قاتلتي ( بحيرة البجع)

الفصل الرابع :

قصر انانيف

شرق العا**ة الروسية

اقترب والدها وجلس على الاريكة مقابل لها بغضب واضح .. للمرة الاولى تنظر اليها عيناه بهذا العنف .. لطالما دللها .. لطالما دعاها بأميرته، لكن ليس اليوم وهو عرف لتو ما تنوي فعله ..

" قولي ان ما سمعته مزاح "

" بابا .. "

صرخ صوته في وجهها لاول مرة منذ ولدت، وعلمت انها تجاوزت كل خطوط صبره هذه المرة ..

" اتدركين ما بإمكان فلاديمير فعله الان ؟! .. سيدمرنا جميعاً .. لن يرحم احداً سوان .. عندما اخبرتني أنك تحبينه .. سألتك .. هل أنت واثقة ؟! .. اتذكرين ما كانت اجابتك ؟! .. أنك مغرمة به بجنون وانكما ستتزوجان .. وأنا .. أنا سمحت بذلك رغم اني لم اكن موافق .. فقط لاجلك .. ولتوسلك .. "

" بابا أنا .. "

قاطعها مجدداً .. يقف ويتحرك .. انفاسه سريعة حانقة .. هل تجاوزت كل الحدود ؟! .

" لدينا اعمال مع شركاته .. لديه اسهم في شركتي الخاصة وفي مجمع الترفيه الذي يديره عمك .. لدينا قروض في بنك عائلته أنا وابناء عمومتك .. اتعرفين إن قرر استحقاقها ماذا سيحصل ؟! .. سنغرق كلنا .. كل فرد في هذه العائلة "

اغمضت عيناها وبغير ثقة اجابته :

" لن يفعل .. "

ضحك بسخرية لتخرج ضحكته دون مرح، انما قاسية .. ثم نظر نحوها بلوم وهو يؤكد لها :

" ظننت انك تعرفين من فلاديمير لبرمان .. إنه وحش لا يرحم .. الجميع يعرف هذا .. إنه دون مبادئ .. لا يعرف الرحمة .. سحب البساط من تحت اقدام الاخرين لذته .. متعته سوان "

حركت رأسها لمرات ثم وقفت واقتربت من والدها .. يدها ضمت يده وحاولت تهدئته بكل ما تملك من قوة ..

" اعدك لن يفعل .. هو لن يؤذني ابي .. هو مغرم بي بجنون .. لا تخف "

" يال سذاجتك صغيرتي .. يال غرورك .. لكن أنت غير ملامة .. كان علي ابعادك منذ رأيت تقاربكما .. خطأ سأدفع ثمنه طوال حياتي .. سأذهب لرؤيته .. ربما استبق الامور قبل أن يقرر جعلنا جميعاً نندم "

تحرك يترك الصالة الواسعة حيث كانت تجلس براحة وتخطط لزفافها الوشيك .. قلبها اخذ ينبض بعنف .. هل كانت مخطئة بتفكيرها أن فلاديمير لن يؤذيها أو يؤذي اي من عائلتها ؟! .. وعضت شفتها خوفاً .. انها حقاً ساذجة وغ*ية .. كيف تثق بوعوده ؟! .. لقد اشعلت الحرب بينهما وداست على ذ*ل النمر باستخدام نيكولاي .. لقد خانت ثقته فما يمنعه من فعل المثل ؟! ..

" سوان .. أنت هنا حبيبتي ؟! "

رفعت عيناها نحو والدتها التي تشبهها بشكل كبير .. نسخة اكبر عمراً مع اختلاف في لون العيون .. فلون عينا والدتها تجمع بين الازرق والاخضر بينما تملك هي لون اخضر واضح وعميق ..

" أنت بخير حبيبتي .. وجهك شاحب جداً "

ارتجفت اصابعها وهي تجد والدتها تجلس بجانبها وتتأملها .. عضت شفتها وهمست :

" بابا غاضب مني .. لقد علم بشأن زواجنا أنا ونيكولاي قبل أن اخبره بنفسي "

" سأكلمه .. هو لن يزعج طفلتي المدللة .. ثم اختيارك لنيكولاي افضل بكثير .. أنه وسيم وغني ويحمل جذور عريقة وارستقراطية .. وكل الفتيات تحلم بالزواج منه .. ومن احق من اميرتي بهذا العرش ؟! "

شكت بضعف شديد .. تفرغ خوفها امام والدتها .. فتلك المرأة قادرة على جعلها تشعر بالتحسن دائماً .. اليس هي من نصحتها بأن نيكولاي هو الافضل ؟!

" بابا يقول أن فلاديمير سيدمرنا جميعاً .. ماذا إن فعل هذا ماما ؟! .. "

ضحكت امها وكأن الامر تافه وغير مهم ثم لامست شعرها وقالت بثقة : " هناك نيكولاي ليعيد بناء كل شيء .. ثم كم مرة ساخبرك .. ثقي بنفسك .. وتذكري انك تمسكين قلب فلاديمير بيد*ك .. بضع دموع .. بضع كلمات لوم وعتب .. وسيعود ليركع تحت قدميك "

الكلام غزى غرورها كالعادة .. وتبدلت ملامحها من الطفلة الخائفة للامرأة المحنكة شبيهة والدتها .. لتدفع شعرها للخلف وتتألق عيناها رامية بكل خوفها وراء ظهرها ..

" أنت محقة دائماً ماما .. "

" حبيبة امها .. امسكي دائماً بكل الخيوط في يدك .. واياك وترك احداها لاحد .. والان هاتي المجلة لاختار معك الفستان الابيض "

سحبت المجلة واخفت ذاك الاحساس البغيض بداخلها ان ما تتجه اليه، اقصى واكثر ألماً بالف مرة مما عانته سابقاً .. لكن عيناها الان لا تريان سوى وجهه وهو ينظر اليها ترتدي فستان الزفاف لرجل غيره، مرض الحقد يلف قلبها كأصابع طويلة تخنق أي ذرة تعقل أو تراجع .

" اعجبني هذا "

اشارت لاحدهم لتهز والدتها رأسها فتتحرك خصل شعرها الداكنة الشقرة ..

" إنه مبتذل .. عليك البحث عن شيء يلائم زفافك الملكي .. ربما شيء كهذاً .. "

نظرت للثوب ذو الاكمام الطويلة المطرزة، لم يكن يناسب ذوقها الخاص .. لكن من يمكن أن يعارض ذوق السيدة شانيل انانيفا عارضة الازياء السابقة الشهيرة، ابنة السلالة العريقة الفرنسية ذات الدماء الزرقاء، ونتاج زواج وصف بزواج القرن .. بين جديها الامير الايطالي والدوقة الفرنسية ..

" لكن لا .. لنبحث عن شيء آخر .. امممم "

" ماما .. ما رأيك بهذا ؟! "

لم تجب والدتها .. ملامحها بدت سارحة في مكان آخر ثم تغضن جبينها ورسمت ابتسامة فوق شفتيها، تلك الابتسامة كانت تعني أن والدتها وجدت غايتها .. وكأنها حصلت على جائزة .. ملامح المكر اخذت تظهر بوضوح اكثر ثم رفعت وجه سوان بيديها وسألتها :

" من أت ؟! "

" ابنة الملكة شانيل "

" نعم .. ولا يليق بابنتي سوا الافضل .. اظن اني وجدت غايتنا مدللتي الصغيرة .. سوان .. أنا ساجعل انتقامك بلذة لم تذقها شفتاك من قبل "

ارتجفت .. شعور بالبرد تسلل لكامل جسدها ليجعل اعضائها تئن .. ما الذي تغرق نفسها به الان ؟! .. ثم خرجت شبيهة والدتها من داخلها لتتملك جسدها واحاسيسها، لتدفن تلك الغ*ية التي خدعها فلاديمير بحب كاذب كادت نهايته تقتلها ، هي تحتاجها بشدة لرد الصفعة لصاحبها .. ومن غير مرآة شانيل المتمثلة بها يمكن أن تفعل هذا .. الام والابنة .. في جبهة واحدة ضد و*د عائلة فريدمان .

*******

كان يجلس براحة ووزير الصناعة يتململ مقابل له .. الابتسامة الساخرة لا تفارق محياه لمعرفته بكم يثير اعصاب ضحيته الان ..

" فلاديمير .. أنت تضغط بقوة علي .. أنا اتجاوز عن مخالفاتك كثيراً في الاونة الاخيرة .. "

" بلغ عني اذاً مخائيل "

" بالتأكيد لن افعل .. "

كان يعلم تماماً أنه يخاف من ازعاجه .. فالمال يخرس الجميع .. ويملئ الافواه بالرضى .. الم يتعلم هذا منذ نعومة اظافره

" اذا لا تعليق آخر لدي .. البضاعة الخاصة بنا ستغرق السوق .. ورسوم الضرائب أنا كفيل بها لا عليك "

" مصلحة الضرائب يزعجهم الوضع كثيراً .. أنت لم .. "

زفر بحنق وانزل ساقه المرفوعة فوق الاخرى ثم تبدلت واجهته الساخرة لاخرى قاسية وهو يهدد

" ساسحب الدعم القائم لبلدية موسكو اذاً .. "

شهق مخائيل بفزع وحاول منعه بتملق مفضوح فالاخير يأخذ نصيبه من تلك التبراعات التي لا يصل خمسة بالمئة منها لخدمة العا**ة .. بل يصب في جيوب هذا وذاك ..

" ساتصرف .. ساتعامل انا معهم .. اعدك "

عادت ابتسامته لمكانها ساخرة ظافرة .. احداً لا يمكنه ان يقتلع فلاديمير من مكانه .. لطالما كان الامر مجرد لعبة مقابل المال .. والحاكم من يملك اكثر .. وقف ليودع ضيفه .. وعبر مكتبه نحو الخارج .. فتح الباب وترك ضيفه الخمسيني يتقدمه وهو يبادله ضحكة لم تصل لاعماقه

" ساكون سعيداً بزيارتك مرة اخرى سيدي الوزير "

راوغ الاثنين كالعادة .. المظاهر خادعة بحق .. وكم كره رؤيته يبتسم ويصافحه بوذ كاذب .. الممثل اللعين .. عليه الحصول على الاسكار ..