الفصل الخامس

3000 Words
وبعدين هو ماإتصلش عليا أنا ليه؟ فزعت عفاف من مكالمة والدها، ولكن لم تُشعِر أختها لكي لا تُرهبُها: -ماتشغليش دماغك بقى، وربنا يسترها، المهم خلي بالك من نفسك، ولما توصلي بالسلامة كلميني. عندما بلغت المكالمه نهايتها، جلست تتأمل هنا و هناك و فجأه وجدت صاحب المكان يحادثها: - انتي منين ياجميل، وعندك كم سنه؟ أجابته إيمان على أستفسارته كلها، و روت له حكايتها و بدأ يرصد لها قصته هو الآخر، و أخذهم الحديث و جاء وقت صلاة المغرب، همّ من مكانه ووضعه في أمانتها: انا رايح اصلي في المسجد، إنتي جوعتي أجيبلك أكل وانا راجع؟ تحيَّرت واضطربت وتتعتعت في كلامها: -انا ما أكلتش حاجه من صباح ربنا، بس مش جعانه ماتتعبش نفسك، كتر خيرك على أي حال إندهش و راقهها وسَرَّها، ومال إليها مبتسما: -ولايهمك انا كمان ماأكلتش، هجيب حاجه خفيفه كدا، حتى يبقى بينا عيش وملح، خلي بالك انتي بس من المحل لحد ماأرجع. إندهشت لخُلُقه وسجيَّته فهو لا يعرفها و مع ذلك إستأمنها على مكانه و ماله، ع** المقربين منها لايستأمنونها على شئ فتأملت في السماء وشعرت بدموعها على خديها مثل الفيضان و إستمرت تتحدث مع ربها و تدعوه: -يارب لو في سفري خير ليا فيسرلي أمري ولو في سفري شر ليا إبعتلي إشاره و انا هأفهم. قاطع شرودها رنين الهاتف، نظرت لترى من المتصل فوجدته طليقها جاد، بغتها وجاءها دون توقُّع، إستقبلت المكالمه، إستخبرها عن أُمورها المتغيَّرة الحسّيّةِ والمعنويه،فأجابته: - الحمد لله بخير، انا سيبتلك جني تعيش معاك عن طيب خاطر، علي كُلِّ حالٍ لَسْتُ مَسْؤُوله عَمَّا حَدَثَ، لازم تعرف إن أنت السبب في كل حاجه حصلتلي وبتحصلي وهتحصلي، الله يسهلك ويسامحك بقى. جعلته يدرك أنه إرتكب ذنباً ويعلم به، كان يريد أن يعطيها ما يقابل خسائرها: -ماتقلبيش في ال فات بقى، كل شي نصيب، ولو عايزه تشوفي بناتك في اي وقت، انا بيتي مفتوح ليكي دايما، متخافيش وما تشليش هم. أدركت بحاسة الأذن أن والدته بجواره فصيّرت معه في الحديث، هيجها ودفعها للبكاء، لم يَكُنْ إِبْكَاؤُهُا يُفِيدُ شَيْئًا، كانت تشعر بحزن يؤلم ص*رها حقا و جاء صاحب المكان من المسجد، رفعت يديها تمحي دموعها، نظرت مبتسمه إبتسامه يصطحبها قهر، جلس بجوارها على كرسي منفصل: -إتأخرت عليكي، انا جيبت لك عشاء خفيف كفته مع نص فرخة مشويه على الفحم، و سلطات مع العيش، أجيبلك حاجه ثانيه؟ ردت عليه خائبه: -تجيب حاجه ثانيه إيه؟ دا كتير أوى، ماكانش له أي لزوم، تعبتك معايا معلش. تعطلت عقارب الساعه بالنسبة له، وشعر بالحزن الذي يملأ عينيها: -لسه الدنيا بخير، مش مستاهله حزن ولا تعقيد، بقولك يلا ناكل الوقتي والأكل سخن، ولا مالكيش مزاج؟ نظرت له وكان ال إستياء باديا على وجهها: -و الله مفيش داعي لكل دا، بجد كتر الف خيرك، انت انسان كريم و شهم جدا. أخذهم الحديث ونظرت في هاتفها لترى كم الساعه، لاحظت أن الوقت المتبقي نصف ساعه فقط، بُغتت بما لم تكن تتوقعه، اتصال من والدها، فتعثرت في إستقبال المكالمه، راودها هاجس يحادثها أن تسمع والدها، ترى ماذا يقول لها، وضعت الهاتف على أذنها، سارع هو بالتحدث وكأنه أقرّه: -الو، انتي فين يابنتي من الصبح؟ أجابته وهي تتأمل في السماء مبتسمه ناجيه، تناست أن والدها معها على الهاتف، وكأنها تتحدث مع الله، لم تصدق أن هذه هي الإشاره التي بعثها الله لها قبل مغادرتها بدقائق لكي تمنعها من السفر، انتبهت على حالها: -أنا ماشيه وسيبهالكوا خالص، عشان ترتاحوا مني، مسافره أشتغل لإن جواز مش هتجوز أنا. ألح عليها والدها أن تتنحي عن قرارها، وأن ترجع إلى المنزل منعا للفضائح، خوفها وتوعدها أن لم يفعل شئ هي ليست راضية عنه: - لو كان موضوع العريس هو إل خلاكي تعملي كدا وتسبينا؟ عايزك تطمني، خلاص انا كلمتهم، وقولتلهم كل شئ قسمه ونصيب. فهي كانت مسْرورة، فرِحة تقبلت حديثه، أخذت نفس عميق وإطمئن قلبها: -أيوا دا سبب من الأسباب، لكن انا كرهت حياتي كلها لإن مفيش حد فيكوا بيحبني، كأني عدوتكوا، من يوم ما إطلقت وجيت اعيش معاكوا، ماشوفتش يوم حلو، علطول ضرب واهانه، انا إتخنقت وتعبت بجد حرام كفايه كدا، سيبوني في حالي بقى. إرتعب والدها أن تغلق الخط في وجهه، عجّل في الحديث: -يابنتي حرام عليكي ها تفضحينا وسط الناس، ماتسافريش إرجعي وهعمل ليكي إل إنتي عايزاه، إعتقدت صدق حديثه معها و أن هذه الإشاره من الله سبحانه و تعالي ان لا تسافر و رُدّت عن قرار السفر: -طيب يابابا هسمع كلامك ومش هسافر، هشوف العربيه ال عليها الدور ترجع البلد واركب فيها. إطمئن قلب والدها و إستراح: -ربنا يهد*كي يابنتي، ماتتأخريش بقى، احنا قاعدين مستنيينك أهو، وهاتابعك بالتليفون. أنهت محادثتها ونظرت لصاحب المكان، جُعلت فداه عن حديث والدها لها، انها أقلعت عن السفر ، طلبت منه أن تسترجع التذكره، وتأخذ ولو جزء من مالها، لكي تدفعه لسائق السياره المتجه لبلدها. إنشرح ص*ر صاحب المكان: -بجد طب الحمد لله، هاتي كدا انا اشوف هعرف ارجعها ولا لأ، لكن ماتقلقيش ال بيقطع التذاكر أصلا صاحبي و هيوافق ان شاء الله. سبحان الله كانت آخر سياره موجوده في الموقف، و في انتظار آخر راكب، ذهبت لكي تستقلها، صاحب المكان أتى معها لكي يحمل معها امتعتها، يودعها: -بصي الباص ال كنتي هتركبي فيه حالا هو ال بينزل الركاب دا لسه راجع من شرم و بيلف عشان يأخذ المسافرين يعني انتي لو كان ليكي نصيب، كان زمانك ركبتي فيه الوقت. أجابته إيمان هي تُهرول لتصعد السياره وكأنها نُفخت فيها الروح: -لو كان إتصال بابا تأخر ربع ساعه بس كان زماني ركبت الباص الوقت، لكن ربنا رايد ليا الخير أكيد الحمد لله على كل حال. وضع الحقائب على فوق السياره، و أعطاها العشاء الذي أخذه بثمنٍ: -توصلي بالسلامة ان شاء الله، محتاجه أي حاجه، خدي معاكي الأكل دا بقى، جاي من المطعم على إسمك إنتي، يبقى إنتي إل تاكليه. وجدت مكان شاغر جلست فيه، نظرت لصاحب المكان لتودعه: -الله يسلمك يارب ، متشكره جدا بجد على كل حاجه عملتها معايا النهارده. غادرت السيارة بشرود تفكر وهي تسير بطريق العودة إلى المنزل تحاول إيجاد وسيلة تُمكنها من إقناع زوجها السابق ليُعيد إليها ابنتها مرة أخرى، ولكن كيف ستتمكن من ذلك؟ أتخبره بأن والدها أتى للمدينة كي يُصلح ذات البين بينهما لتعود برفقته لمنزله! ولكن هل سيصدق حجتها تلك ويُعطيها ابنتها؟ عندما أوشكت على دخول الشارع إنقطع التيار الكهربائي ، تحدثت مع نفسها: -سبحان الله ربنا عمل كدا، عشان مفيش حد يشوفني و انا شايله كل الشنط دي. دَخَلَت إِلَى البَيت فِي سَاعَةٍ متأخِّرَة من اللّيْل، وعندما تجَاوَزت عتبَتَ محل السُكني والإقامه ووَلجت فِي جوِّه، وجدت والدتها في تَرَقُّبِها الانتِظار أَحرُّ مِنَ النارِ، جلست تبحث ليها وتدقق معها بإستهزاء بها: -دي عمله تعمليها فينا يا إبنتي، إحنا ناقصين فضايح ؟ ردّت عليها وأفادتها عما سألت: -سيبني في حالي بقي، أفعالكوا هي خليتني أعمل كدا، حتى لو كان دا غلط، فأنا مش ندمانه. إرتقوا من أسفل إلى أعلى بلغوا الْمَدْخَل لِوُلُوج البيْت، عندما رأي وعاين الحقائب في يديها، انبسط وجهُه وانف*جت شفتاه وأص*ر أصواتًا متقطّعة للتعبير عن سروره: -افتحوا لإيمان ياولاد رجعت من السعوديه، ياخرابي عليكي انتي جهزتي كل دا امتا؟ جلست بجوار والدتها، أباحت لهم مع حدث معها في موقف الباصات و أعطت مابيدها من طعام ليتناولوه، بعد انتهائهم من الطعام، نهض والدها من مكانه و اجري إتصال هاتفي ب أخيها على النت بسخريه وتهكُم: - إرقص ياحامد أختك إيمان رجعت من الحج هاهاها. عندما ردت عليه وأفادته عما سأل، إستهزأ بها: -انتي ماتعرفيش ان بلاد السياحه دي كلها شغل شمال، أول وآخر مره تخرج من البيت، وإحمدي ربنا إني مش عندك في مصر، كنت قتلتك بسبب عملتك السودا دي. درجت إيمان على قول الحق، وقفت ضده وقاومته: - بقولك ايه انت الثاني مش نقصاك ال عايزه تكون محترمه هتكون حتى لو وسط وحوش، و ال عايزه تكون شمال هتكون حتى لو مسجونه، فاالكلام دا ما لوش علاقه بالمكان ابدا. جاء والدها من خلفها، يدس يديه في جيبه: -التليفون ال معاكي دا هو المشكله، ماعنتيش هتشيلي تليفون تاني. وجدت نفسها راجفة من شدة الخوف، قد بَعَث قراره في نَفْسِها ثَوْرة عارِمَة جارِفَة مرة أخرى: -نعم! والله ماانت واخدُه، دا ال قولته ليا من شويه، مفيش حاجه هتتعمل غصب عنك! إنت مفكر لو خدته مني يبقى إنت كدا بتتحكم فيا؟ إل انت متعرفوش انا لو عايز اعمل حاجه هعملها، يعني التليفون مالوش علاقه و بعدين انتو رجعتوني البيت عشان تحاسبوني و تخنقوني؟ جلست مذعوره، لم يسألها عن أي ما حل بها، تركز تفكيره فقط في الزنا والفجور، عدّته قبيحا، تركته يتناول الحديث بسهوله مع والده، دخلت غرفتي و أقفلت عليها الباب، تحسرت على انها أطاعت كلام والدها و إرتدت عن حلمها و وَجَدَت نَفْسَها فِي ضَيَاعٍ مُوحَش بعد ما اتصلت بصديقتها، تألمت وشعرت بحزن وألم: -انا حصلي ظروف منعتني إني أركب الباص وأجيلكوا، معلش بقى إعتذريلي منهم، تعبتكوا معايا بدون فايده. ردّت عليها صديقتها: -إحنا كنا مستنيينك يابنتي و ظبطنا ليكي الأمور، ياخساره عموما كدا الفرصه ضاعت، و لو جات حاجه مناسبه تاني ها اكلمك لو حبيتي تيجي. تأثرت إيمان بحديثها وندمت وشعرت بالحزن يؤلم ص*رها: -جزاكي الله خير الجزاء ماتحرمش منك، انا هكلمك علطول، حتى لو مفيش شغل. و عادت ريمه لعادتها القديمه، إستيقظت وتنبهت من نومها الساعه السادسه صباحا، و اتصلت ب طليقها على الهاتف، روت ووصفت له ماكان يجول في خاطرها و هي بالطريق، بعد إنتهاء حديثها: -ممكن تبعتلي جني بعدما إستمع الي محدّثها: -خمس دقائق و انزلي خذيها مني و هي نايمه، لأن لو صحيت مش هترضي تجيلك. و هبطت للأسفل و انتظرته في مدخل البيت، و أثار بُكاؤها و مع ذلك هو اخرجها و أتى بها، و عطاها لوالدتها إياها و كانت تبكي كثيرا، و لاتريد الذهاب مع إيمان ف أخذتها و إندفعت في السير، أسرعت في الصعود، أخذتها رقدة في حضنها، أكنها غائبه عنها سنين و أقلعت عن البكاء، عندما إستيقظت من نومها قبل طفلتها، قالت لوالدتها: -ممكن تنزلي تشتري ل جني شيبسيات و بسكوتات عشان لما تصحى تلاقيها تفرح و تأكل منها و ماتقولش اروح لبابا تاني؟ فبغتت بأخيها الصغير بتناول من يدها المال مبتسما: -هاتي و انا ال هروح أشتري لها كل إل هي عايزاه. إنشرح ص*ر إيمان: -ربنا يهد*ك لينا يا أحمد يارب، وماعنتش تضرب جني تاني. عندما أتى ناولته من السناك التي إشتراها، ترقبت طفلتها تستيقظ من النوم، نَظَّمت وَنَسَّقت أَثَاثَ البيت تَنْسِيقاً بَديعاً، غسلت أواني المطبخ، أكلت فطارها بشهيه، مع فنجان شاي ، عندما إستيقظت أدركت والدتها بقُربها، معها سناك ليها إبتسمت، جعلتها تنسى أن تطلب الذهاب لوالدها وتترك ذكره، و اخذتها في حضنها، إستمرت في تقبيلها كثيرا، فتحت الأكياس و أكلت براحتها، في هذا اليوم أمطرتهم السُحب وابلا، كانت تعبتره خيرا كثيرا. مرت بعض الأيام، ذهبت إليها ابنتها بسمله، جلس بعضهم مع بعض، حَمْلَتها على الضحك، دست يديها في جيبها: -ماما اتفضلي، بابا قالي إدى الفلوس دي لأمك، مصروف الشهر بتاع أختي جني. إستولت إيمان على المال، حفظته في حقيبتها، حمدت الله على ف*جه: -ياه دول جم في وقتهم، دانا ماكنتش عارفه اجيب فلوس منين، عشان مصاريف أختك، لإن جدك مابيعطيهاش مصروف خالص. تذكرت أن والدها تحدث معها من قبل، أنه يوجد معاش للمطلقات من الحكومه، وقتها تهاونت بالموضوع، مع مرور الأيام زاد إحتياجها للمال، لم يعطيها والدها مصروف نهائي، إتصلت بزوج أختها مروه لكي تستفسر عن الموضوع دا لكي يكون لها راتب شهري تنفق منه على نفسها وعلى إبنتها: - تعرفي الوحده المحليه، هتلاقي جنبها مبنى الشئون، ادخلي هناك إسألي على أستاذ فلان، هو هيخلص لك كل الإجراءات، ويقولك هتعملي ايه بالظبط عشان تقبضي. في اليوم الثاني ذهبت على الفور، قدمت قسيمة الطلاق، شهادة ميلاد جني، طلبوا منها تثبيت طلبها، أيضا بعض الإجراءات و الإمضاءات من الإصلاح الزراعي و الجمعيه الزراعيه في بلدها و بلدان مجاوره، لكي يتأكدوا انه ليس لها أملاك مُسجله بإسمها، أنجزت كل ما طلبوه منها، نشدها المدير: -كدا أوراقك إستوفت كلها، أن شاء الله في أول الشهر تيجي تقبضي معاشك من البريد، هو مبلغ بسيط، لكن مع بداية السنه هيزيد بإذن الله. توجهت إلى بيتها، إصطبحت في جلسة والدتها، قائله: -خلاص كدا انا بقيت من الأعيان، هههههههه، من الشهر الجاي هقبض راتب ثابت، محدش فيكوا يطلب مني فلوس سلف، آه إل أوله شرط أخره نور، ههههههه، انا فرحانه أوى. إستبشرت والدتها، انف*جت شفتاها عن ثناياها: - ياريتك عملتي الموضوع دا من يوم ماجبتي، يلا إمتا تتجوزي بقى، لاتحتاجي معاش و لا تحتاجي غيره. جعلت والدها يعلم بالأمر، مرت أيام و شهور، إتخذت قرار أن تقدم لإبنتها في حضانه المدرسه، كانت تذهب معها يوميا، تعود بعد الظهر لتجلبها الي البيت، تجلس معها لتراجع ماأخذته في الحضانه، تكتب الواجب، مرات كانت تُهز أعصابها، ترفع يدها لإصابتها، كانت تحزن بعدها،يستقظ والدها لكي يذهب إلى المسجد ليصلي العصر، يرى إيمان تُصيب إبنتها: -انتي كدا مش بتعلميها انتي بتعقديها في عيشتها، التعليم عمره ماكان كدا، إهدي على البنت شويه. كانت جني تنظر لوالدتها، عينيها ممتلأين بالدموع قائله: -انتي ليه مش بتحبيني و بتضربيني جامد؟ أجابتها إيمان بفشل رجاءها، لم تنل مطلبها من طفلتها: -ليه ياحبيبتي بتقولي كدا، والله انا بحبك جدا، لكن عايزاكي تتعلمي وتبقى شطوره، غصب عني برفع إيدي عليكي معلش ياروحي ماتزعليش. كانت تزيل ما بينهما من شقاق، بشراء أي سناك لها لتأكله، اوقات كانت تقعد معها على التخت، أخذت لها مجموعة صور بآلة التصوير، حملتها على الضحك لكي تنسى الإهانه، كانت تمر عليهم بعض الأوقات السعيده، وأخرى تعيسه، عندما كانت تذهب عند والدها تكره الرجوع إلى والدتها، كان أحمد شقيق إيمان أيضا يضايقها من وقت لحين، أغلب إختلافها وتشاجرها مع والديها بسببه، لم يتحدث معه أحد عن إحترام شفيقتك الكبرى، او ان جني اختك الصغيره العب معها، أبدا، لم تشعر إبنتها بالحنان ولا الأمان في هذا البيت. في الآونه الأخيره مرت الأيام علي إيمان مرور الكرام، جاءت إلى منزلهم سيده عجوز، عرفوا منها انها تعمل خاطبه: -السلام عليكم، عرفت ان عندكوا ست قمر مطلقه، عريسها عندي، لكن ليا الحلاوة، ماتنسونيش. هنا بدأ منعطف جديد في حياتها المأساويه، بدأت الآفات تتضح، كان يذهب لرؤيتها بعض الرجال، كل رجل يذهب إليها عنده رواية غير الأخري، شُع على مصراعيه باب منزلها للعرسان، أتت لها باول عريس رجل يبلغ من العمر أربعة وستون، يريد الزواج، عنده ولد وبنت، يحصل على راتب مبلغ وقدره. كانت إيمان ترتقب أي طوق نجاه، يتقدم لخطبتها لكي تطمئن وتهدأ: - إيه رأيك في العريس دا يابابا؟ انا شايفه انه كويس. كان والدها نائم على ظهره أطبق جفنيه: -انتي إتهبلتي يا بنتي ولا إيه، طيب لعلمك بقى انا. مش موافق علىه، لانه كبير جدا دا أكبر مني في العمر يا ابنتي، عايزه تدفني نفسك بالحياه! انتي حره انا مليش دعوه عندك جدك قوليله، لكن ماترجعيش تشتكي. جلست إيمان بجواره محاولة إقناعه جاهدة: -طيب يابابا انا فاهمه وجهة نظرك، إيه رأيك أشوفه يمكن يطلع كويس، عايزه أخلص بقى، أبتدي حياه جديده،اهي جوازه وخلاص. عندما أعلم جَدٌها وأخبره الأمر وافق على الفور، هو لا يفكر في مسألة العمر، لانه كان يبلغ من العمر خمسة وثمانون ، تزوج بسيده تبلغ من العمر خمسة وأربعون، كان يعشقها، عندما طلبت منه الطلاق بكى، كان على إستعداد أن يتنازل عن أي شئ من أملاكه، في سبيل انها تقبل ان تعود إليه ، لكن هي فضّلت ان تبتعد عنه، لذلك كان متّفقٌ على هذه الزيجه. أجرى والدها مع الخاطب مكالمه هاتفيه، دعاه للحضور لكي يتناقش معه في ترتيبات الزواج. في اليوم التالي أتى هو وإبنته وحفيدته، جلس بعضهم مع بعض، رأته أصلع الشعر، ملابسه شيك جدا، رياضي، واضح من وقوفه وجلوسه، إيمان راق لها استايل ابنته، أحبت هاتفها المحمول كانت حاملته بيدها، عندما رأي العريس انجذابها للهاتف نظر لها مبتسما: -طالما عاجبك كدا، هقول لجوز بنتي يشتري لكي واحد أحلى منه كمان. الخاطب لم يتمالك نفسه بأنها قبلت بالزواج منه، لأنه كان يكبُر والدها في العمر، لكن هي نظرت له على أنها ستُطَوِقُ بطوق النجاه من ظلم والدها، قهر جدها. رأت إيمان أن إبنته هاي كلاس، إرتقبت انها ستعيش حياه كريمه معهم، وضعت إحتمال أن العريس سيعيش سنه أو سنتين بعدها ينتقل الي رحمة الله، تعيش ارمله في شقتها، لايوجد من يستبدها، عندما أدركوا جميعا بموافقتها، تحدث جَدُها مع العريس: -بما ان عندك أولاد صبيان، عندك بيت كامل شقتين، إحنا طلبنا الوحيد ان الشقه ال ها تتجوز فيها بنتنا تُكتب وتُسجل بإسمها، خد وقتك في التفكير بعدها رٌد عليا. إرتطم العريس من قرار جَدٌها: -انا عندي أولاد ماينفعش أكتب لمراتي و أسيب أولادي، دا حرام رسمي ومايرضيش ربنا. كان سمع جَدها بطئ، لم ينتبه لحديث العريس: -إحنا بس عايزين نؤمن حياة بنتنا، لإن الأعمار بيد الله و يمكن أولادك يغدروا بها بعد مماتك و دا شرطنا الوحيد. رثا العريس لإبنته تَحَيَّر وذَهَبَ عَقْلُهُ من وَلَهٍ: - ماشي يا حاج سيبني يومين أفكر، أستشير أولادي، وأرد عليكم أن شاء الله قُريب. إستأذن من الجميع، أخذ إبنته و حفيدته، إتجهوا في طريقهم لمنزلهم. بعدما ذهبوا نظر إليها والدها أصغي إليها وأحسن الإستماع، لاحظ القبول على وجهها: -ايه رأيك فيه يابابا بعد ماشوفته، لسه رافض برده؟ ضرب إحدى يديه بالأخرى علامة الدهشة: -يابنتي انتي مش شيفاه عامل إزاي! دا لو جاي لواحده من عمر امك، إستحاله توافق عليه، هو قال هيفكر و يرد علينا يمكن يرفض تسجيل الشقه بإسمك، تبقى جات منه عشان ارتاح، لإني مش قادر عليكي. في اليوم التالي إتصل العريس بهاتفها: - إزيك يا عروستنا، لو باباكي جنبك خليني اكلمه. سلّمت الهاتف لوالدها، مطولين في الحديث، سمعت والدها: -ماينفعش ياأستاذ إل بتقوله دا، يعني إيه نصف الشقه، عموما انا هاوصل للحج قرارك، هبقي أبلغك ردُه. بعدما أنهى حديثه معه عطي للإيمان الهاتف لتُكمل المكالمه،كل ما جاء في كلامه أنه سأل شيخ عن تقسيم التركه، كان رد الشيخ عليه أن قسمة العدل أن لأولاده الصبيان شقه، ابنته وزوجته شقه، هذا عدل الله، انه متمسك بها رآها الزوجه المناسبة له، لايريد موضوع تسجيل الشقه ان يكون عقبة، لإنهاء الموضوع: -انا مااعرفش في الحاجات دي والله، إل يقوله بابا و جَدي أنا هنفذه، لإن هم أدري لمصلحتي عني. تحدث والدها مع جَدُها، أوصله قرار العريس، تفاجأ انه موافق عليه من حيث المبدأ: -يلا علي بركة الله خلينا نخلص، نص الشقه، نص الشقه، محدش عارف مين هيموت قبل مين. إحمر وجه والدها تعصيبا، طأطأ رأسه: -طالما انتي و جدك موافقين عادي بقي انتو أحرار، لكن لو حصل مشكله، هتشوفي انا هعمل فيكي إيه. إتصلت إيمان بالعريس، تواطآو على أمر واحد لا خلاف فيه، أنهم سيلتقوا الجمعه في بيته، لترى عش الزوجيه بنفسها، إبتهج الرجل جدا، ذهبوا عندهم هي ووالديها و إبنتها، جلسوا بعضهم مع بعض، عندما رأي الطفله، اول جمله: - للعلم لما يحصل نصيب نتجوز، إعملي حسابك إني مش هبعدك عن بنتك، هتكون معاكي هنا، هأصمم ليها غرفه خاصه بيها، عايزك ماتقلقيش أبدا من الناحيه دي. تناقش مع والدها في هذا الموضوع و استغرقت المُحاورَه وقتا طويل، جلست إيمان مع والدتها وإبنتها يتناولون الحلوي والفاكهه، بعدما أنهوا حديثهم قال لنا العريس: - لما نتجوز ان شاء الله هنعيش في الشقه البحري، لكن هكتب للعروسه نصف الشقه القبلي. ترَوّي والدها في الموضوع: -خلينا طيب نشوف الشقه البحري ال هتعيش فيها بنتي. صعدوا ليشاهدو الشقة الأخرى تفاجأوا أنها اكثر إتساعا من الأخرى، فكَّر والدها في الموضوع ملِيّاً، نَظَرَ إِلَيْها مِنْ جَميعِ الأَوْجُهِ تَفْكيراً وَرَوِيَّةً، لكن عجّلت هي بالتحدث بدلا عنه: -الشقه دي عجبتني عن الشقة الأخري، لو شارييني وهتكتب؟ يبقى تكتب ليا نصف دي مش الثانيه. إنتفض من مكانه مبتسم إبتسامة جافه: -ما تستعجليش على رزقك، ماتتكلميش قصاد باباكي عشان مايبوظش الجوازه.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD