الفصل السادس عشر

1212 Words
قال لها منير "أجل، أريد أن أنهي أمر المزرعة والمصنع قبل أن أرحل، فأنا لن أستطيع العودة إلى هنا قبل أفراح العائلة وحتى بعدها سأتابع المصنع وعليّ أن أضع خطة العمل مع حيان وأخبره بكل شيء" زفرت حورية بحزن وقالت "كل الأوراق القانونية وال*قود وضعتها في الملف الأحمر، راجعت كل شيء والأوراق سليمة" حرك منير رأسه وهو يجلس وراء المكتب ويقول "لقد أخبرت عبد الرحمن أنك ستكونين مديرة الشؤون القانونية في المصنع" نظرت له بذهول وقالت بتوتر "ولكن …..كيف؟" قاطعهما طرق على الباب الخارجي فرد عليها منير "ليس الآن سنتحدث بعدما يرحل الضيوف، سأفتح الباب وأنت تعالي معي لتستقبلي زوجته" سارت حورية خلف منير وعقلها يعمل بسرعة غريبة ورغم ذلك أصابها الغباء فلم تجد تحليلا لما سمعته …….. بعد نصف ساعة كانت ورد تجلس في غرفة المعيشة وعقلها ليس معها فكلها معه، ستموت وتعلم بما يدور بينه وبين منير، تدعو الله أن يخيب ظنون حيان ويكون الأمر أبسط مما يبدو، تحركت نحو باب الغرفة وهي تشاهد الأدهم ورابي يلعبان لعبة إلكترونية تجهل المغزى منها لكنهما على الأقل صامتان، بينما دخلت حورية تحمل صينية الضيافة لتتفاجأ بها تخرج من الغرفة فسألتها "إلى أين؟ هل أنت راحلة؟" نظرت لها ورد بتردد وقالت "لا، أنا ذاهبة لأرى حيان" قالت لها حورية "إنه مع منير" ردت عليها ورد وقد بدت متوترة للغاية "أعلم لكنه كان متوترا جدا ونحن قادمان فهو يظن أن منير يخطط لشيء ما بخصوص المزرعة ويخشى أن يكون لا يملك السيولة الكافية فيضطر منير للبحث عن شريك ثالث" وضعت حورية الصينية وقالت "فعلا، منير يريد إخباره أنه اشترى مصنعا هو وأخوه" سألتها ورد "والمزرعة؟" قالت لها حورية "ما بها المزرعة؟ سيديرها حيان والمحصول سيكون الخامة التي سيعمل بها المصنع، كان هذا المصنع حلم منير منذ فترة" فقالت ورد " إذاً حيان سيكون مسؤولا عن المزرعة مقابل مرتب محدد غير نسبة الخمسين بالمئة من المحصول لأنه شريك منير بالنصف" ابتسمت حورية وقالت "ما شاء الله عقلية فذة، نعم هذا بالضبط ما يفكر به منير ويريد توثيق كل هذا بعقود فكما تعلمين توسيع نطاق العمل يتطلب ضمانات موثقة مهما بلغت الثقة بين الطرفين" حركت ورد رأسها وقد فهمت أبعاد الأمر ثم تحركت خارج الغرفة فتبعتها حورية تسألها بحيرة "ماذا حدث لك؟ إلى أين؟ ….ورد" لم تلتفت ورد بل اقتحمت غرفة المكتب فيما كان حيان جالسا أمام منير يشعر بالضياع وهو يسمعه يقول "عمل المصنع سيعتمد على المزرعة وأنت ستدير الأمور هنا بمفردك" فقالت" لا، حيان سيدخل شريكا بالمصنع " انتفض حيان واقفا وقال بغضب "ورد" تقدمت ورد متجاهلة غضبه الذي سيفتك بها لا محالة ووقفت أمام منير تقول بطريقة عملية لم تستخدمها منذ فترة "سيد منير اسمح لي أن أخبرك أنك هنا في المزرعة كنت شريكا وإذا قررت أن توسع العمل فليس من العدل أن تنحي شريكك من مخططاتك" سحبها حيان بقسوة نحوه وهو يقول بغضب "ماذا تفعلين؟" وقف منير متفاجئا مما يحدث فهمست ورد لحيان بعيون قوية ترمقه بحنان "اتركني يا حيان" نظر لها يحاول إدراك ما تفكر به ثم قال لها "هيا بنا سنرحل" لكن منير تدخل قائلا "تفضلا بالجلوس" رد عليه حيان بعند "لا، نحن سنرحل" تدخلت حورية محاولة تخفيف حدة الموقف "لا داعي للرحيل، على أي حال أنا كنت قادمة لمناقشة ال*قود معكم" نظرت لها ورد وقالت "نعم نحتاج أن نتناقش" ترك حيان ورد وقد أُحكم حوله الموقف ومنير اكتفى بالمشاهدة فقالت حورية "لنجلس" جلس منير وراء المكتب وجلس حيان المشتعل مقابلا له وعيناه تكادان تبتلعان ورد من شدة الغضب وهو يسمعها تقول "من باب الإنصاف، لا يمكنك جعل شريكك آخر من يعلم بمخططاتك، فقد مد يده ليدك وكل ظنه أنك ستسحبه للخير إذا صادف طريقك، هذه هي الشراكة، معا على الحلو والمر" نظر لها منير بوجه محتقن فصرخ بها حيان محذرا "ورد" تجاهلته كأم أقسمت أن تأتي بحق صغيرها فقال منير "سيدة ورد أنا لم أقصد أبدا أن أتجاهل وجود حيان ولكنني أعلم أن المصنع سيكون توسعة لعمل المزرعة وهذا خير لنا جميعا، كما أن السداد تطلب مني سيولة ضخمة لم أكن لأطالب حيان بمبلغ مثل هذا" قالت له "من باب الأخوة التي يحملها زوجي نحوك كان يمكنك عرض الأمر عليه لعله يفكر أن يشاركك أم لد*ك مانع" نظر منير لحيان الذي يبدو كالتائه ثم قال لها "سيدة ورد، لقد سحبت قرضا من البنك لأن ثمن المصنع كان مهولا …." **ت منير فأدركت ورد أنه يتساءل حول السيولة التي يملكها حيان فقالت بثبات "سندفع النصف أيا كان المبلغ، أعطني فقط رقم حسابك وجهز ال*قود" نظرت حورية لمنير الذي قال بحيرة "لا مانع لدي" التفتت ورد إلى حورية وقالت "أريد أن أتناقش بالتفصيل وبأدق الأمور وبالنسبة التي يملكها حيان وطريقة إدارة المصنع والمزرعة" تحركت حورية وسحبت الملف الأحمر من فوق المكتب وجلست على أريكة جانبية وبجوارها ورد وبدأ النقاش يدور بين السيدتين ولكن كمحامية تجلس أمام سيدة أعمال محنكة، لساعة ظل حيان يشاهد ورد وهي تناقش حورية بطريقة لأول مرة يراها تتحدث بها ….قوية ...ذكية ...لا يصدق أنه جالس خلفها وهي من تصارع لأجل نصيبه في الحياة، لا يصدق أنها وقفت أمامه ندا لند من أجله وليس من أجل الرحيل أو البعد، ولكن من أين سيأتي بكل هذا المال فيبدو أنها لم تسمعه وهو يقول لها أنه لا يملك سيولة، ا****ة عليها ….ع**دة، أفاق من أفكاره على صوت منير وهو يمد يده له ويقول "دعنا نتصافح يا شريكي، زوجتك ليست بالهينة أبدا، لماذا لا تعرض عليها أن تمسك حسابات المصنع؟ لن تجد من يخاف عليك وعلى مالك مثلها، إنها سندك" كانت كلمات منير كفيلة بجلب الدموع إلى عينيّ حيان الذي مازال ينظر لورد وإحساسه كأنه سحاب على وشك التلاشي أمام شدة توهجها .….لماذا الحب بهذه الغرابة؟ أعدني حيث بدأت أسراري، حيث أول دروب خطوتها ….وأول وجوه فارقتها ….وأول ابتسامات محوتها ….. ولا أعرف السبب، أعدني هناك حيث كان الليل يحمل بين طياته مغامرات لا تتوقف وحماسا لا يترفق بسنوات عمري، أعدني حيث كذبتي الكبيرة ودعني أبكي…... الصباح أشرق وأصوات الحارة بدأت تعلو وكأن الحياة دبت في جميع من حولها إلا جسدها الرابض على المقعد ينظر للمقعد الفارغ أمامها منذ ساعات، شاردة وعقلها غارق في دهاليز مظلمة، عيناها لا تريان سوى وجه كنزي وكلام مؤيد يتردد بعقلها ……..."كنزي كانت بداية الحرب منذ سنوات، عائلة والدتها لا تفوت فرصة للنزاع وهذه المرة أشعر أن هناك ما يدبر، مهما مر من الزمن كان وقت عودتك سيحين، أعلم أنك خائفة لكن صدقيني أنا لن أسمح لأحد أن يفرض عليك شيئا أو أن يؤذيك فأنت ككنزي تماما، لكن حاليا الشافعية أشعلوا النيران ويجب أن أضع كنزي في مكان آمن ولن أجد أأمن منك" لا تعلم إذا كانت تتنفس أم أن النفس تجمد في ص*رها، خائفة …...تحصي أسباب خوفها فلا تجد سوى اسمه يتكرر بصراخ مدوي يكاد ي** أذنيها، ما بها ليس حيرةً بل خوفا ورفضا، ليس ترقبا بقدر ما هو إدمان للهرب، اقتربت منها كنزي تربت على كتفها بهدوء وتقول "حور، لماذا لا ترتاحين قليلا؟ منذ ساعات وأنت جالسة على المقعد وشاردة في أفكار لا أعرف إلى أين تأخذك، إذا كان كل هذا التوتر بشأن ما قاله مؤيد فلا تحملي همّاً فأنا لن أهرب منهم مجددا فليس ذنبي أنهم زوّجوا ابنتهم لألد أعدائهم وكنت أنا نتاج هذا الزواج" رفعت تولين رأسها تنظر لكنزي التي تتحدث بانفعال وقالت "أنا بخير، أحتاج فقط أن أرتب أفكاري، وأستعد للقادم، أعتقد أن وجودك معي سيجعلني أقوى، الأمر ليس هروبا، إنها الأقدار ترسل لنا الأسباب ليكون ما يحدث لنا أخف وطأة، سأدخل غرفتي" تحركت تولين نحو غرفتها وأغلقت الباب خلفها ثم تقدمت نحو الخزانة تخرج ملابس مريحة وهي تشعر أن خطوتها ثقيلة ملتصقة بالأرض، ألقت الملابس فوق السرير وتوجهت ناحية النافذة لتغلقها جيدا فوقفت تستمع لصوت يشدو في ورشة كرم الذي يجلس أمام الورشة وعيناه لا تفارقان المنزل، كانت تشاهد وجهه الجامد من فتحات النافذة والكلمات تنقر مكامن الضعف في نفسها
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD