .. وبعدين الرحمة دي نسمه بتلبس كالسون وهي نايمـه ! ، لمّا حاسس إن صاحبي اللي نايم جنبي .
أطلق الجميع قهقهات عالية وخاصةً عند رؤية وجه عا** وهو ينفعل علي زوجته التي أعلنت فرمـان إنتقامهـا منهُ وهنـا تابع سليــم غامزًا لهُ :
_ كُله بحسابه !!!
------
- أنا هكلم سليم وبإذن الله هتكون راحت عنده.
دمدم زياد بعباراته تلك وهو يضغط علي أزرار الهاتف في قلقِ وخوفِ علي هذه الع**دة التي لطالما ناداها قلبه ولم تستمع له وفي تلك اللحظه قطع إتصاله مجيئهـا وهي تردف بنبرة ذات مغزي :
_ أنا كلمتلك العروسة يا زيـاد ! ، وإتفقت علي ميعاد هتيجي فيه مع الست الوالدة علشان تتعرفوا علي بعض ولو اتفقتوا نحدد كتب الكتاب بسرعة .
أردفت سـَكينة بتلك الكلمات وهي تجلس بجانبه علي الأريكة ومن ثم ربتت علي كتفه بثبات فيما رمقها هو بنظرة ثاقبة مرددًا بإستغراب ...
_ كتب كتاب !!!!
يتبع
#علياء_شعبان