الفصل الخامس

1200 Words
دفع رائف نفسه بين رجلَي مؤيد ورد على ممدوح بغضب " ارحل أفضل لك أيها الفتى وإلا سأريك النجوم في عز الظهر " حاول الرجلان تكبيله وقال أحدهما " آنسة حور من فضلك اذهبي لتلحقي باختبارك ، نحن ستتصرف معه " كانت متفاجئة مما يحدث وممدوح يقف بفضول ينظر لرائف بسخرية يحاول أن يرد بها الإهانة ويقول " حور ، هيا بنا لم يتبقَ على الاختبار الكثير " وجود رجلَي مؤيد حولها أشعرها أنها ليست ضعيفة أو وحيدة فقد كانت تظن أن جميع رجاله رحلوا مع كنزي لتتفاجأ أن هناك من بقي لأجلها، فقررت أن تتولى زمام الأمور كما تولتها منذ سنوات حين كانت مراهقة لا تفقه شيئا ، فنظرت لممدوح وقالت " شكرا ولكنني أعرف طريقي جيدا لذلك من فضلك تفضل ولا تعطّل نفسك من أجلي " زمجر رائف " ما شاء الله أصبحت الصغيرة تجيد تولي الأمور " لم يتحرك ممدوح وهو يقول " ولكن " صرخ به رائف الذي وصل لقمة غضبه " ارحل من أمامي وإلا لن أكون مسؤولا عن رد فعلي " ألقى عليه ممدوح نظرة حانقة وتحرك مبتعدا ، فقالت تولين للرجلين " من فضلكما اتركاه ، لا أظن أنه أتى لافتعال فضيحة لي أمام الجامعة " نظر لها أحدهما برفض وقال " ولكن السيد مؤيد أمرنا أن ….. " قاطعته قائلة " أعلم بما أمر مؤيد لكنني أريد أن أتحدث معه " نظر لها الرجلان برفض فقالت مؤكدة " من فضلكما دعانا نتحدث قليلا وأعدكما أن يرحل السيد بهدوء بعد قليل " كان رائف يشاهدها كيف تولت إدارة الأمر وأصبحت تعطي الأوامر وشبح ابتسامة يلوح على وجهه ، لم يستطع السيطرة على تسارع نبضه وشعر بالرجلين يتركانه بهدوء ليبتعدا فتابعهما بعينيه ليجدهما يقفان ويراقبان المشهد من بعيد ، فالتفت لها يقول " لقد كبرتِ لدرجة تجعلني لا أريد أن أتوقف عن الابتسام وكلي فخر أن مخالب قطتي أصبحت تطول الجميع " تجاهلت كلماته التي دقت ناقوس الخطر بداخلها وقالت " أيها السيد ، هل هناك سبب محدد لوجودك هنا غير الكلام الذي تلقيه على مسامعي كلما تقابلنا ؟ أظن أنني أوضحتُ لك وجهة نظري في أفعالك أكثر من مرة، وأظن أنك أكبر من حركات المراهقة هذه ، لذلك لماذا لا ننهي هذا الأمر بنضوج وبعيدا عن جنونك الذي يظهر فجأة ؟" نظر لها رائف بعينين حقا تخيفانها ثم انفجر ضاحكا ولكن بسعادة كأنه طفل وجد لعبته المفقودة أو اكتشف طريق أرض الأحلام، توترت تولين وقالت بغضب" هل أنت مجنون ؟ صارحني لعلي أتقبل جنونك هذا ، ما الذي يضحكك لهذه الدرجة ؟ هل يقف أمامك مهرج وأنا لا أعرف ؟" حاول رائف تدارك سعادته ومد يده محاولا أن يمسك أطراف أصابعها الرقيقة ليسأل باهتمام " هل أصبحت يدك بخير ؟" اهتمامه مس جزءا بداخلها يفتقد احتواء عادل فمطت شفتيها بحزن وهي تبعد يدها وتقول " توقف عن حركاتك هذه ، لا يصح أبدا أن تلمسني ، ومن فضلك... أرجوك ابتعد عن طريقي وتوقف عن الظهور أمامي كأنك عفريت لا أعرف ماذا يريد مني " قال لها بإحباط وعيناه تدوران في ملكوت الله حتى لا تسيل منهما دمعة خائنة " لا تتوتري بهذه الطريقة قبل اختبارك واشربي شيئا دافئا وثقي بنفسك وستكونين بخير ، وأنا سأنتظرك هنا لنتحدث فلا أريد أن أضغط عليك بحديثي الآن ، لكن هل تتعاملين مع كثير من الشباب في جامعتك والعمل ؟" كانت أنفاس تولين تفر من ص*رها وهي تقف أمامه كالعصفور المبلول، فقالت بغضب " يا سيد أقول لك ابتعد عني فتقول سأنتظرك ، ماذا تريد مني ؟" نظر لها بقوة وقال " أولا، اسمي رائف، ثانيا ، أريد أن أعرف كيف أقنعوك بأن تبتعدي ، كيف خططوا لمسألة موتك وأنا رأيتك تحترقين أمام عيني وألقيتُ نفسي في النار لأنقذك لكن الانفجار أخبرني أني تأخرتُ كثيرا، هل ترين هذه العلامة ؟" أزاح أعلى قميصه عن ص*ره قليلا وأكمل قائلا " هذه العلامة ما بقي لديّ من تلك الليلة " **تت وهناك صوت صفير مدوي يخترق عقلها، **تت تنظر له بعدم تصديق فقرأ عينيها جيدا وأكمل قائلا " تولين، مذ سمعتُ ما دار بينك وبين بشر في ذلك الممر ليلة الحفل قررتُ أنها ستكون ليلتك الأخيرة بينهم لكن القدر وقف بيننا، لا ت**تي وتدعيني أتعذب فلو كنتُ أعلم أنك حية لبحثت عنك حتى وجدتك، إذا كان كل هذا حزنا مني فسامحيني أنا وقلبي الأ**ق، لقد كذب عليّ إحساسي حين خُدعتُ بما خططت له عائلتك، خُدعتُ بصراخ إخوتك ودموعهم، خُدعتُ ببشر الذي كان يريد أن يلقي نفسه بالنيران، لقد حبكوا الخطة لدرجة خانني فيها ذكائي، لذلك أنا آسف على كل شيء فما كان ليخطر على بالي أنهم يخططون لأخذك من بين يديّ، مؤكد هذا تخطيط بشر " معلومات كالصواعق تسحبها لعالم غريب تحاول به ترتيب أحجية لا تعرف أجزاءها، ماذا يقول ذلك الرجل ؟ من هو وكيف كان هناك وكيف انفجرت السيارة ؟ ……. وكيف خطط بشر لرحيلها ؟ هل من الممكن أن يكون وجودها هنا مخططا له وليس حادثا عرضيا ؟ لا …..لا ….مجرد التفكير في هذا الأمر مرعب، فكرة أنهم لم يبحثوا عنها أفضل بكثير، تباينت مشاعرها تجاه ما قاله وتوالت على وجهها وانتظر الرد لتندفع قائلة " لا أتذكرك أبدا، أنت مجرد كاذب لا أفهم ماذا ستستفيد مما تفعله، فكرة التلاعب بأفكاري ما هدفك منها؟ كنتَ هناك! ورأيتني أحترق! ….. " مادت الأرض بها وشعرت أنها على وشك فقدان الوعي وإطلاق النار يحاوطها من كل اتجاه وجسدا والديها كدرع ثُقب بألف ثقب ليحميها، دماؤهما تسيل فوق يديها ونزار ملقى أمام السيارة وفجأة امتلأ الجو بالضباب وهي تصرخ وتبكي وتنادي بشر وتتمنى لو أنه هنا فدائما كان منقذها في أحلك الأوقات ،رائف …. اخترق الاسم عقلها **هم انطلق من بعيد فغامت عيناها في غياهب اللاوعي وسقطت ليتلقفها ذراع رائف قائلا بفزع " تولين " اقترب رجلا مؤيد اللذان كانا يشاهدان ما يحدث والتف حول المشهد جمع غفير جعل أحد الرجلين يقول بغضب " من فضلك اتركها لنا، سنأخذها إلى المشفى" تجاهله رائف وهو يحملها نحو سيارته ويقول بغضب " ضع يدك عليها وسأجعلك تسقط مثلها ولكن كقتيل" حينها فقد الرجلان الأمل ولم يجدا مفرا من أن يتبعا سيارة رائف ويسرعا بإبلاغ مؤيد بما حدث ……… وضعت كل أحزاني داخل حقيبة صغيرة وحملتها على ظهري كعبء لن يفارقني ومضيت في طريق مجهول لا زاد لي إلا ذكرى كنصل يسرح في قلبي ويمزق وتيني ...طريق العودة أصبح طويلا جدا رغم أنه لم يكن هكذا من قبل، فبرغم المآسي والحزن الذي كان يخيم على قلبيهما كان حضنه الدافئ واحتواؤه لا يجعلها تشعر بالوقت ولا بالمحيطين بها، يكفيها أن يضمها إلى ص*ره لتستكين وتفقد إدراكها بمن حولها، ورغم أن مؤمن أصر على أن تكون العودة عبر الطائرة فانطوت المسافات خلال وقت قياسي لكن مع جموده وتجاهله بدا **نوات من جفاء أرهقت روحها وقلبها، **ته يصيبها في مقتل ويشطر قلبها، الآن تتمنى لو يعود بها الزمن لتصلح الكثير، تتمنى أن يعود لتظل تستيقظ كل يوم بجواره وتهمس له …. أحبك ، تتمنى لو أن لديها خمسة أطفال يحيلون هذا ال**ت لهمس دافئ، لكن بماذا يفيد التمني وهو مُعرِض عن سماعها ، تخشى جفاءه ، تخشى أن يتعلم كيف يقسو عليها. وصلت إلى المركز الطبي ومؤمن يجاورها فبدأ الفريق الطبي وفريق التمريض بتقديم واجب العزاء ليأمرهم مؤمن باجتماع عاجل ويبدأ بمراجعة الوضع في فترة غيابه كأنه أقسم ألا يرحمها، كانت تتحرك بإرهاق بعد أن أمرها أن تمر بجميع الحالات وتتأكد من عدم وجود أي تقصير ، سارت بالممر نحو الاستراحة آملةً أن تجد وقتا تلتقط به أنفاسها بعيدا عن عينيه لتسمع صوت غناء رقيق قادم من نهاية الممر ، فتقدمت أكثر لتجد حذيفة يستمع لصوت فتاة تشدو بدون موسيقى بكلمات في غاية الجمال والإحساس فوقفت تستمع وكأن الصوت الذي يصل أذنيها يربت على جروحها
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD