الفصل ٥

1276 Words
- إذا، سنركز على دراسة المشاهد. كيف تصنع الشخصية، و كيف تقدمها أمام الكاميرا. سنركز على تحركات أجسادنا و التحكم في أصواتنا، و أكثر، كتدريب و مراجعة لما تعلمتموه من قبل عن التمثيل. كل ذلك لمدة شهر، قبل تجربة الأداء التي سيتم فيها إختيار وجوه جديدة لأجل الفيلم الذي تعمل عليه الشركة... حرك إيان ذراعه و لمس بمرفقه مرفق روز. إلتفتت إليه، فابتسم لها هامسا. - أ لم أخبركي؟ أومأت مبتسمة، فرفع كلا حاجبيه مرتين مفتخرا، فجعلها تضحك. لكن سرعان ما توقف كلاهما خوفا من أن يُعاقبا. أنزل ايان عينيه ليتحكم في رغبته في الضحك، و عضّت روز على شفتها السفلى لمنع إبتسامتها من الظهور. *** - أضف بعض الملح. - حاضر. إلتحق آدم بالطاهي الثاني و تفقد طبقهه. تذوق قطعة خضار، ثم أومأ له و ربّت على كتفه. - جيد. ثم أسرع نحو الطاهي الثالث أمامه، تذوق الصلصة التي لا يزال يحركها على النار، ثم أغلق عينيه لبضع ثوان وهو يحاول إكتشاف ما ينقصها لتصبح مكتملة. - أضف القليل من الثوم. - حاضر. إتجه نحو الفرن و تفقد الخبز الذي أعده قبل قليل، ثم بعدها تفحص طلبات الزبائن. - آدم. إلتفت عند سماعه إسمه، فلمح صديقه، صاحب المطعم يلوح له بابتسامة، فابتسم بدوه متسائلا. - إريك! هل أساعدك في شيء؟ تبسم صاحب المطعم. - تعال معي إلى المكتب. *** دخلا المكتب. طلب إريك من آدم القعود، ثم جلس من بعده أمامه. - آدم، أحتاجك أن تدير المطعم لهذا الأسبوع. إبتداء من الغد. - ماذا تقصد؟ - زوجتي في المستشفى، و ستنجب قريبا. أرغب في البقاء بجانبها. لذلك لن أتمكّن من إدارة المطعم لمدة. إتسعت إبتسامة آدم. - مب**ك عليك! أومأ و شفتاه منبسطتان. - شكرا لك. ثم سأل بعد سكوت. - إذا؟ ماذا قلت؟ - لمدة أسبوع؟ - أجل. - و الصحفي الناقد الذي سيزور مطعمك؟ - أعتمد عليك في ذلك. قدّم له أفضل ما تتقن إعداده، أو وصفتك الخاصة، دعه يُعجب بطبخك و يكتب عنك. إنها فرصة. إبتسم آدم في إرتباك. - لا أدري. لست.. لست واثقا. - أما أنا فأثق بك. هيا. لو كنت ستدمر سمعة المطعم لما فكرت في تسليمك مكاني. أنت محترف، موهوب و فنان. و أثق بك. أرخى آدم بصره الذي يفضح حيرته على الأرض. حاول أن يفكر في الأمر لوهلة، ثم أفصح أخيرا. - سأحاول ما في وسعي. - أعلم أنك ستفعل. *** إنتهت الحصة، همّ الجميع بمغادرة غرفة التدريب معدى إيان. كان لايزال جالسا يقرأ الحوار في **ت، و كانت روز آن ذاك على وشك المغادرة برفقة البقية، لكنها تراجعت عن ذلك عندما إنتبهت إليه. تقدمت نحوه. - أ لن تغادر؟ رفع بصره عن الأوراق بين يديه، ثم إبتسم لها إبتسامة لطيفة. - ليس الآن. سأبقى هنا لبعض الوقت. وضعت حقيبتها أرضا ثم إقتربت من موقع جلوسه. - لتتدرب؟ أومأ و شفتاه لاتزالان تحتفظان بنفس الإبتسامة. - أ لا يمكنك العودة إلى البيت.. و التدرب هناك؟ هزّ رأسه نفيا. - أعيش في شقة صغيرة برفقة صديقين مزعجين. تبسمت ضاحكة. فأضاف. - من الصعب علي أن أتدرّب وسط تلك الضجة. إكتفت بإيماءة صغيرة. قام من مقعده، إعتدل أمامها، ثم طلب. - أ يمكنك البقاء قليلا؟ أقصد.. لنتدرب معا. خيّم ال**ت لوهلة وهي تبادله النظرات. - لما لا! ليس لدي شيء أفضل أقوم به على أية حال. ثم أضافت قائلة. - هيا إذا. أي جزء من الحوار تعمل عليه الآن؟ - هذا. قدم لها الصفحة، فأخذت الأوراق منه، تفحصت النص. - صعب بعض الشيء. دعني أتقمص الشخصية أولا. - لك ذلك. وضعت الأوراق على الكرسي، أغلقت جفنيها لمدة قصيرة، ثم فتحتهما لتصلهما بعيني إيان. تغيرت ملامح كل منهما. بدت روز خائفة، قد تبكي في أية لحظة. و بدى إيان جادا، حزين الملامح، و عيناه تع**ان تعبا و حزنا حقيقيين. فتح شفتيه ثم قال بصوت متعب. - علي.. علي أن أرحل.. الآن. إقتربت منه و عيناها إمتلأتا دموعا. - مجددا؟ ستتركني مرة أخرى؟ طأطأ رأسه قليلا كالمذنب ثم أجاب بنبرة هادئة. - علي الذهاب. علي الرحيل. لكنني.. سأعود. أعدك. مدت كفيها المرتعشتين إلى يده، ثم سمحت للدّموع أن تبلل خديها. - سبق و وعدتني.. سبق و إنتظرتك.. طويلا. لم أعد أتحمل الإنتظار. لم أعد أتحمل الفراق. رفع بصره إليها في تردد، تساقطت بضع قطرات من الدموع على خديه ثم تأفف أسفا، و قال بصوت شبه خافت صاحبته رعشة متوترة. - أنا كذلك.. لم أعد أتحمل الفراق.. لم أعد أتحمل.. ماذا أفعل؟ أخبريني.. ماذا أفعل؟ إقتربت منه وهي تتفحص عينيه المتعبتين، بعينيها القلقتي.، - إبقى.. إبقى معي وحسب. تبادلا النظرات لوهلة، لي**ر إيان المشهد عندما إبتسم فجأة وهو يتأمل عينيها. - مذهلة! ضحكت روز في **ت، تراجعت بضع خطوات إلى الخلف ثم مسحت خديها. - كنتَ ممتازا أيضا. إنبسطت ملامحه، وهو يمسح آثار الدموع عن خديه كذلك. - ممتازا؟ أ لهذا الحد أنا موهوب؟ - أنت كذلك بالفعل. قال وهو يراقبها تمسح وجهها و ترتب شعرها. - مع ذلك، أظنك أفضل بكثير. - ربما. سأقبل مجاملتك هذه. مدّ يده إلى خدها، و مسح ما لم تنتبه إليه أصابعها من آثار الدموع. - لم أكن أُجاملك. أنت حقا محترفة. تقلصت إبتسامتها عندما شعرت بأصابعه تلمسان خدها بلطف، و تجمدت مكانها وهي تدرس عينيه الزرقاوتين لثوان طويلة. إستيقظت من شرودها، و إبتعدت خطوة إلى الخلف. - أظن.. علي.. علي الذهاب الآن. أومأ لها. - أراك غدا إذا؟ - أراك غدا. إلتقطت حقيبتها، حملتها على ظهرها، ثم غادرت الغرفة بخطوات سريعة لكن حذرة، و كأنها هاربة تحاول جاهدة أن لا تثير الشكوك. خرجت ثم توقفت لبعض الوقت وهي تحدق بالأرض في **ت و كأنها مصدومة، ثم أخيرا رفعت يدها إلى ص*رها لتتحسس موضع قلبها. تمتمت لنفسها. - عيناه. تلك العينان، تحملان نوعا من السحر. *** دخلت الشقة لتجد آدم في المطبخ، يحرك خليطا على النار. وضعت محفظتها على الأريكة، ثم دخلت المطبخ فلاحظت فوضى تعم المكان. سألت وهي تتجول بعينيها المتسعتين في المكان. - ما كل هذه الفوضى؟ ما الذي تصنعه؟ أجاب دون أن يرفع نظره عن الصلصة التي يُعِدها. - أحاول صنع وصفة جديدة تنال إعجاب ناقد مشهور سيحضر قريبا إلى المطعم. - أ ليس هذا عمل رئيس الطهاة؟ - صحيح. و أنا سأكون رئيس الطهاة لهذا الأسبوع. تناول مل*قة صغيرة، غمس رأسها بالصلصة ثم قدّمها لروز. - تذوقي و أخبريني ما رأيك؟ - حاضر. يا رئيس الطهاة! أخذت المل*قة من يده، ثم تذوقت ما بها من خليط. قال و القلق واضح على معالم وجهه. - لست برئيس طهاة بعد، كما أنني لست محترفا كذلك. و لا أدري ما إذا كانت هذه الصلصة ستفي بالغرض. ثم إسنتنشق نفسا و سأل بملامح متوترة لكن متشوقة لسماع الجواب. - ما رأيك؟ أغلقت عينيها لوهلة وهي تتحسس مذاق الصلصة، ثم فتحتهما وهي تفكرّ لمدّة و كأنها تفكّر في كلمات مناسبة لوصف ما تذوقته لتوها. - لذيذة. إستغرب. - أ هذا كل شيء؟ أومأت و هي تسكب لنفسها كوبا من الماء. عقد حاجبيه. - من يراك تفكرين يظنكي ستقدمين تقريرا عن الصلصة! شربت من كوبها. - إذا، تعدّ الطبق الرئيسي؟ أومأ وهو يسكب الصلصة في طبق بجانبه، ثم أسرع إلى الفرن و أخرج قطع لحم الدجاج دون أن يرتدي قفازات و**ية. و ما أن أخرج الصحن الزجاجي حتى شعر بحرارته تحرق كفّيه، فأفلت الطبق و وقع أرضا. تجمدت ساقاه أمام الصحن الم**ور و كأنه غير قادر على الحركة. و من شدة الألم، أخذ ينفح على يده، قصد تخفيفه، لكن دون جدوى. هرعت إليه روز، أمسكت مع**ه، ثم سحبت كفّه إلى صنبور المياه، فجعلته يتحرك من مكانه أخيرا. فتحت الصنبور، لتنهمر مياه باردة على يده، فخف الألم قليلا. أطبقت جفنيها وهي لاتزال تمسك بمع**ه، تن*دت ثم إلتفتت إليه، لتلتقي عيناها الغاضبتان، بعينيه الحائرتين. - كم مرة ستحرق يد*ك فقط لكي تتعلم أن تنتبه؟ لم يجب، فتأففت. - لطالما كنت غير مسؤول و لا تكترث لأي شيء! لكن يداك؟ جسدك؟ أ لا تكترث لنفسك؟ ألا تنتبه لخطواتك؟ أ لا.. إختفت كلماتها من بين شفتيها، عندما شعرت بذراعه حولها. ضمّها بلطف إلى ص*ره بيده السليمة، فتصنّمت مكانها لمدّة، ثم حاولت الابتعاد عنه بهدوء، إلا أنه سحبها إليه مجددا. همس في أذنها. - إبقي قليلا هكذا. أرجوك. ففعلت كما طلب. و بعد تردد منها، رفعت يدها إلى ظهر، ثم ضمّته بدورها. ****
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD