دخلت مهرة إلى بناية جدتها وصعدت بـ المصعد ، اتجهت لمنزل جدتها وقرعت جرس المنزل ، بعد دقيقه تماما قد فتح الباب لتظهر فتاة في أواخر العقد العشرون ، لتصرخ مهرة بفرح قائلة وهي تعانق الفتاة :
- جناااا ، وحشاااني يا كلبه ، كل ده ومتكلمنيش يا وحشه .. .
بادلتها جنا العناق بود قائلة :
- وانتِ وحشاني يا اختي يا حببتي .. .
- طب يلا ندخل بقي .. .
وقبل ان يدخلا أوقفت مهرة جنا قائلة بخوف :
- هو هنا ؟ .. .
وضعت جنا يدها علي كتف مهرة تربت عليه لتطمأنها ثم قالت :
- متخفيش مش هنا ، هو وصلنا وبعد كده راح شغله .. .
نظرت مهرة للأعلي وشكرت وحمدت الله علي ذلك ، ثم نظرت بمكر وقالت :
- لما اروح اخض شوشو ، اصلها وحشااني مووت ..
- روحلها هي قعده مع خالتك في المطبخ بيعملولنا الغدا ... .
ذهبت مهرة إلى المطبخ بعد أن سلمت علي الجميع ورأتها واقفه مع خالتها ريهام توأم فاتن ، لتقترب من هذه المرأة وتضع يدها علي خصرها مداعبه لها ( تزغزها ) قائلة :
- اركب الهوا يا شوشو يا جامد .. .
انتفضت هذه المرأة وقالت وهي تضع يدها علي ص*رها :
- يخربيتك يا مهرة خضيتيني يا بنتي ، اومال لو مكنتش امك كنتي هتعملي ايه ؟ .. .
ضحكت مهرة بمرح وهى تقول:
- خلاص يا ماما يا حببتي ، بس اعمل ايه بحب اخضك يا شوشو .. .
ضحكت ريهام من مهرة وقالت بمرح :
- الله يكون في عون اللي هيتجوزك يا مهرة ، ده هيطفش من اول اسبوع .. .
لترد عليها والدة مهرة " شيماء " بمرح :
- ونبي يا ريهام ما هيكمل الأسبوع .. .
وضعت مهرة يدها بمنتصفها وقالت بمكر :
- يعني انتو عليا دلوقتي ... طيب انا بقي هوريكوا جوجو هيعمل ايه ويخدلي حقي منكم .. .
لتنده إلى ماجد بقوة لدرجه ان ريهام وشيماء وضعوا يدهم علي اذنهم ، أتي ماجد وهو يقول بتعب شديد :
- عايزة ايه يا مهرة .. انا تعبان ومش قادر .. .
انتفضت مهرة خوفاً علي ماجد وقد لاحظت شحوب وجهه لتذهب له وتضم وجهه بيدها قائلة بخوف :
- مالك يا ماجد فيك ايه يا حبيبي ؟ .. .
ليرد عليا ماجد وهو يتثاوب :
- منمتش كويس علشان اذاكر الماده الرخمة دي .... وتونا مسبتنيس انام وقالتلي اني لازم اجي معاكم عند نينا .. .
- ملكش دعوه بتونا ... تعالي معايا نام في أوضة خالك عثمان لحد ما نيجي نمشي .. .
ثم نظرت لخالتها ووالدتها الذين ينظرون لها بحب فتقول لهم :
- انا هروح انيمه وهاجي .. .
خرجت مهرة من المطبخ وهي معانقه ماجد لتدخل غرفة خالها عثمان الذي يكبرها بسنتان فقط ، مددت مهرة ماجد علي السرير وتمددت بجانبه وأخذته بحضنها لكي ينام وهي تلعب بخصل شعره ، ليردف ماجد قبل انا ينام :
- انا بحبك اوي يا مهرة .. .
- وانا بموت فيك يا قلب وعقل مهرة .. .
لينام ماجد وتقبله مهرة من جبينه وتغطيه وتخرج من الغرفه وتتفاجئ بهذا الشخص امامها ، الذي طالما كرهته ، كرهته كره شديد ، أنه السبب في حياتها هذه ، أنه السبب في جراحها وبعدها عن امها وشقيقتها ، نظرت له نظرة استحقار ليبادلها هذه النظره لكنها نظرة مكر ودهاء وخبث لتتبدل نظراته عندما رأي زوجته قد أتت والتى تكون والدة مهرة ليقول :
- يلا يا حببتي علشان نمشي ، انا هنزل واستناكي في العربيه .. .
أومأت شيماء رأسها وقالت مبتسمة له :
- ماشي يا حسين انا هسلم علي مهرة واجي وراك .
- طب وجنا جايه ولا لا ؟!.. .
- لا هتبات عند ماما انهاردة .. .
- طيب متتاخريش بقي .. .
ثم خرج من البيت لتقفل مهرة الباب ورائه بقوة وعنف ، لتقول لها والدتها بحزن :
- ياااااااه يا مهرة كل الكره والغل ده ليه يا بنتي .. .
نظرت لها مهرة بغضب وقالت بصوت تحاول ألا تجعله مرتفع :
- ماما قفلي علي الموضوع ده بعد اذنك .. .
هتفت شيماء بغضب كاسح :
- لا بقي ما هو الوضع بقا مش مستحمل اكتر من كده ، انتِ هتفضلي سايبه بيتك لغاية امته . بقالك 8 سنين قاعدة عند خالتك فاتن ، طب جنا موحشتكيش ولا انا موحشتكيش ، يعني انتِ قلبك بقي حجر كده يا بنتي .. .
غضبت مهرة بشده لكنها تحكمت في اعصابها :
- ماما بعد اذنك متفتحيش الموضوع ده ، هفضل اقولك كده اد ايه ، انا زهقت بقا ، كفايه كده حرام .. .
سمعا فاتن وريهام صوت مهرة وصوت شقيقتهم وهما يتشاجرتان ليدخلوا الأطفال غرفة المعيشة واقفله عليهم الباب وتوجوا إليهم ومعهم جنا ونغم ، لتقول ريهام محاوله تهدأتهم :
- فيه ايه بس يا مهرة ما انتو كنتوا بتهزروا مع بعض من شويه ، ايه اللي قلبكم كده .
نظرت شيماء لريهام هاتفة بحدة :
- انا زهقت بجد يا ريهام ، شوفيلك حل مع مهرة ، مش عايزه ترجع تعيش معايا تاني .. .
صرخت مهرة بغضب ممزوج بألم :
- مش هرجع البيت غير لما يغور في داهيا ، ماهو البيت ميتحملناش احنا الأتنين يا ماما ، انتِ ليه مش عايزه تفهمي اني بكرهه ، بـ..ـكـ..ـر..هـ..ـه ، اديني فصصتها ، اعمل ايه تاني علشان تحسي بيا وتقدري مشاعري اتجاهه !!.. .
ليأتيها صوت جدتتها وهي تقول محاولة تلطيف الحديث :
- طب ما تجربي يا بنتي تاني مش هتخصري حاجه .. .
انفعلت مهرة مرة اخري ونزلت دمعه من عينيها بحرق قائلة :
- لا لالالالا ، كان زماني جربت قبل كده ، بس انا مش هعيش مع الأنسان الرخيص ده ابدا ً .. .
صدح صوت صفعه توجهت إلى وجه مهرة وكانت من والدتها بالطبع ، لينصدم الجميع من تصرف شيماء ،وضعت مهرة يدها علي وجهها مستمعة لهتاف شيماء بها بصرامة وحدة :
- اياكي تشتميه يا قللة الأدب ، انا فعلاً معرفتش اربيكي ، لا وكمان تربيتك باظت اكتر من ساعت ما قعدتي مع ست فاتن .. .
أنهت كلمتها تنظر لفاتن بحدة ، ولكن فاتن لم تعيرها أى أهتمام ، بينما أكملت شيماء كلامها بحدة :
- تكونيش انتِ يا فاتن اللي مقوياها عليا وعليه ، ما انا عارفه انك اكتر واحده بتكرهيه .
رددت عليها فاتن بكل هدوء :
- مش هرد عليكي يا اختي يا كبيرة ، علشان انا عزراكي .. .
لتنظر لهم نظرة غاضبه وتفتح باب المنزل ، وقبل أن تخرج نظرت إلى مهرة بغضب وأستحقار ،ثم خرجت وأقفلت الباب بقوة ، لتنتفض مهرة من هول قوة قفل الباب ، لتذهب نغم وتأخذ مهرة بحضنها قائلة :
- متزعليش نفسك يا مهرة ، خالتو شيماء متقصدش .. .
نظرت مهرة للاشىء بألم كبير ، فلم تؤلمها الصفعة بقدر أن ألمها فؤادوها من والدتها القاسيه احياناً والحنونه احياناً ، نظرت فاتن لها بشفقةقائلة لنغم :
- ادخلي يا نغم هديها وخليها تنام جنب ماجد علشان ترتاح شويه .. .
- حاضر يا ماما .. .
لتأخذها وتسيران للغرفة التى بها ماجد .. .
***
بعد ان حل الليل وجاء القمر عوضاً عن الشمس لكي يع** ضوئه ويضيء شوارع ٦ اكتوبر ، ومع هذا الضوء الفضي و النجوم اللامعة كان الضوء يزيين شرفة فارس وهو جالس بها علي مقعده الجلدي الفاخر ، كان ينظر للقمر وسارح بها ويفكر بها ، ابتسم فارس عندما تذكر ردها عليه ، ليستغرب من نفسه ثم قال سائلاً نفسه و مجيب ايضا علي نفسه كأنه شخصان يتحدثان :
- انا مالي فيه ايه .. بفكر فيها ليه كده ؟!.. .
- لانها عجبتك يا فارس .
- عجبتني ايه بس ، انا بس كنت عايز اعتزرلها .. .
- لا انت اعجبت بيها وبأخلقها .. .
- ايوه اعجبت بأخلاقها بس.. .
- بس أيه يا فروستي ؟!.. .
انتفض فارس علي صوت سارة ، لينظر لها بحنق قائلاً بضيق :
- عايزة ايه يا مفترية .... سيبيني مع نفسي شوية .
تصنعت سارة الحزن وقالت :
- اخس عليك يا خويا ، يعني دلوقتي مين هيساعدني في المذاكرة ، مفيش غيرك ، وشادي دايما مشغول يا أما مع الست خطيبته يا أما مع شغله.. .
ثم أردفت بعدها برقة وهي تغلق وتفتح جفونها عدة مرات ببراءة ( تبربش ) :
- بليييييييييييييييييز .. .
تن*د بنفذ صبر قايلاً :
- طيب طيب .. .
ابتسمت له ثم أردفت :
- شكرا يا خويا يا حبيبي .. .
لتعطيه كتابها وتجلس على يد المقعد بمرح مستعدة للأستماع له .. .
***
بـمنتصف الليل ، ببيت جاسر ، كان الجميع نائم وال**ت يسكن المنزل ، بأستثنائها هي ، فكانت تصلي قيام الليل ، أنتهت من قراءة صورة الفاتحة لتسجد لربها وتدعوه بألم وحسرة ، عبراتها مسجونة داخل مقلتيها تأبى النزول ، سلمت وأنهت الصلاة ، وضعت المصلية علي طرف سريرها وخلعت عنها إسدال الصلاة ، ثم اتجهت إلى مكتبها وجلست علي مقعدها وفتحت المصباح الذي يوجد علي المكتب "أبجورة" وامسكت قلمها الازرق الحبر ودفترها الذي يلزمها في اي مكان ، أخذت ترسم وتكتب كلمات ، فكونت كلمات تعبر بها عن ما يؤلمها ويؤلم فؤادها هكذا ، كلمات ان قرأها أحد سيبكي مشفقاً على صاحبة هذه الكلمات ، انها كلمات معبرة حقاً عن ما بداخلها وعن شعورها وعن احساسها ، كلمات خرجت بدون إرادتها فقد امر قلبها يدها بأن تكتب بعض من الكلمات لكي تخفف عن قلبها ... لانه لم يقدر علي التحمل اكثر من ذلك ... فهو سينفجر إن لم تخرج كبتها وآلامها من داخلها حتي ولو بالكتابه ، فكانت الذي كتبته هو :
- ضائعة بالماضي لا اعلم ماذا افعل ؟ هل اتركه ؟ ام لا ؟ هل اتذكره ولا انساه ؟ ام لا ايضاً ؟ فأنا تعبت !!! كل ليلة اريد البكاء ولا اعلم لماذا !! أريد معرفة السبب لانني لا اعرفه ، هل من شخص يقول لي السبب !!! إذا لا تريد قول السبب فعلي الأقل اسألني لما انا حزينة ، نعم فأنا أحتاج من يسألني ومن يسمعني ويخفف عني ، لكنني لا اجد احد ولا احد ، اعلم ستسألني اين والدك و والدتك ، صحيح ؟؟ ، ساقول لك ليس لى أحد ، لا أحد ، لا أم ،لا أب ، فقط " خاالة " ستقول لي " كيف "؟؟؟ فسأجاوب " لان وبكل سهولة ابي كان يريد مصلحته فتركني ، أما أمى فتخلت عني بسبب زوجها !!! نعم فهي تحبه وانا لا اريد البقاء مع زوج أم !! لانه شخص نذل ، حقير ، ومتحرش " ، انا فقط اريد ابي وبالتأكيد لن يتحقق ما أريده وأتمناه ، وايضاً أنا أشعر بصديقاتي وأسألهم إذا هناك شيء يضايقهم ، أما هم فلا ، فلماذا انا اشعر بهم وانا لا احد يشعر بي ؟؟؟ ، فأنا أريد إجابة ؟؟؟؟ ، لكن انتم لا تمتلكون اجابه صحيح !!!! ، لذلك انا قررت أن ابتعد لكي ترتاح هي وهو وهم جميعاً، وأشكرك جدا يا خالتي ، فانا احبك مثل امي تماما التي احترق شوقاً للنوم بحضنها ، لكن هذا القدر ، هذا فقط ما اريد قوله لأحد يسمعني ، لكن للاسف لا أحد سألني او يريد سماعي .. .
***
يتبع...