عندما كانت إيمان تستيقظ من نومها تقوم بجميع المهام في المنزل، تدخل المطبخ مع والدتها و تحاول ان تصادقها لكي تسير حياتها بسلاسه لحين تتزوج، لا تغادر من المنزل إلا للضروره، كانت ترتقب دائما أخبار جاد من بعيد، أحيانا كانت تتحدث معه في أول فتره ما بعد الطلاق
في يوم من الأيام اتصل بها جاد قائلا:
-انا بدور عن عروسه عشان اسيب البنات معاها لاني بسافر و أمي زي ما انتي عارفه مسافره السعوديه فأنا خايف اسيب البنات لوحدهم
أصابت إيمان صدمه ونزلت بها فجأة فأثَّرت في نفسها بعد طلاقها، أحسّت بالحزن يؤلم قلبها قائله:
-مستعجل أوى تجيب واحده تاخد مكاني! عموما ربنا يصلح حالك و تلاقي بنت الحلال ال تصونك و تكون حنينه على بناتي و نصيحتي ليك تأني في اختيارك ليها عشان تجيب بنت أصول تعامل بناتي بما يرضي الله قبل أن تكون مراتك.
فهم جاد حزنها من نبرة صوتها، أجابها أيضا َهو حزين قائلا:
-ماتقلقيش يا ام سحر انا مش صغير ادعيلي إنتي بس إن ربنا يقدم اللي فيه الخير ان شاء الله و ألاقي ست تعوضهم غيابك رغم ان مفيش إل تعوض غيابك عنهم أبدا بس هنعمل ايه نصيبنا كدا.
مرت الأيام و جاء إيمان خبر محزن انه تعرف على سيده اسمها عواطف من قريتهم نفسها مطلقه و عندها ولد، فعندما سألت عنها إيمان عرفت انها مطلقه من زوج أختها
خافت وفزعت إيمان من فكرة زواج جاد من هذه السيده و تأتي لتعذب أطفالها فسارعت بالإتصال على جاد قائله:
-ما تتجوزش الست ال اسمها عواطف دي لاني سمعت انها غشيمه و مش هتعامل مع البنات كريس و بعدين دي ما تنفعكش لاني سمعت عنها كلام مش كويس و الله اعلم بقى
فأجابها جاد بدهشه بعد أن خرج بالغداةِ لثواني:
-هي ازاي عرفت اني روحت للعروسه دي و كنت هاخطبها فعلا!
-ا سألت عنها و تأكدت انها ماتنفعش اصلا لأنها بتشتغل ممرضه و بتقعد نصف اليوم في المستشفى و انا عايز ال تهتم بالبنات، إنما انا تعرفت على غيرها من البلد و من البلاد ال جنبنا و لسه ما عجبنيش و لا واحده
فجأه بدّل جاد رقم هاتفه و لم تعرف إيمان ان تتواصل معه، فهمت انه لا يريد أن يتحدث معها مرة أخري و كانت تعلم اخباره من البنات، عندما كانوا يذهبون لزيارتها و عرفت منهم انه تقدم لخطبة سيده من قريه بجوارهم كانت متزوجه و عاقر لا تنجب الأطفال، هو تمسّك بها لهذا الأمر لانه لا يريد ان ينجب أطفال من أخرى و اكتفي ببناته، عرفت إيمان انها مطلقه من خمس سنوات، أعدّ جاد كل شئ من البدايه و أكنه عريس جديد و تسرع في كتب الكتاب و الزواج، في غصون شهرين كان متزوج بعد فراقه عن إيمان بِعِدّة أشهر.
في يوم زفافهم ووجود سيده أخرى مكان إيمان في منزلها كان بالنسبه لها مثل الذبح بسكين بارد، و كانت تريد أن تنشق الأرض و تبتلعها، فكانت تختنق من الداخل و أحسّت بنار تشتعل في قلبها فإرتدت عباءتها و أخذت طفلتها قائله:
-انا مخنوقه و مش قادره اقعد كدا و انا سامعه الزغاريط في شقتي انا هقوم البس و اروح عند أختي عفاف' ها أقعد عندها يومين
أجابتها والدتها والحزن يملأ عينيها قائله:
-هتهربي من إيه و لا من ايه؟ خلاص ماشي يا بنتي اعملي اللي يريحك بس لازم تعرفي ان جيرتهم دي دايمه جنبنا مش يومين و هيخلصوا
تركتها والدتها تذهب وتغادر المنزل، وافق أيضا والدها و عندما وصلت عند شقيقتها لم يكن بُكاؤها إلا ألما وحزناً، بكت بحزنٍ وصياح على قدرها و حظها السئ لأن منزل والدها بجوار منزل جاد، ستشاهد و ستسمع كل ما يدور في بيته فكان الموضوع شاقُُ جدا بالنسبه لها، أيضا الزوجه الثانيه هي من ستهتم ببناتها و سينسوا ويهملوا والدتهم بسبب ذلك، فكان حزنها ليس له حدود و كانت تتمنى الموت في هذه اللحظه.
في اليوم التالي إيمان تفاجأت بأحمد يتصل بيها فكانت قاصده ان تتواصل معه ليكون شخص في حياتها تنسي به الماضي، بالفعل كان يلهيها كثيرا طلب منها أن يقابلها فوصفت له عنوان المنزل، كان يذهب عند بيت شقيقتها لتهبط و تستقل معه السياره، ويدوروا في الشوارع و يعيدها مرة أخري عند شقيقتها و استمرت علاقتها به أيام.
في يوم من الايام تعرفت إيمان على سيده مطلقه إسمها نجلاء كانت تذهب معها الى مدرسة الخطوط في الماضي فكانوا يتبادلون الزيارات و صاروا أصدقاء يخرجوا معا ويجلسوا معا.
في يوم من الأيام نجلاء تعرفت على شخص أيضا وسردت لإيمان قصتها معه و فكرت أن تُكون معه علاقه و يخرجوا سويا قررت أن تذهب خارج البلد للسياحه، ذهبت إلى منزل إيمان لتأخذ رأيها في الموضوع لأن والدة نجلاء لن تسمح لها بالذهاب إلى أي مكان بدون إيمان قائله:
-ايه رأيك نخرج نتفسح و نروح حتى جمصه و نقضي يوم جميل مع الشباب، بدل ماإحنا قاعدين كدا أيامنا كلها شبه بعضها.
بإبتسامه في عيون دامعه فكرت إيمان أنها فرصه لتخرج مع أحمد ليقضوا بعض الوقت معا و تنسى ما مر عليها في الأيام الماضيه واتصلت به لتستشيره قائله:
-إيه رأيك يأحمد نروح جمصه ونقضي يوم حلو مع بعض.
أحسّ أحمد أنها تريد الإختلاء به في غرفه لحالهم و وافق على الفور قائلا:
-على فكره البلد دي جنب بلدي أكيد موافق و اوعدك اننا هنقضي يوم عمرك ما هتنسيه، بس انا مش هعرف أجي أخدك، عايزك تيجي مع صاحبتك في العربيه وانا هقابلك هناك
اتفقوا كلهم على يوم تكون إيمان فيه عند شقيقتها لكي تذهب من عندها بعدما تترك ابنتها عند والدها جاد لتقضي معه يومان، لم ينتبه لغيابها أحد من والديها
و ذهبوا في سياره حبيب صديقتها نجلاء و وصلوا جمصه في غصون ساعه و نصف، التقت إيمان بأحمد هناك و حجز لكل شخصين شقه منفرده عن الأخرى ليجلسوا براحتهم كل بنت مع حبيبها، وصعدوا ليبدلوا ملابسهم و يهبطوا الي الشاطئ
نظرت إيمان خلفها لتجد أحمد يصعد وراءها ليبدل ملابسه او في نيته أمر آخر، فكرت على الفور أن تمنعه من الصعود قائله:
-إنت رايح فين يا أحمد؟ انزل أقعد في العربيه لحد ما أغير لبسي و بعد ما أخلص و انزل. ساعتها ابقي إطلع إنت وغير لبسك لإنني بت**ف
أجابها أحمد بدهشه كان ذا عصبيه قائل:
- احنا جايين هنا عشان كل واحد يغير لبسه لوحده! عموما إعملي إل يريحك.
كانت إيمان تحتاج للحب الصادق و ليست العلاقه ال**بره ليوم فقط، لكن أحمد كانت أغراضه دنيئه و هي كانت على درايه بغايته منها، لكن كانت تظهر له انها بريئه و لا ترغب بفهم شئ، و ذهبوا الي الشاطئ إيمان و أحمد بمفردهم و لم يخطر ببالها أن تتصل بنجلاء لتعرف ماذا تفعل طوال اليوم
بعد صلاة العصر جاءها إتصال من نجلاء كان وقت الغذاء قائله:
-إحنا ف المطعم بنشتري غذاء نعمل حسابكوا معانا؟
أجابتها إيمان مُسرعه و بدون تفكير قائله:
-ماشي يا نوجا و الله انتي جايه في وقتك د انا هموت من الجوع إوصفيلي العنوان فين ب الظبط و نصف ساعه و ها نكون عندكوا
جلسوا مع بعضهم البعض على شاطئ البحر و تناولوا وجبة الغذاء، و قضوا يوم عادي جميل بالنسبه لإيمان على الأقل، قبل عودتهم بساعتين كان أحمد يريد أن يغفو لساعه لكي يعرف أن يقود السياره و هم متجهين إلى بلدهم فصعد السكن لينام، كان يشير لها بعينيه انه يريدها ان تصعد معه قاطعت إيمان حبل أفكاره قبل انا يتحدث هو قائله:
-أنا مش هاطلع معاك انا أصلا مش عايزه أنام و هأستناك في العربيه
الضمير صوت هادىء، يخبرك بأن أحداً ينظر اليك و يريدك بجواره، فكان وجه أحمد ينفجر من شدة الغضب قائلا لها:
-انتي ليه خايفه مني؟ احنا مش جايين عشان نقضي اليوم سوا مع بعض؟
أجابته إيمان و هي سعيده ومقتنعه بموقفها معه قائله:
-أنا مش خايفه لكن ماتعودتش اكون مع شاب غريب في مكان مقفول
صعد لينام لحاله وهبط بعد ساعه تقريبا ليعودوا ال البلد بعدما ذهب لشراء سندوتشات شاورمه، و كانت اول مره إيمان تأكل مثل هذا الأكل في حياتها و ذهبوا الي البلد وأحمد انزل إيمان في الطريق لتستقل مع صديقتها و تكمل معهم الطريق، و أحمد عاد الي بلده و ذهبت إيمان الي منزل شقيقتها فكان زوجها موجود في البيت، كانت عفاف مفهماه ان إيمان كانت مع صديقة لها و ليس معهم شباب.
عموما هو كان يوم عادي و أحمد ندم على أنه خرج مع إيمان لانه كان يعتقد انها ستصعد معه السكن معتقداً أن فسحته عباره عن تقضية وقت خاص ؛ لكن هذه ليست من أخلاق إيمان ان تفعل هذا الشئ، نيتها كانت ان تخرج و تشاهد البحر و تستنشق هواء البحر و تجلس على الشاطئ، و تستمتع فقط و تنسي مشاكلها لا يوجد أكثر من ذلك
لكن توقعت إيمان أن صديقتها نجلاء تكون مارست يومها في السكن مع حبيبها و لكن ليس لإيمان علاقه بأفعال أحد، و قضت الليله عند عفاف و أحمد لم يتصل بها ابدا في هذه الليله
في ثاني يوم إستيقطت إيمان من نومها وتناولت وجبة الفطار مع اختها و عادت الي المنزل، نادت إيمان على جارة لها إسمها هانم قائله:
-ممكن تخبطي على بيت جاد يهانم ، تقوليلهم يجيبولي جني
عندما ذهبت هانم لبيت جاد لتسترد البنت و تجلبها لإيمان فخرج لها جاد جاوبها قائلا:
-البنت بتعيط و رافضه تخرج سبيها لحد ما تنام و أنا هأشيلها و آوديها لأمها
عندما أتى إلى أمام منزل إيمان هبطت هي مهروله على السلم لكي تأخذ منه البنت فنظر لها نظرة غريبه قائلا:
-ماتضربيش البنت و تشتميها لأنها رافضه تجيلك فما تكرهيهاش فيكي
لم تُدرك إيمان ما يقال لها في الشارع أمام الجيران و الماره في الطريق، اخذت ابنتها منه و دخلت و نيمتها على السرير، و جاء على بالها انها تريد أن ترى زوجة جاد الجديده فكانت تصعد لشقة في الدور الرابع و تقف وراء الشيش لكي تراها و هي على سطح منزلها
عندما شاهدتها لاحظت أنها ليست جميله و لكن عاديه و بشرتها بيضاء، و طويلة عن إيمان بعض الشئ و جسمها حلو لأنها لم يسبق لها الإنجاب فليس لها بطن ظاهر؛ عرفت انها ستموت و ترى طليقة زوجها فكانت تستسرق النظر وراء النافذه لكي تسمع صوت إيمان لتخرج وتشاهدها وهي بتنشر الغسيل او ماشيه في الشارع.
امتنعت ابنة إيمان الكبيره سحر من زيارة والدتها تماما عندما تعرفت على زوجة ابيها و أحببتها، للأسف جلست مع زوجة والدها وسردت لها كل شئ سيئ عن والدتها و رسخت في عقل زوجة والدها ان والدتهم شخصيه فاسده و بتاع رجال و غيره من الأوصاف الغير لائقه.
جاءت ابنة إيمان الوسطى بسمله لزيارتها وأخبرتها بكل شئ قائله:
-البنت سحر يا ماما قاعده مع مرات أبويا و بتتكلم عنك بأشياء وحشه
تأثرت و غضبت إيمان من ابنتها جدا و لكن لم يفرق معها ان زوجة والدهم تعرف أو لا تعرف، فكل ال كان فارق معها ان ابنتها سحر لهذه الدرجة الكبيره تحقد علي والدتها، التي أنجبتها و سهرت على راحتها و عاملت زوجة والدها على أنها والدتها البديله، لتعطيها ملابس لكي ترتديها او ا**سوارات تتحلى بها و تضحك على عقلها و تستدرجها في الكلام لتعرف عن والدتها كل شئ!
لكن إيمان كانت تعرف إبنتها حق المعرفه بأنها سازجة للغايه كانت تدرس الفصل الخامس، لكن لم تفهم اي شئ في أمور الحياه، ومن يبتسم في وجهها يكنّ لها المحبه
لكن إيمان لم تشعر بأنها تحقد علي إبنتها سحر إطلاقا و رغم كل الكلام الذي سمعته ايمان عن ماقالته إبنتها في حقها، و مواقفها تجاهها فكانت تشتاق لأخذ ابنتها في حضنها و تُشبعها من حنانها فجاء في تفكيرها أن تبعث إبنتها بسمله لكي تنادي على سحر لتأتي و تجلس معها لبرهه من الوقت قائله:
- قومي يا حبيبتي نادي على اختك قوليلها ماما بتقولك تعالي إقعدي معها شويه عايزه تشوفك
عندما ذهبت بسمله لتخبر سحر بما قالته والدتها لها شاهدت أختها جالسه مع زوجة والدها فكانت تشعر انها قوية بوجودها بجوارها، لكي تثبت أنها على حق و ان والدتها سيئه فكان رد فعلها شنيع بكره و غل و حقد قائله:
-انا مش جايه و لا عايزه أشوف وش الست دي و قوليلها ما عادتش تبعتلي سلام و لا تنادي عليا.
أيضا زوجة والدهم كانت تتحكم في إرسال المصروف الشهري لابنة إيمان الصغرى جني او تمنع إرساله؛ وضعت إيمان في رأسها تماما حتى صادقت اخت زوجها ذينب لتنتزع منها الحديث عن كل حد في العيله و خصوصا عن إيمان.
إكتشفت إيمان أن الزوجة الثانيه تغار منها و تحقد عليها كثيرا، و من صفاتها أيضا الغدر و ليست بريئه رغم انهم كانوا يتحدثوا عنها أنها حاصله على كلية هندسه، وحافظه للقرآن الكريم و تقوم بفروض الصلاه طوال النهار و في الليل أيضا ؛ فكانت إيمان آخذه فكرة عنها أنها صالحة جدا و ستنشئ من أطفالها بنات محترمات تقيات، لكن للأسف حتى عندما كانت تذهب الطفله الصغيره لتجلس مع إخوتها فكانت تفعل لها أشياء كثيره مغريه لتجذبها إليها لتجعلها تتعلق بها و تكره والدتها.
في يوم من الأيام جلست إيمان في مكانها أمام مائدة دائرية صغيرة مع والدتها، تن*دت وهي تفرك يديها المتشنجه، تأمل أن تفهم حديثها معها في هذا اليوم المكتظ:
-أنا مش عارفه ياماما رغم اني بعمل معاكي كل شغل البيت مابرفضش ليكي انتي و بابا أي طلب انتو ليه بتعاملوني المعامله الوحشه دي و دايما بابا في الرايحه و الجايه يهيني و انا ماعنتش صغيره على الكلام دا قوليله والنبي يخف عليا شويه
فقد نظرت لها والدتها دقيقة بصمت مع تنهيدة قلبها و أغمضت عيناها تحاول تسكين تلك الوغزة التي تداعب جفنيها المنهكان، هبت فجأة رائحة مألوفة لدرجة الألم، حاولت ابتلاع ريقها، وكأن حلقها قد ضاق فجأة مهددًا بالاختناق، فتحت عيناها على مهل، وبحركة شبه ملحوظة بدأت برفع رأسها لتغمرها موجة هائلة من فيضان حنين:
-والله يابنتي انا مغلوبه على أمري يمكن انا معاملتي بقت وحشه من ال شوفته من جدك على مدار ٢٣ سنه عذاب فأكيد شربت من طبعهم و ال اعرفه ان ابوكي بيعاملك كدا عشان لما تتجوزي تاني ماتخربيش على نفسك وتعيشي و ماعنتيش تجيلنا مطلقه.
اغرورقت عيناها بالدموع و إيمان تومئ لها بتلك النظرة التي احتضنتها بلهفة سنوات زواجها و غيابها عن المنزل، و أغمضت عيناها تحتضن دفء اللحظة، ثم فتحتها بدموع فضحت ما تشعر به في قلبها لم تقدر ان تعبر عنه ولهفة روح لحنين والدتها و تستعطف قلبها:
-يعني انا ياماما أطلقت بمزاجي و لا كنت عايزه اخرب بيتي! على يدك رغم ان جاد طلقني كنت متمسكه ببيتي و بناتي و بابا هو ال معنى من احتفاظي بهم
فوالدتها التمعت عيناها وزفرت بتوجع، كأن جرعة الحنين كانت أكثر من احتمال قلبها العجوز.
-معلش يا بنتي حظك كدا و لقمة العيش ال ليكي هناك اتقطت وربنا يحسن نصيبك و يعوضك خير.
إيمان شقت عصيان شفتيها ابتسامة لوم وعتاب، هزت رأسها بابتسامة مماثلة، أذبلتها سنوات عجاف، احتدت تعابير ملامحها، وكأن الذكريات تجرفها للحظة الفراق، قرأتها ككتاب مفتوح، اهتزت أكتافها بعجز،هل تعتذر...هل تحتضن نفسها، هل ترفع يداها للسماء وتدعو لو تعود عقارب الزمان للوراء،هل تركع حتى يغفر لها الله إثمها الذي إقترفته في حق نفسها؛
بدأت الدموع تتلمس الطريق لوجنتيها، قطبت بتأثر، فن**ت رأسها باعتذار ثم رفعتها بابتسامة أمل:
- انا عمري ما توقعت إن يحصلي إل حصل دا و تدّمر حياتي كلها يلا كل واحد بياخد نصيبه إن شاء الله ربنا يقدم ال فيه الخير
استهلكها الصبر، فدفعت بجزعها للأمام وامتدت يداها على المائدة، رقصت بالفرحة عيناها، أسرعت بتناول الطعام قبل أن ترتدي والدتها قناع الجمود مرة أخرى:
-تسلم إيدك ياماما المحشي جامد تعرفي انا عملت كتير محشي قبل كدا و عمري ما عرفت اطبخه شبهك أبدا
عند انتهاء الغذاء قامت إيمان لتغسل الأطباق و دخلت غرفتها لتستريح واستيقظت الأنثى التي عربدت طويلًا في خدرها، تجعدت...وهنت، ولكنها ما تزال تملك القدرة على احتواء كيانها العاشق، التزمت شفتاها بشرط الصمت، وصرخت كل جوارحها مطالبة بحقها، أغمضت عيناها تعيش اللحظة بخيالها، تمنت لو شلّت أوصال الساعة، أو يخطفها الموت.
في يوم من الأيام كانت إيمان ذاهبه من أمام منزل جاد و تحاول ان تآخذ ابنتها جني، فوجدت زوجة والدها جالسه على مقعد من خشب بجوار المنزل، تلعثمت إيمان أن تتحدث معها، لكن كان لابد أن تأخذ طفلتها فأقدمت على الحديث معها قائله:
-معلش يا منى ممكن تجبيلي بنتي؟ لان ما ينفعش أدخل البيت
فأجابتها مني و هر ترتكز بنظرات عينيها بإتجاه مدخل المنزل قائله:
-انا ماليش دعوه لو بنتك عايزه تجيلك هتنزل لوحدها و تمشي معاكي و لو مش عايزه خلاص انا مقدرش أجبرها
فخجُلت إيمان و رُدّت خائبه و عادت الي منزلها،
ومن جانب آخر تواجه العديد من المشكلات التي يحصيها لها والدها بذنب أو بدون ذنب حتى باتت تشعر بأنه يتصيد أخطائها ويُمكر لها لتقع بالخطأ و يحاسبها.
مرت بها الأيام و تفاجأت إيمان بأول عريس يتقدم لخطبتها فقابلته و جلست معه و بدأ بالحديث عن نفسه، فكان مدرس و متزوج و عنده ولد و لكنه قعيد على كرسي متحرك و عنده بنت و يريد زوجه ثانيه لينجب ولد آخر يساعده في احتياجات المنزل و الزراعه.
لاحظت إيمان ان والدها سعيد بالعريس و موافق عليه باصرار، فخرجت عن صمتها قائله:
-انا مش هتجوز الراجل دا و استحاله اكون زوجة ثانيه لأحد و كمان عنده ولد و بنت ازاي عايزني ابقى ضره!
عند سماع والدها لقرارها أهانها و نزل ليتحدث مع جَدها عن رفضها للعريس و هو أيضا صعد لِيُكْمل عليها، كان ذا عصبيه.
-انتي دايما قراراتك غلط و كل ما نقول موافقين على حاجه تيجي انتي تقولي مش موافقه مش عارف احنا نتعامل معاكي ازاي
حَنَْت إيمان رأسها للأسفل بنظراتها اليائسه قائله:
-ياجدو دي حياتي و انا ال اقرر اتجوز ولا ماتجوزش، ولا عايزنّي اتجوز النهارده واجيلكوا بكرا غضبانه ولا مطلقه
تشاجروا معها و أخبروا الخاطب باعطائهم وقت للتفكير فتشدّدت منهم إيمان لأنهم لم يراعوا مشاعرها.
جلست ايمان تفكر في مصير حياتها وأشار إليها عقلها أن تبحث عن مهنه مناسبة لها ليكون لها راتب تنفق منه على حالها، فتعرفت على بعض الفتيات يعملوا في مجال السياحه.
فواظبت على الحديث معهم لفتره طويله و صاروا أصدقاء، طلبت منهم ان يبحثوا لها عن مهنه في نفس الفندق لأنها تريد الشغل بأي طريقه، وان تختفى من أمام والدها وجَدُهَا و من البلد عامة فتفاجأت عندما قالت لها واحده من صديقاتها:
-والله انتي بنت حلال الفندق عندنا في عجز في الموظفين استنى ابعتلك الوظايف الشاغره و إل يناسبك تعالي و إشتغلي فيها و لكن لازم تجهزي أوراقك علطول و تيجي.
برغم من سعادة إيمان بأنها ستحظي بماحلمت به و لكن كان بداخلها ألم لم تعرف سببه و جاء في تفكيرها أن تستفسر عن بعض الشروط قائله:
-انا خايفه المدير يطلب مني أخلع حجابي لأن لو كدا يبقى مش هعرف أشتغل معاكوا عشان عمري ماهخلع حجابي تحت أي ظرف.
تحدثوا معها الفتيات مكالمه فيديو كول جماعي بعد إنتهاء دوامهم محاولين انتزاع الخوف من داخلها بخصوص خلع الحجاب وانه ليست مشكله:
-متخافيش يابنتي اغلبنا هنا محجبين فما تقلقيش وجهزي شهادة التخرج و الفيش و التشبيه و٨ صور ليكي و شهادة ميلادك و صورة بطاقتك و لما تخلصي كلمينا نقولك على ميعاد رحلتك ال هتجيلنا فيه.
إطمأنت إيمان لحديثم معها و عزمت أن تبدأ في تحضير ما طُلب منها و سألتهم قائله:
-طيب يابنات الشغل سيستناني لحد ما أكمل أوراقي؟
نظروا البنات لبعضهم مبتسمين و أجابوها قائلين:
-لا طبعا يا إيمي الشغل ما مبيستناش حد انجزي كدا قدامك بالظبط عشر أيام عشان تجهزي أوراقك و تيجي.
تملَّك من إيمان الإضطراب والقلق.