اجتمعت السلالات الثلاث بسرية ليشكلوا تحالفا ضد سحرة الظلام، في محاولة للتخلص منهم نهائيا.
بعد مرور بضعة سنوات من التحالف السري، كانت هناك قرية شبيهة بالمدينة لسبب كبرها و شساعتها، و أخيرا عدد قاطنيها، كانت القرية الوحيدة التي تحتوى سحرة الظلام فهم على خلاف باقي السلالات لا يعيشون على شكل قطعان أو مجموعات متفرقة، فعددهم قليل بالمقارنة مع الآخرين، و لا مجال لمقارنة قواهم بقوة سحرة النور، و بل يمكن أن يصنفوا على ماهية السلالة الأقوى.
و في تلك القرية كانت فتاة صغيرة من نسل ملكي تتدرب على استخدام السحر بينما يشرف على ذلك شخص ضخم البنية ذو بشرة بيضاء بعض الشيء و عينان بنيتان مع شعر ناري أحمر، يقف ب**ت و تعلو وجهه ملامح باردة بينما يستمر في مراقبة طفلة تبدو في السابعة من عمرها، ذات عيون سوداء كالليل، و بشرة شديدة البياض، و أخيرا شعر لامع شديد السواد كالفحم؛ كانت تتمتم ببعض الكلمات بخفوت لا تكاد تسمع، و فجأة مدت يديها في اتجاه الأرض و أغمضت عينيها بقوة بينما تعتصر نفسها، في حين كان الرجل قد ضم يديه إلى ص*ره و هو يمعن النظر إلى شيزونا، بينما فتحت شيزونا عينيها ببطئ واحدة تلو الأخرى، لتقفز فرحا و هي تصرخ:
لقد نجحت ...لقد نجحت...
فقد كانت تقفز في دوائر حول زهرة برسيم صغيرة يبدو أنها من جعل تلك الزهرة تنموا، فجأة أتاها رد من الرجل خلفها و هو يمد ذراعه لتلمس كتفها قائلا:
لا بأس كمحاولة أولى... لكنك تحتاجين مزيدا من التدريب لتتولي الحكم عن والدك العجوز...
قاطعته و هي تلتفت بسرعة و تحتضن قدمه بوجه يصطنع العبوس:
لكنك لست عجوزا يا أبي... ما زلت وسيما مثلي...
ابتسم و قد اعتلت محياه ابتسامة واسعة بينما يمرر أصابعه بين خصلات شعرها قاتم السواد ليقول وسط ابتسامته الفاخرة:
حقا هل أنا كذلك...؟ أولست أنت الجميلة مثلي...؟
ردت شيزونا بنبرة ملأها بعض الألم و الحزن الطفوليان:
لكنني لست مثلك، الجميع يقول ذلك لي... و ربما لست جميلة أيضا...
و فجأة بدأت الدموع تنهمر بغزارة من عينيها مشكلة نهرين على خديها لا يكادان ينقطعان، لتتسع ابتسامة والدها و الذي يدعى إيتاشي هوتانا، صحيح أنه اسم أقرب إلى أن يكون يابانيا ، لكن للتذكير فقط فهم موجودون في أمريكا الجنوبية بأحد المناطق البعيدة عن البشر، و يمكن القول أنهم في عمق الغابة و يشكلون حاجزا غير مرئي يمنع البشر من اكتشاف أمرهم كما يحذرهم من قدوم أي أحد، على أية حال نعود للقصة؛ لتتسع ابتسامة الحاكم إيتاشي و يطلق قهقهة خفيضة بينما يربث على ظهر شيزونا و هو يقول:
أهذا كل ما في الأمر...؟ و من قال إنك لست مميزة عزيزتي...؟ فأنت أجمل فتاة في هذا العالم ثم إنك ورثتي شكل أجدادنا القدماء و معنى هذا أنك تملكين قدراتهم النادرة أيضا...
قاطعته بلهفة و هي تمسح دموعها التي باثت تتقطع ، ثم ردت بعفوية:
حقا ... ألا تقول هذا لترضيني فقط...؟
بينما ادعى الحاكم إيتاشي الحزن و عبس في وجه شيزونا قائلا بنبرة صوته المترنحة:
ألا تصدقين والدك... و فوق هذا تجعلينني كاذبا.. هاه؟... إذن أفترض أنك لا تريدين كتاب السحر الأعظم الذي توارثته الأجيال و الذي يعود لمئات السنين...
قاطعته ثانية و هي تحتضنه بكل ما أوتيت من قوة، ليعتصرها بدوره ثم يكمل حديثه مستأنفا:
متأكد ستصبحين من أعظم سحرة الظلام في العالم عزيزتي... حتى أن أمك توافقني الرأي...
بالتأكيد فجميع الآباء يدعمون أبناءهم.. أنتما الإثنان غير منطقيان أبدا.. لكن "ت**ت لثوان".. هل أنا حقا مميزة...؟
اكتفى إيتاشي بال**ت كإجابة و هو يومئ لها إيجابا، ثم وقف من مكانه حيث كان يجثو على ركبتيه ليصبح بنفس طول شيزونا، و أمسك يدها بلطف و راح يجرها نحو الداخل بلطف.
في مكان آخر، حيث الإجتماع السري الذي لم يعقد منذ سنوات قد عاد مجددا، حيث كان هناك حضور خمسة ألفا لقطعان مختلفة من المستذئبين، و حاكم مملكة مصاصي الدماء تحت الأرض، إضافة إلى ثلاث حكام لقبائل سحرة النور، و بالتأكيد أن كل واحد اصطحب معه وزراءه و مساعديه و كل ما إلى هنالك.
انتهى الإجتماع بتحديد موعد للهجوم دفعة واحدة على قرية سحرة الظلام، الذين بالكاد لن نقول عنهم شبه منقرضين لقلة عددهم، شحذو أسلحتهم، و كشروا على أنيابهم، و جهزوا مخالبهم، و هلموا بمهاجمة القرية.
حقيقة لقد كان الحاكم إيتاشي يعلم بشأن التحالف و الإنقلاب و ما إلى ذلك، لا.. بل القرية كلها تعلم بهذا الشأن، فقد نسي أولائك الحمقى أن معظم التعاويد على الأرض من صنع سحرة الظلام، لذلك يستطيعون استشعار الخطر و التجسس عليهم.
أخذ الحاكم شيزونا إلى الطابق العلوي و وقف مقابلا للجدار ثم تمتم ببعض الطلاسم ليتشقق الجدار و يتسنى العبور من خلاله، فتقدم بينما أومأ لشيزونا أن تتبعه و قد نفذت ب**ت، ربما إثر الدهشة، فهي تعلم بأمر جميع الممرات السرية و الأنفاق الموجودة في القصر، بيد أنها لم تكتشف هذا إلى الآن، ما يزال ال**ت سيد الموقف ليقطعه صوت الحاكم إيتاشي الجاد و الممزوج ببعض الحدة:
هنا نحتفظ بالأشياء القديمة و الموروثة من أجدادنا، و من بينها هذا...
و راح يفرك غلاف الكتاب الممتلئ بالغبار عن آخره، لقد كان أ**د بلون شعر شيزونا و به لمعة طفيفة في مقدمة الغلاف تماما كالتي في عينيها.