سكان الطابق الرابع

2398 Words
يسكن صابر بالطابق الرابع كان يعيش صابر مع زوجته و أولاده في شقة واسعة بالطابق الرابع ، ورث صابر عن والده محل تجاري و مبلغ كبير تركه له والده بالبنك كما ترك لأخيه و أخته مما شجعه على شراء تلك الشقة الواسعة التي تتألف من أربع حجرات و صالة استقبال واسعة و مطبخ و دورتين مياه حيث يتكون كل طابق في تلك العمارة من ثلاث شقق شقة واسعة جهة اليمين مساحتها نفس مساحة الشقتين الموجودين جهة اليسار حيث يشتري كل شخص الشقة التي تناسبه من حيث المساحة و السعر أيضا . أما حنان زوجة صابر فهي أسم على مسمى ، قلبها حنون و تملك هدوء و حلم جعلها تتحمل سوء أخلاق صابر لمدة عشر سنوات كاملة . تمرد صابر كثيرا على حياته و على زوجته حين مات أبيه و ورث منه كل هذا المال و بدلا من أن يدخر لأولاده ليترك لهم ما يرثوه مثل ما ترك له أبوه ظل ينفق ماله في الحلال و الحرام و يرافق النساء و يترك بيته و أولاده بالأيام و كلما تنفست زوجته عنفها و أذاها و لكنها تحملت و **تت حيث أنجبت منه طفل تلو الآخر حتى أصبحت أم لثلاث أطفال ولد و بنتين و بدأت تقلق حنان على أطفالها من سوء أخلاق والدهم و خشيت أن يتعلموا منه تلك الأفعال أو تتحطم نفسيتهم ، وصلت حنان إلى حالة غريبة من الكره لأفعال صابر الى درجة أنها أصبحت تنقبض حين تسمع صوت المفتاح يتحرك بالباب يعلن عن عودة صابر بعد أن كانت تعد الساعات و تنتظره و تشتاق لمجالسته . و ما جعل الأمور تسوء أكثر أن صابر أصبح عصبي بشكل لا يحتمل و يزداد عنفا لفظيا و بدنيا و كلما اعترضت يهددها بالطلاق ثم طلقها بالفعل و كان لصابر صديق حميم يعرف عنه كل تفاصيل حياته و يتدخل ليصلح ما بينه و بين حنان زوجته و اصبحت حنان تلجأ له كلما تطورت الأمور بينه و بين صابر زوجها ليصلح ذات بينهم و لكن ذلك الصديق انهارت حياته بسبب أنه لا يستطيع الانجاب ، ظل صديقه هذا و يدعى صالح متزوجا لمدة خمس سنوات دون إنجاب و كان يحب زوجته حبا جما و لكنها أصرت أن يجروا فحوصات طبيه لتعرف سبب تأخر انجابهم و حين علمت أنه هو سبب التأخر لم تدع له فرصة للعلاج و أصرت على الطلاق و صدم صدمة كبيرة لم يحتملها و كم نصح صابر أن يحافظ على بيته و أولاده و يحمد الله على نعمه التي لا تعد و لا تحصى و لكن صابر لم ينتصح و لم يعرف قيمة كل هذه النعم الا حين ضاعت من بين يديه و ذات يوم طلق صابر حنان أثناء شجارهم و كانت هذه هي الطلقة الثالثة و ترك لها البيت و خرج و ذهب إلى المقهى ليقابل صديقه المقرب صالح و حزن صالح حزنا شديدا لانهيار بيت صديقه و لكن صديقه هو السبب و ليست زوجته الطيبة الحنونة ، كان يتعاطف صالح كثيرا مع حنان و يتعجب لصبرها و حلمها و سعة ص*رها في تحمل سوء أخلاق صابر و حين جلس صابر مع صديقه و حكى له ما حدث بينه و بين زوجته قال له صالح بأسى .- يا ما قلتلك حافظ على نعمة ربنا اللي مديهالك يا صابر - هو أنا جايلك تقطمني - لا هد*ك نيشان على خيبتك - يبقى أنا غلطت اني جيتلك - يعني عشان بقولك الحق تزعل - أهو اللي حصل حصل - يعني تضيع بيتك اللي فيه ثلاث عيال زي الفل و ست يا ما اتحملت بلاويك و عايزني أسقفلك - لا قولي اعمل ايه - خلاص يا أخويا هتعمل ايه ما ينفعش ترجعلك غير لما تتجوز واحد تاني . - أيه تتجوز واحد تاني - أه مفيش حل تاني - أزاي يعني - يعني القران قال ما تحلش ليك غير لما تتجوز واحد تاني - يا راجل أنت هتعمل زي الافلام اللي بيهرجوا فيها زوج تحت الطلب و الكلام ده - يا بني الافلام خدت الفكرة الحقيقية و عملت منها افكار هزليه ما هي الافلام بتجيب من الواقع - لا و الله - اقولك أسأل شيخ و متصدعليش دماغي - أسأل شيخ ازاي يعني - روح دار الأفتى يا صابر هي دي محتاجة سؤال - لازم يعني دار الأفتى - يا بني ما تفرسنيش الله يكون في عون مراتك و أولادك ، أوعى تروحلهم سكران و لا معاك واحده من أياهم - أنت بتتريق عليا - و لا أتريق عليك و لا تتريق عليا أنا هقوم اروح احسن - استنى بس أنا عايز افهم أنت بتروح تعمل ايه في البيت دا انت عايش لوحدك حتى - هو عشان عايش لوحدي عايزني اتسرمح طول الليل زيك - بجد أنا بستغربك ممعاكش حد تعمل حسابه - معايه ربنا يا صابر بخاف منه و يا ما حذرتك و قلتلك تخاف منه انت كمان - هو أنت مال كلامك زي كلام حنان ليه كده - حنان دي بنت حلال و خسارة فيك - يا سلااااام على ايه يعني - بكرة تعرف قيمتها المهم تروح بكرة دار الأفتى سلام رحل صالح و ترك صديقه صابر يجلس وحيدا و يفكر ماذا سيفعل في ما فعله بنفسه و قد هدم بيته بيديه ، عاد إلى بيته ليجد حنان قد رحلت هي و أولادها الصغار إلى بيت أهلها فبات حتى الصباح و عمل بنصيحة صديقه و ذهب إلى دار الإفتاء و سأل أحد الشيوخ الأفاضل و حين أخبر الشيخ الجليل أن هذه هي الطلقة الثالثة و أنه كان يتشاحن مع زوجته و حين أخبر الشيخ بسبب المشاحنات دون خجل و شعر الشيخ أنه كان واعيا لما يفعل و يظن أن الأمور لن تتعدى التهديد و أن كل مرة ستسلم الجرة و ستمر الأمور بسلام أخبره الشيخ أنه لا رجعة لهم هو و زوجته و حين سأله عن موضوع المحلل أخبره الشيخ أن هذه الفكرة التي تعرضها الافلام أنما هي على سبيل الفكاهة و أنها حرام شرعا فقط أن تزوجت رجل زواجا شرعيا كامل الشروط و من أهم الشروط في الزواج هي الأبدية و ليس الاتفاق على الطلاق بعد فترة محددة ، و حين سمع صابر ذلك الكلام دارت به الدنيا و لم يعرف كيف يحل هذه المشكلة و ذهب إلى صديقه و حكى له ما حدث في دار الافتاء بينه و بين الشيخ الذي افتاه فقال له صالح - ما أنا عارف أنه هيقولك كده - بس انت قلت إن ممكن محلل - أعوذ بالله أنا قلت كده لا طبعا ده حرام زي ما الشيخ ما قالك - طب اعمل ايه دلوقتي يا صالح - يا ما نصحتك يا صابر ما سمعتش كلامي و ما صنتش نعمة ربنا اللي ادهالك و شئ طبيعي اللي ما يصونش النعمة تزول من وشه - يعني ايه يعني أنا كده خلاص اتحرمت من عيالي و من حنان للأبد - أنت أصلا سألت حنان بعد كل اللي عملته فيها ده هتوافق ترجعلك و لا لا - طبعا هتوافق أمال تخرب البيت - هي برضوا اللي خربت البيت يا صابر - أنا مش مصدق اني هروح كل يوم ألاقي البيت فاضي مفيهوش حد - بس رحلها و شوف هتقولها ايه و هتعمل ايه معاها هي و أهلها - أهلها ناس غلابه ما صدقوا جوزوها - و عشان كده عمال تبيع و تشتري فيها يا أخي حرام عليك - هو أنا ناقصك يا صالح - طب بس روحلها و شوف هتعملوا ايه مش المفروض تسألها هتوافق على موضوع المحلل ده و لا لا - فعلا لازم أروحلها و ذهب صابر الى بيت اهل حنان زوجته و هو يحمل الكثير من الهدايا و الحلوى و الفاكهة و بعد أن كان أهل حنان متعاطفون معها تغير رأيهم بعد أن رأوا صابر يجزل عليهم العطاء و رأوا أنه ما دام يكفيهم ماديا فهذا يكفي صرخت فيهم جميعا حنان قائلة - أطلع برة يا صابر و ما تجيش هنا تاني ردت أم حنان بعصبية - أي يا بت يا قليلة الأدب اللي بتقوليه ده ما يصحش تطردي جوزك من بيتنا - ما تقوليش جوزك البيه طلقني الطلقة التالته يعني خلاص ما انفعلوش تاني قال صابر بأسى - أنا عارف أنك زعلانه مني عشان خربت بيتنا لكن في حل ما تقلقيش - أنت خربت بيتنا من زمان يا صابر مش بس لما طلقتني تلت مرات - هنشوف محلل و نرجع - عين العقل يا صابر يا بني قالها أبو حنان بهدوء كعادته صرخت حنان في وجوههم جميعا قائلة - انتوا هتجننوني و الله لو غصبتوا عليا أرجعله لأرمي نفسي من البلكونة و أموت نفسي و أبقوا ربوا أنتوا العيال دي بقى - أيه يا بت اللي بتقوليه ده - عشان اريحك البيه خلاص صرف كل اللي حيلته ع الحريم و الخمرة و الرمرمه و الق*ف اللي هو فيه و تجارته بتخسر يعني في كل الاحوال هو جاي عليا بخسارة - و هو ده بقى اللي مخليكي مش عايزة ترجعي يا حنان - يعني خيرك للحريم اللي مرافقهم و ق*فك ليا أنا و عيالي - هو ده اللي عندك يا بنت الاصول - حد غيرك اللي يتكلم عن الأصول - ده أخر كلام عندك - ما تجيش هنا تاني يا صابر و لو حاولت تضغط عليا بأي طريقة عشان أرجعلك هرمي نفسي من البلكونة بجد مش تهديد و لا مجرد كلام - طيب و أولادي - لو عايزهم و هتعرف تربيهم خدهم خرج الاطفال من الغرفة يتجهون الى امهم يستنجدون بها قائلين - ما تسيبناش و النبي يا ماما - أحنا ما نقدرش نعيش من غيرك مش عايزين نعيش معاه قال صابر بأسى - أنتوا خلاص بطلتوا كلكوا تحبوني ما بقاش حد فيكم عايزني ضمت حنان أبناءها بين أحضانها قائلة - ده اللي زرعته يا صابر مستغرب الحصاد ليه - يعني ما ليش أي ذكرى حلوه تسامحوني عشانها - عارف أنك كنت كويس و انت يدوب مكفينا و لما ربنا أداك نعمته و وسع عليك استخسرت فينا و رحت صرفت الفلوس على مزاجك تفتكر ده سبب يخلينا نفتكرك بأيه - أنا هسيبك دلوقتي عشان أنتي لسه نفسيتك تعبانة من اللي حصل - ههههه نفسيتي أنت بتتكلم جد يعني انت عارف ان أنا و أولادك بني أدمين و عندنا نفسية - أنا ما كنتش في وعيي - ليه عقلك كان فين أنت اعقل مننا كلنا و كل حاجة كانت بمزاجك ما حدش غصب عليك خرج صابر من بيت اهل حنان يلم أذيال الخيبة التي رافقته منذ ذلك الحين و ذهب إلى بيته و ظل لعدة أيام يمكث في البيت لا يخرج منه مطلقا و تدهورت حالته و كثرت لحيته و شعره و ساءت حالته النفسية و الصحية و لم يتخيل أن يعيش وحيدا كل هذه الفترة بدون زوجته و أولاده و كل يوم تمر كل تفاصيل حياته أمام عينيه و يتذكر أولاده و هم يلعبون هنا و هناك و يتذكر حنان و هي تطعمهم و تعتني بهم و به و يتذكر ابتسامتها الحانية و عيناه لا تكف عن الدموع . و أما جيرانه فتدخلوا كثيرا منذ البداية لحل تلك المشاكل و لكن سوء أخلاقه و سوء معاملته لهم و طرده لهم عدة مرات جعلهم يرفضون التدخل بينه و بين زوجته و حتى إخوته يشعرون بالحرج من أفعاله مما تسبب في ما وصل إليه الآن ، و قد حاول كثيرا أن يذهب إلى بيت اهل حنان بحجة أنه يريد أن يرى أطفاله لأنه أشتاق إليهم و لكن حنان كانت تختفي تماما عن الأنظار و هو يسأل عنها فيجيبه أهلها أنها ما زالت مصره على ما قالته ، و ظلوا هكذا حتى مرت الأيام و الشهر يمر تلو الشهر و كل محاولات صابر في إقناع حنان أنه تغير تماما لم تفلح فهو لم يفهم أنه كان يجب أن يتقي شر الحليم أذا غضب و ظلوا هكذا حتى مرت ستة أشهر كاملة أي أن عدة حنان قد أنقضت و ذات يوم ذهب لبيت اهل حنان ليسأل عنها و عن أطفاله عسى أن تكون قد تغيرت نفسها فرد عليه أبيها أنها تزوجت و أنها الأن في بيت زوجها هي و أطفالها و لا يجب أن يفكر فيها مرة أخرى فأنهار من الخبر الذي سمعه . و كعادته ذهب إلى صديقه صالح ليشكو له ألمه ضغط زر الجرس ففتح صالح قائلا - أهلا يا صابر أذيك - شفت أيه اللي حصل و قبل أن يسأله صالح عن ما حدث خرج أبن صابر من الغرفة قائلا - أنت جيت يا بابا رد صابر بذهول - أنت ايه اللي جابك هنا خرجت حنان من المطبخ قائلة - مين اللي بيرن الجرس يا صالح - أنتي أيه اللي جابك هنا أنتي و أولادي يا هانم - هو أنت - اه أنا أيه اللي بيحصل يا صالح - أنا و صالح أتجوزنا يا صابر - أنت اتجوزتها عشان ترجعهالي صح مش كده - لا يا صابر أنا عمري ما هغلط غلطتك و هفرط في حنان - ليه كده يا صالح كانت تيجي من حد تاني يعني اخسر مراتي و ولادي و صاحب عمري كمان - ولادك تحت امرك في اي وقت تشوفهم هجيبهملك لغاية عندك - دا أنا كنت بقول انك أغلى من أخويا يا صالح - عشان كده ما رضيتش أسيب ولادك لحد غريب يربيهم يا صاحبي - صاحبك أنا صاحبك أنت دبحتني يا صالح دبحتني بسكينة تلمه - أنت اللي عملت كده يا صابر من الاول ما تلمش غير نفسك - حاضر يا حنان مش هلوم غير نفسي و خرج صابر من بيت صالح و هو في حاله ذهول مذريه جعلته يفقد عقله و ما أن سار بالطريق حتى صدمته دراجة بخارية لم ينتبه لها من فرط سرعتها و تم نقله إلى المستشفى و ظل بها لعدة أشهر كاملة قضى وقت طويل منها بالرعاية المركزة و علم جيرانه بكل ما حدث و ذهبوا جميعا لزيارته و علم إخوته أيضا و أتوا لزيارته و حين أسترد وعيه زاروه مرة أخرى و حاولوا مواساته بشتى الطرق حتى استعاد عافيته و خرج من المستشفى و عاد إلى بيته و لكن البيت أصبح مقبرة فتطوعت النساء لتنظيفه و تجهيزه و ترتيبه و أعدوا طعام الغداء لجارهم المريض و أما سالم طلب من ممدوح أن تصعد زوجته ساميه لتبيت مع هدى ليبيتوا هو و صابر معه بشقته حتى تنتهي النساء من تنظيف و ترتيب شقة صابر و بعد أن تم تنظيفها تماما بات صابر في شقته و بات معه سالم كي لا يتركه وحيدا و هو ما زال في فترة نقاهة غير أنه أصبح الأن يسير متكأ على عكاز و ظل هكذا لفترة تجاوزت العامين حتى تم شفاؤه و أصبح أثر الحادث على مشيته بسيط و غير ملاحظ و لم يحاول مجرد محاولة أن يسأل عن أولاده مرة أخرى ، و لكنه رأهم مرة مصادفة و صالح يحمل أصغرهم بحنان و يمسك الآخر بيديه و رأى حنان و قد اختفت علامات الحزن و الشقاء من وجهها و زاد وزنها بعد أن نحلت تماما أثناء عشرتها له و بدت أصغر من عمرها و أولاده يضحكون مع صالح و ينادونه بابا صالح فشعر أنه لا يجب أن يقحم نفسه في حياتهم مرة أخرى . و لكن صابر لم يعترف بخطأه بل رأى أن العيب في منظومة الزواج نفسها و حاول صابر أن يستعيد تجارته و لو بشكل نسبي و استقرت أحواله المادية و لكنه بعد فترة عاد لعلاقاته و حياته السابقة و قرر أن لا يتزوج مرة أخرى . - - - - - - - - -
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD