الفصل التاسع

2025 Words
اما زلت تبكين ؟ جمان ؟؟" ذراع ثائر ادارتها نحوه فاخفضت رأسها سريعا لتخفي وجهها عنه تحت ستار شعرها المنسدل " انا اراهم قلبي .. ارى دموعك .. وهي تقتلني .. تذ*حني وانا اعرف ان البكاء من حقك .. واني لا استطيع منعك عنه " يده قبضت على يدها بمواساة وعطف والاخرى اخذ يمررها على كتفها وساعدها هامسا لها بكلمات رقيقة ليخفف عنها ولدقائق كان كل شيء حولهما يمر دون ان يلاحظ اي منهما ما يجري .. وبعدها صوت قوي ملئ الجو من حولهم .. انه قصف قريب .. ارتجت له ارجاء المنزل بينما قام ثائر بخفض جسد جمان بسرعة وبعدها ادخلها الى غرفة المعيشة مجددا لتبقى مع باقي العائلة " انا علي الخروج لمعرفة ما يجري .. ربما يحتاج احد للمساعدة " ردد ثائر " ساخرج معك .. روان ابقي مع والدتي هنا .. ساوصلك لاحقا " صرخت جمان بانفعال وسرعة وهي تتعلق بساعد ثائر تحاول منعه من الخروج " لاااااا .. لااااا .. لا تذهب ... ارجوك .. " " حبيبتي علي ذلك .. ابقي هنا انت " " لن تغادر ... ثائر .. لااا .. لن تغادر .. اسمعت .. ابقى هنا .. ارجوك .. حبيبي ارجوك ابقى معي " قلب جمان كان يض*ب بعنف هي لن تسمح له بالمغادرة .. هي لن تخسره ايضا .. ا****ة على كل شيء بدأت بالبكاء دموعها تجاوز مقلتيها .. هي ابدا لم تكن من النوع الذي يبكي لاي شيء .. لكن الان مجرد فكرة او اي حدث يدفعها للبكاء .. " كفى جمان .. انت تعلمين انه علينا الذهاب ربما يحتاج احدا للمساعدة .. كفي عن البكاء بالله عليك " صوت عامر اخترق اذنيها يحاول تهدئتها " لن يذهب .. لا تذهب ثائر اتوسل اليك .. ان ذهبتما فلن اكلمكما ابدا .. يكفي ما خسرته للان .. يكفي اتسمع " احاط ثائر وجهها بكفيه وجعلها تنظر له وعيناه تبرقان بحنان ودفئ " قلبي .. لن يحصل شيء .. ثقي بي ها ... انت تعلمين .. علينا مساعدة الاخرين .. اهدئي الان .. واعدك لن اتاخر " نظرت له جمان بحزن.. تعمقت بتفاصيله الحبيبة وجرت دمعة على طول خدها لتصل الى كفه " اذهب ثائر .. وعندها ستخسرني .. ان رحلت الان .. ان خرجت .. انا لن اكلمك مجددا .. لقد اكتفيت .. اتسمع ؟. لقد اكتفيت من الالم .. ان خرجت .. ستخسرني اعدك " اخذ انفاسه بصعوبة رأت حنجرته ترتفع ثم زفر عميقا ونظر اليها بجدية وكانه يحادث طفل ويهادنه " علي الذهاب جمان .. هيا اوقفي هذا .. حياة الناس ليست لعبتنا " " وحياتك ليست لعبة ايضا .. غادر .. وعندها سنلعب حقا ثائر .. لقد سئمت .. اين كان حس المساعدة عندما كنت احتاجك ؟ اين كان عندما حفرت الارض بيدي وانا ابحث عن جسدها .. اين كنتم .. لذا لا تكلمني كطفلة .. اتسمع؟ " شهق الجميع من حولها بينما اخذت جمان تصرخ باخر عباراتها " غادر .. غادر وستخسرني ثائر " " اذا انت تلوميني .. لد*ك كل الحق .. فانا لم اكن هناك .. لكن ساكون حيث يحتاجني اي احد .. فهذا ما وعدت به تيم قبل موته .. وهذا ما سافعله حتى اموت .. اسمعتي ؟. " تسلل الخوف الى كل اطرافها مكتسحا اعماقها .. وانتشر البرد باطرافها فارتجفت بقوة وابعدت جسدها عنه ثم اولته ظهرها بينما صدى بكائها يتعالى بنحيب قاس ... انه لا يفهم .. ولن يفهم .. كيف يفهم ان خسارته تعني النهاية ... ان الم فراقه هو ايضا يعني النهاية .. لما لا يمكنه ان يشعر بمدى خوفها .. اعليها ان تخسر مجددا ؟. وليس اي احد .. بل اخر شيء مهم في هذه الحياة .. ان كانت تسمى حياة .. ثائر يعاقبها دون ان يدري .. يعاقبها بضعفها ويدوس على قلبها بعناده .. وهي.. هي لم تعد تحتمل .. لقد اكتفت .. صوت انغلاق الباب جعلها تنتفض .. لقد رحل .. لقد خذلها هو ايضا .. هو ايضا رحل وتركها وحيدة .. الكاذب الذي وعدها بعدم تركها ابدا .. ها هو ذا يخذلها مثل الجميع ... في صباح اليوم التالي جمان لم تكن تعرف طعما للنوم والراحة .. والليلة كانت الاسوء .. الخوف تسلل ليحتلها كاملة وجنون الفقد كاد يودي بها ليلا .. وبمجرد طلوع الضوء قررت ماذا ستفعل " الى اين جمان اجننتي .. لقد وعدتي ثائر وخالي بالبقاء عندنا .. الى اين تذهبين؟ " لم ترد جمان كل ما كان يتررد في رأسها هي كلمة واحدة... لقد اكتفت ... دخلت عمتها لغرفة النوم ورأتها تجمع اغراضها فاخذت ترجوها ان تبقى وتغير رأيها لكن جمان لطالما كانت عنيدة تفعل ما تريده " ان عاد اخبريه باني لم اعد احتاجه .. اخبريه بانه خذلني هو ايضا ... باني توسلته وخذلني .. وارجوك ... اخبريه ان يبقى بعيدا عني .. فانا لم اعد احتاج احدا بعد اليوم " *** منزل جمان جمان كانت تجلس على طاولة المطبخ .. تضع صحن وحيدا من الزيتون الذي صنعته امها من شجرة الزيتون في حديقة المنزل لم يكن هناك خبز او اي شيء اخر في المنزل لياكل ومع هذا شعرت جمان بالشبع بمجرد رؤية تلك الحبات المتلئلئة بالزيت... لطالما كانت تعشق طعام امها .. والان هي لا تفعل شيء سوى النظر الى الصحن وتجرع مرارة الفقد " متعبة امي .. بفراقك انا متعبة .. ارأيتي لقد اخبرتك انه سيرحل ويتركني هو ايضا .. " انتحبت بمرارة وحزن .. توسد رأسها الطاولة وجرت الدموع مبللةً وجهها لتسقط على الطاولة دون رادع " اتعلمين ... تمنيت الموت البارحة .. تمنيته حقا ماما .. شعرت بانقسام في قلبي .. هنا عميقا .. لما لم يفهمني ماما .. لم لم يحاول فهمي .. ايظن ان الانانية ما منعني .. انه الخوف ؟.. انا .. بت جبانة جدا .. انا خائفة للموت ماما .. اين انت .. ليتك كنت بجانبي فانا احتاجك بشدة ... ما .. ماما " صوت الطرقات على باب المنزل لم تحرك فيها ساكن .. هي لم تكن تقوى على الحراك حتى.. جسدها م**ر وقلبها ينزف ولا تريد رؤية احد .. فليتركها الجميع وشانها .. انها تريد فقط لحظات من السلام لتبكي مصابها وتستجمع اخر رمق لها للعيش " جماااااااان .. جماااان .. اعلم انك هنا .. افتحي .. جمااااان " صوت الطرقات مع صوت ثائر الغاضب تداخل في راسها محدثا ضجيج عالي يكاد يودي بها للجنون فوضعت يديها على اذنيها تحجب الاصوات .. انها فقط تريد الراحة .. اهذا كثير .. " اقسم جمان ان لم تفتحي ساخلع الباب .. اسمعتي .. افتحي .. ساجن من تصرفاتك .. فلتكفي عن التصرف بطيش .. انا خائف عليك .. افتحي لاطمئن فقط ... يا الله .. جماااااان " وقفت بصعوبة ثم اتجهت نحو المدخل وقامت بالاستناد للحائط المجاور انها تشعر بالدوار والبرد .. انها تحتاج للراحة وبعض الدفئ الذي لا تجده ابدا ... تنفست بعمق ثم فتحت باب المنزل له واخذ كل منهما ينظر للاخر .. ثائر بغضب .. وجمان بجمود لم تعهده في نفسها من قبل .. " نعم ؟.. ها قد علمت انني ما زلت حية .. غادر الان " " اهذا كل ما لد*ك لتقوليه .. ماذا تفعلين لوحدك هنا ها ؟ .. ام هو مجرد عناد ... اين عقلك جمان .. يا الله .. ساصاب مؤكد بذ*حة ص*رية من افعالك ... لما غادرتي منزل عمتي ؟ " كان صوته حاد وكانت لاول مرة تجد ثائر فاقد لاعصابه لهذة الدرجة .. غاضب والشرر يتطاير من عينيه نحوها .. وكانه على وشك خنقها حية .. لكن هي كانت تشعر بالخواء .. لا شيء عاد يؤذيها او يحرك داخلها .. انها مجرد رماد .. روح منزوعة المشاعر .. جسد خاوي " انتهيت ؟ .. جوابي الوحيد .. لا شان لك بي .. اتذكر لقد انهينا كل شيء البارحة ... غادر " واشاحت وجهها عنه .. تبتلع ل**بها بصعوبة وجسدها يؤلمها .. انها تحتاج للنوم لسنة متواصلة علها ترتاح " احضري اغراضك ستعودين معي " رفعت حاجبيها بسخرية ثم نظرت اليه تحدثه بلؤم " انت لست ولي امري .. ولا اخي .. ومؤكد لست ولن تكون مسؤول عني بعد الان .. غادر ثائر .. ارحل كجبان كما فعلت البارحة .. ارحل واتركني اتالم من خوفي عليك .. غادر ودعني اتسائل في اي لحظة ساخسرك ايضا ايها الجاحد الاناني .. اكرهك .. انا اكرهك .. " اقترب منها بسرعة يحاول احتضانها ومواساتها فانتفضت بعيدا عنه "اياك ان تلمسني .. اظننت اني كنت الهو البارحة؟ اخبرتك ان رحلت .. فستخسرني .. اياك والاقتراب مني مجددا .. انا لم اعد احتمل كل هذا .. اردت الموت البارحة .. اردت بكل جزء مني الموت .. لقد وعدتني انك لن تتركني وحيدة ... لقد وعدتني لكن .. انت كاذب .. كاذب .. والان غادر مجددا .. انا لم اعد احتاجك .. انا ايقنت حقا اني لم اعد احتاج احدا .. ولقد فهمت اني وحيدة .. وعلي تقبل ذلك ... لذا اذهب ... اذهب ارجوك .. ارجوك .. فانا متعبة .. انا اختنق واريد ان ارتاح .. ارجوك " عباراتها الاخيرة كانت منخفضة متوسلة ويائسة .. تحمل عذاب الايام السابقة .. تظهر ضعفا لطالما خبئته جمان من قبل بداخلها واختزنته لنفسها .. مما جعل ثائر يخفض من دفاعاته .. ويتكلم بهدوء معها " حسنا سارحل الان .. ساتركك لترتاحي .. سامر مساءً .. لكن ارجوكي لا تبقي هنا وحدك .. سارسل احدا للبقاء بجانبك..موافقة ؟ " هزت جمان رأسها موافقة .. ثم ابتعدت بجسدها الى اخر المدخل .. عيناها تودعانه وتتوسلانه عدم الرحيل .. تخبرانه ب**ت .. باحتياجها له .. بشوقها المميت للراحة بين ذراعيه بخوفها الابدي عليه ... لكن ان لم يكن يدرك كل هذا .. فكيف بامكانها قوله له .. " حسنا .. اممم .. اتريدين اي شيء لاجلبه لك ..؟ " اخفضت عيناها عنه وكل شيء يصرخ حولها اخبريه .. قولي له بانك تريدين بقائه .. بانه اخر امل لك .. وانك بدونه لا شيء .. اخبريه بانك تحتاجينه كما تحتاجين الهواء .. وانك وحيدة .. بدونه .. انت وحيدة فعلا " لا شكرا لك " " اممم .... وداعا .. اراك لاحقا .. " اغلق ثائر الباب خلفه ورحل .. لقد رحل مجددا .. هو لم يستمع لتوسل قلبها وعينيها .. هو لم يسمع رجائها الصامت .. هو رحل .. هو .... انخفضت قدميها اسفلها وعادت عيناها تذرف دموعها .. تلك الدموع اللعينة التي لا تتوقف .. ولا تنضب .. تعالى بكائها وهي تهمس بضعف ورجاء " عد .. عد ثائر .. لما انت ا**ق هكذا .. عد ايها الا**ه .. انا احتاجك .. انا احتاجك معي .. لما لا يمكنك ان توفي بوعودك ؟ لما علي الصراخ بك لتفهم كم احتاجك .. لما لا يمكنك البقاء معي فقط .. لما ..لما ؟ " .......... ثلاثة اسابيع مرت وهي تعيش حياة رتيبة مع عمتها في المنزل وترفض الذهاب للمركز الطبي .. اوقفت محاولات الجميع لحثها على الخروج من قوقعتها الصامتة .. تتصرف كروبوت تتكلم نادرا والوحيد الذي تبدو افضل معه هو ابن هند الصغير .. داخليا كانت تحترق .. الاف الكوابيس تاتيها ليلا لتستيقظ باكية وتحتضنها ابنة عمتها ريم التي تنام معها بنفس الغرفة.. بكل يوم كانت تنتحب ليلا كانت تفتقد ثائر جدا .. هي لم تراه منذ ذاك اليوم .. ولقد اشتاقت روحها بجنون لمجرد عناق يعيد الامان والهدوء الى قلبها المثقل بالالام والحزن ... " جمان انا سأذهب اليوم لرؤية هند اتريدين الذهاب معي ؟ " "لا ..اريد البقاء مع والدتك عامر يريدني .. بلغي سلامي لهند وقبلي المشاغب بدل عني " كان الجو يسكنه الهدوء .. الهدوء الذي يسبق العاصفة ... منذ مدة طويلة لم يكن هناك هذا ال**ت .. **ت مليئ بالترقب والانتظار .. جمان وعامر ووالدته كانوا مجتمعين في غرفة الضيوف عامر كان يصر على جمان لتعود الى المركز الطبي بينما كان عمتها تنهره وتطلب منه الاهتمام باموره .. جمان كانت صامتة تلف برأسها يمينا وشمالا بين كل منهما تنتظر ان يهدئ احدهما " امي .. المركز يحتاجها .. هناك عشرات الناس بحاجة للمساعدة .. وهي طبيبة فلتكف عن حدادها الصامت وتخرج لتجد شيء يساعدها على الاستمرار " " جمان بحاجة للراحة .. انها ما زالت ضعيفة جسديا .. فليجدو احد آخر " " عمتي .. عامر محق .. انا بحاجة للذهاب والاستمرار .. كما ان عدد الاطباء محدود وهم بحاجة لمساعدة مستمرة .. اظن ان علي الذهاب فقد مر اكثر من شهر على غيابي .. انا بحاجة للاستمرار كما قال عامر " تن*د عامر براحة ثم فاجئها بسؤاله " وثائر .. متى ستحلين الامر معه ؟ .. الا تظنين ان تلقى عقاب كاف ؟ .. جمان انه في قلق مستمر عليك وانت ترفضين رؤيته كما انه يسأل عنك دون توقف .. حلا مشاكلكما فانتما حبيبين والا وجد فتاة غيرك يا بلهاء .. الا تسمعين بتزايد عدد النساء الان مقابلنا نحن الرجال؟ " ابعدت جمان نظرها عنه ونظرت باتجاه النافذة ثم وقفت واختصرت كلامها بجملة واحدة " انا لم اعد اصلح للحب .. فليجد اخرى "
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD