الأول

2368 Words
المشهد الأول بعد انتهاء الصلاة وقف حمزة أمام المسجد حائر بعد رحيل المصلين  خرج إمام المسجد ليغلقه بعد انتهاء الصلاة ليجد حمزة واقفا ينظر بحيرة و بعض الغضب تجاه الأرض .. سأله الإمام بهدوء .. " مالك يا ابني واقف كده ليه " رفع حمزة عيناه للإمام قائلاً بضيق .. " مش لاقي جزمتي يا شيخنا أنت مش شايف أنا واقف حافي "  نظر إمام المسجد لقدم حمزة الع***ة لينفجر ضاحكا و هو يقول ..  " هما عملوها فيك أنت كمان .. معلش يا ابني و الله الواحد مش عارف يعمل ايه أستغفر الله العظيم ناس معدومي الضمير " سأله حمزة بحنق .. " هما مين دول إلي عملوها يا شيخنا و ملهم بجزمتي " أجابه الإمام باسما من الموقف .. " و أنا لو كنت أعرف كنت سكت .. بقالنا كام جمعة واحد ابن حلال بيجي ي**ق جزمة واحد من المصليين ويخلع و يقف نفس وقفتك دي لحد ما ألقي حل عشان يعرف يروح بيتهم " اكفهرت ملامح وجهه و عقد حاجبيه بغضب .. " يعني ميلقيش غير الجزمة إلي حيلتي و ي**قها دي بمرتب شهر بحاله أعمل ايه دلوقتي أَرَوَح إزاي و أَرُوُح أشتري جزمة غيرها إزاي و أنا حافي كدة " ربت الإمام على كتفه قائلاً .. " معلش يا بني مفيش حل غير أنك تاخد شبشب من شباشب الوضوء تْرَوَح بيها هى إلي موجودة عندنا " شعر حمزة بالغضب لوضعه في هذا الموقف متوعدا هذا السارق إن أمسك به سيفصل رأسه عن جسده عقابا .. قال لإمام المسجد ..  " ماشي يا عم الشيخ أنا هاخد واحد أَرَوَح بيه و أبقي أجبهولك المرة الجاية " دلف الرجل للمسجد ثانياً و هو يجيب .. " و لا متجبوش يا ابني أنا بجيب ديما جديد عشان الناس إلي بتيجي تتوضأ هنا في المسجد " أختفى لبعض الوقت و خرج يحمل معه خف منزلي من البلاستيك جديد و أعطاه لحمزة الذي قال قبل يجربه .. " ده شكله صغير يا عم الشيخ بس هات أجربه الأول " وضع حمزة الخف على الأرض ليقيسه ليجده كما توقع صغير على قدمه سأله الإمام بهدوء .. " أنت مقاسك كام يا ابني " رد حمزة بضيق .. " خمسة و أربعين يا شيخنا " قال الإمام بهدوء .. " طيب تعالى معايا جرب بنفسك من الموجودين جوا " دلف حمزة للمسجد تجاه مكان الوضوء ليجد الكثير من الأحذية الخاصة بالوضوء .. ظل يجرب واحد واحد من تلك الجديدة فلم يدخل في قدمه واحد منها إلى أن قال الشيخ بمرح و ضحكة مكتومة حتى لا يغضبه .. " معلش جرب ده " نظر حمزة لم يشير إليه الإمام ليجده ذلك الخف من الخشب الذي يسمى بالقبقاب و هو كان المتواجد دوماً في المساجد للمتوضئين فهو لا يهترئ سريعًا و لا يتشرب بالماء كاد أن يسب لعنا و هو بيت الله ليتماسك و هو يردد بضيق .. " أستغفر الله العظيم .. أستغفر الله العظيم .. ماشي يا شيخنا هجربه هعمل ايه يعني مفيش حل غير كده " أدخل حمزة قدمه في الخف المصنوع من الخشب ( القبقاب ) ليجده مناسب لقياسه .. قال للإمام .. " طيب أنا مضطر أَرَوَح بيه و هبقى أجبهولك المرة الجاية معايا " رد الإمام بهدوء باسما .. " و لا يهمك أتفضل إحنا عندنا كتير منه زي ما في ولاد حرام بي**قوا الجذم في ولاد حلال بيجيبوا للجامع الشباشب دي عشان الناس تتوضأ بيها و زي ما أنت شايف كلها جديدة معلش بقي حظك أن رجليك كبيرة شوية و مدخلتش غير في القبقاب ده ربنا يعوضك بأحسن منها إن شاء الله " خلع حمزة الخف و أتجه مع الإمام خارج المسجد أغلق الرجل المسجد بعد أن ارتدى حمزة الخف و ألقي عليه التحية مودعا ... " سلاموا عليكم يا شيخ " رد الإمام التحية باسما .. " و عليكم السلام يا ابني " سار حمزة بالخف تجاه منزله متجاهلا نظرات المارة الدهشة من خفه الذي يطرق الأرض في سيره .. حتى أن البعض ضحك و ألقوا عليه المزحات السخيفة كذلك الذي قال .. " يا خارجة من باب الحمام و كل خد عليه خوخة " نظر إليه حمزة بحنق و مط شفتيه ساخرا ليجد الآخر يقول .. " يا شبشب الهنا قلبنا فرشتك يا رتني كنت أنا و وقعت وقعتك " أنحنى حمزة ليمسك بخفه يرفعه في وجه الرجل الذي فر من أمامه ضاحكا .. أكمل حمزة سيره تجاه منزله و طرق الخف على الأرض يزيد من نقمته على السارق .. وصل لمنزله يطرق الباب بعنف من شدة الغيظ فسمع صوت والدته تقول بحنق .. " طيب يا إلي بتخبط جاية أهو هى الدنيا هطير " فتحت الباب لتجد حمزة بوجهه المنغلق فقالت باسمة .. " ايه يا حبيب أمك مضايق ليه ملحقتش الصلاة " دلف حمزة و خفه يطرق لتنظر والدته لقدمه و تض*ب على ص*رها بخضة قائلة .. " ايه ده فين جزمتك " جلس حمزة على مقعد السفرة الموجودة في الردهة .. " أتسرقت يا أمي أنا بصلي " قالت والدته بغضب .. " أتسرقت أتسرقت إزاي هى الناس رايحة تصلي و لا تسرق الجزم " رد حمزة بضيق .. " أهو الى حصل يا أمي الظاهر الحرامي مش من المصليين دا واحد شكله كده مستلم الجامع ده و بيعمل كده كل جمعة الشيخ قالي كدة النهاردة " ربتت والدته على كتفه قائلة تواسيه .. " معلش يا حبيبي فداك مليون جزمة المهم سلامتك و أنك رجعت بالسلامة " رد حمزة ساخرا .. " جرا ايه يا أمي هو أنا كنت رايح أحارب و جزمتي ضاعت مني في الحرب و أنا إلي رجعت أنا كنت بصلي " قالت والدته بتذمر .. " يوه يا حمزة أنت هتتريق أهو الحمد لله أنك بخير و خلاص " رد حمزة ساخرا .. " اه و متسرقتش معاها " ضحكت والدته قائلة .. " و دا مين يقدر على الحيطة دي بس آل ي**قوك آل طيب أنا متأكدة أن الحرامي إلي خد الجزمة لو شاف صاحبها هيهرب للشارع التاني و مش هيهوب ناحيتها " قال حمزة بغيظ .. " أهو ماشفنيش يا أمي و أتسرقت و اللي حصل حصل اه لو يقع في أيدي " قالت باسمة و هى تقبل رأسه .. " فداك يا حبيبي يلا أوم عشان تتغدى غير هدومك لحد ما أجهز الأكل " قال حمزة بحنق .. " نفسي أتسدت يا أمي مش عارف هنزل إزاي بالقبقاب عشان أشتري جزمة جديدة " قالت والدته بحنق .. " قولتلك ميت مرة يا حمزة بلاش العادة الزفت دي ترمي القديمة و ترجع بالجديدة يا ابني محدش بيعمل كده " رد حمزة بضيق .. " أهو إلي حصل يا أمي عادة و مش عارف أبطلها " " خلاص متزعلش يلا قوم غير و تعالى عشان تاكل " قالتها والدته و هى توقفه من على مقعد الطاولة فنهض حمزة ليتجه لغرفته و هو يتوعد ذلك السارق و لن يهدئ إلا إذا أمسك به  "على فين يا حمزة يا حبيبي " سألت والدته و هو يرتدي حذاءه ليخرج من المنزل .. قال لها متعجبا .. " على الجامع يا أمي أصلي الجمعة هكون رايح فين يعني " نظرت لحذائه الجديد بضيق و قالت .. " طيب متصلي هنا و خلاص يا حبيبي مافيش داعي تنزل المسجد النهاردة خصوصاً أنك بردان " رد حمزة بضيق .. " أنا كويس يا أمي و مفيش حاجة متخافيش أنا مش هتسرق تاني المرة ده هاخد إحتياطي " " هتعمل ايه يعني هتسيب الصلاة و هتحرس جزمتك " أبتسم حمزة بمكر .. " حاجة زي كدة " نظرت إليه بتعجب .. " بتقول ايه " تحرك ليخرج .. " لم أجى هفهمك سلام يا أمي عشان الحق الصلاة و الخطبة " تركها و انصرف لتتمتم بضيق .. " ربنا يهديلك الحال يا ابني و يرزقك ببنت الحلال إلي تملى علينا البيت عيال " ★ " فهمت يا عمر هتعمل ايه " سأل حمزة الصبي الصغير ذا الستة أعوام و هو يقف معه أمام المسجد الذي سيصلي به الجمعة .. هز الصبي الصغير رأسه و قال بحزن .. " عارف يا عم حمزة و ربنا يسامحني عشان مش هصلي الجمعة دي جماعة " أبتسم حمزة فرحا لحرص الصبي على الصلاة قائلاً له ليهون عليه الأمر  " معلش يا عمر مهو ده كمان هتاخد عليه ثواب .. لأنك هتمسك الحرامي إللي بياخد الجزم من الجامع هنا و يخلي الناس تروح حافية إذا ملقتش حد يديها حاجة تروح بيها " هز الصبي رأسه موافقا و أجاب .. " حاضر يا عم حمزة أتفضل أنت عشان الخطبة بدأت " ربت حمزة على كتفه بحزم و تحرك ليدخل المسجد ليجلس وسط المصلين يستمع لخطبة يوم الجمعة ..  ★ كان عمر يقف أمام المسجد يراقب أحذية المصلين أمام الباب والرفوف التي أمتلأت بها و هو يستمع للإمام يقيم الصلاة للأن لا شيء غريب أو مريب أو أقترب أحد من المكان المخصص للأحذية شعر بالحزن لفواته الصلاة دون فائدة و لم يحدث شيء كما قال العم حمزة .. كان سيتحرك و يذهب للمسجد ليلحق بالصلاة عندما لاحظ ذاك الرجل الذي وقف أمام المسجد و بدلا من خلع نعليه و الدخول ليصلي وقف ينظر للأحذية بتفحص قبل أن ينحنى ليأخذ حذاء و ينصرف مسرعا .. حار عمر فيما يفعل هل يذهب خلفه أم ينتظر ليخبر العم حمزة بما رأى .. بفطرته الباحثة عن الصواب تحرك عمر ليسير خلف الرجل الذي كان يسير بسرعة و هو يتلفت حوله كأي لص و شخص غير سوى يعلم أنه فعل فعل خاطئ .. و كأنه شعر بتتبع عمر له فنظر خلفه بحدة .. مما جعل الصبي الصغير يرتبك فيظهر عليه هذا و ينظر إليه الرجل بشك .. قبل أن يعود و يسير بسرعة أكبر هذه المرة و هو يدخل لذلك البناء الذي حفظه عمر جيداً قبل أن يعود مهرولا للمسجد ليبلغ حمزة بما رأى " ★  كان حمزة يقف مع الأمام و رجل أخر يبدوا واضحا أنه الضحية الجديدة لسارق الأحذية .. وقف عمر أمام حمزة يلهث و هو يقول  " عرفت مكانه يا عمي شوفت البيت الي دخل فيه تعالى معايا أوريهولك " قال حمزة للرجل .. " أستنى هنا أنا عرفت جزمتك راحت فين " تحرك مع عمر مسرعا و هو يسأله بجدية .. " قولي لحظت ايه يا عمر قبل ما ياخد الجزمة و يمشي " سرد له عمر ما فعله الرجل منذ وقف أمام المسجد حتى دخوله ذلك المنزل قبل قليل .. توقف عمر و أشار للمنزل قائلاً .. " هنا يا عم حمزة دخل هنا بس معرفش اي بيت فيهم " شعر حمزة بالحيرة لا يستطيع أن يطرق باب أغراب و هو يقول أن أحد ساكنية سارق أحذية من المساجد .. تراجع هو الآخر ليقول لعمر بضيق .. " أنت عملت الصح يا عمر بس منقدرش نخبط عليهم و نقول أن واحد منهم حرامي لازم نعرف هو دخل أي شقة فيهم عندي فكرة " سأله عمر بحيرة .. " فكرة ايه يا عمي قولي " قال باسما .. " الأول نرجع نقول للراجل أن الموضوع هيطول و لو حب يروح يروح و إحنا إن لقينا الجزمة هنسبها مع شيخ المسجد صح " أومأ الصبي برأسه و عاد معه للجامع ليخبر الرجل ما قاله للتو .. بعد قليل عادا مرة أخرى و قال حمزة لعمر بمرح .. " تعرف تمثل أنك خايف و بتعيط و أنك مش عارف بيتك فين " رغم غرابة الطلب و لكن عمر تحمس و أجاب .. " أيوة أنا ديما أمي بتقول عليا أني عيل نكد و فقر من كتر ما بعيط و أزن في البيت " أنفجر حمزة ضاحكا بقوة و قال .. " طيب يا سي عمري عايزك تعيط و تنكد و تزن زي ما تحب لحد ما تشوف الراجل إلي أخد الجزمة وقتها بس تنبهني " أومأ الصبي برأسه موافقا بحماسة و دلف مع حمزة للمنزل و الأخير يقول .. " يلا أبدا زن و عيط و أعمل نفسك مش عارف بيتكم " بدأ عمر في تمثيل البكاء و هو يصعد مع حمزة للطابق الأول و يطرق باب أول شقة قابلته .. فتح الباب رجل في حوالي الستين من عمره و هو يمسح زجاج نظارته و يضعها على عينه متسائلا .. " في حاجة يا ابني الولد ده بيعيط كدة ليه .. نظر حمزة لعمر في نظرة تفاهم فهز عمر رأسه نافيا و هو يخفي ذلك بحركاته المتوترة و بكاءه المرتفع ..  قال حمزة باسما .. " معلش يا عم الحج ده ولد تايه و كنت بسأل أنت تعرفه قبل كدة أصله مش عارف هو بيته فين " شعر الرجل بالحنان و نظر لوجه عمر الباكي و عدل من نظارته ليراه بطريقة أوضح ثم قال بحزن .. " لا يا ابني معرفهوش قبل كدة أحسن حاجة تاخده على القسم يمكن يقدرو يوصلوا لأهله " قال حمزة ممتنا لنصحية الرجل و خوفه على عمر .. " هسأل باقي السكان الأول يا عم الحج يمكن حد فيهم يعرفه أصلي لقيته قريب من هنا " أجاب الرجل المسن .. " طبعاً يا ابني ربنا يعطرك في أهله " تركه حمزة ليصعد في الطابق التالي و هو يهمس لعمر .. " كان الله في عون أمك يا وله أنت فعلاً نكد و فقر دا أنا نفسي أتخنقت من دقيقتين عياط "  ضحك عمر بمرح .. فقال حمزة بحنق .. " عيط .. عيط بدل منتكشف و متنساش تنبهني لو لقيت الراجل " طرق حمزة الباب لتفتحه فتاة صغيرة من سن عمر تقريباً أو تصغره بالقليل و هى تقول بخجل .. " نعم يا عمو عايز مين "  توقف عمر عن البكاء و عدل من قميصه تحت نظرات حمزة الدهشة من فعلته ليقول بحنق .. " ناديلي بابا يا حبيبتي عايز أسأله على حاجة " قالت الصغيرة بخجل .. " مفيش غير تمرة هنا تحب أجبهالك " قال حمزة باسما .. " لا يا حبيبتي أنا مبحبش البلح .. شكرا أنا عايز بابا أو أي حد كبير أسأله على حاجة " قالت الفتاة الصغيرة بحيرة .. " يعني مش عايز تمرة هى بس إلي موجودة بابا مش هنا " شد عمر كم قميص حمزة هامسا .. " عمو شكل تمرة دي بنت مامتها يعني مش بلحة زي ما أنت فاكر " رفع حمزة حاجبه بفهم .. " ااااه طيب ما تقول ماما هو لازم تدلعها ببلحة " قال عمر للصغيرة .. " نديلنا بلحة يا تفاحة عشان نسألها على حاجة " قال حمزة بسخرية .. " تفاحة " قال عمر باسما ببراءة .. " مهى متنفعش غير تفاحة عمو حمزة " رفع حمزة حاجبه بمكر و عاد ليقول للصغيرة .. " نادي بلحة يا تفاحة لو سمحتى " عادت الفتاة للداخل لثوان و عادت مع فتاة شابة تخطت الثالثة و العشرين تقريبا ترتدي ثوب قصير محكم على جسدها و شعرها القصير الذي يصل لكتفها مسدلا و تضع جوانبه خلف أذنها و غرتها تسقط على جبينها تلامسه برقة كانت سمراء بعيون بنيه و تضع حمرة سوداء قاتمة جعلت شفتيها الممتلئة تلمع مع بشرتها السمراء رغم غرابتها لا تنفر الناظر منها نظر إليها حمزة مسمرا عينيه على شفتيها ليتمتم بخفوت  " مين قال أني مبحبش البلح " يتبع  ♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥♥
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD