الفصل السادس (6)

3540 Words
الحلقه (6).."هو ليّ2 " ،بين مــدّ وجزر . --------- انتفض جسدها ومازالت تقف علي حالها كمَن فقد احساسه بمن حوله .. ثبتت مُقلتي عينيها ناحبة النافذة ورغم عنها خانتها دموعها لتسقط علي وجنتيها فيمـا تابع هو عنـدما وضع كفيه علي كتفها ثم قـام بإدارتها إليه حتي تلاقت أعينهمـــا .. رمقتهُ بعينين جاحظتين دون أن تنبس ببنت شفةٍ ليقول هو بحنو بالغ : - نسمه !! ، بلاش يغم عليكِ إنتِ كمان . تحركت مقُلتيها بين تفاصيل وجهه ، وبحركة إنسـان آلي لا روح فيه قامت برفع ذراعيها إلي وجهه لتتفحص ملامحة المنحوته الجذابة بأطراف أصابعها ، لتردف وأخيرًا بنبرة مهزوزة : - مش معقـــول ! ، لأ لأ ، أخذت تهزّ رأسها عدة إيماءات ، تنفي ما تراه أمامها ، إبتعدت عنهُ بخطوات وئيدة للخلف لترفع كفيها حتي غطت بهما وجهها ثم صرخت هلعًا وبعدها بثوانِ سقطت مُغشيًا عليها .. جشأ قلبهُ فزعًا عليها ، أسرع يلحقها بين ذراعيه قبل أن تسقط أرضًا .. جثي علي رُكبته يحتضنها بلهفة ، يتفحص ملامحها الساكنة بحُزنِ طائل وهنــا قام بحملها بين ذراعيه حتي سـار بإتجاه فراشها ومن ثم دثرهـا به وبدأ يربت علي وجنتها بهدوء مردفًا : - نسمـه ؟! ، علشان خاطري فوقي .. مفتقدك جدًا علي فكرة ، الأيام كانت صعبة أوي من غيرك وما تتعاش ، وما كانش بإيدي غير إني أقبل بفراقنـا دا .. انا مش عـارف لحد دلوقتي انا غلطت في حقك ولا اللي عملته دا صح . تنهـد بعمقِ قبل أن يمـد راحته إليها بعد أن رشها بعطره ليضعها علي أنفها الصغير وهنا بدأت نسمه تُحرك أهدابهــا بخفة ، رمقها عاصـم بتركيز وكأنه يُريد أن يُشبع نظراته بهــا لتفتح الأخري عينيها وتجده ينظر لهـا بإهتمـام ، عاودت غلق عيناها من جديد وأخذت تردد بنبرة ذات همة فاتــرة : -عـ عا** ! ، هو انـا مُت وروحت الجنه عنده ، يارب ! ، انا مُت صح ؟! ، أصل أيه اللي هيجيبه قدامي كدا تاني ! ، عُمر أمنياتي ما هترجعه .. اللي بيموت ما بيرجعش .. يبقي أكتر حاجه منطقية أني أنا أكون مُت . أخذت تهذي بهذه العبارات ومازالت مُغمضة العينين ، إِفتر ثغرهُ عن إبتسامة جذابة يُطالعها بإشتيـــاق ولوعة ليبدأ بتمرير أصابعه علي وجنتها لتفتح عيناها من جديد وهي تنظُر له بخوفِ ... إعتدلت في نومتها جالسة ، تحدق به في هلع ومن ثم تحول فزعها لصراخ تردد صداهُ في الغرفة بأكملها ليهتف عاصـم بها بصرامة : - نسمه ، ممكن تهدي لو سمحتي ! نسمه بنبرة مُضطربة : - إنت مين ؟! فغــر عا** فاهه يطالعها بقلقِ ليمد يدهُ قابضًا علي ذراعها وبلهجة ثابتة تابع : - انتِ مصدومة ولا فاقدة الذاكرة ؟! ، أنا هقدم لك نفسي .. انا عا** الدالي جوز حضرتك .. اهلًا وسهلًا تشرفنا ! نسمـه بنبرة لا روح فيها : - بس عا** مـات وسابني لوحدي من زمـان ، إنت شبهه صح ؟! ، قولي إنك شبهه وريحني ! ، خليني اتأكد إني ما أتجننتش .. هو وعدني أنه هيفضل جنبي ، بس ربنا ما أرادش دا .. وانا بحبه هو ومش عاوز حد غيرهُ ، ولا حتي شبيه لهُ .. علشان انا بحبه هو وبس ! تزحزح عا** من مكانة قليلًا مُقتربًا منها ليضع رأسها بين كفيه وبنبرة حانية تابع : - نسمه إهدي علشـان خاطري ، انا عـــــــــا** .. مش شبيهه ، انا ما موتش .. فوقي بقه ، إحنا لازم نتكلــم . إستحال لون وجهها في هذه اللحظه إلي الإصفرار القاس ، حينمـا أدركت انها أوشكت علي الجنون ، دفنت نفسها وهي حيه تُرزق حدادًا علي غائب ظنته فارق دُنياها .. أزاحت كفيه بحركة ضارية ، أبعدت الغطــاء عنها لتبتعد عن الفراش وهي تصرُخ بوجعِ أرهقها : - عــايش ؟! ، وانا كُنت بموت علشـان مين ؟! ، راجع بعد اربع سنين تقولي عايش .. حرام عليك .. إنت مستحيل تكون الشخص اللي حبيته.. انت أكتر واحد أذيتني في حياتي .. دمرتني ، إنت دمــــرتني . أخذت تصرخ به في مرارة وقد إنهـارت كُليًا مشي بخطواته إليها فيما إتجهت إليها وظلت تض*به بقبضتيهــا لكي تشمله نيران قلبهـا الدامي لتصرخ بحـــدة : - أنا بكــرهك .. سامع بكرهك ، إنت ميت بالنسبه لي ، ميت . تناول عــا** قبضتيها بكف وبالأخر أحاط خصرها ليقربها منهُ ، مــال إليها ليلثم جبينها وبنبرة مهمومة قال : - خرجي كُل اللي في قلبك ، من حقــك .. مش هعاتبـك صدقيني ، طيب أدي لنفسك فُرصة تسمعيني .. مش يمكن تكوني ظلماني ، انا واحشني حضنك أوي . طالعته في هذه اللحظه بنظرة كارهةٍ ، تلاقت أعينهمـا ، قرأ هو تبعات غيابه عنها في عينيها من كرهٍ وبغضٍ عليه ولكن هنا في زاوية مــا بؤرة حُب تكنها لهُ رغم صدمتها التي لم تتخطها حتي الآن ، شــرد في سحر عينيها ليفاجأ بهـا تدفعه بعيدًا عنها ومن ثم هـرولت ناحية باب الغرفة تحاول فتحـه ليقول هو بثبـات : - قفلتـــه يا نسمه وبالمفتاح . رمقتهُ بعين شزراء لتهـرول ناحية المـرحاض ، لم يستطع اللحاق بهـــا لتغلق هي الباب خلفها ، مسح عا** علي وجهه بضيقِ مما فعله بهـا ولا عتاب عليها أبدًا ليردف بهـدوء : - نسمه أفتحي الباب .. فوقي بقه من الصدمة ، إحنا لازم نتكلم .. انا مقدر حالتك ، بس إنت لازم تسمعيني . خـارت قواه كـُليًا في تلك اللحظه لتجلس إلي الأرض ، أجهشت في البُكاء المــرير لتمد يدها ناحية محبس الميـاة لتفتحه وتبدأ قطرات المياة تتساقط عليها ، قامت بضم ساقيها إلي ص*رهــا ومن وسط بُكـائها إنف*ج ثغرها عن إبتسامة حانية وهي تقول بخفوت : - عـــــــــا** عايش ! تجهم وجهها من جديد لتبكي بنبرات متقطعة ، فقد نالت منها الصدمة وجعلتها بلا شعور فقد تبللت ملابسها وسال الكحل من عينيها وأصبحت حالتها لا يُرثي لهــا ، فيمـا تابع هو بعد أن جلس أمام الباب وقد أسند رأسه إليه قائلًا بإختنـاق : - نسمه انا ما بعدتش بإرادتي .. اوقات بيكون في ظروف أكبر مني ومنك .. إنتِ دلوقتي شيفاني عا** بتاع زمـان ومافيش أي حاجة أتغيرت فيـا وطبعًا بتسألي نفسك انا سبتك ليه ، بس انا ما كونتش زيّ ما إنتِ شيفاني دلوقت .. كُنت مش*ه ، النـار دمرتني ، خوفت ترفضيني في حياتك تاني .. وخوفت أكتر لا تنسيني وتعيشي بعدي وتكوني لحد غيري ، أربع سنين تعبان من غيرك .. ايوة أنا حاصرتك من كُل الجهات ، كُنت عاوزك تفضلي فكراني كُل لحظة .. طلبت من أبويا أنه يقربك مني ومن اسمي ويكتب املاكي باسمك .. طلبت من سليم يحفظك ليّا ، علشان كُنت خايف تضيعي مني ، والله ما بعدت بإرادتي ، أنا مش وحش يا نسمه .. انا واحد تعب من الفراق .. واحد تعب وهو بيشوف حبيبته قدام عينه ومش قادر يلمسها ولا ينول حتي نظرة منها ، من حقك تكرهيني .. بس ما تحرمنيش من حُضنك ، أنا محتاجك أوي . إحترق داخلها وهي جالسة بأرضية المــرحاض وقد أحكمت غلق الباب لتصرخ به بكُل وجع مـا عانته من سنين : - " انت شايفنى ممكن استحمل لحد فين ؟ ولا انت اصلآ مبتسألش نفسك السؤال ده .. ت**رني ليــة وعلشان أيه ؟! ، من أمتي الشكل عندي كـان أهم حاجة .. من أمتي كانت علاقتنـا -شكل وبس - ، علشان أخاف من شكلك ؟! . وضع عا** رأسه بين كفيه ، لقد أعمته كبريائه عن إدراك جوهرها الحقيقي ، فهي ليست كذلك .. مـا قالته هو صحيح ولا غبار عليه ولكن كيف لعا** الدالي الذي أدرك الحُب مـؤخرًا ان يسمح لأحد بأن ينظُر لهُ بعين الشفقه حتي لو كانت من عشقته ، شتـان بين أن نُدرك الحُب وأن نكون علي دراية بجوهـره .. إنهمرت الدموع منهُ يتذكر مـا حدث قبل أربعة سنــوات ... #Flashback , فتح عينيه لينظُر إلي سقف هذه الغرفة الغريبة عليــه ، جال ببصره داخل تفاصيلها البسيطة بنظرة فزعه .. حاول النهوض عنه ليجد وجعًا قد كبل جميع أطرافه فيما دلفت إحدي الممرضات إلي الغرفه قائلة بإبتسامة هادئه : - حمدلله علي سلامتك يا أستاذ ! أحس عا** بأن هُنـاك نارًا أضمرت في وجهه ، لينظر إلي يده ومن ثم صـرخ بهلع مُتذكرًا الحادثة : - لا مستحيييييل .. انا أتحرقت ! ، اتحرقت صح .. انا كُنت سايق العربيه وإنفجرت . أتعبه الصراخ ليلهث بألم جارف وقد إستسلم كُليًا لمــا حدث فيما تابعت الممرضة بقلقِ : - إهدي يا فندم دا غلط علشـانك .. حضرتك في غيبوبة من تلات أيام .. لقيناك مـرمي جوا أرض ذراعيه علي الطريق الدائري .. وطبعًا صاحب الأرض جابك هنا وكانت حالتك صعبة جدًا ومافيش أي هوية شخصية نقدر نوصل بيها لأهلك . أراح رأسه علي الوسادة ، ذرف الدموع من جانب عينيه لتسقط علي وسادته ، فقد أصبح الجزء الأيمن من وجهه مش*ه كُليًا .. أصبح ق**حًا يخاف الناس منهُ ، ظل يتذكر ذهابهم لشـراء الدبلة لطلب يد حبيبته عندما وجد أن أحدهم قام بقطع فرامل السيارة وبدأت تسرب الوقود منهـا وفجأه سمع جهاز الإنذار بهـا ليهتف بفزع بهم أن يترجلوا خارج السياره ، حيث وجد كومة من الرمـال ليتجه إليها مانعًا السياره من الحركة ، ولكنها بدأت تحفر في الرمـال وإزداد صوت جهاز الإنذار إرتفاعًا .. ترجل سليم ومعه زوجته للخارج .. كذلك تذكر صراخ سليــم به ليخرج منها بأقصي سرعه له ولكن الرمال قد عرقلت فتح الباب ، أخذ يض*ب الباب بكامل قوته ومـا أن نجح في ذلك وبدأ يترجل خارجها حتي سمع صوت الإنفجار يدوي في المكان وبالفعل قد طالته النـار وأصابت أجزاء به ... إبتلع عا** غصة في حلقه .. ليردف بألم فاتـر وبنبرة ضعيفة لم يعتدها أبدًا : - هات لي تليفون عاوز أكلم أهلي . أومـأت الممرضة برأسها في تفهم ، جـاء الطبيب المُشرف علي حالته ومعه الهاتف الذي طلبهُ ليبدأ في تدوين هذا الرقم والإتصال بصاحبه الذي أجـــاب بنبرة ضعيفة : - الو ، مين ؟! الطبيب بثبـات : حضرتك فؤاد الدالـي ؟! أكــد فؤاد علي حديثه ليخبره الطبيب بأن ابنه مازال علي قيد الحيـاه بعد أن أقام له العزاء وأتم صلاة الغائب عليه كذلك فقد صرحت الشرطة بأن الشخص الثالث قد هُلك داخل الإنفجار فلم يجدوا أثرًا له سوي بطاقته الشخصية وسُترته التي تهرتلت وصارت رمـادًا .. قـَدم فؤاد إليه ، لا يصدق ما سمعه حتي رأي ابنه بعينه ، ولكن تسايرت السعادة عن وجهه وهو يري شخصًا آخر مُلقي علي الفراش لا حول له ولا قوة .. لم يهدأ عا** حتي أخبر سليم بأنه لم يمت ، رغب في أن يختفي تمامًا وكأنه مات بالفعـــل ، فقد آثر الموت علي أن يواجه الناس بقبحه هذا ، فقد أوصي سليم بأن يحفظ له من أحب فهي الدافع الوحيد له حتي يستعيد عافيته ، سـافر إلي ألمـانيا ليبدأ علاجـه هناك .. تشتاق روحه لهـا ولكنه يخاف من رفضها لهُ .. خائفًا من أن يُجرح كبريائه ، فقد أوهمته أوجاعه بأنهـا ستنفر منه لا محال ، وقد تناسي بأن الروح النقيــه لا تعشق إلا روحًا مثلهــا ، فقد أخطأ .. ولكن حجم الألم الذي عاناه أوقعه في هذا الإثم ولكن لم يمنعه من أن يُعافر حتي يشفي ، حتي تستقر عيناهُ بلقياها ... Back , - كُنت خايف ما تحبنيش ، أو ترفضيني وأبقي خسرتك .. ما كانش عندي القوة أواجهك وانا كـدا ، لأني لو كنت شفت نظرة شفقة في عنيكي كُنت هتوجع أكتر مـا أنا موجوع .. وأديني أهو أتعالجت ورجعت لك ، انا مستني اليوم دا من أربع سنين .. مستني تاخديني في حُضنك علشان وجعي يخف .. سامحيني ؟! . في تلك اللحظه وجد الباب يُفتح ، نهض هو علي الفـــور ينظُر لهــا بعينين ذابلتين فيما تابعت هي بنبرة واجفة بعد أن فتحت ذراعيها لهُ : - تعالـــــي . تساير الحُزن عن وجهه وقد تهللت أسارير وجهه ليلقي بنفسه بين أحضانها ، حاوط خصرها بذراعيه وأخذ يُقربها منه أكثر مرددًا بنبرة باكية : - سامحيني .. لو كُنت وجعتك من غير قصـد ، فـ انا بحبك .. واللي بيحب بيغفـر ، أغفري لي ذنب أنا ما أرتكبتهوش بإرادتي . هدأت نسمه قليلًا ، بدأ وجهها في العبوس لتبتعد عنه بثبـات وقد ركزت نظراتها داخل بؤبؤي عينيه مُباشرة قائلة : - انا سامحتـــك .. وحققت لك اللي كُنت عاوزه ، حضنتك يعني .. فـ إنت كمان واجب عليا تنفذ لي اللي انا عاوزاه .. انا عاوزاك تطلقني وترجع من مكـان ما جيت .. انا أتعودت علي فراقــك ، وطالمـا إنعدام ثقتك فيك وصلتك إنك تفارقني سنين وحكمت عليا بحاجه مش فيّا ، فـ خليك بعيد .. لأن اللي إتهد بيننـا عُمره ما هيتصلح . تجهمت ملامحه وساءت حالتهُ في تلك اللحظه ، فقد جُن في غيابها ولن يسمع بفراق آخر وما كُسـر في قوانينه يعود كمـا في السابق ، قبض علي ذراعها بشراسة أربكتها ليقول بحـــدة : - أنسي .. وفوقي بقه لنفسك .. انا ما موتش ، انا جوزك .. وانتِ من حقي وليّا ومش برضاكي .. دا غصب عنــــــك .. وياريت تتعودي علي وجودي وإنك مراتي وهتبقي أم لأولادي ، زيّ ما إتعودتي علي غيابي بالظبط يا مــدام . --------- - إنت شوفته صح يا مــاجد ؟! ، شوفت عا** اللي حضرنا عزاه من أربع سنين .. كان قاعد جنب سليم وعاوز يتجوز نسمه ! ، قولي إني كُنت بحلم عــادي .. حلم زيّ كُل الأحلام !!! أردفت روفيدا بتلك الكلمات وهي قابعة بين ذراعي زوجها ترمقـهُ بنظرة حائره ، فيما تابع هو قائلًا بنبرة حنونة : - لا يا روفيدا .. عا** ما ماتش .. عا** سافر ألمانيا يتعالج من إنفجار العربية بتاعته ، ولمّا خف ، رجع علشان يتجوز البنت اللي حبها .. يعني هو واحد مننا ، حي يُرزق . إبتلعت روفيدا ريقها في شـدوه فيما تابعت السيده خديجه التي جلست علي سجادة الصلاة قائلة بنبرة حزينة : - لا حول ولا قوة إلا بالله .. وليه يخبي عننـا أنه عايش ، ليه وجع القلب دا بس ؟! ، دي نسمه كانت بتموت قدامـي .. قبل عليها كدا إزاي ! زيـاد بهدوء : خلاص يا جماعة .. قدر الله وما شاء فعل .. المهم نسمه تتقبل دا .. كفايه إتوجعت بما فيه الكفاية . آلاء مؤيدة حديثه : - وياريت يا جماعة ما حدش يحسسها بإندهاشه من ظهور عا** ، ساعدوهـا تتقبل رجوعه .. لازم نقدر ظروفه بردو ، ما هو إتوجع زيها بالظبط .. ربنا العالم بـ اللي كـان حاسه ساعتها . في تلك اللحظه دلفـــت أنهار تحمل بين أصابعهـا كوبًا من عصير الليمون الطازج لتهتف بنبرة قلقة : - إنت كويسة يا أبلة روفيدا .. مافيش هنهون ضحايا .. ما هو مش معقول واحد يصحي ونفقد قصاده واحد . ماجد ضاحكًا : والله إنتِ مسخرة يا أنهــار .. دا إنتِ إتصدمتي أكتر من صدمة نسمه نفسها . أنهـار وهي تضع كوب العصير علي الطاولة وبنبرة قلقة تابعت : - أصل بصراحة .. ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم ..اللي بيموت ويرجع دهون بيبقي عاوز ينتقم .. بس أول مرة أشوف واحد بيموت ويرجع تاني علشـان يتجوز .. شكله نسي الخطوة دي ، فقال أما أرجع أعملهـا ، نيهاهاهاهاي ... بس تصدق وتؤمن بالله كُنت مستخسراه في التُراب .. أصله حليوه أوي ، يالا ربنـا يرحمه ويديله الصحة . عَلت القهقهــات من جديد داخل هذه الغرفة بعد أن تحول الحفل إلي مأتم ..تقبل الجميع عودته مقدرين ما عانه في غُربته إلا هـي ..فـ كُل إبن آدم خطاء ، فما بالكم بموجوع أخطأ ؟! ... " علي الجانب الاخر ،،، خــــارج هذه الغرفة التي شهدت اجواءً عائلية متنوعة ... جلس سليم بصحبة أوس وبعض الأطباء ، حيث بدأ في إملاء قواعد المؤسسـه دون التخلي عن قيد منهم ، فلن يكرر خطأهُ هذه المــرة ، ولن يترك زمــام الأمر يخرج من بين يديهِ ، حيث تابع سليــم بثبـــات : - وبكدا نقدر نبدأ شغلنا علي صفحة بيضا .. مش عاوز أي تقصيــر ، لأني مش هتهاون في أي غلطة دي أرواح ناس .. وربنا سخرنا علشان نكون طوق نجاة ليهم .. لأن من حقهم يحسوا انهم زيّ أي حد فينا . أوس بنبرة إعجاب : - عندك حق يا معالي الوزير .. وإن شاء الله نكون عند حُسن ظنك . سليم بإبتسامة هادئه : انا هنا مش معالي الوزير .. في شغلنـا انا واحد عـادي ، او صاحب المكان بصفة خاصة .. بلاش تكلف .. علشان نقدر نتعامل . إنتهي إجتماعهم وبدأوا في مغادرة الڤيلا ، وقف في الحديقة يشاهد ذهابهم بـ بصيص أمل داخلهُ ، ليجدها تحاوطه بذراعيها من الخلف حيث أسندت رأسها علي ظهره تقول بنبرة حانيه : - خير إن شاء الله بُكــرا كُل حاجه تتصلح ، علشان اللي زيّ قلبك ، ما ينفعش يمسه وجـع . إلتفت سليــم لهـا في تلك اللحظه ، حاوط خصرها بحُب أفلاطوني قد قواه الزمن وعاونه علي ذلك صلابة أساس هذه العلاقة التي لا تسقط أبدًا .. قـرّب جبهة رأسه من جبهتها ليقول وهو ناظرًا لـ عينيها الخضراوتين الذي وقع أسيرًا فيهما : - بحبــــــك .. يا كُتلة أمل وسعادة بتجري في عروقي . داهمتها في تلك اللحظه إبتسامة عريضه علي شفتيها المكتنزتين وقد صبغتهمـا باللون الكرزي ، مـال ليقبلهـا وقد نسي أين همـا ! ، فهي قد أنسته مَن يكُن .. ليجدا صوت نيـروز وهي تقف في المنتصف بينهمـا تُطالعهما بنظرة سعيده قائلة بطفولة : - سيم بتعمل أيه ! سليــم رافعًا أحد حاجبيه : هو انا عارف أعمل حاجه منك ! ، تعالي يا قسمتي ونصيبي ! مـــال عليها ليلتقطها بين ذراعيه وهنـا قطع حديثهم أضواء تنبعث من سيارة مــا ، وقفت هذه السياره أمامهم مُباشرة وقد أدرك سليــم ماهية صاحبها ، ترجل أمجد العزالي من سيارته بكُل ثقة ، ســار بخطواته إليهمــا ، رمقه سليــم ببرود فيما تابع هو : - أهلًا يا سليــم باشا ، أنا لقيتك ما عزمتنيش علي كتب كتاب أنسه نسمه ، فقولت أجي بنفسي وأعمل الواجب .. مهما كان إحنا زمايل في نفس العمـل . رمقه سليــم شزرًا ، وعلت إبتسامة باردة علي ثغره ليقول بإستخفاف : - ما عزمتش معاليك .. لأنها حفلة عائلية ، وكُلك نظر بردو . إبتلعت نـوراي ريقها بصعوبة .. فقد أخفق قلبها وجلًا ولكنه وصل إلي ذروته عندما نظرت إلي ابنتها لتجدها ترمق هذا الـ .. أمجد ، بغضب قاطبة حاجبيها .. ولم تمـر ثانية من رؤية إبنتها علي هذه الحالة ، حتي وجدتهـا تطيح أمجد بقدمها الصغيرة قائلة ببراءة طفلة لا تعرف الكره ولكنها أدركته حينما مس والدتها بسوء : - وحش .. سيم ، دا وحش . تأوه أمجد قليلًا وقد صر بأسنانه بطريقه غير واضحة ، فيما قامت نيروز بمسك ذقن والدها ليعيرها الإهتمام وهي تقول بضيقِ وسط نظراته المصدومة ممـا فعلت : - سيـم .. دا وحش . قــام سليم بإنزالها علي الفور ليهتف بها بصرامة شديدة : - عيــب يا نيروز .. اللي عملتيه دا غلط ، يالا إتأسفي ! عقــدت نيروز ذراعيها أمامها ، إحتقن وجهها غضبًا لتصرخ باكية : - مامـــي لأ .. مامي عيط ودا وحش . عضت نوراي علي شفتها السُفلي في خوفِ ، فقد أدركت الآن بأن مـا سيرتب علي هذا لا يُحمد عُقباه أبدًا ، حيث أمسكت بكف ابنتها لتقول بنبرة مضطربة : - بـ بـب بعد أذنكم ! أسرعت نـوراي للداخل ، واضعة يدها علي قلبها في هلع ، شــرد سليــم فيما قالته الصغيرة ، فهو يعلم بأن صغيرته لا تكره أحدًا ، إلا إذا عاشت تجربة آلمتها منهُ .. كظم غيظه قليلًا فهو لا يعلم بعد ما سبب غضب إبنته ، فيمــا قاطعه أمجد بتوترِ جاهد في إخفاؤه : - استأذن انا بقي .. شكل الحفلة عائلية فعلًا . إستدار أمجد ليغادر ، ليقطع سيره حديث سليم وهو يقوم بصــرامة وتهديد بيّن : - أبعد عن المؤسسـه يا أمجد .. لـو مش عاوز الحرب تقوم بينّا .. انا ما عرفش بنتي كرهـاك ليه ؟! ، بس هعرف وساعتهـا .. مش بس الحرب هتقوم عليك ، لأ دا إنت هتبقي من ضحاياهــا . أنهي حديثهُ ليتجه داخل الڤيلا وقد صفق بابها خلفهُ ، إتجـه ناحية الدرج وقد أكل درجاته كالفهد الجريح ، قـام بفتح الحجرة الخاصه بأطفاله ليجدها تجلس إلي جانب الصغيرة .. وهنـا تابع وهو يقف أمامها بصوتِ أجشٍ : - أيه الكلام اللي سمعته من نيروز دا ؟! .. أمجد إتعرض لك يا نوراي وما قولتيش ولا انا فهمت غلط ؟! عَلت نبرة صوته بشكل أخـاف نيروز التي نظرت له وجلًا ، ولكنه لم يهدأ ليتجه إلي زوجته قابضًا علي ذراعها بشراسة ومن ثم جذبها إليه حتي وقفت قبالتة وأخذت تردد بتلعثم : - كُنت هقولك والله العظيم . سليــم بصوت جهوري : - بس مـا قولتيش ؟! . إقتربت نـوراي منه أكثر لتردد بنبرة خافتة تحثه علي إنهـاء هذا الصخب أمام صغيرتهمـا : - علشان خاطري ، مش قدام البنت .. والله هفهمـك كُل حاجه . رمقها سليم بجمود ليترك ذراعها علي الفـــور ، فيما توجهت هي ببصرها ناحية نيروز ومن ثم إبتسمت لهـا قائله بحُب بعد أن جلس بجانبها تُقبلهــا : - حبيبة مـامي هتنام دلوقتي ، يالا فين بوسة مـامي ! . قبلتها نيروز بدورهـا لتقوم نوراي بدثرها داخل الفراش وقد طلبت من أنهـار المبيت معهما ، ومـا أن ترجلا خـارج الغرفة حتي قبض سليم علي ذراعها من جديد يدفعها داخل غرفتهمـا .. إرتعشت أطرافها خوفًا ، لا تعلم بماذا تُخبره .. فالأمر ليس بهذه البساطة ، فقد أصبح ما تعرضت له يندرج تحت مسمي - تحرش - ولا شيء آخر ..وهذا كفيل بأن يُحول زوجها إلي قاتل دون تأنيب ضمير البته ..سليم بحدة : - أمجد العزالي عمل أيه ؟! ، ومن غير ما تفكري .. ومش عاوز كدب .. إنتِ سامعة ! إنهمــرت الدموع منهـا ، حاولت أن تتخلص من قبضته المشدوده عليها ولكن دون جدوي لتقول بخوفِ : - كـان بيضايقتي بالكلام .. مش أكتر ! ، لو سمحت يا سليــم ما تكبرش الموضوع . سليم وهو ينظُر إلي عينيها : - كدابـــه ! ، أول مرة عينك تقولي إنك كدابة ..وإنتِ عارفة إن الكداب مالوش في حياتي مكان .. ولآخر مرة هسألك أمجد عمل أيه ؟! ، خلي نيروز كرهاه وإنتِ خايفة منه كدا !! ، علشان لو اكتشفت إنك كدبتي عليا حتي لو علشان تحميني زيّ ما عملتي زمـان .. فـ صدقيني ، هتخرجي من حياتي . نــوراي ببكاء : - يعني أيه !! سليــم وهو يرمقها بغضبِ وقلبه يتآكل لإدراكه لما تعرضته له زوجته ويحاول إنكاره : - هطلقك يا نوراي لو كذبتي عليّا . أسرعت نـوراي بوضع كفها علي فمه ، وقد أجهشت بالبكـاء قائلة بنبرة خائفة : - ما تقولش كدا يا سليــم .. وحياة ولادنا ! سليــم مكررًا سؤاله : عمل لك أيه ؟! نـوراي بنبرة مُرتعشه تنظُر صوب عينيه : - اتحرش بيـّا !!!!!! يتبع #علياء_شعبان
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD