الفصل الثاني

1766 Words
وقف فارس متكئا على سور حافة المركب يطالع اللون الازرق الذي احاطهم سواء من سماء صافية او محيط بالكاد تتحرك مياهه مثيرا الشجن في نفسه فكل شيء يتغير حاله من حال الى حال الا هو يقف ثابت امام الزمن لا يتغير ولا يتحرك لا يشعر ولا يهتم، حاول ان يشغل تفكيره في اتفاقه مع قائد القراصنة مانديلا فلقد وافق الاخير على ان يقود الحملة للحصول على الزهرة الملقبة بقرن التنين، ثم ابتسم فارس بخفة من اسم القائد فلم يكن اول شخص يتعامل معه يحمل هذا الاسم فعلي حسب ما يتذكر في عام 1918 تعرف على نيلسون مانديلا القائد والمناضل ليبتسم بخفة غريب هذا الزمن الذي يجعل نفس الاسم ولكن مع اختلاف الشخصيات والطباع ازداد ضيقه عندما وجد ان عقله يصر على ان يعود الى نفس النقطة مرارا وتكرارا وهي ماضيه بكل ما يحمله من غرابة وذكريات تدميه، فقرر التوجه الى الصالة الرياضية بالداخل ليتدرب قليلا، عندما اقترب منه ماساي يبتسم له باحترام وهو يسأله بصوت منخفض: -سيدي هل تظن انه من الجيد ان نتعاون مع قراصنة؟ ابتسم له فارس دون ان يجيب فهذه هي عادته دائما ان يبتسم ويصمت تاركا العنان لتفكيره في حديث مطول، بالطبع التعاون مع مانديلا له مخاطره ولكن حقا هل يظن انه غر الى هذه الدرجة، ان السبب الاساسي لاحضاره هذا المركب البراق هو ان يلفت انتباه القراصنة اليه فمن سيملك المال الوفير الا من يملك مثل هذا الشيء، كما انه اختار هذا الطريق دونا عن غيره لانه على دراية كاملة بتواجد القراصنة واكبر دليل على حديثه انه كان يملك حقيبة بها ما يقارب مليون يورو في خزينة داخل مركبه ليمنحها بنفس راضية الى بعض الحشرات التي يجب دعسها ولكن لا بأس ان رحلته بالخطورة ليدرك انه سيعود حيا بمفرده أليس هذا ما يحدث كل مرة وهو يبحث عن مبتغاه كان يفكر بينما يتدرب كانت هذه هي وسيلته الوحيدة ليقوم بتصفية ذهنه ودائما ما كان يحتاج لذلك لهذا نجده امامنا بجسد ممشوق عريض المنكبين وما ان انتهى بعد ساعات من التمرين استطاع ان ينتبه فيهم جيدا الى عيون مانديلا التي تراقبه بتحفز شديد التقط فارس المنشفة يقوم بتجفيف العرق الذي انهمر غزيرا على جسده وهو ينظر لمانديلا مبتسما له ابتسامة يعلم كلاهما انها زائفة ولكن بعض اللباقة قبل ان يكشروا عن انيابهم لن تضر احد، ولكن حتى هذا الادعاء سقط قناعه سريعا عندما عرض مانديلا على فارس ببرود: -ما رأيك في معركة صغيرة رجل لرجل. ابتسم له فارس ببرود فهو يعلم ان كل ما يريده مانديلا هو قياس قوته، فقط بضعة لكمات بدون اي معنى ولكن ستظهر نقاط قوته وضعفه في القتال وهو غير مستعد ليظهر ما يحمله في جعبته بعد، انطلق بعدها مبتعدا وهو يرفض بلباقة، عندما امسكه مانديلا من ذراعه بتحدي وهو يبتسم ابتسامته المستفزة قائلا بصوته الخشن: -هل الفتى المدلل خائف؟ نظر له فارس رافعا حاجبيه بعدم تصديق يأتي طفل عمره يقارب الخمسون عام ليقول عنه فتى مدلل بهذه البساطة، وبدون ان يلاحظ احد عالجه بضربة بكفه ليسقط مانديلا فاقدا الوعي فورا تحت ذهول الجميع بينما ركض اليه رجل من رجاله يريد ان يطمئن الى انه لم يمت بعد تركهم فارس ليتجه هذه المرة الى غرفته كان اول ما فعله هو حمام سريع قبل ان يلقي نفسه فوق فراشه متن*دا بحسرة ليقرر العمل قليلا فامسك بالحاسب المحمول خاصته مدخلا كلمة السر قبل ان يوصله بالشبكة العنكبوتية من خلال القمر الصناعي تواصل مع شركاته المتعددة فلقد كان فارس من اغنى اغنياء الولايات المتحدة الامريكية وشركاته للادوية هي الرائدة في مجالها بجوار شركات مستحضرات التجميل والمختبرات التي يصرف عليها بالمليارات لتصبح الاشهر على مستوى العالم، ما ان انتهى حتى خلع نظارته الطبية وهو يدلك عينيه برفق ليأخذه الحنين ويخرج صورة فوتوغرافية من الابيض والاسود من وسط مذكراته بها فتاة تشبه الممثلة الامريكية مارلين مونرو وربما أجمل وقد كتب عليها من الخلف سويا للابد حبيبتك جين مع تاريخ غير واضح ربما لعام 1850 او قبل ذلك، هنا انسابت دمعة من عينيه ليمسحها بسرعة وهو يقول بصوت غلبه الشجن: -قريبا حبيبتي سنكون سويا فقط انتظريني اخرجه من شروده دقات الباب المتزامنة مع صوت بوق السفينة يعلن وصولها الى ساحل الكونغو حيث ستبدأ رحلته اخيرا اقتربت السفينة من ميناء ماتادي الميناء الرئيسي للبلاد وبدأ الرجال التأهب للنزول بالفعل بينما ارتبك القراصنة ليلاحظ فارس ذلك فقام بتجميعهم بسرعة امامه، صمت قليلا ليتأكد انه قد استطاع لفت انتباه الجميع ليقول بجدية وقوة متجاهلا نظرات مانديلا التي تطلق شرارا: -الاتفاق هو سيد التشريع ستذهبون معي الى حيث الزهرة وانا اعدكم انني سأنقذكم واقوم بحمايتكم طوال الطريق حتى الوصول للغابة ومن هناك انتم من يجب عليكم حمايتنا وبعد حصولي على الزهرة و عودتي سالما الى مركبي حينها سأعطيك ثلاث حقائب أخرى من المال وافقه الجميع الرأي وقد بدأ الاطمئنان يسري بينهم وهو يعطيهم زي ملابس موحدة ليرتدوها بينما هو كل ما كان يشغل تفكيره هو ان من سيقتلهم جميعا فيما عداه بالطبع فهو زهرة قرن التنين، ربما يظن البعض ان الخطر في بيئتها فقط ولكن ما لا يعلمه الكثيرون ان الزهرة في حد ذاتها مميتة في مكتب مدير الميناء جلس فارس بثقة كبيرة وهو يتحدث عن الترتيبات التي يحتاجها حتى يستطيع الدخول الى الكونغو، متجاهلا الجو الحار على الرغم من وجود المكيف الذي يص*ر صوت ضجيج عالي بينما يستخدم يده في ابعاد الذباب والناموس الذي يحاول التهامه حيا مما جعله يسأل نفسه باستنكار - اذا كانت الحشرات بهذه الضراوة فكيف ستكون الح*****ت المفترسة اذا - واهتم فقط بانهاء الامر من خلال عدة اتصالات كان قد حصل على التراخيص اللازمة والتصاريح للتنقل في البلد بأمان تام، حتى انه تم الاتفاق مع المتمردين