الفصل الثالث والرابع

4729 Words
......................... (( الفصل الثالث)) ((طفلة جميلة لم تتعدّى الثلاث سنوات من العمر، تتسلّق شجرة زيتون مُعمّرة كبيرة، تشبثت بالأغصان الكثيفة المتداخلة ببعضها، ابتسمت هذه الصغيرة بانتصار طفيف وهي تمدّ يدها الصغيرة لتُمسِكَ غصناً تصله للمرة الأولى، وهناك أسفل تلك الشجرة وقف صبيٌ صغير، لم يتعدّى الثماني سنوات يصفق لها بتشجيع، اتسعت ابتسامتها السعيدة وهي تستمع لتشجيعه لها، نظرت اليه لتخبو ابتسامتها سريعا وهي ترى مكانها على عُلوٍّ شاهق بالنسبة إليها، باغتها الدوّار فجأة لتنزلق قدمها وتقع عن الشجرة، لتستقرّ بين ذراعيه ويضمها إلى ص*ره بخوف، ثوان مرّت حتى هدأت أنفاسه ،ثم رفع وجهه ليُطالع عينيها الزيّتونية وابتسم لها حتى ظهرت غمازتيه ، بادلته الابتسامة ذاتها وقبل أن يقترب ليُقبلها على شعرها ال**تنائي سمعا صوت جلبةٍ خفيفة.)) انتفضتُ جالسةً بعد هذا الحُلمِ الغريب ، لم تكن تلك المرّة الأولى التي أُشاهدُه فيها ، ولكن هذه المرة رأيت وجه هذا الصبي الذي شجع تلك الفتاة ،ولا اعرف لمَ أحلمُ بهذا الحلم دائماً ، مرّت دقائق عدة حتى تذكرتُ مكاني أنا الآن في الجوّ، وهذا السرير الذي أرقدُ فيه هو سريري الخاص في طائرة والدي الخاصّة، عمار الفايد ، رجل الأعمال اللبناني الذي قضى جُلَّ عُمْرهِ خارجا ، والدي رجلٌ عِصامي، بنى نفسه دون مساعدةٍ من أحد ، كان يخبرني بكمّ الأعمال الوضيعة التي عَمِلَ بها حتى يؤمّنَ قوت يومه، وهو الشاب اليتيم الذي رباه عمه بعد وفاة والديه عندما كان يبلغ من العمر ثلاث سنوات في انفجار الفرن الخاصّ بهم نتيجة تسرّب الغاز فيه، ثمّ أتبعه ذلك وفاة عمّه عندما بلغ من العمر سبع سنوات، تشرّد بعدها في الطرقات والأزقة، حيث أن عمّه لم يكن يملكُ منزلاً ،بل كان يستأجر غرفة صغيرة لضيق ذات اليد في ذلك الوقت في لبنان، بسبب الظروف السياسية فيه. دوماً كان والدي يُخبرني كيف استطاع جمع المالِ بشقاءٍ وكدٍّ ليُسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك بدأ يعمل بعدة وظائف حتى إستطاع تأمين بعض المال ليفتح مشروعاً صغيراً خاصّاً به ،كان مشروعه عِبارةً عن محلٍ صغير في حيٍ فقير ،يبيع فيه التُحف زهيدةَ الثّمن ،أو مانسميها نحن بالأنتيكات . وتدريجياً كَبُرَ عمل والدي وتوسّع حتى إستطاع افتتاح شركةٍ صغيرة لبيع التحف وتوزيعها،وصنع الاغراض التذكاريّة ، عَمل بجهدٍ جهيد حتى تحولت شركته الصغيرة تلك إلى شركات كبرى ، تتخذ أفرعاً لها في جميع البلدان، وأصبح والدي من رجال الأعمال ذائعي الصّيت، وها هو اليوم يعود إلى بلده الأم الذي رحلَ عنه منذ مايُقارب الثلاثون عاماً ،خرج منه مُعدماً فقيراً ،ليعود إليه اليوم رجل أعمال كبير له اسمه ومكانته العريقة، بعدما أسس فرعاً لشركته الكبرى هنا. خرجتُ من غرفتي المخصصه في هذه الطائرة، لأجد أبي يجلسُ في كرسيّه،ماإن رآني حتى اتّسعت ابتسامته وهو يشير إلى الكرسي الآخر بجانبه قائلا: تعالي عزيزتي كنتُ على وشك إرسالِ أحدهم إليكِ لإيقاظكِ ،اجلسي هنا و ضعي حزام الأمان، نحن على وشكِ الهبوط. فعلت كما طلب مني والدي، ثم سألته بعد أن ربطتُ الحزام: هل وصلنا بهذه السرعة ابي؟؟ ابتسم ابي باتساع وهو يجيبني: نعم عزيزتي، لقد وصلنا . ثمّ أدار وجهه إلى الناحية الأخرى حيث النافذة، صدح صوت الطيّار من خلال المُكبر الموجود في الطائرة، ليطلب منّا عدم التحرك من أماكننا حتى نهبِطْ. بعد ثوانٍ قليلة حضرت عليا وهي تلهث،جلست تلك السيدة الأربعينية على كرسي في الطرف الآخر من الطائرة،لتربط حزامها وهي تضع يدها على ص*رها، أغمضت عينيها وبدأت بقراءة آياتٍ قرآنيّة بينما بدأت الطائرة بالهبوط. أرى أنكم تتسائلون عن عليا؟ حسناً إنّها مُربيّتي، تولت رعايتي بعد وفاة والدتي الحقيقية أثناء ولادتي، لم اشعر يوماً بأنني أقلّ من ابنتها التي لم تنجبها، دائماً ماكانت تُغدِقُ عليّ بحنانها وعطفها، لكنّها في الوقت ذاته حازمةٌ في كلّ أمر يخصني، عليا لها مكانتها الرفيعة في منزلنا، هي الآمر الناهي فيه، بعد والدي طبعاً. وعلى ذكر والدي، دوما ماكنت أشعر بأنه لايتقبلها او يتقبل حزمها في المنزل، وأشعر بأنها هي أيضا لاتكنّ له مشاعراً طيبة،، ولكن يوما لم أفهم السرّ.... Flash Back. هبطتْ الطائرة على المدرج ، انتظر الجميع دقائق معدودة حتى استقرّت الطائرة أخيراً،تحررّوا من أحزمتهم ليخرجوا منها نحو صالة الوافدين في المطار، ماإن خرجوا حتى تفاجأوا بعددٍ هائل من الصحافيين والمصورين، ومضات كاميرات كثيرة لمعت في وجوههم ، احتمت( أميرة) خلف والدها ، لتسأله بهلع طفيف: مالأمر أبي؟؟ لمَ كلُّ هؤلاء المصورين هنا؟؟ ابتسم عمّار ليجيبها بحنوّ : لا تخافي حبيبتي،هؤلاء صحفيون علموا بعودتي إلى هنا، فجاؤوا ليحصلوا على سبقٍ صحفي. عشرات الأسئلة انهالت عليه من هؤلاء المصورين، لم يُعرهم اهتماماً،بل استدار نحو ابنته الخائفة ليسألها: عزيزتي إذا لم ترغ*ي بالبقاء معي،يمكنكِ الذهاب مع عليا برفقة الحراس؟؟ سيخرجوكم من هنا بسرعة ودون أن يعترض أحد طريقكم؟؟ نظرت من خلف ظهره إلى الجمع الكبير أمامهم، وكان حرس والدها الشخصي يدفعونهم بعيداً عنه، أشارت له بالإيجاب ،فقبلها على جبينها،وأشار إلى أحد الحراس بأن يؤمن طريقاً لتخرج أميرة وعليا التي بقيت في الخلف تتفقد الأمتعة مع بقية الخدم. نفذ الحارس الأوامر بخفة عالية، أوصل أميرة ومربيتها إلى القصر الكبير الذي اشتراه والدها قبل عامٍ تقريباً، ترجلت من السيارة لتركض كالأطفال وتدخل إلى القصر الضخم، جذب انتباهها أولاً تلك الحديقة الكبيرة ،لقد كانت ساحرة للغاية، وقد حرص والدها على تواجد زهورها المُفضلة ( زهرة اللّيلك) بكثرة في أحواض متقاربة ،اصطفت على جانبي الطريق إلى باب القصر الداخلي، لطالما عشقت تلك الزهرة التي كانت تسمى زهرة الجمال الملكي ، خاصّة بلونها الأبيض الذي كانت تعتبره رمزاً للبراءة والنقاء. اتسعت ابتسامتها وهي تركض إلى داخل القصر، كانت السيدة آمال مُدبرة المنزل الجديدة في انتظارهم، استقبلت أميرة لتعرفها على نفسها بلباقة، دخلت عليا بعد قليل وهي تُحدّق في السيدة آمال بتفحص وجمود. امتازت عليا بالبشرة السمراء الخفيفة، والعيون الخضراء والشعر الرّملي الناعم ،لقد كانت جميلة جدا وهي في هذا السنّ المتقدّم، لكنها تحمل ملامحاً قاسيةً وصارمةً للغاية. تجوّلت أميرة في أرجاء القصر الكبير، كان مؤلفاً من ثلاثة طوابق، الأول كان مقسّما إلى بهوٍّ كبير لاستقبال الضيوف، ومطبخ كبير منفصل عنه ومطلٌّ على الحديقة ، وايضاً احتوى هذا الطابق من الخلف على ثلاث غُرَفٍ خاصة بالخدم. اما الطابق الثاني فكان مقسّماً إلى غرفة كبيرة خاصة بصاحب القصر السيد عمار، ملحق به غرفة أخرى خاصّة بالملابس وحمام واسع، وبجانب غرفته كانت هناك غرفة المكتب، وغرفة واسعة جدا خُصصّت لاستقبال الضيوف أيضاً ، وقد زُينت هذه الغرفة بتحفٍ وأنتيكات فريدة وثمينة، وكان في البهوّ السفلي ايضاً نفس تلك التحف الثمينة. اما الطابق الأخير فكان مؤلفاً من سبعِ غرفٍ متجاورة، إحداها خُصصت لأميرة، والثانية لمربيتها الصارمة وتُرِكت الأُخريات مُغلقاتٍ. اما خارجاً فقد كان هناك الحديقة الواسعة، وايضاً كان هناك غرفة للمعدّات الرياضية، أما غرف الحرس والأمن فقد تُرِكتْ خارجاً. دلفت أميرة إلى غرفتها وهي تتفحصها بسعادة، تأملت سريرها الذي كان باللون الزهري الرقيق،وكذلك جدران الغرفة، وقد كانت هناك غرفة أخرى خاصة بالملابس والاحذية وحمام ملحق بها. استلقت على سريرها بلهفة وهي تُمني نفسها بنومٍ هادئ،احتضنت وسادتها لتدفن وجهها فيها ،قبل أن تدخل إليها عليا بوجهٍ مبتسمٍ لا يظهر إلا معها، لتقول بحنو صادق: هيّا عزيزتي لاتتكاسلي،أولا عليك اخذ حمام ساخن لتنفضي عن نفسكِ تعب السفر، ثم عليك تبديل هذه الملابس أيضاً. اجابتها أميرة بتذمر وهي تدفن وجهها بالوسادة اكثر: لا عليا ارجوكي، دعيني انام هكذا!!. - لاعزيزتي بالطبع لن أسمح لكِ، هيا تحركي أمامي إلى الحمام لأخرج لكِ ملابساً لائقة. نفخت أميرة بضيق ثم اعتدلت في جلستها وهي تنظر إليها بنصف عين، لتقول بقلة حيلة: حسنا ،سأدخل الحمام، ولكن أخبريني أولا عليا، أولستِ لبنانيةً أيضاً؟؟ ارتبكت عليا قليلا عندما باغتتها بهذا السؤال، لتجيبها بإيماءةٍ بسيطة، فأضافت أميرة: إذاً أليسَ لكِ أهل او أقاربٌ هنا؟؟ تنفست عليا بعمقٍ وهي تجيبها: لا عزيزتي،لا أهل لي . رفعت أميرة حاجبيها باستغراب،فأردفت الأخرى: والداي توفيّا معاً في حادث، ولم يكن لي سوى شقيقٍ واحد وقد مات منذ أمدٍ بعيد. وقبل أن تواصل أميرة أسئلتها المُربكة لها ،استدارت لتوليها ظهرها وخاطبتها بحزم: والآن يكفي كلاماً،هيا إلى الحمام، لاتنسي فاليوم لد*كِ حفلةٌ كبيرة. توجهت أميرة إلى الحمام دون أن تعلق، تاركةً عليا خلفها تتأمل الفراغ،لتغوص بذكرياتٍ بعيدة، أغمضت عينيها لتحرّر دمعةً ساخنة سقطت من عينيها الخضراء، وهي تتذكر وفاة شقيقها الوحيد ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، - حفلة؟؟؟ قاطعتها شادية متسائلة باستغراب، فأجابتها ليلى بابتسامة خفيفة: نعم، تعرفين،كون والدي،،،،،،تنحنحت بارتباك عندما أدركت خطأها، لتكمل بتصحيح: أقصد كون والد أميرة كان رجل أعمالٍ مشهور،فمن الطبيعي أن يُقيمَ حفلة بمناسبة عودته. هزت رأسها بتفهّم ، وقبل أن تنطق بحرف آخر رنّ جرس الباب ،استغربت كلتاهما الامر، فاستقامت ليلى لتسير نحو الباب تتبعها شادية، ليطالعهما وجه راشيل المبتسم بتهذيب، تحدّثت راشيل باللغة الإنكليزية : مرحبا سيّدتي، انا راشيل مدبرة منزل السيدة شادية. ابتسمت ليلى بينما خاطبتها شادية باستغراب: مابك راشيل؟؟ هل عاد هاني؟؟؟ نظرت لها راشيل مجيبةً : اطمئني سيدتي،فالسيد هاني لم يعد بعد، لكنني حضّرتُ كعكة التفاح كترحيب بالجارة الجديدة. ثم رفعت طبقاً مغطىً أمام اعينهما، تابعت بما يشبه اللوم وهي ترفع يدها الاخرى التي تحمل كيساً من الأدوية : وأيضاً لقد نسيتي موعد أدويتك. ابتسمت شادية وهي تتناول الكعكة منها ،قدّمتها إلى ليلى وهي تقول: عليكي تذوّق هذه الكعكة، لا أحد يعدّها بهذه اللذة سوى راشيل. تناولت ليلى الطبق منها، بينما أردفت شادية: والآن يجب أن ترتاحي، وتوضبي منزلك، وايضاً يجب أن تُزيلي قِطع الزجاج . سأعود إليك في الغد. أنهت حديثها وهي تشير إلى قطع الزجاج التي تناثرت على الارضية، ودّعتها شادية لتستدير مع راشيل متجهتان نحو منزل الاولى، توقفت شادية قبل أن تقطعا الطريق، قابلت راشيل بجسدها وهي تتمتم: راشيل، هل لي بأن أطلب منكِ أمراً؟؟ هزت رأسها موافقة لتضيف شادية: أريدكِ أن تساعدي ليلى في ترتيب منزلها، فهي وحيدة هنا ولا أحد سيساعدها. ابتسمت راشيل باحترام لتجيبها: حاضر سيدتي، دعيني أوصلك إلى المنزل أولا. ،،،،،، ، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، عادت راشيل إلى منزلها ،بعد أن ساعدت ليلى في ترتيب المنزل، كما طلبت منها شادية. جلست ليلى تفكر فيما فعلت،وهل يصحُ ان تروي لأحدهم قصتها؟؟ ماذا إن كانت شادية تعرفه؟؟ فهي لبنانية مثله. هزت رأسها بنفي إنكاراً لتلك الحقائق التي وصلت إليها، فهي قد أخبرتها أن هذه ليست قصتها هي فلا داعي لهذا التوتر والقلق، ظلّت تفكر حتى ذهبت في سباتٍ عميق. . ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، في اليوم التالي، ذهب براء إلى منزل عائلته كما وعد والدته، ورغم الحزن والعتاب الذي ملأ قلب والده المُقعد السيد عادل ، إلا أنه سامحه بمجرد أن اقترب منه ليقبل يده ورأسه ، فهذا ليس براء القاسي الصلد الذي كان يعرفه. ، جلس معهم ليتجاذبوا أطراف الحديث، والذي كان أغلبه عن جواد ومغامراته في فرنسا. جواد هو الابن الحقيقي لزينب، لكنه ليس شقيق براء في الحقيقة، درس علم النفس ليلتحق فيما بعد بجامعة السوربون الفرنسية عن طريق منحة دراسية، سافر إلى فرنسا ليتخصص هناك،وها هو يعود اليوم بعد غياب ست سنوات كاملة. بعد الغداء توجه عادل إلى غرفته ليرتاح فيها، دفعت زينب الكرسي المتحرّك الذي يربض فوقه زوجها، تاركةً الشابين لوحدهما. وقف جواد ليدفع كرسيه حتى غدى قبالة براء، جلس عليه ليسأله: ماهذه الحال التي أنت فيها براء؟؟ لم أعهدك هكذا يوما!! أين براء ذلك الضابط القاسي الذي لايهاب ولا يخشى أحدا ؟؟؟ مالي أرى هذا الحزن العميق في عينيك؟؟ أغمض براء عينيه لثانية، اخذ نفسا عميقا زفره على مهل، ثم تطلع إلى جواد متمتماً: هل أخبرتك أمي أن تلعب معي لعبة المريض وطبيبه؟؟؟ ثم تابع ساخراً: هل تريدني أن اجلب سريراً لأستلقي عليه وأغمض عيناي واتكلم معك **ائر المجانين؟؟؟ هز جواد رأسه نافيا: لا براء، لا أريدك أن تكلمني كطبيب،بل كلمني كصديق،ما رأيك؟؟ سكت براء دون أن يعلق فعلياً هو بأمس الحاجة إلى أحدٍ ما ليفصح له عن مكنونات قلبه ، مرت عدة لحظات كان كلاهما صامتٌ بشكل مريب، ثم قطع هذا ال**ت صوت براء السائل: متى تريدني أن أبدأ؟؟ ابتسم جواد مجيباً بهدوء: متى تكون مستعدّا صديقي. أسندَ براء رأسه إلى الخلف، أغمض عينيه ليزفر بثقلٍ بالغ، ثم تنفس بعمق وهو يبدأ حديثه: منذ ثلاث سنوات تقريباً، كنتُ أُحقق في جريمة قتل شابٍ لم يتعدّى عُمره العشرون عاماً قُتِلَ في مشاجرة ما، اكتشفتُ فيما بعد أنه مُروّج م**رات ، وقد قادنا التحقيق إلى شخصٍ ما يعمل سائقاً خاصّا لدى شركة رجل الأعمال الشهير عمار الفايد، تحريتُ أكثر عن السائق لأعلم أنه على صلة وثيقة برجل الأعمال وقد كان يعمل معه في أمريكا قبل أن يعود إلى هنا. شككتُ في تورطه ،وفي اليوم ذاته توارد إلى مسمعي وصول السيد عمار عائداً إلى بلده بعد غيابٍ طويل، لذا اعتزمت على أن أذهب إليه وأسأله عن الأمر بنفسي. Flash Back. وصل براء بسيّارته ذات الدفع الرباعي أمام القصر، وقف رجال الأمن المسؤولون عن تأمين الحفلة في وجهه ليمنعوه من الدخول، فأمر أحدهم أن يقوده ألا سيده بعدما أبرز له شارته. مشى رجل الأمن بزيّه الرّسمي يتبعه براء، حتى وقف أمام طاولة أجتمع عليها عمار وإلى جانبه وقفت ابنته الوحيدة، وفي مقا**هما كان هناك رجل أعمال يشرب بشراهة، اقترب رحل الأمن من أُذُنِ عمار ليهمس له بأمر ما، عقد عمار حاجبيه ومدّ يده نحو براء وهو يتمتم؛ أهلا حضرة الضابط، لقد شرّفت منزلي بقدومك. بادله براء التحية معرّفاً عن نفسه: براء عبد الساتر، ضابط في القسم الجنائي. لم تهتزّ ابتسامة عمار وهو يتابع مُشيراً نحو ابنته: وهذه أميرتي وابنتي الوحيدة أميرة. ابتسمت هي ومدّت يدها نحوه بلباقة، فقا**ها بنظراتٍ باردة للغاية ،ليجيب بجمود وهو يرمقها بنظراته المتفحصه تاركاً يدها معلقه في الهواء: لم آتِ لأتعرف بأفراد عائلتك سيد عمار. ثم تابع بنبرة ذات مغزى: لقد أتيتُ لأسألكَ عن أمرِ ما بالغ الأهمية، ولايحتمل التأجيل. جحظت عيناها من فظاظته وبروده المتعّمد، فأخفضت يدها بحرج،بينما أشار له عمار إيجاباً ، ثمّ تنحّى للجانب مشيراً إليه أن يتقدّمه، ربّت على خدّ ابنته مبتسماً، ثم استأذن من الرجل الآخر ليلحق ببراء. وقف براء على بعد عدة خطوات، تبعه عمار مع رجلٍ آخر ضخم الجثة، كأنه المرافق الشخصي له. ابتسم عمار بخفة سائلاً: تفضّل سيادة الضابط، هلّا أخبرتني كيف استطيع مساعدتك؟؟ رمقه براء بنظرات متفحصه وهو يسأله بغتة : جئت أسألك عن فهمي جابر، ما علاقتك به؟؟ لمح براء تلك الرجفة اللا إرادية في عين عمار اليسرى،إضافة إلى اهتزاز ابتسامته المصطنعه، فأيقن أنه على معرفة بالرجل المقصود حتى ولو أنكر،ومن البديهي أنه على علمٍ بعمله المشبوه. شعر عمار بما خلف هذا السؤال المتواري،لذا عَمِد إلى المواربة، اجلى صوته وهو يجيب بثبات: وهل من المفترض أن أعرف من يكون؟؟؟ فأنا لا اعرف أحدا بهذا الاسم. ابتسم براء ليجيب ساخراً: وهل من المفترض أن أصدقك الآن؟؟ الرجل يعملُ لد*ك منذ مايقارب السنتين، ألا يذكرك اسمه بشىٍ؟؟ ابتسم عمار بمكر وهو يضيف: سيادة الضابط، كما تعلم فأنا رجلٌ مشهور وأملك العشرات بل المئات من الموظفين، طبعاً أنت لا تتوقع مني حفظ أسماء جميع الموظفين، أليس كذلك؟؟. نظر إليه براء بتمعّن ليدرك أنه يقف الآن أمام ثعّلبٍ ماكر، هو على يقين أنّ عمار يختبأ خلف اسمه الكبير،لكنه للأسف لا يملك سوى حدسه، لذا استأذن ليخرج من الحفل كما دخل. ظلّ عمار ينظر إليه، ليهمس له الرجل الآخر باحترام: ماذا سنفعل الآن سيدي؟؟ أجابه عمار ببرود : لقد انكشف الغطاء عن فهمي جابر، قمْ بالتنظيف. تلك الكلمة كانت مقتضبه لكنها مفهومة بالنسبة لسيمون، حارس عمار الشخصي. ،،،،،،،، ،،،،،،،،،، ،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،، كان براء في طريقه للخروج من الحفل،قبل أن يلفت انتباهه سيدة ما تقف مع بعض الخدم تملي عليهم أوامرها، تأمل ملامحها التي كانت مألوفة بالنسبة اليه بشكل كبير، زوى مابين حاجبيه وهو ينظر لها باستغراب،حتى التقت نظراتهما، فتسّمرت مكانها وأصابها الجمود وهي تتأمله، مرّت ثوان معدودة حتى استطاعت تدارك نفسها، فأشاحت بوجهها بعيدا عنه. ظلّ هو على حاله، لم يخرج من شروده إلا على صوت أحد رجال الأمن ليقوده خارجا، وهو لايستطيع التغافل عن ذلك الشبه العظيم لتلك السيدة بأخرى مزروعة في خياله. ....... قاطعه جواد قائلا: ألم تستطع التعرّف عليها أو تذكرها ؟؟ أجاب براء وهو مغمض العينين مستندا على الكرسي خلفه : لا لم أستطع تذكرها يومها. اكتسبت نبرته قسوة و حدّةً وهو يتابع: ، ولم أتمكن من ذلك إلا بعد ثلاثة أشهر من ذلك الحفل، يوم مقتلِ عمّار. (( الفصل الرابع )) - حسناً حسناً ،دعينا نتوقف هنا لنجري مناقشةً سريعة. هتفت بها شادية التي حضرت منذ الصباح يملؤها الفضول لمعرفة بقية الحكاية وهي تشير بيديها ، ثم تابعت: أخبرتني أن أميرة أمضت الحفل بطوله إلى جانب والدها، لماذا؟؟ ابتسمت ليلى بتحفظ مجيبةً: لإنه لا أصحاب لها ، لم تكن تعرف أحدا هناك ، وجميع المتواجدين حينذاك كانوا إما رجال أعمال أو ذوو مناصب قيادية عليا، والجميع كانوا مُقاربين لوالدها في السن، لهذا لم تجد من تقضي سهرتها معه. هزت شادية رأسها بتفهم لتضيف: حسناً،إذاً ماذا حدث عندما أحرجها الضابط؟؟ ازدردت ريقها بوجل وهي تتمتم: تركت والدها ليذهب معه، بينما بقيت هي تنظر إلى الضابط باستفهام، لم تعرف لماذا ولكنها شعرت بأن هذا الوجه ليس غريباً عنها أبداً. - زمّت شادية فمها بتفكير، ثم ابتسمت بلطافة واردفت: حسناً إذاً،تابعي مالذي حدث بعدها؟؟؟ تن*دت ليلى بتعب، ثم انكبّت على الأوراق تتابع قراءتها: مضى الحفل بسلام، ومرّت بعده ثلاثة أشهر أخرى، تعودت على وطني الجديد، و قد نقلتُ دراستي أيضا ً إلى أرقى الجامعات هناك، ورغم ذهابي المنتظم إلى جامعة الإقتصاد، لكنني لم أنجح بتأسيس صداقات متينة، ولم أكن أعرف أهذا لعلةٍ فيّا أنا؟؟ أم أنهم لم يستطيعوا تقبلي؟؟ لم أفكر في هذا الأمر كثيرا، فقد قرر والدي أن يصحبني معه في أوقات فراغي لأرى على أرض الواقع كيف تسير الأمور هنا،وبدأ في تعليمي أهم شروط العمل ومقومات نجاحه، كانت حياتي تسير بشكل اعتيادي روتيني مملّ، حتى أتى يوم عيد ميلادي الواحد والعشرون. Flash Back. دخلت أميرة إلى القصر بعد إنهاء محاضراتها لليوم، هاتفت والدها لأكثر من مرة لكنه لم يُجبها، فشعرت بقليل من الأسى كونها اعتادت على الذهاب يومياً إلى الشركة برفقته. نفخت بضيق وهي تصّعدُ الدرج ملاحظةً خلوّ المنزل تقريباً، لكنها ماإن أصبحت في الطابق الثاني ،حتى اشتعلت الأضواء فجأة ليصدح صوت قوي: مفاجأة!!!! شهقت بخفة من هول المفاجأة، كان البهوّ الصغير مزيناً بشرائط ملونه وبالونات تحمل أحرف اسمها ، كان والدها يقف أمام الطاولة الخشبية الكبيرة، والتي اصطفّ عليها أشهى أنواع الطعام والعصائر،وقد احتلت كعكة كبيرة تحمل صورةً لها وسط الطاولة، وتم وضعُ واحدٌ وعشرون شمعةً بشكل مرتب على الكعكة، ض*بت جبينها بخفة وقد أغفلت أمر عيد ميلادها أساسا. تقدم عمار ناحيتها، ليضمّها إليه بحنوٍّ واضح وهي يهمس لها: ميلادا سعيداً حبيبتي. ابتسمت له بهدوء، فتابع وهو يكتم عبراته بصعوبة: اليوم اصبحَ عُمركِ واحدٌ وعشرون عاماً !! آه يا صغيرتي لقد كبرتي لتصبحي أميرةً حقيقية. احتضنت والدها وغرست رأسها في أحضانه، وهو كان متشبثاً بها كأنه يودعها، في تلك اللحظة تعالت صرخات فتيات غير مفهومةٍ من خلفها،التفتت لتجدَ صديقتيها العزيزتين، جينفير و أنجلينا تقفان خلفها، ابتعدت عن أحضان والدها لِتُلقي نفسها في أحضانهن، لقد كانت سعيدة برؤية صديقتيها الوحيدتين ،حيث عَلِمت منهما أن والدها ارسل طائرته الخاصة ليجلبهن من أمريكا حتى يحتفلوا بعيد ميلادها معها. قطّعت أميرة كعكة عيد ميلادها،لتقترح عليها أنجلينا بأن يذهبن للاحتفال وحدهن في إحدى الملاهي. عارض عمار الفكرة في البداية، لكنه عاد ووافق بعد إلحاحٍ عظيم من الفتيات، ليسمح لهن بالذهاب على مضض، شرط أن يصحبهن سائقه الخاص. - صعدت إلى غرفتها لتبدّل ملابسها ، تبعتها عليا لتخبرها أنها ستبات الليلة عند مدبرة القصر السيدة آمال في منزلها الخاصّ كونها تعيش وحدها ،استغربت أميرة الأمر بدايةً لكنها لم تهتمّ للغاية، نزلت بعد أن بدلت ملابسها ودلفت المكتب لتودّع والدها ،عانقها بقوة وكأنه يخشى فراقها، ثمّ اوصاها ألأ تتأخر في العودة، انطلقت الفتياتُ الثلاث من القصر، حيث كانت السّاعه تشير إلى الثامنة مساءً. تأخر الوقت دون أن تشعر الفتيات به، ليعُدنَ إلى القصر بعد منتصف الليل حيث كانت الساعة تشير إلى الثانية فجراً ، دخلنَ إلى القصر الذي كان هادئاً للغاية، توجهت مع صديقاتها إلى غرفتها ،لكنها تسّمرت فجأة وهي ترى باب غرفة والدها مفتوحاً، ظنت أنّ والدها مازال مستيقظاً وسيوبخها لتأخرها هكذا. ،اعتزمت أن تعتذر منه، اقتربت من الباب لتدفعه بيدها بخفه،قبل أن تُطلقَ صرخةً شقّت السّكون المحيط. ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، - عقد جواد حاجبيه متسائلاً بدهشة: أو قُتِلَ عمار؟؟ كيف و من الذي فعلها؟؟ تنفس براء بعمق مجيباً : لاتستعجل الأمور جواد، دعني أحكي لك قصتي وستفهم رويداً رويداً. ضغط جواد على شفتيه متفهماً، بينما تابع براء: في اليوم التالي للحفل،استفقتُ صباحاً ليتنامى إلى مسامعي خبر مقتل فهمي جابر بحادث سيارة، بعدما شرب جرعة زائدة من الم**رات، لم اقتنع أن الأمر انتحار،بل هي جريمة موصوفة، إلا أنني لم أملك الدليل الكافي، كلّفت من يراقب عمار ليقيني أنه سيخطئ يوما، حتى نمت في أحد الأيام، لأستفيق الساعة الثانية ونصف فجرا، ليخبرني أحدهم بمقتل عمار. تن*د بقوة وهو يفتح عيناه متأملاً السقف مردفاً: وهنا ،بدأت حكايتي. Flash Back. انقلب البيت فجأة رأسا على عقب، دخل براء القصر مع عددٍ من رجال الشرطة، وجد أميرة في صالة القصر وهي تبكي بحرقة من هول المنظر، تابع صعوده إلى الطابق الثاني حيث غرفة عمار، وجده جالساً على كرسي من خشب الزان المتين، كان أشبه ما يكون كرسيّاً لملكٍ من العصور الوسطى لفخامته. **تٌ رهيب عمّ الغرفة الفخمة، قطرات من الدماء انتشرت على الحائط خلفه، مشى براء بخفة وقد أشار لجميع المتواجدين خلفه بالانتظار، ضيٍقَ عينيه وهو يتفحّص كلّ إنشٍ في الغرفة، لا آثار مقاومة . اخرجَ من جيبه قفازاً طبياً، ليفتح أدراج الطاولة الصغيرة المتواجدة بالقرب من سريره الضخم، وجد عدة رزمٍ من المال، إذاً احتمال القتل بهدف السرقة غير موجود. توقف أمام الجثة على الكرسي ،لفت نظره مسدساً بكاتم صوت في يده اليمنى، عقد جبينه بتفكير ،الاحتمال الأقرب الآن أن تكون جريمة انتحار. أعطى أوامره للفريق المتواجد معه بالدخول للكشف عن أي ب**اتٍ تحت إشراف صديقه في القسم الجنائي( عادل )، ثم خرج هو لأخذ بعض الإجابات على أسئلته. بدأ مع الشاهد الأول على الجريمة، أميرة،وقف أمام مقعدها وهو بتكلم بحزم موجهاً حديثه إلى صديقاتها اللاتي يحاولن تهدأتها: هلّا سمحتم لي بطرح بعض الأسئلة عليها؟؟ نظرت كلا من جينفر وانجلينا إلى بعضهما باستغراب،فلم بفهما لغته العربيه، نفخ بسأمٍ وهو يعيد تكرار سؤاله باللغة الانكليزية، ابتعدتا كلتاهما عنها على مضض،جلس براء قبالتها ليسألها بجمود: هل تستطيعين إخباري بما حدث بالضبط؟؟ كانت أميرة ترتجف بشدّة وهي تطوّق جسدها بيديها، خرج صوتها متقطعاً مرتجفاً،ممزوجاً ببكائها دون أن تنظر إليه : لا أعلم، لقد كنتُ خارجاً، وعندما عُدتُ وجدته..... ثم أجهشت بالبكاء وهي تغطي وجهها بيديها، تأفف في نفسه لم يكن في مزاجٍ رائق لسماع نواح أحدهم ، فسألها ثانيةً بجمود : أين كنتي بالضبط ياآنسة؟؟ ومتى عُدتي ورأيتي والدك في هذه الحال؟؟ تقطعت أنفاسها وهي تحاول أن تجيبه بنهنهة بكائها: كنتُ ،، احتفل مع ،،،صديقاتي،،، بعيد ،،،ميلادي. استطاع أن يميز كلماتها هذه، فتسائل مجددا: متى عدتي إلى هنا؟؟؟ - اجابته باللغة الانجليزية: لا اعرف بالضبط ، تقريبا في الساعة الثانية. نظر إليها شزراً وهو يكزّ على أسنانه غيظاً: كلّميني باللغة العربية ياآنسة. مسحت عبراتها وهي تقول بغباء بالإنكليزية مجددا: أنا آسفة. طالعها بنظراتٍ حانقة، لكنه ضغط على شفتيه وأغمض عينيه ثم وفي بثقل، فتح عيناه مجددا يسألها: من كان في القصر في هذا الوقت؟؟ اجابته بص*رٍ مُتهدّج من آثر البكاء: الخدم والأمن. هزّ برأسه موافقا ،ليقف متجهاً نحو بقية الخدم، اخذ إفادتهم وهو يراقب أدنى حركة تص*ر عنهم، لم يكن هناك مجالٌ لتبرأة أحد، الكلُّ مشكوكٌ به حتى يثبت له الع**، أمر أحد رجاله بأن يُفرِغَ اشرطة كاميرات المراقبة والتحّفّظ عليها حتى يتمكن من مشاهدتها. اتّجه من جديد نحو ساحة الجريمة، حيث كان الطبيب الشرعي يضع جثمان الراحل في كيسٍ مخصص للجثث، فسأله بعملية: دكتور جميل هلّا أخبرتني عن انطباعك الأول لمشاهدتك الجثة؟؟ وقف جميل بعد إنهاء ماكان يفعل ،ليتلفت إلى براء قائلا باحترام: من ينظر إلى حالة الجُثة للوهلة الأولى سيعتقد أنها جريمة أنتحار، لكنني أكاد أجزم أنها جريمة واضحة. عقد براء حاجبيه متسائلا: ماذا تقصد دكتور جميل؟؟ هلّا أوضحت لي أكثر؟؟؟ هلا جميل قفازيه الطبيين، ثم أمر الشابين بقربه بحمل الجثة على الحامل الطبي المخصص، ليلتفت نحو براء متجدّثاً بإسهاب: سيدي، من الواضح لي أنه تمّ وضع المسدس في كف المتوفى بعد قتله وليس قبل أن يُقتل،ولكتني لن أستطيع الجزم بهذا قبل أن أقوم بتشريح الجثة. رفع براء رأسه وضيق عينيه بتفكير، ثم هز رأسه متفهما قبل أن يسأله: ماهي حالة الجثة وتوقيت الوفاة؟؟ - بمهنية وجدية عالية أجاب جميل: طلقة واحدة في منتصف الجبين، لا جروح دفاعيّة وكما أرى حالة الغرفة فلا آثار مقاومة. تعتدل في وقفته ليتابع : أما عن وقت الوفاة، فأنا أُرجّح أن تكون قد حصلت بين الساعة الثانية عشَر ليلاً والثانية صباحاً. اشار له موافقا ثم أردف: أشكرك دكتور جميل تستطيع الذهاب،وسأعرج عليكَ صباحاً لأخذ تقريرٍ مفصّل عن الجثة. أماء جميل بالإيجاب، ثمّ تحرّك براء من أمامه وقدْ قرّر وضع الجميع في خانة الاتّهام. وصل الى البهوّ السفلي حيث كانت أميرة تجلس مع صديقاتها، وقف قريباً منها ثمّ صدَح صوته أمراً: فليسمعني الجميع ،لن يتحرّك أحدكم من هنا، لن تستطيعوا السفر أو تغيير محلِّ إقامتكم دون إبلاغي بهذا شخصيّاً. ساد جوٌّ من الهرج والمرج في الصالة الكبيرة بين المتواجدين، أردف بصوتٍ عالٍ لمنعهم من الثرثرة: الجميع الآن محطّ اتهامي. ثمّ وجّه نظره إليها ،وهي ماتزال من**ةً رأسها وغاباتها الزيتونيٍة ماتزال تمطر عبراتٍ متألمة: الجميع مشكوكٌ فيه، حتى ابنته. رفعت رأسها فجأةً كمن لدغه عقرب سامّ، وجهت نظراتها إليه لتلتقي خضراوتيها الباكيتين بسوداوتيه الباردتين و. ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، يتبعْ. # أشلاء. # علي اليوسفي.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD