الفصل السادس
كانت مريم تجلس في غرفتها يقتلها الفضول لمعرفة ذلك العريس ،متمنية ان لا يخيب حدسها..
طرقت ملك الباب ثم دلفت اليها، وجدتها ترتدي فستانا زهريا تتخلله بعض الفراشات البيضاء الصغيره، والخمار الذي اهداه لها مالك ،تبسمت معجبة بجمالها قائلة: ما شاء الله ،زي القمر يا مريم.
تلونت وجنتيها بحمرة الخجل:
تسلمي لي يا ملوكه، انتي اللي ملكة جمال...
ملك:هههه، من بعض ما عندكم يا مريومه ،يلا بينا بقا اصل العريس مستني بره على نار.
خرجت و معها مريم خافضة رأسها تسير على استحياء ،وما إن رأيها مالك حتى خفق قلبه لأجلها لأول مرة ، علم حينها أنها هي من اختارها عقله وأكد عليها قلبه...
كانت جميلة حقا في ثوبها وحجابها ،ايقظه من تأمله صوت ريان: تعالي يا مريم اعدي جنبي.
جلست مريم بجوار ريان وهي حتى تلك اللحظه لم تره بل فقط اشتمت رائحة عطره الرجولي الذي انتشر عبقه في المكان كله..
قطع ريان الهدوء بدون اي مقدمات قائلا : مالك يا مريم جاي النهار ده علشان يتقدم لك ، ويطلب ايدك منى .. انتى ايه رأيك؟!
صعقت مريم فور سماعها اسم مالك ،ونظرت الى ريان في صدمة ثم نظرت الى مالك الذي انزل نظره بسرعة حتى لا تقع عينها على عينه...
اما ريان فاراد ان يتركمها قليلا بمفردهما : ملك بقولك ايه تعالى نشوف حور ونسيبهم مع بعض شويه.
ذهبت ملك معه فقد فطنت ما وراء طلبه ذلك..
ذهبا وبقي مالك مع مريم ،كانت تجلس أمامه تحاول امتصاص الصدمة والتماسك و عدم الانهيار وسقوط دموعها أمامه حتى لا يفهم شيء..
انتظر مالك أن تتحدث ولكنها لم تنطق بحرف واحد، فبدأ هو الحديث..
مالك: ازيك يا انسه مريم؟
مريم بصوت خافت: الحمد لله.
مالك: اسمحي لي اعرفك بنفسي.
لم تجبه مريم ولم ترفع نظرها نحوه ابدا. .فقد كانت الصدمة كفيلة ان تلجم ل**نها ،كانت الدموع متحجرة على شفا جفنيها..
مالك بتوجس: حضرتك سمعاني؟
لم تجبه بل اكتفت بهز رأسها بالايجاب ،كان مالك قد نظر إليها فرأى اجابتها ،اعجب بحيائها ،وتبسم معجبا به...
مالك: انا مالك عبد السلام، مهندس إلكترونيات و ديجيتال .. اشتغلت سبع سنين بره ، الحمد لله كنت من اكفىء المهندسين ،و...
رفعت مريم رأسها فجأة تنظر له فالتقط عيناها الدامعتين بعينيه الرماديتين ،و قالت: حبيت قبل كدا يا باشمهندس؟
رأى مالك الدموع متلألأة في مقلتيها فشعر بألم يجتاح قلبه لا يعلم ما سببه، لم يجبها بل اخذ يبحث قليلاً عن سبب لدموعها..
تابعت مريم قائلة : من فضلك جاوبني؟
مالك: اه،اه، أيام الجامعه كنت مالك تاني غير مالك اللي انتي شيفاه دلوقتي.
سقطت الدموع من عينيها مرهفة وقالت بهمس وخجل من نفسها: انا حبيت واحد قبلك ،و...
لم تستطع ان تكمل واخفضت عينيها، وجرت منهارة الى غرفتها باكية.
اما مالك فظلت عيناه معلقة بها، حاول استعاب ما حدث منذ لحظات ولكن، لم يستطع..
كل مافعله انه نهض وفتح الباب ورحل دون ان ينطق بحرف واحد.
اما مريم ،شعرت حينها بحزن قاتل ،شعرت بألم يقيدها يعتصرها ،فقد علمت بأنها اصبحت لا تصلح لاحد غير ذلك الاناني...
علمت بأن ما فعلته وما تفعله خطأ لا يغفر، رأت عواقب عشقها الطائش، وقلبها الساذج منذ قليل، جحظت عيناها عندما تذكرت ش*يقها ريان وملك التي قد تنزعج مما حدث...
خافت من ان يحدث بينهما مشاكل بسببها ،خافت من ما هو أت بشدة ، مسحت دموعها بسرعة... ثم فتحت باب غرفتها وخرجت متلهفة لتراه ولكنها لم تجده، فخرجت من البيت تلحق به...
رأته في نهاية الشارع يدلف الى العمارة التي يسكن بها ،جرت مسرعة تناديه ..
توقف فور سماع صوتها فقد اضحي يميزه الان. استدار فوجدها تجري باندفاع في اتجاهه ،تعثرت وكادت ان تقع لولا يده التي التقفتها بيده قبل ان تقع..
مالك بقلق عليها : مريم انتي ايه اللي خرجك من البيت دلوقتي؟
اخذت تلتقط أنفاسها وقالت بصوت متقطع: موافق ،..تتجوزني؟
صدم مالك من طلبها: بس انتي بتحبي واحد ت...
قاطعته مريم: انا موافقه اتجوزك، انا مش بحب حد ،موافق تتجوزني.؟
مالك: مريم انتي لازم ترجعي البيت ماينفعش نقف مع بعض كدا ...
مريم: جاوبني لو سمحت ،لسه عاوز تتجوزني؟
مالك: مريم.
مريم ببكاء: ارجوك .
مالك: في ايه؟ .انت خايفه من ايه؟
ازدردت مريم ريقها بعد ان جف حلقها ثم قالت باندفاع : مالك انا بحبك.
صدم مالك من كلمتها ،فمن اين تحبه؟ ،ومن اين تحب غيره؟
سمع صوت ريان وهو ينادي عليه،
ريان بتوجس من اختفاءهما : مالك؟ ،مشيتم ليه وخرجت مع مريم من غير ما تقول؟
نظر مالك اليها ثم اجابه: روحت اصلي العشاء جماعه ،وقلت لمريم تيجي تصليها جماعة في مصلي النساء وهي هترتاح لما تسمع صوت الشيخ محمد .
نظرت له مريم ،وعلمت بانه وافق على طلبها..
ريان: طيب تعالم يلا ملك في البيت قلقانه عليكم.
سار مالك بجوار ريان وخلفهم مريم ،اخذ مالك يتحدث مع ريان، ويضحك معه اثناء سيرهما وبين الحين والاخر كان يختلس النظر اليها مندهشا حالها وردت فعلها ،اخذ يسأل نفسه اكانت صادقة فيما قالته منذ قليل... أما لديها دوافع قوية أجبرتها علي قوله ...
دلف الى البيت وجلس اربعتهم يتحدثون عن تفاصيل تلك الزيجة..
اتفق ريان معه ان يكون عقد القران بعد انتهاء امتحانات مريم. .فلم يعترض مالك ،على ذلك...
انتهي اليوم سريعا وانطلق مالك عائدا الى شقته..
قضي ليله يفكر فيما حدث ،اقام ليله ولم ينم ،صلي استخارة مرة اخري ،وشعر بارتياح لتلك الزيجة ،ولكنه اخذ يفكر في كلمات مريم له ،انتفض قلبه ضيقا عندما تذكر صورة عينيها الدامعتين ، رأى الألم يجتاحهما من ينظر لهما يشعر بالضياع ،يري فيهما صورة غابة يملأها الضباب .. من يدخلها حتما مفقود ..
هو الان لا يستطيع التراجع فقد حسم الامر، ومهما كانت غايتها وراء تلك الزيجه هو متوكل على ربه، سمع صوت اذان الفجر فقال..
مالك: اللهم ارزقني خيرها ...
اما مريم فلم تكن افضل حالا منه فقد قضت ليلها باكية على سجادتها، فهي لا تعلم ماذا تفعل...
صلت استخارة وذهبت الى النوم، رأت في منامها، انها تقف على نهاية جسر محطم مقيدة بالحبال وطارق يقف خلفها يحاول القاءها في ذلك
النهر الجاري اسفل الجسر ،اخذت تصرخ تنادي على احد ينقذها ،فوجدت نفسها تنادي على مالك ،وما ان ذكرت اسمه حتى شعرت بتلك القيود تنفك عنها..
وشعرت باحدهم يهمس باسمها ،فظنت انه مالك، فاخذت تردد اسمه ، مالك ، مالك ...
ابتسمت ملك عندما سمعتها تهذي باسم ش*يقها..
هزتها ملك برفق لتوقظها : مريومه اصحي.
فتحت عينيها فوجدتها ملك تبتسم لها قائلة: انا ملك يا مريومه مش مالك، الله يسامحه الواد اخوي يا عيني بدأ يفطلك في الحلم.
ابتسمت مريم خجلا من كلامها،ثم نهضت هاربة من امامها حتى لا تبدا في سؤالها وتبدا مريم في تأليف القصص لها.
انجزت كل ما تعودت ان تفعله قبل ذهابها الى الجامعه، ثم انطلقت الى الجامعة سريعا، واثناء انتظارها ل سيارة الأجرة ،سمعت احدهم يقف خلفها مناديا عليها: مريم.
استدارت مريم لتري من ذلك الذي يناديها..
و حين تبينت هويته ، انتفضت مكانها واخذت تتراجع الى الخلف ، و بدأت انفاسها تثقل كلما زاد اقترابه ...
.............
يتبع ..
رأيكم يهمني جدا جدا يا قمرات ??