الفصل الواحد والعشرون

1075 Words
تحتاج أن تجد ذاتها أخيرا فيكفيها ضياع ويكفيها هروب، ستقطع حبائل الماضي وتبحث عنه لعله حين يجيب عن أسئلتها تجد له عذرا واحدا يقنع عقلها فتطلب منه أن يعود لها كما كان عالم صغير تهرب إليه، حركت رأسها بألم تجاه الساعة لتجد أن صلاة العشاء فات عليها نصف ساعة، فتحركت بتثاقل نحو باب الغرفة ولكنها سمعت صوتا ذكوريا في الخارج جعلها تسرع لتتوضأ و ترتدي إسدال صلاتها لتصلي ما فاتها لعل الله ينير بصيرتها ويهدي قلبها لما فيه الصلاح ... وقفت كنزي تنظر لعمر بذهول وتقول "بهذه السرعة؟ لقد اعتقدت أننا نملك بعض الوقت، ماذا حدث؟" أمسك عمر وجهها بين كفيه وقال "شاهين ابن عمك حين علم بما حدث لأخيه في شجاره مع ابن الشافعي أخذ رجاله وذهب لفيلا الشافعية ودارت هناك حرب وكالعادة الشرطة لا تتدخل في صراع الحيتان، لا نعرف ماذا حدث لكن مؤيد أمر بأن ترحلي على متن أول طائرة فهنا لم يعد مكان آمن لك في الوقت الحالي، ولا تقلقي بمجرد أن تنتهي هذه المشكلة سنأتي إليك فورا" سألته كنزي بخوف "وأين مؤيد الآن؟ هل هو بخير؟" قال لها عمر "اطمئني هو بخير ولكنه مشغول بتأمين أملاكنا فبطش صفوان الكبير سيطول الجميع" بكت كنزي وقالت "أنا السبب في كل هذا، أنا آسفة، ليتني أموت لتهدأ هذه الحرب ويرتاح الجميع" صرخ بها عمر وهز وجهها الذي بين كفيه بعنف قائلا "لا تقولي هذا الكلام ثانية، فأنت لم يكن لك يد بهذه الحرب من البداية، أنت هنا المظلوم وليس الظالم فلا تحملي نفسك أوزار غيرك فالماضي مهما أنكروه يعلمه الجميع" هزت رأسها بطاعة فضمها عمر إلى ص*ره بقوة قائلا "هيا أسرعي لا وقت لدينا" التفتت كنزي تنظر لسارة وملاك بتشوش وتسألهما "كيف سأخبر حور؟" جاءها صوت تولين الهادئ وهي تقول "لا داعي لإخباري فقد سمعت كل شيء، أحتاج بعض المساعدة لإعداد حقيبتي فأنا لم أجهزها بعد" نظر لها عمر بامتنان وقال "حور من فضلك أسرعي، سأنتظركما في الأسفل" أغلق عمر الباب فتوجهت ثلاثة أزواج من العيون نحو تولين التي قالت "حقيبة السفر في الغرفة الأخرى فلتحضرها إحداكن ريثما أنهي صلاتي" ثم انسحبت نحو غرفتها تتبعها نظرات حزينة من الفتيات. تحركت كنزي بسرعة تسحب الحقيبة وبدأت الفتيات بتجهيزها وقد حرصن على وضع ملابس عملية ومريحة كما تحب حور أن ترتدي ولم يفت كنزي أن تضع أخرى خاصة جدا انتقتها بمزاج لا يناسب ما يحدث حولها إطلاقا، أنهت تولين صلاتها وب**ت وقفت تجمع بحقيبتها الصغيرة أشياء خاصة شعرت أنها ستحتاج لها، ثم سحبت بنطال جينز له قصة واسعة في**ع النظر كأنه تنورة وبلوزه بيضاء يعلوها معطف أبيض قصير وحجاب بلون السماء وانسحبت من الغرفة ب**ت لترتدي ملابسها…….. بعد قليل نزلت الفتيات وال**ت الحزين يحتل الفراغات بينهن فوقفت تولين أمام شقة طاهر وطرقت الباب بهدوء، ففتح لها طاهر الباب لكن المشهد أمامه جعله يسأل بتوجس "ماذا يحدث؟" ردت تولين بصوت مهزوز "أنا راحلة" كانت جملتها كصاعقة حلت فبدأت ملاك بالبكاء وبرغم قوة سارة إلا أنها انهارت من وقع الكلمة فأسندت تولين رأسها على كتف طاهر فربت عليه بحنان وقال "كل شيء سيكون بخير وستعودين قريبا جدا بإذن الله ولكن وأنت قد أغلقت بوابة أحزانك، كوني قوية يا فتاة كما عهدتك دوما" هزت رأسها بطاعة وهي تبكي فشعرت بيد سما تسحبها إلى أحضانها وتبكي وفي لحظة كانت فرحة تفتح باب شقتها وتتساءل بقلق عما يحدث لكن خلال لحظات كانت تشاركهم وداعهم الملحمي لفتاة علمتهم أن هناك أحيانا علاقات تكون أقوى من صلة الدم… وقف عمر ينظر لساعته بضيق فمؤيد شدد على عدم التأخير، لمحه كرم الذي اقترب يسأله "خير يا عمر لماذا تقف هكذا؟" التفت له عمر وقال بتوتر "أنتظر كنزي وحور" فتساءل كرم بحيرة "إلى أين في هذا الوقت؟" رد عليه عمر "إلى المشفى أولا وبعدها إلى المطار بإذن الله" عبس كرم وهمّ بالاستفسار أكثر ولكنه **ت حين ظهر طاهر ينزل حاملا حقيبة سفر ووراءه الأربع فتيات يبكين ب**ت، كان المشهد محيرا ورغم ذلك تعلقت عيناه بعينيها اللتين لا تريانه ولا تمعنان إلا في تجاهله ليصيب قلبه سهم دمعتها الجارح وتشتعل النيران بعينيه فيفرض على نفسه **تا جبريا فلو تكلم لن يتحكم فيما سيحدث بعد ذلك، نظر عمر لطاهر وسأله "لماذا تأخرتا هكذا؟" أعطاه طاهر الحقيبة وقال "لا أحد يسأل النساء لماذا تأخرن، كن متحضرا" ابتسم عمر ودار ليضع الحقيبة في السيارة وهو يقول "هيا بنا" فقالت تولين "لن أرحل إلا بعد أن أرى عادل" رد عليها بلطف "مؤيد ينتظركما في المشفى فقد كان يعلم أنك ستقولين هذا" فتح طاهر الباب لتولين فصعدت سارة ليوقفها عمر قائلا "إلى أين؟" ردت عليه سارة بإصرار "سنذهب معكم، ولن نتركهما إلا في المطار" قال عمر برفض "سارة، ليس لدينا وقت لهذا، والوقت تأخر ….تحدث يا كرم" للحظة هدر قلبه حين ولّاه عمر الفصل في أمر يخصها لكن عينيها اللتين برقتا بغضب جعلتاه يتابع **ته الكئيب وهي تقول "ليس لأحد أن يتدخل سوى أخي، وأنا أخبرته أنني معك وستأخذني وتعيدني" حرك عمر رأسه بقلة حيلة فيما انسحب كرم مخذولا كما العادة فأغلق طاهر باب السيارة بعدما ركبت الفتيات وهو يقول "لا إله إلا الله" ابتسمت تولين وكنزي تجذبها لص*رها وتضع رأسها فوق كتفها وتردد معها "محمد رسول الله " قال لها طاهر "إذا احتجتني في أي وقت تكفني رسالة وسأكون أمامك، فأنت لك أخ ولست وحيدة" هزت تولين رأسها وحين انطلقت السيارة أخرجت تولين رأسها من النافذة لتقول لطاهر "قبّل هنا نيابة عني وأخبرها أن عمتها حور ستأتي لها بهدية ضخمة حين تعود" لوح لها طاهر وعلى شفتيه ابتسامة خائفة ويبتهل أن يسهل الله لها كل صعب... دخلت تولين غرفة عادل المعقمة لتجده نائما كالطفل والأسلاك موصولة به من كل اتجاه، خطت نحوه ببطء وهي تحمل قلبها المتألم عليه بين كفيها، وعيناها تجريان عليه بحرص كأنها تتمنى لو أنها تستطيع أن تحمله بين جفنيها في رحلتها المخيفة، همست بضعف "عادل، هل تسمعني؟" جاءها صوت الممرضة الهادئ "إنه نائم ولن يسمعك" اقتربت منه أكثر حتى وصلت لسريره فظلت تنظر إليه كأنها تتشرب ملامحه ولم تتماسك فانهارت على ركبتيها بجوار سريره لتقبل يده التي غُرِزت بظهرها إبرة المحلول وتقول بحرقة "آسفة أنني سأضطر أن أرحل في وقت كهذا، آسفة أنني سأبتعد عنك لفترة لكن لا تقلق لن أتأخر، سأنفذ ما أمرتني به وأعود لأهد*ك الحياة كما أهديتني إياها لسنوات، سأعود لنبدأ معا من جديد، أعدك أنني سأعود لأجلك ولأجل نفسي، أنت غالي جدا على قلبي فأنت الوحيد في حياتي بأكملها الذي أعطاني كل شيء ولم يطلب شيئا، لن أنسى أبدا أنك لثلاث سنوات كنت بجواري كجبل قوي لا يفعل شيئا سوى أن يدللني ويحتويني، شكرا يا عادل لأنك كنت بجواري حين احتجتُ إليك ولم تتخلَّ عني ولم تحزني أو تجرحني، سامحني إذا قصرت في حقك يوما، سامحني على الألف حاجز وأكثر الذي وضعتهم بيننا، سامح جنونك على تخاذلها أمام الماضي وأمامك ولكنني أعدك أن كل هذا سينتهي حين أعود، أنا ذاهبة لأحارب الماضي وأريدك أن تحارب هذا المرض وتنتظرني فحين أعود سأطلبك للزواج مجددا وهذه المرة سأرتدي الأبيض وأكون عروسا حقيقية أعدك"
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD