الفصل السابع

1100 Words
كن راضيا بقدرك فمن رضي فله الرضا، ولكن هذا لا يمنع أن هناك أمورا تحتاج منك أن تواجهها بقلب قوي وإلا فكيف ستكون لك البطولة في قصة حياتك ….. حاول أسد أن يهاتف ليل للمرة التي لا يعرف عددها وفي نفس الوقت ركز على الطريق الذي لا يعرف ما نهايته، فهو لم يستطع أن يلحق به أمام الفندق حين ركب سيارته كالمجنون وقادها بسرعة غير طبيعية، في البداية ظنه ذاهبا لمصحة والده لكنه عبرها إلى طريق طويل ومقفر كالمجنون ينطلق رافضا أن يجيبه أو أن يخبره إلى أي جحيم سيذهب ساحبا إياه خلفه، ألقى أسد هاتفه بعصبية وض*ب عجلة القيادة بعنف صارخا وقد نفرت عروق عنقه وجبهته "إلى أي جحيم ستأخذنا يا ليل؟" حاول مناورته ولكن هذا جعل السيارات القادمة بالاتجاه المعا** ترتبك من المشهد وتقف بشكل مفاجئ مثيرة فوضى عارمة، تجاهل أسد السائقين الذين بدؤوا بإلقاء السباب وأكمل مطاردة ذلك المجنون فاقترب من نافذة سيارته وصرخ به "ليل توقف، إلى أين أنت ذاهب؟ دعنا نتحدث" رد عليه ليل بعنف "أسد، عد من حيث أتيت، سأحل مشكلتي بنفسي ولكنني أحذرك أن تنظر لها بطرف عينك" ض*ب أسد جانب سيارة ليل بعنف ردا منه على حديثه وتعبيرا عن شدة غضبه ولكن ليل لم يبالِ وزاد في السرعة منطلقا نحو منزل والدته التي قرر أن يضعها أمام الأمر الواقع، إما أن تساعده أن يدخل أرض العزايزة طوعا أو سيدخلها كرها وسيأخذ ما يريد…….. مرت نصف ساعة وليل يقود سيارته بجنون وأسد يلاحقه ولا يعرف إلى أين، حتى توقف ليل فجأة أمام فيلا صغيرة في منطقة صحراوية مهجورة خالية من الحياة لدرجة تجعلك تتساءل من المجنون الذي يعيش في هذا المكان وقفز من سيارته يدفع البوابة الخارجية بجنون وهو يصرخ "أمي" لم يقا**ه غير صدى صوته وعيناه الغاضبتان لمحتا باب الفيلا المفتوح فأسرع يدخل وحدسه يخبره أنه مقبل على حرب، وقف أسد يرتب أفكاره ويحاول أن يفهم ماذا يدور بعقل ليل ولكن المكان لم يريحه قط فلم يجد بدا من اتباع صديقه الذي مر من باب الفيلا ليتفاجأ بالدولارات تفترش أرضها بأكملها، سار أسد فوقها خلف صديقه الصامت ليعبرا إلى غرفة جانبية وتتسمر أقدامهما أمام المشهد، اقترب ليل من نور وجثا على ركبتيه بقهر والدموع بدأت تخوض سباقا لعينيه ومنظرها غارقة بدمائها وهناك سكين نافذ إلى قلبها قد نحره، رفعها يضمها لص*ره ويصرخ "أميييييييي" لينهي المشهد وصول سيارات الشرطة وقد وجدوا جريمةً مكتملة الأركان... الضحية والمجرم والهدف موجود فيكفي أن شركته غارقة بديون تقدر بالملايين وأمه لا تريد أن تساعده……... ومازالت انهزاماتي تتوالى كأنني رمال تدفعها رياح الحياة بعيدا عن الشاطئ، ومازالت تتوالى الخيبات على قلبي كأنني مطار لا يشهد إلا الوداع والفراق وليس لممراته نصيب بمشهد اللقاء، ومازال يلاحقني الماضي كأنني ما هربت ولا تركت كل شيء خلفي، وكأن كل ما حدث كان مجرد لحظات قضيتها في محطة انتظار... مر شهر أُغلقت فيه الدفاتر وانتهت الاختبارات وشرخ روحها يشتد وقلبها يقرع كالطبول ينتظر القادم، لن تستسلم ولن تعود، ماذا سيحدث إن أنكرت؟ إن صرخت بلا؟ وإن احتمت بزوجها؟ فهي لم تعد ضعيفة، طوال الشهر ومنذ ذلك اليوم الذي قابلت به صاحب المطعم وبداخلها فوران لا يهدأ، أفكار تموج وتعصف، خوف يظهر ويختفي مع تناقض روحها ما بين مستسلمة ورافضة، هناك شتات وكلماته كأحجية حاولت حلها كثيرا لتعود دائما خالية الوفاض لنقطة البداية وهي تشعر بنفس الخوف، كل ما أصبحت واثقة منه الآن أن العودة ستفتح جراحا لم تطب، فهل هي بالقوة الكافية لتفتح ما أُغلق وتعيد ما رحل؟ أبدا، ما هي سوى طفلة تحتاج لهدوء واحتواء، وصلها صوت عادل يسألها بضعف "لماذا توقفت عن القراءة؟ أكملي" ابتسمت له بحنان وهي تتأمل الحال التي وصل لها، وسيمها الحنون أصبح شبح إنسان لا يفارق سرير المشفى، شعره الحريري لم يعد له وجود وعيناه الجميلتان ذبلتا وجسده نحف بشكل مفجع وأسلاك لا نهاية لها موصولة بجسده وهي مكبلة لا يسعها أن ترفع عنه الألم أو أن تساعده كما فعل من أجلها دوما، اندست بجانبه أكثر تتلمس حنانه وقالت "ظننتك نائما، هل تريدني أن أكمل؟" حرك يده الضعيفة وقد لمعت عيناه تصرحان بعشقها وقال "قربك وصوتك يريحاني، أكملي القراءة، أم أنك تعبت؟" هزت رأسها بنفي قوي وقالت "مستحيل أن أتعب طالما عيني تراك وأنت تبتسم هكذا، أيها الوسيم تماسك من أجلي فلدينا الكثير لنفعله سويا" حرك يده بضعف مجددا نحوها لكنها مكبلة بالأسلاك فمدت تولين يدها تمسك بكفه برقة فقال بوهن "ليتني كنت أعرف أنك موجودة، ليتني قابلتك منذ سنوات طويلة لكان تغير الكثير، هل تظنين أنني سأعود كما كنت؟ ما يذهب لا يعود يا جنوني وأنا أريدك قوية" أصاب قلبها وجعا لم تتحمله فقالت بخوف "عادل، أرجوك لا تخيفني، يكفي أنني كنت آخر من يعلم بمرضك ولم أعاتبك حين علمت، **تُّ كجبل لن تنتهي همومه، **تُّ وكان **تي مؤلما لدرجة لا تتخيلها، لم أجد دموعا لأبكي، صدقني كان خبر مرضك مميتا وقاسيا لكنني **تُّ وقررتُ أنني سأكون ملتصقة بك ومعك للنهاية كيفما كانت" موعودة هي بالخوف وموعود هو بالفراق، حاول أن يبتسم فلم يستطع فقال لها "ارفعي كفك لشفتيّ" قربت باطن كفها إلى شفتيه فقبلها بعمق ثم همس "أغلقي أصابعك" أغمضت عينيها وفعلت ما أمرها به وهي تقول "عادل، كن قويا وحارب مرضك وأنا أعدك أن نظل معا للأبد لا نفترق" همس لها وقد بدأ الكلام يرهقه "توقفي عن إطلاق وعود وآمال تكاد تجعلني أتعلق بالبقاء أكثر، توقفي عن الكذب عليّ وعلى نفسك، أنت لم تكوني يوما لتبقي للنهاية، أنت من البداية كأمانة ألقاها القدر بين يديّ، حاولت كثيرا أن أنظر لك أنك لي لكنك دوما كنت تثبتين لي أن ما بيننا لم يرتقِ يوما لحبٍ أستطيع به أن أملكك" تجمعت الدموع بعينيها وخفق قلبها بعنف فقالت "عادل، أنا أحبك وأريدك أن تعود من أجلي، لماذا تقول هذا الكلام؟" ابتسم بألم وقال "أقول هذا لأنها الحقيقة وأنا لست حزينا أبدا فأنت هنا فماذا أريد أكثر لكن ابقي بدون وعود، لا تعلقي روحي بسراب، دعيني أرحل وأنا مرتاح" شدت تولين قبضتها على أصابعه وقالت "ترحل إلى أين وتتركني؟ عادل، لا تُوجِعني، لقد انتظرتُ بفارغ الصبر أن يخرجك الطبيب من العناية المركزة وخططتُ كيف سنقضي وقتنا بين تلك الجدران لتأتي أنت وترعبني بكلامك هذا" أشار لها أن تقترب من ص*ره فمالت مجددا تضع رأسها عليه ولكن بخفة فقال لها "اسمعيني جيدا، سأطلب منك أمرا مهما جدا وأريدك أن تعديني أن تنفذيه مهما كانت العواقب" سقطت دموعها على ص*ره وقالت "اطلب مني أي شيء فقط ابق معي وكن قويا ولا تخذلني" تنفس بصعوبة للحظات ثم قال "سأبقى بقربك ما دامت أنفاسي بص*ري ولكنني أريدك أن تعودي لأهلك، أريد أن أطمئن عليك، أريد أن تصعد روحي لباريها وهي تعلم أنك بأمان" اعتدلت تولين بفزع وقالت "عادل، لن نتحدث في هذا الأمر أبدا، أنا معك وليس لدي عائلة سواك وأي فكرة تراود ذهنك غير هذا ليست واردة لدي بالمرة" كم يرهقه الحديث ولكنه خائف عليها أكثر من خوفه من الموت، أكثر من خوفه من المرض الذي ينهش به وأكثر من نهايته التي اقتربت وهو متيقن من ذلك، التقط أنفاسه بضعف وسألها "هل تظنين أني سأكون سعيدا إذا شعرت أنك لست بأمان؟ أريحيني وفكري معي قليلا، كيف ستواجهين هذا العالم بمفردك؟"
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD