.
تتشكل ملامح شخصية الطفل خلال الخمس سنوات الأولى من عمره التي يقضيها في المنزل بين أسرته ، و هنا مربط الفرس إذ ينتهج بعض الآباء أساليب خاطئة في التربية ، ظنًا منهم أنها الأسلوب الصحيح و المقوم للطفل ، التي يأتي في مقدمتها أسلوب القسوة في التربية و هو ما يعد اعتقادًا خاطئًا و تعود هذه الطريقة غالبًا بنتائج سلبية على شخصية الطفل فيما بعد يصعب التعامل معها ، لذا من الضروري أن تكون الأسرة على دراية بالأساليب التربوية الصحيحة ، لتتمكن من تربية أبنائها بطريقة صحيحة .
القسوة و ضرب الطفل له عواقب و خيبة ، لأنه لا يستطيع منع الأذى عن نفسه ، ما يشعره بالضعف ، و أنه إنسان سيئ لا يمكنه التصرف على النحو الصحيح ، و أنه أقل قيمة من الآخرين ، فكل ذلك يقلل ثقة الطفل في نفسه أو يجعله يفقدها نهائيا.
و في قرية ريفيه نشات طفله عمرها خمس سنوات إسمها إيمان عائلتها كانت بسيطه جدا في البدايه مكونه من الجد و الجده و العم و الأب و الأم و أخواتها عفاف و اميره و مروه و حامد و أحمد تركهم والدهم و سافر الى المملكه العربيه السعوديه كي يحسن من مستوى معيشة الأسرة سعياً ل**ب الرزق بعد ضيق ذات اليد بالقرية وأختار أن يمارس عمله مع شركات البناء كعامل بسيط وترك زوجته وأطفاله جميعاً تحت وصاية جدهم و ل رعايتهم .
كان جدها يستصلح قطعة أرض زراعيه كان يزرع فيها جميع الخضروات و الفاكهه و كانت والدة إيمان تساعده كثيرا في عمله و كانت دائما تذهب للسوق لكي تبيع محصول الأرض و تترك صغارها مع الجده في البيت بالرغم من انها كفيفه للأسف كانوا الاطفال يلعبوا عند الجيران و في الشارع و كانت ملابسهم متسخه جدا ، و في نهاية اليوم والدتهم تأتي للبيت متعبه كانت تغسل ملابسهم و تطهو لهم الطعام و تنظف المنزل وتنادي
-يلا يا ولاد علشان تاكلوا يلا يا ايمان نادى لاخواتك علشان الاكل جهز ونادي لجدك يلا
أجابتها إيمان مسرعه
-حاضر يا ماما.. جايين اهو
كادت إيمان أن تصل لغرفة جدها كي تناديه، اوقفتها والدتها
-ولا اقولك خليكى متناديلوش.... ها ادخله انا الاكل جوه ياكل هو ونينتك مع نفسهم.. تعالي انتي اقعدي مع اخواتك عبال ما آجي
على الرغم من ذلك ومن خدمة والدتها لحماها و عمل المهام الشاقه كان حماها قاسي القلب جدا عليها و على أطفالها و كان دائما يضرب والدتها لدرجة ان يجعلها تنزف و تتركهم و تعود لبيت أهلها للإستغاثه، للأسف كانت تترك أولاده وفلذات كبدها بالشهور، لم تسأل عنهم وايضا كان حماها قاسي القلب لم يذهب لجلبها ليعيدها مرة أخرى للمنزل وكان دوما ما يقول
-خليها كده زي ما مشيت ترجع لوحدها مش رايح جايبها... عشان تتربي
رغم محاولة الجده التوسط بينهما
-معلش يا حاج دى مرات ابنك برده معلش روح هاتها
إلا إن الجد كان عنيد الرأس متيبس ومتشبث برأيه ويرفض بعصبية
-انا قولت مش هجيبها و خليها... تتقطم رقبتها على ص*رها
كان عمر إيمان في ذلك الوقت خمس سنوات، كان خالها دوما ما يقنع والدتها بالعودة إلى منزلها، كانت جدتها رغم حرمانها من نعمة البصر تصر على تعليمها كيفية العناية بالمنزل رغم صغر سنوات عمرها.
أما والدها فهو نسخة أخرى عن جدها بقسوة القلب
في تلك السنوات لم تكن حال التكنولوجيا يسير كالأن لم يكن هناك هواتف نقالة ولا أي نوع من المراسلات غير تسجيل شريط كاسيت فكان حين يصل إليهم شريط من والدهم يجلسوا جميعاً ليستمعوا إليه
-سلامي لكم كلكم يارب تكونوا بخير
ليتفاجأوا بوالدها يبدأ بوصلة من السباب والأهانة لوالدتها وللعائلة بأكملها لتنخرط والدتها في بكاءٍ حار كونه دوماً ما يسبها ويهينها ويقلل من شأنها رغم كل ما تبذله من مجهود وكثيراً ما كان والدها يخص والدتها بخطابات ورقية يتهمها فيها بالتقليل من شأن حماها الذي كان يراسله دون علم أحد، ويشكو له منها دوما ومنهم جميعاً كي يجعله دوماً بحالة غضبٍ منهم ليهددها وينذرها بطردها من المنزل وإعادتها إلى بيت أهلها، كل هذا كان تحت سمع وبصر الجيران، كانت هنيه إمرأة أُمية لا تجيد القراءة ولا الكتابة فكانت تستعين بابنة الجيران الجامعية سعاد كي تقرأ لها خطابات زوجها أو تكتب لها الخطابات فكانت تذهب إليها بحرج شديد
-معلش يا سعاد يابنتي عارفه اني مغلباكي معايا... عايزاكي تكتبي لي جواب بإيدك الحلوه دي علشان أبعتها لأبو الولاد
ربتت سعاد على كتف هنيه
-حاضر يا خالتو أم إيمان: من عنيا هجيب ورقه و أجي اقعد معاكي وتمليني كل اللي إنتي عوزاه.
وتبدل الحال قليلاً حين أصبح لدي جيرانهم هاتف أرضي فكان والد إيمان رضا يتصل بهم كل شهر أو حسب ما يستطيع ويرسل لهم قدراً قليلاً من المال لا يكفي ولا يسد إحتياجاتها، فكانت حياتهم على الكفاف لتذهب والدتها إلى السوق تبتاع لهم بعض الفاكهة والخضروات،
تفي بديون المنزل وتترك إيمان تعتني بالمنزل كانت تريد أن تستقر في حياتها رغم ثقل الحمل عليها فهي حظيت بستة أبناء في حين كان يرسل والدها إلى جدها مبلغ كبير من المال كي يبني منزلاً كبيراً لهم؛
ولم يخبر هنيه بهذا الأمر حينها، وما أن بدأ جدها يخبر الجميع بما ينوي فعله حتى حمل هنيه مشقة العمل ليجعلها هي تحل محل العمالة المطلوبة فتحمل بدلاً من الرجال الرمال فوق رأسها وتصعد لأعلى ولم يكن بيدها شيء غير الطاعة والإنصياع، تحملت الكثير ولم يرحمها حماها حين تختل ساقيها وتسقط بما تحمله فينهال فوقها بالضرب ويطالها بلسانه القاسي وينهرها أمام الجميع ، فتبكي هنيه بصمت على ما نالها من حماها فترجوه الرحمة
-بالله عليك يا أبا حامد بلاش تضربني انا جسمي معدش حمل الضرب دا كله أرحمني لوجه الله أنا مكنش قصدي أقع والله
لم يبالي حماها بإستجداء هنيه للرحمة فنالها ذات مرة بقطعة من الخشب مليئة بالمسامير ليشج رأسها بها وما أن رأى أنبثاق الدماء منها حتى أرسلها إلى الطبيب سريعاً متعللاً بسقوطها أرضاً سهواً وحين علم أشقاء هنيه بما حدث لها تشاجر خالها الأكبر عليه رحمه الله مع جدها وصاح بوجهه
-إنت إزاي تسمح لنفسك تضرب إختي بالقسوه دي إنت معتقد إننا لما نعرف هنسكتلك.... ليه شايفها ملهاش أهل يجيبوا حقها ويدافعو عنها ولا إيه يا حج حامد..اتقي الله ياشيخ مش كده.. حرام عليك
لم يهتم حامد بشيء فسخر من على
-أنا حر أضربها بكيفي وأربيها وأعلمها الأدب كمان علشان تعرف إزاي تشتغل شغلها مظبوط وإزاي تحافظ على فلوس جوزها وإنت تقعد فمكانك ساكت ومتفتحش كلام قصادي يا أما تاخد بعضك وتمشي من بيتي ومتورنيش وشك تاني هنا فاهم ولا تحب أفهمك زي ما فهمت أختك
لم يرتضي على أن تهان شقيقته بتلك القسوة فأخذها معه إلى منزله دون إهتمام حما أخته الذي ما أن خلا المنزل منها حتى صاح
في وجه إيمان
-يلا تعالي يا بت قومي نضفي البيت دا وأدخلي المطبخ أعملي لنا الأكل ولا إنتي فاكرة إنك هتطلعي خايبة زي ال خلفتك... يلا انجري على المطبخ
علمتها جدتها الكثير ووقفت تفعل ما تمليه عليها بخوف من أن ينالها الضرب من جدها هي الأخرى ، ليأتي ذلك اليوم الذي سقط جدها من فوق ظهر إحد الح*****ت وحين علمت والدتها وخالها على بما حدث لجدها حدثها خالها علي
-يلا يا أم إيمان قومي حضري حالك خلينا نروح لبيتك نطمن على حماكي الحج حامد، هنعمل إيه الأصول اللي اتربينا عليها تخلينا لازم ننسى اللي عمله فيكي ونروح نطمن عليه وكمان تخدميه هو والحجة دول فمحنة دلوقتي ولازم الست الأصيلة تقف جانبهم مهما كان الخلاف
فإستجابت هنيه لطلب أخيها واستسلمت لخاطر أولادها الصغار
- حاضر يا علي أنا هروح معاك على بيت جوزي علشان أعمل الواجب اللي عليا وهنسى اللي عمله فيا أبوه، وعلى رئيك دا راجل كبير فالسن وفمحنة ومينفعش أغمض عيني عنه
وما أن وصلوا إلى المنزل حتى سارعت هنيه بإنحناء ظهرك لتقبل يداه
-الف سلامه عليك يا أبا، ربنا يحفظك لينا ويقومك بالسلامة
رماها حماها بنظرات فاترة ولينهرها بكلماته الجافة
-الله يسلمك بس يعني هو إنت ما صدقتي سمعتي اني وقعت من فوق ظهر ا****ر قومتي جاية جري! إيه هو إنتي معندكيش كرامة علشان ترجعي هنا تاني
جلست هنيه بجوار أطفالها و هي تبكي من مقابلة حماها البارده لها وضمت أطفالها لحضنها بعد فراق ثلاثة أشهر وأفتقادهم لطول غيابها عنهم قبلت كل منهم في جبينها ثم تحدثت بشوق
-أولادي حبايبي وحشتوني أخباركوا إيه تعالوا في حضني
تمتموا جميعهم بصوت منخفض خوفا من جدهم
-إحنا كويسين الحمدلله يا ماما... انتي إل وحشتينا إوي
غادر خال إيمان ثم اخذت هنيه أطفالها ودخلت إلى غرفتهم ليناموا
في صباح اليوم التالي عادت هنيه لتتولى مسئولية كل شيء كما أعتادت ، لتقول بسعادة موجهه حديثها إلى إيمان
-انا رغم عذابي من حمايا و قلة الاحترام من جوزي... لكن أنا سعيده بوجودي معاكوا وف وسطكوا... إنما بقولك يا إيمان...
إنتي خلاص بقى عندك ست سنين أنا بفكر أقدم لك فالمدرسة وعوزاكي تبقي شاطرة و تعرفي تقري وتكتبي.. ها.. إيه رأيك؟
قفزت إيمان بسعادة وهي تجيبها بحراره
-ياريت ياماما والله تقدميلي في المدرسه... واشتريلي كراسه وقلم وشنطه
بالفعل ذهبت إيمان للمدرسه، عندما كان يأتي الشتاء و لم تقدر إيمان على السير فالطين و المياه، كانت هنيه تدعها تجلس فوق ظهر الحصان لتصل إلى مدرستها بدلاً من السير المضني وحتى لا تتسخ ملابسها وكانت سعيدة بهذا
بدأ الصف الثاني فذهبت معها شقيقتها عفاف وهي تقول
- انا هاجي معاكي المدرسه و الدروس الخصوصيه و مكتب تحفيظ القرآن يإيمان عشان أتعلم زيك
اختبرتها إيمان بفرح
-أنا مبسوطه إنك هتيجي معايا يا حبيبتي و نروح و نرجع مع بعض... و لو فكر حد يضربني انتي هتدافعي عني و انا ها أدافع عنك
تعرفت إيمان على صديقتين من نفس الشارع واحده اسمها ناديه و الأخرى مني معرفه سطحيه، ليست صداقه بالفعل في بعض الأحيان كانوا يذهبوا سويا للمدرسه و الدرس الخصوصي.
انتهى العام الثاني و ابتدي الصف الثالث فكانت ملابس المدرسه التى كانت إيمان تذهب بها الصف الأول ذهبت بها الصف الثاني والثالث، في اول يوم من الدراسه تفاجأوا بسيارة لونها زرقاء أمام منزلهم و كان الجو ممطر وبرد جدا، نظروا من شرفة المنزل و إذ انه والدهم رضا يصيح قائلاً
- انا رجعت من السفر يا بنات...
هرولوا عليه البنات سعداء بقدومه المفاجئ ليرتموا بحضنه، اوقفهم
-هانزل الشنط من العربيه و آخدكم في حضني لأنكم وحشتوني اوي
عندما رمقهم صعق عندما رأي ملابسهم المتهرهره و قديمه، تملك منه الحزن لانهم يذهبون إلى مدرستهم بهذا الشكل
أمسكهم من يدهم ودخل الي المنزل، سأل هنيه بعدما القى التحيه على الجميع
- انتي ازاي تسمحي لبناتك يخرجوا من البيت كدا و يروحوا مدرستهم بالملابس المتقطعه بالشكل دا
اجابته هنيه
-و انا اعمل ايه يا رضا ما هو أبوك إللي بيصرف علينا في غيابك... و هو موافق على أن بناتك يخرجوا بالشكل ال انت شايفه دا... انت تايه عن ابوك يعني!
كان رضا زا عصبيه شديده
-لازم تروحي للخياط و تفصلي لهم ملابس جديده
اومأت هنيه له بالطاعه
- حاضر.... بس ابقى قول لابوك انت... انا ماليش دعوه بالموضوع ده...لو وافق ابقى اروح معاهم لان هو ال عارف الترزي
دخل رضا الي غرفته ليبدل ملابسه... بينما ذهبوا البنات الي المدرسه.
أثناء عودتهم الي المنزل بعد انتهاء دوامهم الدراسي، تفاجأوا بوالدهم يشير لهم بيده ليذهبوا كي يجلسوا بجواره، جلسوا على جانبيه فرفع زراعيه ووضع كل منهما على كتف طفله
-بصو ياحبايبي من هنا ورايح مش هتروحوا المدرسه بالهدوم المتقطعه دي، امكم هتاخدكم عشا تفصل لكم يونفورم جديد
لحسن الحظ قررت وزارة التربيه و التعليم تغير الزي المدرسي من ازرق فأبيض مربعات لبيج وبني فذهب حامد بصحبة هنيه والبنات معهم عند الترزي لكي يأخد مقاساتهم.
قال حامد لمحمد الخياط
-يامحمد انا عايزك تاخذ مقاس البنتين دول و تخيط لهم زي للمدرسه يكون لونه بني واحنا هنشتري لهم القمصان
اجابه محمد الخياط وهو يمسك بيده المتر ليأخذ مقاس الاطفال
-حاضر يا عم الحاج من عيوني لكن التكلفه هتكون عاليه شويه
نهض حامد من مقعد وتحدث إليها وهو في طريقه للخروج من المكان
-فصلهم وخيطهم كويس انت بس.. عايزك تعمل حاجه نظيفه و انا ماليش بركه إلا إنت...قدامك أسبوع بالظبط وهاجي آخذهم منك.
إصطحبه محمد الخياط ال الباب وامسك بكتفه
-حاضر يا عم الحاج تشرفني و قبل اسبوع ان شاء الله هيكونوا جاهزين... مع السلامة
بعد مرور اسبوع ذهب حامد عند الخياط و أتى بالملابس، هرولت اليه إيمان ونزعتهم من يده لترى زيها الجديد، ثم إرتدته ونظرت لنفسها في المرآه، شعرت بإنها ملكه متوجه ع** ماكانت تكره النظر في المرآه فينا سبق بزيها المتهرهر، ذهبت للمدرسه بهذا اللبس و هي رافعة رأسها، فخورة بنفسها ومنشرحة الص*ر بمظهرها هي و اختها.
كان رضا دائما بالنسبه لهم مثل الضيف او زائر لمدة قصيره و يحين وقت و يستعد للرحيل، لم تتعرف عليه جيدا طوال حياتها و لم تتعامل معه ابدا كالهو ومزح ومذاكرة و غيره من النشاطات، لم يكن يوجد اي شئ يربطها به
لحين انتهت إجازته وعزم على الرحيل مرة أخرى، جاء في يوم وأراهم جواز السفر
-انا حجزت للسفر يا اولاد و ان شاء الله سفري هيكون بكرا بإذن الله... عايزكوا تأخذوا بالكم من نفسكم جدا... وانتي ياهنيه خلي بالك من الأولاد و اسمعي كلام ابويا و ماتعمليش مشاكل في غيابي
تجاهلت هنيه طريقته السيئه في الحديث وتن*دت
-حاضر يا رضا تسافر و ترجع لينا بألف سلامة.....ماتقلقش على اي حاجه هنا.... كله هيبقى تمام... انت عارف اني مش بعمل مشاكل و بعمل كل الشغل لوحدي و مفيش على لساني غير نعم و حاضر..
دعي لها رضا وهو يربت على كتفها
-ربنا يبارك فيكي ياام إيمان ياغاليه
عندما علمت هنيه بأن إيمان أتقنت القراءه والكتابه،
- إيمان ال هتكتبي الجواب لأبوكي من النهارده... ماعنتش عايزه اروح لسعاد جارتنا
أجابتها إيمان بسعاده عارمه، لأن والدتها وثقت فيها
-حاضر يماما هكتبلك الجوابات زي ما انتي عايزه
قالت لها هنيه مسرعه
-طيب قومي هاتي ورقه و قلم و تعالي اقعدي جنبي.... همليكي و انتي إكتبي كل اللي هقولهولك
في بعض المرات كانت تطلب منها ان تكتب لوالدها بانهم يريدون ملابس داخليه، كانت إيمان ترسمها له فكانوا يقولون لها خطك حلو جدا و هتبقى متفوقه و ناجحه.
مرت الأيام و قرر عمها الوحيد أحمد ان يتزوج فتعرف بطالبه جامعيه و طلب من هنيه بان تذهب معه، تلعثم بأن يخبر والده بالموضوع، ثم تشجع فجأة ودخل عليه غرفته ليجلس بين والده ووالدته على الفراش،
ثم بادر بالحديث، تمتم
-في موضوع كده يا أبا كنت عايز اتكلم معاك فيه... انا لقيت بنت الحلال وجاهز للجواز و عايز أكمل نص ديني... لو ما كانش عندك مانع
إنشرح قلب حامد مثل أي اب، لكن احب ان يزاوله
-مين بقي سعيدة الحظ إللي امها داعيه عليها تيجي بيتنا
انتفض احمد من مكانه ووقف شامخا
-هي بنت كويسه جدا شوفتها في الجامعه....عجبتني فسألت عنها و عرفت انها انسانه بسيطه و أهلها ناس طيبين
تحدث معه حامد بسعاده و لكن لم يحب أن يظهر له موافقته عل الفور
- ماشي يافالح شبه امك إنت... قولي مين أبوها و انا أسأل عنهم و ربنا يقدم اللي فيه الخير
خشي أحمد أن والده يضيع منه العروسه
-يارب يا أبا....عموما ابوها إسمه الحاج محمد أبو صالح رجل طيب ومش بعيد تكون عارفه
إندهش حامد من سماع الإسم والده، فأجابه
-إيه دا يا ابني دا أطيب رجل في البلد و انا بحبه اوي... يلا على بركة الله شوف مرات أخوك امتا هتكون فاضيه و نروح مع بعض.
كان يشعر أحمد بالخزي والعار من حضور هنيه معه لأنها ليست متعلمه و ليست مثقفه
-احنا لازم يا ابا نأخذ مرات أخويا معانا!؟
صاح حامد وتعال صوته عليه بقسوه
-ايوا هنأخذها معانا وإذا كان عاجبك....إنت هتستعر من مرات اخوك ال خدماك بقالها سنين و لا إيه؟
ارتعب احمد ان والده يتراجع عن الموضوع، تحدث من بين أسنانه
- لا عادي يا أبا... أنا بسأل بس
ذهب أحمد هنيه بالموضوع فهنأته بزغروده عاليه
-ربنا يتم عليك بخير يا عم أحمد و تكون قدم السعد عليك بإذن الله.. الف.. ألف مبروك
أجابها أحمد بتعالي قائلا
-الله يبارك فيكي يا ام إيمان و عقبال أولادك
فتشبثت إيمان بوالدتها
-انا هاجي معاكوا يا ماما و النبي
اجابتها هنيه بخوف من حماها
-جدك ممكن يتخانق معانا بسببك و انا مش ناقصه مشاكل ماصدقت الايام السودا عدت
بكت إيمان وسالت دموعها على وجنتيها، الحت عليها بإصرار
-انا ما ليش دعوه انا لازم اجي معاكوا، عايزه أشوف عروسة عمي
ذهبوا جميعا وتوجهوا الي منزل العروس المستقبليه لأحمد، حملوا صندوق من الفاكهه لكي يرونها و يجلسوا معها، رأوا انها فتاه بسيطه جميله بعض الشئ و لكن تعليمها و دراستها و لحاقها بالجامعه كان يميزها عن هنيه بعض الشئ، عرفوا بأن إسمها كريمه
بعدما أنهوا جلستهم وعادوا الي المنزل، كان لابد أن يعرف احمد ماهو رأي والده في العروسه، لكنه بادر هو برأيه لوالده
-انا خلاص يا أبا ارتحت للعروسه.... وقررت اتجوزها بسرعه عشان معنديش وقت عايز اسافر السعوديه بقى و أبدا حياتي
أجابه حامد بتنشنه وعصبيه
- انت مستعجل على ايه يا بني... في التأني السلامه و في العجله الندامه... عموما شقتك جاهزه يدوب تشتري الجهاز و نحدد ميعاد الفرح علطول
في غصون أسبوعان حددوا ميعاد الفرح، إرتدوا أطفال العائله لباس شبه لباس العروسه، جلسوا بجوار العريس و العروسه ورقصوا و غنوا أيضا...عمت السعاده قلوبهم
بعد مرور أسبوعان من السعاده بدأت كريمه تختنق من المسكن فقرر أحمد ان يتحدث مع والده في هذا الأمر
-بعد ازنك يا أبا انا عايز انقل جهازي الشقه ال في الدور الثالث لان الشقه إللي إحنا فيها ما فيهاش بلكونه.... و مراتي عايزه تنشر غسيلها وتهوي الفرش زي مخاليق ربنا
اومأ له حامد بالقبول على الفور دون تفكير
-ماشي إطلعوا فوق و أخوك رضا و مراته و أولاده يتنقلوا مكانكم تحت... و تبقى هنيه تطلع على السطح لتنشر غسيلها وخلاص
في يوم من الأيام كانوا ملتفين حول المائده يتناولوا طعامهم، جاء في خاطر حامد أن يطلب من كريمه ان تفعل بعض المهام مثلما تفعل هنيه
-قومي يا كريمه و إكنسي مدخل البيت لانه مش نظيف و اعمليلي كوباية شاي
رفضت كريمه فعل ذلك و اجابته بحده
- انا درست جامعه و إتوظفت و انت عايزني يا أبا حامد امسك المقشه و أكنس استحاله اعمل كدا طبعا
تعصب حامد كثيرا لإنه لم يجرؤ احد من قبل أن يعارضه
- انتي ازاي تسمحي لنفسك تردي عليا و ترفعي صوتك و كمان ما تنفذيش أوامري؟
من هنا قامت المشاجرات و المشاكل بين حامد وأحمد أيضا
- شايف مراتك المحترمه بترد عليا ازاي و مش بتسمع كلامي..... هي دي الانسانه المحترمه اللي انت جايبها لينا تخدمنا؟
كان لابد أن يظهر أحمد شخصيته أمام والده قائلا
- لا يا أبا انا جايبها مراتي تخدمني انا بس... ماتخدمش حد غيري ولا هتعمل حاجه في البيت.. وبعدين كفايه عليك مرات رضا.
غضب والده منه كثيرا
-و الله لا هقوم أضربك ياإبن الكلب وارميك فالشارع انت وهيا... قدام الجيران... انا هوريك المعامله شكلها ازاي
لاحظ أيضا بأن كريمه تشاهد كل ذلك من شرفة مسكنها، اشتاط غيظا منهما، امسك أحمد من لياقة قميصه وطرقه في الحائط
- يلا قوم هات الحصان من جوا عشان نروح نروي الأرض
شعر احمد بالخزي لانه يهان أمام زوجته والجيران، قام عن الأرض وانفض ملابسه ثم حدق في والده
- انا مش فاضي لشغل الأرض يا أبا و مش رايح اراضي انا
أجابه حامد بتلعثم، لكن أحس أن لسانه تعقد و لم يعرف ماذا يقول
- سأغضب عليك انا ما كنتش بعلمك لتعصاني
أجابه أحمد بقرار مفاجئ للجميع
-قررت انا و مراتي ننفصل عن معيشتكوا... هعيش انا وهي مع نفسنا في شقتنا بعيد عن شغلك و مشاكلك،
كانت كريمه تعامل هنيه بتعالي و كانت إيمان تكره فيها هذا الشئ،
كان أحمد أيضا في بعض الأحيان يسخر من هنيه... كل ذلك بسبب انها لم تدخل المدرسه وتتعلم مثلهم، كانت دائما تشعر بإنها أقل من سلفتها
-أنا دايما حزينه بسبب كدا و بدأت أشوف معاملة عمك أحمد و أفعاله مع مراته ووقوفهم ضد جبروت و تسلط جدك يا إيمان و بين ردود أفعال أبوكي معايا و تلبية طلبات حمايا... تحسرت على نفسي... كان نفسي ابوكي يدافع عني كده
تأثرت إيمان بكلام والدتها، حزنت كثيرا كرمالها
-ما تزعليش يا ماما و إحتسبي إل بيعملوه معاكي عند الله وأكيد هيجي يوم و جدو يعرف قيمتك و بابا يقدرك
اغرورقت عينا هنيه بالدموع
-أنا زعلت كتير واتقهرت كتير يابني.. محدش حاسس بالهموم ال جوايا....مفيش حد بيسمعني و لما كانت اي بنت منكو تغلط بدون قصد... عمك أحمد وجدك كانوا يضربوكوا قدام عيني... وانا متكتفه مش قادره ادافع عنكوا.. سامحوني
اجابتها عفاف، والدموع تسيل على وجنتيها رغما عنها متآوهه
-كنت مطيعه جدا لجدي في كل طلبات البيت و كان اي شغل يطلبه مني كنت بعمله فغلطت مره.. لقيت عمي جاب المكنسه وضربني بيها... فضل يقولي كلام وجعني اكتر من الضرب ومش هنساه أبدت
-انتي قليله الأدب و لازم تتعلمي الأدب و انا هأربيكي يا عفاف
حين سألته عفاف و الدموع منهمره على خديها
- بتضربني ليه يا عمو انا عملت إيه!؟
كان يمسك بها وراء باب الغرفه و يظل يضرب فيها ضربا مبرحا، كانت تبكي بشده ولم يرأف بها علي الإطلاق، للأسف لم يلحق بها احد و ينجدها من بين يديه
ليقول أحمد لكريمه
-انا بدأت أجهز أوراق للسفر السعوديه
قفزت كريمه من السعاده
- انا عايزه أسافر معاك عشان ما تبقاش وحيد هناك.. مش هعرف اعيش هنا لوحدي من غيرك
اجابها أحمد بصوت متحشرج
-لما اسافر و أستقر هبعتلك تجهزي ورقك... وتيجي تعيشي معايا
أشارت له كريمه بالموافقه
- ماشي يا حبيبي تسافر بالسلامه ان شاء الله و ربنا يوفقك
استعد احمد للسفر... حينما وصل هناك قابلته بعض الصعوبات في المعيشه، اضطر آسفا ان يهاتف والده رغم غضبه منه
-أنا بنام في الشارع يا ابه.. لا لاقي شغل ولا سكن.. مش عارف اعمل ايه.. عايز منك تدعيلي انت وامي ربنا يوفقني.. وسامحني ان كنت زعلتك في يوم.. كان غصب عني
مرت الأيام وبعد بحث فترة طويله عن ااي مهنه يكتسب منها زرقاً حلالا... تعرف على صاحب شركة كبيره بالصدفة الباحته، بعدما سرد له مشكلته، عرض عليه صاحب الشركه ان يعمل عنده كم ظف في المحاسبه... قفز احمد من السعاده... لإستجابة الله لدعاد والداه له بالتوفيق
هاتف احمد والده ليزف له الخبر السعيد، اجابه والده ولاحظ احمد السعاده في صوته عندما قال له
- ماشي يا إبني ربنا يوقف لك ولاد الحلال و تتوفق ان شاء الله
تمتم أحمد من بين أسنانه بإنتحاب مكتوم
- هشوف كده يا أبا... لو اعرف ابعت زياره لكريمه... تيجي تقعد معايا هنا.. بدال ما هي قاعده لوحدها كده بين أربع حيطان لوحدها.
أجابه حامد بلامبلاه
- مش لما تشتغل شوي يا ابني و تستقر تبقى تبعت لها
شحب وجه احمد
- لا يا أبا مش عارف أعيش هنا لوحدي... لازم مراتي تكون معايا عشان عقلي مايكونش معها و اعرف اركز في شغلي.
بالفعل اعدت كريمه أوراقها وسافرت له، هنا كان حزن هنيه يزداد كل يوم عما زي قبله، أحست بالتفرقه في المعامله، و كانت لا تعرف لمن تشتكي لأحد غير ابنتها إيمان
-دا ابوكي ما هانش عليه يبعتلي اعمل عمره و أزور بيت الله
تأثرت إيمان بدموع والدتها و صارت تبكي
-انا هبعت لبابا جواب و اقوله يبعتلك فلوس وتعملي اوراقك و تروحي تعملي عمره و تحجي كمان
تلعثمت هنيه وارتبكت بين تريد أو لا تريد، كي لا يفتعلوا لها المشاكل بدون داعي
- لا.. لا.. ما تعمليش كدا يا بنتي.. ابوكي هيقول لجدك و يتخانقوا معايا فإياكي تبعتي له حاجه...انا حزرتك اهو
اختلس حامد السمع، بعدما أنهو حديثهم... ولج عليهم فجأه وضحك سخط منهم وتحدث ساخرا
- اعملي حسابك شغل البيت ده كله عليكي.... و مفيش مرواح لأي مكان لأنك جاهله و ما تعلمتيش، مكانك هنا مش في أي حته ثانيه
كان رضا دائما يفكر براحة والده و لم يفكر في الإنسان التي تكون زوجته وأم لأطفاله نهائيا، كانت هنيه تغير من سلفتها وتشكو لإيمان، كانت إيمان ترتمي في حضنها
-ياماما انا دايما حاسه انك حزينه... كبري دماغك وماتفكريش في حد منهم.. عشان صحتك.. احنا مالناش غيرك يا ماما.
كانت هنيه تمسح على رأس إيمان و دموعها تسيل على وجنتيها
-يلا كل تعبي عند الله وهو من عنده العوض و الف*ج بإذن الله... الحمد لله على كل حال
مرت الأيام و كان دائما رضا يلجأ إليهم بزي ملبوس و مستعمل من قبل على جسم بنات الكفيل السعودي الذي كان يكفل رضا، لم يهتموا بناته لهذا الأمر.. كانوا يرتدون الملابس رغم معرفتهم بذلك، كانو دائما راضيين بالقليل،
كانت إيمان تشعر بإنها أقل من صديقاتها بالمدرسه، هم يرتدون دائما ملابس جديده بينما هي ترتدي كل ماهو قديم كانو يشترون من السوبر ماركت وهي لم يكن معها مال لتشتري ما تريده،
أحيانا لم تأخذ لانش بو** مثل صديقاتها و لا سندوتش حتي غير ايام قليله جدا؛
كانت دائما ترمق لما يوجد في أيدي غيرها، هذه الحاله ظلت معها لحين كبرت رغما عنها؛
مهما يكون عندها حاليا لابد أن تنظر لما يوجد عند غيرها ، وصلت للمرحله الخامسه في التعليم فمكتب تحفيظ القرآن كان يوجد معهم طفل صغير، في بداية الأمر كان يمازحها بالحديث فقط لحين أتى يوم وهم يصعدون الدرج مجموعه كبيره للفصل تحرش بها من الخلف، صعقت والتفتت له وتحدثت اليه بحده
-ازاي تسمح لنفسك ياحيوان تلمسني بالشكل ده.. ياعديم الحياء
حنى الولد رأسه للاسفل، تمتم بخزي
-والله ما أقصد حاجه... انا لمستك بالغلط... سامحيني.. انا آسف
لكن لم تقدر إيمان أن تتغاضي عن الموقف ولم تنساه للآن، لكن لأول مره كانت تعرف الأماكن المحزره والمفروض لم يمسسها أحد، مرت الأيام والشهور،
في يوم من الأيام جاء مدير المكتب والدروس الخصوصيه قبل انتهاء المرحله الخامسه و بدايه المرحله الإعدادي، قام بإعداد اجتماع للمدرسين و حفله المراحل الخمس و جلس جميع الأطفال فيحوش المكتب
كان خطابه رائع جدا... أحسوه مثل والدهم، اكثر جمله قالها و تركت أثرا بداخل إيمان
-أنا عارف انكوا لما تمشو من هنا وتبدؤا مرحله جديده... هتقولوا ياريتنا فضلنا في مدرسة الابتدائي
بالفعل أحست إيمان بمعني هذه الجمله في كل مرحله من حياتها، كانت تتحدث بينها وبين نفسها
- ياريتني فضلت صغيره بس دي حياه و أقدار لازم تتعاش زي ما الله سبحانه وتعالى كاتب لينا
المهم انتهت المرحله الإبتدائيه و كانت معها من أصدقائها أماني وناديه ومني
انتهت أجازة الصيف وبدأت المرحله الجديده، في صباح اول يوم دراسه، ولجت هنيه لتفيق بناتها كي يستعدوا للذهاب
-يلا يإيمان عشان تلبسوا هدوم المدرسه.. عشان تتوكلوا على الله.. بسرعه يابنات... هتتأخروا.
ثم دخلت المطبخ لتعد لهم الفطار، دخلوا البنات الي المرحاض واحده تلو الأخرى، ثم انتبهت لهم هنيه وهم يرتدون ملابسهم، ضحكت
-أخيرا هتترحموا من البيج والبني، هتلبسوا رصاصي و أبيض
أجابتها إيمان وهي ترتدي قميصها الأبيض
-حلو برده اللون دا ياماما و التغيير حلو و يارب اكون متفوقه في الإعدادي زي الابتدائي
تركت هنيه الخبز من يدها وجحظت عيناها بعين بناتها، تحدثت إليهم بحده وحزم
-المهم عندي تخلي بالك من نفسك و ما تتكلميش مع أي ولد خالص و تركزي في مذاكرتك
أومأت لها إيمان
-حاضر ياماما... ماتقلقيش انا ماليش في الكلام الفاضي ده
كانت إيمان متفوقه جدا في دراستها و دائما كانت من أوائل المدرسه، درست سنه اولى و ثانيه اعدادي بنفس الإجتهاد و لكن أمور المنزل و المشاكل الدائمه كان مسيطره على تفكيرها،
في صباح يوم من الايام أيقظتها هنيه بفزع
-الحقي يا إيمان... ابن عمتك راويه حازم مات في حادثه ياقلب امه وهو رايح شغله.
صعقت إيمان من هول الخبر
-يالهوي ياماما... ياحبيبي ده لسه صغير... زي الملاك و عثول ومحترم لا حول ولا قوة الا بالله.... الله يرحمه
بكت بكاءا شديدا وحزنت عليه بشده، حزنت وتأثرت القريه بأكملها
بعد مرور أسابيع عادت إيمان من مدرستها، رأت سيدات كثيرات داخل المنزل مرتدين ملابس سوداء
هرولت باتجاه والدتها عندما رأتها تبكي
- إيه اللي حصل ياماما... هو في حد من عندنا مات تاني ولا إيه؟
همست لها هنيه بصوت متحشرج ملئ بالحزن
-اه ياحبيبتي...ماتت ستك أم الخير
هذه كانت والدة جدها حامد في عمر ١٠٠ عام لكن كانت أحن انسانه في الكون على الجميع،
صرخت إيمان بأعلى صوت
- إزااااي... أغلى انسانه على قلبي ياماما... هي ال كانت دايما تدافع عني....
جاءت إليهم عمتهم راويه والدة حازم، انهارت وهبطت على ركبتيها وهي تنوح وتبكي
-سلميلي على حازم ياستي...قولي له يسامحني
ثم بكت بكاءا هستيريا، ساد الحزن في المنزل
فلاش باك
جدتهم كانت أحن مخلوقه على وجه الأرض، لكن كانت قعيده الفراش لاتتحرك قدماها ويدها اليسار، كانت دائما تحتاج لمن يساعدها على الجلوس والنوم و خصوصا عندما كانت تريد أن تستخدم المرحاض، كان حامد يطلب من البنات المبيت معها، بدا بإيمان
-بت يا إيمان انتي هتنامي مع امي الليله... عشان لو احتاجت حاجه تعمليهالها
وافقت إيمان على الفور
-حاضر يا جدو...هاكتب واجبي و انزل انام جنبها
كانت إيمان وعفاف يتبادلان كل واحده ليله، بينما أثناء النهار كانت هنيه تساعدها و ايضا سكينة زوجة حامد الكفيفه كانت تساعدها في بعض الأحيان
جاءت إيمان وجلست بجوار والدتها
-لو تيته احتاجت تعمل حمام أنا هساعدها ازاي.... مش هقدر ولو وقعت مني.. جدو هيضربني
قهقهت هنيه
-حاولي تصحى و تساعديها.. قبل ما جدك يسمع صوتها ويجي يضربك وانتي نايمه
أجابتها إيمان وهي خائفه
- حاضربا ست ماما.. هحاول... ربنا يسترها
جدتي كانت تنادي بأعلى صوت على حامد وحين يسمعها،كان يأتي على الفور ليساعدها فيري إيمان غارقة في النعاس، كان يضربها على ساقها ليوقظها
- انتي نايمه يا بنت الكلب وسايبه ستك تعمل حمام على نفسها؟
هبعت إيمان من الفزع
-والله ما سمعتها يا جدو انا آسفه و الله مش هتتكرر ثاني.
كان ينوي ان يضربها بقسوه، خصوصا لو رأي والدته تبولت على نفسها بالفعل.
سارعت جدتها وامسكت يده بيدها الصحيه
-إياك تضربها يا حامد دي عيله... و الله أغضب عليك لو حطيت ايدك عليها...ماعنتش هنادي عليك تاني...يلا أخرج من هنا
اخفض حامد بصره وهز رأسه بالطاعه لوالدته
-تحت أمرك يا أمه.. مش عايزك تزعلي مني.. مش هأضربها... انا رايح المسجد عشان أصلي الفجر.
بعدما غادر حامد الغرفه إرتمت إيمان في حضن جدتها وقبلتها من وجنتها
- انا بحبك أوي ياتيته... ربنا يخليكي ليا ويعطيكي الصحه.
ربتت جدتها على رأسها
-تسلمي يابنتي... يلا نامي لكي تلحقي تصحى بدري تروحي مدرستك
قبلتها إيمان مرة أخري
-حاضر ياتيته... نامي انتي الأول عشان أغطيكي.. و بعدها أطفئ النور و أنام
ف اليوم التالي بعد عودة إيمان من المدرسه، مررت على جدتها لتراها، كانت تحب ان تمشط لها شعرها في الشمس.
إبتسمت لها جدتها
-والله يابت يا إيمان انا رأسي بتحكني أوى... انتي جيالي في وقتك... مشطي يابت مشطي
قهقهت إيمان وهي تفتح النافذه على طفولة جدتها
-أستنى افتح الشباك إللي فوق رأسك عشان الشمس تكون عموديه على شعرك الفضي الامع واسرحلك بمزاج
ضحكت لها جدتها بفمها الفارغ من الأسنان
-آه يا بنت الإيه انتي اللي بتريحيني و بتجبري بخاطري ربنا ينجحك و يجبر بخاطرك يارب و اشوفك عروسه قد الدنيا.... عندي ليكي حاجه حلوه هعطيهالك لما تخلصي
آثار إيمان الفضول
-حاجه حلوه! قولي بسرعه ايه هي؟
عمتك عزيزه طبختلي فراخ انهارده، اكلت وشبعت وسيبتلك ربع فرخه تاكليه، لما تخلصي تمشيط شعري خذيها و كليها هنا جنبي، عشان محدش يشوفك
إيمان
- الله.. تسلميلي يا تستهبل ياحبيبتي و الله انا جعانه جدا..
مرت الأيام و جاءهم تليغراف من أحمد من السعوديه
يروي فيه آخر أخباره
- أنا حجزت على طائرة اليوم الظهر.... عشان أحضر عزاء جدتي و أودعها.
لأول مره كانوا يروه بعد غياب سنين، عندما جاء و معه كريمه وأولاده أسماء وساره و هاجر توأم
إندهشت إيمان وتحدثت بفضول
-إيه دا يا أبله كريمه هيا أسماء بنتك سمرا كده ليه.. مش شبه أخواتها ملايكه بجد قمرات الله أكبر
كانو شبه بعض جدا وكانوا تائهين بينهم، خاصةً لإن كريمه ملبساهم نفس اللبس
أطلقت كريمه ضحكتها
- عادي بقي يا أروبه يا واعيه... اسماء عثوله شبه ابوها و التوأم شبهي انا
رمقها إيمان بسخط و أجابتها بسخريه
-شبهك اه واخده بالي يلا ربنا يباركلك فيهم
كانوا دائما يحتفلون بعيد الأضحى بذبح الأضحيه
زفرت والدتها بحده
-يلا يابنت يا إيمان قومي لكي تكنسي الشارع و ترشيه مياه.
ردت عليها إيمان بفرحه العيد.
-حاضر ياماما انا هخلي الشارع فله.
نهضت هنيه من مكانها متجهه للأعلي
انا طالعه على السطح عشان أمسك بالخروف و انزله لتحت و هربطه في الشارع و إوعاكوا تروحوا يامته عشان ممكن ينطحكوا
هزت إيمان رأسها بالموافقه
-حاضر ياماما... بقولك صحيح هو احنا مش هنلبس لبس العيد الصبح ولو مره في حياتنا!