"هو ليّ 2".. الحلقه (2) ، (بين مدّ وجزر )
-------
أدارت مقبض الباب بتوجُسِ شديدٍ ، وما أن فُتح الباب قليلًا حتي وقفت تتأمل هذه السيده التي تتدبر حال النجوم كُل يـوم ، تغفو علي مقعدها كذلك .. نست تمامًا صوتها مُنذ حادثة غياب قرة أعينهمــا ، ودت نسمه لو تهزهـا بشدة حتي تفيق ، تصرخ بهــا ، تنهال عليها بمــا يُضني قلبهــا ، ولكن داخلها يتآكل من هذا ال**ـت القاس عليها ، خطت بقدميها للداخـل ،لتسحب بدورها مقعدًا من الخيزران داخل الشرفة ثم جلست بهدوء شـــديد وراحت تنظر للسمـاء هي الأخري ...
أخذت نفسًا عميقًا متوهجًا بنار الإشتياق ثم تابعت بنبرة مهزوزة :
- تعرفي إنه بالرغم من توتر علاقتنا قبل ما عا** يمشي ويسيبني ، بس وحشني صوتك أوي يا مـــاما إلهـام ، وحشني خناقك فيّا علشان أبعد عن عا** ، عارفه كمان ..،
**تت للحظة تبتلع غصة في حلقهـا ثم سـالت عَبرة حارة علي مُقلتيها ، لتُغمض عينيها بجزع مما تُعانيه منذ سنوات ثم استئنفت بلهيبِ مشتــاق :
- وحشني بـــردو لمّا ما كان يسمع لك ، وأد أيه كان متمسك بيّا ، ليه بعد دا كُله سابني ، رغم انه وعدني ، انا عايشـة بوعده دا لحد دلوقتي ، بيتقال عليا مجنونة علشـان بحس بريحته في كف إيدي وكأنه سابني إمبارح بس .
سلطت بصرها تنظر للسيدة إلهام بخيبة أمل ، فلن تُجيبها أبدًا ، تعلم ذلك تمام العلـم ، ولكن لا تستطع التفريط بهـا ، تود لو تُشفي مما هي فيه ، فهي تعمل جاهدة للحفاظ علي هذه السيده حُبـًا وتقديرا لمن غاب عنها دون سـابق وعدًا بالغيــاب ...
ن**ت نسمه ذقنها ، تقلصت عضلات وجهها رجفًا لتضع رأسها بين كفيها ، تتحايل علي عقلهـا بأن يُوجده أمامها في الحال تشكي له من ظلمة نفسها بدونه لتجد عقلهــا يهتف بها ان تستفيق ، فـ عا** رحل مُنذ أمد بعيد وهذه حقيقيه لا تحتمل التشكيك...
-----
- يا ورود دي تاني مـرة احفظك جدول 3 وبردو مُصـرة تغلطي فيه .
أردفت آلاء بتلك الكلمات وهي تنظُر لإبنتها -بالتبني- نظـرات لائمـة فيما تابعت ورود قائلة بحنان طفولي :
-I'm sorry Mom .
إِفتر ثغر آلاء عن إبتسامة حانية ، أمـدت يديها لتضع وجه ورود بينهمــا لتميل قليلًا تلثم جبينها بحب جـارف وكأنها تُغدق علي نفسها وتتشبع بهذه النعمة التي حُرمت منها :
- انا مش زعلانة حبيبتي ، بس عوزاكي تكوني أشطر بنوته في الدُنيا ، علشـان تفرحي بــابي .
أومـأت ورود برأسها متفهمة ، قـامت علي الفـــور بإسناد رأسها إلي ص*ر آلاء ثم رددت بنبرة سعيده :
- انا هذاكر وهبقي شاطـرة علشـان إنتِ دايمًا بتعبري لي عن حُبك بهدايا كتير وبتفرحيني ، وانا لازم أفرحـــك ، إنتِ جميلة أوي يا مـــاما.
رفـرف قلبها بين ضلوعها من فرط سعادتها ، لا يأخذ الله منا شيء إلا عوضنا عنهُ بشيء آخر ، فـ الله لا يُرضيه وجع قلوبنـا ودائمًا ما يطبطب علينا برحمته ...
- وانا فين من الأحضــان دي ؟!
هتــف بها زيـاد وهو يقف علي عتبة الحجرة عاقدًا ذراعيه أمــام ص*ره ، فما كان منهُ إلا أن يراقب ضحكة زوجتهُ الصـادقة تجاه الصغيره ، يُراقبها بتمعنِ وهُيــام ، دائمًا تري نفسها في عينهِ غير كاملة بينمـا هي الصورة الكاملة لهُ والتي تدُل علي سلامة بصره مائه بـ المائه ، فهي أحق أن يعشقها ، فهي الوطن المألوف لهُ وبدونها تأتي الغربه ...
إتجه إليهمـا حيث الصوفة الموضوعه في زاوية من الغرفه والتي تجلسن عليها ، جلس بدوره بينهن ليقوم بضم آلاء إلي صـدره بأحد ذراعيه وبالآخر يطوق كتف ورود قائلًا بحُب :
- ربنا يخليكم ليــا ، وأشوف الضحكة دايمًا علي وشوشكم ، وبالمناسبه عندي ليكم مُفاجـأه .
حملقـت الإثنتان إليه في تساؤل صامـت ، عقد ما بين حاجبيه ، يتلذذ بعلامات التساؤل الباديه عليهن ، ليطول **ته قليلًا ، فيمـا لوت آلاء شفتها السُفلي وقالت بنفــاذ صبر :
- يوووه بقه يا زيــزو ،كُل مفاجأه لازم تنشف دمنـا كدا .
تحركت ورود للامام قليلًا بزاويه قائمة، عقدت ذراعيها أمــام ص*رها بإعتراض ثم تابعت وهي تضغط علي عينيها :
- علي فكرة بقه يا بابي ، إنت مش چنتل خالص.
زياد رافعًا حاجبيه : چنتـــل ؟! جبتيها منين دي ؟!
ورود بثبات : من طنط نوراي ، لمّا كُنا في النادي قالتهـا للسواق .
آلاء بضحك : نوراي وقاموسها، هنعمل ايه بقه !
زيـاد وقد تنحنح قليلًا قبل أن يسترسل في الحديث عن مفاجأته :
- بعد وفاة أبويا الله يرحمه ، حاولت أقنع أمي تسيب القريه وتيجي تعيش معانا وهي كانت رافضة رفض قاطع ، والحمدلله قدرت أقنعها النهاردة وبإذن الله هتيجي تعيش معانا من بُكرا .
آلاء بسعادة : الله بقه ، فرحت جدًا ، تنورنا يا زياد ، من زمان مفتقدة جو الأسره ووجود أم في حياتي ، قولي بقه هي بتحب أكل أيه؟!! ، علشان أعملها كُل اللي نفسها فيه .
----------
- حمدلله علي سلامتك يا عـزيز بيه ، إن شاء الله تكون اتبسطت في الرحلة !
قالهـا مُساعد عزيز المرشود بنبرة مُضطربة وهو يقبض علي يـد الحقيبه ذات العجلات الجرارة ويجرها خلفـة ، فيما أزاح الأخر النظــاره عن وجهه ورمقهُ بنظرة ثابته ليتفوه بصوتِ خشنٍ :
- تمـــام تمام ، طمني إنت علي الشُغل في غيابي !
حكمت بثبـات : كُله تحت السيطرة يا بـــاشا ، بس فـ فـفي مشكلة واحدة يعني ؟!
وقف عزيز المرشود في مكانهِ ، إشتدت حدة عينيه ومالتـا لـ اللون الأحمر القاني وكأنه قد فهم مجري الحديث القــادم إليه ، هـزّ رأسه وقد حرك يدهُ بثبـات ليسارع حكمت في حديثه مُسترسلًا :
- يا بـــاشا الظابط دا مش ناوي يجيبها البر ، من يوم ما رشيته إنت ومعالي الوزير علشـان تاخد منهُ التسجيل اللي سجله لك سليــم النجدي ، وكُنت وعدته إنك كُل شهر هتبعت لهُ مبلغ مُحترم علشان تسكته بيه ،وهو زاد فيها أوي والجشع خدهُ ، الشهر لسـه ما خلصش وجاي يطلب فلوس غير اللي أخدهــا ، ما انا قولت لك يا عزيز بيه ، الواد دا هيحطنا كُلنـا تحت ضرسـه .
كــور عزيز قبضة يدهُ في إنفعـال حاد ، صـر بأسنانه مطولًا ، كـانا يسيران في الممـر المؤدي للباب الخارجي داخل مطار القاهرة الدولـي ، ترجلا وأخيرًا للخـارج .. أسـرع السـائق الذي بدوره قد أوقف السياره ونزل منهـا ، فتح البـاب الخلفي ومـا أن صعـد عزيز داخلها ، حتي أغلقه علي الفـــور وكذلك قام بوضع الحقيبه داخل شنطة السياره الخلفية ، وأخيرًا عاد إلي مقعد القيادة مُجددًا وقد جانبه حكمت في الطريق ، ليقطع ال**ت صوت عــزيز وهو يُردد :
- خلصـــوا عليه .
إلتفت إليه حكمت ، يستوعب ما قالهُ لتوه ، بينما هتف عزيز بنبرة غاضبة :
- اللي سمعتهُ إنت فاهم !
حكمت بتلعثم وبنبرة مُضطربة وقد أومـأ برأسه عدة إيماءات وجلة :
- اللي تـتـ تشوفه يا عزيز بيه !
--------
( داخل أحد الأحياء الشعبية )..
تراصـت البيوت جنبًا إلي جنب ، بعضها قد بُني من الخشب وأخري بُنيت من الطوب اللبن ، هذا الحي أشبه بمكان مُقفـــر ، بللـت مياة الصرف الصحي جميع الشـوارع ، أطفــال لا يلقـوا أهتمامًا مُطلقًا وهذا واضح من هيئتهم المُزرية ، كذلك يجلس النـاس أمام منازلهم يتلاقفـون بعضهم بألفـاظ غير صالحة البته ، في أحد الشقق بهذه المنطقــة ، إرتدي رمضـان قميصه من فُقرتهُ بسرعة شــديدة ،
جثي علي رُكبتيه إلي الأرض ثم بعدها قد أحني ظهره بحثًا عن جزمته ، ليجد طفل في سن السادسة يختبيء واضعًا أصابعه الصغيره علي فمهِ ، إبتسم رمضـان رغمًا عنهُ ثم هتف به مُتسائلًا :
- خيي يا وش المصايب ! ، مستخبي من ميين !
عبد الرحمن (جـــار رمضان ) ، بنبرة خافته :
- اسكت يا رمضان ، أمي هتسمعك .. انا مستخبي علشـان مش رايد اروح معاهـا نسرق حاجات الناس .
حك رمضـان ذقنه بأطراف أصابعه وقد تبدلت ملامحه للضيق وهو يسحب الطفل من أسفل الأريكة الوضيعة :
- كان عييا عيني يا عبيحمان -عبرحمن- ، أخدك معايا الشغي بس أمك هتحيجني .
عبد الرحمن بحُزن طفولي : بس انا مش عاوز اسرق يا رمضان ، خُدني معاك اشتغل وهسمع كلامك .
رمضان بإبتسامة حانيه ممررًا أصابعة بين خُصلات شعر الصغير الكثيفة :
- طيب أمشي إنت عشان ما تضيبكش .
إنتصب رمضان واقفًا يبتسم بأسف علي حال هذا الطفل وغيره من الأطفال والذي كان من ضمنهم يومًا ، حيث يتشكلون علي أيادي قُطـاع طُرق ولصوص وبائعي الم***عــات وكذلك تُجـار السلاح من السيدات والرجال ، فـ هذه المنطقة تعدت حاجز المحظور ولا تقترب الشرطة منهــا أبدًا .. تنهــد رمضان بعُمقِ فهو يمقت العيش بها ولكن ما باليد حيلة ...
ترجل خارج شقته ثم أغلقها جيدًا ، ليتجه لخارج البناية التي أوشكت علي السقوط ومـا أن خطي خُطوتين في طريقه حتي وجد نافذة غرفتهـا مفتوحة ، وقف أمام النافذة يُطالعها بنظرة هائمـة فهو يعشق هذه الفتـاه التي عُرفت بالإنطوائيه وفقدانها لحاسة النُطق وكذلك رفضهـا لمن حولهـا وأخلاقياتهم ...
تنحنح رمضـان خارجهُ ليلفـت إنتباهها ، رمقتهُ نعمة بنظرة خاليه من أي شيء وهي تجلس إلي مكتبها البسيط تدون داخل هذه الأجندة موهبتها الوحيدة - الكتابة - ، فيما هتف هو بهـدوء :
- أزيك يا نعمة !
نهضت نعمة بهدوء شديد ثم إستدارت مُتجهه ناحية النافذة ، هـزتّ رأسها هزة خفيفة وبعدها قامت بغلق النافذة في وجهه ليردد رمضـان بحُزن :
- مش ذنبي إني عايش بينهم ، بس انا مش زيهم !.
--------
( داخـــل السجن ) ...
- طيب أنا هسيبكم شوية علي إنفـــراد .
قــالها مأمور السجن وهو ينهض عن مقعده مُتجهًا خارج الغرفة فيما نـظــر المحامي الخــاص بـ سليم إلي هذا الـ.. كمال ، نظـرات ثاقبـه أثناء جلوسهما مقابل بعضيهما ، أحني المحامي (غســان) ظهره قليلًا ليميل نحو الأمـــام وأخذ يُطالع كمال بثبات وكانت عيناه تسبقه في الحديث حيث قــال بجدية خالصة :
- أظن إنت عارف كويس أنا جاي هنا ليه ؟! ، وتقريبًا إنت حفظت الكلام اللي عاوز أقوله لك يا كمال .. مش كــدا ولا أيه ؟!
في تلك اللحظه قــام كمال بوضع قدمًا فوق الأخري وبعنجهية لا تليق بمُتهم تابع ببرود :
- أحب أسمع تاني !!
إبتسم غسـان إبتسامة لم تصل إلي عينيه ، ثم عـــاد بظهره للخلف من جديد وبصوتِ أجشٍ قال :
- طيب هعيده ، مش معني إن تنفيذ حُكم الإعدام عليك بيتأجل في كُل مرة ، إن بكدا هتقدر تهرب من العدالة ، وأوعي تفتكر إنك لمـّا تبرأ عزيز المرشود وتشيل إنت الليلة ، إنك بكدا هت**ب ثقتهُ وهو هيخرجك منها زيّ الشعره من العجينه ! ، مش دا اللي هو مفهمه ليك بردو ، ولا إنت أيه رأيك !.
أطلق كمال قهقه عالية أثارت حنق غسان الذي كظم غيظه عنهُ وتروي في النيل منه ، فيما تابع كمال بثبات :
- أنا فعلًا هخرج منها زيّ الشعرة من العجيبه ، وبلغ رئيسك ولا نقول معالي الوزير ، إن أعلي ما في خيله ، يركبه .. وياريت ما تشرفنيش تاني ، لأن قريب جدًا انا اللي هشرفك .
--------
تجمهــر الحشـــد حولهُ مابين طاقم الحماية والمرافقين الخاص به وكذلك بعضًا من كبـار الدوله وأصحاب ال*قـارات الضخمة فـ اليوم هو إفتتـاح أكبر مركز ثقافي قد تشهدهُ البلـد ، جـاء إليه أحد الشباب بزيّه الرسمـــي يحمل بين يدهُ صينية فضية وقد وُضع عليها ذاك المقـص ، إلتقط سليم منهُ المقص وراح يدبه في هذه الشريطة الحمراء حتي إنشطرت نصفين ، لتعلو التصفيقات من قِبل الحضـــور ..ومن ثم بـدأ سليم يدلف داخل المـركز بترحيب شديد من صاحبه :
- شــرف*نـا يا معالي الوزيـــر .
أومـأ سليم برأسـه في هـدوء ليقطع سيره هتـاف أحد الأشخاص وبدي من صوته أنه كهل في آخر عُمـره ، إلتفت سليم نحو مصــدر الصوت ليجد رجلًا قد خط الزمان عليه وظهرت تجاعيدهُ بصورة كبيرة ، يقبض رجــال الامن علي ساعديه ويزجوا به بعيدًا عن المكـان ...
تألم سليــم من هذا المنظـر ، لتقفز صورة السيد ناجي أمامـه ، لمعت الدموع داخل مُقلتيه ولكن هيهات فهو الآن الوزير الذي لا يبكي ولا يعرف للمشاعر طريقًا ، حتي لا تستضعفـه هذه الطبقة من حوله ، استفاق من غفلته في الماضي علي صوت هذا الكهل الهزيل وهو يهتــف بألم :
- أنا عــــاوز أكلم سعادة البيه ، سيبوني يا نـاس .
- سيبـوه .
هتف بهــا سليم وهو يتجه ناحية الرجل بخُطي سريعة ، قـام بالقبض علي ساعد الرجل برفق شـديد وإبتسامة هادئة فيما تابع الرجل بنبرة أشبه للبُكاء :
- ساعدني يا بيه الله يسترك ، لو توصل صوتي للرئيس ، الحكومة هدت بيتي وبقيت مرمي انا وبناتي في الشــارع حتي اللقمة مش لاقيينها .
ربت سليم علي ظهره بحنو وكذلك مـال عليه مُقبلًا رأسه لتندلع عَبره من مقلة الرجل قائلًا بترجي :
- إلهي يخلي لك ولادك يا باشــا ، ساعدني .
سليم بحنو : أنا جانبك ما تقلقش .. معاك تليفون أو أي حاجه أوصل لك بيهــا .
هـزّ الرجل رأسه إيجابًا ، دفن يده في جيب بنطاله المُتهالك نوعـًا ما ليلتقط هـاتف صغير الحجم ليدون سليم رقم هاتفه بإهتمام شــديد قائلًا :
- إستني مني مُكالمـة بُكرا ،بإذن الله .
تهللت أسارير وجه الرجُل ، وإندلعـت الدعوات علي مسامع سليــم كـ نغمة بات يعشقها ، تُلحنها والدته لهُ في كُل صباح ومســاء ، وكذلك رطبت هذه الكلمات علي قلبه ليشعر بأنه هو وأخيرًا ...
-----
- حاضر يا بــابا فؤاد ، انا والله بقيت كويسه ، بس من بُكرا هنزل الشركة ، إنت عـــارف إني ما أقدرش اقعد من غير ما أشوف شغلي لحظة ، وأخدت أجازة أسبوع وإنتهت ، وما تقلقش عليا ، أنا صحتي زيّ الفل ، حاضــر يا بــابا .. أشوفك علي خير بُكرا .
أغلقت نسمه الهاتف مع السيد فــؤاد الذي قلق عليها بشده وأمهلها أسبوعًا تستعيد قوتها وعافيتها فيه ، ألقت بالهاتف داخل حقيبتها وهي تجلس إلي المقعد الأمـامي بالسياره تحمل بين ذراعيها -عا**- ، ويُجانبهـا رمضان الذي يقود السيارة في حالة **ت تام ..وكذلك تجلس نوراي ونيروز وأنهـار بالكنبه الخلفيه بالسيارة ، متجهون إلي النـادي الرياضي المخصــص للوزراء وأصحاب الطبقة الراقية ...
توجهت نسمه ببصرها حيث رمضان ، رفعت أحد حاجبيه تتأمل وجهه الكئيب وبنبرة تساؤلية قالت :
- رمضان إنت كويس ؟!
رمضـان بحُزن : عــادي يا نسمــه .
ضيقت نسمه عينيها بحيرة مما يحزنه ، فيما تابعت أنهــار بتفكه :
- مالك يا أبو صيــام ، ما تخليك فرفوش كدا ، والله الدُنيا مش مستاهلة ، اضحك لهـا تضحك لك ، تكشرها تـ كركركر ،
بـدأت تُقرب أصابعها منهُ تُداعب ظهره بمزاح ، بينما إنتفض هو يقهقه تاره ويغضب عليها أُخري قائلًا :
- بس يا أنهــاي ، هنيوح في شبي ميه ، إلا بصحيح إنتِ ليه مش نهي واحد بس !
نـوراي بضحك : علشان لو حصل جفـاف نلاقي عندها مخزون يا أبو صيــام .
أنهار بتبختر : علشـان أنا فرفوشه وبحب أكُب ع الفاضي ، اللي هم مكتئبين زيكم ، إني مش شفتكم بتضحكوا جوا الفيلا بتاعتكم دهين .
نسمه بضحكة خفيفة : ربنا يزيدك يا أنهـار ، أغدقي علينا يا بركة .
في تلك اللحظه اصطف رمضان سيارته داخل الجراچ الخاص بالنـــادي ، دلفوا جميعًا للــداخل ، جلسـوا إلي طاولتهم المُعتـادة ، وهُنـا تابعت نيروز بنبرة حزينه :
- بيبي مــامي ! .
مسحت نــوراي علي خُصلات شعر صغيرتها وقد استجابت لندائها لتنهض علي الفـــور مُرددة بهـدوء :
- هوديها التواليت وراجعه ، خلي بالك من عا** يا نسمه .
نسمه بإبتسامة هادئه : في عيـوني .
إصطحبت نــوراي إبنتهـا إلي دورة المياة ، بينمــا إقترب أخر شخص تود نسمه رؤيته من الطاولة ثم هتف بإبتسامة ثابتة :
- النــادي نــوّر .
حملقت نسمه إليه في دهشه وهي تري كدمات مُنتشرة في سائر وجهه ، لتهتف مُتسائله :
- مالك يا أستاذ عـادل ، أيه اللي عمل فيك كدا ؟!
عــادل وهو يلتفت يمينًا ويســارًا في قلق :
- الموت !.
نسمـه وقد لوت شدقها بعدم فهم : نعـــم ؟!
أدرك عادل لمّا قالهُ توًا ، ليقترب من مقعدها أكثر ثم يُردد وهو يرمقها بنظرة جامدة :
- إتفضلي !
طالعته نسمه بإستغراب ، تنظر إلي علبه صغيرة من القطيفه الحمراء فيما قام هو بفتحها ليطُل منها عُقــد من الألمــاس - آيه في الجمال- ، بينما تابعت نسمه ببرود :
- ودا أيه بقه إن شاء الله ؟!
عـادل بكُل ثقــة : دا عُقد هدية مني ليكِ ، إختارته بنفسي من محل المجوهرات بتاعي .
نسمه بعصبية خفيفة : شكرًا ، مش عاوزه ، تمـــام !!!
رمقها عـــادل بنظرة نارية ، يتوعد لها في نفسه أشد الوعيد ، قام برفع قبضته لأعلي ثم هوي بها علي العلبه ليُغلقها بقوة ، ليقطع غضبه إتصالًا من أحد الموظفين لديه ، ومـا أن تلقي المُكالمة حتي هتف بذعــر :
- محل المجوهـــرات بتاعي ، إتسـرق !!
"علي الجانب الأخر " ،
ترجلت نوراي مع صغيرتها خارج دورة الميـاة في طريق العودة إلي الطاولة ليستوقفهـا صوته هاتفًا بثبـات :
- مــدام نــوراي !
توقفـت عقب سماع الصوت ومن ثم إستدارت تنظُر لهُ في هـدوء وقد إرتسمت إبتسامة هادئه علي مبسمها ، فيمـا قـدم هو إليها ومـد يده قائلًا :
- النــادي نـور بوجودك !
نـوراي وهي تُصافحه بدورهـا :
- ميرسـي يا أمجد بيه .
ضغط علي أصابعها النحيلة بين قبضته وكأنها حُبست داخلهـــا ، ليصدح هاتفه بإتصالًا ومن ثم يلتقطه وهو ينظُر إلي اسم المتصل بظفــر ،بينما أخدت نوراي تسحب كفها من بين أصابعها دون جدوي ، لتحملق به فجـأه عندما هتف باسمه :
- أهلًا يا سليــم بيه ، خيـــر!
دق قلبها بعُنــف فلو علم سليم تصرفات هذا الرجُل غريبة الأطوار ، لض*ب بمنصبه عرض الحائط ونال منهُ ، إبتلعت ريقها بقلق تحاول مرارًا نزع كفها دون أن تصدُر صوتًا يثير إنتبـاه سليم ، لتقوم إبنتها بهذه المُبادرة ، حيث أرجعت قدمها للخلف ثم أعـادتها مُجددًا تض*ب بمنتصف قدم أمجـد كذلك هتفت عاقدة حاجبيه بغضب :
- غـــور ، انت وحش ، مامي لأ .
وبالفعل تركها أمجد وهو يغمـز لهـا من بين عينيه ، أمسكت بكف صغيرتها بعد أن رمقتهُ بنظرة مرتعدة وراحت تذأب إلي الطاولة .
أمجد بصرامة : لأ يا معالي الوزير ، وأظن دا مش من شؤونك ، ياريت الموضوع دا يتقفل .
عـــادت نـوراي إلي الطاولة من جديد ، أخذت تفرك قبضتيها بتوترِ لتهتف بنبرة واجفه :
- يالا نمشي يا جماعة ، مش عاجبني الجـو هنـا .
أنهـار بإعتراض :بالع** دا جميل أوي خلينـا قاعدين !
نوراي وقد إنسابت دموعها علي وجنتيها :
- خلاص أنا هاخد ولادي وهمشي !
نهضت نسمه من مكـانها، إستـدارت علي طول الطاولة ثم مـدت يدها تربت علي كفي نـوراي قائلة بنبرة حانية :
- نــوراي حبيبتي ، مـالك ؟
نوراي بإختنـاق : هفهمـك بعدين ، يالا نمشي .
إنصاع الجميع لرغبتها ، وبالفعـل وصلوا مجددًا إلي الڤيلا بعد وقت قصير ، ترجلت نـوراي خارج السيارة ، ترغب بإحتضانه والإحتماء به فقط ، حيث رددت وهي تهرول داخل الڤيلا :
- طلعي الولاد لـ أودتهم يا أنهـار لو سمحتي .
هـرولت إلي الدرج تصعده علي عجالة من أمرها ، أدارت مقبض الباب ثم هتفت بنبرة مهزوزة :
- سليــم ! .
جـالت ببصرها داخل غُرفة نومهما ولكنها لم تجدهُ ، فأدركت انه قد يكون في مكتبه ، أسرعت ناحية غُرفة المكتب وما أن فتحتهـا حتي وجدته يُسارع في إغلاق الإتصال مع أحدهم ...
رمقتهُ نــوراي بعينين لامعتين ، وبنبرة منهكة قالت :
- كُنت بتكلم مين يا سليــم ، لدرجة أنك تقفل الخط أول ما أنا دخلت ، طول عُمرك بتتكلم مع أي حد قدامي.
بادرها سليم بإبتسامة حانيه ، وبدأ يتحرك ناحيتهـا ثم مـد أطراف أصابعه ناحيه عينيها قائلًا بشك :
- إنتِ كُنتِ بتعيطي !
في تلك اللحظه تجاوزته في خُطوتها ثم إلتقطت الهاتف من علي سطح المكتب ، وبدأت في استدعاء أخر رقم في قائمة إتصالاته فيما هتف هو بهـا بضيقِ :
- نـــوراي ، ممكن تسيبي الفون ! ، اللي بتعمليه دا غلط .
نـوراي بعند جليّ : لأ يا سليــم ، وهعرف بنفسي كُنت بتكلم مين؟!.
مسح علي وجهه بنفاذ صبر بينما أجرت هي هذا الإتصال وقد أغمضت عينيها قلقًا من أن تسمع صوت إحداهن ، ليأتيها صوتًا أثـار الخوف داخلها ...
- قفلت الخط ليه يابني ؟!!
إرتجفت أطرافها ليسقط الهاتف أرضًا في حين حدقت هي به قائلة بنبرة مرتعـدة :
- لأ لأ لأ ، مش معقول !!!
يتبع