والجيش الحر بأن يدعوا فارس لحال سبيله هو وافراد طاقمه ابتسم فارس في سره فلقد كان المال ومازال هو الاساس والمفتاح لحل اي مشكلة في العالم مهما كانت عويصة، حتى ان المال له الدور الاكبر في عدم كشف سره حتى الان بدأ نقل الصناديق خارج المركب ليتم ترتيبها امام عين فارس الذي بدأ يتفحصها ليتأكد ان كل المعدات سليمة ومتاحة، كان كل شيء يسير على ما يرام وكما خطط ايضا الى ان بدأت اجراءات شحن سيارتان من احدث طراز احدهم تتسع لعدد اربعة عشر راكب والاخرى شاحنة لنقل الصناديق التي بحوزتهم اقترب الضابط من السيارات يتفحصها بإعجاب واضح فلقد كانت تحتوي على حاسوب باللمس ونظام تحديد جغرافي عالي الدقة متصل بالقمر الصناعي دون ذكر المكيف والمقاعد الوثيرة التي تجعلها تبدو كطائرة اكثر من مجرد شاحنة عندما حمحم وهو يقول بجدية: -مهما كانت طرقنا لتأمينك سيد فارس ولكن دخولك للغابة بسيارة مثل هذه سيكون مصيرك قطع رأسك فقط للحصول عليها تن*د فارس وهو يحاول ان يخفي ضيقه الذي بدأ يتحول لغضب بسبب الحشرات الطائرة ليقول بصوت بدا طبيعي: -لقد عبرت المحيط الاطلسي في مركب يستغرق الكثير من الايام اكثر من الطائرة ومررت برحلة عصيبة فلا تخبرني انه الان ستواجهني مشاكل اخرى ابتسم الضابط بسماجة وهو ينظر الى فارس وطاقمه قبل ان يقول بطريقة متملقة: -هل تظن انني أتيت لأضيقها عليك سيد فارس، بل كل ما اريده هو سلامتك الشخصية وبالنسبة للسيارات سأخبرك عن مكان رائع يمكنك ان تشتري منه سيارات مستعملة للرحلة نظر له فارس بتعجب غير مصدق ما يسمعه ليقول بدهشة: -ألن استأجرها فقط؟ ولما سأشتري سيارات من الكونغو بحق السماء؟ اجابه الضابط بتملق بينما تلعثم قليلا وهو يقول: -لان تأجير السيارات سيضعك في مشاكل كثيرة واسئلة بلا جدوى كما انك ذاهب الى الغابة المظلمة من يدرى ما الذي يمكن ان يحدث للسيارات لم يستطع فارس منع نفسه من ان ينظر للرجل بغيظ جم فهذا الا**ق يهتم للسيارات اكثر من اهتمامه بسلامته الشخصية لكنه كظم غضبه وهو يسأل باقتضاب: -حسنا من اين احصل على ما اريده من وسائل للنقل اتسعت ابتسامة الضابط وهو يخرج بطاقة من جيبه كتب عليها باللغة الفرنسية تعريف لاحدى معارض تأجير وبيع السيارات ليعطيها الى فارس وهو يبتسم له: -هذا عنوان ورقم معرض صديق لي، سأتصل به لأقوم بتوصيته بك خيرا التقط فارس الكارت وهو في حيرة من امره هل يرسل ماساي ومانديلا للحصول على السيارات ام يذهب بنفسه، فهو لا يثق في قرارات او قدرات احد غيره، ليبتسم بخفة فلقد حضر من بلاده الى هنا من اجل زهرة كان يمكنه ان يطالب اي شخص باحضارها له على طبق من ذهب وكان سيحافظ وقتها على حياته ومجهوده لكنه اصر ان يأتي بها بنفسه فقط ليتأكد ان كل شيء تحت السيطرة فمن الطبيعي ان يختار هو السيارات بنفسه شكر فارس الضابط ورحل وما ان كاد ان يخرج من مكتبه حتى سمعه يتواصل هاتفيا مع شخص ما وهو يقول: -اهلا تاي ابشر يارجل ارسلت اليك بشخص امريكي ليشتري منك سيارتان فلتقم ببيعها له واطلب ما شئت من النقود الرجل بنك متحرك… لا تقلق على السيارات سنستردها بعد موته رغم انه كان على مسافة بعيدة الا انه استطاع سماع كل شيء بوضوح فهذه احدى المزايا وربما النقم وهو انه يستطيع ان يسمع الاصوات من على بعد اميال ويشم روائح لا يمكن للاخرين ان يميزوها حتى، حتى حاسة التذوق عنده تمكنه من معرفة تفاصيل ما يتناوله، ولكن بالطبع كما هناك مميزات لحالته الا ان هناك عيوب اكثر وصل فارس الى المعرض لينظر بذهول فلقد كان مجرد اربع عواميد من الخشب وضع فوقها صفيحة من الحديد وقد تدلت منها يافطة **ر جزء منها لتفقد حرفين وقد جلس على مقعد خشبي قديم رجل رفيع للغاية يرتدي سروال قصير وملابس داخلية مهترئة لينظر فارس بامتعاض - ما هو خطبهم حقا مع الملابس الداخلية - ناهيك عن السيارات التي يتم عرضها للبيع من الواضح انه تم تصنيفها كخردة وتم اصلاحها بطريقة ما نظر فارس مطولا الى الرجل قبل ان يعود ادراجه الى الميناء وهو يقول بلهجة حازمة: -ان كان يجب ان نموت في هذه الغابة المظلمة فعلى الاقل لنفعلها بطريقة لائقة. بعد مرور عدة ساعات دخل فارس الى جناحه في فندق (بولمان كينشاسا جراند هوتيل) في كينشاسا حيث كان الاختلاف واضحا للعيان فمن يصدق انه بعد ما رآه في معرض السيارات او ايا كان انه سيكون هناك فندق بمثل هذه الروعة، حيث الطراز العصري هو ما لازم المكان من بهو واسع ثم جناح بحمامه الخاص ونظافته التي لا غبار عليها مرورا بخدمة الغرف التي يجب ان تعطيها خمس نجوم بمفردها ألقى نفسه فوق فراشه ليسقط في دوامته والمعتادة التي لا يمكن ان يدرك معها ان كان نائم ام مازال مستيقظ ولكن ان كان قد غفا فلماذا عينيه مفتوحة تحدق في اللا شيء وان كان مازال يقظا لماذا تراوده كل هذه الاحلام عندما تذكر جين الذي قررت مرة ان تواجهه بما اكتشفت كان قد عاد من عمله عندما وجد زوجته ذات الاربعون عاما تقف في منتصف المطبخ تلف حول رقبتها طوق من الثوم وهي تحمل صليب مقلوب بينما في يدها الاخر وتد ليقف هو حائرا لا يفهم خطبها الا عندما سألته بصوت مختنق: -هل انت مصاص دماء؟ تذكر يومها انه اخذ يضحك دون توقف حتى انه قد دمعت عيناه من لذة هراءها، عندما سألته مرة اخرى: -كم عمرك فارس ألا ترى اننا عندما تقابلنا كنا بنفس العمر ولازلت انت نفس الشخص بينما صرت انا عجوز اجابها فارس بهدوء وقد قرر ان يخبرها حقيقة امره اخيرا: -عمري 29 عاما ابتلعت ريقها لتسأله باهتمام وهي تكاد تبكي: -منذ متى وانت على قيد الحياة ابتسم بحزن وهو ينظر الى داخل عينيها بيجيب بحنو: -منذ ستمائة عام تقريبا هنا استيقظ من نومه او ايا ما كان يختلجه على صوت طرقات على الباب وماساي يعلن بدء الرحلة
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD