الفصل الثامن

2613 Words
منزل العم الكبير ايام العزاء كان العزاء مختصر على من استطاع المجيء وعائلة جمان .. في هذه الايام كان تختصر العزاء والافراح وكل شيء.. فبمجرد سماع القصف كانت الناس تعود لبيوتها خوفا وهلعا ... عائلة والدتها اختصر مجيئها على خال واحد .. بسبب الحصار الخانق للبلدة والاحوال المتردية على الطرقات فعائلتها تعيش بعيدا عن دمشق .. جمان لم تكن تعي شيء هي فقط كان تجلس مسمرة بين عمتها وزوجة خالها .. لا تنطق .. لا تحيد بنظراتها عن الارض .. ومساء كان ثائر يعيدها لمنزله هو وعامر .. لتستلقي بجمود دون نوم او حتى اغفائة .. تزايد قلق ثائر عليها .. كان يحادثها باستمرار بينما تهز رأسها دون استعاب لاي حرف منه طوال الايام الثلاثة جمان كان بين الوعي والا وعي .. جسدها مرتخ بفعل المهدئات لكن عقلها يعمل ويعمل دون توقف.. ذكريات تغمر فكرها المتعب تجعلها تغرق عميقا في ماض اصبحت ذكرياته تؤلم رغم انها ذكريات سعيدة لعائلتها الحبيبة.. كيف يمكن لذكريات مليئة بالضحك والفرح ان تؤلم لهذه الدرجة .. ان تذ*حنا ببطئ بدل ان تحينا .. ؟. هي الان تشعر بالضعف .. بانها عاجزة .. بانها على هامش الحياة .. وانها لم تعد تملك ادنى سبب لتقاتل وتطلب العيش .. هي حقا لم تعد تهتم للعيش الان .. هي فقط تريد لحظات من النسيان .. فقط نسيان للحظات يريح قلبها وروحها.. لكن النسيان اناني جدا .. لطالما كان انانيا وانتقائي .. هو فقط يختار الاشياء التي لا نريد نسيانها .. يختار ما يريده هو فقط ويترك لنا اشد الذكريات ألماً رافضا محوها او تجاوزها... " كيف حالك اليوم ؟ " صوت عمها اخترق مسامعها بينما يجلس بجانبها على الاريكة في غرفة المعيشة " لا اعلم .. صدقا عمي .. انا لا اعلم ... اريد ان اعود لمنزلي .. لا يمكنني البقاء هنا للابد " " ابنتي .. نحن في ظروف صعبة وانت تعلمين انه من الافضل بقائك هنا معنا .. يمكن ان نجهز لكِ غرفة الضيوف وتبقي هنا ما رأيك ؟ " اجابت بصوت رقيق بالكاد يسمع بينما ترفع خصل شعرها بعيدا عن وجهها الشاحب " لا عمي .. انت تعلم انه لا يمكن ان اعيش هنا معكم .. فلو كان هنالك فتاة في المنزل لاختلف الامر .. لكن هناك ثائر .. وانت تعلم ان هذا لا يجوز ... ساعود الى منزل والدي .. وابقى هناك " تن*د عمها بعمق ثم اقترح بصوت رخيم " ما رأيك ان تعيشي عند عمك ؟.. ان ابنه يوسف لا يسكن معهم .. فهو منذ تجوز استقر بمنزل خاص به .. وليس هناك سوى سحر وندى ... يمكن ان اكلمه اليوم لتبقي معهم " هزت جمان رأسها برفض .. الامر كله لا يمكنها تحمله .. فكيف بالعيش مع زوجة عمها التي تبغضها .. ستُحيل حياتها لجحيم .. هي ما تزال تذكر عندما اضطرت للبقاء عندهم من قبل مع والدتها .. وكيف عاملتهم تلك المرأة .. بحقد وبغض انها تفضل البقاء وحدها على ان تعود للعيش هناك .. مستحيل " اسفة عمي .. تعرف جيدا ان العلاقة بيني وبين زوجة عمي لا يمكن ان تكون جيدة .. انا اريد العودة لمنزلي " صوت ثائر جاء من جهة باب الغرفة " مستحيل .. لن تعيشي لوحدك هناك .. ان كان ولا بد .. ساذهب انا للبقاء مع احد اصدقائي .. وانت ستبقين مع عمك هنا .. لن اسمح لك بالعيش وحيدة هناك .. ان الوضع سيء جدا وربما تصابي بأذى " رفعت رأسها اليه وببرود جليدي ردت عليه " وهل نَفع امي وجود تيم معها ؟.. لا .. ان كنت ساموت .. فافضل الموت في منزلي .. ثم من قال باني اخذ رأيك انا اكلم عمي لا انت " دخل ثائر ووقف مقابل لها.. عيناه تناظرانها بغضب .. لكنها لم تتاثر .. هي لم تعد ابدا تتاثر باي شيء .. هي فقط تتنفس وهذا لوحده يماثل جهداً عظيما " هذا هراء جمان .. لن تغادري الا على جثتي .. انا وانت نعلم .. ان عيش فتاة بمفردها ليس شيء جيد او مألوف حتى .. ستبقين هنا .. وانا سأنتقل .. هذا افضل حل حاليا " " اتظن ان انتقلت انت سيتغير شيء ؟. الناس لن تلوك بسيرتي ... الناس ستتعامى عن هذا .. انا لا ينقصني .. لا ينقصني .. اتسمع .. ساعود اليوم لمنزلي .. ولتفعل ما تشاء " كانت النار تستعر بينهما .. جمان ببرودها الحديث الذي يستفذ اعتى الرجال .. وثائر بغضبه الغير مألوف .. وكأن احدهما يتحين الفرصة للانتقاض على الاخر .. ثائر كره برودها .. وجمان لم تكترث لاي شيء فهي لم تعد تهتم .. هي فقط تبلدت حتى اصبحت مشاعرها كالقطب الشمالي .. اليس هذا ما يفعله الموت .. يشعرنا بتفاهة كل شيء .. بتفاهة الحياة وما فيها ؟ " توقفي عن اختبار صبري ... انت وحيدة الان .. وحيدة .. ويجب ان نحميكي " رنت الكلمة في اعماقها جاعلة جسدها يرتجف .. جاعلة كل شيء حولها .. بلون اسود خانق ... وحيدة .. انها وحيدة .. هي .. هي فعلا .. لم يعد لديها احد ... انفاسها اخذت تؤلمها .. انها لم تفكر لمرة بنفسها منذ الحادث هي لم تختزن هذه الفكرة .. الوحدة .. هذا صحيح .. هي خسرت الجميع .. ليس خسارة واحد .. بل هي خسرت كل شيء.. يا الله كم تبدو الكلمة صحيحة .. انها .. انها وحيدة .. الدموع كانت تغمر وجه جمان ليتحول برودها وجمودها لشهقات من الالم .. اخذت تحيط جسدها بذراعيها بقوة .. تريد ان تشعر ببعض الدفئ .. فالبرد يغمرها ولا يغادرها .. انها لا تشعر باي دفئ .. رغم حرارة الجو الصيفي .. ازدادت شهقاتها باقتراب ثائر وركوعه اسفل قدميها واحاطتها بذراعيه .. لكن هي لاول مرة لم تكن تشعر به ولا بدفئه .. هي كانت فقط تشعر بكم اصبحت وحيدة .. كلمة تتردد بدون توقف في مسامعها " كفى حبيبتي .. كم انا غ*ي .. اعتذر .. اعتذر .. ارجوك توقفي عن البكاء .. جمان بحق الله كفى .. انت لست وحدك انا هنا معك .. وابدا لن اتخلى عنك قلبي .. انا معك .. " رفع راسها المنخفض يمسح دموعها وينظر في عينيها المليئة ببحور من الدموع " انظري الي .. انظري في عيناي حبيبتي .. انا هنا معك .. هااا ..اتسمعينني .. انا هنا .. ولن اتركك ابدا " اخذ ارتجافها يخف ودموعها تنحسر تدريجيا .. ثم دفنت وجهها في ص*ره .. وبدأ الدفئ يتسرب اليها .. انها تشعر اخيرا منذ الحادثة هي تشعر .. تشعر بدفئ ثائر .. تشعر ببعض السلام الداخلي .... صباح اليوم التالي اطلت جمان تكلم عمها " عمي .. انا مضطرة للذهاب الى المنزل لجلب بعض الحاجيات لي .. لن اتاخر .. " كانت تقف بمدخل المطبخ حيث يعمل عمها على غلي القهوة التي بات الحصول عليها في هذه الايام نادرا .. فالوضع المعيشي في ترد مستمر .. " ولكن ثائر قال انه سيذهب عند عودته لجلب كل ما تحتاجيه طفلتي .. " نظرت جمان اليه بوجه لا يغادره الحزن .. ويحفر الالم خطوطه الخاصة عليه .. عينان خاويتان بدون بريق وبشرة شاحبة .. وفم لم يعد الابتسام يزوره " لن يعرف كل ما احتاجه عمي .. انا لن اتاخر ارجوك .. علي تفقد المنزل وجلب بعض الاشياء .. ثم اظن اني سأكلم عمتي لابقى معهم .. ثائر لا ينام هنا منذ اربع ايام .. عليه ان يعود للبقاء معك .. وانا سأتدبر نفسي .. " تن*د عمها ثم اقترب واحتضنها بين ذراعيه " هذا منزلك جمان ... وثائر شاب قوي يجيد تدبر امره ... انت لا تقلقي .. اما ان كان البقاء معي مملا .. فذلك شيء اخر" " لا .. لا .. لكن عمي انا بحاجة لمساحة خاصة بي .. ولن استطيع ان ارتاح الا في منزلي .. اعلم انكم تعارضون ذلك بشدة .. ولهذا ساطلب من عمتي ان تاتي هي وابنتها للبقاء معي .. ما رأيك؟ " توسلته بعينيها فاجابها " حسنا اذا كانت اختي ام عامر ستبقى معك فاظن لا مانع عندها " " اااه .. شكرا عمي .. ساذهب الان لتفقد المنزل وسأزور عمتي اظن انها لن ترفض بقائها معي " غادرت منزل عمها واتجهت الى منزلها بقلب راجف وخطوات ثقيلة ... ورغم اصوات الحرب التي لا تهدأ كانت تشعر ب**ت يحيطها ك**ت القبور ... انها خاوية من الداخل .. الا يقولون اننا عندما نتجاوز الصدمة نركن الى حجب كل ما يحرك مشاعرنا .. فندفن كل احساس في اعماق اعماقنا .. ونغلف قلوبنا بجليد لكي يتوقف عن الشعور مخافة ان ينبض الم من جديد ... ؟؟ كان المنزل بحالة جيدة نسبيا .. اذا ما تناسينا الزجاج المتناثر في كل مكان .. وجدار غرفة اخويها الذي تعرضت لقصف سابقا .. ومطبخ المنزل ذو الحالة البائسة والحاجة للتنظيف الشديد .. لساعات شغلت جمان نفسها بالتنظيف .. وكانه سينسيها اي شيء .. تتعامل مع كل شيء بهوس حقيقي .. وكان الامر عادي .. تفرغ كل طاقاتها في انحاء المنزل واخيرا وصلت لغرفة والديها فارتجفت شوقا وحزنا .. تسمع اصوات تناغم والديها بأذنيها وكانهما ما زالا هنا.. دخلت اليها واخذت تتامل بعيناها تلك الصورة للعائلة السعيدة المعلقة على الحائط فوق السرير صورة قديمة كانت لها في السادسة عشرة بجدائل بنية وابتسامة شقية تظهر عمق غمازتها بينما تجلس في حضن والدها كطفلة في الخامسة .. وامها تجاور والدها على اريكة غرفة الجلوس بينما رامي وتيم يقفان خلف الاريكة ويحتضنان والدتهما من الخلف ويشع الفرح من عيون الجميع شيئا فشيئا الرؤية تشوشت في عيناها وغمرت الدموع جفنيها تهمس بانتحاب هامس " خائنون .. لما رحلتم بدوني .. بابا .. لما رحلتم بدوني .. اكان صعبا جدا ان تجدو لي مكان معكم .. انا افتقدكم بشدة .. انا اتالم بابا .. انا احترق ماما .. احترق من الداخل .. وقلبي يتمزق .. انا كنت اريد ان اودعكم .. انتم حتى لم تودعوني .. لم تحضني ابي .. لم تغمرني وتخبرني اني ساكون بخير ... وانت ماما .. انت لم تقبليني قبل رحيلك .. لم تقولي لي انك ستتركيني وحيدة .. انا وحيدة ماما .. وحيدة .. وحيدة .. لما تركتوني .. لما ...؟؟ " لم تعد قدماها بقادرتان على الوقوف .. توسدت الارض واخذت الدموع تجري مسرعة على صفحة وجهها المتغضن حزنا وقهرا .. اسندت رأسها وظهرها للسرير من خلفها .. واخذت تشهق بقوة .. بكائها تعالى في الغرفة مرا قاهرا ومؤلم .. كانت تشعر وكان ص*رها قد شق واستخرج قلبها قصرا .. احتضنت جسدها بذراعيها تحاول منح نفسها بعض الامان .. ولكن كيف تمنح الامان لنفسها وقد غادر من كان يعني الحنان والامان لها .. ............. شعرت بذراعين حولها تحتضنها وتبعث داخلها بعد الطمأنينة وصوت مخفض يخترق مسامعها بنبرة مشروخة بالعاطفة.. ثم ارتفع جسدها بفعل تلك الذراعين تشعر بنفسها تطفو بعيدا عن الارض فرفت بجفنيها الناعسين " حبيبتي .. الم تكتفي من البكاء هااا ... ثم ماذا تفعلين على الارض ؟ .. اتريدين الاصابة بألم في بطنك ؟ .. تعالي الي .. تعالي " انه ثائر .. حبيبها ثائر .. امانها ثائر .. " ثائر!! " ظهر صوتها بهمس ضعيف جدا " يبدو اني غفوت .. ماذا تفعل هنا ؟ " اجلسها على سرير والديها ثم ركع اسفله لينظر في عمق عينيها ويده تمسح بقايا دموعها " لقد تاخرتي .. واخف*ني حد الجنون ايتها الشقية .. ماذا تفعلين هنا لهذا الوقت ؟ .. ظننت انك في منزل عمتي ، ذهبت لهناك اولا .. فاخبروني انك لست معهم .. جمان انها السادسة والنصف قلبي .. انت هنا منذ الصباح ماذا تفعلين وحدك هااا ؟ .. " خفضت رأسها وتنفست ببكاء مسموع " لقد اشتقت لهم ثائر .. افتقد ماما .. انا اشتقت لحضنها .. وانا لا اشم رائحتهم في مكان سوى هنا .. " ازداد نحيبها قوة واحرفها تخرج بصعوبة " لما رحلو جميعهم .. الم يكن بامكانهم اخذي معهم .. انا .. انا .. وحيدة ثائر .. اكاد اموت من هذا الشعور .. هنا في قلبي .. في داخلي .. لا يوجد سوى الفراغ .. " ارتفع ثائر وغمرها بذراعيه بينما ما زال يركع على قدميه وعيناه ادمعتا على صغيرته الحبيبة .. جمان تبدو محطمة منهارة وهو لا يعلم كيف يواسيها سوى بزرعها هناك في ص*ره عل الالم ينتقل اليه ويغادرها " حبيبتي .. انها مشيئة الله .. ثم من قال انك وحيدة .. انا معك .. انا هنا ولن اتركك ابدا .. دموعك تقتلني لكني اعلم انها طريقتك للشفاء .. لن امنعك من البكاء .. لكن اتوسل اليك .. لا تغيبي عن عيناي .. لا تستسلمي للالم .. دعينا نحارب معا فان انت استسلمتي.. لا يمكن لاحد ان ينتشلك .. حتى قوة حبي .. لن تنتشلك وهذا سيحطمني .. " نحيب جمان اخذ يتزايد وهي تفرغ كل الالامها في حضن ثائر .. كيف ستنجو .. كيف ستعيش ؟ هي فقط تشعر بانها على هامش الموت ... فلا هي حية ترزق .. ولا ميتة ومدفونة بجانب احبائها *** منزل عمة جمان مساء ً اجتمعت عائلة عمتها معا في غرفة المعيشة على ضوء الشموع لان الكهرباء مقطوعة منذ الصباح.. كانت جمان تجاور عامر وخطيبته روان .. بينما ابنتي عمتها يتبادلان الحديث على الاريكة المجاورة عمتها توسدت الارض مع زوجها في الجهة المقابلة ويدور حديث منخفض بينهما كعاشقين حديثي الحب " ارأيتي الم اخبرك ان هنالك شيء بينهما ؟ هل تظنين ان ابي يغازلها سرا ؟ " لطمت روان عامر بيدها على ساعده " تهذب عامر " تبسمت جمان بابتسامة لم تصل لعينيها ثم نظرت نحو طفل ابنة عمتها الكبيرة هند ذو الملامح الرقيقة المحببة بعينان زرقاوان وشعر اشقر .. ابن الثلاثة اعوام كان يشبه عامر عندما كان طفلا وشقي مثله لا يكف عن الحركة والدوران.. رأته يتجه نحوها وبطريقته اللطيفة اخذ يحادثها " جوجو .. انت ستبقين هنا .. عند جدي .. هل يمكن ان ابقى معك .. انا احبك .. وعندما اكبر سأتزوجك ... ونسكن عند جدتي وجدي .. امممم .. موافقة؟ " بصوت منخفض اجابته " نعم موافقة .. " قفز ضاحكا ثم ارتمى عليها يقبلها بقوة على خدها ويحتضن بذاراعيه الصغيرين عنقها شعرت بالدموع تلامس رموشها فحاولت بقوة منعها من النزول فاخذت نفس عميق وحولت عيناها عن عيني عمتها التي كانت تراقبها بحزن ... " جوجو .. انا احبك .. انت جميلة جدا .. " " وانا احبك حبيبي " " ما رأيك ان تترك جوجو وشأنها عمر وتاتي لهنا قبل ان اصاب بالجنون اليوم واقوم باقتلاع اذنيك ... انه لا يكف عن الحركة ولا ينام .. لا اعرف من يشبه هذا الولد " صوت هند كان يصدح في الغرفة وبنهاية كلامها طالعت عامر وكأنها تعنيه بكلماتها " لا بأس هند .. اتركيه بجانبي " " اسمعتي هي تريدني .. ثم هي زوجتي انا " صوت الضحك تعالى بين الجميع عند جملته الاخيرة حتى جمان ضحكت لبرائته ولخروج احرفه بطريقة مميزة وكأنه يتحدى والدته ويده موضوعة على خصره ... " مساء الخير " انه صوت ثائر .. رفعت جمان رأسها فورا ورأته يدخل مع زوج هند ابنه عمتها كان يبدو متعبا ومرهق هي تعرف جيدا انه لا ينام مثلها فقد مر اسبوع على وفاة والدتها واخيها وما زال ثائر يراقبها ويرافقها كظلها وهي تتمنى ان يرتاح اليوم بما انها ستقضي بقية ايامها في منزل عمتها كما اتفقا سابقا بعد جدال طويل " من هي زوجتك عمورة " زوج هند تسائل بفضول " جوجو .. جوجو .. هي زوجتي " وركض لوالده ليخطتفه بين ذراعيه ويرفعه عاليا ثم يحمله ويقبله " اختيار موفق " وتعالت ضحكاته بينما نظر ثائر لجمان يخاطب عمر لكنه لا يفارق عينيها بنظراته " ومن قال ان جمان لك ... جمان زوجتي انا ... " " غير صحيح .. انت وجوجو لا تعيشان معا مثل بابا وماما ... انا سأتزوج جوجو .. اليس كذلك بابا؟ " اقترب ثائر وجلس بجانب جمان ثم رفع يده ليضعها وراء ظهرها مما جعل ض*بات قلب جمان تصبح كض*بات الطبول بقوتها واقتربت للامام لتستند يد ثائر على ظهر الاريكة بدل ظهرها هامسة بضعف " ثائر .. ابتعد .. اجننت؟ " " هذه الفتاة لي .. لقد انتظرتها طوال حياتي .. ابحث عن غيرها .. وانت خذ ابنك بعيدا عن حبيبتي " شهقت جمان ونظرت باتجاهه " توقف.. كفى .. انت مجنون " اقترب اكثر باتجاهها بينما اخذت تبعد جسدها عنه هامسا " انت لي ... لي وحدي .. احبك " وقفت بسرعة وعبرت الغرفة باتجاه عمتها ثم جلست بجانبها ع الارض بينما ثائر يراقبها ويبتسم لها.. انه مجنون ..مؤكد هو مجنون .. رغم معرفة الجميع بانه يحبها ويريدها زوجة الا ان قول هذا علنا يشعرها بالحرج جدا وكم تشعر الان بالخوف .. التمعت ذكرى مماثلة في رأسها كانت بحضور والدتها واخيها تيم مما جعل الدموع تترك منبعها باتجاه خديها فاخفت وجهها بعيدا ثم اعتذرت وغادرت الغرفة للخارج بسرعة لكي لا ينتبه احد لبكائها
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD