الفصل الثاني

1653 Words
الفصل الثاني كان قد مر عامين بالفعل على الحادثة التي اطلق عليها الإعلام إسم "حادثة المطعم" وقد نسي الجميع احداثها وما نتج عنها واصبحت في غياهب الزمن داخل احدى المنازل المكونة من طابقين على الطراز الفيكتوري وقد تزينت حديقته بمختلف انواع الازهار ، دلف شاب من باب الحديقة وهو يسير دون ان يتأمل ما حوله من منظر خلاب لكنه انشغل في المراقبة لعله يجد أحد الاعداء المتربصين به قبل ان يدخل من باب المنزل الخشبي العملاق بهدوء وهو يتحرك في خطوات ساكنة خلف رئيس الخدم يوصله إلى مبتغاه، كان المنزل هادئ لا يوجد به الكثير من الحركة على الرغم من ان سكان هذا البيت مشاعرهم عاصفة فها هو السيد أيمن يجلس في غرفة مكتبه ينتظر وصول كابر وما ان رآه يدخل ابتسم في وجهه، قبل ان يقول مرحبا به : -اهلا بإبن أخي العزيز مرحبًا بك في منزلي. نظر له كابر ببعض الدهشة قبل ان يقرر أن يجاريه: -في أتم الصحة عمي العزيز والحمد لله. عقد السيد أيمن يديه أمامه وهو يسأله بتأني: -اذا ها قد مر عامين بالفعل أخبرني ما تنوي أن تفعله. حرك كابر كتفيه للاعلى بلا مبالاة قبل ان يقول ببساطة بعد ان تأكد من عدم وجود أحد الى جوارهم: -سأنتقم لوالدتي وأبي بالتأكيد. رفع السيد أيمن حاجبيه بصدمة قبل أن يقول ببعض الضيق: -وهل تظن ان محاربة المافيا الايطالية بهذه البساطة، لا تنسى انك من اصول عربية مسلمة وانك مجرد مغترب هنا. أشاح كابر برأسه ببعض العصبية لكن صوته خرج باردًا كالجليد: -أنا ميت منذ عامين لا تنسى ذلك أيضًا. أخذ السيد أيمن ينقر على الطاولة امامه ببعض التفكير قبل أن يقول بتقرير: -حسنا كابر سأعطيك الحماية والغطاء اللازمين حتى تُتِم انتقامك ولكن عدني انك ستكون حذر للغاية، ثم ابتسم ببشاشة وهو يسأله: -اذا اخبرني ما الذي تعلمته خلال العامين الماضيين. اجابه كابر وهو ينظر للسقف بتفكير: - لنرى اولًا بالتدرب على الطهو بكل أنواعه حتى أصبحت طاهي محترف ، كما انني تدربت على استخدام الأسلحة وأخذت دروس في الدفاع عن النفس حتى أصبحت قادرًا على حماية نفسي وغيري بعد ذلك. أماء السيد أيمن رأسه بإعجاب قبل ان يخبره للمرة الالف: -حسنا كابر ، انت ابن أخي المختفي ، وسبب هذا الاختفاء أن والدك هرب من بيتنا من أجل حبيبته ،وبعد مرور الزمن أتيت انت للمطالبة بورثك الشرعي، ، هل فهمت الان" نظر له كابر بتذمر: -نعم نعم ، لقد فهمت جيدًا فهذه هي المرة المئة بعد المليون التي استمع بها لهذا الحديث ، كما أنك اخبرتني بهذا من قبل كثيرًا ثم قام كابر من مجلسه: - والان هل يمكنني الرحيل يا عمي. هز السيد أيمن رأسه برفضٍ تام متحدثًا ببعض الاجبار: -انت ستبقى معي هنا حتى أعد لك مكانك الجديد. رفض كابر ان يبقى داخل المنزل ليتن*د السيد أيمن بقلة حيلة قبل أن تأتيه فكرة رائعة: -لماذا لا تبقى في منزل الضيوف بالخارج؟ وقبل ان يرفض كابر حدجه أيمن بنظرة محذرة ليوافق على الفور وهو يحرك كتفه مستسلما قبل ان يقول بإرهاق: -اذا سيد أيمن هل يمكنني الذهاب الان فأنا لم انم منذ يومين . حرك السيد أيمن رأسه بتفهم قبل ان يشير للخادم أن يوصله الى منزل الضيوف المتواجد بالخارج. توجه كابر بنعاس شديد ولم يكن لديه أدنى فكرة عن ما سيقا**ه هناك . ****************** فرك شبل يديه وهو يترجل من سيارته الصغيرة وقد شعر بالحماسة فلقد أتته فكرة جديدة لأحد الصلصات عندما كان مع اصدقائه فقرر ان يجربها على الفور ودون تقاعس وان كان طعمها يستحق ذلك سيقوم ببيعها لاحد المطاعم ذات السبعة نجوم ولما لا فطالما كان تخصصه الصلصة . دخل الى احد المتاجر وقد كان فارغ من الزبائن فلقد تجازوت الساعة الواحدة ليلًا أحضر سلة مشتريات وبدأ بأخذ ما يريده وهو يضعه داخل السلة، وما ان وصل الى خزينة الصرف حتى لمحها ، فتاةٌ اشعة الشمس في شعرها وزرقة البحر في عينيها مع بشرة بيضاء شاحبة، حمحم ما ان وقف امامها لترفع عينيها ببطء وهي تنظر الى اللا شيء، كانت شاردة تمامًا مما زاد العمق والغموض إلى زرقاويتها . تحدثت ليما برتابة: -الحساب سيكون (50) يورو. شعر شبل وكأن اصوات جرس في ليلة رأس السنة اخذت ترن داخل رأسه فسألها مرة أخرى كالمسحور: -عذرًا كم المبلغ آنستي؟ تنفست بضيق قبل أن تجيبه ببعض التوتر: -اخبرتك سيدي (50) يورو. حمحم شبل ثم اخرج من حافظته مئة يورو وهو يعطيها اياها وما ان اعطته الباقي منها حتى وضعها داخل صندوق الإكراميات ثم قرأ اسمها من بطاقة تعريف الموظفين ليبتسم بهدوء: -شكرًا لكِ آنسة ليما . لم تقم بالرد عليه حتى وتركته في اعصار مشاعره اتجاهها بينما كان هو بالنسبة لها مجرد شخص فكيف بعد ان صارت حياتها ميتة ان تلاحظ أحياء ركب شبل سيارته وهو منتشي كيف يمكن لملاكْ مثل ذلك أن يكون في الارض كان كل ما سمعه من صوتها هو نطقها للمبلغ المطلوب دفعه فقط، ولكنه شعر رغم برودة صوتها انه يخفي حزن عميق لا ينتهي. لم يستطع قيادة السيارة للحظات فكل تفكيره وتركيزه معها هي ، نظر صوب المحل لعله يمتع نظره برؤيتها مرة اخرى عندما صدمه ما رآه ************** انتفض كابر من فوق فراشه على صوت خطوات خافتة داخل المنزل، نظر الى ساعته بعجل كانت قد تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل، نهض من فوق فراشه وهو يتسحب ببطء مثل الفهد ، اخذ ينظر حوله على عجل في محاولة منه في الحصول على اي اداة تساعده في الدفاع عن نفسه حتى وجد اخيرًا عصا غليظة ، التقطها بخفة وهو يتجه لمص*ر الخطوات، وهناك امام الثلاجة وجد فتاة بجسد مثير ترتدي فستان يصل الى منتصف فخذها وقد فردت شعرها الغجري خلفها لتظهر مثل الحوريات، اقترب منها أكثر ليجدها تلتقط حقيبة مخبأة بمهارة خلف طاولة المطبخ ثم اخرجت ثوب اخر كان اطول مما ترتديه واكثر احتشام ما ان شعرت الفتاة بوجوده حتى انتفضت وهي تكتم شهقتها بينما سألها بدهشة بالغة: -من أنتِ بحق السماء؟ وماذا تظنين نفسكِ فاعلة هنا. تحدثت بصوت منخفض وهي تتشاجر معه: -هل تسألني من أنا؟ أليس من المفترض ان تجيب انت عن هذا السؤال؟ ما الذي تفعله هنا؟ من المؤكد انك لص. اقترب منها وقد رفع يديه بالعصا لأعلى قبل ان يسألها بعصبية: -أنا ضيف السيد أيمن، والان اجيبيني قبل ان اوسعكِ ض*بًا، وصدقًا لن يفرق معي سواء أكنتِ امرأة او رجل. رفعت يديها بطريقة دفاعية: -حسنًا توقف توقف انا اكون تيماء ابنة السيد أيمن. ثم غمغمت بصوت خافت: -ولابد انك الا**ق كابر ابن عمي ابتسم ابتسامة بدت مثل الوعيد او كأن احد ابواب الجحيم فتحت : -اخرجي اثبات شخصيتك صغيرتي قبل ان اض*بك. نظرت له بتعجب والى العصا التي مازالت مرفوعة قبل ان تخرج بطاقتها باستسلام وتريه اياها. انزل العصا وهو يشير لها ان تجلس الى احدى الارائك المتواجدة بالصالة ، استجابت لأمره وقد خارت قواها لتنخرط بعدها في نوبة بكاء حاد لينظر لها بدهشة وقلة حيلة: -لماذا تبكين الان؟ مسحت دموعها بسرعة وهي تجيبه بحدة: -ليس من شأنك يا هذا . نظر لملابسها القصيرة ببعض الاشمئزاز وان لم يكن يقصد، ثم نظر لشعرها ال**تنائي الغجري وقد تموجت اسلاكه الناعمة بخفة خلف ظهرها بينما عينيها البنية الشبيهة بالقهوة الفرنسيه تطالعه بفضول، ليسألها بحدة: -هل يعلم السيد أيمن انكِ تخرجين بملابس تشبه ملابس العاهرات؟ فغرت فاهها بدهشة واتسعت حدقتيها من وقاحته: -من التي تدعوها بع***ة ايها الا**ق البغيض. اقترب منها ببطء وهو ينظر في عينيها وقد تضاءلت المساحة بينهم فما كان منها الا الرجوع بظهرها للخلف حتى التصقت بظهر الاريكة ولكنه لم يتوقف حتى شعرت بأنفاسه تلفح وجهها وتحرقه ، أغمضت عينيها ودموعها تناسب أكثر على شفتيها المرتعشة ، حاولت استجماع قوتها بتجنب النظر اليه حتى استطاعت اخيرًا ابعاده بقبضتها بكل ما اوتيت من قوة ليستجيب لها ويبتعد قبل ان يقول بغلظة: -يمكنكِ تغيير ثيابكِ والرحيل بعدها، فمن الواضح انكِ فتاة اعتادت على التسلل ليلًا للتسكع في الملاهي الليلية. ************************* في هذه الاثناء لاحظ شبل وجود حركة مريبة داخل المتجر ليترجل من سيارته الصغيرة وهو يتجه بحذر الى داخله مرة اخرى، عندما لاحظ اصوات غاضبة تخرج من شابين يقفان امام خزينة الصرف بينما (ليما) تنظر لهم بدون اي ادنى فعل، اقترب اكثر ليظهر له الاسلحة التي يمسكها كلًا من الشابين فأحدهم يحمل سكين والاخر سلاح ناري صرخ الرجل السمين منهم بليما بغضب شديد وهو يرفع السلاح الناري امام وجهها: -توقفي عن التصرف هكذا والا فجرت رأسكِ حاول شريكه الطويل ان يهدأ من روعه: -توقف فاتي لو اطلقت النيران ستفشل السرقة وسنصبح بخبر كان. رد فاتي بعصبية شديدة: -ما هو خطبك تولي ألا ترى انها تتعمد اضاعة الوقت، لربما اتصلت بالشرطة بالفعل وسيتم القبض علينا في اي لحظة. اقترب تولي من ليما وهو يضع السكين حول رقبتها وضغط عليه بقوة حتى انه ادماها: -اخرجي النقود يافتاة فقط افتحي الخزينة وقبل أن يكمل تهديده كان شبل بالفعل قد اخرج الصاعق الكهربائي واطلقه على فاتي ليرتجف بقوة قبل ان يسقط أرضًا كان كل ما يحتاجه شبل هو لحظات وفرصة من السماء ليستطع تخليص ليما من براثن الرجل فلقد كانت السكين فوق رقبتها وأي حركة خاطئة ستؤدي ببساطة الى موتها او النزيف حتى الموت، كل ما يحتاجه فقط هو ابعاد السكين بضعة سنتيمترات، وبالفعل كل ما تمناه حدث فما ان سقط فاتي حتى ارتخت يد تولي قليلًا ليسرع شبل وينقض على السكين من الناحية الغير مشحوذة وهو يقبض عليها بقوة واستطاع بعد القليل من العناء والكثير من القوة انتزاعها من يده وهو يلقيها بعيدًا قبل ان يعالجه بض*بة تجبره ان ينحني مبتعدًا عن ليما ليض*به بكلتا قبضتيه المضمومة على رقبته ليسقط فاقد الوعي . استغل شبل الفرصة ليضغط زر الانذار بالسرقة ثم اتجه ناحية ليما، كانت قد جلست ارضا وهي تضم ركبتيها بيدها وتتأرجح للامام والخلف بسرعة كبيرة بينما جسدها يتصبب عرق بارد وقد تحجرت دموعها اقترب منها شبل وهو يحتضنها بقوة ويربت على كتفيها يخبرها ان كل شيء سيكون على ما يرام . لم يكن لديه ادنى فكرة لما فعلها ولكنه شعر بأن ذلك هو الصواب وانها ستستكين بين ذراعيه وقد كان بالفعل فبدأت تهدأ قبل ان تسقط فاقدة للوعي . ******************* تقلب كابر فوق فراشه بضيق شديد وقد تأججت النيران بدواخله ، مشاعر متناقضة اجتاحته عندما نظر الى تيماء ببشرتها الحنطية وملامحها التي تجمع بين الاثارة والبراءة، اطلق سيل من السباب عندما تذكر فستانها القصير وعندما لاحظ ان كل تفكيره منصب عليها بدأ احساسه بتأنيب الضمير يتزايد بداخله، وحتى ان اعجبته تيماء سيقتل هذا الاعجاب قبل ان يتحول لشيء اسوأ فهو قد كرس حياته للانتقام لا شيء غيره. في هذه الاثناء كانت تيماء تجري اتصال هاتفي ولكن مرت عدة لحظات قبل ان تدرك انه من المستحيل الوصول الى من تحاول الاتصال به لتقرر بعدها ان تترك رسالة صوتية: -أين أنتِ جوري احتاجكِ وبشدة.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD