الحلقه (7).."هو ليّ 2" ، بين مدّ وجزر .
--------
تحركت أهدابه بثقلِ بيّن يرمقها كمن فقد قدرته علي الاستيعــاب .. أرخي قبضتهُ عن ذراعهــا في حالة صدمة من أمـره فيمـا هـرولت هي ناحية باب الغرفة حتي أغلقتهُ بمفتاحه الخــاص ومن ثم استدارت له وقد أسندت رأسهـا عليه ترمقه بحذر خائفة ممـا هو قادم ، عسـر عليه استيعاب الأمـر إينذاك ليهتف مُكررًا جملتها :
- إتحرش بيكِ ؟! ، أمجد العزالي إتحرش بمراتي !
استبد بها القلق فقد إبتلعت ريقها بصعوبة لتجده يقترب منها هاتفًا بصوتِ جهوريٍ :
- ولسه فاكرة تتكلمي دلوقتي ؟! ، كُنتِ مستنيه أيه يا هــانم ! .
نوراي بنبرة مُضطربة :
- كُنت هقولك .. والله كُنت هقول .. ممكن تهدي ، خليني نتكلم بال*قل يا سليــم .
صـر سليم بأسنانة وقد إحتقنت الدماء بعروقة لينظُر إليها نظرات أثارت الريبة داخلها قائلًا :
- أفتحي الباب دا حالًا .. إنتِ سامعه !
أومـأت نوراي برأسها سلبًا .. أخذت تُردد بنبرة ثابتة ع** الخوف الساكن داخلها :
- مش هفتح غير لمّا تهدي .. وانت مش هتروح لأي مكــان .
إستشاط سليــم غضبًا إينذاك ليقترب منها أكثر ومن ثم هاجت فرائص وجهه ليكور قبضة يده بقوة ، رفعهـا إليها ..فزعت نــوراي مما يفعل فأسرعت تحمي وجهها منهُ في حين ضـرب الباب بقبضته قائلًا بحـــدة :
- إفتحي الزفت دا وبلاش تكوني ضحية غضبي .. حسابي معاكي لسه مش دا وقته .
أبعدت ذراعيه بتوجسِ ، تلألأت الدموع بعينيها لتقول خافته بصوتها :
- يعني هتجيب لنفسك مصيبة علشان واحد زيّ دا ! ، أنا خايفة عليك منهُ .. مش علشان هو أقوي .. الناس اللي من النوع دا بيكونوا أضعف من أضعف حد ، انا خايفة عليك علشان هو ما يعرفش ربنا .. معدوم الضمير ، ما حدش بقي عارف يوقفــه .
اِفتر ثغر سليم عن إبتسامة ساخرة ، مــدّ كفه ليرفع ذقنها إليه ومن ثم هتف بنبرة جامدة وعينين يتطاير منهما الشــرر :
- والمفروض إني أسمع اللي عملهُ وأقف أتف*ج علشـان هو ابن كلب ما عندوش ضمير .. طيب أيه رأيك ألبس طرحة وأقعد جنبك !!!.. أوعي من وشي .
رمقتهُ نــوراي بنظرات حزينه تتوسل له بأن يهدأ ، ولكن لا جدوي من حديثهـا فزوجها قد فار فائرهُ ولن يهــدأ إلا بمُعجزة ، شرد قليلًا بعقلهـا تفكر في حيلة مـــا ... فيمـا ضغط هو علي راحتها ليسلب المفتاح منها وفي تلك اللحظه أغلقت عينيها لتفقد توازنها وتسقط بين يديه ...
استحال لون وجهه للفزع الشديد ، قــام بضمها إليه ومن ثم حملها إلي الفراش ليبدأ في الربوت علي وجنتها بخفة قائلًا بقلقِ جليّ :
- نــوراي ؟! .. إنتِ كويسه ! ، نوراي فوقي .
وجدها في تلك اللحظه تُحرك أهدابها كمن يفتعل النوم ، تنشق الهواء داخله وقد ضغط علي عينيه بإنفعالِ خفيف فقد أدرك خيلتهـا ، وهنـا نهض عن الفراش ليبدأ في فـك حزام بنطاله وبنبرة جامدة تابع :
- نـــوراي ! ، تمثيلية حلوة جدًا براڤو .. لا مغم عليها وبتحرك عنيهـا كمان ، شـوف أزاي ! ، إنتِ اللي جبتيه لنفسك .
فتحت عينيها علي وسعهمـــا وهي مُتسطحة إلي الفراش لتتجه ببصرها إليه تجده يمسك بحزام بنطاله بين يديهِ لتصرخ في فــزع :
- يا مـــامي ... لا يا سليــم .. انا نوراي حبيبتك !
ض*ب بالحزام علي طرف الفراش ، لتنتفض هي مُتجهه ناحية النافذة وبنبرة مُتلعثمه رددت :
- لو لمستني ، هرمي نفسي من هنـــا .. علشان أريحك مني خالص .
سليم بجمود :
- أجيب لك كُرسي طيب علشان تطلعي عليه وتعرفي تنطي ، أصل زيّ ما إنتِ شايفه القُصر بيحكم بردو .
تخصرت أمامه وقد لوت شدقها إستنكارًا لتردف بغيظِ :
- لا والله .. إنت فاكرني بهزر ، طيب قرب كدا يا سليم او أخرج من باب الأوضه وشوف أنا هعمل أيه ؟!.
القي الحزام أرضًا ، ســار ناحية الأريكة ليجلس عليها بثبات شديد .. فقد أدركت هي بأنها تمكنت من إمتصاص غضبه لترمقهُ بنظرة غاضبة فيمـا أشار لها هو بأن تتقدم إليه :
- تعالي يا أوشين يا حبيبتي .. قرّبي ، تعالـــــي .
نوراي بتلعثم تقدم قدمًا وتؤخر الآخري :
- مش هتض*بني ؟!
أومـأ سليم برأسـه سلبًا ..إتجهت إليها لتجلس إلي طرف الأريكة بتردد جليّ ، عضت علي شفتها السُفلي تنتظر حديثه إليها في حين تابع هو ناظـرًا إليها بهدوء شديد :
- بصي يا بنت النـــاس ، إنتِ مش هتكبري أبدًا .. طفولتك في المواقف اللي زيّ دي مش هتنفعــك لأن شكلك مش مُدركة اللي حصل ؟! ، إنتِ معايا علشان أنا اللي أحميكي .. لكن إنتِ هتحميني من مين ؟! ، وعلشـان أيه ! ، بتحميني من واحد مش بس بص لمراتي بش**ة لا دا إتجرأ عليها ؟! ، إنتِ مُدركة إنك كدا بتحميني مش بتأذيني بسكوتك ؟! .. كُنتِ مستنيه لمّا يعمل فيكِ أيه ! .. سليــم النجدي مراتهُ بتتأذي وهو ما ينفعش غير أنه يكون هـادي علشان هو وزير وكُل خطوة أو تصرف محسوب عليه ،
ومن ثم استئنف حديثه وهو يصرخ بها بصوتِ أجشٍ :
- يا شيخة ملعون أبو الوزارة علي الوزيـر علي أمجد العزالي واللي مستنيه .. بقولك أيه يا نـوراي إحنا ننهي حياتنا مع بعض لحد هنا .. طالما هيبقي في خفايا بينّا ، يبقي بلاهـا جواز بقي وبتاع ..انا أصلًا نويت استقيل وهشتغل لهم س**ح .
نـوراي بعينين دامعتين :
- قولت لك كُنت هقولك .. كُنت مستنيه نسمه تفرح وترجع لحياتها الطبيعية تاني .. انا مش بخبي عنك حاجة ، انا خايفه تتهور فـ تأذيه وتروح مني .. خايفه ما تكونش جنبي ثانية وإنت طول الوقت تهددني بالفراق .
مسح سليم علي غُرة رأسه بتعب وهمّ يحفر في أعماقه .. ليردد بنبرة هادئه أو ربما ضعفت من حديثها :
- ايه يعني هقتله وأدخل السجن! ، طيب ما دا الطبيعي لواحد في حالتي إلا لو كان د**ث ، وبعدين انا مش بهددك بالفراق ولا عُمري فكرت أعمل كدا .. انا عاوز قلبك يقوي علي كُل الناس طول ما إنتِ برا بيتنا .. ما تخافيش طول ما إنتِ علي حق ، ما تنسيش إني وعدتك إن اللي هيدخل حزن جوا قلبك همحيه من علي الدنيا فما بالك بواحد فكــر يقرب منك ؟!.
تنهــد سليــم بآسي وقد رسم إبتسامة باهتة علي ثغرهِ ليحاوط كتفها بذراعه ثم يقربها منهُ لتستند هي برأسها علي ص*ره قائلة بخفوت :
- أنا أسفــه .. بس أوعدني إنك مش هتتهور ولا تض*به .. وصدقني لو ص*ر منهُ أي حاجة تانيه هقولك علي طول .
رمقها سليم بثبـات ليطبع قُبلة حانية علي جبينها ،ومن ثم نظر أمامه هازًا رأسه بصبر أوشك علي أن ينفــد .
--------
نـامت أرضًا بجوار باب الغرفة ، تقوست علي نفسها كجنين داخل رحم أمه وقد غفت رغمًا عنها بعد بُكـاء أضنا قلبهُ ورفضًا قاطعًا من الإقتراب منهُ .. سـار في هدوء إليهـا نزل أرضًا يتحسس وجنتها التي تبللت بدموعها ليضع أحد ذراعيه أسفل رأسها وقام بوضع الآخر أسفل قدميها يحملها إلي أحضانه .. إتجه بها إلي الفراش ثم دثرهـا جيدًا قائلة بخفوت :
- شكلي هتعب أوي معاكي .. بس تعبي وانا جنبك ولا حاجه قصاد اللي حسيته في بُعــدك .
أنهي حديثه ليطبع قُبلة علي وجنتهـا .. ينظُر إلي أهدابها الكثيفة المُتلاصقة وبراءة طفلة أُجهدت من شدة البُكاء فـ نامت فما كـان منه إلا أن قرب شفتيه منها طابعًا قُبلة طويلة علي شفتيهـا .
استقام واقفًا من جديد ، ليتجه صوب الباب يفتحه بهدوء شديد فحان الآن الإلتقــاء بهذه التي أوقعته في المهالك ، بينمـا يشتاق قلبه لهفةً لرؤيتهــا ...
ســار بهذه الطُرقة الطويلة حتي وصل إلي الغرفة القابعة في نهايتهــا .. قـام بفتح الباب بحذرِ شديدٍ ليجد والدته تُحرك عينيها أعلي وأسفل بطريقه مُنظمة ولم ترفع وجهها إليه او تتفحص من القادم إليهـا ، قطب ما بين حاجبيه وبعد بضعة دقائق من مراقبتها يجدها تتجه ببصرهـا يمينًا ويسارًا ،
رفعت إلهــام بصرها إليه في هذه اللحظه ، أخذت مُقلتي عينيها تتحرك حركةً سريعة فقد دخلت في نوبة عدم القدرة علي الحركة أو التعبير ولنقل ساءت حالتهـا وأصبحت غير صالحة لعملية التفاعل الاجتماعي ، وهنـا سالت قطرات الدموع منهـا .. أخذت تبذل جهدًا مُضنيًا لترفع كفها ولكنها لم تستطع ، هرول عا** إليه يحتضنها بُحب جـارف ثم ردد بنبرة مُتألمة :
- وحشتيني يا أُمــي ؟!
أخذت إلهام تنشج نشيجًا حادًا لعجزها عن إحتضانه فيمـا جثي هو علي رُكبتيه ليضع رأسه علي قدميها قائلًا ببكــاء :
- سامحيني يا أُمــــي ... إني وصلتك للحالة دي ، بس ما كُنتش أعرف ، إنك بتحبيني للدرجة دي .. يمكن فشلتي في دورك كأم ، بس إنتِ أُمي مهمــا كان .
---------
" في صباح اليوم التالي،،،
- نسمه ؟!! ، إنتِ في الحمـــام ؟!
أردف عا** بتلك الكلمات وهو يتجه ناحية باب المرحاض يطرقه بتوجسِ ولكن دون إجابة ، خفق قلبهُ فزعًا من غيابها ... استبد به القلق من أن تكون قد فارقته ، ليتجه خــارج الغرفة بحركة ســريعة ،
جلس الجميع علي مائدة الطعـام ، ليهتف عا** بهم في قلقِ :
- مـــا حدش شاف نسمه يا جماعة ؟!
ماجد وهو يوميء برأسه :
- إهدي يا بني مش كــدا ؟! ، نسمه متعودة تعمل تمــارين جري علي الصُبح وزمانهـا جاية .
تنفس عا** الصعــداء إينذاك ، مـرر أصابعه بين خُصلات شعره بأريحية ليفتر ثغرهُ عن إبتسامة هادئه :
- طيب صباح الخيرعلي الكُل ! .
السيده خديجه بحنو :
- صباح النور يابني ، يالا أقعد أفطر .
هزّ عا** رأسه موافقًا ، قام بسحب المقعد قليلًا ومـا أن جلس حتي تابع بنبرة ثابتة :
- يعني هي كدا ما أتأخرت !
روفيدا بإبتسامة هادئه :
- لا يا سيدي .. ما تخافش ، مش هتهرب .. هو في حد بيهـرب من قدره ؟!
عا** بإبتسامة واثقة : أنا بقول كدا بردو .
في تلك اللحظه دلفت أنهـار داخل حجرة الطعـام تحمل عا** الصغير بين ذراعيها فيما يسير رامي خلفها يحتضن راحة نيروز ، سـارت أنهار داخل الغرفة بضع خُطوات لتقف فجأه وقد حدقت بهذا الجالس ، لتستدير مُجددًا تنوي الترجل خـارج الغرفة قائلة بخفوت :
- يمـــا .
وهنــا تابع عا** مُتوجهًا بحديثها لهُ :
- هاتي الولد يا أنســه أنهار ؟!
شهقت أنهـار في فزع وهي تواليهم ظهرها ، إبتلعت ريقها بصعوبة لتقول بنبرة مُضطربة :
- ما أهو عفريت بقي لازم يعرف اسمي .. أمـــا أروح أديه الواد بدل ما يسخطني سحلية عوره .
استدارت أنهـار مُجددًا ، مشي بخُطواتها إليه تُتابعها نظرات روفيدا التي انف*جت أسارير وجهها لتقهقه بصوتِ عالٍ بعض الشيء وهي تجد أنهـار تعطيه الصغير بأطراف مُرتعشــة :
- مش قادرة .. الله يسامحــك يا أنهـار .
رفع عا** أحد حاجبيه ، ليقول بنبرة ثابتة :
- مالك يا أنسه أنهار .. إيدك بتترعش .
أنهار وهي تبتعد عنهُ :
- أصل الصراحه .. إتعودت عليك إنك ميت ، بس إنت طلعت عايش في الواقع .. بس عرفت اسمي منين لمّا إنت انسي زيينـا ؟! ، انا ما عونتش ليا عيش في البيت دا تاني ، انا هستقيل قبل ما اتجنن وانا لسه في زهور شبابي وأبهي عصور العربدة .. بس مشكلتي إني مُهذبه زيادة عن اللزوم .
عا** بضحكة خفيفة :
- عربدة ؟! ، إنتِ في كُلية أيه يا أنهــار ؟!
أنهـار بثقة وهي تُشير إلي نفسها :
- طب بشري ، قسم جراحة و تــشـ....
**تت أنهار لوهلة وقد نظـرت إليه بعينين جاحظتين لتقول بنبرة مرتعشــه :
- بس .. انا خلاص فهمت إنت ميت عايش أزاي ..أصل انا وانا بشرح جُثة عملي علشان نعرف أسباب الوفاة وكدهون .. جاتتني في الحلم ، وقالت ليّ هنتقم منك يا نهــر .
ثم استئنفـت بنبرة أشبة للبُكـاء :
- إنت هو صح ؟! ، انا كُنت بساعدك توصل للقاتـل .. تقوم تعمل فيا كدا ؟! .
عا** بإندماج وبنبرة ثابتة :
- عملت أيه ؟! ، أصل انا بقتل ناس كتير .. فـ مش فاكر بالظبط .
أنهار بضيقِ :
- تقولي في الحلم يا نهـر ، مُفرد .. تقل مني كدا ؟! ، يعني انا ربنا مبارك ليّ في منسوب الميـة عندي ، تقوم إنت تقول الكلمة دي زيّ سـد أثيوبيـا علشان يحصل انخفاض في المنسوب وأبقي نهر واحد !
مـاجد وهو يرمقها بضحكة مكتومة :
- يعني إنتِ متضايقة انه قال اسمك بصيغة المُفرد مش انه هددك بالقتل ؟!
أنهـار توميء برأسها سلبًا : تؤ تؤ .. الأعمار بيد الله يا أبو رامي نيهاهاهاهاي .
ماجد صارخًا بها : بــــرا .. يا أهبل أخواتك .
أنهار بإمتعاض : طاه ما تزوقش ، وبعدين انا مقطوعة من سجرة .
مـاجد وهو يض*ب غُرة رأسه بكفه :
- سجرة وطب ؟!
عا** ضاحكًا : دمك خفيف أوي يا نهــر .
أنهار بغمزة من بين عينيها : ميرسي يا قمـــر .
بادلهـا عا** الغمزة ، استطاعت أن تنثر البهجة في المكــان من جديد فهي تعشق هذا المكان جمّا ويُحزنها إنطفائة السعاده به ، وهنـا تابعت نيروز بنبرة مرحة :
- مسي يا قمر .
قهقه الجميع بسعادة فهذه الصغيرة هي خليفة أنهـار داخل هذه الڤيلا ، تحذو حذوها ولم يمنعها إختلافهـا من **ب قلوب الجميع ..
تحول عا** ببصره إلي الصغير القابع بين ذراعيه ، قبل وجنته بحُب ليقول بحنو :
- دا لو نـوراي آله طباعة .. مش هتجيبه شبه سليم بالشكل دا ؟! ، سُبحان الله .. سليم بكُل تفصيلة فيه .
-------
- طيب هو إنت رايح فين هـا ! ، هــا يا سليم ! ، رايح فين هـا ؟!!.
أردفت نـوراي بتلك الكلمات وهي تُحرك ذقنه بين أصابعها يمينًا ويسارًا ، أثنـاء إرتدائه لـ سترته أمام المرآه ، لينظُر لهـا ضاغط علي عينيه بنفاذ صبر :
- أرحمي أمي هـا هـا هـا ؟! .. هـا ماشي هـا !
قالها وهو يكور قبضة يدهُ وقد وجهها إليها ، فيما تابعت نــوراي بتلعثم :
- حـ حـاضر .. ممكن تقولي رايح فين ؟! ، او أقولك علي فكرة أحسن .. تاخدني معاك .. إنت أكيد رايح تكمل المشروع صح ؟!
سليم بثبـات : إنتِ عاوزة أيه يا نـوراي ؟!.
نوراي وهي تتشبث بعُنقه تنظر صوب عينيه مُباشرة :
- بتطمن علي حبيبي أنه هيهدا ومش هيعمل مشاكل خــــالص ، علشان هو بيحب مراته وأولاده صح ؟!
سليم وهو يمسك بكفها ثم يطبع قُبلة عليه :
- صح .. طبعًا مش هعمل أي حاجة .. إنتِ وعدتيني انك هتبقي تقولي ليّ لو اتعرض لك تاني .. دا لو كـان فيه حيل يعني !
نـوراي بعدم فهم : هــــا ؟!
سليــم غامزًا لهــا : يالا يا ست الكُل علشان إتأخرت .
---------
- يا بني الحُب في الزمن دا ما بيأكلش عيش ، هتعيش لوحدك لحد أمتي ؟! ، لازم يكون لك ضني من صُلبــك .. ولا إنت عاوز عيلتنـا تنتهي بدري ، دا ربنا حلل لك أربعة علشان الظروف اللي زيّ دي .. يعني جوازك لا هو عيب ولا حــرام .
قالتها سَكينة وهي تربت علي كف ابنها القابع بجانبها علي ألاريكة بغرفة الصالون ..إبتسم لها زياد إبتسامة لم تصل إلي عينيه ليردف بهـدوء :
- يا أمي .. انا حبيت وإتجوزتك وأخدت نصيبي من الدُنيـا ، وربنا ما أرادش إني أكون أب .. فـ الحمدلله علي كُل حال وانا راضي بحياتي مع مراتي ومبسوط بيهـــا .
إلتفتت سَكينة بكامل جسدها إليه ، رمقته بنظرة غاضبة أعقبتها هاتفة بنبرة عالية بعض الشيء :
- بس انا مش راضية عن دا .. من حقي يكون ليّ حفيد من صُلبي .. وأفرح بيه وأخده في حُضني ، ولا إنت عاوز نسلنا يتقطع من الدُنيـا وبعدين تحرم نفسك ليه من النعمة دي وإنت سليم مليون في المية .. من الآخر كدا يا زيـاد إنت لازم تتجوز وإلا هغضب عليك ليوم الدين ومش هتشوف وشي تاني .. إنت سامع ولا لأ .. وانا عندي العروســة ، ما عليك إلا إنك تتعرف عليها وتتكلمـوا وفي أقل من أسبوع تكونوا متجوزين .
زيـاد بعصبية خفيفة :
- أيه اللي إنتِ بتقوليه دا يا أمي ؟! ، انا مش بفكر أتجوز علي مراتي .. أيه الصعوبة في كدا ؟! ، اللي إنتِ بتقوليه دا مش هيحصل .
سَكينة بصرامة : يبقي إنسي إن ليك أُم .
في تلك اللحظه دلفت آلاء إلي الغرفة ، وقفت أمامهما بثبات شديد لتقول بنبرة م**ورة حاولت جاهده ألا تُظهرها :
- مامتك عندها حق يا زياد .. إنت من حقك تكون أب .. وانا موافقة إنك تتجوز .
---------
تباعدت نظراتها لنهاية هذا الجسر الذي تقف عليه كعادة كُل يوم تبـدأ في عدوها مُنذ الصباح الباكر بداية من أولهِ حتي المفترق القابع في المنتصف ومنه تستئنف سيرها نحو القصر ،تهيم بهذا المكان وجدًا ،تري به نصفها الهاديء المليء بأحزانها حيث يوجد أسفل هذا الجسر بحيره ذات ماء صافية ،تن*دت تنهيـدة عميقة حيث إجتاح الشجـن عقلها النشط مُنذ ليلة أمس ومــا تعرضت له من صدمات ،بدأ الهواء يداعب جفونها وفجأه تجد يدين إلتفتــا حول خصرها من الخلف ، مــال برأسه علي كتفيها يتنشق عبيرهـا الآخـاذ بلهفة ومن ثم سمعته يهتف بصوته الخشن :
-مقدر وجعك ،ومستحمل دموعك الـ بتقتلني ،بس مش هتنازل عن حلم أتمنيته من سنين علشـان عنادك ، إنتِ ليـا يا نسمــه !
أجفلت عينيها قليلًا ،ومن ثم زفـرت بأرق صاحبة نبرة مختنقه :
- أبعد عني بقي ، أفهم انا بكرهـك .. إنت مُت جوايا .
رفعت أحد كتفيها للأعلي قليلًا محاولة التملص منه وبحركة متمردة إبتعدت عنه علي الأثر بينمـا قبض هو علي ذراعها بقوة يخالطهـا الحنو :
- بس إنتِ لسه عايشه جوايـــا ، وانا ما بتنازلش عن حاجه بتنفسهــا .
في تلك اللحظه رفعـت أحد قدميها لتض*ب رسغه حتي يتركها لتجده يمسك قـدمها ومن ثم مــال بجذعه للأمــام حتي تمكن من حملها بين ذراعيه مرددًا بحُب :
- شكر الله سعيكم .
تشنجت قسمات وجهها ، وظلت تض*ب ص*ره بقبضتها وهي تصرخ به أن يتوقف عمـا يفعله ومـا أن باءت مُحاولاتها بالفشل حتي أجهشت بالبُكـاء تغرس أظافرها بلحم ذراعه :
- إنت ما عندكش أي إحساس ، أبدًا مش حاسس بـ اللي جوايـا ، انا مش مسامحاك .. مُحاولاتك كُلها مش هترجعني ليك .. دا في أحلامك وبس يا عا** .
عا** وهو ينظُر لها بحنو :
- إنت إتوجعتي وانا لأ .. إنتِ حبيتيني وانا لأ ، إنتِ الحنين قتلك وانا حديد ما بحسش ، إنتِ الضحية وانا الجاني .. بس انا حياتي واقفة عليكِ ، مش كفاية بقي يا نسمه .. انا راجع علشـان أكون معاكي ومتوقع دا منك .. بس الإحساس نعمة ، بلاش أنانية وعلي فكرة .. أرضي بقدرك علشان انا مش بس هكون معاكي في نفس الأوضه وهخنقك في حياتك .. لا دا إنتِ هتربي أولادنا فـ لازم تتقبلي أبوهم .. ولا أيه ؟!
أشاحت نسمه بوجهها بعيدًا عنه ، أغمضت عينيها ببطء ومن ثم تابعت بهدوء :
- طيب ممكن تنزلني ؟!
عا** برفض قاطع : لأ .. انا مرتاح كدا .. وزيّ ما إنتِ عارفة ، انا أناني ومش بفكر غير في راحتي .
--------
- هو أيه اللي جايبنا هنـا يا بيه ؟!
أردف إسماعيل أحد حُراس سليم بتلك الكلمات وهو ينظُر إلي هذا البنـاء الراقي ، فيمـا تابع سليم وهو يترجل من سيارته :
- في أيه يا إسماعيل ؟ ، هو إنت كاتب كتابك عليّا وانا معرفش .. رايح فين يا سليــم بيه وجاي منين يا سليــم بيه ... أبقي فكرني أرفدك لمّا أخلص شغلي هنــا .
وقف سليــم أمام البوابة الإلكترونية بضع ثوان لتفتح أبوابها علي الفـــور ، دلف سليــم للداخل .. سار في حديقـة القصر قليلًا وقد ذأب في سيره حتي وصل إلي الباب الداخلي في الحال ومن ثم قام بقرع جرسه ...
قـامت إحدي الخادمات بفتح الباب ليهتف بها سليــم بصوتِ أجشٍ :
- فين أمجد العزالي !
فغـرت الخادمة فاهها في إستغراب ، يهتف اسمه دون أن يسبقهُ بمـا يثقل من منصبه في الدولة لتُتابع الخادمة بتوترِ :
- في أوضه الجلوس .. خير يا بـــاشا ؟!
سليــم بعصبية مُفرطة : إنتِ مالك .. فين أوضه الزفت دي !
في تلك اللحظه جاءت زوجة أمجد العزالي أثر الصخب ، لتردف بنبرة هادئه :
- سليم بيه ؟! ، أهلًا بيك .. نورت القصـر !
سليــم بثبات : بنور صحابه يا مـدام .. ممكن أقابل الباشـا !
قالها باستخفاف ليجد أمجد يظهر أمامه وبنبرة حادة بإستغراب :
- سليــم !
في تلك اللحظه هــرول سليم إليه ليقبض علي كتفيه بكلا ذراعيه ومن ثم أرجع رأسه للخلف ثم أعادها يطيح جبهته بقوة ،
صرخت زوجته في صدمة وأخذت تهتف به أن يتوقف بينمـا أخذ سليم يلكم وجهه بصرامة ظهرت في وجهه الذي بدده الغضب .. بدأ أمجد ينزف من عدة أماكن مختلفه في وجهه ، ومن ثم سقط أرضًا وقد فـرد ذراعية بإستسلام بعد أن نـال ما يستحق ...
وقف سليم أمامه ، ليقوم بوضع قدمها علي قفصه الص*ري وبنبرة عدوانية قاسية هتف :
- مراتي في كفه .. والعالم دا كُله بـ اللي فيه في الكفه التانية .. أما إنت فـ مالكش كفة عندي ، أخرك أدهسك برجلي ومش هيبقي لك غير الموت .. يا أمجد الكلب .
يتبع
#علياء_شعبان