الحلقة الثانية
ماريونت
بقلم نورا محمد علي
دخلت رابحة الي المطبخ تنظر الي زوجة أبنها و تقول
رايحة هنقضي اليوم في الفطور أيك هتجعدوا فيه باجي النهار عاد شهلي يا مره منك ليها الحاج ع ينزل يفطر و هو ما ع يحبش يتأخر ( مش بيحب يتأخر )
ليلي خلصنا يا حاجة
رايحة أخلصي يا ختي خلصت روحك منك ليها و همي عشان تنظفوا الغرف و باقي السرايا الساعة بقت سبعة و انتو لسه في الفطور
ليلي نظرت لها بتعب فهي الوحيدة التي تعمل في البيت ام عزيزة فهي ابنت اخت الحاجة رابحة و هي زوجة أبنها الكبير عبدالله و لها ثلاث ذكور مات منها ولد في الثأر و تعد الوحيدة القريبة من رابحة فهي من ربتها و تعدها ابنتها و ربما أكثر و تعمالها علي انها ست البيت و زوجة الابن الأكبر
و ايضا فاطمة زوجة محمود و لها ا ثلاث اولاد مات منه ولد في الثأر تعامل علي انه ست البيت تخدم معززة من الجميع
رابحة بدون شفقة و كأنه تناست عن من تتكلم قالت إن شيطانها يصور لها انها تنتقم من ليلي ناسية أن أبنت ليلي هي ابنت ابنها الراحل
رابحة لو تعبانة نادمي علي بتك تساعدك بدل ما هي اكل و مرعي و جلة صانعة زي تنابلة السلطان
ليلي لا يا حاجة مش تعبانة
رابحة يبقي بلا جلع مرأ و شهلي
ليلي نظرت لها و هزت رأسها و أكملت ما تعمله و هي تقول حاضر حاضر
خرجت رابحة و هي تقول حضر كفنك با بعيدة
كان الحاج عبد الرحيم الاسيوطي يجلس علي المائدة العامرة لالطعام و ما ان أنهي فطوره ثم اخذ ينظر لأولاده و يسأل كلا عما سيفعله اليوم
عبدالله هكون في الارض الجبلية يا حاج هشوف الشغل عامل كيف
هز عبد الرحيم راسه دون رد و وجه نظره لابنه الآخر
محمود عندي شغل في الجمعية ه خلص الموضوع و شوف حصة الأرض من الكماوي و كام مشور كده يا بوي
عبد الرحيم هز راسه مرة اخري و نظر ل حفيده ابن ابن ابنه عبد الله
ابن عبد الله و يدعي عبدالرحيم الذي قال
عبد الرحيم الحفيد هروح مزرعة الفاكهة اشوف الدنيا ماشية كيف و هنورد المحمول امتي و ايه طالع تصدير وايه رايح المصنع يا جدي
عبد الرحيم هز له راسه بموافقة و نظر لحفيده الاخر
ابن عبدالله الثاني عبد الرحمن وهو مهندس زي عمه المرحوم و ايضا مسمي علي اسمه
علد الرحمن هشوف المصنع يا جدي
ابتسم له فهو صورة من عمه المرحوم توالت النظرات منه إلي الباقي و كل يرد كأنه بنظرة واحدة منه تكفي ليعرفو ماذا يريد منهم
ناصر الذي سمي علي اسم عمه فلقد مات ناصر شابا
ناصر هروح مزرعة المواشي اشوف الدنيا ناشي كيف و أكشف علي البهايم فهو دكتور ببطارية
محمد هكون في الاسطبل عندنا خيل نازلة السبج و انا مراهن عليها هترفع اسم المزرعة في العالي و نسمع مش بس في مصر في العالم كله
عبدالرحيم الجد نظر ل ليلي التي تحمل الأطباق مع الخادمة ثم عادت تحمل القهوة له و قال
عبد الرحيم بتك فين يا ليلي
ليلي و هي تضع القهوة إمام حماها في المدرسة يا حاج
الجد هز راسه و شرب قهوته و نهض مرة واحدة فتبعه الجميع كلا يسعي لعمله. كأنهم عقارب ساعة كلا منهم يعرف ما عليه. لا أحد بتخطي الآخر. هم عصبة حزمة واحدة من العصي لا ت**ر بسهولة و ذلك منذ زمن بعد أن مات اثنين من أبناء العم اثنين من الاحفاد
مر باقي اليوم في التعب و الشغل علي ليلي هي تعرف لما تعاملها رابحة بهده الطريقة لان أبنها صمم عليها و تحدي امه و اختارها
رغم انف امه و باقي العائلة لانه عندما خير بينما اختارها هي
تلك التي لا تملك. من الدنيا شئ لا حسب ولا نسب و لا عائلة
و ليس لأنها فقيرة اتي والدها من القاهر ليعمل عندهم في المزرعة خولي او مشرف عمال و كلما تتذكر رابحة كيف هددت بطردهم وصل الأمر اللي التهديد بقتلها
وقفت الدنيا و لم تقعد و هددوا عبد الرحمن من حرمانه من الميراث و طرده من السريا و كأنه سوف يطرد من الجنة و لكنه لم يتراجع تزوجها و سكن بها بعيدا عن البيت بعيدا عن البلد في شقة صغيرة و هو صاحب الأملاك عمل لدي الناس و هو صاحب الاراضي و الاطيان
و بعد أن مات طالبها الحاج عبد الرحيم بالعيش معهم و لكنها كادت ان ترفض كما كان يرفض زوجهها من قبل و لكنها فكرت ليس في نفسها فهي تستطيع التحمل لقد اعتادت علي قسوة الدنيا و ظلم الايام لها و لكن تفكيرها كان في طفلتها ولاء كيف ستعيلها و هي لا تملك من الدنيا شئ سو بضع الالف كانت في البيت و ذلك الذهب الذي اشتراه لها زوجها رغم رفضها إلا أنه قال. أنها تستاهل الدنيا. و ليس بضع جرامات من الذهب
و حتي لو باعت الذهب. و أخذت النقود ماذا ستفعل بهم و كيف ستربي بنتها. بعد أن ينفذوا فهي لا تملك من الدنيا شئ ولم تعرف منها شئ فهي ليست متعلمة و لا تملك صنعه لتعمل و من أجل ابنتها هي تتحمل فهم في الأول و الآخر أهلها و لكنها طلبت من الجد ببكاء ان لا يخرجها من المدرسة كما طلبت جدتها كانت تذكر ذلك اليوم
رابحة و هناخد من علامك ايه بكفيها عاد تجعد في البيت
ليلي بدموع تغسل وجهها دا كان حلم عبد الرحمن
رايحة ما تنطجيش اسمه جدامي
ليلي ايه ما انطقش اسمه ازاي طيب اقول عليه ايه
رايحة جومي من وشي و شوفي وراكي ايه يا جدم الشوم يا وش النحس
عبد الرحيم خلاص يا ام ولاء ما هتطلعش من المدرسة
ليلي ربنا يبارك في عمرك يا حاج
رايحة بس
عبد الرحيم طرق الأرض بالعصا الابنوسية فسكتت و سكت الجميع بهو بهذه الطريقه يقول لقد اخذت قرار غير قابل لنقاش و رابحة قبل الجميع تعرف ذلك و لذي س تسكت حتي لا توبخ امام الجميع
رجعت علي صوت حماتها
رايحة انت ي هباب البرك سرحان في ايه الجهوة فارت يا قدم الشوم يا وش النحس
استمعت ليلي الي اهانتها و بتلعتها و خلفها كوب ماء و لم ترد كلما اعتاد و كيف ترد و من هي لترد
ليلي هعمل غيرها
رابحة بلاش عوجت لسانك دي بلا جرف ليكي سنين عايشة وسطينا بس نجول ايه عود مايل وش خراب
خرجت و تركتها تبكي حظها العثر اه من الدنيا التي اسعدتها شهر و ابكتها دهر
و ليته دهرا. واحد بل دهور و دهور و لكن من وجهة نظرها البسيطة ليلة واحدة في حضن حبيبها تكفينا العمر ضمة واحدة بين زراعية بالدنيا و ما عليها تلك السنوات التي قضتها معه كانت تكفي و تذيد لتعيش علي ذكراه باقي العمر
كانت تغسل الحوض. و انع** وجهها الجميل في لمعة السرميك و احد الصواني الكرستالية نظرت لوجهها الذي تلقبه. رابحة بالخراب
و هي ابعد ما يكون عنه. هي الي الآن جميلة ذادتها السنين. نضج و جمال. و حزن و اه من الحزن. اه منه و هو يأكل الآمال و الأحلام. و لم يبقي من فرحة شبابها الا سراب. ضواء شحيح يداعب أحلامها بأن تكمل ابنتها ما لم تكمله هي املا يسكن احلامها أن تصل ولاء الي حلمها و
ان تكون مهندسة مثل والدها عبد الرحمن
واه من عبد الرحمن و طيفه الذي لا يفارقه يسكن خيالها طول الوقت يداعب احلامها طول اليل و كأنه إلي الآن تعيش معه هي ايضا رغم عمرها فهي ماريونت دمية تحركها أصابع الزمن بخيوط من الحرير بقوة الحديد نفسه
مرت الايام علي هذا المنوال ما بين الإهانة و الذل و قلة الحيلة و كل ما تفكر فيه ان تصبر فليس لها الا الصبر و بعض ذكرياتها مع حبيب القلب. و نبضه
فلقد رحل والدها و امها و زوجها و ليس لها احد لا مال ولا اهل و ها هي خادمة بعد وفاة الزوج و ليتها خادمة باجري هي تعمل مقابل الطعام الذي تشعر به كانه سم يسري في احشائها و هو ما تحرص عليه رابحة
مرات الايام و انتفضت السريا علي صراخ عزيزة لقد مات أبنها قتله احد أفراد عائلة الجمال هو الابن الثاني لها الذي يأخذه الثأر وكان ما كتب علي خالتها مكتوب علي جبينها رجلاً يملئا الدنيا طول و عرض و قوة و رجولي ذهبا ضحية الثأر صرخت ولولا ثارت
و كأن ما عاشته خالتها مكتوب عليها أن تراه و تعيشه هي كأنه ميراث من الشقاء و الحزن
كانت تصفع وجهها و تلعن الحظ مات زينة الشباب مات الامل و الحلم مات ابنها الثاني لم يبقي لها إلا والد
تحرك ابن عمه ليرد و اخذت فاطمة تصرخ خوف عليه ناصر ارجع يا ولدي يا مرك يا فاطمة يا مرك يا فاطمة
رايحة اخرسي يا مرة منك ليها
وقفت ليلي ترتعش و هي تري الموت يحاوطها ورائحته تملئ للمكان تعيش في البيت تنشر الحزن ببن الجدران بين القلوب و النفوس
ام ناصر تحرك يحمل معه الالي قتل كل ما يقابله نسي انه متعلم نسي انه واعي و لم يري أمامه الا صورة ابن عمه الغارق دمه كأنه ذبيحة
لعن الله الثأر اخذ الأرواح حصد الأخضر و اليابس و كما قتل قتل
واستمرت الدائرة فقدت عائلة الجمال ٧ من أولادها و فقدت عائلة الاسيوطي ستة فقد عبد الرحيم ولدين و اربع احفاد من خيرة الشباب
و علا صوت النواح و البكاء و كان الكل اتشح بالسواد سوء من الخارج او من الداخل لقد عشش الحزن في القلوب و البيوت
كانت ليلي تدخل لغرفة ابنتها. لتطمئنن عليها و تنزل مرة ثانية و هي تطلب منها أن تظل بغرفتها لا تريدها أن تري ما يحدث بالخارج
كانت ولاء جميلة إلي حد ملفت ولأنها تشبه امها إلي حد بعيد كانت تتجنب جدتها ذات السان السليط و القلب الجاف كأنه صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء
و هي الآن. رغم حزنها علي أبناء عمها إلا. انها تحبس نفسها في غرفتها كما قالت لها امها و حتي لو لم تقول ليلي. لن تستطيع أن تري ما يحدث بالأسفل من لطم و ندب. و صراخ و عوايل
ام ليلي كانت تعمل كالنحلة ورغم الألم علي موت الشباب الآ ان هناك من لازال يفكر في الثأر
تدخل الظباط و المشايخ و نخ الجمل و برك لم يعد يستطيع أن يحتمل كثرة الموت
اجل. لقد. نخ عبد الرحيم الاسبوطي فلم يعد يملك سوي حفبدين قد يفاديهم بروحه فهو لا يريد أن ينقطع نسله
و في أحد جلسات الصلح العرفية تم قرار ان يتزوج حافظ الجمال من ابنت عائلة الاسيوطي
هلا المهمات رد عبد الرحيم الحفيد
عبد الرحيم كيف يا جدي دا لسه عتدرس وكمان لسه صغيرة و بعدين حافظ دا متجوز
نظر له الجد فسكت
رد حافظ انا مش موافج
نظر له والده فسكت فإن يتزوج خيرا من ان يموت هو يعرف ان ما يقولونه هو الحل المناسب فهو ليس الوحيد المهدد بالثأر هو و أولاده الذكور فهو ام يفعل شئ لم يقتل احد و لكنه من العائلة التي من الصعب الخروج منها وان لم يوافق سيري يوما أولاده ضحايا لثأر لم بحاول هو ايقافه عليه أن يرضخ انه زواج و ليس قتل لما لا اذا خير بين زواجه و موت عبدالله ابنه البكري ل تزوج بدل المرأة أربعة و قال شرعا الله والله حلل لي و من يلومه من منا يستطيع ان يحمل رفات ابنه و هو بملك البديل يملك الحل
و بعد حوارات و مناقشات دامت لوقت طويل رجعوا الي السريا كل يحمل بداخله حمل
عبد الرحيم الجد. يدور الكلام في عقله و الإجابة لما لا ان كان وصل به التفكير بأن يضحي بنفسه. فلما لا
انها ليست قربان انه لن يضحي بابنت ابنه الراحل
هو فقط سيزوجها لمن هو أكبر منها. بسنوات
لا ليس هذا فقط. هو ايضا متزوج و له اولاد. و معروف عنه انه يحب زوجته التي هي قبل أن تكون زوجته هي ابنت عمه
و لكن ما بيده ليفعله هل يترك عبد الرحيم الحفيد يموت انه مهندس. زراعي يملئ الدنيا عقل و فكر و قوة و رجولة و يوما ما سيحمل الاسم و يكمل النسل بمن يضحي به ام عبد الرحمن المحاسب و الذي يدير هذا الصرح مع اعمامه ام بولاء تلك الطفلة التي لا اب لها
ولكنه نسي أن لها رب
ولكن ما هو رد ليلي ماذا ستفعل بعد أن وجدت كل شئ ك هشيم تذربه الرياح لقد تحملت الذل و الهوان و الإهانة من تحل ابنتها
وعي الآن تلعن اليوم الذي اتت بعا الي هنا اتت بها قربان و تكن هل ستظل صامتة لا حس لها هي ستعمل في نفس الدائرة علي سترض بهذا الهوان بعد الآن لا أعتقد انها الآن تنتفض من الداخل والخارج فلم يعد هناك من تتحمل من أجله
ذكرتني باربعيه الراحل العبقري صلاح جاهين حين قال
اقلع غماك يا ثور و ارفض تلف
ا**ر تروس الساقية و اشتم و تف
قال بس خطوة كمان و خطوة كمان
يا اوصل نهاية السكة يا البير بجف
و ها هي وصلت الي نهاية السكة وصلت الي نهاية الطريق و عليها أن تنتفض ان يجف البئر انت تتكلم ولا تظل صامته فلم يبقي من تصمت من أجله
ماريونت
الدمي المتراقصة علي أصابع الزمن ب خيوط من الحرير بقوة الحديد نفسه
بقلم نورا محمد علي